الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَأس مَال مِثَاله المَال مائَة وَالرِّبْح عشرُون وَأخذ عشْرين فسدسها وَهُوَ ثَلَاثَة وَثلث من الرِّبْح لِأَن الرِّبْح سدس المَال فيستقر لِلْعَامِلِ الْمَشْرُوط لَهُ مِنْهُ وَهُوَ وَاحِد وَثُلُثَانِ إِن شَرط لَهُ نصف الرِّبْح أَو أَخذ بعضه بعد ظُهُور خسر فالخسر موزع على الْمَأْخُوذ وبالباقي مِثَاله المَال مائَة والخسر عشرُون وَأخذ عشْرين فحصتها من الخسر ربع الخسر فَكَأَنَّهُ أَخذ خَمْسَة وَعشْرين فَيَعُود رَأس المَال إِلَى خَمْسَة وَسبعين وَيصدق الْعَامِل فِي عدم الرِّبْح وَفِي قدره لموافقته فِيمَا نَفَاهُ للْأَصْل وَفِي شِرَاء لَهُ أَو للقراض وَإِن كَانَ خاسرا وَلَو اخْتلفَا فِي الْقدر الْمَشْرُوط لَهُ تحَالفا كاختلاف الْمُتَبَايعين فِي قدر الثّمن وللعامل بعد الْفَسْخ أُجْرَة الْمثل وَيصدق فِي دَعْوَى رد المَال للْمَالِك لِأَنَّهُ ائتمنه كَالْمُودعِ بِخِلَاف نَظِيره فِي الْمُرْتَهن وَالْمُسْتَأْجر
فَائِدَة كل أَمِين ادّعى الرَّد على من ائتمنه صدق بِيَمِينِهِ إِلَّا الْمُرْتَهن وَالْمُسْتَأْجر
القَوْل فِي الْقَرَاض عقد جَائِز تَتِمَّة الْقَرَاض جَائِز من الطَّرفَيْنِ لكل من الْمَالِك وَالْعَامِل فَسخه مَتى شَاءَ وينفسخ بِمَا تَنْفَسِخ بِهِ الْوكَالَة كموت أَحدهمَا وجنونه لما مر أَنه تَوْكِيل وتوكل ثمَّ بعد الْفَسْخ أَو الِانْفِسَاخ يلْزم الْعَامِل اسْتِيفَاء الدّين لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَبضته ورد قدر رَأس المَال لمثله بِأَن ينضضه وَإِن كَانَ قد بَاعه بِنَقْد على غير صفته أَو لم يكن ربح لِأَنَّهُ فِي عُهْدَة رد رَأس المَال كَمَا أَخذه هَذَا إِذا طلب الْمَالِك الِاسْتِيفَاء أَو التنضيض وَإِلَّا فَلَا يلْزمه ذَلِك إِلَّا أَن يكون لمحجور عَلَيْهِ وحظه فِيهِ
وَلَو تعاقدا على نقد وَتصرف فِيهِ الْعَامِل فَأبْطل السُّلْطَان ذَلِك النَّقْد ثمَّ فسخ العقد فَلَيْسَ للْمَالِك على الْعَامِل إِلَّا مثل النَّقْد الْمَعْقُود عَلَيْهِ على الصَّحِيح فِي الزَّوَائِد
فصل فِي الْمُسَاقَاة
وَهِي لُغَة مَأْخُوذَة من السَّقْي بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْقَاف الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فِيهَا غَالِبا لَا سِيمَا فِي الْحجاز فَإِنَّهُم يسقون من الْآبَار لِأَنَّهُ أَنْفَع أَعمالهَا
وحقيقتها أَن يُعَامل غَيره على نخل أَو شجر عِنَب ليتعهده بالسقي والتربية على أَن الثَّمَرَة لَهما
وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع خبر الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عليه وسلم عَامل أهل خَيْبَر وَفِي رِوَايَة دفع إِلَى يهود خَيْبَر نخلها وأرضها بِشَطْر
مَا يخرج مِنْهَا من ثَمَر أَو زرع وَالْحَاجة دَاعِيَة إِلَيْهَا لِأَن مَالك الْأَشْجَار قد لَا يحسن تعهدها أَو لَا يتفرغ لَهُ
وَمن يحسن ويتفرغ قد لَا يملك الْأَشْجَار فَيحْتَاج ذَلِك إِلَى الِاسْتِعْمَال وَهَذَا إِلَى الْعَمَل وَلَو اكترى الْمَالِك لَزِمته الْأُجْرَة فِي الْحَال وَقد لَا يحصل لَهُ شَيْء من الثِّمَار ويتهاون الْعَامِل فدعَتْ الْحَاجة إِلَى تجويزها
وأركانها سِتَّة عاقدان وَعمل وثمر وَصِيغَة ومورد الْعَمَل
وَالْمُصَنّف ذكر بَعْضهَا وَنَذْكُر الْبَاقِي فِي الشَّرْح (وَالْمُسَاقَاة جَائِزَة) للْحَاجة إِلَيْهَا كَمَا مر وَلَا يَصح عقدهَا إِلَّا (على) شجر (النّخل وَالْكَرم) هَذَا أحد الْأَركان وَهُوَ المورد أما النّخل فللخبر السَّابِق وَلَو ذُكُورا كَمَا اقْتَضَاهُ إِطْلَاق المُصَنّف وَصرح بِهِ الْخفاف وَيشْتَرط فِيهِ أَن يكون مغروسا معينا مرئيا بيد عَامل لم يبد صَلَاحه وَمثله الْعِنَب لِأَنَّهُ فِي معنى النّخل بِجَامِع وجوب الزَّكَاة وَتَأْتِي الْخرص وَتَسْمِيَة الْعِنَب بِالْكَرمِ ورد النَّهْي عَنْهَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تسموا الْعِنَب كرما إِنَّمَا الْكَرم الرجل الْمُسلم رَوَاهُ مُسلم
وَاخْتلفُوا أَيهمَا أفضل وَالرَّاجِح أَن النّخل أفضل لوُرُود أكْرمُوا عماتكم النّخل المطعمات فِي الْمحل وَأَنَّهَا خلقت من طِينَة آدم وَالنَّخْل مقدم على الْعِنَب فِي جَمِيع الْقُرْآن وَشبه النَّبِي صلى الله عليه وسلم النَّخْلَة بِالرجلِ الْمُؤمن فَإِنَّهَا تشرب برأسها وَإِذا قطعت مَاتَت وَينْتَفع بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَشبه صلى الله عليه وسلم عين الدَّجَّال بِحَبَّة الْعِنَب لِأَنَّهَا أصل الْخمر وَهِي أم الْخَبَائِث فَلَا تصح الْمُسَاقَاة على غير نخل وعنب اسْتِقْلَالا كتين وتفاح ومشمش وبطيخ لِأَنَّهُ يَنْمُو من غير تعهد بِخِلَاف النّخل وَالْعِنَب وَلَا على غير مرئي وَلَا على مُبْهَم كَأحد البستانين كَمَا فِي سَائِر عُقُود الْمُعَاوضَة وَلَا على كَونه بيد غير الْعَامِل كَأَن جعل بِيَدِهِ وبيد الْمَالِك كَمَا فِي الْقَرَاض وَلَا على ودي يغرسه ويتعهده وَالثَّمَرَة بَينهمَا كَمَا لَو سلمه بذرا ليزرعه وَلِأَن الْغَرْس لَيْسَ عمل الْمُسَاقَاة فضمه إِلَيْهِ يُفْسِدهَا وَلَا على مَا بدا صَلَاح ثمره لفَوَات مُعظم الْأَعْمَال وَشرط فِي الْعَاقِدين وهما الرُّكْن الثَّانِي وَالثَّالِث مَا مر فيهمَا فِي الْقَرَاض وَتقدم بَيَانه
وَشريك مَالك كأجنبي فَتَصِح مساقاته لَهُ إِن شَرط لَهُ زِيَادَة على حِصَّته وَشرط فِي الْعَمَل وَهُوَ الرُّكْن الرَّابِع أَن لَا يشْتَرط على الْعَاقِد مَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَو شَرط ذَلِك كَأَن شَرط على الْعَامِل أَن يَبْنِي جِدَار الحديقة أَو على الْمَالِك تنقية النَّهر لم يَصح العقد
وَشرط فِي الثَّمر وَهُوَ الرُّكْن الْخَامِس شُرُوط ذكر المُصَنّف مِنْهَا شرطين بقوله (وَلها شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن يقدرها) العاقدان (بِمدَّة مَعْلُومَة) يُثمر فِيهَا الشّجر غَالِبا كَسنة أَو أَكثر كَالْإِجَارَةِ فَلَا تصح مُؤَبّدَة وَلَا مُطلقَة وَلَا مُؤَقَّتَة بِإِدْرَاك الثَّمر للْجَهْل بوقته فَإِنَّهُ يتَقَدَّم تَارَة ويتأخر أُخْرَى وَلَا مُؤَقَّتَة بِزَمن لَا يُثمر فِيهِ الشّجر غَالِبا لخلو الْمُسَاقَاة عَن الْعِوَض وَلَا أُجْرَة لِلْعَامِلِ إِن علم أَو ظن أَنه لَا يُثمر فِي ذَلِك الزَّمن وَإِن اسْتَوَى الاحتمالان أَو جهل الْحَال فَلهُ أجرته لِأَنَّهُ عمل طامعا وَإِن كَانَت الْمُسَاقَاة بَاطِلَة (و) الشَّرْط (الثَّانِي أَن يعين) الْمَالِك (لِلْعَامِلِ جُزْءا) كثيرا كَانَ أَو قَلِيلا (مَعْلُوما) كالثلث (من الثَّمَرَة) الَّتِي أوقع عَلَيْهَا العقد
وَالشّرط الثَّالِث اختصاصهما بالثمرة فَلَا يجوز شَرط بَعْضهَا لغَيْرِهِمَا وَلَا كلهَا للْمَالِك
قَالَ فِي الرَّوْضَة
وَفِي اسْتِحْقَاق الْأُجْرَة عِنْد شَرط الْكل للْمَالِك وَجْهَان كالقراض أصَحهمَا الْمَنْع
وَشرط فِي الصِّيغَة وَهُوَ الرُّكْن السَّادِس مَا مر فِيهَا فِي البيع
غير عدم التَّأْقِيت بِقَرِينَة مَا مر آنِفا كساقيتك أَو عاملتك على هَذَا على أَن الثَّمَرَة بَيْننَا فَيقبل الْعَامِل لَا تَفْصِيل أَعمال بِنَاحِيَة بهَا عرف غَالب فِي الْعَمَل عرفه العاقدان فَلَا يشْتَرط فَإِن لم يكن فِيهَا عرف غَالب أَو كَانَ وَلم يعرفاه اشْترط
وَيحمل الْمُطلق على الْعرف الْغَالِب الَّذِي عرفاه فِي نَاحيَة (ثمَّ الْعَمَل فِيهَا على ضَرْبَيْنِ) هَذَا شُرُوع فِي بَيَان حكمهَا الأول (عمل يعود نَفعه على الثَّمَرَة) لزيادتها أَو صَلَاحهَا أَو يتَكَرَّر كل سنة كسقي وتنقية مجْرى المَاء من طين وَنَحْوه وَإِصْلَاح أجاجين يقف فِيهَا المَاء حول الشّجر ليشربه شبهت بأجاجين الغسيل جمع إجانة وتلقيح النّخل وتنحية حشيش وقضبان مضرَّة بِالشَّجَرِ وتعريش للعنب إِن جرت بِهِ عَادَة وَهُوَ أَن ينصب أَعْوَاد أَو يظللها وَيَرْفَعهُ عَلَيْهَا
ويحفظ الثَّمر على الشّجر
وَفِي البيدر عَن السّرقَة وَالشَّمْس وَالطير بِأَن يَجْعَل كل عنقود فِي وعَاء يهيئه الْمَالِك كقوصره وقطعه وتجفيفه (فَهُوَ) كُله (على الْعَامِل) دون الْمَالِك لاقْتِضَاء الْعرف ذَلِك فِي الْمُسَاقَاة
قَالَ فِي الرَّوْضَة وَإِنَّمَا اعْتبر التّكْرَار لِأَن مَا لَا يتَكَرَّر يبْقى أَثَره بعد فرَاغ الْمُسَاقَاة وتكليف الْعَامِل مثل هَذَا إجحاف بِهِ (و) الضَّرْب الثَّانِي (عمل يعود نَفعه إِلَى الأَرْض) من غير أَن يتَكَرَّر كل سنة وَلَكِن يقْصد بِهِ حفظ الْأُصُول كبناء حيطان الْبُسْتَان وحفر نهر وَإِصْلَاح مَا انهار من النَّهر وَنصب الْأَبْوَاب والدولاب وَنَحْو ذَلِك وآلات الْعَمَل كالفأس والمعول والمنجل والطلع الَّذِي يلقح بِهِ النّخل والبهيمة الَّتِي تدير