الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأسنده مرّة عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، حَدثنِي يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل وَهُوَ ابْن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(حق الْمُسلم على الْمُسلم سِتّ قيل: مَا هن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: إِذا لَقيته فَسلم عَلَيْهِ، وَإِذا دعَاك فأجبه. وَإِذا استنصحك فانصح لَهُ، فَإِذا عطس فَحَمدَ الله فشمته. وَإِذا مرض فعده، وَإِذا مَاتَ فَاتبعهُ) . والْعَلَاء هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن. قَوْله: (حق الْمُسلم)، قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا اللَّفْظ أَعم من الْوَاجِب على الْكِفَايَة وعَلى الْعين، وَمن الْمَنْدُوب، وَقَالَ ابْن بطال: أَي: حق الْحُرْمَة والصحبة. وَفِي (التَّوْضِيح) : الْحق فِيهِ بِمَعْنى حق حرمته عَلَيْهِ وَجَمِيل صحبته لَهُ، لَا أَنه من الْوَاجِب، وَنَظِيره:(حق الْمُسلم أَن يغْتَسل كل جُمُعَة) . وَقَالَ بَعضهم: المُرَاد من الْحق هُنَا الْوُجُوب خلافًا لقَوْل ابْن بطال. قلت: المُرَاد هُوَ الْوُجُوب على الْكِفَايَة. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: هَذِه كلهَا من حق الْإِسْلَام، يَسْتَوِي فِيهَا جَمِيع الْمُسلمين برهم وفاجرهم، غير أَنه يخص الْبر بالبشاشة والمصافحة دون الْفَاجِر الْمظهر للفجور، وَقد مر الْكَلَام فِي بَقِيَّة الحَدِيث عَن قريب.
تابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخبرنَا مَعْمَرٌ
أَي: تَابع عَمْرو بن أبي سَلمَة عبد الرَّزَّاق بن هما، قَالَ: أخبرنَا معمر بن رَاشد، وَهَذِه الْمُتَابَعَة ذكرهَا مُسلم، رحمه الله، وَقد ذَكرنَاهَا الْآن.
وَرَوَاهُ سَلَامَةُ عنْ عُقَيْلٍ أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور سَلامَة، بتَخْفِيف اللَّام: ابْن خَالِد بن عقيل الْأَيْلِي توفّي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة، وَهُوَ ابْن أخي عقيل، بِضَم الْعين: إِبْنِ خَالِد بن عقيل، ذكر البُخَارِيّ أَنه سمع من عقيل بن خَالِد، وَذكر غير وَاحِد أَن حَدِيثه عَنهُ كتاب وَلم يسمع مِنْهُ، وَسُئِلَ أَبُو زرْعَة عَن سَلامَة فَقَالَ: ضَعِيف مُنكر الحَدِيث.
3 -
(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الدُّخُول على الْمَيِّت إِذا أدرج أَي: إِذا لف فِي أَكْفَانه.
2421 -
حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أخبرَنا عَبْدُ الله قَالَ أَخْبرنِي مَعْمَرٌ ويُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبَرَنِي أبُو سَلَمَة أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أخبَرَتْهُ قالَتْ أقْبَلَ أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حتَّى نَزَلَ فدَخَلَ المَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فتَيَمَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ مُسَجَّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ فَكَشَفَ عنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فقَالَ بِأبِي أنْتَ يَا نَبِيَّ الله لَا يَجْمَعُ الله عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أمَّا المَوْتَةُ الَّتِي كَتَبَ الله علَيْكَ فَقَدْ مُتُّهَا. قَالَ أبُو سَلَمَةَ فَأَخْبرنِي ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ خَرَجَ وَعُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ فَأبَى فَقَالَ إجْلِسْ فأبَى فتَشَهَّدَ أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَمَالَ إلَيْهِ النَّاسُ وتَرَكُوا عُمَرَ فقالَ أمَّا بَعْدُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدا فإنَّ مُحَمَّدا قَدْ ماتَ وَمَنْ كانَ يَعْبُدُ الله فَإنَّ الله حيٌّ لَا يَمُوتُ. قَالَ الله تَعَالَى وَمَا مُحَمَّدٌ إلَاّ رَسُولٌ إِلَى الشَّاكِرِينَ وَالله لَكَأنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أنَّ الله أنزَلَ الآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إلَاّ يَتْلُوهَا.
. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، قيل: لَا نسلم الظُّهُور، لِأَن التَّرْجَمَة فِي الدُّخُول على الْمَيِّت إِذا أدرج فِي الْكَفَن، وَمتْن الحَدِيث وَهُوَ مسجى يبرد حبرَة، وَلم يكن حِينَئِذٍ غسل، فضلا عَن أَن يكون مدرجا فِي الْكَفَن. وَأجِيب: بِأَن كشف الْمَيِّت بعد تسجيته
مساوٍ لحاله بعد تكفينه، وَذَلِكَ لِأَن مِنْهُم من منع عَن الِاطِّلَاع على الْمَيِّت إلَاّ الْغَاسِل، وَمن يَلِيهِ، لِأَن الْمَوْت سَبَب لتغير محَاسِن الْحَيّ، لِأَنَّهُ يكون كريها فِي المنظر، فَلذَلِك أَمر بتغميضه وتسجيته، وَأَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى جَوَاز ذَلِك بالترجمة الْمَذْكُورَة، وَلما كَانَ حَاله بعد التسجية مثل حَاله بعد التَّكْفِين وَقع التطابق بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث من هَذِه الْحَيْثِيَّة.
ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك. الثَّالِث: معمر، بِفَتْح الميمين، ابْن رَاشد. الرَّابِع: يُونُس ابْن يزِيد. الْخَامِس: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. السَّادِس: أَبُو سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. السَّابِع: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَهُوَ وَعبد الله مروزيان وَمعمر بَصرِي وَيُونُس أيلي وَالزهْرِيّ وَأَبُو سَلمَة مدنيان. وَفِيه: أَرْبَعَة مِنْهُم بِلَا نِسْبَة، وَوَاحِد بالكنية. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن بكير عَن لَيْث عَن عقيل وَفِي فضل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن أبي مُعَاوِيَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بالسنح) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَالنُّون والحاء الْمُهْملَة، وَهُوَ منَازِل بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج، بَينهمَا وَبَين منزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ميل، وَزعم صَاحب (الْمطَالع) أَن أَبَا ذَر كَانَ يَقُوله بِإِسْكَان النُّون. قَوْله:(فتميم)، أَي: قصد النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (وَهُوَ مسجى)، جملَة إسمية وَقعت حَالا. ومسجى إسم مفعول من سجى يسجي تسجية. يُقَال: سجيت الْمَيِّت تسجية إِذا مددت عَلَيْهِ ثوبا، وَمعنى مسجىً: هُنَا مغطىً. قَوْله: (ببر حبرَة) ، بِالْوَصْفِ وَالْإِضَافَة، وَالْبرد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء: وَهُوَ نوع من الثِّيَاب مَعْرُوف، وَالْجمع: أبراد وبرود، والبردة والشملة المخططة وحبرة على وزن عنبة ثوب يماني يكون من قطن أَو كتاب مخطط، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ ثوب أَخْضَر. قَوْله: (ثمَّ أكب عَلَيْهِ) ، هَذَا اللَّفْظ من النَّوَادِر حَيْثُ هُوَ لَازم، وثلاثيه كب مُتَعَدٍّ عكس مَا هُوَ الْمَشْهُور فِي الْقَوَاعِد التصريفية. قَوْله:(فَقبله) أَي: بَين عَيْنَيْهِ وَقد ترْجم عَلَيْهِ النَّسَائِيّ وَأوردهُ صَرِيحًا حَيْثُ قَالَ: تَقْبِيل الْمَيِّت وَأَيْنَ يقبل مِنْهُ؟ قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة (عَن عَائِشَة: أَن أَبَا بكر قبل بَين عَيْني النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ميت) . قَوْله: (بِأبي أَنْت) أَي: أَنْت مفدىً بِأبي، فالباء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف فَيكون مَرْفُوعا لِأَنَّهُ يكون مُبْتَدأ وخبرا. وَقيل: فعل، فَيكون مَا بعده مَنْصُوبًا تَقْدِيره: فديتك بِأبي. قَوْله: (لَا يجمع الله عَلَيْك موتتين)، قَالَ الدَّاودِيّ: لم يجمع الله عَلَيْك شدَّة بعد الْمَوْت لِأَن الله تَعَالَى قد عصمك من أهوال الْقِيَامَة. قَالَ: وَقيل: لَا يَمُوت موتَة أُخْرَى فِي قَبره كَمَا يحيى غَيره فِي الْقَبْر فَيسْأَل ثمَّ يقبض، وَقَالَ ابْن التِّين: أَرَادَ بذلك مَوته وَمَوْت شَرِيعَته، يدل عَلَيْهِ. قَوْله:(من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا) . وَقيل: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك ردا لمن قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت وسيبعث وَيقطع أَيدي رجال وأرجلهم. قيل: إِنَّه معَارض لقَوْله تَعَالَى: {امتّنا اثْنَتَيْنِ واحيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ} (غَافِر: 11) . وَأجِيب: بِأَن الأولى الْخلقَة من التُّرَاب وَمن نُطْفَة لِأَنَّهُمَا موَات، وَالثَّانيَِة الَّتِي بِمَوْت الْخلق، وَإِحْدَى الحياتين فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى بعد الْمَوْت فِي الْآخِرَة. وَعَن الضَّحَّاك: أَن الأولى الْمَوْت فِي الدُّنْيَا، وَالثَّانيَِة الْمَوْت فِي الْقَبْر بعد الْفِتْنَة والمسالة، وَاحْتج بِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يُقَال للنطفة وَالتُّرَاب ميت، وَإِنَّمَا الْمَيِّت من تقدّمت لَهُ حَيَاة، ورد عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى:{وَآيَة لَهُم الأَرْض الْميتَة أحييناها} (يس: 33) . لم يتَقَدَّم لَهَا حَيَاة قطّ، وَإِنَّمَا خلقهَا الله جمادا ومواتا، وَهَذَا من سَعَة كَلَام الْعَرَب. قَوْله:(الَّتِي كتب الله) أَي: قدر الله، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(الَّتِي كتبت)، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: قدرت. قَوْله: (مِنْهَا) ، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا، من: مَاتَ يَمُوت، وَمَات يمات، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الموتة. قَوْله:(وَعمر يكلم النَّاس) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (فَمَا يسمع بشر)، يسمع على صِيغَة الْمَجْهُول تَقْدِيره: مَا يسمع بشر يَتْلُو شَيْئا إلَاّ هَذِه الْآيَة.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ اسْتِحْبَاب تسجية الْمَيِّت. وَفِيه: جَوَاز تَقْبِيل الْمَيِّت لفعل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَأن
أَبَا بكر فِي تقبيله النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يَفْعَله إلَاّ قدوة بِهِ، عليه الصلاة والسلام، لما روى التِّرْمِذِيّ مصححا:(أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عُثْمَان بن مَظْعُون وَهُوَ ميت فأكب عَلَيْهِ وَقَبله ثمَّ بَكَى حَتَّى رَأَيْت الدُّمُوع تسيل على وجنتيه وَفِي (التَّمْهِيد) لما توفّي عُثْمَان كشف النَّبِي صلى الله عليه وسلم الثَّوْب عَن وَجهه وَبكى بكاء طَويلا وَقبل بَين عَيْنَيْهِ، فَلَمَّا رفع على السرير قَالَ: طُوبَى لَك يَا عُثْمَان، لم تلبسك الدُّنْيَا وَلم تلبسها) . وَفِيه: جَوَاز الْبكاء على الْمَيِّت من غير نوح. وَفِيه: أَن الصدِّيق أعلم من عمر، وَهَذِه إِحْدَى الْمسَائِل الَّتِي ظهر فِيهَا ثاقب علمه، وَفضل مَعْرفَته، ورجاحة رَأْيه، وبارع فهمه، وَحسن إسراعه بِالْقُرْآنِ، وثبات نَفسه، وَكَذَلِكَ مكانته عِنْد الإمرة لَا يُسَاوِيه فِيهَا أحد إلَاّ يرى أَنه حِين تشهد بَدَأَ بالْكلَام مَال إِلَيْهِ النَّاس وَتركُوا عمر وَلم يكن ذَلِك إلَاّ لعَظيم مَنْزِلَته فِي النُّفُوس على عمر وسمو مَحَله عِنْدهم، وَقد أقرّ بذلك عمر حِين مَاتَ الصّديق، فَقَالَ: وَالله مَا أحب أَن ألْقى الله بِمثل عمل أحد إلَاّ بِمثل عمل أبي بكر، ولوددت أَنِّي شَعْرَة فِي صَدره، وَذكر الطَّبَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي وَالله لأمشي مَعَ عمر فِي خِلَافَته وَبِيَدِهِ الدرة وَهُوَ يحدث نَفسه وَيضْرب قدمه بدرته مَا مَعَه غَيْرِي، إِذْ قَالَ لي: يَا ابْن عَبَّاس، هَل تَدْرِي مَا حَملَنِي على مَقَالَتي الَّتِي قلت حِين مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: لَا أَدْرِي وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: فَإِنَّهُ مَا حَملَنِي على ذَلِك إلَاّ قَوْله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} إِلَى قَوْله: {شَهِيدا} (الْبَقَرَة: 341) . فوَاللَّه إِن كنت لأَظُن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَيبقى فِي أمته حَتَّى يشْهد عَلَيْهَا بأجزاء أَعمالهَا. وَفِيه: حجَّة مَالك فِي قَوْله فِي الصَّحَابَة: مخطىء ومصيب فِي التَّأْوِيل. وَفِيه اهتمام عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا بِأَمْر الشَّرِيعَة وَإِنَّهَا لم يشغلها ذَلِك عَن حفظهَا مَا كَانَ من أَمر النَّاس فِي ذَلِك اليوموفيه: غيبَة الصدّيق عَن وَفَاته، صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِك الْيَوْم بالسنح، وَكَانَ متزوجا هُنَاكَ. وَفِيه: الدُّخُول على الْمَيِّت بِغَيْر اسْتِئْذَان، وَيجوز أَن يكون عِنْد عَائِشَة غَيرهَا فَصَارَ كالمحفل لَا يحْتَاج الدَّاخِل إِلَى إِذن، وَرُوِيَ أَنه اسْتَأْذن فَلَمَّا دخل أذن للنَّاس. وَفِيه: قَول أبي بكر لعمر: إجلس، فَأبى إِنَّمَا ذَلِك لما دخل عمر من الدهشة والحزن، وَقد قَالَت أم سَلمَة: مَا صدقت بِمَوْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَمِعت وَقع الكرازين. قَالَ الْهَرَوِيّ: هِيَ الفئوس، وَقيل: تُرِيدُ وَقع الْمساحِي تحثو التُّرَاب عَلَيْهِ، صلى الله عليه وسلم، وَيحْتَمل أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ظن أَن أَجله، صلى الله عليه وسلم، لم يَأْتِ وَأَن الله تَعَالَى منَّ على الْعباد بطول حَيَاته، وَيحْتَمل أَن يكون أنسي قَوْله تَعَالَى:{إِنَّك ميت} (الزمر: 03) . وَقَوله: {وَمَا مُحَمَّد إلَاّ رَسُول} إِلَى: {أفائن مَاتَ} (آل عمرَان: 441) . وَكَانَ يَقُول مَعَ ذَلِك: ذهب مُحَمَّد لميعاد ربه، كَمَا ذهب مُوسَى لمناجاة ربه، وَكَانَ فِي ذَلِك ردعا لِلْمُنَافِقين وَالْيَهُود حِين اجْتمع النَّاس. وَأما أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَرَأى إِظْهَار الْأَمر تجلدا، وَلما تَلا الْآيَة كَانَت تعزيا وتصبرا. وَفِيه: جَوَاز التفدية بِالْآبَاءِ والأمهات. وَفِيه: ترك تَقْلِيد الْمَفْضُول عِنْد وجود الْفَاضِل.
3421 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي خارِجَةُ ابنُ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ أنَّ أُمَّ العَلَاءِ امْرَأةً مِنَ الأنْصَارِ بايَعَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَتْهُ أنَّهُ اقتُسِمَ المُهَاجِرُونَ قُرْعَةً فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بنُ مَظْعُونٍ فأنْزَلْنَاهُ فِي أبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أثْوَابِهِ دَخَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ رَحْمَةُ الله عليْكَ أبَا السَّائِبِ فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لقدْ أكْرَمَكَ الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومَا يُدْرِيكِ أنَّ الله أكْرَمَهُ فَقُلْتُ بِأبِي أنْتَ يَا رسولَ الله فَمَنْ يُكْرِمُهُ الله؟ فَقَالَ أمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ وَالله إنِّي لأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ وَالله مَا أدْرِي وَأنَا رسولُ الله مَا يفْعَلُ بِي قالَتْ فَوالله لَا اُزْكِي أحدا بَعْدَهُ أبَدا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْنِي على عُثْمَان بعد أَن غسل وكفن، وَهَذِه الْمُطَابقَة أظهر من مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق للتَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: يحيى بن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا المَخْزُومِي. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: خَارِجَة اسْم فَاعل من الْخُرُوج ابْن زيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة بِالْمَدِينَةِ، مَاتَ سنة مائَة. السَّادِس: أم الْعَلَاء بنت الْحَارِث
ابْن ثَابت بن خَارِجَة الْأَنْصَارِيَّة.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور باسم جده وَأَنه وَشَيْخه مصريان وعقيلي أيلي وَابْن شهَاب وخارجة مدنيان. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية. وَفِيه: أم الْعَلَاء ذكر فِي (تَهْذِيب الْكَمَال) وَيُقَال: إِن أم الْعَلَاء زَوْجَة زيد بن ثَابت وَأم أَبِيه خَارِجَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ التِّرْمِذِيّ: هِيَ أم خَارِجَة، ثمَّ قَالَ: وَلَا يخفى أَن ذكر خَارِجَة مُبْهمَة لَا يَخْلُو عَن غَرَض أَو أغراض.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشَّهَادَات، وَفِي التَّفْسِير عَن أبي الْيَمَان، وَفِي الْهِجْرَة عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَفِي التَّفْسِير أَيْضا عَن عَبْدَانِ، وَفِي التَّعْبِير والجنائز أَيْضا عَن سعيد بن عقيل، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرُّؤْيَا عَن سُوَيْد بن نصر عَن عبد الله بن الْمُبَارك بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أم الْعَلَاء)، مَنْصُوب بِأَن وَخَبره. قَوْله:(أخْبرته) قَوْله: (امْرَأَة من الْأَنْصَار) عطف بَيَان وَيجوز أَن يرفع على أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هِيَ امْرَأَة من الْأَنْصَار. قَوْله: (بَايَعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، جملَة فِي مَحل الرّفْع أَو النصب على أَنَّهَا صفة لامْرَأَة على الْوَجْهَيْنِ. قَوْله: (أَنه) الضَّمِير فِيهِ للشأن. قَوْله: (اقتسم الْمُهَاجِرُونَ قرعَة) اقتسم على صِيغَة الْمَجْهُول. و: الْمُهَاجِرُونَ، مفعول نَاب عَن الْفَاعِل، و: قرعَة، مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض أَي: بِقرْعَة، وَالْمعْنَى: اقتسم الْأَنْصَار الْمُهَاجِرين بِالْقُرْعَةِ فِي نزولهم عَلَيْهِم وسكناهم فِي مَنَازِلهمْ، لِأَن الْمُهَاجِرين لما دخلُوا الْمَدِينَة لم يكن مَعَهم شَيْء من أَمْوَالهم فَدَخَلُوهَا فُقَرَاء، وَكَانَ بَنو مَظْعُون ثَلَاثَة: عُثْمَان وَعبد الله وَقُدَامَة بدريون أخوال ابْن عمر. قَوْله: (فطار لنا عُثْمَان) يَعْنِي: وَقع فِي الْقرعَة فِي سهم الْأَنْصَار الَّذين أم الْعَلَاء مِنْهُم، ويروى:(فَصَارَ لنا)، فَإِن ثبتَتْ هَذِه الرِّوَايَة فمعناها صَحِيح. قَوْله:(وَجَعه)، نصب على الْمصدر. قَوْله:(أَبَا السَّائِب) ، بِالسِّين الْمُهْملَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، منادى حذف حرف ندائه، وَالتَّقْدِير: يَا أَبَا السَّائِب، وَهُوَ كنية عُثْمَان بن مَظْعُون، وَلَفظ البُخَارِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات فِي: بَاب الْقرعَة فِي المشكلات: أَن عُثْمَان بن مَظْعُون طَار لَهُ سَهْمه فِي السُّكْنَى حِين أقرعت الْأَنْصَار سُكْنى الْمُهَاجِرين. قَالَت: أم الْعَلَاء: فسكن عندنَا عُثْمَان بن مَظْعُون، فاشتكى فمرضناه حَتَّى إِذا توفّي وجعلناه فِي ثِيَابه دخل علينا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فَقلت: رَحْمَة الله عَلَيْك أَبَا السَّائِب. وَفِي كتاب الْهِجْرَة وَالتَّعْبِير: (قَالَت أم الْعَلَاء: فأحزنني ذَلِك فَنمت، فأوريت لَهُ عينا تجْرِي، فَجئْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: ذَاك عمله يجْرِي لَهُ) . قَوْله: (فشهادتي عَلَيْك) ، جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، وَمثل هَذَا التَّرْكِيب يسْتَعْمل عرفا وَيُرَاد بِهِ معنى الْقسم، كَأَنَّهَا قَالَت: أقسم بِاللَّه لقد أكرمك الله. قَالَ الْكرْمَانِي: (شهادتي) مُبْتَدأ، (وَعَلَيْك) صلته، وَالْقسم مُقَدّر، وَالْجُمْلَة القسمية خبر الْمُبْتَدَأ، وَتَقْدِيره: شهادتي عَلَيْك قولي وَالله لقد أكرمك الله. ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: هَذِه الشَّهَادَة لَهُ لَا عَلَيْهِ؟ قلت: الْمَقْصُود مِنْهَا معنى الاستعلاء فَقَط بِدُونِ مُلَاحظَة الْمضرَّة وَالْمَنْفَعَة. قَوْله: (وَمَا يدْريك؟) بِكَسْر الْكَاف أَي: من أَيْن علمت أَن الله أكْرمه؟ أَي: عُثْمَان؟ قَوْله: (بِأبي أَنْت) أَي: مفدى أَنْت بِأبي، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب: قَوْله: (فَمن يُكرمهُ الله) أَي: هُوَ مُؤمن خَالص مُطِيع فَإِذا لم يكن هُوَ من الْمُكرمين من عِنْد الله فَمن يُكرمهُ؟ قَوْله: (أما هُوَ) أَي: عُثْمَان وَكلمَة: أما، تَقْتَضِي القسيم، وقسميهما هُنَا مُقَدّر تَقْدِيره: وَأما غَيره فخاتمة أمره غير مَعْلُومَة، أهوَ مِمَّا يُرْجَى لَهُ الْخَيْر عِنْد الْيَقِين أَي الْمَوْت أم لَا؟ قَوْله:(وَالله مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله مَا يفعل بِي) كلمة: مَا، مَوْصُولَة أَو استفهامية. قَالَ الدَّاودِيّ: مَا يفعل بِي وهم، وَالصَّوَاب: مَا يفعل بِهِ، أَي: بعثمان، لِأَنَّهُ لَا يعلم من ذَلِك إِلَّا مَا يُوحى إِلَيْهِ. وَقيل: قَوْله: (مَا يفعل بِي) ، يحْتَمل أَن يكون قبل إِعْلَامه بالغفران لَهُ، أَو يكون الْمَعْنى: مَا يفعل بِي فِي أَمر الدُّنْيَا مِمَّا يصيبهم فِيهَا. فَإِن قلت: عُثْمَان هَذَا أسلم بعد ثَلَاثَة عشر رجلا، وَهَاجَر الهجرتين، وَشهد بَدْرًا، وَهُوَ أول من مَاتَ من الْمُهَاجِرين بِالْمَدِينَةِ، وَقد أخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأَن أهل بدر غفر الله لَهُم. قلت: قد قيل: بِأَن ذَلِك قبل أَن يخبر أَن أهل بدر من أهل الْجنَّة. فَإِن قلت: هَذَا أَيْضا يُعَارض قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:(مَا زَالَت الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها حَتَّى رفعتموه) . قلت: لَا تعَارض فِي ذَلِك، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا ينْطق عَن الْهوى، فَأنْكر على أم الْعَلَاء قطعهَا على عُثْمَان إِذْ لم تعلم هِيَ من أمره شَيْئا. وَفِي حَدِيث جَابر، قَالَ: مَا علمه إلَاّ بطرِيق الْوَحْي إِذْ لَا يقطع على مثل هَذَا إلَاّ بِوَحْي، حَاصله أَن مَا قَالَه النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِخْبَار من لَا ينْطق عَن الْهوى، وَذَلِكَ كَلَام أم الْعَلَاء وليسا بالسواء.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: دَلِيل على أَنه لَا يجْزم لأحد بِالْجنَّةِ إلَاّ مَا نَص عَلَيْهِ الشَّارِع: كالعشرة المبشرة وأمثالهم
سِيمَا وَالْإِخْلَاص أَمر قلبِي لَا اطلَاع لنا عَلَيْهِ. وَفِيه: مواساة الْفُقَرَاء الَّذين لَيْسَ لَهُم مَال وَلَا منزل ببذل المَال وَإِبَاحَة الْمنزل. وَفِيه: إِبَاحَة الدُّخُول على الْمَيِّت بعد التَّكْفِين. وَفِيه: جَوَاز الْقرعَة. وَفِيه: الدُّعَاء للْمَيت.
حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ مِثْلَهُ
سعيد هَذَا هُوَ سعيد بن كثير بن عفير، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا رَاء: أَبُو عُثْمَان الْمصْرِيّ، يروي عَن اللَّيْث بن سعد عَن عقيل عَن الزُّهْرِيّ بِمثلِهِ، أَي: مثل الحَدِيث الْمَذْكُور، وَأخرج من هَذَا الطَّرِيق فِي التَّعْبِير على مَا يَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وقالَ نافِعُ بنُ يَزيدَ عنْ عُقَيْلٍ مَا يُفْعَلُ بِهِ
أَشَارَ بِهَذَا التَّعْلِيق إِلَى أَن الْمَحْفُوظ فِي رِوَايَة اللَّيْث مَا يفعل بِهِ، وَقد مر أَنه الصَّوَاب دون مَا يفعل بِي، وأكتفي بِهَذَا الْقدر إِشَارَة إِلَى أَن بَاقِي الحَدِيث لم يخْتَلف فِيهِ، وَنَافِع بن يزِيد أَبُو يزِيد مولى شُرَحْبِيل بن حَسَنَة الْقرشِي الْمصْرِيّ، مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة، وَوصل الْإِسْمَاعِيلِيّ هَذَا التَّعْلِيق عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا: حَدثنَا الْحسن بن عبد الْعَزِيز الجروي حَدثنَا عبد الله بن يحيى المغافري حَدثنَا نَافِع بن يزِيد عَن عقيل بِهِ.
وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَعَمْرُو بنُ دِينَارٍ وَمَعْمَرٌ
ذكر البُخَارِيّ مُتَابعَة شُعَيْب فِي كتاب الشَّهَادَات، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدثنِي خَارِجَة ابْن زيد الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الحَدِيث، ومتابعة عَمْرو بن دِينَار وَصلهَا ابْن أبي عمر فِي (مُسْنده) عَن ابْن عُيَيْنَة عَنهُ، ومتابعة معمر بن رَاشد ذكرهَا البُخَارِيّ فِي التَّعْبِير فِي: بَاب الْعين الْجَارِيَة: حَدثنَا عَبْدَانِ أخبرنَا عبد الله أخبرنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت عَن أم الْعَلَاء. . إِلَى آخِره.
4421 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا قُتِلَ أبي جَعَلْتُ أكْشِفُ الثَّوْبَ عنْ وَجْهِهِ أبْكِي ويَنْهَوْنِي عَنْهُ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنْهَانِي فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فاطِمةُ تَبْكِي فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم تَبْكِينَ أوْ لَا تَبْكِينَ مَا زَالَتِ المَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (جعلت أكشف الثَّوْب عَن وَجهه) ، وَالثَّوْب أَعم من أَن يكون الثَّوْب الَّذِي سجوه بِهِ أَو من الْكَفَن.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وغندر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة: مُحَمَّد بن جَعْفَر الْبَصْرِيّ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن أبي الْوَلِيد. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن الْمثنى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن عَمْرو بن يزِيد وَفِي المناقب عَن أبي كريب.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما قتل أبي) ، وَكَانَ قتل أَبِيه عبد الله يَوْم أحد، وَكَانَ الْمُشْركُونَ مثلُوا بِهِ، جدعوا أَنفه وَأُذُنَيْهِ، وَكَانَت غَزْوَة أحد فِي سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة فِي شَوَّال. قَوْله:(أبْكِي) جملَة وَقعت حَالا. قَوْله: (وينهوني)، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(وينهونني) على الأَصْل. قَوْله: (عَمَّتي فَاطِمَة)، عمَّة جَابر هِيَ شَقِيقَة أَبِيه عبد الله بن عَمْرو. قَوْله:(تبكين أَو لَا تبكين)، كلمة: أَو، لَيست هِيَ للشَّكّ من الرَّاوِي، بل هِيَ من كَلَام الرَّسُول صلى الله عليه وسلم للتسوية بَين الْبكاء وَعَدَمه، أَي: فوَاللَّه إِن الْمَلَائِكَة تظله سَوَاء تبكين أم لَا. وَفِي (التَّلْوِيح) فِي مَوضِع آخر: (لِمَ تبْكي) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَذَا صحت الرِّوَايَة بِلِمَ، الَّتِي للاستفهام وَفِي مُسلم:(تبْكي) بِغَيْر نون لِأَنَّهُ اسْتِفْهَام لمخاطب عَن فعل غَائِبَة. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَلَو خاطبها بالاستفهام خطاب الْحَاضِرَة قَالَ: لِمَ تبكين، بالنُّون. وَفِي رِوَايَة:(تبكيه أَو لَا تبكيه) . وَهُوَ إِخْبَار عَن غَائِبَة، وَلَو كَانَ خطاب الْحَاضِرَة لقَالَ: تبكينه أَو لَا تبكينه، بنُون فعل الْوَاحِدَة الْحَاضِرَة، ثمَّ معنى هَذَا: أَن عبد الله مكرم عِنْد الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله:(تبكين. .) إِلَى آخِره،