المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في حد القذف - الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من أَنْوَاع الْمُعَامَلَات

- ‌فصل فِي الرِّبَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْخِيَار

- ‌فصل فِي السّلم وَيُقَال لَهُ السّلف

- ‌فصل فِي الرَّهْن

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الصُّلْح

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي كَفَالَة الْبدن

- ‌فصل فِي الشّركَة

- ‌فصل فِي الْوكَالَة

- ‌فصل فِي الْإِقْرَار

- ‌فصل فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌فصل فِي الْقَرَاض

- ‌فصل فِي الْمُسَاقَاة

- ‌فصل فِي الْإِجَارَة

- ‌فصل فِي الْجعَالَة

- ‌فصل فِي الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة وكراء الأَرْض

- ‌فصل فِي إحْيَاء الْموَات

- ‌فصل فِي الْوَقْف

- ‌فصل فِي الْهِبَة

- ‌فصل فِي اللّقطَة

- ‌فصل فِي بعض النّسخ وَهُوَ فِي أَقسَام اللّقطَة وَبَيَان حكم كل مِنْهَا

- ‌(فصل فِي اللَّقِيط)

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌حجب الحرمان بالشخص

- ‌فصل فِي الْوَصِيَّة الشاملة للإيصاء

- ‌فصل فِي أَرْكَان النِّكَاح

- ‌فصل فِي بَيَان أَوْلِيَاء

- ‌فصل فِي مُحرمَات النِّكَاح ومثبتات الْخِيَار فِيهِ

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْوَلِيمَة

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فصل فِي طَلَاق السّني

- ‌فصل فِيمَا يملكهُ الزَّوْج من الطلقات

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي بَيَان مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ حل الْمُطلقَة

- ‌فصل فِي الْإِيلَاء

- ‌فصل فِي الظِّهَار

- ‌فصل فِي اللّعان

- ‌فرع لَو قذف زوج زَوجته

- ‌فصل فِي الْعدَد

- ‌فصل فِيمَا يجب للمعتدة وَعَلَيْهَا

- ‌فصل فِي أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء

- ‌فصل فِي الرَّضَاع

- ‌فصل فِي نَفَقَة الْقَرِيب وَالرَّقِيق والبهائم

- ‌فصل فِي النَّفَقَة

- ‌فصل فِي الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌فصل فِي الدِّيَة

- ‌فصل فِي الْقسَامَة

- ‌فصل فِي حد الْقَذْف

- ‌فصل فِي حد شَارِب السكر من خمر وَغَيره

- ‌فصل فِي حد السّرقَة

- ‌فصل فِي قَاطع الطَّرِيق

- ‌فصل فِي حكم الصيال وَمَا تتلفه الْبَهَائِم

- ‌فصل فِي قتال الْبُغَاة

- ‌فصل فِي الرِّدَّة

- ‌فصل فِي تَارِك الصَّلَاة

- ‌فصل فِي قسم الْغَنِيمَة

- ‌فصل فِي قسم الْفَيْء

- ‌فصل فِي الْجِزْيَة تطلق

- ‌فصل فِي الْأَطْعِمَة

- ‌فصل فِي الْأُضْحِية

- ‌فصل فِي الْعَقِيقَة

- ‌فصل فِي أَحْكَام النذور

- ‌فصل فِي الْقِسْمَة

- ‌فصل فِي الدَّعْوَى والبينات

- ‌فصل فِي الشَّهَادَات

- ‌فصل كَمَا فِي بعض النّسخ يذكر فِيهِ الْعدَد فِي الشُّهُود والذكورة

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌فصل فِي أَحْكَام الْوَلَاء

- ‌فصل فِي التَّدْبِير

- ‌فصل فِي الْكِتَابَة

- ‌فصل فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد

الفصل: ‌فصل في حد القذف

يُعَزّر أول مرّة وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ لَا تعد فَإِن عَاد عزّر

وَمِنْهَا مَا إِذا قطع الشَّخْص أَطْرَاف نَفسه

الْأَمر الثَّانِي مَتى كَانَ فِي الْمعْصِيَة حد كَالزِّنَا أَو كَفَّارَة كالتمتع بِطيب فِي الْإِحْرَام يَنْتَفِي التَّعْزِير لإِيجَاب الأول الْحَد وَالثَّانِي الْكَفَّارَة وَيسْتَثْنى مِنْهُ مسَائِل مِنْهَا إِفْسَاد الصَّائِم يَوْمًا من رَمَضَان بجماع زَوجته أَو أمته

فَإِنَّهُ يجب فِيهِ التَّعْزِير مَعَ الْكَفَّارَة

وَمِنْهَا الْمظَاهر يجب عَلَيْهِ التَّعْزِير مَعَ الْكَفَّارَة

وَمِنْهَا الْيَمين الْغمُوس يجب فِيهَا التَّعْزِير مَعَ الْكَفَّارَة

وَمِنْهَا مَا ذكره الشَّيْخ عز الدّين فِي الْقَوَاعِد الصُّغْرَى أَنه لَو زنى بِأُمِّهِ فِي جَوف الْكَعْبَة فِي رَمَضَان وَهُوَ صَائِم معتكف محرم لزمَه الْعتْق والبدنة وَيحد للزِّنَا وَيُعَزر لقطع رَحمَه وانتهاك حُرْمَة الْكَعْبَة

الْأَمر الثَّالِث أَنه لَا يُعَزّر فِي غير مَعْصِيّة وَيسْتَثْنى مِنْهُ مسَائِل مِنْهَا الصَّبِي وَالْمَجْنُون يعزران إِذا فعلا مَا يُعَزّر عَلَيْهِ الْبَالِغ الْعَاقِل

وَإِن لم يكن فعلهمَا مَعْصِيّة

وَمِنْهَا أَن الْمُحْتَسب يمْنَع من يكْتَسب باللهو ويؤدب عَلَيْهِ الْآخِذ والمعطي

وَظَاهره تنَاول اللَّهْو الْمُبَاح

وَمِنْهَا نفي المخنث نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي

مَعَ أَنه لَيْسَ بِمَعْصِيَة وَإِنَّمَا هُوَ فعل للْمصْلحَة واستثنيت فِي شرح الْمِنْهَاج وَغَيره

من ذَلِك مسَائِل عديدة مهمة لَا يحتملها شرح هَذَا الْمُخْتَصر وَفِيمَا ذكرته تذكرة لأولي الْأَلْبَاب

تَتِمَّة للْإِمَام ترك تَعْزِير لحق الله تَعَالَى لإعراضه صلى الله عليه وسلم عَن جمَاعَة استحقوه كالغال فِي الْغَنِيمَة ولاوي شدقه فِي حكمه للزبير

وَلَا يجوز تَركه إِن كَانَ لآدَمِيّ عِنْد طلبه كَالْقصاصِ على الْمُعْتَمد وَإِن خَالف فِي ذَلِك ابْن الْمقري وَيُعَزر من وَافق الْكفَّار فِي أعيادهم وَمن يمسك الْحَيَّة وَيدخل النَّار

وَمن قَالَ لذِمِّيّ يَا حَاج وَمن يُسَمِّي زائر قُبُور الصَّالِحين حَاجا وَلَا يجوز للْإِمَام الْعَفو عَن الْحَد وَلَا تجوز الشَّفَاعَة فِيهِ

وَتسن الشَّفَاعَة الْحَسَنَة إِلَى وُلَاة الْأُمُور لقَوْله تَعَالَى {من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة} الْآيَة وَلما فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَتَاهُ طَالب حَاجَة أقبل على جُلَسَائِهِ وَقَالَ اشفعوا تؤجروا وَيَقْضِي الله على لِسَان نبيه مَا شَاءَ

‌فصل فِي حد الْقَذْف

وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة لُغَة الرَّمْي

وَشرعا الرَّمْي بِالزِّنَا فِي معرض التعيير وألفاظ الْقَذْف ثَلَاثَة صَرِيح وكناية وتعريض

وَبَدَأَ بِالْأولِ فَقَالَ (وَإِذا قذف) شخص (غَيره بِالزِّنَا) كَقَوْلِه لرجل أَو امْرَأَة حد الْقَذْف) للمقذوف بالاجماع الْمُسْتَند إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ}

ص: 526

زَنَيْت أَو زَنَيْت بِفَتْح التَّاء وَكسرهَا أَو يَا زاني أَو يَا زَانِيَة (فَعَلَيهِ الْمُحْصنَات اي الْآيَة وَقَوله صلى الله عليه وسلم لهِلَال بن أُميَّة حِين قذف زَوجته بِشريك بن سمحاء الْبَيِّنَة أَو حد فِي ظهرك وَلما قَالَ صلى الله عليه وسلم لَهُ ذَلِك

قَالَ يَا رَسُول الله إِذا رأى أَحَدنَا على امْرَأَته رجلا ينْطَلق يلْتَمس الْبَيِّنَة فَجعل صلى الله عليه وسلم يُكَرر ذَلِك فَقَالَ هِلَال وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا إِنِّي لصَادِق ولينزلن الله مَا يبرىء ظَهْري من الْحَد فَنزلت آيَة اللّعان

وَلَو قَالَ للرجل يَا زَانِيَة وللمرأة يَا زاني كَانَ قذفا وَلَا يضر اللّحن بالتذكير للمؤنث وَعَكسه كَمَا صرح بِهِ فِي الْمُحَرر

وَلَو خَاطب خُنْثَى بزانية أَو زَان وَجب الْحَد لكنه يكون صَرِيحًا إِن أضَاف الزِّنَا إِلَى فرجيه فَإِن أَضَافَهُ إِلَى أَحدهمَا كَانَ كِنَايَة وَالرَّمْي لشخص بإيلاج ذكره أَو حَشَفَة مِنْهُ فِي فرج مَعَ وصف الْإِيلَاج بِتَحْرِيم مُطلق أَو الرَّمْي بإيلاج ذكر أَو حَشَفَة فِي دبر صَرِيح وَإِنَّمَا اشْترط الْوَصْف بِالتَّحْرِيمِ فِي الْقبل دون الدبر لِأَن الْإِيلَاج فِي الدبر لَا يكون إِلَّا حَرَامًا فَإِن لم يُوصف الأول بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ صَرِيحًا لصدقه بالحلال بِخِلَاف الثَّانِي

وَأما اللَّفْظ الثَّانِي وَهُوَ الْكِنَايَة فكقوله زنأت بِالْهَمْز فِي الْجَبَل أَو السّلم أَو نَحوه فَهُوَ كِنَايَة لِأَن ظَاهره يَقْتَضِي الصعُود

وزنيت بِالْيَاءِ فِي الْجَبَل صَرِيح للظهور فِيهِ كَمَا لَو قَالَ فِي الدَّار وَكَقَوْلِه لرجل يَا فَاجر يَا فَاسق يَا خَبِيث

ولامرأة يَا فاجرة يَا فاسقة يَا خبيثة

وَأَنت تحبين الْخلْوَة أَو الظلمَة أَو لَا تردين يَد لامس

وَاخْتلف فِي قَول شخص لآخر يَا لوطي هَل هُوَ صَرِيح أَو كِنَايَة لاحْتِمَال أَن يُرِيد أَنه على دين قوم لوط

وَالْمُعْتَمد أَنه كِنَايَة بِخِلَاف قَوْله يَا لائط فَإِنَّهُ صَرِيح

قَالَ ابْن الْقطَّان وَلَو قَالَ لَهُ يَا بغاء أَو لَهَا يَا قحبة فَهُوَ كِنَايَة

وَالَّذِي أفتى بِهِ ابْن عبد السَّلَام فِي قحبة أَنه صَرِيح وَهُوَ الظَّاهِر وَأفْتى أَيْضا بصراحة يَا مخنث للْعُرْف

وَالظَّاهِر أَنه كِنَايَة فَإِن أنكر شخص فِي الْكِنَايَة إِرَادَة قذف بهَا صدق بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أعرف بمراده فَيحلف أَنه مَا أَرَادَ قذفه قَالَه الْمَاوَرْدِيّ ثمَّ عَلَيْهِ التعزيز للإيذاء

وَقَيده الْمَاوَرْدِيّ بِمَا إِذا خرج لَفظه مخرج السب والذم وَإِلَّا فَلَا تَعْزِير وَهُوَ ظَاهر

وَأما اللَّفْظ الثَّالِث وَهُوَ التَّعْرِيض فكقوله لغيره فِي خُصُومَة أَو غَيرهَا يَا ابْن الْحَلَال

وَأما أَنا فلست بزان وَنَحْوه كليست أُمِّي بزانية وَلست ابْن خباز أَو اسكافي وَمَا أحسن اسْمك فِي الْجِيرَان فَلَيْسَ ذَلِك بِقَذْف صَرِيح وَلَا كِنَايَة وَإِن نَوَاه لِأَن النِّيَّة إِنَّمَا تُؤثر إِذا احْتمل اللَّفْظ الْمَنوِي وَهَا هُنَا لَيْسَ فِي اللَّفْظ إِشْعَار بِهِ وَإِنَّمَا يفهم بقرائن الْأَحْوَال فَلَا يُؤثر فِيهِ

فاللفظ الَّذِي يقْصد بِهِ الْقَذْف إِن لم يحْتَمل غَيره فصريح وَإِلَّا فَإِن فهم مِنْهُ الْقَذْف بِوَضْعِهِ فكناية وَإِلَّا فتعريض

وَلَيْسَ الرَّمْي بإتيان الْبَهَائِم قذفا وَالنِّسْبَة إِلَى غير الزِّنَا من الْكَبَائِر وَغَيرهَا مِمَّا فِيهِ إِيذَاء

كَقَوْلِه لَهَا زَنَيْت بفلانة أَو أصابتك فُلَانَة

يَقْتَضِي التَّعْزِير للإيذاء لَا الْحَد لعدم ثُبُوته

(وشرائطه) أَي حد الْقَذْف (ثَمَانِيَة ثَلَاثَة مِنْهَا) بل سِتَّة (فِي الْقَاذِف) كَمَا ستعرفه (وَهُوَ أَن يكون بَالغا عَاقِلا) فَلَا حد

ص: 527

على صبي وَمَجْنُون لنفي الْإِيذَاء بقذفهما لعدم تكليفهما لَكِن يعزران إِذا كَانَ لَهما نوع تَمْيِيز

(و) الثَّالِث (أَن لَا يكون والدا) أَي أصلا (للمقذوف) فَلَا يحد أصل بِقَذْف فَرعه وَإِن سفل

وَالرَّابِع كَونه مُخْتَارًا فَلَا حد على مكره بِفَتْح الرَّاء فِي الْقَذْف

وَالْخَامِس كَونه مُلْتَزما للْأَحْكَام فَلَا حد على حَرْبِيّ لعدم الْتِزَامه وَالسَّادِس كَونه مَمْنُوعًا مِنْهُ ليخرج مَا لَو أذن مُحصن لغيره فِي قذفه فَلَا حد كَمَا صرح بِهِ فِي الزَّوَائِد

تَنْبِيه قد علم من الِاقْتِصَار على هَذِه الشُّرُوط فِي الْقَاذِف عدم اشْتِرَاط إِسْلَامه وحريته وَهُوَ كَذَلِك

(وَخَمْسَة) مِنْهَا (فِي الْمَقْذُوف وَهُوَ أَن يكون مُسلما بَالغا عَاقِلا حرا عفيفا) عَن وَطْء يحد بِهِ بِأَن لم يطَأ أصلا أَو وطىء وطئا لَا يجد بِهِ كَوَطْء الشَّرِيك الْأمة الْمُشْتَركَة لِأَن أضداد ذَلِك نقص

وَفِي الْخَبَر من أشرك بِاللَّه فَلَيْسَ بمحصن وَإِنَّمَا جعل الْكَافِر مُحصنا فِي حد الزِّنَا لِأَن حَده إهانة لَهُ وَالْحَد بقذفه إكرام لَهُ واعتبرت الْعِفَّة عَن الزِّنَا لِأَن من زنا لَا يتعير بِهِ

تَنْبِيه يرد على مَا ذكر وَطْء زَوجته فِي دبرهَا فَإِنَّهُ تبطل لَهُ حصانته على الْأَصَح مَعَ أَنه لَا يحد بِهِ وَيتَصَوَّر الْحَد بِقَذْف الْكَافِر بِأَن يقذف مُرْتَدا بزنا يضيفه إِلَى حَال إِسْلَامه

وبقذف الْمَجْنُون بِأَن يقذفه بزنا يضيفه إِلَى حَال إِفَاقَته

وبقذف العَبْد بِأَن يقذفه بزنا يضيفه إِلَى حَال حُرِّيَّته إِذا طَرَأَ عَلَيْهِ الرّقّ

وَصورته فِيمَا إِذا أسلم الْأَسير ثمَّ اخْتَار الإِمَام فِيهِ الرّقّ

القَوْل فِيمَا تبطل بِهِ الْعِفَّة وَتبطل الْعِفَّة الْمُعْتَبرَة فِي الْإِحْصَان بِوَطْء شخص وطئا حَرَامًا وَإِن لم يحد بِهِ كَوَطْء مُحرمَة برضاع أَو نسب كأخت مَمْلُوكَة لَهُ مَعَ علمه بِالتَّحْرِيمِ لدلالته على قلَّة مبالاته بِالزِّنَا بل غشيان الْمَحَارِم أَشد من غشيان الأجنبيات

وَلَا تبطل الْعِفَّة بِوَطْء حرَام فِي نِكَاح صَحِيح كَوَطْء زَوجته فِي عدَّة شُبْهَة لِأَن التَّحْرِيم عَارض يَزُول وَلَا بِوَطْء أمة وَلَده لثُبُوت النّسَب حَيْثُ حصل علوق من ذَلِك الْوَطْء

مَعَ انْتِفَاء الْحَد وَلَا بِوَطْء فِي نِكَاح فَاسد كَوَطْء منكوحته بِلَا ولي أَو بِلَا شُهُود لقُوَّة الشُّبْهَة

وَلَا تبطل الْعِفَّة بِوَطْء زَوجته أَو أمته فِي حيض أَو نِفَاس أَو إِحْرَام أَو صَوْم أَو اعْتِكَاف

وَلَا بِوَطْء زَوجته الرَّجْعِيَّة وَلَا بِوَطْء مَمْلُوكَة لَهُ مرتدة أَو مُزَوّجَة أَو قبل الِاسْتِبْرَاء أَو مُكَاتبَة وَلَا بزنا صبي وَمَجْنُون وَلَا بِوَطْء جَاهِل بِتَحْرِيم الْوَطْء لقرب عَهده بِالْإِسْلَامِ

أَو نَشأ ببادية بعيدَة عَن الْعلمَاء وَلَا بِوَطْء مكره

وَلَا بِوَطْء مَجُوسِيّ محرما لَهُ كَأُمِّهِ بِنِكَاح أَو ملك لِأَنَّهُ لَا يعْتَقد تَحْرِيمه وَلَا بمقدمات الْوَطْء فِي الْأَجْنَبِيَّة

القَوْل فِي سُقُوط وَاحِد الْقَذْف بعد ثُبُوته فروع لَو زنى مقذوف قبل أَن يحد قَاذفه سقط الْحَد عَن قَاذفه لِأَن الْإِحْصَان لَا يتَيَقَّن بل يظنّ وَظُهُور الزِّنَا يخدشه

ص: 528

كالشاهد ظَاهره الْعَدَالَة شهد بِشَيْء ثمَّ ظهر فسقه قبل الحكم

وَلَو ارْتَدَّ لم يسْقط الْحَد عَن قَاذفه وَالْفرق بَين الرِّدَّة وَالزِّنَا أَنه يكتم مَا أمكن فَإِذا ظهر أشعر بسبق مثله

لِأَن الله تَعَالَى كريم لَا يهتك السّتْر أول مرّة

كَمَا قَالَه عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

وَالرِّدَّة عقيدة والعقائد لَا تخفى غَالِبا فإظهارها لَا يدل على سبق الْإخْفَاء وكالردة السّرقَة وَالْقَتْل لِأَن مَا صدر مِنْهُ لَيْسَ من جنس مَا قذف بِهِ

وَمن زنى مرّة ثمَّ صلح بِأَن تَابَ وَصلح حَاله لم يعد مُحصنا أبدا وَلَو لزم الْعَدَالَة وَصَارَ من أورع خلق الله تَعَالَى وأزهدهم لِأَن الْعرض إِذا انخرم بِالزِّنَا لم يزل خلله بِمَا يطْرَأ من الْعِفَّة

فَإِن قيل قد ورد التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ أُجِيب بِأَن هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخِرَة

مِقْدَار الْحَد فِي الْقَاذِف (وَيحد الْحر) فِي الْقَذْف (ثَمَانِينَ) جلدَة لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} اي الْآيَة واستفيد كَونهَا فِي الْأَحْرَار من قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} اي

(و) يحد (الرَّقِيق) فِيهِ وَلَو مبعضا (أَرْبَعِينَ) جلدَة بالاجماع وحد الْقَذْف أَو تعزيره يُورث كَسَائِر حُقُوق الْآدَمِيّين وَلَو مَاتَ الْمَقْذُوف مُرْتَدا قبل اسْتِيفَاء الْحَد فَالْأَوْجه أَنه لَا يسْقط بل يَسْتَوْفِيه وَارثه لَوْلَا الرِّدَّة للتشفي كَمَا فِي نَظِيره من قصاص الطّرف

القَوْل فِي الْأُمُور الَّتِي يسْقط بهَا الْقَذْف (وَيسْقط حد الْقَذْف) عَن الْقَاذِف (بِثَلَاثَة) بل بِخَمْسَة (أَشْيَاء) الأول (إِقَامَة الْبَيِّنَة) على زنا الْمَقْذُوف وَتقدم أَنَّهَا أَرْبَعَة وَأَنَّهَا تكون مفصلة فَلَو شهد بِهِ دون أَرْبَعَة حدوا

كَمَا فعله عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

وَالثَّانِي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (أَو عَفْو الْمَقْذُوف) عَن الْقَاذِف عَن جَمِيع الْحَد فَلَو عَفا عَن بعضه لم يسْقط مِنْهُ شَيْء كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي الشُّفْعَة وَألْحق فِي الرَّوْضَة التَّعْزِير بِالْحَدِّ فَقَالَ إِنَّه يسْقط بِعَفْو أَيْضا وَلَو عَفا وَارِث الْمَقْذُوف على مَال سقط وَلم يجب المَال كَمَا فِي فَتَاوَى الحناطي وَلَو قذفه فَعَفَا عَنهُ ثمَّ قذفه

لم يحد كَمَا بَحثه الزَّرْكَشِيّ بل يُعَزّر وَالثَّالِث مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (أَو اللّعان) أَي لعان الزَّوْج الْقَاذِف

(فِي حق الزَّوْجَة) المقذوفة وَلَو مَعَ قدرته على إِقَامَة الْبَيِّنَة كَمَا تقدم تَوْجِيهه فِي اللّعان

وَالرَّابِع إِقْرَار الْمَقْذُوف بِالزِّنَا

وَالْخَامِس مَا لَو ورث الْقَاذِف الْحَد

تَتِمَّة يَرث الْحَد جَمِيع الْوَرَثَة الخاصين حَتَّى الزَّوْجَيْنِ ثمَّ من بعدهمْ للسُّلْطَان كَالْمَالِ وَالْقصاص وَلَو قذف بعد مَوته

هَل للزوجين حق أَو لَا وَجْهَان أوجههمَا الْمَنْع لانْقِطَاع الوصلة حَالَة الْقَذْف وَلَو عَفا بعض الْوَرَثَة عَن حَقه مِمَّا وَرثهُ من الْحَد فللباقين

ص: 529