الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النيابة الثالثة (نيابة طرابلس، ووظائفها الّتي جرت العادة بالكتابة فيها من الأبواب السّلطانية على نوعين)
النوع الأوّل (ما هو بحاضرة طرابلس، وهو على ثلاثة أصناف)
الصّنف الأوّل (أرباب السيوف، وهم على طبقتين)
الطبقة الأولى (من يكتب له تقليد)
وهو نائب السلطنة بها. ومرسومه في قطع الثّلثين، ولقبه «الجناب العالي» مع الدعاء بمضاعفة النعمة.
وهذه نسخة تقليد شريف بنيابتها:
الحمد لله الّذي جعل لنا التّأييد مددا، والنّصر عتادا لا نفقد مع وجوده من الأولياء أحدا، والعزّ وزرا تصمّ شهبه مسامع العدا: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً
«1» ، والفتح ذخرا فحيث ما نشاء مددنا إليه بقوّة الله يدا، وشددنا عليه بمعونته عضدا.
نحمده على نعمه الّتي جعلت مراتب دولتنا فلكا تشرق فيه رتب الأولياء إشراق البدور، وثغور ممالكنا أفقا حيثما شامته العدا ضرب بينهم وبينه من سيوف مهابتنا بسور، وفواتح الفتوح النّائية دانية من همم أصفيائنا فإذا يمّموا غرضا طارت إليه سهامهم بأجنحة النّسور، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا
شريك له شهادة يرفع الجهاد علمها، وينصر الإيمان كلمها، ويزجي الإيقان إلى رياض التّأييد ديمها، ويستنطق التوحيد بإعلائها وإعلانها سيف أيّامنا الزاهرة وقلمها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الهادي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم، ونبيّه المخصوص بالآيات والذّكر الحكيم، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين نصروا الله فنصرهم، وأظهروا دينه فأعزّهم وأظهرهم، ويسّروا لأمّته سبل الهدى فهداهم وللسّبيل يسّرهم، صلاة لا يزال اليقين يقيم دعوتها، والتّوحيد يعصم من الانفصام عروتها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى من تفترّ الثّغور بإيالته، عن شنب النّصر، وترمي الحصون بكفالته، من شام من العدا برقها بشرر كالقصر، وتقسّم السّواحل بمهابته، من جاور من أهل الكفر بحرها بين الحصد والحصر، وتمنع عزماته شواني «1» العدا أن تدّب عقاربها، أو تركب اللّجج بغير [أمانه]«2» مراكبها، أو ينتقل عن ظهر البحر إلى غير سيوفه أو قيوده محاربها- من لم يزل في نصرة الدّين لامعا كالبرق شهابه، زاخرا كالبحر عبابه، واصبا «3» على الشّرك عذابه، ظاميا إلى موارد الوريد سيفه، ساريا إلى قلوب أهل الكفر قبل جفونهم طيفه، قائمة مقام شرف الحصون أسنّة رماحه، غنّية بروج الثّغور عن تصفيحها بالجلمد بصفا صفاحه، مع خبرة بتقدمة الجيوش تضاعف إقدامها، وتثّبت في مواطن اللّقاء أقدامها، وتسدّد إلى مقاتل أهل الكفر سهامها، وتقرّب عليها في البرّ والبحر منالها وتبعد مراميها على من رامها، ومعدلة للرعايا السّكون في مهاد أمنها، والرّكون إلى ربا إقبالها ووهاد يمنها؛ فسرب الرعايا مصون بعدله، والعدل مكنون بين قوله وفعله.
ولما كان فلان هو اللّيث الّذي يحمى به غابه، والنّيّر الّذي يزهى أفق تألّق
فيه شهابه، والهمام الّذي تعدي هممه فرسان الوغى فتعدّ آحادها بالألوف، والشّجاع الّذي إذا استعانت سواعد الشّجعان بسيوفها استعانت بقوّة سواعده السّيوف- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نحلّي به جيد مملكة انتظمت على وشام البحر، وأحاطت بما في ضميره من بلاد العدا إحاطة القلائد بالنّحر.
فرسم بالأمر الشريف لا زال......... أن يفوض إليه كيت وكيت:
لما أشير إليه من أسباب تعيّنه لهذه الرّتبة المكينة، وتحلّيه بما وصف من المحاسن الّتي تزهى بها عقائل الحصون المصونة.
فليل هذه النيابة الجليلة بعزمة تجمّل مواكبها، وهمّة تكمّل مراتبها، ومهابة تحوط ممالكها، وصرامة تؤمّن مسالكها، ومعدلة تعمّر ربوعها ورباعها، ويقظة تصون حصونها وقلاعها، وشجاعة تسري إلى العدا سرايا رعبها، وسطوة تعدي السّيوف فلا تستطيع الكماة الدّنوّ من قربها، وسمعة ترهب مجاوريه حتى يتخيّل البحر [أنه]«1» من أعوانه على حربها.
وليؤت تقدمة الجيوش الإسلامية حقّها من تدبير يجمع على الطاعة أمرها وأمراءها، ويرفع في مراتب الخدمة الشّريفة على ما يجب أعيانها وكبراءها، ويرهب بإدامة الاستعداد قلوب أعدائها، ويربط بأيزاكها «2» شوانيّ البحر حتّى تعتدّ الرباط في ذلك من الفروض الّتي يتعبد بأدائها؛ فلا يلوح قلع «3» في البحر للعدا إلا وهو يرهب الوقوع في حبالها، ولا تلحظ عين عدوّ سنا البرّ إلا وهي تتوقّع أن تكحل بنصالها؛ وليقم منار العدل بنشر لوائه، ويعضّد حكم الشّرع الشريف برجوعه إلى أوامره وانتهائه، وليكفّ يد الظّلم [عنها]«4» فلا تمتدّ إليها بنان، وليشفع العدل بالإحسان إلى الرعيّة فإن الله يأمر بالعدل والإحسان؛ وفي