الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما حاط البيضاء والصّفراء كصاحب الحمراء «1» !، واعتمادا على كتابته الّتي شهدت بها من حسباناته الأسفار المبيّنة، وإقراء لصناعاته الّتي سحرت الفكر حتّى قيل: هذا من شعب القرّايين «2» والكهنة.
فليباشر هذا الاستيفاء لأوفى منه مترقّيا، ولكلمات الاختيار متلقّيا، ناهضا بالخدمه، مجدّدا باعتزامه الإسرائيليّ ذكر النّعمة، عارفا قدر الإنعام الّذي رعى وشمل كلّ ذمّة، سالكا من الاجتهاد في خدمة حسابه كلّ طريقة، غائظا للحساد من أهل ملّته: فيعبدون العجل مجازا وحقيقة، مجتهدا في استنزال المنّ لا المنع، معوّذا آلاف الحواصل بعشر كلمات راتبة منه في السّمع، معلّقا على جميعها هيكلا من أمانته فهو أدرى في الهيكل بشرط الجمع، صائنا لنفسه من عدوان الخيانة حتّى لا يعدو في سبت ولا في أحد، متنزها عن أكل المال مع الخونة حتّى يقال: نعم السّامريّ الّذي لا يأكل مع أحد.
الضرب الثاني (من الوظائف الديوانية بالشام- ما هو خارج عن حاضرة دمشق. وغالب ما يكتب فيها من التواقيع مفتتح ب «- رسم» )
وهذه نسخ تواقيع من ذلك:
نسخة توقيع بنظر غزّة؛ وهي:
رسم بالأمر- لا زال النّصر المكرّر، يحلو بذكره، والسّعد المقرّر، يجلو وجوه الآمال بدهره، ولا برح سراج الخدم مضيئا عند ليالي نهيه الحالك وأمره- أن يستقرّ فلان......: لما عرف في المناصب من نهوضه الّذي راق وراج، وفي المهمّات من رأيه الّذي يمشّي أحوال الجهات المستقيمة بسراج، ولما شهر
له في الأنظار المتعدّدة من علوّ الهمم، وفي الوظائف المتردّدة من العزمات الّتي يقول السّداد: نبّه [لها] عمرا «1» ثم نم، ولما وصف من أمانته ودرايته وهما المراد «2» من مثله، ورآسة خلقه وخلقه المشيدين عن حسن الثناء وسهله، وآثاره الحميدة المنتقلات وكيف لا؟ وهو المنتسب إلى سلف يحمد لسان الإسلام أثر عقله ونقله.
فليباشر هذه الوظيفة المباركة على العادة مباشرة يحمد أثرها، ويسند عن صحيح عزمه خبرها وخبرها، ويورق بغصون الأقلام ورق حسابها ويروق ثمرها، مجتهدا فهو من نسل المجتهدين في عوائد التّحصين والتّحصيل، والتّأثير والتّأثيل، مليّا بما يجبر كسر هذه البلاد بالصّحّة ويأسو جرجها بعد التّعديل، حريصا على أن يحيي- بمشيئة الله تعالى وتدبيره- عملها الّذي لم يبق الموت من ذمائه غير القليل، سالكا من النّزاهة والصّيانة طريقته المثلى، ومن الكفاءة والأمانة عادته الّتي ترفع درجته- إن شاء الله- إلى ما هو أعلى وأغلى، مسترفعا للحساب ولقدره في الخدمة، شاكرا: فإنّ الشّكر ضمين لازدياد النّعمة بعد النّعمة، سراجا وهّاج الذّكاء على المنار ولا ظلم مع وجوده ولا ظلمة؛ والله تعالى يعلي قدره، ولا يطفيء ذكره.
توقيع بصحابة ديوان الحرمين، من إنشاء ابن نباتة، لمن لقبه «شمس الدّين» ؛ وهو:
رسم بالأمر- لا زالت أوامره نافذة في الآفاق، عاطفة عطف النّسق على ذوي الاستحقاق، مطلعة شمس التّقى والعلم في منازل الإشراق- أن يستقرّ المجلس......: علما باستحقاقه لما هو أكثر وأكبر، وأوفى وأوفر، وإطلاعا
لشمسه وإن اعترضها غمّ غيم في مطالع شرفها الأنور، وإعلاما بأنّه غيم يزور ويزول، ونقص لا يقيم إلا كما يذهب عارض من أفول، واعتمادا على ما عرف من وفاء صحابته، وألف من سناء درايته ودرابته، ووصف من أيّام ديونته «1» بعد أيّام حكمه بعد أيّام خطابته!، واستنادا إلى نشأته في بيت العلم المستفاد، والحكم المستجاد، والفضل المستزاد، وتربية الوالد الّذي كان الاختيار يحلف بالفخر أنه ما يرى أظهر من ذات العماد.
فليباشر صحابة ديوان هذين الحرمين الشّريفين بأمل مبسوط، وحال بينما هو منحوس حظّ إذا هو- إن شاء الله- مغبوط، واجتهاد مضمون لجدواه فضل الزيادة، وسير لا يزال بشمسه حتّى تجري لمستقرّ لها من منازل السّعادة، ومباشرة لأوقافها تعان وتعاد أجمل إعانة وأكمل إعادة، وصحابة يتنوّع في نفعها ويتعين حتّى تكون منه عادة ومنها شهادة.
توقيع بنظر الشّعرا «2» وبانياس، من إنشاء ابن نباتة، لمن لقبه «صدر الدّين» واسمه «أحمد» بالعود؛ وهو:
رسم بالأمر- لا زالت صدور الكفاة منشرحة في أيّامه، منسرحة الآمال في إنعامه، ولا برح عوده أحمد إلى المناصب في ظلال سيوفه وأقلامه.
ومنه: فليباشر هذه الوظيفة الشاكرة له أوّلا وآخرا، وليجتهد فيما يزيده من الاعتناء والاغتناء باطنا وظاهرا، وليستزد بشكره من النّعمة فما أخلف وعد المزيد
شاكرا، وليحرص على أن يرى أبدا في المراتب صدرا ولا يرى عن ورود الإحسان صادرا.
توقيع بنظر حمص، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لابن البدر ناظر حمص بالنّزول من أبيه عند ما أسنّ؛ وهو:
رسم بالأمر- لا زال حسن النّظر من مواهبه، ويمن الظّفر من مراكبه؛ وسقي البلاد صوب العدل من سحائبه، ولا برح سنا البدر من خدمه فإذا أحسّ بالسّرار ألقى الخدمة إلى أزهر كواكبه- أن يستقرّ المجلس......: لما علم من رأيه الأسدّ، وعزمه الأشدّ، ومربى والده حتّى يبين عظم الهناء بالشّبل عندما وهن عظم الأسدّ، وركونا إلى نجابته الّتي سمت أصلا وفرعا، وقدمت غناء ونفعا، وتبسّمت كمائم أصلها المستأنفة حيث كاد الزمان ينعى منه ينعا، واستنادا إلى أنّ الصّناعة شابّة، ونسمات التّمكين هابّة، وإلى أنّ أغصان العزائم نضرة، وإلى أنّ مع القدرة قدرة، وإلى أنّ كوكب العزّ في المنزلة قد خلف بدره، واعتمادا على سهام تنفيذه الصائبة، وأحكام هممه الواجبة، وأقلام يده الّتي تحسن إخراج الأمل فيه وكيف لا؟ وهي الحاسبة الكاتبة.
فليباشر هذا النّظر المفوّض إليه ساميا نظره، زاكيا في الخدمة خبره وخبره، شاكرا هذا الإنعام الّذي برّ أباه وأسعد جدّه ومزيد الإنعام مضمون المزيد «1» لمن شكره، عالما أنّ هذه المملكة الحمصيّة من أقدم ذخائر الأيام، وأكرم ما أفاء الله من غنيمتها وظلّها على جند الإسلام، وأنّها من مراكز الرّماح كما شهر فليمدّها من تدبيره برماح الأقلام، وليواظب بحسن نظره على تقرير أحوالها، وتقريب آمالها، وتأثير المصالح في أعمالها، ولا يحمّص «2» أمرها في التّضييق فكفى ما حمّصتها الأيام على تعاقب أحوالها، بل يجتهد في إزاحة
أعذارها بسداد الرّأي الرابح، وإشاعة الذّكر الحسن مع كلّ غاد ورائح، ورفع الأيدي بالأدعية الصالحة في تلك المشاهد للملك «الظاهر» في هذا الوقت والملك «الصالح» ، حتّى يشهد سيف الله «خالد» بمضاء سيف حزمه وعزمه، وحتّى يتوفّر من غرض الخير والحمد نصيب سهمه؛ وتقوى الله تعالى أوّل الوصايا وآخرها فلتكن أبدا في همّة فهمه.
توقيع بنظر الرّحبة «1» من إنشاء ابن نباتة لمن لقبه «تاج الدين» ؛ وهو:
رسم بالأمر- لا زال مليء السّحاب، بسقيا الآمال الواردة، مملوء الرّحاب بكفاة الأعمال السّائدة، مخدوم الممالك والأيّام بأقلام الدواوين الحاسبة وأقلام الدواوين الحامدة- أن يستقرّ.........: لكفاءته الّتي وافق خبرها الخبر، ونشر ذكرها نشر الحبر، وصناعة حسابه الّتي لو عاش «أبو القاسم المعرّي» «2» لم يكن له فيها قسيما، ولو عاصرها «ابن الجرّاح» بقدمه وإقدامه لا نقلب عنها جريح الفكر هزيما؛ بل لو ناو أه الشّديد الماعز لذبح بغير سكين، والتّاج الطويل لرجع عن هذا التّاج الطائل رجوع المسكين.
فليباشر ما فوّض من هذه الوظيفة إليه، ونبّه الاختبار فيها نظره الجميل وناظريه، جاريا على عوائد هممه الوثيقة، ماشيا على أنجح طريق من آرائه وأوضح طريقة، نازلا منزلة العين من هذه الجهة الّتي لو صوّرت بشرا لكان ناظرها على الحقيقة؛ مفرّجا لمضايقها حتّى تكون كما يقال رحبة، مقتحما من حزون أحوالها العقبة وما أدراك ما العقبة؟، فكّ من رقاب السّفّار المعوّقين
رقبة، وأطعم أرباب الاستحقاقات في يوم ذي مسغبة، وساعف بتيسير المعلوم كلّ كاتب ذي متربة «1» ، حريصا على أن يغني الديوان بوفره، وتغنّي حداة التّجار بشكره، وعلى أن يقوم رجال الاستخدام في المهمّات بنصره، وعلى أن تساق بفضّيّ قلمه الأموال أحسن سوق، وعلى أنّ يكون لأهل الرّحبة من إحسانه «مالك» ومن جدوى تدبيره «طوق» ؛ والله تعالى يوضّح في المصالح منهاجه، ويعلي على رؤوس الأوصاف تاجه.
توقيع بنظر جعبر «2» قبل أن تنقل إلى عمل حلب، من إنشاء ابن نباتة، كتب به «لهبة الله بن النفيس» ؛ وهو:
رسم بالأمر- لا زالت المناصب في دولته الشريفة تستقبل هبة الله بشكرها، ونتائج الذّكر النّفيس بمقدّمات نشرها وبشرها- أن يرتّب.........: لكفاءته التي اشتهرت، وأمانته التي طهرت فظهرت، ومباشرته الّتي ضاهت نجوم السماء إذا زهرت، ونجوم الأرض إذا أزهرت، وأنّه الّذي جرّب عزمه فزكا على التّجريب، ورقي في مطالع التّدريج والتّدريب، ونصّ حديث اجتهاده المقرّب فكان سابقا على النّصّ والتّقريب، وأنّ هذه البقعة المباركة ممّن أطاب التّاريخ خبرها، وقصّ سيرها، وحمد صاحبها العقيليّ من قديم أثرها، وعرف بركتها لمّا استسقى بها من السّماء على لسان بعض الحيوان مطرها.
فليباشر هذا الثّغر المحروس بكفاءة باسمة، وعزمة كالحسام لأدواء الأمور حاسمة، ورأي للنّجاح حسن الاستصحاب، وتثمير كما ملأ الرّحبة
فليملأ بمضاعفته الرّحاب، موفّرا العدد للحواصل وحواصل العداد، فاتحا لأفواه القفول بذكره الجميل في التّهائم والنّجاد، ماشيا فيما يأتي ويذر على سداد الطّرق وطرّق السّداد.
توقيع بنظر البقاع «1» ، من إنشاء ابن نباتة؛ وهو:
رسم بالأمر- لا زال يهنّيء للكفاة رزقا، ويهيّء لتجديد المناصب مستحقّا، ولا برحت البقاع بأيّامه الكريمة تسعد كما تسعد الرّجال ولا تشقى- أن يرتّب...... حسب ما تضمنته مكاتبة الجناب الفلانيّ: منبّها على قدر هذا الناظر المهذّب وصفه، المرتّب على نحو الثناء نعته وعطفه، المشهور بمباشرته انتفاع الوظائف وارتفاعها، الشاهد بكفاءته وأمانته مسالك الأعمال وبقاعها، واعتمادا على مباشرته الزكية، وكتابته الّتي لا يداهنها المداهنون وهي نعم البعلبكيّة.
فليباشر هذه الوظيفة المتيمّنة بمطالع رشده، ومطالب سدّده، عالما أنّ البقاع كالرّجال تسعد وتشقى: فليكن سعدها على قلمه ويده، مجتهدا فيما يبيّض وجه شاكره، حريصا على ازدياد الصفات الّتي كانت في عقد حساب العمل محلّ بنانه فجعلته الآن محلّ ناظره، مثمّرا لأموال النواحي وغلالها، واضعا عن أرباب الاسحقاقات ما عليها من سوء التدبير: من إصرها وأغلالها، محتاطا لنفسه في الحوطات حتّى لا يذكر إلا بخير، ولا يعرف قلمه إلا بمير، ناثرا حبّ حبّه حتّى تهوي إليه ألفاظ الثّناء هويّ الطّير، جاعلا تقوى الله مقصده: فإنّها السبيل إلى فوز الدارين لا غير.