المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمَرَض يقصر يَد الْمَالِك عَن بعض ملكه وَإِن سخاوته بِالْمَالِ - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: الْمَرَض يقصر يَد الْمَالِك عَن بعض ملكه وَإِن سخاوته بِالْمَالِ

الْمَرَض يقصر يَد الْمَالِك عَن بعض ملكه وَإِن سخاوته بِالْمَالِ فِي مَرضه لَا تمحو عَنهُ سمة الْبُخْل، وَلذَلِك شَرط أَن يكون صَحِيح الْبدن شحيحا بِالْمَالِ، يجد لَهُ وَقعا فِي قلبه لما يأمله من طول الْعُمر، وَيخَاف من حُدُوث الْفقر. قَالَ: والإسمان الْأَوَّلَانِ كِنَايَة عَن الْمُوصى لَهُ، وَالثَّالِث عَن الْوَارِث يُرِيد أَنه إِذا صَار للْوَارِث فَإِنَّهُ إِن شَاءَ أبْطلهُ وَلم يجزه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون كِنَايَة عَن الْمُورث أَي: خرج عَن تصرفه وَكَمَال ملكه واستقلاله بِمَا شَاءَ من التَّصَرُّفَات، فَلَيْسَ لَهُ فِي وَصيته كثير ثَوَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا كَانَ كَامِل التَّصَرُّف. فَإِن قلت: فِي قَوْله: كِنَايَة عَن الْمُورث، نظر لَا يخفى، وروى أَبُو الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مثل الَّذِي يعْتق عِنْد الْمَوْت كَالَّذي يهدي إِذا شبع) ، وَلما بلغ مَيْمُون بن مهْرَان أَن رقية امْرَأَة هِشَام مَاتَت واعتقت كل مَمْلُوك لَهَا، قَالَ: يعصون الله فِي أَمْوَالهم مرَّتَيْنِ: يَبْخلُونَ بِمَا فِي أَيْديهم، فَإِذا صَارَت لغَيرهم أَسْرفُوا فِيهَا. قَوْله:(وَقد كَانَ لفُلَان) يُرِيد بِهِ الْوَارِث، كَمَا قَالَه الْخطابِيّ آنِفا، فَإِنَّهُ إِذا شَاءَ لم يجزه، قيل: لَعَلَّه إِذا جَاوَزت الْوَصِيَّة الثُّلُث أَو كَانَت لوَارث وَقبل، سبق الْقَضَاء بِهِ للْمُوصى لَهُ.

(بابٌ)

أَي: هَذَا بَاب، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَسقط هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، فعلى رِوَايَته يكون هَذَا من تَرْجَمَة الْبَاب السَّابِق، وعَلى رِوَايَة غَيره يكون قَوْله: بَاب، كالفصل من الْبَاب، لِأَن دأب المصنفين جرى بِذكر لفظ: كتاب، فِي كَذَا ثمَّ يذكرُونَ فِيهِ أبوابا ثمَّ يذكرُونَ فِي كل بَاب فصولاً.

0241 -

حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ فِرَاسٍ عنِ الشَّعْبِيِّ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ بَعْضَ أزْوَاجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَ لِللنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أيُّنَا بِكَ لُحُوقا قَالَ أطْوَلُكُنَّ يَدَا فأخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا فكَانَتْ سَوْدَةُ أطْوَلُهُنَّ يَدا فَعَلِمْنَا بَعْدُ أنَّما كانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ وكَانَتْ أسْرَعَنَا لُحُوقا بِهِ وكانَتْ تُحِبِّ الصَّدَقَةَ.

وَجه تعلق هَذَا الحَدِيث بِمَا قبله من حَيْثُ إِنَّه يبين أَن المُرَاد بطول الْيَد الْمُقْتَضِي للحاق بِهِ الطول، بِالْفَتْح، وَذَلِكَ لَا يَأْتِي إلَاّ من الصَّحِيح لِأَنَّهُ لَا يحصل إلَاّ بالمداومة فِي حَال الصِّحَّة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري، وَقد مضى عَن قريب. الثَّانِي: أَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: واسْمه الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي. الثَّالِث: فراس، بِكَسْر الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وَفِي آخِره سين مُهْملَة: ابْن يحيى الخارفي، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالْفَاء: الْمكتب. الرَّابِع: عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ. الْخَامِس: مَسْرُوق بن الأجدع. السَّادِس: عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ. رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَأَبُو عوَانَة واسطي وفراس وَالشعْبِيّ ومسروق كوفيون. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية. وَفِيه: أَن أحد الروَاة مَذْكُور بكنيته وَالْآخر بنسبته وَالْآخر مُجَرّد.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الزَّكَاة عَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي عَن يحيى بن حَمَّاد عَن أبي عوَانَة عَن فراس عَن الشّعبِيّ بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم قُلْنَ:) بِصِيغَة جمع الْمُؤَنَّث، وَعند ابْن حبَان من طَرِيق يحيى بن حَمَّاد عَن أبي عوَانَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَت: فَقلت، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: فَقُلْنَ، بِصِيغَة الْجمع. قَوْله:(أَيّنَا) إِنَّمَا لم يقل أَيَّتنَا، بتاء التَّأْنِيث لِأَن سِيبَوَيْهٍ يشبه تَأْنِيث: أَي: بتأنيث: كل، فِي قَوْلهم: كلتهن، يَعْنِي: لَيْسَ بفصيحة، ذكره الزَّمَخْشَرِيّ فِي سُورَة لُقْمَان. قَوْله:(لُحُوقا) نصب على التَّمْيِيز، أَي: من حَيْثُ اللحوق بك. قَوْله: (أَطْوَلكُنَّ) مَرْفُوع، يجوز أَن يكون مُبْتَدأ وَيجوز أَن يكون خَبرا. أما الأول: فتقديره: أَطْوَلكُنَّ يدا أسْرع بِي لُحُوقا. وَأما الثَّانِي: فتقديره: أسْرع بِي لُحُوقا أَطْوَلكُنَّ يدا، ويدا نصب على التَّمْيِيز، وَإِنَّمَا لم يقل: طولا، كن، بِلَفْظ: فعلى، لِأَن الْقيَاس هَذَا، لِأَن فِي مثله يجوز الْإِفْرَاد والمطابقة لمن أفعل التَّفْضِيل

ص: 281

لَهُ، قَوْله:(يَذْرَعُونَهَا) أَي: يقدرونها بِذِرَاع كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ، وَإِنَّمَا ذكر بِلَفْظ جمع الْمُذكر، وَالْقِيَاس ذكر لفظ جمع الْمُؤَنَّث اعْتِبَارا لِمَعْنى الْجمع، أَو عدل إِلَيْهِ كَقَوْل الشَّاعِر:

(وَإِن شِئْت حرمت النِّسَاء سواكم)

ذكره بِلَفْظ جمع الْمُذكر تَعْظِيمًا. قَوْله: (فَكَانَت سَوْدَة) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة، وَفِي رِوَايَة ابْن سعد عَن عَفَّان عَن أبي عوَانَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، سَوْدَة بنت زَمعَة القرشية العامرية، تزَوجهَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد خَدِيجَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، على الْمَشْهُور. قَوْله:(بعد) مَبْنِيّ على الضَّم، أَي: بعد ذَلِك يَعْنِي: بعد موت أول نِسَائِهِ. قَوْله: (إِنَّمَا) ، بِالْفَتْح، لِأَنَّهُ فِي مَحل مفعول: علمنَا. قَوْله: (طول يَدهَا) ، هُوَ كَلَام إضافي مَنْصُوب، لِأَنَّهُ خبر كَانَت وَالصَّدَََقَة مَرْفُوع لِأَنَّهُ: اسْم كَانَت. قَوْله: (وَكَانَت أَسْرَعنَا لُحُوقا بِهِ) أَي: بِالنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَالضَّمِير فِي: كَانَت، بِحَسب الظَّاهِر، وَيرجع إِلَى سَوْدَة، وَقد صرح بِهِ البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه الصَّغِير) فِي رِوَايَته عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بِهَذَا الْإِسْنَاد، فَكَانَت سَوْدَة أَسْرَعنَا. . إِلَى آخِره. وَكَذَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْعَبَّاس الدوري: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَكَذَا فِي رِوَايَة عَفَّان عِنْد أَحْمد وَابْن سعد عَنهُ، وَقَالَ ابْن سعد: قَالَ لنا مُحَمَّد بن عمر، يَعْنِي: الْوَاقِدِيّ، هَذَا الحَدِيث، وهم فِي سَوْدَة، وَإِنَّمَا هُوَ فِي زَيْنَب بنت جحش، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَهِيَ أول نِسَائِهِ بِهِ لُحُوقا. وَتوفيت فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَبقيت سَوْدَة إِلَى أَن توفت فِي خلَافَة مُعَاوِيَة فِي شَوَّال سنة أَربع وَخمسين، وَفِي (التَّلْوِيح) : هَذَا الحَدِيث غلط من بعض الروَاة، وَالْعجب من البُخَارِيّ كَيفَ لم يُنَبه عَلَيْهِ، وَلَا مَن بعده من أَصْحَاب التَّعَالِيق، حَتَّى: إِن بعضه فسره بِأَن لُحُوق سَوْدَة من أَعْلَام النُّبُوَّة، وكل ذَلِك وهم، وَإِنَّمَا هِيَ زَيْنَب بنت جحش، فَإِنَّهَا كَانَت أَطْوَلهنَّ يدا بِالْمَعْرُوفِ، وَتوفيت سنة عشْرين، وَهِي أول الزَّوْجَات وَفَاة، وَسَوْدَة توفيت سنة أَربع وَخمسين، وَقد ذكر مُسلم ذَلِك على الصِّحَّة من حَدِيث عَائِشَة بنت طَلْحَة، عَن عَائِشَة، قَالَت: وَكَانَت زَيْنَب أطولنا يدا لِأَنَّهَا كَانَت تعْمل وَتَتَصَدَّق. قلت: أَخذ صَاحب (التَّلْوِيح) هَذَا كُله من كَلَام ابْن الْجَوْزِيّ. وَقَوله: حَتَّى إِن بَعضهم، المُرَاد بِهِ الْخطابِيّ، وَذكر صَاحب (التَّلْوِيح) أَيْضا فَقَالَ: يحْتَمل أَن تكون رِوَايَة البُخَارِيّ لَهَا وَجه، وَهُوَ أَن يكون خطابه، صلى الله عليه وسلم، لمن كَانَ حَاضرا عِنْده، إِذْ ذَاك من الزَّوْجَات، وَأَن سَوْدَة وَعَائِشَة كَانَتَا ثمَّة وَزَيْنَب غَائِبَة لم تكن حَاضِرَة. قلت: هَذَا من كَلَام الطَّيِّبِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: يُمكن أَن يُقَال فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ: المُرَاد الحاضرات من أَزوَاجه دون زَيْنَب، فَكَانَت سَوْدَة أولهنَّ موتا. قلت: يرد مَا قَالَه مَا رَوَاهُ ابْن حبَان من رِوَايَة يحيى بن حَمَّاد: أَن نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم اجْتَمعْنَ عِنْده لم تغادر مِنْهُنَّ وَاحِدَة، وَيُمكن أَن يَأْتِي هَذَا على أحد الْقَوْلَيْنِ فِي وَفَاة سَوْدَة، فقد روى البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى سعيد بن أبي هِلَال، أَنه قَالَ: مَاتَت سَوْدَة فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَجزم الذَّهَبِيّ فِي (التَّارِيخ الْكَبِير) بِأَنَّهَا مَاتَت فِي أُخر خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقَالَ ابْن سيد النَّاس: إِنَّه الْمَشْهُور. وَأما على قَول الْوَاقِدِيّ الَّذِي تقدم ذكره فَلَا يَصح وَقَالَ ابْن بطال: هَذَا الحَدِيث سقط مِنْهُ ذكر زَيْنَب لِاتِّفَاق أهل السّير على أَن زَيْنَب أول من مَاتَ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قلت: مُرَاده أَن الصَّوَاب: وَكَانَت زَيْنَب أَسْرَعنَا لُحُوقا بِهِ. وَقَالَ بَعضهم: يُعَكر على هَذَا التَّأْوِيل الرِّوَايَات الْمُصَرّح فِيهَا بِأَن الضَّمِير لسودة. قلت: ابْن بطال لم يؤول، وَلَا يُقَال لمثل هَذَا تَأْوِيل، وَأَرَادَ بالروايات مَا ذَكرْنَاهُ من البُخَارِيّ الَّذِي ذكره فِي (تَارِيخه) وَالْبَيْهَقِيّ وَأحمد، وكل هَذِه الرِّوَايَات لَا تعَارض قَول من قَالَ: مَاتَ بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أَزوَاجه زَيْنَب لَا سَوْدَة. وَقَالَ النَّوَوِيّ: أجمع أهل السّير أَن زَيْنَب أول نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم موتا بعده، وَيُؤَيّد ذَلِك مَا رَوَاهُ يُونُس بن بكير فِي (زِيَادَة الْمَغَازِي) وَالْبَيْهَقِيّ فِي (الدَّلَائِل) بِإِسْنَادِهِ عَنهُ عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن الشّعبِيّ، التَّصْرِيح بِأَن ذَلِك لِزَيْنَب، وَلَكِن قصر زَكَرِيَّا فِي إِسْنَاده فَلم يذكر مسروقا وَلَا عَائِشَة، وَلَفظه:(قُلْنَ النسْوَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَيّنَا أسْرع بك لُحُوقا؟ قَالَ: أَطْوَلكُنَّ يدا فأخذن يتذارعن أيتهن أطول يدا، فَلَمَّا توفيت زَيْنَب علِمْنَ أَنَّهَا كَانَت أَطْوَلهنَّ يدا فِي الْخَيْر وَالصَّدَََقَة) . وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا مَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي المناقب من (مُسْتَدْركه) من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: (أَسْرَعكُنَّ لُحُوقا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا. قَالَت عَائِشَة: فَكُنَّا إِذا اجْتَمَعنَا فِي بَيت إحدانا بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نمد أَيْدِينَا فِي الْجِدَار نتطاول، فَلم نزل نَفْعل ذَلِك حَتَّى توفيت زَيْنَب بنت جحش، وَكَانَت

ص: 282