الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كماله، فهو ابن بجدتها، وفارس نجدتها، وجهينة «1» أخبارها، وحلبة غايتها ومضمارها، فيفعل في ذلك كلّه ما شكر من سيرته، وحمد من إعلانه وسريرته؛ وقد جعلنا في ذلك وغيره من مصالح إمرته أمره من أمرنا: فيعتمد فيه ما يرضى الله تعالى ورسوله، ويبلغ به من جهاد الأعداء أمله ورسوله؛ والله الموفق بمنه وكرمه! والاعتماد.......
الطبقة الثانية (من عرب الشام- من يكتب له مرسوم شريف)
وهم على مرتبتين:
المرتبة الأولى- من يكتب له في قطع النّصف، وهم ثلاثة:
الأوّل- أمير آل عليّ
«2» ، ورتبته «الساميّ» بالياء. وقد تقدّم أن منازلهم مرج دمشق وغوطتها، بين إخوانهم آل فضل وبني عمّهم آل مراء «3» ومنتهاهم إلى [الجوف والحيّانيّة إلى الشبكة إلى تيماء إلى البراذع] «4» وأنه ذكر في «التعريف» : أنهم إنما نزلوا غوطة دمشق حيث صارت الإمرة إلى مهنا بن عيسى.
وهذه نسخة مرسوم شريف بإمرة آل عليّ، كتب به للأمير عزّ الدّين «جماز» «5» بعد وفاة والده محمد بن أبي بكر، من إنشاء المقرّ الشّهابيّ بن
فضل الله، وهي:
الحمد لله الّذي أنجح بنا كلّ وسيلة، وأحسن بنا الخلف عمّن قضى في طاعتنا الشريفة سبيله، ومضى وخلّى ولده وسيلة، وأمسك به دمعة السّيوف في خدودها الأسيلة، وأمضى به كلّ سيف لا يردّ مضاء مضاربه بخيلة، وأرضى بتقليده كلّ عنق وجمّل كلّ جميلة.
نحمده على كلّ نعمة جزيلة، وموهبة جميلة، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة ترشد من اتخذ فيها نجوم الأسنّة دليله، وتجعل أعداء الله بعزّ الدّين ذليلة، وأنّ محمدا عبده ورسوله الّذي أكرم قبيله، وشرّف به كلّ قبيلة، وأظهر به العرب على العجم وأخمد من نارهم كلّ فتيلة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة بكلّ خير كفيلة، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ دولتنا الشريفة لمّا خفق على المشرق والمغرب جناحها، وشمل البدو والحضر سماحها، ودخل في طاعتها الشريفة كلّ راحل ومقيم في الأقطار، وكلّ ساكن خيمة وجدار- ترعى النّعم بإبقائها في أهلها، وإلقائها في محلّها، مع ما تقدّم من رعاية توجب التّقديم، وتودع بها الصّنائع في بيت قديم، وتزيّن بها المواكب إذا تعارضت جحافلها، وتعارفت شعوبها وقبائلها، واستولت جيادها على الأمد وقد سبقت أصائلها، وتداعت فرسانها وقد اشتبهت مناسبها ومناصبها ومناصلها؛ وكانت قبائل العربان ممّن تعمّهم دعوتنا الشّريفة، وتضمّهم طاعتنا الّتي هي لهم أكمل وظيفة، ولهم النّجدة في كلّ بادية وحضر، وإقامة وسفر، وشام وحجاز، وإنجاد وإنجاز، ولم يزل (لآل عليّ) فيهم أعلى مكانة، وما منهم إلا من توسّد سيفه وافترش حصانه، وهم من دمشق المحروسة رديف أسوارها، وفريد سوارها، والنّازلون من أرضها في أقرب مكان، والنّازحون ولهم إلى الدار بها أقطار وأوطان؛ قد أحسنوا حول البلاد الشامية مقامهم، واستغنوا عن المقارعة على الضّيفان لما نصبوا بقارعة الطريق
خيامهم، وباهوا كلّ قبيلة بقوم كاثر النّجوم عديدهم، وأوقدوا لهم في اليفاع «1» نارا إذا همى القطر شبّتها عبيدهم؛ وهم من آل فضل حيث كان عليّها، وحديثه في المسامع حليّها؛ فلما انتهت الإمرة إلى الأمير المرحوم الشمس الدين، محمد ابن أبي بكر رحمه الله جمعهم على دولتنا القاهرة، وأقام فيهم يبتغي بطاعتنا الشريفة رضا الله والدّار الآخرة؛ ثم أمدّه الله من ولده بمن ألقى إليه همّه، وأمضى به عزمه، ونفّذ به حكمه، ونفّل قسمه.
وكان الّذي يتحمل دونه مشتقّات أمورهم، ويتلقّى شكاوى آمرهم ومأمورهم؛ ويرد إلى أبوابنا العالية مستمطرا لهم سحائب نعمنا الّتي أخصب بها مرادهم، وساروا في الآفاق ومن جدواها راحلتهم وزادهم، وتفرّد بما جمعه من أبوّته وإبائه، وركز في كلّ أرض مناخ مطيّه ومرسى خبائه، وضاهى في المهاجرة إلى أبوابنا الشريفة النّجوم في السّرى، وحافظ على مراضينا الشّريفة فما انفكّ من نار الحرب إلا إلى نار القرى، وورد عليه مرسومنا الشريف فكان أسرع من السّهم في مضائه. كم له من مناقب لا يغطّي عليها ذهب الأصيل تمويها!، وكم تنقلّ من كور «2» إلى سرج ومن سرج إلى كور فتمنّى الهلال أن يكون لهما شبيها! كم أجمل في قومه سيرة!، وكم جمّل سريرة!؛ كم أثمر لها أملا!، وكم أحسن عملا!؛ كم صفوف به تقدّمت، وسيوف أقدمت، وحتوف حمائم الحمام بها على الأعداء ترنّمت!!.
وكان المجلس الساميّ الأميريّ، الأجلّيّ، الكبيريّ، المجاهديّ، المؤيّديّ، العضديّ، النصيريّ، الأوحديّ، المقدّميّ، الذّخريّ، الظّهيريّ، الأصيليّ، مجد الإسلام والمسلمين، شرف الأمراء في العالمين، همام الدّولة، حسام الملّة، ركن القبائل، ذخر العشائر، نصرة الأمراء والمجاهدين، عضد
الملوك والسلاطين «جماز بن محمد» أدام الله نعمته-: هو المراد بما تقدّم، والأحقّ بأن يتقدّم، والّذي لو أن الصباح صوارم والظّلام جحافل لتقدّم؛ فلمّا مات والده رحمه الله نحا إلى أبوابنا العالية، ونور ولائه يسعى بين يديه، ووقف بها: وصدقاتنا الشريفة ترفرف عليه، فرأينا أنّه بقية قومه الذين سلفوا، وخلف آبائه الذين عن زجر الخيل ما عزفوا، وكبيرهم الّذي يعترف له والدهم ووليدهم، وأميرهم الّذي به ترعى عهودهم، وشجرتهم الّتي تلتفّ عليه من أنسابهم فروعها، وفريدهم الّذي تجتمع عليه من جحافلهم جموعها.
فرسم بالأمر الشّريف أن تفوّض إليه إمرة آل عليّ: تامّة عامّة، كاملة شاملة، يتصرّف في أمورهم، وآمرهم ومأمورهم، قربا وبعدا، وغورا ونجدا، وظعنا وإقامة، وعراقا وتهامة، وفي كلّ حقير وجليل، وفي كلّ صاحب رغاء وثغاء وصرير وصليل، على أكمل عوائد أمراء كلّ قبيلة، وفي كلّ أمورهم الكثيرة والقليلة.
ونحن نأمرك بتقوى الله فبها صلاح كلّ فريق، وإصلاح كلّ رفيق، ونجاح كلّ سالك في طريق. والحكم: فليكن بما يوافق الشّرع الشّريف، والحقوق:
فخلّصها على وجه الحق من القويّ والضّعيف، والرفق بمن وليته من هذا الجمّ الغفير، والجمع الكبير، وإلزام قومك بما يلزمهم من طاعتنا الشّريفة الّتي هي من الفروض اللازمة عليهم، والقيام في مهمّاتنا الشريفة الّتي تبرز بها مراسمنا المطاعة إليك وإليهم، وحفظ أطراف البلاد والذّبّ عن الرّعايا من كلّ طارق يطرقهم إلا بخير، والمسارعة إلى ما يرسم لهم به ما دامت الأسفار في عصاها سير، والإفراج لعربك لا تسمح به إلا لمن له حقيقة وجود، وله في الخدمة الشريفة أثر موجود، ومنعهم: فلا يكون إلا إذا توجّه منعهم، أو توانت عزائمهم وقلّ نفعهم، والمهابة: فانشرها كسمعتك في الآفاق، ودع بوارق سيوفها تشام بالشّام وديمها تراق بالعراق، وخيول التّقادم: فارتد منها كلّ سابق وسابقة تقف دونهما الرّياح، ويحسدهما الطّير إذا طارا بغير جناح؛ ولا تتّخذ دوننا لك بطانة ولا