الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْبَاقِي من الثُّلُث وَلَو وهب لرقيق جُزْء بعض سَيّده فَقبل عتق قَالَ فِي الْمِنْهَاج وسرى وعَلى سَيّده قيمَة بَاقِيَة لِأَن الْهِبَة لَهُ هبة لسَيِّده
وَقَالَ فِي الرَّوْضَة يَنْبَغِي أَنه لَا يسري لِأَنَّهُ دخل فِي ملكه قهرا كَالْإِرْثِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر كَمَا اعْتَمدهُ البُلْقِينِيّ وَقَالَ مَا فِي الْمِنْهَاج وَجه ضَعِيف غَرِيب لَا يلْتَفت إِلَيْهِ
فصل فِي أَحْكَام الْوَلَاء
وَهُوَ بِفَتْح الْوَاو وَالْمدّ لُغَة الْقَرَابَة مَأْخُوذَة من الْمُوَالَاة وَهِي المعاونة والمقاربة وَشرعا عصوبة سَببهَا زَوَال الْملك عَن الرَّقِيق بِالْحُرِّيَّةِ وَهِي متراخية عَن عصوبة النّسَب فيرث الْمُعْتق بهَا الْمُعْتق ويلي أَمر النِّكَاح وَالصَّلَاة وَيعْقل
وَالْأَصْل فِيهِ قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} إِلَى قَوْله تَعَالَى {ومواليكم} وَقَوله صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق وَقَوله صلى الله عليه وسلم الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب أَي اخْتِلَاط كاختلاط النّسَب لَا يُبَاع وَلَا يُوهب
واللحمة بِضَم اللَّام الْقَرَابَة
وَيجوز فتحهَا وَلَا يُورث بل يُورث بِهِ لِأَنَّهُ لَو ورث لاشترك فِيهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء كَسَائِر الْحُقُوق (وَالْوَلَاء من حُقُوق الْعتْق) اللَّازِمَة لَهُ فَلَا يَنْتَفِي بنفيه فَلَو اعتقه على أَن لَا وَلَاء لَهُ عَلَيْهِ أَو أَنه لغيره لَغَا الشَّرْط
لقَوْله صلى الله عليه وسلم كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل قَضَاء الله أَحَق وَشَرطه أوثق إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق وَيثبت لَهُ الْوَلَاء سَوَاء أحصل الْعتْق مُنجزا أم بِصفة أم بِكِتَابَة بأَدَاء نُجُوم أم بتدبير أم باستيلاد أم بِقرَابَة كَأَن ورث قَرِيبه الَّذِي يعْتق عَلَيْهِ أَو ملكه بِبيع أَو هبة أَو وَصِيَّة أَو بشرَاء الرَّقِيق نَفسه فَإِنَّهُ عقد عتاقة أم ضمنا كَقَوْلِه لغيره أعتق عَبدك عني فَأَجَابَهُ أما وَلَاؤُه بِالْإِعْتَاقِ فللخبر السَّابِق وَأما بِغَيْرِهِ فبالقياس عَلَيْهِ أما إِذا أعتق غَيره عَبده عَنهُ بِغَيْر إِذْنه فَإِنَّهُ يَصح أَيْضا لَكِن لَا يثبت لَهُ الْوَلَاء
وَإِنَّمَا يثبت للْمَالِك الْمُعْتق خلافًا لما وَقع فِي أصل الرَّوْضَة من أَنه يثبت لَهُ لَا للْمَالِك وَاسْتثنى من ذَلِك مَا لَو أقرّ بحريّة عبد ثمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يعْتق عَلَيْهِ وَلَا يكون وَلَاؤُه لَهُ بل هُوَ مَوْقُوف لِأَن الْملك بِزَعْمِهِ لم يثبت لَهُ وَإِنَّمَا عتق مُؤَاخذَة لَهُ بقوله وَمَا لَو أعتق الْكَافِر كَافِرًا فلحق الْعَتِيق بدار الْحَرْب واسترق ثمَّ أعْتقهُ السَّيِّد الثَّانِي فولاؤه للثَّانِي وَمَا لَو أعتق الإِمَام عبدا من عبيد بَيت المَال فَإِنَّهُ يثبت الْوَلَاء عَلَيْهِ للْمُسلمين لَا للْمُعْتق
تَنْبِيه يثبت الْوَلَاء للْكَافِرِ على الْمُسلم كَعَكْسِهِ وَإِن لم يتوارثا كَمَا تثبت علقَة النِّكَاح وَالنّسب بَينهمَا وَإِن لم يتوارثا وَلَا
يثبت الْوَلَاء بِسَبَب آخر غير الْإِعْتَاق كلإسلام شخص على يَد غَيره وَحَدِيث من أسلم على يَد رجل فَهُوَ أَحَق النَّاس بمحياه ومماته قَالَ البُخَارِيّ اخْتلفُوا فِي صِحَّته وكالتقاطه وَحَدِيث تحوز الْمَرْأَة ثَلَاثَة مَوَارِيث عتيقها ولقيطها وَوَلدهَا الَّذِي لاعنت عَلَيْهِ ضعفه الشَّافِعِي وَغَيره (وَحكمه) أَي الْإِرْث بِالْوَلَاءِ (حكم التَّعْصِيب) بِالنّسَبِ فِي أَرْبَعَة أَحْكَام الْمُتَقَدّم فِي صَلَاة الْجِنَازَة وَالْإِرْث بِهِ وَولَايَة التَّزْوِيج وَتحمل الدِّيَة
(عِنْد عَدمه) أَي التَّعْصِيب بِالنّسَبِ وَإِنَّمَا قدم النّسَب لقُوته (وينتقل) الْوَلَاء (عَن الْمُعْتق) بعد مَوته (إِلَى الذُّكُور من عصبته) أَي الْمُعْتق المتعصبين بِأَنْفسِهِم دون سَائِر الْوَرَثَة وَمن يعصبهم العاصب لِأَنَّهُ لَا يُورث كَمَا مر فَلَو انْتقل إِلَى غَيرهم لَكَانَ موروثا
تَنْبِيه ظَاهر كَلَامه أَن الْوَلَاء لَا يثبت للعاصب مَعَ وجود الْمُعْتق وَلَيْسَ مرَادا بل يثبت لَهُم فِي حَيَاته والمتأخر لَهُم عَنهُ إِنَّمَا هُوَ فَوَائده
وَلَا تَرث امْرَأَة بولاء إِلَّا من عتيقها للْخَبَر السَّابِق أَو منتميا إِلَيْهِ بِنسَب أَو وَلَاء فَإِن عتق عَلَيْهَا أَبوهَا كَأَن اشترته ثمَّ أعتق عبدا فَمَاتَ بعد موت الْأَب بِلَا وَارِث من النّسَب للْأَب وَالْعَبْد فَمَال الْعَتِيق للْبِنْت لَا لكَونهَا بنت مُعْتقه لما مر أَنَّهَا لَا تَرث بل لِأَنَّهَا مُعتقة الْمُعْتق وَمحل مِيرَاثهَا إِذا لم يكن للْأَب عصبَة
فَإِن كَانَ كأخ أَو ابْن عَم فميراث الْعَتِيق لَهُ وَلَا شَيْء لَهَا لِأَن مُعتق الْمُعْتق مُتَأَخّر من عصوبة النّسَب
قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ سَمِعت بعض النَّاس يَقُول أَخطَأ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَرْبَعمِائَة قَاض فَقَالُوا إِن الْمِيرَاث للْبِنْت لأَنهم رأوها أقرب وَهِي عصبَة لَهُ بولائها عَلَيْهِ وَوجه الْغَفْلَة أَن الْمُقدم فِي الْوَلَاء الْمُعْتق ثمَّ عصبته ثمَّ مُعْتقه ثمَّ عصباته ثمَّ مُعتق مُعْتقه ثمَّ عصباته
وَهَكَذَا ووارث العَبْد هَا هُنَا عصبته فَكَانَ مقدما على مُعتق مُعْتقه
وَلَا شَيْء لَهَا مَعَ وجوده وَنسبَة غلط الْقُضَاة فِي هَذِه الصُّورَة حَكَاهُ الشَّيْخَانِ
قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَالَّذِي حَكَاهُ الإِمَام عَن غلطهم فِيمَا إِذا اشْترى أَخ وَأُخْت أباهما فَأعتق الْأَب عبدا وَمَات ثمَّ مَاتَ الْعَتِيق فَقَالُوا مِيرَاثه بَين الْأَخ وَالْأُخْت لِأَنَّهُمَا معتقا مُعْتقه وَهُوَ غلط وَإِنَّمَا الْمِيرَاث للْأَخ وَحده وَالْوَلَاء لأعلى الْعَصَبَات فِي الدرجَة والقرب مِثَاله ابْن الْمُعْتق مَعَ ابْن ابْنه فَلَو مَاتَ الْمُعْتق عَن ابْنَيْنِ أَو أَخَوَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا وَخلف ابْنا فَالْولَاء لِعَمِّهِ دونه
وَإِن كَانَ هُوَ الْوَارِث لِأَبِيهِ فَلَو مَاتَ الآخر وَخلف تِسْعَة بَنِينَ فَالْولَاء بَين الْعشْرَة بِالسَّوِيَّةِ وَلَو أعتق عَتيق أَبَا مُعتقة فَلِكُل مِنْهُمَا الْوَلَاء على الآخر وَإِن أعتق أَجْنَبِي أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب فاشترتا أباهما فَلَا وَلَاء لوَاحِدَة مِنْهُمَا على الْأُخْرَى
وَلَو أعتق كَافِر مُسلما وَله ابْن مُسلم وَابْن كَافِر ثمَّ مَاتَ الْعَتِيق بعد موت مُعْتقه فولاؤه للْمُسلمِ فَقَط
وَلَو أسلم الآخر قبل مَوته فولاؤه لَهما وَلَو مَاتَ فِي حَيَاة مُعتقة فميراثه لبيت المَال (وَلَا يجوز بيع الْوَلَاء وَلَا هِبته) لِأَن الْوَلَاء كالنسب فَكَمَا لَا يَصح بيع النّسَب وَلَا هِبته فَكَذَلِك لَا يَصح بيع الْوَلَاء وَلَا هِبته وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نهى عَن بيع الْوَلَاء وهبته مُتَّفق عَلَيْهِ