المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب السرعة بالجنازة) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب السرعة بالجنازة)

4131 -

حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حَدثنَا الليْثُ عنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبِيهِ أنَّهُ سَمِعَ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجالُ عَلَى أعْناقِهِمْ فإنْ كانَتْ صالِحَةً قالَتْ قَدِّمُونِي وَإنْ كانَتْ غَيْرَ صالِحَةٍ قالَتْ يَا وَيْلَهَا أيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كْلُّ شَيءٍ إلَاّ الإنْسَانَ ولَوْ سَمِعَهُ لَصَعِقَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (واحتملها الرِّجَال) فَإِن قلت: هَذَا إِخْبَار، فَكيف يكون حجَّة فِي منع النِّسَاء؟ قلت: كَلَام الشَّارِع مهما أمكن يحمل على التشريع لَا مُجَرّد الْإِخْبَار عَن الْوَاقِع.

وَرِجَاله تقدمُوا غير مرّة، وَاسم أبي سعيد: كيسَان، وَاسم أبي سعيد الْخُدْرِيّ: سعد بن مَالك، والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا عَن قُتَيْبَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا وضعت الْجِنَازَة)، أَي: الْمَيِّت على النعش، وَقد ذكرنَا أَن هَذَا اللَّفْظ يُطلق على الْمَيِّت وعَلى السرير الَّذِي يحمل عَلَيْهِ الْمَيِّت، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بهَا النعش، وَلَفظ: احتملها، يؤكده وَيكون إِسْنَاد القَوْل إِلَيْهِ مجَازًا. قَوْله:(يَا وَيْلَهَا)، مَعْنَاهُ: يَا حزني إحضر فَهَذَا أوانك، وَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال: يَا ويلي، لكنه أضيف إِلَى الْغَائِب حملا على الْمَعْنى، كَأَنَّهُ لما أبْصر نَفسه غير صَالِحَة نفر عَنْهَا وَجعلهَا كَأَنَّهَا غَيره، وَكره أَن يضيف الويل إِلَى نَفسه. قَوْله:(لصعق) الصَّعق: أَن يغشى على الْإِنْسَان من صَوت شَدِيد يسمعهُ، وَرُبمَا مَاتَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْن بطال:(قدموني) أَي: إِلَى الْعَمَل الصَّالح الَّذِي عملته، يَعْنِي إِلَى ثَوَابه. وَفِي لفظ:(يسمع) ، دلَالَة أَن القَوْل هَهُنَا حَقِيقَة لَا مجَاز، وَأَنه تَعَالَى يحدث النُّطْق فِي الْمَيِّت إِذا شَاءَ. وَقَالَ: يَا وَيْلَهَا، لِأَنَّهَا تعلم أَنَّهَا لم تقدم خيرا، وَأَنَّهَا تقدم على مَا يسوؤها فتكره الْقدوم عَلَيْهَا، وَالضَّمِير فِي قَوْله:(لَو سَمعه) رَاجع إِلَى دُعَائِهِ بِالْوَيْلِ على نَفسهَا، أَي: تصيح بِصَوْت مُنكر لَو سَمعه الْإِنْسَان لأغشي عَلَيْهِ.

15 -

(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْإِسْرَاع بالجنازة بعد الْحمل.

وَقَالَ أنَسٌ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنْتُمْ مُشَيِّعُونَ فَامْشُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا وعَنْ يَمِينِهَا وعَنْ شِمَالِهَا

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن السرعة بالجنازة لَا تكون غَالِبا إلَاّ فِي وجهات مُخْتَلفَة، وَلَا تكون فِي جِهَة مُعينَة لتَفَاوت النَّاس فِي الْمَشْي، وَتحصل الْمَشَقَّة من بَعضهم على بعض فِي تعْيين جِهَة، فَإِذا كَانَ كَذَلِك تكون السرعة من جوانبها الْأَرْبَع، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عَيَّاش عَن حميد عَن أنس فِي الْجِنَازَة: أَنْتُم مشيعون لَهَا تمشون أمامها وَخَلفهَا وَعَن يَمِينهَا وَعَن شمالها. وَأخرجه عبد الرَّزَّاق عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن حميد بِهِ. قَوْله: (فامشوا) بِصِيغَة الْجمع، رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين:(فامش) ، بِالْإِفْرَادِ وَالْأول أنسب.

وَقَالَ غَيْرُهُ: قَرِيبا مِنْهَا

أَي: قَالَ غير أنس: إمشِ قَرِيبا من الْجِنَازَة، وَالْمَقْصُود أَن يكون قَرِيبا من الْجِنَازَة من أَي جِهَة كَانَ، لاحْتِمَال أَن يحْتَاج حاملوها إِلَى المعاونة، فَإِن بعد مِنْهَا لم يكن مشيعا، فَإِن كَانَت الْمُتَابَعَة بعده لِكَثْرَة الْجَمَاعَة حصل لَهُ فضل الْمُتَابَعَة، وَقَالَ بَعضهم: والغير الْمَذْكُور أَظُنهُ عبد الرَّحْمَن بن قرط، بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا طاء مُهْملَة. قَالَ سعيد بن مَنْصُور: حَدثنَا مِسْكين بن مَيْمُون حَدثنِي عُرْوَة بن رُوَيْم، قَالَ:(شهد عبد الرَّحْمَن بن قرط جَنَازَة فَرَأى نَاسا تقدمُوا، وَآخَرين استأخروا، فَأمر بالجنازة فَوضعت، ثمَّ رماهم بِالْحِجَارَةِ حَتَّى اجْتَمعُوا إِلَيْهِ، ثمَّ أَمر بهَا فَحملت، ثمَّ قَالَ: بَين يَديهَا وَخَلفهَا وَعَن يسارها وَعَن يَمِينهَا) . انْتهى. قلت: هَذَا تخمين وحسبان، وَلَئِن سلمنَا إِنَّه هُوَ ذَاك الْغَيْر، فَلَا نسلم أَن هَذَا مُنَاسِب لما ذكره الْغَيْر، بل هُوَ بِعَيْنِه مثل مَا قَالَه أنس، وَلَا يخفى ذَلِك على المتأمل، وَعبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور صَحَابِيّ ذكر البُخَارِيّ وَغَيره أَنه كَانَ من أهل الصّفة، وَكَانَ واليا على حمص فِي زمن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ص: 112

5131 -

حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ عَن الزهْرِيِّ عنْ سَعِيدِ ابنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ فإنْ تَكُ صالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإنْ تَكُ سِوَى ذالِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عنْ رِقَابِكُمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد يبلغ بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن أَحْمد بن منيع، وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن ابْن أبي شيبَة وَهِشَام بن عمار، كلهم عَن سُفْيَان بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حفظناه)، ويروى:(حفظته) . قَوْله: (عَن الزُّهْرِيّ)، هُوَ رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي بِكَلِمَة: عَن، وَفِي رِوَايَة غَيره: من، بدل: عَن. قَوْله: (أَسْرعُوا) ، أَمر من الْإِسْرَاع وَلَيْسَ المُرَاد بالإسراع شدَّة الْإِسْرَاع، بل المُرَاد الْمُتَوَسّط بَين شدَّة السَّعْي وَبَين الْمَشْي الْمُعْتَاد، بِدَلِيل قَوْله فِي حَدِيث أبي بكرَة:(وَإِنَّا لنكاد أَن نرمل) ، ومقاربة الرمل لَيْسَ بالسعي الشَّديد، قَالَه شَيخنَا زين الدّين. قلت: فِي رِوَايَة أبي دَاوُد (عَن عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه: أَنه كَانَ فِي جَنَازَة عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ، وَكُنَّا نمشي مشيا خَفِيفا. فلحقنا أَبُو بكرَة، فَرفع صَوته فَقَالَ: لقد رَأَيْتنَا وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نرمل رملاً) . قَوْله: (نرمل)، من رمل رملاً ورملانا: إِذا أسْرع فِي الْمَشْي، وهز مَنْكِبه. قلت: مُرَاده الْإِسْرَاع الْمُتَوَسّط، وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، فِي (مُصَنفه) من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو:(إِن أَبَاهُ أوصاه قَالَ: إِذا أَنْت حَملتنِي على السرير فامشِ مشيا بَين المشيين، وَكن خلف الْجِنَازَة، فَإِن مقدمها للْمَلَائكَة وَخَلفهَا لبني آدم) . قَوْله: (بالجنازة) أَي: يحملهَا إِلَى قبرها. وَقيل: المُرَاد الْإِسْرَاع بتجهيزها وتعجيل الدّفن بعد تَيَقّن مَوته، لحَدِيث حُصَيْن بن وحوح (إِن طَلْحَة بن الْبَراء مرض، فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يعودهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أرى طَلْحَة إلَاّ وَقد حدث بِهِ الْمَوْت، فآذنوني بِهِ وعجلوا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لجيفة مُسلم أَن تحبس بَين ظهراني أَهله) . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. قلت: حُصَيْن، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَابْن وحوح بواوين مفتوحتين، وحائين مهملتين أولاهما سَاكِنة، وَهُوَ أَنْصَارِي لَهُ صُحْبَة. قيل: إِنَّه مَاتَ بالعذيب، روى لَهُ أَبُو دَاوُد، وروى الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يَقُول:(إِذا مَاتَ أحدكُم فَلَا تَحْبِسُوهُ، وأسرعوا بِهِ إِلَى قَبره) . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: الأول: أظهر، وَقَالَ النَّوَوِيّ الثَّانِي: بَاطِل مَرْدُود، بقوله فِي الحَدِيث:(تضعونة عَن رِقَابكُمْ) ، ورد عَلَيْهِ بِأَن الْحمل على الرّقاب قد يعبر بِهِ عَن الْمعَانِي، كَمَا تَقول: حمل فلَان على رقبته ذنوبا، فَيكون الْمَعْنى: استريحوا من نظر من لَا خير فِيهِ، وَيدل عَلَيْهِ أَن الْكل لَا يحملونه. قلت: وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أبي دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ الْمَذْكُور. قَوْله: (فَإِن تَكُ)، أَصله: فَإِن تكن، حذفت النُّون للتَّخْفِيف، وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَى الْجِنَازَة الَّتِي هِيَ عبارَة عَن الْمَيِّت. قَوْله:(صَالِحَة)، نصب على الخبرية. قَوْله:(فَخير)، مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: فَهُوَ (وَخير، تقدمونها إِلَيْهِ) يَوْم الْقِيَامَة، أَو: هُوَ، مُبْتَدأ أَي: فثمة خير تقدمون الْجِنَازَة إِلَيْهِ، يَعْنِي حَاله فِي الْقَبْر حسن طيب فَأَسْرعُوا بهَا حَتَّى تصل إِلَى تِلْكَ الْحَالة قَرِيبا. قَوْله:(إِلَيْهِ) الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الْخَيْر بِاعْتِبَار الثَّوَاب. وَقَالَ ابْن مَالك: رُوِيَ: (تقدمونه إِلَيْهَا) أَي: تقدمون الْمَيِّت إِلَيْهَا أَي: إِلَى الْخَيْر، وَأَنت الضَّمِير على تَأْوِيل الْخَيْر بِالرَّحْمَةِ أَو الْحسنى، قَوْله:(فشر) إعرابه مثل إِعْرَاب: (فَخير) . قَوْله: (تضعونه) أَي: إِنَّهَا بعيدَة من الرَّحْمَة فَلَا مصلحَة لكم فِي مصاحبتها.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: الْأَمر بالإسراع وَنقل ابْن قدامَة أَن الْأَمر فِيهِ للاستحباب بِلَا خلاف بَين الْعلمَاء. وَقَالَ ابْن حزم: وُجُوبه، وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : جَاءَ عَن بعض السّلف كَرَاهَة الْإِسْرَاع بالجنازة، وَلَعَلَّه يكون مَحْمُولا على الْإِسْرَاع المفرط الَّذِي يخَاف مِنْهُ انفجار الْمَيِّت، وَخُرُوج شَيْء مِنْهُ. وَقَالَ بَعضهم: وَالْمرَاد بالإسراع شدَّة الْمَشْي، وعَلى ذَلِك حمله بعض السّلف، وَهُوَ قَول الْحَنَفِيَّة. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : ويمشون بهَا مُسْرِعين دون الخبب. وَفِي (الْمَبْسُوط) : لَيْسَ فِيهِ شَيْء موقت، غير إِن العجلة أحب إِلَى أبي حنيفَة. قلت: قَوْله: وَهُوَ قَول الْحَنَفِيَّة، غير صَحِيح، وَلم يقل أحد مِنْهُم بِشدَّة الْمَشْي، وعذا احب (الْهِدَايَة) الَّذِي لَا يذكر إلَاّ مَا هُوَ الْعُمْدَة عِنْد أبي حنيفَة، يَقُول: ويمشون بهَا مُسْرِعين دون الخبب، وَقَوله: دون الخبب، يدل على أَن المُرَاد

ص: 113