الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على النَّهْي لَعَلَّ الْحَال يلتئم بَينهمَا فَإِن عَاد عزره
وَإِن قَالَ كل من الزَّوْجَيْنِ إِن صَاحبه مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ تعرف القَاضِي الْحَال الْوَاقِع بَينهمَا بِثِقَة يخبرهما وَيكون الثِّقَة جارا لَهما
فَإِن عدم أسكنهما بِجنب ثِقَة يتعرف حَالهمَا ثمَّ يُنْهِي إِلَيْهِ مَا يعرفهُ فَإِذا تبين للْقَاضِي حَالهمَا منع الظَّالِم مِنْهُمَا من عوده لظلمه فَإِن اشْتَدَّ الشقاق بَينهمَا بعث القَاضِي حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا لينْظر فِي أَمرهمَا والبعث وَاجِب وَمن أهلهما سنة وهما وكيلان لَهما لَا حكمان من جِهَة الْحَاكِم فيوكل هُوَ حكمه بِطَلَاق أَو خلع وتوكل هِيَ حكمهَا ببذل عوض وَقبُول طَلَاق بِهِ ويفرقا بَينهمَا إِن رأياه صَوَابا
وَيشْتَرط فيهمَا إِسْلَام وحرية وعدالة واهتداء إِلَى الْمَقْصُود من بعثهما لَهُ وَإِنَّمَا اشْترط فيهمَا ذَلِك مَعَ أَنَّهُمَا وكيلان لتَعلق وكالتهما بِنَظَر الْحَاكِم كَمَا فِي أَمِينه
وَيسن كَونهمَا ذكرين فَإِن اخْتلف رأيهما بعث القَاضِي اثْنَيْنِ غَيرهمَا حَتَّى يجتمعا على شَيْء فَإِن لم يرض الزَّوْجَانِ ببعث الْحكمَيْنِ وَلم يتَّفقَا على شَيْء أدب القَاضِي الظَّالِم مِنْهُمَا وَاسْتوْفى للمظلوم حَقه
فصل فِي الْخلْع
وَهُوَ لُغَة مُشْتَقّ من خلع الثَّوْب لِأَن كلا من الزَّوْجَيْنِ لِبَاس الآخر قَالَ تَعَالَى {هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ} فَكَأَنَّهُ بمفارقة الآخر نزع لِبَاسه
وَشرعا فرقة بَين الزَّوْجَيْنِ وَلَو بِلَفْظ مفاداة بعوض مَقْصُود رَاجع لجِهَة الزَّوْج فَقَوْل المُصَنّف (وَالْخلْع جَائِز على عوض مَعْلُوم) يُقيد بِمَا ذكر فَخرج بمقصود الْخلْع بِدَم وَنَحْوه فَإِنَّهُ رَجْعِيّ وَلَا مَال وَدخل براجع لجِهَة الزَّوْج وُقُوع الْعِوَض للزَّوْج ولسيده وَمَا لَو خالعت بِمَا ثَبت لَهَا من قَود أَو غَيره وَخرج بِهِ مَا لَو علق الطَّلَاق بِالْبَرَاءَةِ لَهَا على غَيره فَيصح رَجْعِيًا وَخرج بِمَعْلُوم الْعِوَض الْمَجْهُول كَثوب غير معِين فَيَقَع بَائِنا بِمهْر الْمثل
وَالْأَصْل فِي ذَلِك قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا} وَالْأَمر بِهِ فِي خبر البُخَارِيّ فِي امْرَأَة ثَابت بن قيس بقوله اقبل الحديقة وَطَلقهَا تَطْلِيقَة وَهُوَ أول خلع وَقع فِي الْإِسْلَام
وَالْمعْنَى فِيهِ أَنه لما جَازَ
أَن يملك الزَّوْج الِانْتِفَاع بالبضع بعوض جَازَ لَهُ (أَن يزِيل ذَلِك الْملك بعوض كالشراء وَالْبيع فَالنِّكَاح كالشراء وَالْخلْع كَالْبيع) وَأَيْضًا فِيهِ دفع الضَّرَر عَن الْمَرْأَة غَالِبا وَلكنه مَكْرُوه لما فِيهِ من قطع النِّكَاح الَّذِي هُوَ مَطْلُوب الشَّرْع لقَوْله صلى الله عليه وسلم أبْغض الْحَلَال إِلَى الله تَعَالَى الطَّلَاق قَالَ فِي التَّنْبِيه إِلَّا فِي حالتين الأولى أَن يخافا أَو أَحدهمَا أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله
الثَّانِيَة أَن يحلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث على فعل شَيْء لَا بُد لَهُ مِنْهُ فيخلعها ثمَّ يفعل الْأَمر الْمَحْلُوف عَلَيْهِ
وَذكرت فِي شَرحه صورا أُخْرَى لَا كَرَاهَة فِيهَا فَمن أَرَادَ ذَلِك فليراجعه
وأركان الْخلْع خَمْسَة مُلْتَزم للعوض وبضع وَعوض وَصِيغَة وَزوج وَشرط فِيهِ صِحَة طَلَاقه فَيصح من عبد ومحجور عَلَيْهِ بِسَفَه وَيدْفَع الْعِوَض لمَالِك أَمرهمَا من سيد وَولي وَشرط فِي الْمُلْتَزم قَابلا كَانَ أَو ملتمسا إِطْلَاق تصرف مَالِي فَلَو اخْتلعت أمة وَلَو مُكَاتبَة بِلَا إِذن سَيِّدهَا بِعَين من مَاله أَو غَيره بَانَتْ بِمهْر الْمثل فِي ذمَّتهَا أَو بدين فبالدين تبين ثمَّ مَا ثَبت فِي ذمَّتهَا إِنَّمَا تطالب بِهِ بعد الْعتْق واليسار وَإِن اخْتلعت بِإِذْنِهِ
فَإِن أطلق الْإِذْن وَجب مهر الْمثل فِي كسبها وَمِمَّا فِي يَدهَا من مَال تِجَارَة وَإِن قدر لَهَا
دينا فِي ذمَّتهَا تعلق الْمُقدر بذلك أَيْضا وَإِن عين لَهَا عينا من مَاله تعيّنت
وَلَو اخْتلعت محجورة بِسَفَه طلقت رَجْعِيًا ولغا ذكر المَال أَو مَرِيضَة مرض موت صَحَّ وَحسب من الثُّلُث زَائِد على مهر الْمثل
القَوْل فِي أثر الْخلْع (وتملك الْمَرْأَة) المختلعة (بِهِ نَفسهَا) أَي بضعهَا الَّذِي استخلصته بِالْعِوَضِ (وَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا) فِي الْعدة لانْقِطَاع سلطنته بالبينونة الْمَانِعَة من تسلطه على بضعهَا (إِلَّا بِنِكَاح) أَي بِعقد (جَدِيد) عَلَيْهَا بأركانه وشروطه الْمُتَقَدّم بَيَانهَا فِي مَوْضِعه
وَيصِح عوض الْخلْع قَلِيلا أَو كثيرا دينا وعينا وَمَنْفَعَة لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} وَلَو قَالَ إِن أبرأتيني من صداقك أَو من دينك فَأَنت طَالِق فأبرأته وَهِي جاهلة بِقَدرِهِ لم تطلق لِأَن الْإِبْرَاء لم يَصح فَلم يُوجد مَا علق عَلَيْهِ الطَّلَاق
وَلَو خَالعهَا على مَا فِي كفها وَلم يكن فِيهِ شَيْء وَقع بَائِنا بِمهْر الْمثل على الْأَرْجَح فِي الزَّوَائِد وَشرط فِي الصِّيغَة مَا مر فِيهَا فِي البيع على مَا يَأْتِي وَلَكِن لَا يضر هُنَا تخَلّل كَلَام يسير
وَلَفظ الْخلْع صَرِيح فِي الطَّلَاق فَلَا يحْتَاج مَعَه لنِيَّة لِأَنَّهُ تكَرر على لِسَان حَملَة الشَّرْع وَهَذَا مَا جرى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاج تبعا لِلْبَغوِيِّ وَغَيره وَقيل كِنَايَة فِي الطَّلَاق وَهَذَا مَا نَص عَلَيْهِ فِي مَوَاضِع من الْأُم
وَالأَصَح كَمَا فِي الرَّوْضَة أَن الْخلْع والمفاداة إِن ذكر مَعَهُمَا المَال فهما صريحان فِي الطَّلَاق لِأَن ذكره يشْعر بالبينونة وَإِلَّا فكنايتان
القَوْل فِي جَوَاز الْخلْع فِي الطُّهْر (وَيجوز الْخلْع فِي الطُّهْر) الَّذِي جَامعهَا فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يلْحقهُ نَدم بِظُهُور الْحمل لرضاه بِأخذ الْعِوَض وَمِنْه يعلم جَوَازه فِي طهر لم يُجَامِعهَا فِيهِ من بَاب أولى
(و) يجوز أَيْضا (فِي الْحيض) لِأَنَّهَا ببذلها الْفِدَاء لخلاصها رضيت لنَفسهَا بتطويل الْعدة (وَلَا يلْحق المختلعة) فِي عدتهَا (طَلَاق) بِلَفْظ صَرِيح أَو كِنَايَة وَلَا إِيلَاء وَلَا ظِهَار لصيرورتها أَجْنَبِيَّة بافتداء بضعهَا
وَخرج بِقَيْد المختلعة الرَّجْعِيَّة فيلحقها الطَّلَاق إِلَى انْقِضَاء الْعدة لبَقَاء سلطنته عَلَيْهَا إِذْ هِيَ كَالزَّوْجَةِ فِي لُحُوق الطَّلَاق وَالْإِيلَاء وَالظَّاهِر وَاللّعان وَالْمِيرَاث
القَوْل فِي اخْتِلَاف الزَّوْجَيْنِ فِي الْخلْع تَتِمَّة لَو ادَّعَت خلعا فَأنْكر الزَّوْج صدق بِيَمِينِهِ لِأَن الأَصْل عَدمه فَإِن أَقَامَت بَيِّنَة رجلَيْنِ عمل بهَا وَلَا مَال لِأَنَّهُ يُنكره إِلَّا أَن يعود ويعترف بِالْخلْعِ فيستحقه قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
أَو ادّعى الْخلْع فأنكرت بِأَن قَالَت لم تُطَلِّقنِي أَو طَلقنِي مجَّانا بَانَتْ بقوله وَلَا عوض عَلَيْهَا إِذْ الأَصْل عَدمه فتحلف على نَفْيه وَلها نَفَقَة الْعدة فَإِن أَقَامَ بَيِّنَة بِهِ أَو شَاهدا وَحلف مَعَه ثَبت المَال كَمَا قَالَه فِي