المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص)

وحشية قَوْله " وَنحن " الْوَاو فِيهِ للْحَال وَكَذَلِكَ الْوَاو فِي " وَهُوَ محرم " قَوْله " وَلَا تمسوه " بِضَم التَّاء وَكسر الْمِيم من الإمساس قَوْله " ملبدا " كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي " ملبيا " كَمَا فِي الرِّوَايَة الأولى وَالثَّانيَِة وَهُوَ من التلبيد وَهُوَ أَن يَجْعَل الْمحرم فِي رَأسه شَيْئا من الصمغ ليلتصق شعره فَلَا يشعث فِي الْإِحْرَام وَأنكر عِيَاض رِوَايَة التلبيد وَقَالَ لَيْسَ لَهُ معنى (قلت) لَهُ معنى وَهُوَ أَن الله تَعَالَى يَبْعَثهُ على هَيئته الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا

30 -

(حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو وَأَيوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ كَانَ رجل وَاقِف مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بِعَرَفَة فَوَقع عَن رَاحِلَته. قَالَ أَيُّوب فوقصته وَقَالَ عَمْرو فأقعصته فَمَاتَ فَقَالَ اغسلوه بِمَاء وَسدر وكفنوه فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تحنطوه وَلَا تخمروا رَأسه فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة. قَالَ أَيُّوب يُلَبِّي. وَقَالَ عَمْرو ملبيا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَلَا تخمروا وَجهه " وَهَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث ابْن عَبَّاس عَن مُسَدّد إِلَى آخِره وَعَمْرو بِفَتْح الْعين هُوَ ابْن دِينَار وَحَمَّاد بن زيد يرويهِ عَن عَمْرو وَعَن أَيُّوب جَمِيعًا وَكِلَاهُمَا يرويان عَن سعيد بن جُبَير قَوْله " كَانَ رجل وَاقِف " بِالرَّفْع لِأَن كَانَ تَامَّة ويروى " وَاقِفًا " بِالنّصب على أَنَّهَا نَاقِصَة قَوْله " قَالَ أَيُّوب فوقصته " أَي قَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ فِي رِوَايَته " فوقصته " بِالْقَافِ بعْدهَا الصَّاد من الوقص وَهُوَ كسر الْعُنُق كَمَا ذكرنَا قَوْله " وَقَالَ عَمْرو " أَي قَالَ عَمْرو بن دِينَار فِي رِوَايَة " فأقعصته " بِالْقَافِ بعْدهَا الْعين ثمَّ الصَّاد المهملتان من الإقعاص وَهُوَ إعجال الْهَلَاك كَمَا قُلْنَا فِيمَا مضى مستقصى قَوْله " قَالَ أَيُّوب " أَي قَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ فِي رِوَايَته " يُلَبِّي " بِصِيغَة الْمُضَارع الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَقَالَ عَمْرو بن دِينَار فِي رِوَايَته " ملبيا " على صِيغَة اسْم الْفَاعِل الْمَنْصُوب على الْحَال وَالْفرق بَينهمَا أَن يُلَبِّي يدل على تجدّد التَّلْبِيَة مستمرا وملبيا يدل على ثُبُوتهَا -

22 -

(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كفن الْمَيِّت حَال كَونه فِي الْقَمِيص الَّذِي يكف، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْكَاف وَتَشْديد الْفَاء. قَالَ الْكرْمَانِي: أَي فِي الْقَمِيص الَّذِي خيطت حَاشِيَته أَولا، يكف على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا أَي: أَو لَمْ تخط حَاشِيَته. وكف الثَّوَاب هُوَ خياطَة حَاشِيَته، وكففت الثَّوْب أَي: خطت حَاشِيَته. وَقَالَ ابْن التِّين: ضَبطه بَعضهم: بِضَم الْيَاء وَفتح الْكَاف وَتَشْديد الْفَاء، وَضَبطه بَعضهم: بِفَتْح الْيَاء وَضم الْكَاف وَتَشْديد الْفَاء، وَقيل: بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْكَاف وَكسر الْفَاء من الْكِفَايَة، وَأَصلهَا يَكْفِي أَو لَا يَكْفِي. وَقيل: هَذَا لحن، إِذْ لَا مُوجب لحذف الْيَاء، وَقد جزم الْمُهلب بِأَنَّهُ الصَّوَاب، وَأَن الْيَاء سَقَطت من الْكَاتِب غَلطا. قلت: لَا ينْسب هَذَا إِلَى غلط من الْكَاتِب، وَإِنَّمَا سُقُوط الْيَاء من مثل هَذَا من غير مُوجب اكْتِفَاء بالكسرة جَاءَ من بعض الْعَرَب، وَفِي نُسْخَة صَاحب (التَّلْوِيح) : بَاب الْكَفَن فِي الْقَمِيص، وَمن كفن بِغَيْر قَمِيص. وَقَالَ: كَذَا فِي نُسْخَة سَمَاعنَا، وَفِي بعض النّسخ: بَاب الْكَفَن فِي الْقَمِيص الَّذِي يكف أَو لَا يكف. وَقَالَ ابْن بطال: صَوَابه يَكْفِي أَو لَا يَكْفِي بِإِثْبَات الْيَاء، وَمَعْنَاهُ: طَويلا كَانَ الثَّوْب أَو قَصِيرا، فَإِنَّهُ يجوز الْكَفَن فِيهِ.

9621 -

حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ حدَّثني نافَعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ عَبْدَ الله بنِ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جاءَ ابنُهُ إلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ يَا رسولَ الله أعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ وَصَلِّ علَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فأعْطَاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ فَقَالَ آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْه فآذَنَهُ فَلَمَّا أرَادَ أنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَالَ ألَيْسَ الله نهَاكَ أنْ تُصَلِّيَ عَلَى المُنَافِقِينَ فَقَالَ أَنا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ قَالَ الله تَعَالَى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُم فَصَلَّى عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَدا.

.

ص: 53

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ اشتماله على الْكَفَن فِي الْقَمِيص، وَذَلِكَ أَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أعْطى قَمِيصه لعبد الله ابْن أبي وكفن فِيهِ.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى بن سعيد هُوَ الْقطَّان، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن صَدَقَة بن الْفضل. وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس وَفِي التَّوْبَة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَأبي قدامَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن بشار. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْجَنَائِز عَن عَمْرو بن عَليّ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بشر بكر بن خلف.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَن عبد الله بن أبي)، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن سلول رَأس الْمُنَافِقين، وَأبي هُوَ: أَبُو مَالك بن الْحَارِث بن عبيد، وسلول امْرَأَة من خُزَاعَة، وَهِي أم أبي مَالك بن الْحَارِث وَأم عبد الله ابْن أبي: خَوْلَة بنت الْمُنْذر بن حرَام من بني النجار، وَكَانَ عبد الله سيد الْخَزْرَج فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ عبد الله هَذَا هُوَ الَّذِي تولى كبره فِي قصَّة الصديقة، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل. وَقَالَ: لَا تنفقوا عَليّ من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا، وَرجع يَوْم أحد بِثلث الْعَسْكَر إِلَى الْمَدِينَة بعد أَن خَرجُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

قَوْله: (لما توفّي) قَالَ الْوَاقِدِيّ: مرض عبد الله بن أبي فِي لَيَال بَقينَ من شَوَّال، وَمَات فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع منصرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من تَبُوك، وَكَانَ مَرضه عشْرين لَيْلَة، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعودهُ فِيهَا، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الَّذِي توفّي فِيهِ دخل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ، فَقَالَ: قد نهيتك عَن حب الْيَهُود، فَقَالَ: قد أبْغضهُم أسعد بن زُرَارَة فَمَا نَفعه، ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله لَيْسَ هَذَا بِحِين عتاب هُوَ الْمَوْت فَإِن مت فَاحْضُرْ غسْلي وَأَعْطِنِي قَمِيصك الَّذِي يَلِي جسدك فَكَفِّنِّي فِيهِ وصل عَليّ واستغفر لي، فَفعل ذَلِك بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ الْحَاكِم: كَانَ على النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَمِيصَانِ، فَقَالَ عبد الله: وَأَعْطِنِي قَمِيصك الَّذِي يَلِي جسدك فَأعْطَاهُ إِيَّاه. وَفِي حَدِيث الْبَاب أَن ابْنه هُوَ الَّذِي أعطَاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَمِيصه على مَا يَجِيء الْآن. قَوْله: (جَاءَ ابْنه) أَي: ابْن عبد الله بن أبي، وَكَانَ اسْمه: الْحباب، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره بَاء أَيْضا، فَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِعَبْد الله كاسم أَبِيه، وَهُوَ من فضلاء الصَّحَابَة وخيارهم، شهد الْمشَاهد وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة فِي خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ أَشد النَّاس على أَبِيه، وَلَو أذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهِ لضرب عُنُقه. قَوْله:(فَقَالَ: أَعْطِنِي قَمِيصك)، الْقَائِل هُوَ عبد الله بن عبد الله بن أبي. قَوْله:(أكَفنهُ فِيهِ) أَي: أكفن عبد الله بن أبي فِيهِ. قَوْله: (فَأعْطَاهُ قَمِيصه) أَي: أعطي النَّبِي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد الله قَمِيصه، وَهَذَا صَرِيح فِي أَن ابْنه هُوَ الَّذِي أعْطى لَهُ رَسُول الله قَمِيصه، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على مَا سَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَنه أخرج بَعْدَمَا أَدخل حفرته فَوَضعه على ركبته وَنَفث فِيهِ من رِيقه وَألبسهُ قَمِيصه، وَكَانَ أهل عبد الله بن أبي خَشوا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَشَقَّة فِي حُضُوره، فبادروا إِلَى تَجْهِيزه قبل وُصُول النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا وصل وجدهم قد دلوه فِي حفرته، فَأَمرهمْ بِإِخْرَاجِهِ إنجازا لوعده فِي تكفينه فِي الْقَمِيص وَالصَّلَاة عَلَيْهِ. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيّ: إِن عبد الله بن أبي هُوَ الَّذِي أعطَاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْقَمِيص، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ أَن ابْنه هُوَ الَّذِي أعطَاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَفِي رِوَايَة جَابر أَنه ألبسهُ قَمِيصه بَعْدَمَا أخرجه من حفرته؟ قلت: رِوَايَة الْوَاقِدِيّ وَغَيره لَا تقاوم رِوَايَة البُخَارِيّ، وَأما التَّوْفِيق بَين رواتي ابْن عمر وَجَابِر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَقيل: إِن معنى قَوْله فِي حَدِيث ابْن عمر: فَأعْطَاهُ، أَي: أنعم لَهُ بذلك، فَأطلق على الْوَعْد اسْم الْعَطِيَّة مجَازًا لتحَقّق وُقُوعهَا. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ، يجوز أَن يكون أعطَاهُ قميصين قَمِيصًا للكفن ثمَّ أخرجه فألبسه غَيره، وَالله أعلم. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي دفع قَمِيصه لَهُ وَهُوَ كَانَ رَأس الْمُنَافِقين؟ قلت: أُجِيب عَن هَذَا بأجوبة. فَقيل: كَانَ ذَلِك إِكْرَاما لوَلَده. وَقيل: لِأَنَّهُ مَا سُئِلَ شَيْئا فَقَالَ: لَا. وَقيل: إِنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن قَمِيصِي لن يُغني عَنهُ شَيْئا من الله، إِنِّي أُؤَمِّل من أَبِيه أَن يدْخل فِي الأسلام بِهَذَا السَّبَب، فروى أَنه أسلم من الْخَزْرَج ألف مَا رَأَوْهُ يطْلب الِاسْتِشْفَاء بِثَوْب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالصَّلَاة عَلَيْهِ، وَقَالَ أَكْثَرهم: إِنَّمَا ألبسهُ قَمِيصه مُكَافَأَة لما صنع فِي إلباس الْعَبَّاس عَم النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَمِيصه يَوْم بدر، وَكَانَ الْعَبَّاس طَويلا فَلم يَأْتِ عَلَيْهِ إلَاّ قَمِيص ابْن أبي، وروى عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه صلى الله عليه وسلم: لم يخدع إنْسَانا قطّ، غير أَن ابْن أبي قَالَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة كلمة حَسَنَة، وَهِي: أَن الْكفَّار قَالُوا: لَو طفت أَنْت بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ: لَا، لي فِي رَسُول الله إسوة حَسَنَة، فَلم يطف. قَوْله:(فَقَالَ: آذني) أَي: أعلمني، وَهُوَ أَمر من: آذن وَيُؤذن إِيذَانًا. قَوْله: (أصلِّ عَلَيْهِ) يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ: الْجَزْم جَوَابا لِلْأَمْرِ، وَعدم الْجَزْم استئنافا.

ص: 54

قَوْله: (فَقَالَ: أَلَيْسَ الله نهاك؟) أَي: فَقَالَ عمر للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَلَيْسَ الله نهاك أَن تصلي على الْمُنَافِقين؟ وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره نهاك من الصَّلَاة عَلَيْهِم، أَخذ ذَلِك عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من قَوْله تَعَالَى:{اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم} (التَّوْبَة: 08) . وَبِهَذَا يدْفع من يسْتَشْكل فِي قَول عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هَذَا فَإِن قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} (التَّوْبَة: 48) . نزل بعد ذَلِك كَمَا يَقْتَضِيهِ سِيَاق حَدِيث الْبَاب. فَإِن قلت: لَيْسَ فِيهِ الصَّلَاة؟ قلت: لما كَانَت الصَّلَاة تَتَضَمَّن الاسْتِغْفَار وَغَيره أَولهَا على ذَلِك، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: الإستغفار وَالدُّعَاء يُسمى صَلَاة. قَوْله: (أَنا بَين خيرتين)، تَثْنِيَة خيرة على وزن: عنبة إسم من قَوْلك: إختاره الله، أَي: أَنا مُخَيّر بَين أَمريْن وهما الاسْتِغْفَار وَعَدَمه، فإيهما أردْت إختاره. وَقَالَ الدَّاودِيّ: هَذَا اللَّفْظ أَعنِي قَوْله: (أَنا بَين خيرتين) ، غير مَحْفُوظ لِأَنَّهُ خلاف مَا رَوَاهُ أنس، وَأرى رِوَايَة أنس هِيَ المحفوظة، لِأَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ:(أَلَيْسَ قد نهاك الله تَعَالَى أَن تصلي على الْمُنَافِقين) ؟ ثمَّ قَالَ: فَنزلت: {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} (التَّوْبَة: 48) . جعل النَّهْي بعد قَوْله: (أَلَيْسَ قد نهاك)، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) بل هُوَ أَي: قَوْله: (أَنا بَين خيرتين) مَحْفُوظ، وَكَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فهم النَّهْي من الاسْتِغْفَار لاشتمالها عَلَيْهِ. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : الصَّحِيح مَا رَوَاهُ أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِنَّمَا فعل ذَلِك رَجَاء التَّخْفِيف. قَوْله:{قَالَ اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة} (التَّوْبَة: 48) . ذكر السّبْعين على التكثير. وَرُوِيَ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: لأَسْتَغْفِرَن لَهُم أَكثر من سبعين فَنزلت: {سَوَاء عَلَيْهِم استغفرت لَهُم} (المُنَافِقُونَ: 6) . الْآيَة، فَتَركه. واستغفار الشَّارِع لسعة حمله عَمَّن يُؤْذِيه أَو لِرَحْمَتِهِ عِنْد جَرَيَان الْقَضَاء عَلَيْهِم، أَو إِكْرَاما لوَلَده. وَقيل: معنى الْآيَة الشَّرْط، أَي: إِن شِئْت فَاسْتَغْفر وَإِن شِئْت فَلَا، نَحْو قَوْله تَعَالَى:{قل انفقوا طَوْعًا أَو كرها لن يتَقَبَّل مِنْكُم} (التَّوْبَة: 35) . وَقيل: مَعْنَاهُ هما سَوَاء، وَقيل: مَعْنَاهُ الْمُبَالغَة فِي الْيَأْس. وَقَالَ الْفراء: لَيْسَ بِأَمْر، إِنَّمَا هُوَ على تَأْوِيل الْجَزَاء. وَقَالَ ابْن النّحاس: مِنْهُم من قَالَ: {اسْتغْفر لَهُم} (التَّوْبَة: 08) . مَنْسُوخ بقوله: {وَلَا تصل} (التَّوْبَة: 48) . وَمِنْهُم من قَالَ: لَا، بل هِيَ على التهديد، وتوهم بَعضهم أَن قَوْله:{لَا تصل} (التَّوْبَة: 48) . نَاسخ لَهُ لقَوْله: {وصل عَلَيْهِم} (التَّوْبَة: 301) . وَهُوَ غلط، فَإِن تِلْكَ نزلت فِي أبي لبَابَة وَجَمَاعَة مَعَه لما ربطوا أنفسهم لتخلفهم عَن تَبُوك.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: دلَالَة على الْكَفَن فِي الْقَمِيص، وَسَوَاء كَانَ الْقَمِيص مكفوف الْأَطْرَاف أَو غير مكفوف. وَمِنْهُم من قَالَ: إِن الْقَمِيص لَا يسوغ إلَاّ إِذا كَانَت أَطْرَافه غير مَكْفُوفَة. أَو كَانَ غير مزرر ليشبه الرِّدَاء، ورد البُخَارِيّ ذَلِك بالترجمة الْمَذْكُورَة وَفِي (الخلافيات) للبيهقي، من طَرِيق ابْن عون، قَالَ: كَانَ مُحَمَّد بن سِيرِين يسْتَحبّ أَن يكون قَمِيص الْمَيِّت كقميص الْحَيّ مكففا مزررا. وَفِيه: النَّهْي عَن الصَّلَاة على الْكَافِر الْمَيِّت، وَهل يجوز غسله وتكفينه وَدَفنه أم لَا؟ فَقَالَ ابْن التِّين: من مَاتَ لَهُ وَالِد كَافِر لَا يغسلهُ وَلَده الْمُسلم وَلَا يدْخلهُ قَبره إلَاّ أَن يخَاف أَن يضيع فيواريه، نَص عَلَيْهِ مَالك فِي (الْمُدَوَّنَة) وروى أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ أَن أَبَاهُ مَاتَ، فَقَالَ: إذهب فواره، وَلم يَأْمُرهُ بِغسْلِهِ، وروى أَنه أمره بِغسْلِهِ، وَلَا أصل لَهُ، كَمَا قَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: يجوز أَن يقوم على قبر وَالِده الْكَافِر لإصلاحه وَدَفنه، قَالَ: وَبِذَلِك صَحَّ الْخَبَر، وَعمل بِهِ أهل الْعلم. وَقَالَ ابْن حبيب: لَا بَأْس أَن يحضرهُ ويلي أَمر تكفينه، فَإِذا كفن دَفنه. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : وَإِن مَاتَ الْكَافِر وَله ابْن مُسلم يغسلهُ ويكفنه ويدفنه، بذلك أُمر عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي حق أَبِيه أبي طَالب، وَهَذَا أخرجه ابْن سعد فِي (الطَّبَقَات) فَقَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رَافع عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ، قَالَ: لما أخْبرت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَوْت أبي طَالب، بَكَى ثمَّ قَالَ لي: إذهب فاغسله وكفنه، وواره. قَالَ: فَفعلت ثمَّ أَتَيْته، فَقَالَ لي: إذهب فاغتسل. قَالَ: وَجعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسْتَغْفر لَهُ أَيَّامًا، وَلَا يخرج من بَيته حَتَّى نزل جِبْرَائِيل عليه الصلاة والسلام بِهَذِهِ الْآيَة:{مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : لَكِن يغسل غسل الثَّوْب النَّجس ويلف فِي خرقَة من غير مُرَاعَاة سنة التَّكْفِين من اعْتِبَار عدد وَغير حنوط، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي. وَقَالَ مَالك وَأحمد: لَيْسَ لوَلِيّ الْكَافِر غسله وَلَا دَفنه، وَلَكِن قَالَ مَالك: لَهُ مواراته. وَفِيه: فَضِيلَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِيه: فِي قَول عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَلَيْسَ الله نهاك أَن تصلي على الْمُنَافِقين؟ جَوَاز الشَّهَادَة على الأنسان بِمَا فِيهِ فِي الْحَيَاة وَالْمَوْت عِنْد الْحَاجة، وَإِن كَانَت مَكْرُوهَة. وَفِيه: جَوَاز الْمَسْأَلَة لمن عِنْده جدة تبركا.

ص: 55