المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الكفن في ثوبين) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب الكفن في ثوبين)

قَوْله " من كُرْسُف " بِضَم الْكَاف وَسُكُون الرَّاء وَضم السِّين الْمُهْملَة وَفِي آخِره فَاء وَهُوَ الْقطن وَتَفْسِير بَقِيَّة الْأَلْفَاظ الَّتِي فِي أَحَادِيث غير الْبَاب قَوْله " حبرَة " بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء برد هُوَ يمَان يُقَال برد حبير وَبرد حبرَة على الْوَصْف وَالْإِضَافَة وَالْجمع حبر وحبرات وَقيل الْحبرَة مَا كَانَ من البرود مخططا موشيا وَفِي التَّهْذِيب لَيْسَ حبرَة موضعا أَو شَيْئا مَعْلُوما إِنَّمَا هُوَ وشى كَقَوْلِك ثوب قرمز والقرمز صبغه قَوْله " نجرانية " بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم نِسْبَة إِلَى نَجْرَان بليدَة فِي الْيمن قَوْله " حلَّة " بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام وَهِي إِزَار ورداء وَلَا تكون الْحلَّة إِلَّا من اثْنَيْنِ قَوْله " رياط " بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف جمع ريطة وَهِي كل ملاءة لَيست بلفقين وكل ثوب رَقِيق لين وَيجمع على ريط أَيْضا والقطيفة بِفَتْح الْقَاف وَكسر الطَّاء كسَاء لَهُ خمل (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) بِهِ احْتج أَصْحَابنَا فِي أَن كفن السّنة فِي حق الرجل ثَلَاثَة أَثوَاب وَلَكِن قَوْلهم فِي الْكتب إِزَار وقميص ولفافة يمْنَع الِاسْتِدْلَال بِهِ فَيكون حجَّة عَلَيْهِم فِي عدم الْقَمِيص وَالشَّافِعِيّ أَخذ بِظَاهِرِهِ وَاحْتج بِهِ على أَن الْمَيِّت يُكفن فِي ثَلَاثَة لفائف وَبِه قَالَ أَحْمد وَلَكِن الَّذِي يتم بِهِ اسْتِدْلَال أَصْحَابنَا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيث جَابر بن سَمُرَة فَإِنَّهُ قَالَ " كفن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فِي ثَلَاثَة أَثوَاب قَمِيص وَإِزَار ولفافة " رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَفِيه ترك الْعِمَامَة وَفِي الْمَبْسُوط وَكره بعض مَشَايِخنَا الْعِمَامَة لِأَنَّهُ يصير شفعا وَاسْتَحْسنهُ بعض الْمَشَايِخ لما رُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه كفن ابْنه واقدا فِي خَمْسَة أَثوَاب قَمِيص وعمامة وَثَلَاث لفائف وأدار الْعِمَامَة إِلَى تَحت حنكه رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور

(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَن الثَّلَاثَة لَيْسَ بِوَاجِب بل هُوَ كفن السّنة فَإِن اقْتصر على الِاثْنَيْنِ من غير ضَرُورَة يكون ترك السّنة وَأما الْوَاحِد فَلَا بُد مِنْهُ

27 -

(حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهم. قَالَ بَيْنَمَا رجل وَاقِف بِعَرَفَة إِذْ وَقع عَن رَاحِلَته فوقصته أَو قَالَ فأوقصته قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - اغسلوه بِمَاء وَسدر وكفنوه فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تحنطوه وَلَا تخمروا رَأسه فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبيا) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول أَبُو النُّعْمَان اسْمه مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي يعرف بعارم. الثَّانِي حَمَّاد بن زيد. الثَّالِث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. الرَّابِع سعيد بن جُبَير. الْخَامِس عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه شَيْخه وَحَمَّاد وَأَيوب بصريون وَسَعِيد بن جُبَير كُوفِي وَفِيه شَيْخه بكنيته وَاثْنَانِ بِلَا نِسْبَة وَفِيه حَمَّاد عَن أَيُّوب وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَيْضا فِي الْجَنَائِز عَن قُتَيْبَة ومسدد وَفِي الْحَج عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَأخرجه مُسلم عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي وَأخرجه أَبُو دَاوُد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِيهِ عَن سُلَيْمَان وَمُحَمّد بن عبيد ومسدد وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة -

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بَيْنَمَا)، أَصله: بَين، فزيدت فِيهِ الْألف وَالْمِيم، وَهُوَ من الظروف الزمانية يُضَاف إِلَى جملَة من فعل وفاعل ومبتدأ وَخبر، وَيحْتَاج إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى، وَجَوَابه هُنَا قَوْله:(إِذْ وَقع) أَي: وَقع رجل وَاقِف. قَوْله: (فوقصته)(أَو قَالَ: فأوقصته) شكّ من الرَّاوِي: الأول: من الوقص وَهُوَ كسر الْعُنُق، وَهُوَ الْمَعْرُوف عِنْد أهل اللُّغَة. وَالثَّانِي: من الإيقاص وَهُوَ شَاذ، لِأَن الْأَصَح هُوَ الثلاثي. وَفِي (فصيح ثَعْلَب) : وقص الرجل إِذا سقط عَن دَابَّته فاندقت عُنُقه فَهُوَ موقوص، وَعَن

ص: 50

الْكسَائي: وقصا، وَلَا يكون: وقصت الْعُنُق نَفسهَا. وَقَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا صرعته فَكسرت عُنُقه، وَقَالَ: أقصعته بِتَقْدِيم الصَّاد الْمُهْملَة على الْعين الْمُهْملَة، لَيْسَ بِشَيْء، والقصع هُوَ كسر الْعَطش، وَيحْتَمل أَن يستعار لكسر الرَّقَبَة وَأما الإقعاص، أَي: بِتَقْدِيم الْعين فَهُوَ إعجال الْهَلَاك أَي: لم يلبث أَن مَاتَ. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: يُقَال ضربه فأقعصه، أَي: قَتله مَكَانَهُ وَيُقَال: قصع القملة أَي قَتلهَا، وقصع المَاء عطشه أَي: أذهبه وسكنه، وَاعْلَم أَن الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي (فوقصته) ، للراحلة، والمنصوب يرجع إِلَى الرجل. وَقَالَ بَعضهم: وَيحْتَمل أَن يكون فَاعل: وقصته، الْوَقْعَة أَو الرَّاحِلَة، بِأَن تكون أَصَابَته بعد أَن وَقع قلت: الْفَاعِل هُوَ الرَّاحِلَة، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهر التَّرْكِيب، وَكَون الْفَاعِل هُوَ الْوَقْعَة بعيد) وَخلاف الظَّاهِر، وَقَالَ أَيْضا: وَقَالَ الْكرْمَانِي: فوقصته أَي رَاحِلَته. قلت: لم يقل الْكرْمَانِي هَذَا، وَإِنَّمَا نقل عَن الْخطابِيّ مَا ذَكرْنَاهُ عَنهُ آنِفا، والعنق، بِضَمَّتَيْنِ وبسكون النُّون، وَصله مَا بَين الرَّأْس والجسد، وَيذكر وَيُؤَنث، فَمن قَالَ: عنق بِإِسْكَان النُّون ذكر، وَمن قَالَ بِضَم النُّون أنث، وَعند ابْن خالويه: التصغير فِي لُغَة من ذكَّر: عنيق، وَفِي لُغَة من أنث، عنيقة. وَالْجمع أَعْنَاق. قَوْله:(وكفنوه فِي ثَوْبَيْنِ) إِنَّمَا لم يزده ثَالِثا إِكْرَاما لَهُ، كَمَا فِي الشَّهِيد لم يزدْ على ثِيَابه. قَوْله:(وَلَا تحنطوه) بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: لَا تمسوه حنوطا. قَوْله: (وَلَا تخمروا رَأسه) أَي: وَلَا تغطوها. وَفِي (أَفْرَاد مُسلم) : (وَلَا تخمروا رَأسه وَلَا وَجهه) . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَذكر الْوَجْه وهم من بعض رُوَاته فِي الْإِسْنَاد والمتن، وَالصَّحِيح:(لَا تغطوا رَأسه) . قَوْله: (فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن هَذَا الرجل. قَوْله: (ملبيا) ، نصب على الْحَال، أَي: حَال كَونه قَائِلا لبيْك، وَالْمعْنَى أَنه يحْشر يَوْم الْقِيَامَة على هَيئته الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا ليَكُون ذَلِك عَلامَة لحجه، كالشهيد يَأْتِي وأوداجه تشخب دَمًا. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَفِي رِوَايَة (ملبدا) أَي: على هَيْئَة ملبدا شعره بصمغ وَنَحْوه.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَأهل الظَّاهِر فِي أَن الْمحرم على إِحْرَامه بعد الْمَوْت، وَلِهَذَا يحرم ستر رَأسه وتطييبه، وَهُوَ قَول عُثْمَان وَعلي وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَالثَّوْري. وَذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِلَى أَنه يصنع بِهِ مَا يصنع بالحلال، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عَائِشَة وَابْن عمر وَطَاوُس لِأَنَّهَا عبَادَة شرعت فبطلت بِالْمَوْتِ: كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَام. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إلَاّ من ثَلَاث. .) وإحرامه من عمله، وَلِأَن الْإِحْرَام لَو بَقِي لطيف بِهِ وكملت مَنَاسِكه، وَقَالَ بَعضهم: وَأجِيب: بِأَن ذَلِك ورد على خلاف الأَصْل، فَيقْتَصر بِهِ على مورد النَّص، وَلَا سِيمَا قد وضح أَن الْحِكْمَة فِي ذَلِك اسْتِبْقَاء شعار الْإِحْرَام كاستبقاء دم الشُّهَدَاء قلت: لَا نسلم أَنه ورد على خلاف الأَصْل، وَكَيف ورد على خلاف الأَصْل وَقد أَمر بِغسْلِهِ بِالْمَاءِ والسدر، وَهُوَ الأَصْل فِي الْمَوْتَى؟ وَأما قَوْله: لَا تحنطوه. . إِلَى آخِره فَهُوَ مَخْصُوص بِهِ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله: الْحِكْمَة فِي ذَلِك. . إِلَى آخِره. وَفِيه: الرَّد على كَلَامه، بَيَان ذَلِك أَن اسْتِبْقَاء دم الشَّهِيد مَخْصُوص بِهِ، فَكَذَلِك اسْتِبْقَاء شعار الْإِحْرَام مَخْصُوص بالموقوص. وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بِأَنَّهُ لَيْسَ عَاما بِلَفْظِهِ، لِأَنَّهُ فِي شخص معِين، وَلِأَنَّهُ لم يقل يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبيا لِأَنَّهُ محرم، فَلَا يتَعَدَّى حكمه إِلَى غَيره إلَاّ بِدَلِيل. وَقَالَ: اغسلوه بسدر، وَالْمحرم لَا يجوز غسله بسدر، وَذكر الطرطوشي فِي (كتاب الْحَج) أَن أَبَا الشعْثَاء جَابر بن زيد روى عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لَا تخمروا رَأسه وخمروا وَجهه. وَقد روى عبد الرَّزَّاق ابْن جريج عَن عَطاء أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خمروا وُجُوههم وَلَا تتشبهوا باليهود وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس يرفعهُ وَحكم ابْن الْقطَّان بِصِحَّتِهِ وَلَفظه (خمروا وُجُوه مَوْتَاكُم) . وَفِي (الْمُوَطَّأ) أَن عبد الله بن عمر لما مَاتَ ابْنه وَاقد وَهُوَ محرم كَفنه وخمر وَجهه وَرَأسه، وَقَالَ: لَوْلَا أَنا محرمون لحنطناك يَا وَاقد. وَفِي (المُصَنّف) بأسانيد جِيَاد: عَن عَطاء، قَالَ: وَسُئِلَ عَن الْمحرم يغطى رَأسه إِذا مَاتَ؟ قيل: غطى ابْن عمر وكشف غَيره. وَقَالَ طَاوُوس: يغيب رَأس الْمحرم إِذا مَاتَ. وَقَالَ الْحسن: إِذا مَاتَ الْمحرم فَهُوَ حَلَال، وَمن حَدِيث مجَالد عَن عَامر:(إِذا مَاتَ الْمحرم ذهب إِحْرَامه) . وَمن حَدِيث إِبْرَاهِيم عَن عَائِشَة: إِذا مَاتَ الْمحرم ذهب إِحْرَام صَاحبكُم، وَقَالَهُ عِكْرِمَة بِسَنَد جيد، وَحكى ابْن حزم أَنه صَحَّ عَن عَائِشَة تحنيط الْمَيِّت الْمحرم إِذا مَاتَ، وتطييبه وتخمير رَأسه، وَعَن جَابر عَن أبي جَعْفَر، قَالَ: الْمحرم يُغطي رَأسه وَلَا يكْشف. وَفِيه: جَوَاز الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ، وَهُوَ كفن الْكِفَايَة، وكفن الضَّرُورَة وَاحِد. وَفِيه: فِي قَوْله: (فِي ثَوْبَيْنِ) اسْتِدْلَال بَعضهم على إِبْدَال ثِيَاب الْمحرم. وَقَالَ بَعضهم: وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْحَج بِلَفْظ: فِي ثَوْبه) ، وللنسائي من طَرِيق يُونُس بن نَافِع عَن عَمْرو بن دِينَار:(فِي ثوبيه الَّذين أحرم فيهمَا) . قلت: ظَاهر متن الحَدِيث هُنَا يدل على صِحَة اسْتِدْلَال بَعضهم على إِبْدَال ثِيَاب الْمحرم، وَهَذَا يدل على أَنه خرج من

ص: 51