الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرتبة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بأعمال دمشق- ما يفتتح ب «- رسم بالأمر» ؛ وفيها وظائف)
وهذه نسخ تواقيع من ذلك:
نسخة توقيع بحسبة بعلبكّ: من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، كتب بها ل «- شهاب الدين بن أبي النور» ؛ وهي:
رسم بالأمر الشريف- لا زالت شهب أوامره عالية السّنا والسّناء، وفيّة لذوي الاستحقاق بمزيد الاعتناء والاغتناء، جليّة البرّ بمن شهد بحسن حسبته حتّى لسان الميزان وفم الكيل وشفة الإناء- أن يستمرّ فلان...... لما ذكر من أوصافه الّتي ضاعفت فيه الرّغبة، وحالفت به سموّ الرّتبة، وشهدت بها حسبته تلو الشّهود: وحسبك من اجتمعت على فضله شهادة الفرض وشهادة الحسبة، ولما صحّ من كفاءته وتجربيه، ووضح في هذه الوظيفة من تدريبه الّتي تدري به، ولما تعيّن من استمرار شهابه في المنزلة الّتي تكتسي من أضوائه وتكتسب، وهذه الرتبة الّتي تعلو بمعرفته: وكفاه أنّه يرزق من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب! وأنّه فيها ذو الرّأي الزّائد، والنّفع الوارد، والشّهاب الّذي نور هداه في وجه المريد وأثركيّ حسبته في وجه المارد، وأنّه وليها ولاية لا تزال تذكر وتشكر، وعرف بوفائها وكان أوفى من أمر بمعروف أو نهى عن منكر، وأنّه قام حقّ القيام حتّى قال البلد: رعى الله زمانك، واجتهد حتّى قال الاعتبار للميزان: لا تذكر الزّيغ ولا تحرّك به لسانك.
فليستمرّ في حسبته المباركة استمرارا يستحلى ذكره، ويستجلى في الاسم شهابه وفي السّمة بدره، وليحتسب في نفع المسلمين حسبة يحتسب بها عند المملكة ثناءه وعند الملائكة أجره، سالكا على نهج العزم الجميل، جاعلا أوّل نظره من أقوات الرّعيّة في الدّقيق والجليل، مستبينا لما التبس من غشّ المطاعم والمشارب فلم يستبن، حاكما- ولا سيّما في قاعات بعلبك- برأي
يفرّق بين الماء واللّبن، حاثّا على بيع المآكل بخبرة من ملإ بصره، حريصا على أن لا ينشد لسان الدّاخل فيه «ومن لم يمت بالسّيف مات بغيره» ، دافعا ضرر المجتري البائع عن المشتري المسكين: ذكيّا فيما يذكّي فيذبح بسكّين ويذبح متناوله بغير سكّين، قاضيا بالحقّ في كلّ ما يشترى ويباع، متكلّما في أنواع الملابس وغيرها بالباع والذّراع، وازنا بالعدل في كلّ موزون ومكيول، رادعا لكلّ عمّال مداهن في كلّ مدهون ومعمول، حاملا على الحال المستقيم كلّ حيّ لديه وكلّ من هو على آلة حدباء محمول؛ ومن زاد في الإضرار فليمنع زائده، ومن زاد في الاشتطاط وتجبير الشراء فليقطع بالنّكال زائده، ومن دنّس في الأشربة فلا يلبث أن يغلّظ التّأديب وأن يريقه، ومن سقى الضّعفاء منها كما يقال: سقية فليسقه من السّوط ما يكاد ينثر جسمه على الحقيقة، ومن عانى صناعة ليس له فيها يد فليلزمه بما بسط في إفساده اليدين، ومن حكم في صناعة الطّبّ بما لم يسغ في المسائل فليصرفه منها بخفيّ حنين، ومن تمرّد في معاملته فليردّه بالقهر إلى صالح مردّه، ومن عدا وعتا فليعامله بما يخرجه من التّرح لا من الفرح من جلده، مقداما في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ولا جزع، مستعينا بالديوان فيما أهمّ: فإنّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع، مجتهدا فيما يزيد تقدّم سعيه المشكور، وصنعه المبرور، منيرا لآفاق منصبه وكيف لا وهو الشّهاب بن أبي النّور؟؛ وتقوى الله تعالى هي السبيل الأقوم فليكن لها منهاجا، وليواظب على طريقة الحقّ: فكم شرّ عنها حاد وكم خير منها جا «1» !.
توقيع بنظر السبيل بدرب الحجاز، بالركب الشاميّ، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي «قطب الدين السبكي» ؛ وهو:
رسم بالأمر- لا زال يقرّ بالوظائف الدّينية من يحبّها وتحبّه، ومن يتوارد
على ذكره بادي الشّكر وركبه، ومن إذا بدت مطالع الخير فهو نيّره وإذا دار فلك الثناء فهو قطبه- أن يستقرّ......: لما ذكر من وصفه الجميل، واستحقاقه الذي دلّ [عليه] البرهان في محفله وبرهن في موكبه الدليل، وديانته الّتي هي لمباني الأوصاف الرّفيعة أساس، وكفاءته الّتي لها من نفسه نصّ ومن نفس قومه قياس، ومرباه في بيت تقيّ صحّت تجارب معدنه على السّبك، و [دلت] «1» مناقبه على استحقاق الرّتب الّتي يقول بشيرها: قفا نبتسم! ويقول حاسدها: قفا نبك، ولما تقدّم من تشوّفه لهذه العزمة الناجحة، وتشوّقه من هذه المبرّة الشريفة الصالحيّة بسلوك تلك الفجاج الصّالحة، ولأنّ الضّعف عاقه عن الماضي فأطلقته الآن هذه القوّة، وجعلت له بأوفى القادرين على الحسنات والإحسان أسوة، ومكّنته في هذه الشّقّة الطويلة على سحب أذيال المعروف من منزل الكسوة إلى منازل ذات الكسوة «2» فليباشر هذه الوظيفة المبرورة بعزم يبير من الوجد ماكنه «3» ، وحزم يثير من المدح المشكور كامنه، وسمعة على ألسنة التذكار يمضي وتبقى حتّى تكاد تكون للكواكب السبعة ثامنة، متصرّفا في الإرفاد والإرفاق، بآراء يؤيد الله [بها] الذين هم رفاق وأيّ رفاق، منفقا في سبيل الله على يده أعدل إنفاق، حاميا عدله من لفظة نفاق، مخصبا بإنعام الدّولة الشريفة في القفر الماحل، حاملا للمنقطع على أنهض وأبرك الرواحل، مواصلا لنقل الأزواد إقامته ومسيره، وبالماء والشّراب الطّيبين الطّهورين ضعيفه وفقيره، وبأنواع الأدوية والعقاقير الّتي تعمّ متتابع الرّكب [و] عقيره، وتجبر على الحالين كسيره، وبوفاء جميع المستحقّين تاليا عن لسان الدولة الشريفة: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ
«4» داعيا بخلود ملكها في تلك المشاهد الّتي هي بقبول مصاعد الدّعوات ونزول