الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الستائر الّتي هي أسوار الأسوار، ولمعاصم عقائل المعاقل منها حلّى سوى كلّ سوار؛ وهي الّتي تلاث لثمها على مباسم الشّرفات، وتضرب حجبها على أعالي الغرفات، وسوى هذا مما تعتصم به شوامخ القلال، ويتبوّأ به مقاعد للقتال؛ فكلّ هذا حصّله وحصّنه، وآحسبه وحسّنه، وأعدّ منه في الأمن لأوقات الشدائد، واجر فيه على شأو من تقدّم وزد في العوائد؛ وهكذا ما يدّخر من عدد أرباب الصنائع، ومدد التحصين المعروف بكثرة التّجارب في الوقائع، والأزواد والأقوات، وما لا يزال يفكّر في تحصيله لأجل بعض الأوقات؛ وكن من هذا مستكثرا، وله على ما سواه مؤثرا، حتى لا تزال رجالك مطمئنّة الخواطر، طيّبة القلوب ما عليها إلا السّحب المواطر؛ واعمل بعادة القلاع في غلق أبواب هذه القلعة وفتحها، وتفقّد متجدّدات أحوالها في مساء كلّ ليلة وصبحها، وإقامة الحرس، وإدامة العسس، والحذار ممّن لعلّه يكون قد تسوّر أو اختلس، وتعرّف أخبار من جاورك من الأعداء حتى لا تزال على بصيرة، ولا تبرح تعدّ لكلّ أمر مصيره، وأقم نوب الحمام الّتي قد لا تجد في بعض الأوقات سواه رسولا، ولا تجد غيره مخبرا ولا سواه مسؤولا، وطالع أبوابنا العالية بالأخبار، وسارع إلى ما يرد عليك منها من ابتداء وجواب، وصبّ فكرك كلّه إليها وإلى ما تتضمّنه من الصواب.
المرتبة الثانية (من المراسيم الّتي تكتب بحاضرة دمشق لأرباب السيوف- ما يكتب في قطع الثلث، وفيها وظيفتان)
[الوظيفة] الأولى- شدّ الدواوين بدمشق
. وصاحبها يتحدّث فيما يتحدّث فيه شادّ «1» الدواوين بالديار المصرية، وقد تقدّم.
وهذه نسخة مرسوم شريف بشدّ الدّواوين بدمشق:
الحمد لله الّذي أرهف لمصالح دولتنا القاهرة من الأولياء، سيفا ماضيا، وجرّد لمهمّات خدمتنا الشريفة من الأصفياء، عضبا يغدو الملك عن تصرّفه الجميل راضيا، وجدّد السّعود في أيامنا الزاهرة لمن لا تحتاج هممه في عمارة البلاد المحروسة متقاضيا.
نحمده على نعمه الّتي تستغرق المحامد، وتستوجب الشّكر المستأنف على الحامد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مجاهد لأعدائها، مجاهر لإعلائها، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف الأنبياء قدرا، وأوّلهم في الرتبة مكانة وإن كان آخرهم عصرا، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين نهضوا بما أمروا، وعمروا الدّين قبل الدنيا فلم تتمكن الأياّم من [نقض]«1» ما عمروا، صلاة يتأرّج نشرها، ويتبلّج بشرها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى من عدق «2» به من مهماتنا الشريفة أعمّها نفعا، وأحسنها في عمارة البلاد وقعا، وأكثرها لخزائن الأموال تحصيلا وجمعا، وأجمعها لمصالح الأعمال، وأضبطها لحواصل الممالك الّتي إذا أعدّ منها جبالا تلا عليها لسان الإنفاق: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ
«3» ، من زانت عزمه نزاهته، وكمّلت قوّته في الحقّ خبرته ونباهته، وكان من أولياء دولتنا المعدّين لشدّ أركانها، وإشادة بنيانها، والنّهوض بمصالحها المتنوّعة، ونشر كلمة عدلها الّتي تغدو بالأدعية الصالحة مبسوطة وبالأثنية العاطرة متضوّعة.
ولما كان فلان هو الّذي أشير إلى محاسنه، ونبّه على إبريز فضله المظهر من معادنه، مع صرامة تخيف اللّيوث، ونزاهة تعين على عمارة البلاد الغيوث،