الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشريف أعلاه، حجة بمقتضاه، إن شاء الله تعالى، والحمد لله وحده.
قلت: وقد تقدّم أنّه لا يكتب عن السلطان مرسوم بنيابة في قطع العادة، لأنّ ذلك لا يكون إلا لجنديّ وهو دون، ومثل ذلك إنّما يكتب عن نوّاب الممالك.
الصنف الثاني (ممّا هو خارج عن حاضرة حلب- الوظائف الدّينية بمعاملتها: من القلاع وغيرها)
وهي في الغالب إنّما تصدر الكتابة فيها عن نائب حلب أيضا أو قاضيها، إن كان مرجع ذلك إليه. فإن صدر شيء منها عن الأبواب السّلطانية، كان في قطع العادة مفتتحا ب «رسم» .
وهذه نسخة توقيع من هذا النّمط ينسج على منواله، كتب به لقاضي قلعة المسلمين، وهي:
رسم بالأمر الشريف- لا زال عدله مؤيّدا للحكّام، ورأيه مسدّدا في النّقض والإبرام، وسلطانه يختار للمناصب الدّينية من نطقت بشكره ألسنة الأنام- أن يستقرّ في كذا: لما اشتهر عنه من علم ودين، وظهر من حسن سيرة اقتضت له التّعيين.
فليباشر هذه الوظيفة المباركة بالحقّ حاكما، وللرّفق ملازما، وللتّقوى مداوما؛ وهو غنيّ عن الإسهاب في الوصايا، مليّ بسلوك تقوى الله في القضايا؛ والله تعالى يزيده تأييدا، ويضاعف له بموادّ السعادة تجديدا؛ والعلامة الشريفة أعلاه، حجة بمقتضاه.
الصنف الثالث (مما هو خارج عن حاضرة حلب- الوظائف الدّيوانية)
وهي إنّما تصدر في الغالب أيضا عن نائب حلب. فإن كتب شيء منها عن الأبواب السلطانية، كان في قطع العادة مفتتحا ب «رسم بالأمر» .
وهذه نسخة توقيع من ذلك، يستضاء به فيما يكتب من هذا النوع، كتب بها بنظر جعبر، من معاملة حلب، وهي:
رسم بالأمر الشّريف- لا زال منهلّ النّدى، مستهلّ الجدى «1» ، معيدا للإحسان كما بدا- أن يعاد فلان إلى وظيفته: لما ألفت من سيرة له لم تزل تحمد، وسيما خير منه على مثل الشّمس تشهد، ولأمانته الّتي لم تزل تفترّ بها الثّغور، وتخضرّ بها المعاهد: تارة في طوق النّحر وتارة في نحور البحور، وأصالة امتدّ ظلّها الظّليل، وعرف منها في العصر حسن الأصيل، وأينعت أكرم فرع زكا منبته «2» في الأرض المقدّسة وجوار الخليل، ولما أسلف في هذه المباشرة من عمل صالح، وسداد اعتماد لم يخرج عن تحرير تقرير وتقرير مصالح، وكتابة رآها الرّائي ونقلها النّاقل، وكفاية حفّت عيه مثل العروس المجلوّة من عقائل المعاقل.
فليباشر هذه العروس فقد أنقدها «3» سالف الخدم وأمهرها، وليثابر سقيا الغروس الّتي أنشأها في هذه الجهة وثمّرها، وليسلك مسلكه الّذي لم يزل مخيّما على رؤوس القنن، ومهوّما به طرف الأمن لليقظة الذي لا يلمّ به الوسن، مخوّلا في وظيفته المبرّات، مستقبلا للمسرّات، مفتخرا بمباشراته الّتي تجري مجاري البحار: تارة الملح الأجاج وتارة العذب الفرات؛ وهو أعرف بما يقدّمه من أمانة بها يتقدّم، وديانة يرجّب «4» بها استكفاؤه ويحكّم؛ وتقوى الله جماعها فليكن بها متمسّكا، وبمشاغلها متنسّكا؛ والله تعالى يجعل عطاءه موفّرا، وعمله متدفّقا ليردّ جعبرا جعفرا «5»