الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرتبة الثانية (من تواقيع أرباب السيوف ممّن بأعمال دمشق- ما يفتتح ب «أما بعد حمد الله» وفيها وظائف)
وهذه نسخ تواقيع من ذلك.
نسخة توقيع بنيابة بعلبكّ لمن دون من تقدّم في المرتبة الأولى، من إنشاء الشيخ جمال الدّين بن نباتة، كتب به لمن لقبه «ناصر الدين» ؛ وهي:
أمّا بعد حمد الله الّذي لم يخل مملكة إسلامية من قوّة ولا ناصر، ولم يحل أمرها على ذي عزم قاصر، ولم يحلّ وجهها إلا بمن نسي به القديم وشهد له المعاصر، ولم يلق مقاليدها إلا لمن وضح برأيه الإبهام وثبتت بفضله الشهادة وعقدت على ذكره الخناصر، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الّذي شيّد معالم الدّين وأركانه، وجدّد مكان الحقّ وإمكانه، وعلى آله وصحبه الذين تابعوا في الخلق عدله وإحسانه، وشايعوا في النّصر نصله وسنانه، ما استناب الودق «1» في سقيا الرياض غدرانه، وخلع على الغصون خلعا خطر فيها الزّهر بأكمامه وعقد من الثّمر تيجانه- فإنّ شرف الأماكن بساكنيها، وجسوم الديار بنفوس قاطينها، والمنازل بكواكبها، والمناصب بنصيبها من الكفاءة ونائبها، وإنّ مدينة بعلبكّ علم في المدائن مرفوع الخطّة، وجسم من جسوم الديار قد آتاه الله بسطة، بنية سليمان عليه السلام فهي بالملك قديمة الاختصاص، ومبتنى الجانّ المنسوبة عقودها العلية والدّرية إلى كلّ بناء وغوّاص، وشام الشّام المعجبة، وروضة نداه المعشبة، وثنيّة ثغره الباسم، وعرف أعراق حياه النّاسم، ومأوى صلحائه أحياء بين أوطانها، وأمواتا بين صفيح لبنانها؛ لو عرضت البلاد سحبا لقيل لسحابها: يا كثير المنن، ولو صوّرت أناسيّ لقيل لإنسانها: يا طيّب النّجر واللّبن؛ لا يمنع ماعونها، ولا ينقطع عونها عن البلاد وما أدراك ما عونها، ولا
تليق من النوّاب إلّا بكلّ سرّي العزم والهمّة، عليّ الآراء في الملمّة المدلهمّة، ناجح القول والعمل، صالح لأن يثني على نيابته البعلبكّية صالحو المدينة والجبل، مكمّل لسلوك الحقّ الأنجى والعزم الأنجد، مؤهّل لارتقاء الرّتب التي [إن خلت من ماجد تناولها]«1» الأمجد.
وكان فلان هو جملة هذا التّفصيل، وجمال هذا التّفضيل، وكفء هذه العقيلة، وسعد هذه المنزلة الّتي مدّت بالسّيف والقلم ذراعه ونظّمت من البناء إكليله.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زالت الممالك بمحاسن أيّامه إرم ذات العماد، والبلاد ذات الخصب السّنيّ لا ذات السّنة الجماد- أن يرتّب في نيابة بعلبكّ المحروسة: مجدّدا بهمّته العالية علوّ صرحها، وحماية سرحها، ورعاية جبلها وسفحها، موريا في مصالحها زناد فكره الّتي لا تتمكّن أقوال العداة من قدحها، مصرّفا أوامره كيف شاءت، منصفا للأحوال المنوطة برعايته إن دنت أو تناءت، باسطا لعدل قلمه على المجيدين، وسطوات سيفه على المعتدين، وازعا بمهابته من جاور جبال العمل من الضّالّين، فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
«2» وليتبوّأ منها معقلا يحمده المناصر والمهاجر، وليحط منها ثغرا مساويكه الأسل والمسعى إليه على المحاجر، وليجر أمور الديوان على سنن التّمييز والتّثمير، وليدبّر الأوقاف المبرورة بمحاسن التّدبير، وليشارك أهلها في الأجر الأوّل بالأجر الأخير؛ والأسوار هي وقلوب الرّجال من أهمّ ما يعمّره، ووفور الحواصل والسّلاح ممّا للوليّ ولقاء العدوّ يدّخره، وتقوى الله عز وجل ممّا لا يزال لسانه يستحلي القول فيه فيكرّره؛ والله تعالى يمدّه بإعانته ولطفه، ويكفيه ما أهمّ من الأمور فما كفي من لم يكفه.
وهذه نسخة توقيع بولاية الولاة بالشّام المحروس لمن لقبه «عزّ الدّين» من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة أيضا؛ وهي:
أمّا بعد حمد الله الذي جعل للولاة في هذه الدّولة عزّا يتجدّد، وعزما يتشدّد، [وفعلا إذا حكم لا يتعدّى ورأيا لا يتعدّد]«1» ، وكافي ولاة يتلذّذ الواصف بذكر اهتمامه الّذي إذا اهتمّ لا يتلدّد، وإذا اعتبر عزمه وحزمه فهذا فضل يتجدّد، وهذا وصف لا يتحدّد، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد، وعلى آله وصحبه ذوي العزّ المؤبّد، والعزم المؤيّد، ما كتب قلم الغيث الجائد على طرس الرّوض فجوّد- فإنّه لما كانت الولاة في خدمة البلاد جيشا يحمون سرحها، ويعمرون صرحها، ويخصبون بالعدل قبل العمارة سفحها، ويحكمون في رعاياها، ويتمكّثون في قضاياها، ويقرعون ثغورها ويفرعون ثناياها- تعيّن أن نقدّم على هذا الجيش المذكور أميرا يقرّر أمرها، وينسّق من ميمنته وميسرته يمنها ويسرها، ويجرّد من الرّأي سلاحه، ويسرّ قلبه بالتّدبير ويريش جناحه.
وكان المجلس السامي هو الأمير الدّالّ عليه هذه الإمارة، المعنيّ بهذه الشّارة والإشارة، المستحقّ بشريف نفسه مدارج الارتقاء، ومباهج الانتقاد والانتقاء، المسبل أذيال مفاخره أيّ إسبال، المرقوم باسمه ورسمه على أرجاء الولايات:«عزّ يدوم وإقبال» ، المقيم من أمانته ومهابته بين حرزين، الشّهم الذي لا يذلّ وهو من نعته ومنتسبه بين عزّين، الصّمصام الّذي تسرّ [به] يد من ارتضاه وانتضاه، والماشي على الحقّ الظّاهر حتّى يقال: أهذا والي الولاة أم قاضي القضاة؟.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- شرّفه الله وعظّمه- أن
يستقرّ......... اعتمادا على شهامته الّتي بمثلها تمهّد البلاد، وكفاءته التي تفصح بالخيرات السّنيّة ألسنة الجماد، وصرامته الّتي تشدّ على أيدي الولاة فيردون الحقوق من أيدي الاغتصاب، ودرايته الّتي ينتسبون إليها فينشدون:
وكنّا كالسّهام إذا أصابت
…
مراميها فراميها أصاب «1»
فليباشر هذه الرّتبة بكفئها: من العزم العالي، والقدر الغالي، والمعدلة التي تتمسّك منها الأحوال بأوثق العرا، وتتلو سيّارتها المرفقة: وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى
«2» ، مراعيا لجميع الأحوال، مثمّرا لمربع الأموال، واليا على ولاة إن شكّوا في صنع الله فما لهم من الله من وال، ماشيا من تقوى الله تعالى في كلّ أمر على أقوى وأقوم منوال؛ والله تعالى يخصب البلاد بغمام رأيه الصّيّب، ويطيّب الأماكن المنبتة بمثله:«وكلّ مكان ينبت العزّ طيّب» .
وهذه نسخة توقيع بولاية البلقاء والصّلت «3» ، من إنشاء ابن نباتة، وهي:
أمّا بعد حمد الله مضاعف النّعمة، ومرادف رتب الإحسان لمن أخلص في الخدمة، ومجدّد منازل العزّ لمن طلعت كواكب اهتمامه في آفاق الأمور المهمّة، ومؤكّد سهام الخير المقتسمة، لمن سدّد في شرف الأغراض رأيه بل سهمه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبيّ الأميّ هادي الأمّة، وعلى آله وصحبه حماة الدّين من العوارض الملمّة، صلاة تكون بين أرواحهم الزّكية مودّة ورحمة- فإنّ أحقّ الأولياء بمزيد الآلاء المتّصلة، وتجديد النّعم المقبلة وتقديم المساعي الّتي لا تلبس حلل الفخار إلا مكتملة- من وضحت في صفات الفضل آياته، وتقابلت في حالتي التّدبير سطاه وأناته، وروّى غلّة البلد الخائف
ففاض على المعتدين جدول سيفه وجرت بالدّم قناته، وقام على قدم الاجتهاد، وقسم بين جفنه وجفن سيفه السّهاد.
ولما كان المجلس هو المقصود بهذه الكناية، والمشهود له في طلق هذه الغاية، والعالي بهممه على ذوي الارتقاء، والوالي الّذي إذا ركب الولاة لاشتهار ذكر كان من بينهم فارس البلقاء، والنّاهض بتثمير الأموال غمام رأيه الصّيّب، والطّيّب بسياسته محلّ الولاية:«وكلّ مكان ينبت العزّ طيّب» - تعين أن نتزيّد منصبه إذا تزيّدت المناصب، وأن تستمرّ مرتبته إذا مرّت لذهابها المراتب، وأن يشتمل في استمرارها عليه، وأن يكون في إعراب الدّولة القاهرة مضافا ومضافا إليه.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- أعلى الله تعالى أبدا عماده، وجعل لولاة أيّامه الحسنى وزيادة- أن يستمرّ على ولاية البلقاء على عادته، وأن تضاف إليه ولاية الصّلت: جمعا له بين الأختين حلالا، والذّروتين منالا، والرّايتين نهوضا بهما واستقلالا، وعلما بوفاء عزمه الّذي أمر أمره، ورفعا لقدره الّذي حسن أن يقول لمنصب البلقاء:«لنا الأبلق الفرد الّذي سار ذكره» ، وتيمّنا بغرّة الصّلت فإنّ الصّلت هو الجبين الواضح بشره؛ وكيف لا؟ وهو الكافي الّذي جمع مال الجهات فاوعى، وقسم فنون المصالح جنسا ونوعا، وحسم أدواءها بحسام رفقه كرها وطوعا.
فليباشر بالعزّ واليمن جهتيه، وليأخذهما بكلتا يديه، وليفض وجه عزمه في أرض الدّولة حتّى يكون شبه البلقاء اللازم لإحدى ولايتيه، محصّنا بسماكي سيفه وقلمه فنعم البلدتان، مثمّرا بسداد قوله وفعله ومن دونهما جنّتان، موفيا للحقوق، معفيا لاعتراف النّعمة من العقوق، راقيا بهمته- إن شاء الله تعالى- إلى رتب لو رامها نجم الأفق لعاقه العيّوق «1» ، عاملا بتقوى الله عز وجل فإنّ
خير الدنيا والآخرة بتقوى الله معدوق؛ والله تعالى يوضّح لرأيه أجمل الطرائق، وينجح على البلقاء وغيرها سعيه السّائق، وفكره السابق، بمنه وكرمه!.
وهذه نسخة توقيع بولاية نابلس، من إنشاء ابن نباتة أيضا؛ وهي:
أمّا بعد حمد الله على ماهنّأ من المواهب، وهيّأ من عليّ المراتب، وأنجز من وعود السّعود بعد مطال المطالب، وزيّن من سماء الوظائف عند إزهائها بزينة الكواكب، وعمرّ من صدور الولاة والولاية بعليّ تثني عليه الرعيّة «ولو سكتوا أثنت عليه الحقائب» ، والصلاة على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي جرّد لنصر الإيمان حدّه القاضب، وحزبه الغالب، وندب لإحياء الحقّ عليه بعدما همّت به النّوادب، وعلى آله وصحبه الذين هم في الممات جمال الكتب كما كانوا في الحياة جمال الكتائب، صلاة تتعطر بنفحاتها الصّبا وتتقطّر من خلف سراها الجنائب- فإنّ عقائل الولايات أولى بخطبة أكفائها، ورغبة السّراة من ذوي اصطفائها، ونسبة من يقوم للأمور المعلّلة بقانونها وشفائها «1» .
ولما كانت بلد نابلس المحروسة من أعلى عقائل البلاد قدرا، وأمرا الجهات أمرا، وأسرى الولايات محلّا وذكرا، وأوفى النّواحي من زمان بني أيّوب على تكاليف الملك صبرا، وأنزه البقاع الّتي لو رآها الملك المصريّ لما استغلى غوطة الشّام بشبرين من شبرا «2» ؛ بلد أعارته الحمامة طوقها وحمّلت الثّناء فوق طوقه، ونجم نبات واديها الزّهر حتّى تساوى النّجمان من تحته ومن فوقه- تعيّن أن يختار لولايتها من تعيّن ولاؤه، وتمكن في الرّتب علاؤه، وتبيّن في مصالح الولايات احتفاله واحتفاؤه، وشهر وفاؤه بالخدمة فلا شرف بسعي إلّا له منه شينه وراؤه وفاؤه، من شهدت السّواحل الشاميّة في مباشرته أنّه أجرى منها
المال بحرا، وأفاض الوصف درّا، وشهدت الزّكاة- وديوانها المادح- أنّه أفلح من زكّاها خبرا وخبرا.
فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يرتّب فلان...... علما بأنّه الأوحد الذي جمع الأوصاف المتقدّمة، وأسمع من المحامد نتيجة لها من كلا قوله وفعله مقدّمة، وأطلع في آفاق الوظائف كنجوم الجوزاء الثّلاثة رأيه وسيفه وقلمه، واطّلع على محاسن التّدبير فكان في رعايا بلده ممّن تواصوا بالصّبر وتواصوا بالمرحمة، وأنّه الكافي الّذي إذا ولي ثمّر، وإذا صال على المفسدين دمّر، وإذا شامت المهمّات بارق عزم، أسبل وإذا سامت قواه شمّر، وأنّه الأمين إذا تصرّف، والمأمون إذا تعرّف، والشّجاع إذا تحصّنت البلاد بنسبه الحصنيّ:
فسواء في شمول الأمن ما توسّط منها وما تطرّف.
فليباشر هذه الولاية المباركة بعزم يوضّح بشرها، وينجح أمرها، ويقيم في خطبة علاه عذرها، وحزم يثمر مالها وغلالها، وينقع غلّتها ويضع أغلالها، وبأس يدع المفسد من سيفه أو قيده في طوق أو حجل «1» ، ويذر السّارق والمارق يشير بلا كفّ ويسعى بلا رجل، مشيّدا لنواحيها بالتّرغيب والتّرهيب على أوثق المباني، مصلحا بين أهل الأهواء حتّى لا يضرّ قول القائل:«رفيقك قيسيّ وأنت يماني» ، متفقّدا من الأحوال كلّ جليل وحقير، ناهضا في تلقّي المهمات على قدم التقدم بالعزم الأثير، جاعلا من لدى محجّة عمله لصلاح العشيرة نعم العشير، عاملا بتقوى الله تعالى في كلّ أمر وإليها بالحديث يشير.
وهذه نسخة توقيع بشد الدّواوين بغزّة، من إنشاء ابن نباتة، كتب به ل «علاء الدّين بن الحصنيّ» المقدّم ذكره في التّوقيع قبله، وهي:
أمّا بعد حمد الله على كلّ نعمة جلّت، ونعمة في أهلها حلت وحلّت، ورتبة بانتساب كافيها وباسمه تحصّنت على الحقيقة وتعلّت، والصلاة والسلام على سيدنا