الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموسيقى تساير الحياة
إن الرجل الذي ترك السفينة في الجزيرة في ديسمبر 822 م، وهذه السفينة التي نقلته من «كويتا» وعبرت المضيق، مضيق جبل طارق، قد استرعي انتباه سائر ركاب السفينة، فقد كان يرتدي قبعة مدببة القمة من الفراء الغالي تغطي شعر رأسه المستدير الذي كان يكسو جبهته ويتدلى حتى حاجبيه بعيداً عن الأذنين والرقبة، وقد كانت له لحية مهذبة مصبوغة باللون الأحمر وله عينان لامعتان مكتحلتان تشعان ذكاء ويقظة وتفوح منه رائحة عطرية ومعه زوجه الشابة وحولهما أطفال يتصايحون، وبعد شهرين تبين أنه المغني البغدادي الشهير وقد امتطى صهوة بغل مطهم يحيط به بعض موظفي القصر في قرطبة.
ولم يكن صاحبنا في حاجة لأن يهاجر من العاصمة الشرقية، فقد غمره هارون الرشيد بعطفه وشمله بإحسانه، لكن الحقد والحسد والغيرة هدمت سعادة «زرياب» وقوضت عشه، فأستاذه إسحق بن إبراهيم الموصلي، الذي استطاع بمدرسته الموسيقية مضايقة المنتدى الموسيقى في الكوفة، كان لا يعلم الغناء للجواري الحسان فقط، بل يهتم بتخريج الموسيقيين من الجنسين راجياً من وراء هذا أن ينال حظوة عند الخليفة.
فالشاب الكردي الموصلي كان يمتاز بعادات حسنة جداً، فقد كان يجيد النكتة والحديث إلا أن زرياب إلى جانب لسانه الزلق كان له تفكيره الخاص وكان مثله مثل أستاذه عظمة واعتداداً بالنفس. ولو أنه كان ينوء تحت أعباء مسئوليات جمة. سأله
الخليفة مرة عن غنائه، فأجاب أنه يستطيع أن يغني كما يغنى الآخرون، لكن علاوة على هذا يقدر على أداء أشياء لا يقدر عليها غيره، إن فنه يدركه ويقدره الفنانون أو الذين لهم دراية كبرى كدراية أمير المؤمنين؛ ثم استأذن الخليفة أن يسمعه بعض أغانيه التي لم يسمعها من قبل. فأعطى إسحق بن إبراهيم الموصلي تلميذه عوده، فتفقده زرياب كما يتفقد حذاء قذرا، وقال: إذا شئتم يا مولاي غنيت لكم شيئاً كالذي سيغنيه أستاذي، وسأغني بمصاحبة عودي. وفي هذا الوقت كان إسحق الموصلي يزداد ألماً وحقداً فطلب زرياب أن يستصحب عوده الذي صنعه هو، وبعد استئذان الخليفة أخذ زرياب يغني قصيدة من تلحينه يمدح فيها أمير المؤمنين.
وقد أعجب الخليفة بها إعجاباً عظيماً وقرر أن مثل هذه العبقرية يجب أن تصبح حلية يتحلى بها قصره. أما إسحق بن إبراهيم الموصلي فقد تأثر كثيراً من هذه القصيدة لأنه لم يكن يخطر بباله أن مثل هذا النجم سيتلألأ سريعاً، لذلك قال له إسحق لقد خدعتني خداعاً عظيماً بكتمانك وخبئك، لقد حاولت أن تطعنني أمام الخليفة. ثم طلب إليه ألا يغني، وسيدفع له إسحق مالاً كثيراً، وإن لم يفعل هذا فسينتقم منه شر نقمة.
ومن ثم نرى الإشاعة تنتشر في أن أرواحاً تتقمص زرياب وتخبره عن الألحان وتبلغ هذه الشائعة الخليفة الذي أبدي الرغبة في مشاهدة زرياب، كما قيل للخليفة كذباً وميناً إن زرياب مغرور وإنه قد غضب لأن الخليفة لم يمنحه المال الكافي.
ولماذا لا ينجح الشخص الذي نجح لدى هارون الرشيد، عند الحكم الأول في الأندلس فاستولى عليه السرور وذلك لأن بلبل بغداد قد تركها، وأنه سيغرد في حدائق قصره. لكن لم يكد المغني يضع قدميه في الأندلس، حتى علم أن مرسل الخطاب قد توفي منذ زمن قصير، فكان هذا الخبر صدمة قوية لزرياب حتى فكر في العودة إلى إفريقيا عندما حضر إليه رسول الخليفة الأموي الجديد الذي جلس على عرش البلاد واسمه عبد الرحمن الثاني، فقد دعاه عبد الرحمن هذا إلى قصره لكي يسطع نجمه في ردهاته، وأرسل إليه بغلا مطهماً جعل زرياب يشعر أن القوم في الأندلس يقدرون فنه.
وبعد أن مضى زرياب ثلاثة أيام في قصر ضيافة الأمير استراح فيها من وعثاء السفر دعاء عبد الرحمن للمثول بين يديه وعامله الخليفة معاملة كريمة جداً، فقد دفع له مرتبه قبل أن يتبين صوته وفنه كما أخبره الخليفة أنه سيدفع له مرتباً شهرياً خيالياً هذا عدا الهدايا التي سيمنحها له بين الحين والحين، وبعد أن تعينت المكافأة رجا عبد الرحمن المغني أن يغنيه أغنية، وبعد سماعها اتضح له أنه كان مصيباً في تقديره.
ومع تقدم الزمن نجد زرياب يكشف عن مزاياه وخلاله النبيلة التي تحببه إلى الخليفة وتقربه إليه، فقد كان يتمتع زرياب بذاكرة جبارة، كما كان يحفظ آلاف الأغاني ويحيط بألحانها وأنغامها إحاطة قوية، كذلك كان زرياب عالماً بالفلك والجغرافيا وكان يجيد الحديث عن البلاد الأجنبية وعادات شعوبها وتقاليد أهلها، وعلاوة على ذلك قد امتاز بروحه الجذابة الفياضة ولباقته ومسلكه. فهذا الرجل الجميل الأنيق حسن البزة كان المثل الأعلى للرجل المهذب في الذوق الرفيع. وكل شيء يخترعه زرياب يقلده فيه الآخرون، فكان زرياب مثال الأناقة في قرطبة يحتفظ بشعره طويلاً ويفرقه ثم يقصه حول رأسه، فكان زرياب فناناً أنيقاً يعرف كيف يعني ملبسه ويجاري أحدث الأزياء التي تساير مختلف فصول السنة، فكان يرتدي الأقمشة الخفيفة ذات الألوان الزاهية الحية الجميلة في فصل الربيع والأثواب البيضاء الفضفاضة صيفا ومعاطف الفراء والقلانس شتاء. فقد كان يرتدى آخر ما يتوصل إليه الذوق السليم في بغداد إبان الشتاء. كذلك نجد المغنى يثور على نظام مائدة الطعام، فقد أوجد أطعمة جديدة وأدخل إلى المطعم الإسباني طعام الهليون، وهكذا نجد هذا الفنان المحبب إلى الجميع، هذا السيد الأنيق، قد استولي بلطفه وفنه على قلب الأمير وشعبه، حتى إن القوم كانوا يقصدونه لقضاء حاجاتهم. وهكذا نجد عبد الرحمن الثاني، يؤسس معهداً للموسيقى القصر في قرطبة، وفي هذا المعهد كان يتعلم الهواة الغناء والموسيقى نظرياً وعملياً.
وذلك لأن العرب كانوا منذ أقدم العصور شعباً محباً للغناء، يعشق الغناء عشقاً لا يدانيه فيه شعب آخر، فالموسيقى كانت تلازم العرب من المهد إلى اللحد، فكل عواطفهم كانوا يحولونها إلى غناء فنجد غناء العمل وفرح اللعب وفرح الحب وألمه
والرغبة الشديدة في الحرب أو الثأر والحزن على الموتى. ففي العصر الجاهلي تقوم طائفة المغنين والمغنيات، وفي عصر الاستقرار في المدن نجد المغنيات اللواتي كن يغنين بمرافقة الآلات الوترية، فكانت المغنية من مستلزمات الحياة في البيت مثلها مثل البيانو في كل غرفة جميلة في القرن التاسع عشر، أو مثل المذياع في كل غرفة جلوس في القرن العشرين.
ولم تكن تلك الموسيقى من هذا النوع الغريب على آذاننا اليوم والمشهور بنغمته الواحدة، فالغناء في النغمة الواحدة نشأ أولا بعد خراب بغداد على يد المغول، وظهر ربع النغمة، وهي نغمة ليست عربية أصيلة، فعلى النقيض من ذلك نجد الأنغام العربية كانت غنية متنوعة مثلها مثل الفن العربي، كما نجد العرب يستخدمون حتى القرن الثالث عشر سلم النغم الفيثافوري؛ ويرجح أن هذا السلم النغمي الفيثاغوري سلم سامي الأصل، وقد أثر هذا السلم في فارس وبيزنطة، ومن ثم انتقل إلى العرب. ولو أن هذه البضاعة المستوردة من فارس أو بيزنطة لم تعوض العرب موسيقاهم القومية بل طعمت بأصل عربي.
والصفة المميزة لهذه الموسيقى «النغم» الذي لا يشترط وجوده في كل فن من فنون الموسيقى كما قد يتبادر إلى أذهاننا. أما موسيقى الغناء القديمة فمثلها مثل الشعر القديم لا تعرف نغماً، كما أن الشعر يعتمد على العروض فقط، أعني أنه يقوم على تقاطيع طويلة وقصيرة. وأقدم موسيقى كنسبة ترجع إلى العصور الوسطى مثلاً لا تعرف زمناً للنغم أو عروضاً، وهي تعتمد عادة على وحدات من الأنغام متصلة إلا أنها وحدات نغمية غير موزعة، مثل تقسيم الجمل عن طريق الشولات وما إليها، توزيعاً منتظماً.
أما البناء الزمني للنغم فهو شرقي أصيل مع ملاحظة أن الزمن النغمي يساعد على خلق القياس الزمني الموسيقى وهو يؤدي مباشرة إلى توقيع، وقد يكون هذا هو أهم شيء موسيقى قدمه العرب لأوروبا، أعني القياس الزمني وذلك عن طريق وحدة الزمن النغمي إلى توقيع نجده في الموسيقى، وقد عرض لهذه الظاهرة وتلك الخاصية الفيلسوف العربي وصاحب النظريات الموسيقية في منتصف القرن التاسع
الميلادي ألا وهو الكندي، وقد انتقلت هذه الموسيقى العربية إلى أوربا في القرن الحادي عشر عن طريق المغنين المتجولين وسبايا الحرب من النساء الأندلسيات. أما نظرية القياس الموسيقى في المؤلفات الإسبانية العربية فقد غزت القطع الموسيقية اللاتينية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر.
وقد ورثت أوربا فن الموسيقى عن العرب، كما ورثت أيضاً الزخرفة الموسيقية العربية التي نجدها في النغم، كما يلاحظ في الموسيقى تمسك العرب بالمبدأ الأفقي الموسيقى، وهكذا نفهم سر غرام العربي بالموسيقى الغنائية، كفن مصاحب للغناء أكثر منها كفن مستقل.
وتدين أوربا للعرب كذلك في آلاتها الموسيقية، بعد أن سبق أن أهدت بيزنطة إلى أوربا الأرغول والقانون وربما الجنك أيضاً.
واليوم عندما يستخدم قائد الفرقة الموسيقية عصاه عند عزف قطعة موسيقية فإن الآلات الموسيقية التي أمامه ما هي إلا آلات عربية أو بتعبير أدق انحدرت عن آلات عربية كثيراً ما استعملت لعزف مجموعة فنية جميلة رقيقة من الأنغام، وقد جاءت كثرة هذه الآلات العربية بعد اختبارها اختباراً دقيقاً عن طريق إسبانيا إلى أوربا، وما زالت محتفظة بأسمائها العربية فمن الآلات الوترية العود والقيثارة والطنبور والسنطير، كذلك الرباب والبوق والنار والمزمار والصاجات والنقارة وغيرها.
ثم نجد الفيلسوف الفارابي الذي كان عالماً كبيراً في النظريات الموسيقية، يخترع في النصف الأول من القرن العاشر الرباب والقانون، وقد مهدت الآلتان لاختراع البيان الأوربي. وعدا المخترعات الأخرى التي سجلها لنا التاريخ العربي للموسيقى نجد أيضاً «زرياب» الذي تركناه في قرطبة يجدد فيها تجديداً عظيماً، وهذا هو السبب الذي جعله يرفض العزف على عود إسحق بن إبراهيم الموصلي، ورجا الخليفة أن يسمح له بأن يعزف على عوده الخاص الذي زوده بوتر خامس ولحن على عوده ذي الأوتار الخمسة مقدمة له، وقد لقي ذلك إعجاب أمير المؤمنين وحسد معلمه.
وبينما نجد الموسيقيين الأوربيين يعتمدون عند ضبط القانون وما إليه، على الأذن إذ بنا نجد طالب الموسيقى في مدرسة زرياب يتعلم العزف على رقبة العود، وفي هذه الرقبة نجد ارتفاع النغم وقد قيس قياساً خاصاً عن طريق جمعها معاً، وهذا من المزايا الكبرى التي تحبب الآلات الموسيقية العربية إلى الأوربيين.
وربما كانت هذه الآلات هي التي دفعت الأوربيين إلى معرفة الإيقاع وإجادته، وهذا قد أدى بدوره إلى خلق أوربا للرباعي والخماسي والثماني، ولا سيما أن الأوربي ميال بطبعه إلى العمودية، وقد دفعه هذا الاستعداد إلى خلق الموسيقى المتجانسة، وهذه محاولة لم يشعر بها العربي نظراً لطبيعته الخاصة.
وقد أثرت الموسيقى العربية أيضاً عن طريق النغم الموسيقى العالي الموجود في صوت الخصيان، كما أثرت أيضاً بأنغامها وأوضاعها الموسيقية الخاصة التي كانت شائعة في الأندلس في الفترة الممتدة بين القرنين الثامن والثاني عشر في الموسيقى الأوربية سواء الفنية منها أو الشعبية، وكان الأثر شديداً جداً في الموسيقى اللاتينية كما يتضح لنا هذا واضحاً من اقتباساتها تعبيرات وخصائص موسيقية عربية، وقد يكون العرب قد تأثروا في هذا ببعض النظريات اليونانية إلا أنهم كرياضيين وعلماء طبيعة بالفطرة أجروا عليها كثيراً من الاختبارات والتجارب التي مكنتهم من تنقيحها، وبالرغم من أن هذه النظرية قد جاءت عن علماء لهم شهرتهم الخاصة فإن العرب قد نقحوها وخطوا بها خطوات واسعة وسبقوا اليونان فيما وصلوا إليه أو جاءوا به. فنحن نجد عدداً كبيراً من علماء الموسيقى العرب قد شاركوا في هذه الأبحاث، إلا أنه مما يؤسف له حقاً أن ما وصلنا عنهم قليل جداً، وقد ترجم بعضه. ويدين إلى العلماء العرب من الأوربيين أمثال «جونديسلفوس» ، و «فنسنت دبوفيه» ، و «يوحنا أجيديوس» ، و «روبرت كيلوردباي» ، و «رامون لل» ، و «سيمون تونستيده» ، و «روجير بيكون» و «آدم فون فولده» حيث تأثروا بالعرب وأخذوا عنهم كثيراً. ويعد الإنجليزي «ولتر أودينجتون» العالم العربي ابن
سينا أنه عالم موسيقى من المرتبة الأولى. ومؤلفات الفارابي الموسيقية كانت موضوع عناية ودراسة حتى القرن السابع عشر الميلادي. وقد تعلمت أوربا عن ابن سينا والفارابي العلاقة بين 4.5= النغم الثالث الكبير و 5.6 = النغم الثالث الصغير، فقد غيروا صوت النغم الثالث وهو عدم الموافقة في الألحان وجعلوا منه النغم المألوف إلى آذاننا اليوم أعني تجانس الألحان. وقد اهتم الجراف السويبي وهو «هرمانوس كونتراكتوس الذي كان يقطن في «ريشناو» كعالم يقدر العرب وعلومهم تقديراً عظيماً، بسائر مؤلفات الكندي وبخاصة ما يتعلق منها بالموسيقى وأخذ عنه كتابة الموسيقى العربية. أما المقاطع «دورم فاسول لاسي» التي يقال عنها إنها من وضع الإيطالي «جويدو فون أريتزو» الذي يقال إنه وضعها حوالي عام 1026 م وقد راعى فيها أوائل سطور ترنيمة يوحنا، فالواقع أن المقاطع الموسيقية (در .. ) إنما اقتبست من المقاطع النغمية العربية (د) تنطق قديماً (د) مضمونة ثم (ر)(م)(ص)(ل)(س)، وهذه كثيراً ما نجدها في مقطوعات موسيقية لاتينية مشتملة على كثير من المفردات العربية، وهذه المقطوعة اللاتينية ترجع إلى القرن الحادي عشر، وقد وضعت في جبل «كاسينو» الذي كان يقيم فيه العرب.
وقد عاش المغني العربي زرياب في قصر الحاكم الذي كان يقدره ويجله، لذلك كان موضع حسد الكثيرين وحقدهم، وفي مقدمة حاسديه والحاقدين عليه لجمال صوته وأثره البعيد يحيي بن الحكم الملقب لجماله بالغزال. وكان يحيي هذا شاعراً موهوباً؛ لذلك عينه الحكم الأول في بلاطه، وقد حرص يحيى على الاحتفاظ بمكانته في القصر مدافعاً عنها أمام هذا الأجنبي القادم من بغداد. وهكذا نجد هذين الفنانين يتنافسان، كل يحاول بفنه ومهارته الانتصار على منافسه، وحال عبد الرحمن أن يبعد كلاً منهما عن الآخر، فأرسل الغزال سفيراً له في القسطنطينية حيث استولى هذا الأندلسي اللبق بأحاديثه وجماله على قلوب الفاتنات وبخاصة القيصرة التي رغبت إليه أن يقيم دائماً في القصر، إلا أنه لم يكد يعود إلى قرطبة مغروراً بهذا التوفيق الذي أحرزه في القسطنطينية حتى هاجم زرياب المغني الذي كان قد خلاله الجو فازدادت مكانته، وفي ذلك الوقت كان عبد الرحمن المحب
للسلام يفكر في إحلال السلام والوئام مع النورمانيين الذين كانوا قد هاجموا إشبيلية، ومنوا بهزيمة قاصمة، فأرسل شاعر قصره الغزال في صحبة السفارة النورمانية إلى «كوتلند» ، وقد أنسته أغانيه الغرامية التي ظل يرددها في حب امرأة ملك النورمان الحقد والغضب علي زرياب.
لكن لما عاد الغزال تبين أن النار التي لم تخمد بعد أصبحت ضعيفة لا تقوى على إعداد الطعام، لذلك قرر مهاجمة زرياب والسخرية منه، فأفقد هذا الموقف الغزال مكانته، فأقصاه عبد الرحمن من قصره ونفاه. وفي الوقت الذي كان مغني بغداد في قرطبة تكلل هامته بأوراق الغار، نجح كذلك شاعر قرطبة في بغداد في الحصول على شعارات المجد والتكريم بالرغم من أن القوم في بغداد لم ينظروا إلى الأندلسيين نظرة إعجاب وتقدير.