الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يوضأ الْمَيِّت. قلت: لم يقل أَبُو حنيفَة بِهَذَا، بل مذْهبه أَنه يوضأ من غير مضمضة واستنشاق، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِيمَا مضى. وَفِيه: مشط شعرهَا بِثَلَاث ضفائر. وَبِه قَالَ الشَّافِعِي، وَعِنْدنَا يَجْعَل ضفيرتين على صدرها فَوق الدرْع، وَقَالَ الشَّافِعِي: يسرح شعرهَا وَيجْعَل ثَلَاث ضفائر وَيجْعَل خلف ظهرهَا، وَبِه قَالَه أَحْمد وَإِسْحَاق. قُلْنَا: لَيْسَ فِي الحَدِيث إِشَارَة من النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِك، وَإِنَّمَا الْمَذْكُور فِيهِ الْإِخْبَار من أم عَطِيَّة أَنَّهَا مشطت شعرهَا ثَلَاثَة قُرُون، وَكَونهَا فعلت ذَلِك بِأَمْر النَّبِي صلى الله عليه وسلم احْتِمَال، وَالْحكم لَا يثبت بِهِ، وَلِأَن مَا ذكره زِينَة وَالْمَيِّت مستغن عَنْهَا. فَإِن قلت: جَاءَ فِي حَدِيث ابْن حبَان: (واجعلن لَهَا ثَلَاثَة قُرُون) . قلت: هَذَا أَمر بالتضفير، وَنحن لَا ننكر التضفير حَتَّى يكون الحَدِيث حجَّة علينا، وَإِنَّمَا ننكر جعلهَا خلف ظهرهَا، لِأَن هَذَا التصنيع زِينَة، وَالْمَيِّت مَمْنُوع مِنْهَا، ألَا ترى أَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت:(علام تنصون ميتكم؟) أخرجه عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) عَن سُفْيَان عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَنْهَا، وتنصون: فِي نصوت الرجل أنصوه نصوا إذات مددت ناصيه، وأرادت عَائِشَة مِنْهُ أَن الْمَيِّت لَا يحْتَاج إِلَى التسريح وَنَحْوه، لِأَنَّهُ للبلى وَالتُّرَاب.
01 -
(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ أَن الْغَاسِل يبْدَأ بميامن الْمَيِّت.
5521 -
حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حَدثنَا إسْمَاعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ عنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ ابْدَأنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ االوُضُوءِ منْهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعلي بن عبد الله هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وخَالِد هُوَ الْحذاء. قَوْله:(حَدثنَا خَالِد. .) إِلَى آخِره، وَقَالَ مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، قَالَ: أخبرنَا هشيم عَن خَالِد عَن حَفْصَة بنت سِيرِين عَن أم عَطِيَّة أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، حَيْثُ أمرهَا أَن تغسل ابْنَته فَقَالَ لَهَا: إبدأن بميامنها. قَوْله: (إبدأن) أَمر لجمع الْمُؤَنَّث من بَدَأَ يبْدَأ، والبداءة بالميامن فِي الغسلات الَّتِي لَا وضوء فِيهَا. قَوْله:(ومواضع الْوضُوء) أَي: فِي الغسلات الْمُتَّصِلَة بِالْوضُوءِ. قَوْله: (مِنْهَا) أَي: من الِابْنَة، وَفِي هَذَا رد على أبي قلَابَة يَقُول: يبْدَأ أَولا بِالرَّأْسِ ثمَّ باللحية، وَالْحكمَة فِي أمره صلى الله عليه وسلم بِالْوضُوءِ تَجْدِيد أثر سيماء الْمُؤمنِينَ فِي ظُهُور أثر الْغرَّة والتحجيل.
11 -
(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْبدَاءَة بمواضع الْوضُوء من الْمَيِّت، أَشَارَ بِهِ إِلَى استحبابها.
6521 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ مُوسى اقال حدَّثنا وَكِيعٌ عنْ سُفْيَانَ عنْ خالِدِ الحَذَّاءِ عنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ لَمَّا غَسَّلْنَا بِنْتَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنا وَنَحْنُ نَغْسِلُهَا ابْدَأُوا بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ومواضع الْوضُوء مِنْهَا) ، وَيحيى بن مُوسَى بن عبد ربه السّخْتِيَانِيّ الْبَلْخِي، وَيُقَال لَهُ: خت، مَاتَ فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
وَقَالَ بَعضهم: اسْتدلَّ بِهِ على اسْتِحْبَاب الْمَضْمَضَة والاستنشق فِي غسل الْمَيِّت، خلافًا للجنفية، بل قَالُوا: لَا يسْتَحبّ وضوؤه أصلا. قلت: هَذَا تَقول على الْحَنَفِيَّة، وَمذهب أبي حنيفَة: أَن الْمَيِّت يوضأ لَكِن لَا يمضمض وَلَا يستنشق لتعذر إِخْرَاج المَاء من الْأنف والفم، وَقد ذَكرْنَاهُ مرّة.
قَوْله: (ابدأوا) بِصِيغَة الْخطاب للْجمع الْمُذكر، وَهَذِه فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(ابدأن) ، بِصِيغَة الْخطاب للْجمع الْمُؤَنَّث، وَقد ذكرنَا وَجه: إبدأوا، عَن قريب.