الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مواعد البركات جديرة؛ والله تعالى يتقبّل دعاءه وسعيه، ويحسن كلاءته ورعيه، بمنه وكرمه!.
الصنف الثالث (من التواقيع الّتي تكتب لأرباب الوظائف بدمشق- ما يكتب لأرباب الوظائف الدّيوانية؛ وهي على ضربين)
الضرب الأوّل (ما يكتب لمن بحاضرة دمشق منهم؛ وهو على ثلاث مراتب)
المرتبة الأولى (ما يفتتح ب «الحمد لله» ؛ وفيها وظائف)
وهذه نسخ تواقيع من ذلك:
نسخة توقيع بكتابة الدّست بدمشق، كتب به لتاج الدين «عبد الوهاب» ابن المنجا التنوخيّ، عوضا عن شمس الدين «محمد بن حميد» بالوفاة؛ وهي:
الحمد لله الّذي جعل تاج الأولياء أينما حلّ حلّى المراتب وزانها، وغدا على التّحقيق كفأها ووزانها، وألبسها من براعته ويراعته عقودا تزرّ دررها «1» وجمانها، ومنح دستها العليّ من ألفاظها المجيدة بيانها، وزادها بأصالته فخارا يستصحب وقتها وزمانها، وارتقى ذروتها الّتي طالما زاد بالمعالي أركانها، فتبوّأ بمزيد المجد مكانها.
نحمده على نعمه الّتي أجزلت إحسانها، وأجملت امتنانها، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تشهد القلوب إيمانها، ويدّخر القائل إلى يوم المخاف أمانها، ويتبوّأ بها في الدّار الآخرة من يخلص فيها جنانه جنانها،
ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الّذي أظهر الله تعالى به الشريعة المطهرة وأبانها، وشرّف هذه الأمّة ورفع على جميع الأمم شانها، وبعثه رحمة إلى كافّة الخلق فأقام بمعجزاته دليل الهداية وبرهانها، وأطفأ بنور إرشاده شرر الضّلالة ونيرانها، وأحمد بدينه القويم وصراطه المستقيم معتقدات [طوائف]«1» الشّرك وأديانها، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ما منهم إلا من نزّه نفسه النّفيسة وصانها، وسلك في خدمته وصحبته الطريقة المثلى فأحسن إسرار أموره وإعلانها، صلاة دائمة باقية تحمد بالأجور اقترانها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى من جدّدنا رفعة تاجه، وسدّدنا قوله في مجلس عدل ينشر فيه بكلمة الحقّ ما انطوى من أدراجه، وحدّدنا له محلّ سفارة يلحظ فيه حوائج السائل فيغنيه عن إلحاحه ولجاجه- من هو في السّؤدد عريق، ولسانه في الفضائل طليق، وقلمه حلّى الطروس بما يفوق زهر الرّياض وهو لها شقيق؛ وكان فلان هو الّذي علا تاجه مفرق الرّآسة، وجلا وصفه صور المحاسن والنّفاسة.
فرسم بالأمر العاليّ- لا زال يولي جميلا، ويولّي المناصب الجليلة جليلا- أن يستقرّ المشار إليه في وظيفة توقيع الدّست الشريف بالشام المحروس، عوضا عن فلان بحكم وفاته إلى رحمة الله تعالى، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت.
فليباشر ذلك مباشرة تشكر مدى الزمان، وتحمد كلّ وقت وأوان، وليملأ بالأجور لنا صحفا بما يؤدّيه عنّا من خير وإحسان؛ والوصايا كثيرة وأهمّها التقوى؛ فليلازم عليها في السّرّ والنّجوى؛ والله تعالى يحرسه ويرعاه، ويتولّاه فيمن تولاه؛ والاعتماد..............
[وهذه نسخة] توقيع بنظر الخاصّ، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي «بهاء الدين بن ريّان» ؛ وهي:
الحمد لله معلي رتب الأعيان، ومبقي أحبّاء السّيادة على ممرّ الأحيان، ومبدي «بهاء» المناصب، بمن فضله الواضح والصّبح سيّان، ومنشي ثمرات المناقب، في منابت أهلها حيث الفرع باسق والأصل «ريّان» .
نحمده على أن يسّر البيت المعلّى بحسنه، وأيقظ جفن الآمال من وسنه، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تجمع لنا من خيري الدّنيا والآخرة كرم المطلبين، وشرف المنصبين، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المشرق فضله على أهل المشرقين والمغربين، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين أصبح الثناء عليهم وقفا، واشتمال الذّكر عليهم عطفا، صلاة تضيء آفاق القبول بشمعة صبح لا تقطّ ولا تطفى، وسلّم.
أما بعد، فإنّ للمناصب الدينية نسبة ببيوت أهل الدّيانة، ولخاصّ الرّتب تعلقا بالخاصّ من ذوي الكفاءة والأمانة؛ والمنازل بكواكبها المتألّقة، والحدائق بمغارسها المتأنّقة، ونفوس الدّيار بسكّان معاهدها المتشوّفة المتشوّقة.
ولمّا كان الخاصّ الشريف والوقف المنصوريّ لوجه المناصب الشامية بمنزلة حسن الشامتين، ولرائد الخصب من جهتي الدنيا والآخرة بمحلّ نفع الغمامتين؛ هذا على صنع البرّ الممدود مقصور، وهذا لسحاب الخير سفّاح لأنهر جهة ل «- لمنصور» ؛ يعلو هذا بالنّاظر في دقائقه إلى أعلى الدرّج، ويتلو هذا بلسان ميزانه المنفق على المارستان: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ
«1» - لا يليق الجمع بين رتبتيهما إلّا لمن يجمع بسعيه فضل الدّارين، ومن يجيد بنان قلمه الحلبيّ حلب ضرعيهما الدّارّين، ومن نشأ في بيت سعادة أذن الله لقدره أن يرفع، وأقلام بيته
أن تنفع، ولمحاسن ذويه أن تشفع بجمالها إلى قلوب الأولياء فتشفّع، ومن يسرّ برواية فضله وبرؤيته السّمع والعين، ومن يفترض شرفه وشرف إخائه حبّ «الحسن» و «الحسين» ، ومن تبتهج جوانح المحاريب بتعبّده، وتلهج ألسنة مصابيح المساجد بالثّناء على تردّده وتودّده، وتستبق جياد عزمه: فبينما الكميت «1» في الشّهباء تابع أدبه إذا بابن أدهم «2» رسيل تزهّده، ومن تقول مناصب حلب: «لله درّ بهائه المقتبل!، ومن ينشد ثبات وقاره مع لطافة خلقه:
«يا حبّذا جبل الرّيّان من جبل» «3» !، ومن تنفح أخباره منافح الأزهار، ومن يشهد بفضله جيش المحراب في اللّيل وبمباشرته جيش الحرب في النهار، ومن تأسى بلدة فارقها فراق العين للوسن، ومن يروي صامت دمشق وغيرها من تدبيره عن «عامر» وعن «حسن» .
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال من ألقابه الشريفة صالح المؤمنين، وعماد الدّاعين لدولته القاهرة والمؤمّنين- أن يفوّض للجناب العالي......
فإنّه المعنيّ بهذه الأوصاف المتقدّمة، والمقصود بإفاضة حللها المعلمة، والموصوف الّذي يحلو وصفه إذ كرّر، ويستعبد الأوصاف والأسماع إذا حرّر، والأحقّ برتبة عزّ في النّظار مضى وأبقى ثناءه، ومكان نظر إن لم يقل الدعاء اليوم: أدام الله عزّه! قال: أدام الله بهاءه، واللّائق بتقرير منصب تقصر دونه
المطامع، وتصدير ديوان إن انقطعت روايته عن «حمزة» فقد اتّصلت روايته عن «نافع» .
فليباشر هذين المنصبين المنجبين، مجتهدا في مصالح الخاصّ الشريف، والوقف الّذي لا تحتاج همّته فيه إلى توقيف، حتّى يكون خير الخاصّ عامّا، وأمر الوقف تامّا، وريعهما بالبركات خير محفوف، والمنصوريّ من جهة المعاضدة قد أضحى وهو بالعضدين موصوف.
والوصايا متعدّدة وهو أدرى وأدرب بها، وتقوى الله تعالى أولى وصيّة تمسّك المرء بسببها، وشكر النعمة أدلّ على نبيه همم الرجال وعلى فضل مهذّبها؛ والله تعالى يسدّد قلمه، ويثبّت في مطالع العزّ قدمه، بمنّه وكرمه!.
توقيع بنظر الخزانة العالية «1» ، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي «تقيّ الدين بن أبي الطّيّب» ب «الجناب العالي» ؛ وهو:
الحمد لله الّذي له خزائن السموات والأرض، وبحكمته يهب منها ما يشاء لمن يشاء رضي المعاند أم لم يرض، وبمنّته فضّلت مراتب أهل التّقى على الرّتب كما فضّل على النافلة الفرض، وبعنايته بنيت بيوت أهل السّيادة على الطّول وبقي صالح عملهم إلى العرض، وبهدايته سما إلى أعلى الخزائن من تقرضها أوصاف قلمه وقلم أبيه أحسن القرض.
نحمده على ما منح من خزائن فضله، ونشكره والشّكر ضامن المزيد لأهله، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة يدّخرها الإنسان لنيّته وقوله وفعله، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الّذي جمع بفيئه وفرّق
ببذله، وأعطى ما لم تنطو ضمائر الأكياس في صدور الخزائن على مثله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه السّالكين سنن فضيلته وفضله، التابعين في الكرم والبأس قياس بيانه ونصّ نصله، ما أطلعت خزانة الوسميّ آثار نقط الغيث كالدّراهم، وخلعت على الدنيا خلع الروض متقلنسة بمستدير الظّلال مزرورة بمعقود الكمائم، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ الرّتب ذخائر قوم في خزائن الاختيار، وأخاير أهل تزكو نقود شيمهم على محكّ الاعتناء والاعتبار، وفروع خلف تظهر مظاهر نصولها الزكيّة سابغة الظّلّ رائقة الزّهر فائقة الثّمار؛ إذا احتيج منهم إلى ذخيرة نفعت، وإلى أخير وقت أربى على عزائم الأول وما صنعت، وإلى فروع شجرة سرت محامدها الضّائعة: لا ممّا ضاعت بل ممّا تضوّعت.
ولما كانت رتبة نظر الخزانة العالية بدمشق المحروسة أحقّ بمن هذا وصفه، وهذا نعته في مقدمّة الذّكر الجميل وهذا إليه عطفه؛ إذ هي مرتبة العلياء ومكانها، وزهرة سماء المملكة وميزانها، ومنشأ غيوث صلاتها الهامرة، ومنبت رياض خلعها الزاهرة، وأفق السعادة ومطلع نجمها المنير، وجنّة أولياء الدّولة ولباسهم فيها حرير، ومعنى شرف الاكتساء والاكتساب، ومأوى الفاضل- والحمد لله- الذي يحفظها التحصيل بحساب ويعطيها الجود بغير حساب.
وكان الجناب...... «1» ممن تضم أعطافه أنوار السّعادة، وتحفّ أطرافه و...... «2» . السّيادة، وتنتقل جلسته: إمّا من تنفيذ الديوان لمرتبة وإمّا من تدريس العلم لسجّادة، ذو الفضل والفضائل حسن التّجنيس والتّطبيق، والكتابة: من حساب وإنشاء زاكية النّثر على التّعليق، ونفحات البرّ من نفحات العيش أجود، والشبيبة فيها النهى فمكانه كما قال البحتريّ: نسب أسود، والهمم الّتي حاولت منال الشّهب الممتنعة ولات حين مناص، والكلمة الّتي لو
عاين «البصريّ» فرائد نحرها لقال: كلّ هذه درّة الغوّاص، والعزائم الّتي رامت المناصب فما قبلت من خزانتها سوى الرّفيع وما رضيت من ديوانها سوى الخاص؛ كم نبّهت منه المقاصد «عمر» «1» ثم نامت!، وكم أجلسته كواكب اليمن في صدر محفل ثم قامت!، كم حوى من الحمد سنيّا!، وملأ الرّباع خيرا وفيّا!، وقيض الله للفقراء والأيتام حنانا من لدنه وزكاة وكان تقيّا.
فلذلك رسم بالأمر الشرّيف- لا برح صالح الدّهر كالزّهر، مالك نفوس الأولياء والأعداء: هاتيك بالإنعام وهاتيك بالقهر- أن يفوّض إليه نظر الخزانة العالية مضافا إلى ما بيده من نظر الخاصّ الشريف: لأنّ مثله لا يصرف عن وظيفة بسناه تعترف، ومن نداه تغترف، وأنّ اجتماع العدل والمعرفة قاض بأنّ «عمر» لا ينصرف، وأنّ الخاصّ لخاصّ الأولياء أمسّ مكانة، وأنّ الخزانة أنسب بمن عرف بالصّيانة، وأنّ خزائن الأرض، وهي مصر لو نطق نظيرها لقال: ليس لي مثل هذه الخزانة، وأنّ عين الأعيان أولى بالنّظر، وأنّ الأنظار لا بل الصّحابة أحقّ ب «عمر» ؛ لما علم من سيرته النّقيّة، وسريرته التقيّة، وصفاته الّتي يمتدّ فيها نفس القول حتّى ينقطع وفي الأوصاف بعد بقيّة وبقيّة.
فليباشر ما فوّض إليه من أعلى المراتب المنجبات، والوظائف المعجبات المعشبات، والجهات الّتي ما لها كبيته الطّيّبي: والطّيّبون للطّيّبات، مستجدّا من نظر هذه الخزانة ثوب سعده الجديد، معملا في مصارف الذّهب والفضّة بصر آرائه الحديد، منبّها لها عزمه العمريّ ونعم من ينبّه، مشبها في الكفاءة أباه المرحوم وما ظلم من أشبه، مقرّرا من أحوالها أحسن مقرّر، محرّرا من أمورها أولى ما اعتمد والخزانة أولى بالمحرّر، حافظا لمالها بقلم التّحصيل حتّى ينفّذ قلم الإطلاق، صائنا لوفرها حتّى ينفقه الكرم خشية الإمساك بعدما أمسكه الصّون خشية الإنفاق، مستدعيا من أصنافها كلّ ما تنوّع وتصنّف، وتوشّع