الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسماء عربية لمنح عربية
أتسمحين لي أيتها السيدة الفاضلة أن أدعوك إلى هذه القهوة؟ إنك ميتة؟ اخلعي من فضلك الشك وخذ مكانًا هناك على الصفة ذات المطرح الأحمر القرمزي. إن القناد بالمستقة الجامدة وقطنيته البيضاء سيحضر سريعا طاسا من قهوة البن وبها قطعتان من السكر أو أتفضلين غرافة من عصير الليمون المثلج ما لم تستحسني الكحول؟ لا؟ وإلى جانب ذلك ترغبين في كعكة من الفواكه محلاة بالبرقوق والبنان.
بدهي يا صديقي أنك الآن ضيفي لتناول الطعام، والآن اسمح لي أن أقدم لك شربات النارنج (البرتقال) والخرشوف المحشو سيعجبك لأنه منبه للطعام، وما رأيك في ديك محمر في برد ومعه أرز مبهر وقليل من السبانخ؟ وبعد ذلك أنصحك وألح في النصح أن تأكل لقمًا بالقرفة مغموسة في شراب العرق، وأخيرا طاسا من (قهوة) مخا واسترح على الديوان.
إنك تشعر الآن أنك في المنزل فكل ما يحيط بك وكل الذي أقدمه لك أصبح منذ زمن بعيد من مقومات حياتنا ولو أننا استعرناه من عالم أجنبي، من العرب.
فالقهوة التي تنعشنا يوميًا والبن الذي نطحنه جيدًا، وحتى الطاس التي نتناول منها هذا الشراب الأسود، والسكر الذي لن تستطيع بدونه صنع أي نوع من الطعام، والليمون، والغرافة، والقطنية، والشك، والمستقة، والمطرح؛ قد عرفناها جميعها
عن طريق العرب، وليست هذه فقط بل أسماؤها المستخدمة في أوربا وفي جميع أنحاء العالم عربية. والقند الذي يصنع منه القناد في مصنع القند التسفتشجين والبيج ارمودي والتاريخ المقند.
نعم إنكم تدعونها فواكه الجنوب لأنها مستوردة من الجنوب شأنها شأن الكثير من المشروبات والمأكولات، فلماذا؟ أليست من الشرق، أوَ ليست محفوظة في غلائلها الشرقية؟
وإذا أعياك التعب رغبت في الاستراحة على الصفة أو الديوان أو العثماني أو في القبة إن كل طفل يستطيع أن يتبين أن هذه المفردات دخيلة على لغته. أو لا تعلم أنم مضطر إلى استخدام تعبير عربي إذا ما رغبت في لعبة الشاه (الشطرنج)! لقد أهدى العرب هذه اللعبة إلى أوربا أيام شارلمان الأكبر وعلى يد رسل هارون الرشيد، وكلمة -شاه- أي (ملك) ولفظ -مات- في التعبير المستخدم في هذه اللعبة (شاه مات) تعبير عربي. أو لا تعلم أيها الأوربي أنك تضحك اليوم أو تغضب من استخدام لفظ (شيكيش)! وهو مركب من لفظ (شاه) وقد أضيفت إليه علامة النسبة في اللغة الألمانية، أي متلون تلون لوحة الشطرنج.
أو لا تعلم أن القفة الموجودة في واجهة الحانوت إلى جانب الكيس المصنوع من جلد صفي والحقيبة المجهزة من جلد مراكشي وكذلك زوج الجدامس وغيرها من الأشياء التي تنتظر المشترين تحمل طابع العرب المولعين بالأسفار والتنقل. أما الجدامس فنسبة إلى الجلد المجهز في مدينة جدامس بطرابلس الغرب بالقرب من حدود الجزائر!
ثم تأمل وسائل الجلاء في واجهة هذا المحل الذي تزينه الأقمشة الجميلة أليست آية في الفن؟ فغير قماش البركان الجميل والقطني الرقيق والموصلي والموخيّر الصوفي السميك، ولك أن تختار بين الشف الرقيق والزيتوني والتفت كساء الوجهاء والموخير والأطلس والدمشقي العظيم صناعة دمشق التي منحت ألمانيا لفظ -زفتشكة- كما نجد
تشكيلة من الألوان الأصفر الزعفراني إلى الأرنج إلى القرمزي حتى لليلا، وعندما نتمتع بارتداء هذه الأقمشة الجميلة التحضير الزاهية الألوان يجب ألا ننسى العرب وفضلهم علينا.
وهل تعلم أنك إذا قصدت هناك صيدلية وهنا حانوت ترياق إنما تطلب اختراعات عربية؟ وتجارة الترياق كما نتبينها في القوارير والعلب هي: جوز الطيب والقرفة والجنزبيل والكمون والطرخون والزعفران والكافور والبنزين والقلى والنطرون والصداع والبورق والسكرين والعنبر وأنواع أخرى كثيرة من الترياق العربي يستخدمها الإنسان في حياته اليومية. وهل تعلم أيضًا أن اللك الذي يستخدمه العالم اليوم لتميع إفريز أرض الغرفة أو أظافر الأصابع وكذلك ألوان النيل والقز والطلق والبطن ما زالت تعرف حتى اليوم بأسمائها العربية؟
مفردات عربية منتشرة في كل ناحية من نواحي اللغات الأوربية فهي أسماء كثير من عناصر الحضارة والمدنية التي يستعملها الأوربيون في حياتهم اليومية، وقد جاءتهم عن العرب، وقد جملت هذه الأشياء الدخيلة، الحياة الأوربية اليومية، كما أضفت عليها جميع مظاهر البهجة والأبهة والحياة الرفيعة الراقية التي يحياها العالم المتمدين اليوم. وإذا كان العالم الحديث يتمتع بقسط وافر من النظافة والقواعد الصحية فالفضل في ذلك يرجع إلى العرب وما أعاروه لأوربا.