الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعيّنه لكلّ علياء لا يصلح أن يحلّها إلّا عليّ. وسبيل كلّ واقف عليه العمل به بعد الخطّ الشريف أعلاه.
الوظيفة السابعة- التصادير بدمشق المحروسة
.
وهذه نسخة توقيع أنشأته لقاضي القضاة «بدر الدّين محمد» ابن قاضي القضاة بهاء الدّين أبي البقاء «1» ، وولده جلال الدّين محمد، بإعادة تصديرين كانا باسمهما، بالجامع الأمويّ بدمشق: أحدهما انتقل إليهما عن سلفهما، والثاني بنزول، وخرج عنهما عند استيلاء «تنم» «2» نائب الشّام على الشّام في سنة اثنتين وثمانمائة، ثم أعيد إليهما في شوّال من السنة المذكورة، في قطع الثّلث، وهي:
الحمد لله الّذي جعل بدر الدّين في أيّامنا الزاهرة متواصل رتب الكمال، متردّدا في فلك المعالي بأكرم مساغ بين بهاء وجلال، منزّها عن شوائب النّقص.
في جميع حالاته: فإما مرتقب الظهور في سراره، أو متّسم بالتمام في إبداره، أو آخذ في الازدياد وهو هلال.
نحمده على أن أقرّ الحقوق في أهلها، وانتزع من الأيدي الغاصبة ما اقتطعته الأيام الجائرة بجهلها، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تحمي قائلها من شوائب التّكدير، وتصون منتحلها من عوارض الإصدار إذا ورد أصفى
مناهل التصدير، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله أفضل نبيّ اقتفت أمّته آثاره واتّبعت سننه، وأكرم رسول دعا إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه أئمّة الحقّ وأعلام الهدى، وحماة الدّين وكفاة الرّدى، صلاة يبقى على مدى الأيّام حكمها، ولا يندرس على ممرّ اللّيالي رسمها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى من رعيت له الحقوق القديمة، وحفظت له مساعيه الكريمة، وخلّدت عليه النّعم الّتي حقّ لها أن تكون بأهلها مقيمة، من كرم أصلا وطاب فرعا، وزكا منبعا وعذب نبعا، ووقع الإجماع على فضله المتواتر فأعدق الحكم بتفضيله قطعا، ومن إذا تكلّم فاق بفضله نثر اللّالي، وإذا قدر قدره انحطّت عن بلوغ غايته المعالي، وإذا طلع بدره المضيء من أفق مجلسه الموروث عن أبيه وأعمامه قال: ليت أشياخي «1» شهدوا هذا المجلس العالي، ومن إذا جلس بحلقته البهيّة غشيته من الهيبة جلالة، وإذا أطافت به هالة الطّلبة والمستفيدين قيل: ما أحسن هذا البدر في هذه الهالة!، ومن تتيه طلبته على أكابر العلماء بالانتماء إليه، وتشمخ نفوس تلامذته على غيره من المتصدّرين بالجلوس بين يديه، ومن إذا أقام بمصر طلع بالشّام بدره، ولو أقام بالشّام بقي بمصر على الّدوام ذكره.
وكان المجلس العاليّ، القاضويّ، الكبيريّ، العالميّ، العامليّ، الأفضليّ، الأكمليّ، الأوحديّ، البليغيّ، الفريديّ، المفيديّ، النّجيديّ، القدويّ، الحجّيّ، المحقّقيّ، الإماميّ، الأصيليّ، البدريّ، جمال الإسلام والمسلمين، شرف العلماء العاملين، أوحد الفضلاء المفيدين، قدوة البلغاء،
حجة الأدب، عمدة المحدّثين، فخر المدرّسين، مفتي الفرق، أوحد الأئمّة، زين الأمّة، خالصة الملوك والسلاطين، وليّ أمير المؤمنين، أبو عبد الله، محمد ابن المجلس العاليّ، القاضويّ، الكبيريّ، المرحوميّ، البهائيّ، أبي البقاء الشّافعيّ، السّبكيّ، ضاعف الله تعالى نعمته: هو عين أعيان الزّمان، والمحدّث بفضله على ممرّ اللّيالي وليس الخبر كالعيان، ما ولي منصبا من المناصب الدّينيّة إلّا كان له أهلا، ولا أراد الانصراف من مجلس علم إلّا قال له مهلا، ولا استبدل به في وظيفة إلّا نسب مستبدله إلى الحيف، ولا صرف عن ولاية إلّا قال استحقاقه: كيف ساغ ذلك لمتعاطيه فكيف وكيف.
وكان ولده المجلس السّاميّ، القضائيّ، الكبيريّ، العالميّ، الفاضليّ، الكامليّ، البارعيّ، الأصيليّ، العريقيّ، الجلاليّ، ضياء الإسلام، فخر الأنام، زين الصدور، جمال الأعيان، نجل الأفاضل، سليل العلماء، صفوة الملوك والسلاطين، خالصة أمير المؤمنين، أبو «1» محمد بلّغ الله تعالى فيه [عارفيه]«2» غاية الأمل، وأقرّ به عين الزّمان كما أقرّبه «3» عين أبيه وقد فعل، قد أرضع لبان العلم وربّي في حجره، ونشأ في بيته ودرج من وكره، وكمل له سؤدد الطّرفين: أبا وأمّا، وحصل على شرف المحتدين: خالا وعمّا؛ لم يقع عليه بصر متبصّر إلّا قال: نعم الولد، ولا تأمّله صحيح النّظر إلّا قال: هذا الشّبل من ذاك الأسد، ولا رمى والده إلى غاية إلّا أدركها، ولا أحاط به منطقة طلبة إلا هزّها للبحث وحرّكها، ولا اقتفى أثر أبيه وجدّه في مهيع فضل إلّا قال قائله:
أكرم بها من ذرّيّة ما أبركها! واتّفق أن خرج عنهما ما كان باسمهما من وظيفتي التّصدير بالجامع