الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثلث مفتتحا ب «الحمد لله» .
ومنها- خطابة القدس
، وتوقيعها كذلك.
ومنها- مشيخة حرم الخليل
، وتوقيعها في العادة يكتب مفتتحا ب «رسم» .
وأمّا الصّفقة القبليّة
«1» ، فالّتي يولّى بها من الأبواب السّلطانية نيابة صرخد. وقد تقدّم في الكلام على ترتيب المملكة الشّامية أنّه قد يجعل فيها من يقرب من رتب السّلطنة، وحينئذ: فإن وليها مقدّم ألف، كان مرسومه في قطع النّصف ب «المجلس العالي» ، وإن وليها أمير طبلخاناه، كان مرسومه في قطع النّصف أيضا، ب «السّاميّ» بالياء.
وأما الصّفقة الشّرقية «2» فالنّيابات بها على طبقتين:
الطبقة الأولى (ما يكتب به مرسوم شريف في قطع النّصف، وهو ما يليه مقدّم ألف أو طبلخاناه، وفيها نيابات)
النيابة الأولى- نيابة حمص
.
وقد تقدّم أنّها كانت نيابة جليلة، كان يليها في الدّولة النّاصرية «محمد بن قلاوون» مقدّم ألف، وأنه ذكر في «التّثقيف» أنّها صارت الآن طبلخاناه.
وحينئذ: فإن كان بها مقدّم ألف، كان مرسومه في قطع النّصف ب «المجلس العالي» ، وإن كان طبلخاناه، كان مرسومه في قطع الثّلث ب «المجلس الساميّ» بالياء.
وهذه نسخة مرسوم شريف بنيابة السلطنة بحمص:
الحمد لله مقدّر كلّ أجل إلى حين، ومقرّر أمور الممالك في عباده الصّالحين، الذي جعل بنا أولياءنا من الرّابحين، وحفظ ما استرعانا من أمور عباده بولاية النّاصحين.
نحمده على اختيار لا يصل إليه قدح القادحين، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة نكون بها في غمرات الحروب على السّوابح «1» سابحين، ونشهد أنّ سيّدنا محمدا عبده ورسوله أكرم المانحين، وأعظم الفاتحين، وأشرف من ولّى الأعمال الكفاة الوفاة المكافحين، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة لا تزال فيها الحفظة على أعمالنا مماسين ومصابحين، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ مراسيمنا الشّريفة وإن تأخّر وقتها إلى أجل معدود، وأمد ممدود، ومضت أيّام وليال ولها باب مسدود، وعمل سببه غير مشدود- فإنّا كالسّيف يتلاهى إذا صمّم لا يرجع، وكالغمام تتمادى مدد مدّه ثم يجود فلا يقلع، ولم نزل منذ فوّض الله أمور بلاده إلينا، وصرّف أمور جمهور عباده بيدينا، نرى أن نحمي غاباتها بأشدّ الأسود، ونرمي غاياتها بمن هو لأمر ما يسود، ونحوط جنباتها بمن لا يستبيح حرمه إلا الوفود، ونحطّ ركائب رعاياها منه على من هو المقصود، وننيب إلى ما يترجّح من مصالحهم لدينا، ونستنيب لمن يترجّى الحسنى إذا عرضت متجدّدات أمورهم علينا، وإذا انفرد بحكم لا يظنّ إلّا أنّه بمسمع من أذنينا، ومرأى من عينينا، لأنّ نوّاب الممالك الشريفة فروع عدلنا الشّريف ونحن أصلها، وأسباب إحسان بأوامرنا المطاعة قطعها ووصلها.
وكانت حمص المحروسة من أكبر الممالك القديمة، والمدن العظيمة؛ تغرق الأقاليم في مدّها، وتمتدّ عساكرها فتعدّ حماة حماة من جندها؛ وهي من
الشّام المحروس في ملتقى مواكبه، ومجرّ عواليه ومجرى سوابقه ومجمع كتائبه؛ طالما كان بها الحرب سجالا، وطالما سابقت بها الرّجال آجالا؛ وكان لنا بها في الحرب يومان عوّضنا الله أدناهما بما حفظت المعارك، وضاقت الأرض بدماء القتلى ففاض إلى السّماء ما التقى بالشفق من [تلك المسالك]«1» ، واتّصلت بالبرّ والبحر من جانبيها، واتّصفت بأنّها مهبّ الرّياح، ومركز الرّماح، لما يهبّ لنا من بشرى النصر ويخفق من عصائبنا المنصورة عليها.
فلمّا تطاول الأمد على خلوّها ممّن ينوب عن السّلطنة الشّريفة في أحكامها، ويؤوب إلى تسديد مرامي سهامها، لم تزل آراؤنا العالية تجول فيمن يصلح أن يقّدم قدمه إلى رتبتها العليّة، ويجرّد منها عزائمه المشرفيّة، ويجمع بها على طاعتنا الشّريفة من فيها من العساكر المنصورة، والقبائل المشهورة، والطّوائف المذكورة، ويبسط بساط العدل في كافّة جنودها ورعاياها فإنّها بهؤلاء محروسة وبهؤلاء معمورة- فرأينا أنّ أولى من حكم في عاصيها والمطيع، واتّخذ لسوريا السّور المنيع، من هو الموثوق بما أمضت السيوف من هممه، وأرضت التّجارب من سوابق خدمه، وطارت سمعة شكره في الآفاق، وطابت أثنيته فجاءت بما يعرف من الطّرب لإسحاق «2» ؛ وكان قد تقدّمت له في عينتاب «3» ، نيابة كم أصابه فيها رجل بالعين ثم إنّه من العين تاب، وقام بين أيدي كفلاء ممالكنا الشريفة حاجبا، وفهم من أحكامهم الّتي تلقّوها منّا ما أصبح لها صاحبا، فما للنّيابة إحكام أحكام إلّا وهو به عالم، ولا تولية حكم إلا وقد استحقّها لقرب ما بين الحاجب والحاكم.
وكان فلان هو المرتضى للبس هذه المفاخر، والمنتظر الّذي كم ترك الأوّل فيه للآخر- فاقتضت مراسيمنا المطاعة أن يزان جيده بهذا التقليد، وتلقى إليه المقاليد، وتمدّ يد هذه الرتبة لتلقّيه، وتخضع عنق هذه المرتبة لترقيّه، وتحوّل إليه هذه النّعمة الّتي ألحقت قدره بالأكفاء، وأهّلت هممه للاكتفاء، وشرّفت مكانه، بما أجمعت عليه آراؤنا الشريفة له من الاصطفاء، وأحسنت به الظّنّ لمّا رأت نيّته الجميلة ممثّلة من خاطره في مرآة الصّفاء.
فرسم بالأمر الشّريف- لا زال مرفوعا به كلّ علم، ممنوعا به حمى كلّ حرم- أن تفوّض إليه نيابة السّلطنة الشّريفة بحمص المحروسة وأعمالها، وجندها وعمّالها، وعساكرها وعشائرها، وعامرها وغامرها، وأوّلها وآخرها، ودانيها وقاصيها، وكلّ ما في حدودها الأربعة، وداخل في جهاتها الممنّعة، على أكمل ما جرت به عوائد من تقدّمه، واستقرّت عليه القواعد المتقدّمة.
فاتّق الله في أمورك، واجعل الشّرع الشّريف مشكاة نورك، وعظّم حكّامه، ونفّذ أحكامه، فهم أمنع سورك، واعدل فهو قرار خواطر جمهورك، وتيقّظ لسداد سداد ثغورك، وارفق لتطلق به نطق نطاق شكورك؛ وأقم الحدود فإنّها زيادة في أجورك. وأمّا العساكر المنصورة، فجمّل بهم في خدمتنا الشريفة مواكبك، وكمّل بعزائمهم مضاربك، ولا تستخدم منهم إلا من يسرّك أن تراه في يوم العرض، وتعقد هوادي جياده السماء بالأرض، واحم أطراف بلادك من عادية الرّجال، واحفظ جانبيها من تخطّف الغارات فسر قيامها [لا يدفعه]«1» غير احتيال، واهتمّ بالجهاد تحت صناجقنا «2» المنصورة لأعداء الله متى أجمعوا، وضرّسهم بأنياب أسنّتك فأنت صاحب العصا وهي تتلقّف ما صنعوا، وعمّر