الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذات عود تجذب بقلع وعوذ «1» تقاد بزمام، وإليه تضرب التّجار البراريّ والبحار، وتأتيه الوفود على كلّ قطار يحدى من الأقطار؛ وكلّ هؤلاء إنّما يأتون في ذمام الله بيته الّذي من دخله كان آمنا، وإلى محلّ ابن بنت نبيّه الّذي يلزمه من طريق برّ الضيف ما أخذ لهم وإن لم يكن ضامنا.
فليأخذ بمن أطاع من عصى، وليردع كلّ مفسد ولا سيما العبيد فإنّ العبد المفسد لا يزجره إلا العصا، وليتلقّ الحجّاج بالرّحب والسّعة، فهم زواره وقد دعاهم إلى بيته وإنّما دعاهم إلى دعة، وليتلقّ المحمل الشريف والعصائب المنصورة، وليخدم على العادة الّتي هي من الأدب مع الله تعالى معنى ومعنا صورة، وليأخذ بخواطر التّجار فإنّهم سبب الرّفق لأهل هذا البلد وتوسعة ما لديهم، والمستجاب فيهم دعوة خليله إبراهيم- صلوات الله عليه- إذ قال:
فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ
«2» ولا تتحيّف أموالهم بغرامة يقلّ بها الغنم، ولا بظلامة فإنّه بإزاء هذا البيت الّذي يردّ دونه من أراد فيه إلحادا بظلم؛ ولينظر كيف حبس دونه الفيل، وليكفّ عادية من جاوره من الأعراب حتّى لا يخاف ابن سبيل، وليقم شعائر الشّرع المطّهر، وأوامر أحكامه الّتي قامت بأبويه: بحكم جدّه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيف أبيه حيدر، وليأمر طوائف الأشراف وأشياعهم وسائر أهل موالاتهم وأتباعهم بلزوم ما كان عليه صالح السّلف وما عليه الإجماع، وتجنّب ما كانت الزّيديّة زادت فيه وكفّ الأطماع، وليتّق الله فإنّه مسؤول لديه عما استرعاه وقد أصبح وهو له راع؛ وإيّاه أن يتّكل على شرف بلده، فإن الأرض لا تقدّس أحدا، أو شرف محتده، فإن في يوم القيامة لا ينفع ولد والدا ولا والد ولدا.
الوظيفة الثانية (قضاء مكّة، ويكتب به توقيع في قطع الثلث ب الساميّ» بالياء)
وهذه نسخة توقيع بقضاء مكّة المشرّفة:
الحمد لله الّذي أنفذ الأحكام، بالبلد الحرام، وأيد كلمة الشّرع في بلده ومنشئه بين الرّكن والمقام، وجعل الإنصاف الجزيل، حول حجر إسماعيل، متّسق النّظام.
نحمده حمدا حسن الدّوام، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة عبد قائم بحقّها أحسن القيام، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله السامي من ولد سام، والّذي قام لله حتّى ورمت منه الأقدام، وأسري به من مكّة إلى السماء مرّتين: في اليقظة والمنام، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه أئمّة الصّلاة والصّيام، وسلّم تسليما.
وبعد، فإنّ وظيفة القضاء بمكّة المعظمة هي أجلّ منصب بتلك الأباطح، ونورها في الجبين لائح، فإنّ الشّرع نشأ منها والوحي أنزل فيها فزهيت البطائح، وظهرت النّصائح، وأطربت الصّوادح، وأسكتت النّوائح، وغمرت المنائح، وانتشرت المصالح؛ فمن ولي الحكم بها وعدل فذلك هو العدل الصالح؛ وكيف لا؟ وماء زمزم شرابه، وأستار البيت تمسّها أثوابه، وعلى الله أجره وثوابه، وفي ذلك الجناب الشريف كرم جنابه، وإذا دعا الله عند الملتزم «1» جاءه من القبول جوابه.
ولمّا كان فلان هو فرع «2» الدّوحة المثمرة، ومحصّل من العلوم الشّرعية المادّة الموفّرة، وله البحوث الّتي [هي]«3» عن أحسن الفوائد وغرر الفرائد