المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في اللقطة - الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من أَنْوَاع الْمُعَامَلَات

- ‌فصل فِي الرِّبَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْخِيَار

- ‌فصل فِي السّلم وَيُقَال لَهُ السّلف

- ‌فصل فِي الرَّهْن

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الصُّلْح

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي كَفَالَة الْبدن

- ‌فصل فِي الشّركَة

- ‌فصل فِي الْوكَالَة

- ‌فصل فِي الْإِقْرَار

- ‌فصل فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌فصل فِي الْقَرَاض

- ‌فصل فِي الْمُسَاقَاة

- ‌فصل فِي الْإِجَارَة

- ‌فصل فِي الْجعَالَة

- ‌فصل فِي الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة وكراء الأَرْض

- ‌فصل فِي إحْيَاء الْموَات

- ‌فصل فِي الْوَقْف

- ‌فصل فِي الْهِبَة

- ‌فصل فِي اللّقطَة

- ‌فصل فِي بعض النّسخ وَهُوَ فِي أَقسَام اللّقطَة وَبَيَان حكم كل مِنْهَا

- ‌(فصل فِي اللَّقِيط)

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌حجب الحرمان بالشخص

- ‌فصل فِي الْوَصِيَّة الشاملة للإيصاء

- ‌فصل فِي أَرْكَان النِّكَاح

- ‌فصل فِي بَيَان أَوْلِيَاء

- ‌فصل فِي مُحرمَات النِّكَاح ومثبتات الْخِيَار فِيهِ

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْوَلِيمَة

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فصل فِي طَلَاق السّني

- ‌فصل فِيمَا يملكهُ الزَّوْج من الطلقات

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي بَيَان مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ حل الْمُطلقَة

- ‌فصل فِي الْإِيلَاء

- ‌فصل فِي الظِّهَار

- ‌فصل فِي اللّعان

- ‌فرع لَو قذف زوج زَوجته

- ‌فصل فِي الْعدَد

- ‌فصل فِيمَا يجب للمعتدة وَعَلَيْهَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء

- ‌فصل فِي الرَّضَاع

- ‌فصل فِي نَفَقَة الْقَرِيب وَالرَّقِيق والبهائم

- ‌فصل فِي النَّفَقَة

- ‌فصل فِي الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌فصل فِي الدِّيَة

- ‌فصل فِي الْقسَامَة

- ‌فصل فِي حد الْقَذْف

- ‌فصل فِي حد شَارِب السكر من خمر وَغَيره

- ‌فصل فِي حد السّرقَة

- ‌فصل فِي قَاطع الطَّرِيق

- ‌فصل فِي حكم الصيال وَمَا تتلفه الْبَهَائِم

- ‌فصل فِي قتال الْبُغَاة

- ‌فصل فِي الرِّدَّة

- ‌فصل فِي تَارِك الصَّلَاة

- ‌فصل فِي قسم الْغَنِيمَة

- ‌فصل فِي قسم الْفَيْء

- ‌فصل فِي الْجِزْيَة تطلق

- ‌فصل فِي الْأَطْعِمَة

- ‌فصل فِي الْأُضْحِية

- ‌فصل فِي الْعَقِيقَة

- ‌فصل فِي أَحْكَام النذور

- ‌فصل فِي الْقِسْمَة

- ‌فصل فِي الدَّعْوَى والبينات

- ‌فصل فِي الشَّهَادَات

- ‌فصل كَمَا فِي بعض النّسخ يذكر فِيهِ الْعدَد فِي الشُّهُود والذكورة

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْوَلَاء

- ‌فصل فِي التَّدْبِير

- ‌فصل فِي الْكِتَابَة

- ‌فصل فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد

الفصل: ‌فصل في اللقطة

وَالْهِبَة إِن أطلقت بِأَن لم تقيد بِثَوَاب وَلَا بِعَدَمِهِ فَلَا ثَوَاب فِيهَا وَإِن كَانَت لأعلى من الْوَاهِب أَو قيدت بِثَوَاب مَجْهُول كَثوب فباطلة أَو بِمَعْلُوم فَبيع نظرا إِلَى الْمَعْنى

وظرف الْهِبَة إِن لم يعْتد رده كقوصرة تمر هبة أَيْضا وَإِلَّا فَلَا وَإِذا لم يكن هبة حرم اسْتِعْمَاله إِلَّا فِي أكل الْهِبَة مِنْهُ إِن اُعْتِيدَ

تَتِمَّة يسن للوالد وَإِن علا الْعدْل فِي عَطِيَّة أَوْلَاده بِأَن يُسَوِّي بَين الذّكر وَالْأُنْثَى لخَبر البُخَارِيّ اتَّقوا الله واعدلوا بَين أَوْلَادكُم وَيكرهُ تَركه لهَذَا الْخَبَر

وَمحل الْكَرَاهَة عِنْد الاسْتوَاء فِي الْحَاجة وَعدمهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَة وعَلى ذَلِك يحمل تَفْضِيل الصَّحَابَة لِأَن الصّديق فضل السيدة عَائِشَة على غَيرهَا من أَوْلَاده وَفضل عمر ابْنه عَاصِمًا بِشَيْء وَفضل عبد الله بن عمر بعض أَوْلَاده على بَعضهم رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ

وَيسن أَيْضا أَن يُسَوِّي الْوَلَد إِذا وهب لوَالِديهِ شَيْئا وَيكرهُ لَهُ ترك التَّسْوِيَة كَمَا مر فِي الْأَوْلَاد فَإِن فضل أَحدهمَا فالأم أولى لخَبر إِن لَهَا ثُلثي الْبر وَالإِخْوَة وَنَحْوهم لَا يجْرِي فيهم هَذَا الحكم وَلَا شكّ أَن التَّسْوِيَة بَينهم مَطْلُوبَة لَكِن دون طلبَهَا فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَأفضل الْبر بر الْوَالِدين بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا وَفعل مَا يسرهما من الطَّاعَة لله تَعَالَى وَغَيرهَا مِمَّا لَيْسَ بمنهي عَنهُ وعقوق كل مِنْهُمَا من الْكَبَائِر وَهُوَ أَن يُؤْذِيه أَذَى لَيْسَ بالهين مَا لم يكن مَا آذاه بِهِ وَاجِبا وصلَة الْقَرَابَة وَهِي فعلك مَعَ قريبك مَا تعد بِهِ واصلا مَأْمُور بهَا وَتحصل بِالْمَالِ وَقَضَاء الْحَوَائِج والزيارة وَالْمُكَاتبَة والمراسلة بِالسَّلَامِ وَنَحْو ذَلِك

‌فصل فِي اللّقطَة

وَهِي بِضَم اللَّام وَفتح الْقَاف وإسكانها لُغَة الشَّيْء الْمُلْتَقط وَشرعا مَا وجد من حق مُحْتَرم غير مُحْتَرز لَا يعرف الْوَاجِد

ص: 369

مُسْتَحقّه

وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع الْآيَات الآمرة بِالْبرِّ وَالْإِحْسَان إِذْ فِي أَخذهَا للْحِفْظ وَالرَّدّ بر وإحسان وَالْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي ذَلِك كَخَبَر مُسلم وَالله فِي عون العَبْد مَا دَامَ العَبْد فِي عون أَخِيه (وَإِذا وجد) أَي الْحر (لقطَة فِي موَات أَو طَرِيق) وَلم يَثِق بأمانة نَفسه فِي الْمُسْتَقْبل وَهُوَ آمن فِي الْحَال خشيَة الضّيَاع أَو طرُو الْخِيَانَة (فَلهُ أَخذهَا) جَوَازًا لِأَن خيانته لم تتَحَقَّق وَالْأَصْل عدمهَا وَعَلِيهِ الِاحْتِرَاز (و) لَهُ (تَركهَا) خشيَة استهلاكها فِي الْمُسْتَقْبل وَلَا يضمن بِالتّرْكِ فَلَا ينْدب لَهُ أَخذهَا وَلَا يكره لَهُ التّرْك

وَخرج بِالْحرِّ الرَّقِيق فَلَا يَصح الْتِقَاطه بِغَيْر إِذن سَيّده وَإِن لم يَنْهَهُ لِأَن اللّقطَة أَمَانَة وَولَايَة ابْتِدَاء وتمليك انْتِهَاء وَلَيْسَ هُوَ من أَهلهَا فَإِن الْتقط بِإِذْنِهِ صَحَّ وَكَأن سَيّده هُوَ الْمُلْتَقط وَأما بِغَيْر إِذن سَيّده فَمن أَخذهَا مِنْهُ كَانَ هُوَ الْمُلْتَقط سيدا كَانَ أَو أَجْنَبِيّا وَلَو أقرها فِي يَده سَيّده واستحفظه عَلَيْهَا ليعرفها وَهُوَ أَمِين جَاءَ وَإِلَّا فَلَا وَيصِح اللقط من مكَاتب كِتَابَة صَحِيحَة لِأَنَّهُ مُسْتَقل بِالْملكِ وَالتَّصَرُّف وَخرج بالموات الْمَمْلُوك فَلَا تُؤْخَذ مِنْهُ للتَّمَلُّك بعد التَّعْرِيف بل هِيَ لصَاحب الْيَد فِيهِ إِذا ادَّعَاهَا وَإِلَّا فَلِمَنْ كَانَ مَالِكًا قبله وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى المحيي فَإِن لم يَدعهَا كَانَت لقطَة كَمَا قَالَه الْمُتَوَلِي وَأقرهُ فِي الرَّوْضَة

وَبِغير الواثق بِنَفسِهِ الواثق بهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَأَخذهَا أولى من تَركهَا) فَهُوَ مُسْتَحبّ (إِن كَانَ على ثِقَة) من نَفسه (من الْقيام بهَا) لما فِيهِ من الْبر بل يكره تَركهَا وَسن إِشْهَاد بهَا مَعَ تَعْرِيف شَيْء من اللّقطَة زَائِدَة كَمَا فِي الْوَدِيعَة وحملوا الْأَمر بِالْإِشْهَادِ فِي خبر أبي دَاوُد من الْتقط لقطَة فليشهد ذَا عدل أَو ذَوي عدل وَلَا يكتم وَلَا يعيب على النّدب جمعا بَين الْأَخْبَار

وَتَصِح لقطَة الْمبعض لِأَنَّهُ كَالْحرِّ فِي الْملك وَالتَّصَرُّف والذمة ولقطته لَهُ ولسيده فِي غير مُهَايَأَة فيعرفانها ويتملكانها بِحَسب الرّقّ وَالْحريَّة كشخصين التقطا

وَفِي مناوبة لذِي نوبَة كباقي الأكساب كوصية وَهبة وركاز والمؤن كَأُجْرَة طَبِيب وحجام وَثمن دَوَاء فالأكساب لمن حصلت فِي نوبَته والمؤن على من وَجب سَببهَا فِي نوبَته وَأما أرش الْجِنَايَة فيشتركان فِيهِ لِأَنَّهُ يتَعَلَّق بِالرَّقَبَةِ وَهِي مُشْتَركَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ كالجناية مِنْهُ كَمَا بَحثه الزَّرْكَشِيّ وَكَلَام الْمِنْهَاج يشملهما

وَكره اللقط لفَاسِق لِئَلَّا تَدعُوهُ نَفسه إِلَى الْخِيَانَة فَيصح اللقط مِنْهُ كَمَا يَصح من مُرْتَد وَكَافِر مَعْصُوم فِي دَار الْإِسْلَام كاصطيادهم واحتطابهم وتنزع اللّقطَة مِنْهُم وتسلم لعدل لأَنهم لَيْسُوا من أهل الْحِفْظ لعدم أمانتهم

وَيضم لَهُم مشرف فِي التَّعْرِيف فَإِن تمّ التَّعْرِيف تملكوا

وَتَصِح من

ص: 370

صبي وَمَجْنُون وَينْزع اللّقطَة مِنْهُمَا وليهما ويعرفها ويتملكها لَهما إِن رَآهُ حَيْثُ يجوز الِاقْتِرَاض لَهما لِأَن التَّمْلِيك فِي معنى الِاقْتِرَاض فَإِن لم يره حفظهَا وَسلمهَا للْقَاضِي وكالصبي وَالْمَجْنُون السَّفِيه إِلَّا أَنه يَصح تَعْرِيفه دونهمَا وَمن أَخذ لقطَة لَا لخيانة بِأَن لقطها لحفظ أَو تملك أَو اخْتِصَاص أَو لم يقْصد خِيَانَة وَلَا غَيرهَا أَو قصد أَحدهمَا ونسيه فأمين وَإِن قصد الْخِيَانَة بعد أَخذهَا مَا لم يتَمَلَّك أَو يخْتَص بعد التَّعْرِيف وَيجب تَعْرِيفهَا وَإِن لقطها لحفظ وَإِن أَخذهَا للخيانة فضامن وَلَيْسَ لَهُ تَعْرِيفهَا وَلَو دفع لقطَة لقاض لزمَه قبُولهَا

القَوْل فِيمَا يجب على الْمُلْتَقط (وَإِذا أَخذهَا) أَي اللّقطَة الْمُلْتَقط الواثق بِنَفسِهِ أَو غَيره (فَعَلَيهِ) حِينَئِذٍ (أَن يعرف) بِفَتْح حرف المضارعة (سِتَّة أَشْيَاء) وَهِي فِي الْحَقِيقَة ترجع إِلَى أَرْبَعَة وَترك معرفَة اثْنَيْنِ كَمَا سَيظْهر الأول أَن يعرف (وعاءها) وَهُوَ بِكَسْر الْوَاو وَالْمدّ مَا هِيَ فِيهِ من جلد أَو غَيره

(و) الثَّانِي أَن يعرف (عفاصها) وَهُوَ بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَأَصله كَمَا فِي تَحْرِير التَّنْبِيه عَن الْخطابِيّ الْجلد الَّذِي يلبس رَأس القارورة وَهِي مُرَاد المُصَنّف كصاحب التَّنْبِيه لِأَنَّهُمَا جمعا بَين الْوِعَاء والعفاص والمحكي فِي تَحْرِير التَّنْبِيه عَن الْجُمْهُور أَن العفاص هُوَ الْوِعَاء وَلذَلِك قَالَ فِي الرَّوْضَة فَيعرف عفاصها وَهِي الْوِعَاء من جلد وخرقة وَغَيرهمَا انْتهى

فَأطلق العفاص على الْوِعَاء توسعا (و) الثَّالِث أَن يعرف (وكاءها) وَهُوَ بِكَسْر الْوَاو وبالمد مَا ترْبط بِهِ من خيط أَو غَيره

(و) الرَّابِع أَن يعرف (جِنْسهَا) من نقد أَو غَيره

(و) الْخَامِس أَن يعرف (عَددهَا) كاثنين فَأكْثر

(و) السَّادِس أَن يعرف (وَزنهَا) كدرهم فَأكْثر

أما كَونهَا ترجع إِلَى أَربع فَإِن العفاص والوعاء وَاحِد كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَالْعدَد وَالْوَزْن يعبر عَنْهُمَا بِالْقدرِ فَإِن معرفَة الْقدر شَامِلَة للوزن وَالْعدَد والكيل وَالزَّرْع

وَالسَّابِع وَهُوَ الْمَتْرُوك من كَلَامه أَن يعرف صنفها أهروية أم مروية

وَالثَّامِن أَن يعرف صفتهَا من صِحَة وتكسير وَنَحْوهمَا وَمَعْرِفَة هَذِه الْأَوْصَاف تكون عقب الْأَخْذ كَمَا قَالَه الْمُتَوَلِي وَغَيره

وَهِي سنة كَمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ وَغَيره وَهُوَ الْمُعْتَمد وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام الْجُمْهُور

وَفِي الْكَافِي أَنَّهَا وَاجِبَة وَجرى عَلَيْهِ ابْن الرّفْعَة وَينْدب كتب الْأَوْصَاف كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَأَنه التقطها فِي وَقت كَذَا

(و) يجب عَلَيْهِ (أَن يحفظها) لمَالِكهَا (فِي حرز مثلهَا) إِلَى ظُهُوره لِأَنَّهَا فِيهَا معنى الْأَمَانَة وَالْولَايَة والاكتساب فالأمانة وَالْولَايَة أَولا والاكتساب آخرا بعد التَّعْرِيف

وَهل الْمُغَلب فِيهَا الْأَمَانَة وَالْولَايَة لِأَنَّهُمَا ناجزان أَو الِاكْتِسَاب لِأَنَّهُ الْمَقْصُود وَجْهَان فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا من غير تَرْجِيح والمرجح فِيهَا تَغْلِيب الِاكْتِسَاب لِأَنَّهُ يَصح الْتِقَاط الْفَاسِق وَالذِّمِّيّ فِي دَار الْإِسْلَام وَلَوْلَا أَن الْمُغَلب ذَلِك لما صَحَّ التقاطهما

(ثمَّ إِذا أَرَادَ) الْمُلْتَقط (تَملكهَا عرفهَا سنة) أَي من يَوْم التَّعْرِيف تحديدا وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَن السّنة لَا تتأخر فِيهَا

ص: 371

القوافل غَالِبا وتمضي فِيهَا الْفُصُول الْأَرْبَعَة

قَالَ ابْن أبي هُرَيْرَة

وَلِأَنَّهُ لَو لم يعرف سنة لضاعت الْأَمْوَال على أَرْبَابهَا وَلَو جعل التَّعْرِيف أبدا لامتنع من التقاطها فَكَانَ فِي السّنة نظر لِلْفَرِيقَيْنِ مَعًا

وَلَا يشْتَرط أَن تكون السّنة مُتَّصِلَة بل تَكْفِي وَلَو مفرقة على الْعَادة إِن كَانَت غير حقيرة وَلَو من الاختصاصات فيعرفها أَولا كل يَوْم مرَّتَيْنِ طَرفَيْهِ أسبوعا ثمَّ كل يَوْم مرّة طرفه أسبوعا أَو أسبوعين ثمَّ فِي كل أُسْبُوع مرّة أَو مرَّتَيْنِ ثمَّ كل شهر كَذَلِك بِحَيْثُ لَا ينسى أَنه تكْرَار لما مضى

وَإِنَّمَا جعل التَّعْرِيف فِي الْأَزْمِنَة الأول أَكثر لِأَن طلب الْمَالِك فِيهَا أَكثر قَالَ الزَّرْكَشِيّ قيل ومرادهم أَن يعرف كل مُدَّة من هَذِه المدد ثَلَاثَة أشهر وَلَو مَاتَ الْمُلْتَقط فِي أثْنَاء الْمدَّة بنى وَارثه على ذَلِك كَمَا بَحثه الزَّرْكَشِيّ وَلَو الْتقط اثْنَان لقطَة عرفهَا كل وَاحِد نصف سنة كَمَا قَالَ السُّبْكِيّ إِنَّه الْأَشْبَه وَإِن خَالف فِي ذَلِك ابْن الرّفْعَة لِأَنَّهَا لقطَة وَاحِدَة والتعريف من كل مِنْهُمَا لكلها لَا لنصفها لِأَنَّهَا إِنَّمَا تقسم بَينهمَا عِنْد التَّمَلُّك

تَنْبِيه قد يتَصَوَّر التَّعْرِيف سنتَيْن وَذَلِكَ إِذا قصد الْحِفْظ فعرفها سنة ثمَّ قصد التَّمْلِيك فَإِنَّهُ لَا بُد من تَعْرِيفه سنة من حِينَئِذٍ وَيبين فِي التَّعْرِيف زمن وجدان اللّقطَة وَيذكر ندبا اللاقط وَلَو بنائبه بعض أوصافها فِي التَّعْرِيف فَلَا يستوعبها لِئَلَّا يعتمدها الْكَاذِب فَإِن استوعبها ضمن لِأَنَّهُ قد يرفعهُ إِلَى من يلْزم الدّفع بِالصِّفَاتِ

ويعرفها فِي بلد الِالْتِقَاط (على أَبْوَاب الْمَسَاجِد) عِنْد خُرُوج النَّاس لِأَن ذَلِك أقرب إِلَى وجد صَاحبهَا (و) يجب التَّعْرِيف (فِي الْموضع الَّذِي وجدهَا فِيهِ) وليكثر مِنْهُ فِيهِ لِأَن طلب الشَّيْء فِي مَكَانَهُ أَكثر وَخرج بقوله على أَبْوَاب الْمَسَاجِد الْمَسَاجِد فَيكْرَه التَّعْرِيف فِيهَا كَمَا جزم بِهِ فِي الْمَجْمُوع وَإِن أفهم كَلَام الرَّوْضَة التَّحْرِيم إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام فَلَا يكره التَّعْرِيف فِيهِ اعْتِبَارا بِالْعرْفِ وَلِأَنَّهُ مجمع النَّاس وَمُقْتَضى ذَلِك أَن مَسْجِد الْمَدِينَة والأقصى كَذَلِك

وَلَو أَرَادَ الْمُلْتَقط سفرا استناب بِإِذن الْحَاكِم من يحفظها ويعرفها فَإِن سَافر بهَا أَو استناب بِغَيْر إِذن الْحَاكِم مَعَ وجوده ضمن لتَقْصِيره وَإِن الْتقط فِي الصَّحرَاء وَهُنَاكَ قافلة تبعها وَعرف فِيهَا إِذْ لَا فَائِدَة فِي التَّعْرِيف فِي الْأَمَاكِن الخالية فَإِن لم يرد ذَلِك فَفِي بلد يقصدها قربت أَو بَعدت سَوَاء أقصدها ابْتِدَاء أم لَا حَتَّى لَو قصد بعد قَصده الأول بَلْدَة أُخْرَى

وَلَو بلدته الَّتِي سَافر مِنْهَا عرف فِيهَا وَلَا يُكَلف الْعُدُول عَنْهَا إِلَى أقرب الْبِلَاد إِلَى ذَلِك الْمَكَان وَيعرف حقير لَا يعرض عَنهُ غَالِبا متمولا كَانَ أَو مُخْتَصًّا وَلَا يتَقَدَّر بِشَيْء بل هُوَ مَا يغلب على الظَّن أَن فاقده لَا يكثر أسفه عَلَيْهِ وَلَا يطول طلبه لَهُ غَالِبا إِلَى أَن يظنّ إِعْرَاض فاقده عَنهُ غَالِبا وَعَلِيهِ مُؤنَة التَّعْرِيف إِن قصد تملكا وَلَو بعد لقطه للْحِفْظ أَو مُطلقًا وَإِن لم يتَمَلَّك لوُجُوب التَّعْرِيف عَلَيْهِ فَإِن لم يقْصد التَّمَلُّك كَأَن لقط لحفظ أَو أطلق وَلم يقْصد تَمْلِيكًا أَو اختصاصا فمؤنة التَّعْرِيف على بَيت المَال أَو على مَالك بِأَن يرتبها الْحَاكِم فِي بَيت المَال أَو يقترضها على الْمَالِك من اللاقط أَو غَيره أَو يَأْمُرهُ بصرفها ليرْجع على الْمَالِك أَو يَبِيع بَعْضهَا إِن رَآهُ وَإِنَّمَا لم تلْزم اللاقط لِأَن الْحَظ فِيهِ للْمَالِك فَقَط

مَا الحكم إِذا لم يجد صَاحبهَا (فَإِن لم يجد صَاحبهَا) بعد تَعْرِيفهَا (كَانَ لَهُ أَن يتملكها بِشَرْط الضَّمَان) إِذا ظهر مَالِكهَا وَلَا يملكهَا الْمُلْتَقط بِمُجَرَّد مُضِيّ مُدَّة التَّعْرِيف بل لَا بُد من لفظ أَو مَا فِي مَعْنَاهُ كتملكت لِأَنَّهُ تملك مَال بِبَدَل فافتقر إِلَى ذَلِك كالتملك بشرَاء

وَبحث ابْن الرّفْعَة فِي لقطَة لَا تملك كخمر وكلب أَنه لَا بُد فِيهَا مِمَّا يدل على نقل الِاخْتِصَاص فَإِن تَملكهَا فَظهر الْمَالِك وَلم يرض ببدلها وَلَا تعلق بهَا حق لَازم يمْنَع بيعهَا لزمَه ردهَا لَهُ بزيادتها الْمُتَّصِلَة وَكَذَا الْمُنْفَصِلَة إِن حدثت قبل التَّمَلُّك تبعا للقطة فَإِن تلف حسا أَو شرعا بعد

ص: 372