المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوظيفة الثالثة (مشيخة الحرم الشريف) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١٢

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثاني عشر]

- ‌[تتمة الباب الثاني]

- ‌[تتمة الفصل الثاني]

- ‌[تتمة الطرف الثالث]

- ‌[تتمة الحالة]

- ‌[تتمة المقصد الثالث]

- ‌[تتمة المهيع الثاني]

- ‌الضرب الأوّل (من لا تصدر عنه منهم تولية في عمل نيابته)

- ‌الضرب الثاني (من تصدر عنه التولية والعزل في عمل نيابته)

- ‌النيابة الأولى (نيابة دمشق ويعبر عنها بكفالة السلطنة بالشام)

- ‌النوع الأوّل (ما هو بحاضرة دمشق، ويشتمل ما يكتب به من وظائفها عن الأبواب السلطانية على أربعة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (أرباب السيوف، وهم على طبقات)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له تقليد في قطع الثلثين ب «المقرّ العالي» مع الدعاء ب «عزّ الأنصار» : وهو نائب السلطنة بها)

- ‌الطبقة الثانية (من يكتب له تقليد شريف في قطع النصف ب «المجلس العالي» وهو الوزير من أرباب السيوف، وهو بالمملكة الشامية على حدّ الوزير بالديار المصرية)

- ‌الطبقة الثالثة (من يكتب له مرسوم شريف، وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى (من يكتب له في قطع النصف وهو نائب قلعة دمشق)

- ‌المرتبة الثانية (من المراسيم الّتي تكتب بحاضرة دمشق لأرباب السيوف- ما يكتب في قطع الثلث، وفيها وظيفتان)

- ‌[الوظيفة] الأولى- شدّ الدواوين بدمشق

- ‌الوظيفة الثانية- شدّ المهمّات

- ‌الصنف الثاني (من الوظائف بدمشق الوظائف الدينية، وجميع ما يكتب فيها تواقيع، وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع النصف ب «المجلس العاليّ بالياء» مفتتحا ب «الحمد لله»

- ‌الوظيفة الأولى- قضاء العسكر

- ‌الوظيفة الثانية- إفتاء دار العدل بدمشق

- ‌الوظيفة الثالثة- الحسبة

- ‌الوظيفة الرابعة- وكالة بيت المال المعمور

- ‌[الوظيفة الخامسة- الخطابة]

- ‌الوظيفة السابعة- التصادير بدمشق المحروسة

- ‌الوظيفة الثامنة- النّظر

- ‌الصنف الثالث (من تواقيع أرباب الوظائف بحاضرة دمشق- تواقيع أرباب الوظائف الدّيوانيّة، وفيها مرتبتان)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع النصف ب «المجلس العالي» وهي على ضربين)

- ‌الوظيفة الأولى- ولاية تدبير الممالك الشامية]

- ‌الوظيفة الثانية- كتابة السّرّ بالشّام

- ‌الوظيفة الثالثة- نظر الجيوش بالشّام

- ‌المرتبة الثانية (من مراتب أرباب التّواقيع الديوانية بدمشق

- ‌الصنف الرابع (من الوظائف بدمشق وظائف المتصوّفة ومشايخ الخوانق، وفيها مرتبتان)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثّلث ب «المجلس السّاميّ» بالياء، مفتتحا ب «الحمد لله» وبذلك يكتب لشيخ الشّيوخ بالشّام، وهو شيخ الخانقاه الصّلاحية، المسماة بالشميصاتية)

- ‌المرتبة الثانية (من يكتب له في قطع العادة مفتتحا ب «رسم» )

- ‌النوع الثاني (من وظائف دمشق ما هو خارج عن حاضرتها)

- ‌فأما الصّفقة الغربية

- ‌منها- نيابة القدس

- ‌ومنها- نيابة قلعة الصّبيبة

- ‌ومنها- نيابة قلعة عجلون

- ‌فمنها- مشيخة الخانقاه الصّلاحية بالقدس

- ‌ومنها- خطابة القدس

- ‌ومنها- مشيخة حرم الخليل

- ‌وأمّا الصّفقة القبليّة

- ‌الطبقة الأولى (ما يكتب به مرسوم شريف في قطع النّصف، وهو ما يليه مقدّم ألف أو طبلخاناه، وفيها نيابات)

- ‌النيابة الأولى- نيابة حمص

- ‌النيابة الثانية- نيابة الرّحبة

- ‌النيابة الثالثة- نيابة مصياف

- ‌وأما الصّفقة الشّمالية

- ‌الطبقة الثانية (من عرب الشام- من يكتب له مرسوم شريف)

- ‌المرتبة الأولى- من يكتب له في قطع النّصف، وهم ثلاثة:

- ‌الأوّل- أمير آل عليّ

- ‌[الثاني- أمير آل فضل]

- ‌الثالث- أمير آل مراء

- ‌المرتبة الثانية (من أرباب المراسيم من العرب- من يكتب له في قطع الثّلث ب «السّامي» بغير ياء، مفتتحا ب «أمّا بعد» وهم ثلاثة أيضا)

- ‌الأول- أمراء بني مهديّ

- ‌الثاني- مقدّم زبيد

- ‌النيابة الثانية (من نيابات البلاد الشامية- نيابة حلب. ووظائفها الّتي يكتب بها من الأبواب السلطانية على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (من بحاضرة حلب، وهم على أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (منهم أرباب السّيوف، وهم على طبقتين)

- ‌الطّبقة الأولى (من يكتب له تقليد، وهو نائب السّلطنة بها؛ وتقليده في قطع الثّلثين ب «الجناب الكريم» )

- ‌الطبقة الثانية (من يكتب له في قطع الثّلث ب «المجلس السامي» وفيها وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (نيابة القلعة بها)

- ‌الصنف الثاني (من أرباب الوظائف بحلب- أرباب الوظائف الدّينية)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع الثلث ب «السّاميّ» بالياء، ويشتمل على وظائف)

- ‌الطبقة الثانية (من يكتب له في قطع العادة «بالسامي» بغير ياء، أو «بمجلس القاضي» )

- ‌الصنف الثالث (من أرباب الوظائف بحلب- أرباب الوظائف الديوانية، وهم على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع الثلث ب «الساميّ» بالياء؛ وتشتمل على وظائف)

- ‌الطبقة الثانية

- ‌النوع الثاني (من أرباب الوظائف بالمملكة الحلبية- من هو خارج عن حاضرتها، وهم على أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (أرباب السيوف، وهم غالب من يكتب لهم عن الأبواب السّلطانية)

- ‌الصنف الثاني (ممّا هو خارج عن حاضرة حلب- الوظائف الدّينية بمعاملتها: من القلاع وغيرها)

- ‌الصنف الثالث (مما هو خارج عن حاضرة حلب- الوظائف الدّيوانية)

- ‌النيابة الثالثة (نيابة طرابلس، ووظائفها الّتي جرت العادة بالكتابة فيها من الأبواب السّلطانية على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (ما هو بحاضرة طرابلس، وهو على ثلاثة أصناف)

- ‌الصّنف الأوّل (أرباب السيوف، وهم على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له تقليد)

- ‌الطبقة الثانية (من يكتب له مرسوم شريف في قطع الثّلث ب «المجلس السّامي» بغير ياء، وتشتمل على وظائف)

- ‌الصنف الثاني (من الوظائف بطرابلس الّتي يكتب لأربابها من الأبواب السلطانية- الوظائف الدّينيّة، وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى (من يكتب له في قطع الثلث ب «المجلس الساميّ» بالياء، وتشتمل على وظائف)

- ‌المرتبة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بطرابلس- من يكتب له في قطع العادة، مفتتحا ب «- رسم» )

- ‌الصنف الثالث (من الوظائف بطرابلس الّتي يكتب لأربابها من الأبواب السلطانية- الوظائف الدّيوانية، وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى (ما يكتب في قطع الثلث ب «المجلس الساميّ» بالياء، وتشتمل على وظائف)

- ‌المرتبة الثانية (من مراتب أرباب الوظائف الديوانية بطرابلس- من يكتب له في قطع العادة ب «- مجلس القاضي» )

- ‌النوع الثاني (من الوظائف بطرابلس- ما هو خارج عن حاضرتها، وهم على ثلاثة أصناف أيضا)

- ‌الصّنف الأوّل (أرباب السيوف)

- ‌الطبقة الأولى (الطّبلخاناه)

- ‌الطبقة الثانية (العشرات)

- ‌الصنف الثاني (ممّا هو خارج عن حاضرة طرابلس- الوظائف الدّينية)

- ‌الصنف الثالث (مما هو خارج عن حاضرة طرابلس- أرباب الوظائف الدّيوانية)

- ‌الصنف الأوّل (أرباب السيوف)

- ‌الصنف الثاني (أرباب الوظائف الدينية، وهم على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى- من يكتب له في قطع الثلث ب «الساميّ بالياء»

- ‌المرتبة الثانية- من يكتب له في قطع العادة

- ‌النيابة الخامسة (نيابة صفد)

- ‌الصنف الأوّل (أرباب السيوف، وفيه وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى (نيابة السلطنة بها، ويكتب تقليده في قطع الثلثين)

- ‌الوظيفة الثانية (نيابة قلعة صفد)

- ‌الصنف الثاني (أرباب الوظائف الديوانية)

- ‌النيابة السادسة (نيابة غزّة)

- ‌الصّنف الأوّل (أرباب السّيوف)

- ‌الصنف الثاني (الوظائف الديوانية بغزّة)

- ‌النيابة السابعة (نيابة الكرك؛ وأرباب الولايات بها من الأبواب السلطانية على أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (أرباب السيوف)

- ‌الصنف الثاني- أرباب الوظائف الدّينية

- ‌الصنف الثالث- الوظائف الدّيوانية

- ‌القسم الثالث (مما يكتب من الولايات عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية- ما يكتب لأرباب الوظائف بالمملكة الحجازية)

- ‌القاعدة الأولى (مكة المشرّفة، وبها وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى (الإمارة)

- ‌الوظيفة الثانية (قضاء مكّة، ويكتب به توقيع في قطع الثلث ب الساميّ» بالياء)

- ‌القاعدة الثانية (المدينة النبوية، وبها ثلاث وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (الإمارة)

- ‌الوظيفة الثانية (القضاء)

- ‌الوظيفة الثالثة (مشيخة الحرم الشريف)

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع من المقالة الخامسة (فيما يكتب من الولايات عن نوّاب السلطنة؛ وفيه طرفان)

- ‌الطرف الأوّل (في مقدّمات هذه الولايات، ويتعلق بها مقاصد)

- ‌المقصد الأوّل (في بيان من تصدر عنه الولايات: من نوّاب السلطنة)

- ‌المقصد الثاني (في بيان الولايات الّتي تصدر عن نوّاب السلطنة بالممالك الشامية)

- ‌المقصد الثالث (في افتتاحات التواقيع والمراسيم بتلك الولايات

- ‌المقصد الرابع (في بيان الألقاب)

- ‌الصنف الأوّل (أرباب السيوف، ولألقابهم مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- المقرّ الشريف

- ‌المرتبة الثانية- المقرّ الكريم

- ‌المرتبة الثالثة- المقرّ العالي

- ‌المرتبة الخامسة- الجناب العالي

- ‌المرتبة السابعة- المجلس الساميّ بالياء

- ‌المرتبة الثامنة- المجلس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة التاسعة- مجلس الأمير

- ‌المرتبة العاشرة- الأمير

- ‌الصنف الثاني (من أرباب الولايات بالممالك الشامية- أرباب الوظائف الديوانية، وفيهم مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- المقرّ الشريف

- ‌المرتبة الثانية- المقرّ الكريم

- ‌المرتبة الثالثة- الجناب الكريم

- ‌المرتبة الرابعة- الجناب العالي

- ‌المرتبة الخامسة- المجلس العالي

- ‌المرتبة السادسة- المجلس الساميّ بالياء

- ‌المرتبة السابعة- المجلس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الثامنة- مجلس القاضي

- ‌المرتبة التاسعة- القاضي

- ‌الصنف الثالث (من أرباب الولايات بالممالك الشامية- أرباب الوظائف الدّينية، وفيه مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- المقرّ الشريف

- ‌المرتبة الثانية- المقرّ الكريم

- ‌المرتبة الثالثة- الجناب الكريم

- ‌المرتبة الرابعة- الجناب العالي

- ‌المرتبة الخامسة- المجلس العاليّ

- ‌المرتبة السادسة- المجلس الساميّ بالياء

- ‌المرتبة السابعة- المجلس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الثامنة- مجلس القاضي

- ‌المرتبة التاسعة- القاضي

- ‌الصنف الرابع (من أرباب الولايات بالممالك الشامية- مشايخ الصوفيّة)

- ‌الصنف الخامس (من أرباب الولايات بالممالك الشامية- أمراء العربان)

- ‌الصنف السادس (من أرباب الولايات بالممالك الشامية- أرباب الوظائف العادية، كرآسة الطّبّ ونحوها)

- ‌الصنف السابع (من أرباب الولايات بالنيابات الشامية- زعماء أهل الذّمة)

- ‌أما رئيس اليهود

- ‌وأما بطرك النّصارى، فرأيت لهم فيه طريقتين:

- ‌الطريقة الأولى

- ‌الطريقة الثانية

- ‌المقصد الخامس (في بيان مقادير قطع الورق المستعمل فيما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)

- ‌المقصد السابع (في بيان كيفية ترتيب هذه التواقيع)

- ‌الطرف الثاني (في نسخ التواقيع المكتتبة عن نوّاب السلطنة بالممالك الشامية)

- ‌النيابة الأولى الشام (والتواقيع الّتي تكتب بها على خمسة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (ما يكتب بوظائف أرباب السيوف، وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما هو بحاضرة دمشق؛ وهو على مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يفتتح ب «الحمد لله» وفيها وظائف)

- ‌المرتبة الثانية (ما يفتتح ب «أما بعد حمد الله» وفيها وظائف)

- ‌المرتبة الثالثة (من تواقيع وظائف أرباب السّيوف بدمشق- ما يفتتح ب «- رسم بالأمر العالي» وفيه وظائف)

- ‌الضرب الثاني (ممن يكتب له عن نائب السلطنة بالشام من أرباب السيوف- من هو بأعمال دمشق؛ ومواضعهم على ثلاث مراتب أيضا)

- ‌المرتبة الأولى (ما يفتتح ب «الحمد لله» وفيها وظائف)

- ‌المرتبة الثانية (من تواقيع أرباب السيوف ممّن بأعمال دمشق- ما يفتتح ب «أما بعد حمد الله» وفيها وظائف)

- ‌المرتبة الثالثة (من تواقيع أرباب السيوف بأعمال دمشق ما يفتتح ب «- رسم» وفيها وظائف)

- ‌الصنف الثاني (ممّا يكتب لأرباب الوظائف بدمشق- تواقيع أرباب الوظائف الدّينية؛ وهي على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب لمن هو بحاضرة دمشق، وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يفتتح ب «الحمد لله» )

- ‌المرتبة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الدّينية بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «أما بعد حمد الله» ؛ وفيها عدّة وظائف)

- ‌المرتبة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «- رسم بالأمر» ؛ وفيها وظائف)

- ‌الضرب الثاني (من تواقيع أرباب الوظائف الدّينية بالشام- ما يكتب به لمن هو بأعمال دمشق؛ وهو على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى (ما يفتتح ب «أمّا بعد حمد الله» وفيها وظائف)

- ‌المرتبة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بأعمال دمشق- ما يفتتح ب «- رسم بالأمر» ؛ وفيها وظائف)

- ‌الصنف الثالث (من التواقيع الّتي تكتب لأرباب الوظائف بدمشق- ما يكتب لأرباب الوظائف الدّيوانية؛ وهي على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب لمن بحاضرة دمشق منهم؛ وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يفتتح ب «الحمد لله» ؛ وفيها وظائف)

- ‌المرتبة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «أمّا بعد حمد الله» )

- ‌المرتبة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «- رسم بالأمر الشريف» )

- ‌الضرب الثاني (من الوظائف الديوانية بالشام- ما هو خارج عن حاضرة دمشق. وغالب ما يكتب فيها من التواقيع مفتتح ب «- رسم» )

- ‌الصنف الرابع (مما يكتب لأرباب الوظائف بالشام- تواقيع مشايخ الخوانق، وهي على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما هو بحاضرة دمشق، وهو على ثلاث مراتب)

- ‌المرتبة الأولى (ما يفتتح ب «الحمد لله» )

- ‌المرتبة الثانية (من تواقيع مشايخ الأمكنة بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «أمّا بعد حمد الله» ؛ وفيها وظائف)

- ‌المرتبة الثالثة (من تواقيع مشايخ الأماكن بحاضرة دمشق- ما يفتتح ب «- رسم بالأمر» )

- ‌الضرب الثاني (من تواقيع مشيخة الأماكن- ما هو بأعمال دمشق؛ وفيه مرتبة واحدة، وهي الافتتاح ب «- رسم» )

- ‌الصنف الخامس (ممّا يكتب لأرباب الوظائف بالشام- تواقيع العربان)

- ‌الصنف السادس (مما يكتب لأرباب الوظائف بالشام- تواقيع زعماء أهل الذّمة: من اليهود والنصارى)

- ‌النيابة الثانية (من النيابات الّتي يكتب عن نوابها بالولايات- نيابة حلب)

- ‌النيابة الثالثة (مما يكتب من التواقيع بالولايات عن نوّاب السلطنة بها- نيابة طرابلس)

- ‌مصادر ومراجع الهوامش للجزء الثاني عشر من صبح الأعشى

- ‌فهرس الجزء الثاني عشر من صبح الأعشى

الفصل: ‌الوظيفة الثالثة (مشيخة الحرم الشريف)

موطن برّها، وأهّلته الأقدار إلى جوار نبيّ هو خاتم الأنبياء وفاتح أمرها، وأصبح للحكم في المدينة، مستحقّا لما فيه من سكينة، وتحصيل للعلم ومن حصّل العلم كان الله معينه.

فلذلك رسم أن يستقرّ.............

فليباشر منصبا جليلا في محلّ جليل، وليعلم أنّ سائر الأمصار تغبطه وتحسده وما لمنصبه من مثيل؛ أين يوجد سواه في كل سبيل؟ من قاض هو بسيّد المرسلين نزيل، ومن يصبح ويمسي جارا للمستجير في المحشر الطّويل.

فاحكم بين ناس طيبة بورع وتأصيل، وتحرير في تحريم وتحليل، واتّق الله في كلّ فعل وقيل، واستقم على الحقّ حذار أن تميل؛ فصاحب الشّرع أنت منه قريب والنبيّ من الله قريب وحبيب وخليل، وماذا عسى أن نوصيه وهو بحمد الله تعالى كالنّهار لا يحتاج إلى دليل.

وأما الخطابة: فارق درج منبرها، وشنّف الأسماع من ألفاظك بدرّها وحرّر ما تقوله من المواعظ فإن صاحب العظات يسمعك، وتواضع لله فإنّ الله يرفعك؛ وهذا المرقى فقد قام فيه النبيّ الأميّ سيد الثّقلين، ومن بعده الخليفتان قرّتا العين، ومن بعدهما عثمان ذو النّورين، وعليّ رضي الله عنه أبو الحسنين؛ فاخشع، عند المطلع، واصدع، بما ينفع، وانظر لما تقوله فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك يسمع، وقاضي المدينة وخطيبها يرجو أن ليس للشيطان فيه مطمع؛ والله تعالى يحوز له الخير ويجمع، بمنّه وكرمه!.

‌الوظيفة الثالثة (مشيخة الحرم الشريف)

وقد جرت العادة أن يكون له خادم من الخصيان المعبّر عنهم بالطّواشيّة، يعيّن لذلك من الأبواب السلطانية، ويكتب له توقيع في قطع الثلث ب «المجلس الساميّ» بالياء مفتتحا ب «الحمد لله» .

ص: 254

وهذه نسخة توقيع شريف من ذلك:

الحمد لله الّذي شرف بخدمة سيدّ الرّسل الأقدار، وفضل بالتأهّل للدّخول في عداد كرمه بخدمته من اختاره لذلك من المهاجرين والأنصار، وجعل الاختصاص بمجاورة حرمه أفضل غاية تهجر لبلوغها الأوطان والأوطار، وعجّل لمن حلّ بمسجده الشريف تبوّأ أشرف روضة تردها البصائر وترودها الأبصار.

نحمده على نعمه الّتي أكملها خدمة نبيّه الكريم، وأفضلها التّوفّر على مصالح مجاوري قبر رسوله الهادي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم، وأجملها الانتظام في سلك خدمة حرمه [لأنها] بمنزلة واسطة العقد الكريم النّظيم، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة مزلفة لديه، مقرّبة إليه، مدّخرة ليوم العرض عليه، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله أشرف نبيّ بعث إلى الأسود والأحمر، وأكرم من أنار ليل الشّرك بالشّرع الأقمر، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين فخرت الحبشة بهجرتهم الأولى، ونجا النّجاشيّ بما اتّخذ عندهم من السّابقة الحسنة واليد الطّولى، وأولي بلالهم من السّبق إلى خدمة أشرف الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام أفضل ما يولى، صلاة لا يزال شهابها مرشدا، وذكرها في الآفاق مغيرا ومنجدا وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإنّ أولى [من]«1» اعتمد عليه من أفاء الله عليه من نعمه، وأفاض عليه من ملابس كرمه، وشرّف قدره بأن أهّله لخدمة سيد الرّسل بل لمشيخة حرمه، وخصّه برتبة هي أسنى الرّتب الفاخرة، وأجمع الوظائف لشرف الدّنيا والآخرة- من رجّحه لذلك دينه المتين، وورعه المكين، وزهده الّذي بلغ به إلى هذه الرتبة الّتي سيكون بها- إن شاء الله تعالى- وجيها في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين.

ولمّا كان فلان هو الّذي أدرك من خدمة سيّد الرسل غاية سوله، وزكت

ص: 255

عند الله هجرته الّتي كانت على الحقيقة إلى الله ورسوله، وسلك في طريق خدمته الشّريفة أحسن السّلوك، وانتهت به «1» السّعادة إلى خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعرض بجوهرها الأعلى عن عرض خدمة الملوك، وفاز من مجاورة الحجرة الشريفة بما عظمت عليه [به]«2» المنّة، وحلّ به مما بين القبر والمنبر في روضة من رياض الجنّة، وأقام في مقام جبريل، ومهبط الوحي والتنزيل، يتفيّأ ظلال الرّحمة الوارفة، ويتهيّأ من تلك النّعمة بالعارفة بعد العارفة- تعيّن أن يكون هو المحلّى بعقود مشيخة ذلك الحرم، والمتولّي لمصالح هذه الطائفة الّتي له في التّقدّم عليهم أثبت قدم.

فرسم بالأمر الشريف لا زال......... أن تفوّض إليه المشيخة على خدّام الحرم الشريف النّبويّ: للعلم بأنّه العامل الورع، والكافل الّذي يعرف أدب تلك الوظيفة: من خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم على ما شرع، والزّاهد الّذي آثر جوار نبيّه على سواه، والخاشع الّذي نوى بخدمته الدّخول في زمرة من خدمه في حياته:«ولكلّ امريء ما نواه» .

فليستقرّ في هذه الوظيفة الكريمة قائما بآدابها، مشرّفا بها نفسه الّتي تشبّثت من خدمته الشريفة بأهدابها، سالكا في ذلك ما يجب، محافظا على قواعد الورع في كلّ ما يأتي وما يجتنب، قاصدا بذلك وجه الله الّذي لا يخيّب لرابح أملا، ولا يضيّع أجر من أحسن عملا، ملزما كلّا من طائفة الخدّام بما يقرّبه عند الله زلفى، ويضاعف الحسنة الواحدة سبعين ضعفا، هاديا من ضلّ في قوانين الخدمة إلى سواء السبيل، مبديا لهم من آداب سلوكه ما يغدو لهم منه أوضح هاد وأنور دليل؛، وفيه من آداب دينه ما يغني عن تكرار الوصايا، وتجديد القضايا؛ والله تعالى يسدّده في القول والعمل، ويوفّقه لخدمة سيّد المرسلين صلى الله عليه وسلم وقد فعل؛ بمنّه وكرمه.

ص: 256

القاعدة الثالثة الينبع «1» (وبها وظيفة واحدة، وهي النيابة)

وقد تقدّم أنّ نيابتها في بني الحسن، من بني قتادة أيضا. وعدل بها عن لفظ الإمارة إلى لفظ النيابة تصغيرا لشأنها عن مكّة والمدينة. ويكتب لنائبها مرسوم شريف في قطع الثلث «بالمجلس السامي» بغير ياء.

وهذه نسخة مرسوم شريف بنيابة الينبع، كتب به «لمخذم بن عقيل» في عاشر رجب الفرد سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، من إنشاء المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله، وهو:

الحمد لله الّذي أتمّ لدولتنا الشريفة أنعما، وأحسن في تقديم شريف كلّ قوم تقدّما، وأمضى في كفّ كفّ الأعداء رمحا سمهريّا وسيفا مخذما «2» نحمده حمدا يكاثر عدد القطر إذا همى، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تؤمّن بالإدمان عليها منجدا ومتهما، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي شرّف من إليه انتمى، وعلى نسبه الشريف ارتمى، وبجواره المنيع احتمى، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين طلعوا في صباح كلّ نهار شموسا وفي عشيّة كلّ ليل أنجما، وسلّم تسليما.

وبعد، فإنّ أولى من أعدنا له سعادة جدّه، وعدنا إلى عوائده الحسنى لأبيه وجدّه، ورعت صدقاتنا الشريفة قصده الجميل، وشرفه الّذي سما به من أصله إلى النّجم فرع لا ينال طويل، وأقرّت عينه بسكنه، واستقرّت به مراسمنا العالية في مسكنه، وأغنته عنايتنا الشريفة عن انتظار كلّ نجم سعادة يطلع، وبعثت إليه كلّ خير إلى وطنه وهو «ينبع» ، منزلة نسبه الصّميم، والحسب الّذي يتمسّك به

ص: 257

في قومه كلّ كريم، والشّرف الّذي أنارت كواكبه، والوصف الّذي ينظم الدّرّ ثاقبه «1» ولمّا كان المجلس السّامي، الأمير الأجلّ، الكبير، الشريف، الحسيب، النّسيب، الأوحد، العضد، النصير، الأصيل، فلان الدين، مجد الإسلام، زين الأنام، شرف الأمراء الأشراف، فخر العترة الطّاهرة، جمال الأسرة الزاهرة، نسيب الخلافة، عضد الملوك والسلاطين «مخذم بن عقيل» أيّده الله تعالى- هو الّذي تقدّمت إليه كلّ إشارة، وحسنت به كلّ شارة، وتعجّلت له بمراضينا الشريفة من مخلّق الشّفق كلّ بشارة، وحصل في الينبع ما حصل من الاعتداء، وامتدّت الأيدي به إلى ما كان لحجّاج بيت الله من وديعة، وظنّ أنّه لا يشيع خبره في البيداء، فخالف «2» الواجب وتعدّى الشّريعة، فاقتضت آراؤنا الشريفة تفويضها إلى العارف منها بما يجب، العالم من طريق سلفه الصّالح بما يأتي فيها ويجتنب، العامل في طاعتنا الشريفة بما هو به وبمثله من أهل الشّرف يليق، الماشي في خدمتنا الشريفة وفي خدمة الوفود إلى بيت الله الحرام على الطّريق.

فرسم بالأمر الشريف- أعلاه الله تعالى وشرفه، وأنفذه وصرّفه- أن تفوّض إليه النيابة بالينبع على عادة من تقدّمه وقاعدته إلى آخر وقت.

فليقدّم تقوى الله في كلّ ما تقدّم، ويقف مع حكم الشرع الشريف فإنّه المهمّ المقدّم، وليستوص بالحجّاج خيرا فإنّهم وفد الله وهو عليه سيقدم، وليؤمّن الطّريق فإنّه بين حرمين: بيت الله ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، وليحفظ أمانة الله فيما يخلّي ويخلّف عنده الحجاج- كتب الله سلامتهم- من وداعة «3» ،

ص: 258

وليأخذ بقلوب الجلّابة فإنّهم في توسيعهم على أهل الحرمين كالمتصدّقين وإن كانوا تجارا ببضاعة، وليوصّل من تأخّر من أبناء السبيل إلى مأمنهم، وليخصّ بالعدل أهل بلده ليستقرّوا آمنين في موطنهم؛ والرّفق فهو الّذي بحلله يزيّن، وبحليه يستحسن، والّتأنّي في معرفة الحقّ من الباطل فإنّ به الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الباطل يبيّن، ولزوم الطاعة، التي أوجبها الله لنا على عباده وندب إليها، وملازمة الجماعة، التي يكفيه من بركاتها أنّ يد الله عليها، وإقامة الخدمة فيما قبله من البلاد، وكلّ حاضر وباد، وكلّ من كاد أو كاد، أو تعرّض لعناد العباد؛ فمن أقدم على محذور، أو تقدّم إلى محظور، أو ارتكب في الخلاف أمرا من الأمور، فجرّه بالبغي إلى مصرعه، وحرّك السيف لمضجعه، ودع الرّمح الّذي اعتقله للشّقاق يبكي للإشفاق عليه بأدمعه؛ وقد رأيت كيف طريقتنا المثلى، وسيرتنا الّتي لا تجد لها مثلا؛ فاسلك هذه المحجّة، وحسبك أن تتّخذ بينك وبين الله حجّة؛ وفي هذا عن بقية الوصايا غنى، والله يزيل عنك الخوف في الخيف ويبلّغك المنى في منى؛ والاعتماد.......

القسم الرابع «1» (مما يكتب من الولايات عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية- ما يقع على سبيل النّدور

، وهو الّذي يقع في حين من الأحيان من غير أن يسبق له نظير) قال الشّيخ شهاب الدين محمود الحلبيّ في «حسن التوسل» : ويحتاج الكاتب فيه إلى حسن التّصّرف على ما يقتضيه الحال.

[فمن ذلك] ما يكتب به للنيابة الخارجة عن المملكة إذا رغب فيها متوليها.

وهذه نسخة تقليد شريف من ذلك، كتب به المولى الفاضل شهاب الدين

ص: 259

محمود الحلبيّ لمتملّك سيس، بإقراره على ما هو قاطع النّهر من بلاده، وهي «1» :

الحمد لله الّذي خصّ أيّامنا الزاهرة، باصطناع ملوك الملل، وفضّل دولتنا القاهرة، بإجابة من سأل بعض ما أحرزته لها البيض والأسل، وجعل من خصائص ملكنا إطلاق الممالك وإعطاء الدّول، والمنّ بالنّفوس الّتي جعلها النّصر لنا من جملة الخول، وأغرى عواطفنا بتحقيق رجاء من مدّ إلى عوارفنا كفّ الأمل، وأفاض بمواهب نعمائنا، على من أناب إلى الطاعة حلل الأمن بعد الوجل، وانتزع بآلائنا، لمن تمسّك بولائنا، أرواح رعاياه من قبضة الأجل، وجعل برد العفو عنه وعنهم بالطاعة نتيجة ما أذاقهم العصيان من حرارة الغضب:

إذ ربّما صحّت الأجسام بالعلل.

نحمده على نعمه الّتي جعلت عفونا ممّن رجاه قريبا، وكرمنا لمن دعاه بإخلاص الطاعة مجيبا، وبرّنا لمن أقبل إليه مثيبا بوجه الأمل منيبا، وبأسنا مصيبا لمن لم يجعل الله له في التّمسك بمراحمنا نصيبا، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تعصم دم من تمسّك بذمامها، وتحسم موادّ من عاندها بانتقام حسامها، وتفصم عرى الأعناق ممّن أطمعه الغرور في انفصال أحكامها وانفصامها، وتقصم من قصد إطفاء ما أظهره الله من نورها واقتطاع ما قضاه من دوامها، وتجعل كلمة حملتها هي العليا ولا «2» تزال أعناق جاحديها في قبضة أوليائها وتحت أقدامها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله المبعوث بالهدى ودين الحقّ إلى كلّ أمّة، المنعوت في الكتب المنزّلة بالرأفة والرّحمة، المخصوص مع عموم المعجزات بخمس: منها «3» الرّعب الّذي كان يتقدّمه إلى من قصده ويسبقه مسيرة شهر إلى من أمّه، المنصوص في الكتب «4» المحكمة

ص: 260

على جهاد أمّته الذين لا حياة لمن لم يتمسّك من طاعتهم بذمّة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين فتحوا بدعوته الممالك، وأوضحوا بشرعته إلى الله المسالك، وجلوا بنور سنّته عن وجه الزّمن كلّ حال حالك، وأوردوا من كفر بربّه «1» ورسله موارد المهالك، ووثقوا بما وعد الله نبيّه حين [زوى له مشارق الأرض ومغاربها من أنّ ملكهم سيبلغ إلى ما زوى الله له من ذلك]«2» صلاة لا تزال الأرض لها مسجدا، ولا يبرح ذكرها مغيرا في الآفاق ومنجدا، ما استفتحت ألسنة الأسنّة النّصر بإقامتها، وأبادت أعداءها باستدامتها، وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإنّه لما آتانا الله ملك البسيطة، وجعل دعوتنا بأعنّة ممالك الأقطار محيطة، ومكّن لنا في الأرض، وأنهضنا من الجهاد في سبيله بالسّنّة والفرض، وجعل كلّ يوم تعرض فيه جيوشنا من أمثلة يوم العرض، وأظلّتنا بوادر الفتوح، وأظلّت على الأعداء سيوفنا الّتي هي على من كفر بالله وكفر النّعمة «3» دعوة نوح، وأيّدنا بالملائكة والرّوح، على من جعل الواحد سبحانه ثلاثة: فانتصر بالأب والابن والرّوح، وألقت إلينا ملوك الأقطار السّلام، وبذلت كرائم بلادها وتلادها رغبة في الالتجاء [من عفونا]«4» إلى ظلّ أعلى من الأعلام، وتوسّل من كان منهم يظهر الغلظة بالذّلّة والخضوع، وتوصّل من كان منهم يبدي القوّة بالإخلاص الّذي رأوه لهم أقوى الجنن وأوقى الدّروع- عاهدنا الله تعالى أن لا نردّ منهم آملا، ولا نصدّ عن مشارع كرمنا ناهلا، ولا نخيّب من إحساننا راجيا، ولا نحلّيء «5» عن ظلّ برّنا لاجيا؛ علما أنّ ذلك شكر للقدرة الّتي جعلها الله لنا على ذلك الآمل، ووثوقا بأنّه حيث كان في قبضتنا متى نشاء نجمع عليه الأنامل؛ اللهمّ إلّا أن يكون ذلك اللّاجيء للغلّ مسرّا، وعلى عداوة الإسلام مصرّا، فيكون هو

ص: 261

الجاني على نفسه، والحاني «1» على موضع رمسه، والمفرّط في مصلحة يومه وغده بتذكير «2» عداوة أمسه.

ولمّا كان من تقدّم بالمملكة الفلانية قد زيّن له الشيطان أعماله، وعقد بحبال الغرور آماله، وحسّن له التّمسّك بالتّتار الذين هم بمهابتنا محصورون في ديارهم، مأسورون في حبائل إدبارهم، عاجزون عن حفظ ما لديهم، قاصرون عن ضبط ما استلبته السّرايا «3» المنصورة من يديهم، ليس منهم إلّا من له عند سيوفنا ثار، ولها في عنقه آثار، ومن يعلم أنّه لا بدّ له عندنا من خطّتي خسف:

إمّا القتل أو الإسار.

وحين تمادى المذكور في غيّه، وحمله الغرور على ركوب جواد بغيه، أمرنا جيوشنا المنصورة فجاست خلال تلك الممالك، وداست حوافر خيلها ما هنالك، وساوت في عموم القتل والأسر بين العبد والحرّ والمملوك والمالك، وألحقت رواسي جبالهم بالصّعيد، وجعلت حماتهم كزروع فلاتهم منها قائم وحصيد؛ فأسلمهم الشيطان ومرّ، وتركهم وفرّ، وماكرهم وماكر، وأعلمهم أنّ موعدهم الساعة والساعة أدهى وأمرّ، وأخلفهم ما ضمن لهم من العون، وقال لهم: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ

«4» وكان الملك فلان ممّن تدبّر طرق النّجاة فلم ير إليها سوى الطّاعة سبيلا، وتأمّل أسباب النّجاح فلم يجد عليها غير صدق الانتماء دليلا؛ فأبصر بالخدمة موضع رشده، وأدرك بسعيه نافر سعده، وأراه الإقبال كيف ثبتت قدمه في الملك الذي زلت عنه قدم من سلف، وأظهر له الإشفاق على رعاياه مصارع من أورده سوء تدبير أخيه موارد التّلف، وعرّفه التمسّك بإحساننا كيف احتوت يده على

ص: 262

ما لم يبق غضبنا في يد أخيه منه إلّا الأسى والأسف، وحسّنت له الثّقة بكرمنا كيف يجمل الطّلب، وعلّمته الطاعة كيف يستنزل عوارفنا عن بعض ما غلبت عليه سيوفنا: وإنّما الدنيا لمن غلب، وانتمى إلينا فصار من خدم أيّامنا، وصنائع إنعامنا، وقطع علائقه من غيرنا، فلجأ منّا إلى ركن شديد، وظلّ مديد، ونصر عتيد، وحرم [يأوي أمله]«1» إليه، وكرم تقرّ نضارته ناظريه، وإحسان يمتّعه بما أقرّه عطاؤنا في يديه، وامتنان يضع عنه إصره والأغلال الّتي كانت عليه- اقتضى إحساننا أن نغضي له عن بعض ما حلّت جيوشنا ذراه، وحلّت سطوات عساكرنا عراه، وأضعفت عزمات سرايانا قواه، ونشرت طلائع جنودنا ما كان ستره صفحنا عنهم من عورات بلادهم وطواه، وأن نخوّله بعض ما وردت خيولنا مناهله، ووطئت جيادنا غاربه وكاهله، وسلكت كماتنا فملكت دارسه وآهله، وأن [نبقي مملكة]«2» هذا البيت الّذي مضى سلفه في الطاعة عليه، ويستمرّ ملك الأرمن «3» الذي أجمل السّعي في مصالحه بيديه، لتتيمّن رعاياه به، ويعلموا أنّهم أمنوا على أرواحهم وأولادهم بسببه، [ويتحقّقوا أن أثقالهم بحسن توصّله إلى طاعتنا قد خفّت، وأنّ بوادر الأمن بلطف توسّله إلى مراضينا قد أطافت بهم وحفّت، وأنّ سيوفنا التي كانت مجرّدة على مقاتلهم بجميل استعطافه قد كفتهم بأسها وكفّت، وأن سطوتنا الحاكمة على أرواحهم قد عفت عنهم بملاطفته وعفّت؛ فرسم أن يقلّد كيت وكيت ويستقرّ بهذه المملكة الفاسدة استقرارا لا ينازع في استحقاقه، ولا يعارض فيما سبق من إعطائه له وإطلاقه، ولا يطالب عنه بقطيعة، ولا يطلب منه بسببه غير]«4» طوية مخلصة ونفس مطيعة، ولا تخشى عليه يد جائرة، ولا سريّة في طلب الغرّة سائرة، ولا تطرق كناسه أسد جيوش مفترسة، ولا سباع نهاب مختلسة؛ بل تستمرّ بلاده المذكورة في ذمام

ص: 263

رعايتنا، وحضانة عنايتنا، وكنف إحساننا، ووديعة برّنا وامتناننا؛ لا تطمح إليها عين معاند، ولا يمتدّ إليها إلّا ساعد مساعد وعضد معاضد.

فليقابل هذه النّعمة بشكر الله الّذي هداه إلى الطاعة، وصان بإخلاص ولائه نفسه ونفائس بلاده من الإضاعة، وليقرن ذلك بإصفاء موارد المودّة، وإضفاء ملابس الطاعة الّتي لا تزداد بحسن الوفاء إلا جدّة، واستمرار المناصحة في السّرّ والعلن، واجتناب المخادعة ما ظهر منها وما بطن، وأداء الأمانة فيما استقرّ معه الحلف عليه، ومباينة ما يخشى أن يتوجّه بسببه وجه عتب إليه، واستدامة هذه النّعمة بحفظ أسبابها، واستقامة أحوال هذه المنّة برفض موجبات الكدر واجتنابها، وإخلاص النّيّة الّتي لا تعتبر ظواهر الأحوال الصالحة إلّا بها.

ومن ذلك ما يكتب به لحكم رماة البندق «1» .

قد جرت العادة أنه إذا كان للسلطان عناية برمي البندق، أقام لرماته حاكما من الأمراء الذين لهم عناية برمي البندق.

وهذه نسخة توقيع من ذلك:

الحمد لله الّذي خصّ أيّامنا الزاهرة، باستكمال المحاسن في كلّ مرام، وجعل [من] أولياء دولتنا القاهرة، من أصاب من كلّ مرمى بعيد شاكلة الصّواب حتّى أصبح حاكما فيه بين كلّ رام، وجمع لخواصّنا من أشتات المفاخر ما إذا برزوا فيه للرياضة ليلا [أغنت]«2» قسيّهم عن الأهلّة ورجومها عن رجوم الظّلام،

ص: 264

وسدّد مقاصد أصفيائنا في كلّ أمر فما شغلوا بمسرّة سرّ إلا وكانت من أقوى أسباب التّمرّن على خوض الغمرات العظام، واقتحام الحرب اللهام، واشتمال جلابيب الدّجى في مصالح الإسلام.

نحمده على نعمه الوسام، وأياديه الجسام، وآلائه الّتي ما برحت بها ثغور المسارّ دائمة الابتسام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تعصم من الزّلل، وتؤمّن من الزّيغ والخلل، وتلبس المتمسّك بها من أنوار الجلالة أبهى الحلل، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله المنزّه عن الهوى، المخصوص بالوحي الّذي علّمه شديد القوى، الدّالّ على اعتبار الأعمال بصّحة القصد بقوله صلى الله عليه وسلم:«إنّما الأعمال بالنّيات وإنّما لكلّ امريء ما نوى» ، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين وفّق الإخلاص مساعيهم، ووفّر الإيمان دواعيهم، صلاة دائمة الاتّصال، مستمرّة الإقامة بالغدوّ والآصال، وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإنّه لمّا كان رمي البندق من أحسن ما لهت به الكماة، في حال سلمها، ومن أبهج ما حفظت به الرّماة، حياة نفوسها وعزّة عزمها، على ما فيه من اطّراح الراحة واجتنابها، واستدعاء الرّياضة واجتنائها، وخوض الظّلمات في الظّلام، وتوخّي الإصابة في غمرات الدّجى الّتي تخفى فيها المقاتل على حدق السّهام، وارتقاب ظفر، يسفر عنه وجه سفر، ومهاجمة خطر، تفضي إلى بلوغ وطر- وله شرائط تقتضي التقدّم بين أربابه، وقواعد لا يخالفها «1» من كان مبرّزا في أصحابه، وأدوات كمال، لا بدّ للمتحلّي بهذه الرّتبة منها، وحسن خلال، تهدر أعمال من بعد عليه مرامها وقصرت مساعيه عنها، وعوائد معلومة، بين أرباب هذا الشّأن وكبرائه، ومقاصد مفهومة، فيما يتميز به المصيب الحاذق على نظرائه.

ولمّا كان الجناب العالي الفلانيّ ممّن يشار إليه في هذه الرتبة ببنان

ص: 265

التّرجيح، ويرجع إلى أقواله فيما اقتضى التّعديل فيما بين أربابها والتّجريح، ويعمل فيها بإشارته الخالصة من الهوى والأغراض، ويعوّل فيها على قدم معرفته المميزة بين أقدار الرّماة مع تساوي إصابة الأغراض، لاحتوائه على غايات الكمال فيها، وسبقه منها إلى مقامات حسان لا يعطيها حقّها [إلا]«1» مثله ولا يوفّيها- اقتضى رأينا الشريف أن نعدق به أحكامها، ونرّد إلى أمره ونهيه كبراءها وحكّامها.

فرسم بالأمر الشريف أن يكون حاكما في البندق لما يتعين من اختصاصها بجنابه، ويتبين من أولويّته بالحكم في هذا الفنّ على سائر أربابه.

فليل ذلك حاكما بشروطه اللّازمة بين أهله، المعتبرة بها خلال الكمال في قول كلّ أحد منهم وفعله، المميّزة بين تفاوت الرّماة بحسب كيفية الرّمي وإتقانه، المرجحة في كثرة الطّير بإمكانه له في وقت البروز ومكانه، المهدرة ما يجب بين أهل هذا الفنّ إهداره، المثبتة ما يتعيّن في كمال الأدوات إثباته في قدم الكبراء وإقراره؛ وليعمل في ذلك جميعه بما تقتضيه معرفته المجمع في فنّه عليها، ويتقدّم فيها بما تدله عليه خبرته الّتي ما برح وجه الاختيار مصروفا إليها؛ والله تعالى يسدّده في القول والعمل، ويبلّغه مراتب الرّفعة في خلاله الجميلة وقد فعل؛ والخير يكون، إن شاء الله تعالى.

قلت: وربّما كان المرسوم المكتتب لمن هو دون من تقدّم من أمير عشرة أو من في معناه، فيفتتح ب «أما بعد» ويكمل على نحو ما تقدّم.

وهذه نسخة ثانية لحاكم البندق، مفتتحة ب «أما بعد» وهي:

أمّا بعد حمد الله الّذي لا معقّب لحكمه، ولا يعزب شيء عن علمه، ولا قنوط من رحمته وسعة حلمه، ملهم أهل محاربة أعداء دينه بالرّياضة لها في أيّام سلمه، ومنجز وعود السّعود لمن كان النّجم مبدأ همّته، والصّدق حلّة

ص: 266

سجيّته، والعزّ حلية اسمه، والصّلاة والسلام على سيدنا محمد الّذي هدى الله بنور ملّته العادلة من تردّى في ظلمات ظلمه، ورفع منار النّبوّة بما خصه به من افتتاح التقدّم في رتبتها وختمه، وعلى آله وصحبه الّذي سرى كلّ منهم إلى غاية الكمال على نجائب همّته وجياد عزمه- فإنّ أولى من رعيت له أسباب قدمه وتقدّمه، وفتحت له أبواب حكمه في رتبته وتحكّمه، وأعيد إلى مكانته الّتي رقاها باستحقاقه قديما، ورفع إلى منزلته الّتي لم يزل بقواعدها خبيرا وبأوضاعها عليما- من ارتقى في رتبته إلى نجم أفقها، واقتدى في مناهجه بدليل مسالكها وطرقها، فأتى في مصالحها بيوت الإصابة من أبوابها، ونقل فيها أوضاع الإجادة عمّن كان أدرى بها، وتقدّم فيها تقدّم هجرته وسبق قدمه، وبلغ في مقاماتها الغاية بين وثبات ساعده وثبات قدمه، وجمع من أشتات الطّير ما افترق في غيره، وحوى من السّبق إلى أنواعها ما حكم بسعد نجمه ويمن طيره؛ فكم ليلة أسفر فيما أبرزوه عن صباح نجاحه، وكم طائر زاحم النّسرين بقوادمه أصبح لديه محمولا بجناحه، وكم أنزلت أهلّة قسيّة الطير على حكمها، وكم حكت بنادقه في رجوم الطّير المحلّقة إلى السماء انقضاض نجمها، وكم أبصر مقاتل الطّير وهي من اللّيل في ظلمات بعضها فوق بعض، وكم اشتغل من الطير الواجب «1» بندب رمي لم يشغله من إعداد الأهبة للجهاد عن الفرض، حتّى كاد النّسر الطائر إذا توهّم أنّ الهلال قوسه يغدو كأخيه واقعا، والمرزم «2» المحلّق في الأفق يمسي لإشارة بنادقه الصّمّ متتبّعا، حتى أصبح وهو الكبير في فنّه بآداب التعريف، وأضحى وهو الخبير بنوعه بطريق النّقل والتّوقيف.

ولمّا كان فلان هو كبير هذا الفنّ وخبيره، ومقدّم هذا النّوع الّذي لم يزل بنجلائه عظيم كلّ عصر وأميره، وقديم هذا المرمى الّذي جلّ المراد به الجدّ لا

ص: 267

اللّعب، وأليف هذا المرام الّذي ينشط إليه اللّاعب ويستروح إليه التّعب- اقتضى الرأي الشريف أن نجعله حاكما في هذه الرتبة الجليلة بما علم أو علّم منها، فاصلا بين أهلها بمعرفته الّتي ما برحت يؤخذ بها في قواعدها وينقل عنها- فرسم بالأمر الشريف أن يكون حاكما في البندق.

فليستقرّ في هذه الرتبة الّتي تلقّاها، بيمين كفايته ويمنه، وارتقاها، بتفرّده في نوعه وتقدّمه في فنّه، وليعتمد الإنصاف في أحكام قواعدها، وإجراء أمر أربابها على أحوالها المعروفة وعوائدها، وينافس المعروفين بها على التّحلّي بآدابها، والتّمسك من المروءة والأخوّة بأفضل أهدابها، وينصف بينهم فيما يعتدّ به من واجبها، ويلزم الداخل فيها بالمشي على المألوف من طرقها والمعروف من مراتبها، ولا يحكم في التقديم والتأخير بهوى نفسه، ولا يقبل من لم يتحرّ الصّدق في يومه أنّه قبل منه في أمسه؛ فإنّ استدامة شروطها أمان من السّقوط عن درجها، وإذا حكّمت نفوس أهلها الصّدق في أقوالها وأفعالها فقد خرجت من خطّ حرجها؛ وليرع لذوي التقدّم فيها قدم هجرتهم، واشتهار سيرتهم الحسنة بين أسرتهم؛ وقد خبر من أوصافه الحسنة، وسابق رتبته الّتي لم تكن عين العناية عنها وسنة، ما اقتضى استقرار رتبته على مكانتها ومكانها، واكتفي له من مبسوط الوصايا بعنوانها؛ فليتّق الله في قوله وعمله، ويجعل الاعتماد على توفيقه غاية أمله؛ والخير يكون، إن شاء الله تعالى.

ومن ذلك ما يكتب به في إلباس الفتوّة.

اعلم أنّ طائفة من الناس يذهبون إلى إلباس لباس الفتوّة، ويقيمون لذلك شروطا وآدابا جارية بينهم. ينسبون ذلك في الأصل إلى أنّه مأخوذ عن الإمام عليّ كرّم الله وجهه.

والطريق الجاري عليه أمرهم الآن أنّه إذا أراد أحدهم أخذ الطّريق عن كبير من كبراء هذه الطائفة، اجتمع من أهلها من تيسّر جمعه، وتقدّم ذلك الكبير

ص: 268

فيلبس ذلك [المريد]«1» ثيابا، ثم يجعل في كوز أو نحوه ماء ويخلط به بعض ملح، ويقوم كلّ منهم فيشرب من ذلك الماء وينسبه إلى كبيره. وربّما اعتنا «ابن بذلك بعض الملوك. وقد جرت العادة في ذلك أنه إذا ألبس السلطان واحدا من الأمراء أن يكتب له بذلك توقيعا.

وهذه نسخة توقيع بفتوّة، من إنشاء القاضي محيي الدّين بن عبد الظاهر، وهو:

الحمد لله الّذي جعل أنساب الفتوّة، متصلة بأشرف أسباب النّبوّة، وأفضل من أمدّه منه بكلّ حيل وقوّة، وأسعد من سما فكان عليّا على كلّ من سام علوّه.

نحمده حمدا تغدو الأفواه به مملوّة، ونشكره على مواهبه بآيات الشّكر المتلوّة، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة من جعل إلى منهج التوحيد رواحه وغدوّه، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي شدّ الله أزره بخير من أفتى وفتّى فنال كلّ فتويّ من الفتيان به شرف الأبوّة والبنوّة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين نصروا وليّه وخذلوا عدوّه، صلاة موصّلة إلى نيل الأمانيّ المرجوّة.

وبعد، فإنّ خير من اتّصل به رجاء الرجال الأجواد، وطوى البعيد إلى تحصيل مرامه كلّ طود من الأطواد، وأماط به عن مكارم الأخلاق لثام كلّ جود وامتطى ظهر خير جواد، واستمسك من ملابس الشّرف بما يؤمّن ويؤمّل وما يشد به من كلّ خير لباس التّقوى، وما تؤيّد به عزيمته فتقوى، وما يتقيد به على رؤوس الأحزاب، وما يتنزل به عليه أحسن آية من هذا الكتاب- من اشتهر بالشّجاعة الّتي تقدّم بها على قومه، وحمد أمسها في يومه، وبالشّهامة الّتي لها ما للسّهام من تفويق، ولزرق الأسنّة من تحذيق، ولبيض الصّفاح من حدّة متون، وللسّمهريّة من ازدحام إذا ازدحمت المنون، ومن صدق العزيمة، ما يشهد به كرم الشّيمة، ومن شدّة الباس، ما يجتمع به على طاعته كثير من الناس، ومن صدق اللهجة واللّسان، ما اتّصف عفافه منهما بأشرف ما يتّصف به

ص: 269

الإنسان، ومن طهارة النّفس ما يتنافس على مثله المتنافسون، ويستضيء بأنواره القابسون، ويرفل في حلل نعمائه اللّابسون؛ و [كان]«1» من الذين أبانوا عن حسن الطاعة وأنابوا، وإذا دعوا إلى استنفار جهاد واجتهاد لبّوا وأجابوا، والذين لا يلوون ألسنتهم عن الصّدق، ولا يولّون وجوههم عن الحقّ، والذين لا يقعدهم عن بلوغ الأوطار مع إيمانهم حبّ الأوطان، وإذا نفذوا في حرب الأعداء لا ينفذون إلا بسلطان.

ولما كان فلان ذو المفاخر، والمآثر، أمير الفتيان، مميّز الإخوان والأعيان، هو صاحب هذا المحفل المعقود، والممدوح بهذا المقال المحمود، والممنوح بهذا المقام المشهود، والثّناء الّذي سرّ باله بما سربله أثواب العزّة والفخار، والاعتناء الّذي استخير الله في اصطفائه واختباره في ذلك فخار- اقتضى حسن الرأي الشريف- كرّم الله أنصاره، وأعلى مناره- أن نجيب وسائل من وقف في هذا القصد وقفة سائل، لينال بذلك كلّ إحسان وإحسان كلّ نائل، ودعا إلى الكريم العامّ بالإنعام، والدعاء لسلطان يدعى له ويدعو كلّ الأنام، فقال: أسأل الله وأسأل سلطان الأرض، ملك البسيطة إمام العصر، رافع لواء النّصر، ناصر الملّة المحمديّة، محيي الدّولة العبّاسيّة، فاتح البلاد والقلاع والأمصار، قاهر الكفّار مبيد الفرنج والأرمن والتّتار، سلطان الزّمان، خسروان إيران، شاهنشاه القان، سلطان العالم وارث الملك، سلطان العرب والعجم والتّرك، الذي انتهى إليه عن أمير المؤمنين الإمام الأوّاب، المغوار، عليّ بن أبي طالب ذي الفخار، شرف الفتوّة واتّصال الأنساب.

قلت: هذا ما وقفت عليه من نسخة هذا التّوقيع. وقد ذكر الشيخ شهاب الدّين محمود الحلبيّ في كتابه «حسن التوسل» نسخة تقليد أنشأه في الفتوّة، أسقط منه أوّل الخطبة وهو:- وابتدأ منه بقوله «2» :

نحمده على ما منحنا من نعم شتّى، ووهبنا من علم وحلم غدونا بهما

ص: 270

أشرف من أفتى [في الكرم وفتّى]«1» وآتانا ملك خلال الشّرف الّذي لا ينبغي لغير ما اختصّنا به من الكمال ولا يتأتّى، وخصّنا به من رفع أهل الطاعة إلى سماء النّعم يتبوّأون من جنان الكرم حيث شاءوا: وغيرهم لا تفتّح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجّنة حتّى، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة من انتمى في فخار أبوّة التّقى إلى حسب عليّ، وانتهى [من بنوّة المروءة]«2» إلى سبب قويّ ونسب زكيّ، وارتدى حلل الوقار بواسطة الفتوّة عن خير وصيّ عن أشرف نبيّ، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي نور شريعته جليّ، وجاه شفاعته مليّ، وبسيفه وبه حاز النّصر من انتمى إليه: فلا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا عليّ.

وبعد، فإنّ أولى من لبّى إحساننا نداء ودّه، وربّى امتناننا نتاج ولائه الموروث عن أبيه وجدّه، ورقّاه كرمنا إلى رتبة علاء «3» يقف جواد الأمل عن بلوغها عند حدّه، وتلقّت كرائمنا «4» وفد قصده بالتّرحيب، وأنزلت جار رجائه «5» من مصر نصرها بالحرم الآمن والرّبع الخصيب، وأذنت لأمله ما نأى من الأغراض حتى بلغه بفضلها سهم اجتهاده المصيب، وأعدّت له من حلل الجلالة ما هو أبهى من رداء السّماء الّذي تزداد على الأبد جدّة برده القشيب، وخصّته لابتناء المجد بأجلّ بنوّة جعلت له في إرث خلال الشّرف أوفر «6» حظّ وأوفى «7» نصيب- من سمت منابر المجد بذكره، وابتسمت أسرّة الحمد بشكر أوصافه ووصف شكره، واختالت موادّ «8» الثناء بحسن خلاله، واختارت كواكب السّناء إقبال طوالعه بطوالع إقباله، وتمّسك من طاعتنا بأمثل «9» أسباب الهدى،

ص: 271

واعتصم بعروة بنوّة الأبناء «1» فأوطأه التّوثّق بها رقاب العدا، واتّصف بمحاسن الشّيم في مودّتنا فأضحى فتيّ السّنّ كهل الحلم يهتزّ للنّدى، وانتمى إلينا فأصبح لدينا ملكا مقرّبا، وأوجب من حقوق الطاعة علينا ما أمسى به لدينا- مع جلالة الأبناء- ابنا وغدونا له- مع شرف الآباء- في نسب الفخر العريق أبا، ونشأ في مهاد الملك فسما به للعلم والعلم، بالسّيف والقلم «2» ، والبأس والكرم، واعتزى إلى أبوّة حنوّنا ببنوّة رجائه فتشبّه بعدل أيامنا:«ومن يشبه «3» أباه فما ظلم» ، وتحلّى بصدق الولاء وهو أوّل ما يطلب في سرّ هذا النّسب ويعتبر، وتحلّى لنكاية عدوّ الإسلام بلطف [مكايده إذ]«4» السيوف تجزّ الرّقاب «وتعجز عما تنال الإبر» .

ولمّا كان فلان هو الّذي زان بموالاتنا عقود مجده، وزاد في طاعتنا على ما ورث من مكارم أبيه وجدّه، [وساد الملوك في اقتبال]«5» شبابه، وصان ملك أبيه عن عوارض أوصابه باتّباع ما أوصى به، وأنفت صوارمه أن تكون لغير جهاد أعداء الله معدّة، وعزائمه أن تتّخذ عدوّ الله وعدوّه أولياء تلقي إليهم بالمودّة، وسهامه أن تسدّد [إلّا]«6» إلى مقاتل العدا، وأسنّته أن يبلّ لها من غير مناهل صدور الكفر صدى، مع اجتماع خلال الشّرف لشرف خلاله، وافتراق أسباب السّرار عن هالة كماله، وسؤاله ما ليس لغيره أن يمدّ إليه يدا، والتماسه من كرمنا العميم أجلّ ما نحل والد ولدا؛ وأنّه وقف على قدم الرّجاء الثّابت، ومتّ بقدم غروس الولاء الّتي أصلها في روض المودّة نابت، وقال: أسأل الله وأسأل سلطان

ص: 272

الأرض، القائم لجهاد أعداء الله بالسّنة والفرض، فاتح الأمصار، الذي لم تزل سيوفه تهاجر في سبيل الله عن غمودها إلى أن صار له من الملائكة الكرام أنصار، الذي كرّم الله شرف الفتوّة بانتمائها إليه، وأعلى قدر بنوّة المروءة باتّصالها به عن الخلفاء الراشدين عن أب [فأب]«1» عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، وأورثه من خلقه الكرم والبأس فتحلّيا منه بأجلّ مواف [وأكمل]«2» موافق، ومنحه بحفظ العهد من خصائصه ما عهد به إليه النّبيّ الأمّيّ من أنّه ما يحبّه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، أعزّ الله سلطانه، وأوطأ جياده معاقل الكفر وأوطانه، أن يتقبل قصدي بقبول حسن، ويقبل بوجه كرمه على أملي الّذي لم يقعد به عن فروض الطاعات وسننها وسن، وينظمني في سلك عقود الفتوّة ملتزما بأسبابها، مقتديا «3» بطاعته الّتي هي أكمل أنسابها، متّصفا بموالاته الّتي لا يثبت لها حكم إلّا بها، آتيا بشروط خدمته الّتي من لم يأت بها على ما يجب فما أتى البيوت من أبوابها.

فاستخرنا الله تعالى في عقد لواء هذا الفخار لمجده فخار، ونظمناه لعقد هذا المقام الكريم واسطة لمثله كان يزينها الادّخار.

فرسم «4» بالأمر الشريف- لا زال جوده يعلي الجدود، ويوطّد لأبناء ملوك الزّمن من رتب الشرف فوق ما وطّدت الآباء والجدود- أن نصل سببه بهذا السّبب الكريم، ونعقد حسبه في الفتوّة بأواخي هذا الحسب الصّميم، ونعذق «5» نسبه بأصالة هذه الأبوّة الّتي هي إلا عن مثله عقيم، ويفاض عليه شعار هذا

ص: 273

الخلق المتّصل عن أكرم وصيّ بمن قال الله تعالى في حقّه: إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

«1» فليحلّ هذه الهضبة الّتي أخذت من [أفق العزّ بالمعاقد]«2» ويحلّ هذه الرتبة الّتي دون بلوغها من نوع الفراقد ألف راقد، ويجرّ رداء الفخر على أهداب الكواكب، ويزاحم بمواكب مجده النجوم على ورود نهر المجرّة بالمناكب، وليصل شرف «3» هذه النسبة من جهته بمن «4» رآه أهلا لذلك، وليفت في الفتوّة بما علم من مذهبنا الّذي انتهى «5» فيه منّا إلى مالك، وليطل على ملوك الأقطار، بهذه الرتبة الّتي تفانى الرّجال على حبّها، ويصل على صروف الأقدار، بهذه العناية الّتي جعلته- وهي حلية حزب الله- من حزبها، وليصل سرّ هذا الفضل العميم بإيداعه إلى أهله، وانتزاعه ممن لم يره أهلا لحمله.

قلت: وما تقدّم مما يكتب عن الأبواب الشريفة السلطانية بالديار المصرية والممالك الشامية، لأرباب السيوف، وأرباب الأقلام وغيرهم: من التّقاليد، والتّفاويض، والتّواقيع، والمراسيم: المكبّرة والمصغّرة، ليس هو على سبيل الاستيعاب، بل على سبيل التمثيل والتّذكير، لينسج على منواله، وينهج على نهجه. فإنّ استيفاء ما يكتب في ذلك مما يشقّ، ويقف القصد دونه. بل لا بدّ من حوادث تحدث لم يسبق لها مثال يقتفى أثره. فيحتاج الكاتب إلى حسن التّصرّف في إيراد ما يلائم ذلك ويناسبه. وكلّ كاتب ينفق من كسبه، على قدر سعته، والله تعالى هو الموفق إلى نهج الصواب، والهادي إلى طريق الحقّ في الأمور كلّها، بمنّه وكرمه.

ص: 274