الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالفروع الشَّرْعِيَّة، وعَلى القَوْل الآخر: لَا يحسن ذَلِك، ثمَّ إِن الحَدِيث لَا دلَالَة فِيهِ على كفر وَلَا إِيمَان، بل هُوَ على الْإِيمَان أدل من غَيره، وَالله أعلم، لَا سِيمَا وَقد ورد فِي (المُصَنّف) لِابْنِ أبي شيبَة: حَدثنَا شريك عَن سماك (عَن جَابر بن سَمُرَة: أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أَصَابَته جِرَاحَة فآلمته، فَأخذ مشقصا فَقتل بِهِ نَفسه، فَلم يصلِّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ) .
4631 -
وَقَالَ حجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ حَدثنَا جَريرُ بنُ حازِمٍ عنِ الحَسَنِ قَالَ حَدثنَا جُنْدَبٌ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فِي هاذا المَسْجِدِ فَمَا نَسِينَا وَمَا نَخَافُ أنْ يَكْذِبَ جُنْدَبٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ قَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ الله عز وجل بَدَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ.
(الحَدِيث 4631 طرفه فِي: 3643) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله فِي ذكر بني إِسْرَائِيل فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد حَدثنَا حجاج بن منهال فَذكره، وَفِي (التَّلْوِيح) : كَذَا ذكره عَن شَيْخه بِلَفْظ: قَالَ، وخرجه فِي أَخْبَار بني إِسْرَائِيل، فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد حَدثنَا حجاج بن منهال، قَالَ: وَهُوَ يضعف قَول من قَالَ: إِنَّه إِذا قَالَ عَن شَيْخه، وَقَالَ فلَان، يكون أَخذه عَنهُ مذاكرة، وَلَفظه هُنَاكَ: كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجل بِهِ جرح فجزع، فَأخذ سكينا فحز بهَا يَده فَمَا رقي الدَّم حَتَّى مَاتَ، وَعند مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي: حَدثنَا وهب بن جرير حَدثنَا أبي، وَلَفظه:(خرجت بِهِ قرحَة فَلَمَّا آذته انتزع سَهْما من كِنَانَته فنكاها فَلم يرق الدَّم حَتَّى مَاتَ) . وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم مُحَمَّد هَذَا هُوَ الذهلي، قَالَ الجياني: وَنسبه أَبُو عَليّ ابْن السكن عَن الْفربرِي، فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد حَدثنَا حجاج، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قد أخرج البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن معمر وَهُوَ مَشْهُور بالرواية، ثمَّ رَوَاهُ أَبُو عَليّ عَن حَكِيم بن مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو بكر بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا عَليّ بن قديد حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحرز حَدثنَا حجاج فَذكره.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِي هَذَا الْمَسْجِد) ، الظَّاهِر أَنه مَسْجِد الْبَصْرَة، قَوْله:(فَمَا نَسِينَا وَمَا نَخَاف) ذكر هَذَا للتَّأْكِيد وَالتَّحْقِيق. قَوْله: (عَن النَّبِي)، ويروى:(عَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ظَاهر، لِأَنَّهُ يُقَال: كذب عَلَيْهِ، وَأما رِوَايَة: عَن، فعلى معنى النَّقْل، قَوْله: (بِرَجُل جراح) ، لم يعرف الرجل من هُوَ، و: الْجراح، بِكَسْر الْجِيم، ويروى:(خراج) ، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء، وَهُوَ فِي اصْطِلَاح الْأَطِبَّاء: الورم إِذا اجْتمعت مادته المتفرقة فِي لِيف الْعُضْو الورم إِلَى تجويف وَاحِد، وَقبل ذَلِك يُسمى ورما وَفِي (الْمُحكم) هُوَ اسْم لما يخرج فِي الْبدن، زَاد فِي (الْمُنْتَهى) : من القروح. وَفِي (الْمغرب) : الْخراج، بِالضَّمِّ البثر الْوَاحِدَة، خراجة، وَزعم أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ أَنه يجمع على خراجات وخرجات. وَفِي (الجمهرة) و (الْجَامِع) و (الموعب) : الْخراج مَا خرج على الْجَسَد من دمل وَنَحْوه وَزعم النَّوَوِيّ أَن الْخراج قرحَة، بِفَتْح الْقَاف وَإِسْكَان الرَّاء، وَهِي وَاحِدَة القروح، وَهِي حبات تخرج فِي بدن الْإِنْسَان. وَفِي (التَّلْوِيح) : ينظر فِيهِ من سلفه فِيهِ. قَوْله: (قتل نَفسه)، أَي: بِسَبَب الْجراح، وَهِي جملَة وَقعت صفة، ويروى:(فَقتل) . قَوْله: (بدرني)، معنى الْمُبَادرَة: عدم صبره حَتَّى يقبض الله روحه حتف أَنفه، يُقَال: بدرني، أَي: سبقني من بدرت إِلَى الشَّيْء أبدر بَدْرًا: إِذا أسرعت: وَكَذَلِكَ: بادرت إِلَيْهِ. قَوْله: (حرمت عَلَيْهِ الْجنَّة) مَعْنَاهُ: إِن كَانَ مستحلاً فعقوبته مُؤَبّدَة، أَو مَعْنَاهُ: حرمت قبل دُخُول النَّار، أَو المُرَاد من الْجنَّة: جنَّة خَاصَّة لِأَن الْجنان كَثِيرَة، أَو هُوَ من بَاب التغيظ، أَو هُوَ مُقَدّر بِمَشِيئَة الله تَعَالَى، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون هَذَا الْوَعيد لهَذَا الرجل الْمَذْكُور فِي الحَدِيث، وانضم إِلَى هَذَا الرجل مشركه، وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون كَافِرًا، لقَوْله:(فَحرمت عَلَيْهِ الْجنَّة) ، وَفِيه نظر من حَيْثُ إِن الْجنَّة مُحرمَة على الْكَافِر سَوَاء قتل نَفسه اَوْ استبقاها، وعَلى تَقْدِير أَن يكون كَافِرًا، إِنَّمَا يَتَأَتَّى على قَول من يَقُول: إِن الْكفَّار مطالبون بالفروع الشَّرْعِيَّة، وعَلى القَوْل الآخر: لَا يحسن ذَلِك، ثمَّ إِن الحَدِيث لَا دلَالَة فِيهِ على كفر وَلَا إِيمَان، بل هُوَ على الْإِيمَان أدل من غَيره، وَالله أعلم، لَا سِيمَا وَقد ورد فِي (المُصَنّف) لِابْنِ أبي شيبَة: حَدثنَا شريك عَن سماك (عَن جَابر بن سَمُرَة: أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أَصَابَته جِرَاحَة فآلمته، فَأخذ مشقصا فَقتل بِهِ نَفسه، فَلم يصلِّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ) .
5631 -
حدَّثنا أبُو اليَمانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ قَالَ حدَّثنا أبُو الزِّنَادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الَّذي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يخْنُقُهَا فِي النَّارِ وَالَّذِي يَطْعُنُها يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ.
(الحَدِيث 5631 طرفه فِي: 8775) .
هَذَا من أَفْرَاد البُخَارِيّ من هَذَا الْوَجْه، وَأخرجه فِي الطِّبّ من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مطولا. وَمن ذَلِك الْوَجْه أخرجه مُسلم، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الخنق، وَفِيه من الزِّيَادَة ذكر السم وَغَيره، وَلَفظه:(فَهُوَ فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا) ، وَقد تمسك بِهِ الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم مِمَّن قَالَ بتخليد أَصْحَاب الْمعاصِي فِي النَّار، وَأجَاب أهل السّنة بأجوبة، مِنْهَا: أَنهم قَالُوا: هَذِه لزِيَادَة وهم، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد أَن أخرجه، رَوَاهُ مُحَمَّد بن عجلَان عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، فَلم يذكر:(خَالِدا مخلدا)، قَالَ: وَهُوَ الْأَصَح، لِأَن الرِّوَايَات قد صحت أَن أهل التَّوْحِيد يُعَذبُونَ ثمَّ يخرجُون مِنْهَا، وَقد ذكرنَا أجوبة أُخْرَى فِي هَذَا الْبَاب، وَأَبُو الْيَمَان: الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وبالنون: عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز. قَوْله:(يخنق)، بِضَم النُّون. قَوْله:(يطعنها) ، بِفَتْح الْعين وَضمّهَا، وَإِنَّمَا كَانَ الخنق والطعن فِي النَّار، لِأَن الْجَزَاء من جنس الْعَمَل.
48 -
(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَرَاهَة الصَّلَاة على الْمُنَافِقين، وَكَرَاهَة الاسْتِغْفَار أَي: طلب الْمَغْفِرَة للْمُشْرِكين لعدم الْفَائِدَة.
رَوَاهُ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
أَي: روى كَرَاهَة الصَّلَاة على الْمُنَافِقين عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا ذكر الضَّمِير بِاعْتِبَار الْمَذْكُور فِي قَوْله:(مَا يكره) . قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لما جزم البُخَارِيّ بِأَنَّهُ رَوَاهُ فَلم مَا ذكره بِإِسْنَادِهِ. قلت: لِأَنَّهُ لم يكن الرَّاوِي بِشَرْطِهِ، أَو لِأَنَّهُ ذكره فِي مَوضِع آخر انْتهى. قلت: لَا نسلم أَنه جزم بذلك، بل أخبر. وَلَئِن سلمنَا ذَلِك فَيحْتَمل أَن تَركه الْإِسْنَاد اكْتِفَاء بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذكره فِي قصَّة الصَّلَاة على عبد الله بن أبي فِي: بَاب الْقَمِيص الَّذِي يلف.
6631 -
حدَّثنا يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثني اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُبَيْدِ الله ابنِ عَبْدِ الله عنْ ابنِ عَبَّاسٍ عنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ بنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِيُصَلَّى عَلَيْهِ فَلَمَّا قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رسولَ الله أتُصَلِّي عَلَى ابنِ أُبَيٍّ وقَدْ قَالَ يَوْمَ كذَا وكَذَا كَذَا وكَذَا أُعَدِّدُ عَلَيه قولَهُ فَتَبَسَّمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ فَلَمَّا أكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ إنِّي خُيِّرْتُ فاخْتَرْتُ لَوْ أعْلَمُ أنِّي إنْ زِدْتُ عَلى السَّبْعِينَ فَغُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا قَالَ فصَلَّى عَلَيْهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إلَاّ يَسِيرا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتانِ مِنْ بَرَاءَةَ ولَا تُصَلِّ عَلَى أحَدٍ مِنهُم ماتَ أبدا إلَى وَهُمْ فاسِقُونَ قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأتِي عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ وَالله ورسُولُهُ أعْلَمُ.
(الحَدِيث 6631 طرفه فِي: 1764) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا تصل على أحد مِنْهُم) لِأَن قَوْله: (لَا تصل) نهي، وَالنَّهْي يَقْتَضِي الْكَرَاهَة. فَإِن قلت: من التَّرْجَمَة قَوْله: وَالِاسْتِغْفَار للْمُشْرِكين وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب مَا يدل على النَّهْي عَن الاسْتِغْفَار للْمُشْرِكين؟ قلت: فِي قَوْله: (حَتَّى نزلت الْآيَات) مَا يدل على ذَلِك، لِأَن من جملَة الْآيَات قَوْله: تَعَالَى: {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} (التَّوْبَة: 08) . الْآيَة، وَقَوله:{فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} (التَّوْبَة: 08) . يدل على منع الاسْتِغْفَار لَهُم.
ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: يحيى بن بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقد مر. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب. الْخَامِس: عبيد الله، بِضَم الْعين: ابْن عبد الله، بِفَتْح الْعين: ابْن عُيَيْنَة بن مَسْعُود أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة. السَّابِع: عمر بن الْخطاب.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه مَنْسُوب إِلَى جده لِأَنَّهُ يحيى بن عبد الله بن بكير، وَهُوَ وَاللَّيْث مصريان، وَعقيل أيلي وَابْن شهَاب وَعبيد الله مدنيان. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ. وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن عبد بن حميد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمار وَمُحَمّد بن رَافع، وَفِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن الْمُبَارك. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من طَرِيق ابْن عمر فِي: بَاب الْكَفَن فِي الْقَمِيص، عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سعيد بن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى، وَنَذْكُر هُنَا بعض شَيْء.
قَوْله: (دعِي)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(أَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام. قَوْله: (أعدد عَلَيْهِ قَوْله) أَي: أعد على النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَول عبد الله ابْن أبي من أَقْوَاله القبيحة فِي حق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤمنِينَ. قَوْله: (فَلَمَّا أكثرت عَلَيْهِ)، أَي: فَلَمَّا زِدْت الْكَلَام على النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنِّي خيرت) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى:{اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} (التَّوْبَة: 18) . قَوْله: قَوْله: (حَتَّى نزلت (فاخترت) أَي الاسْتِغْفَار الْآيَات) ، ويروى: حَتَّى نزلت الْآيَتَانِ الأولى. قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تصل عَليّ أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره إِنَّهُم كفرُوا بِاللَّه وَرَسُوله وماتوا وهم فَاسِقُونَ} (التَّوْبَة: 48) . وَالْآيَة الثَّانِيَة هِيَ قَوْله: {اسْتغْفر لَهُم} (التَّوْبَة: 08) . الْآيَة، وَأما على رِوَايَة الْآيَات فَمن قَوْله:{اسْتغْفر لَهُم} (التَّوْبَة: 08) . إِلَى قَوْله: {وهم فَاسِقُونَ} (التَّوْبَة: 48) . .
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ الدَّاودِيّ: هَذِه الْآيَات فِي قوم بأعيانهم يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمِمَّنْ حَوْلكُمْ من الْأَعْرَاب} (التَّوْبَة: 021) . الْآيَة، فَلم ينْه عَمَّا لم يعلم، وَكَذَلِكَ إخْبَاره لِحُذَيْفَة بسبعة عشر من الْمُنَافِقين، وَقد كَانُوا يناكحون الْمُسلمين ويوارثونهم وَيجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام لاستتارهم بكفرهم، وَلم ينْه النَّاس عَن الصَّلَاة عَلَيْهِم، إِنَّمَا نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنهُ وَحده، وَكَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ينظر إِلَى حُذَيْفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَإِن شهد جَنَازَة مِمَّن يظنّ بِهِ شهد، وإلَاّ لم يشهده، وَلَو كَانَ أمرا ظَاهرا لم يسره الشَّارِع إِلَى حُذَيْفَة، وَذكر عَن الطَّبَرِيّ أَنه يجب ترك الصَّلَاة على معلن الْكفْر ومسره، بِهَذَا قَالَ، فَأَما الْمقَام على قَبره فَغير محرم بل جَائِز لوَلِيِّه الْقيام عَلَيْهِ لإصلاحه وَدَفنه، وَبِذَلِك صَحَّ الْخَبَر، وَعمل بِهِ أهل الْعلم. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَهَذَا خلاف مَا قدمنَا. أَن ولد الْكَافِر لَا يدفنه وَلَا يحضر دَفنه، وَفِي (النَّوَادِر) عَن ابْن سِيرِين: مَا حرم الله الصَّلَاة على أحد من أهل الْقبْلَة إِلَّا على ثَمَانِيَة عشر رجلا من الْمُنَافِقين، وَقد قَالَ عليه الصلاة والسلام لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:(إذهب فواره) يَعْنِي أَبَاك، وروى سعيد بن جُبَير، قَالَ: مَاتَ رجل يَهُودِيّ وَله ابْن مُسلم، فَذكر ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس، فَقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَن يمشي مَعَه ويدفنه وَيَدْعُو لَهُ بِالصَّلَاةِ مَا دَامَ حَيا، فَإِذا مَاتَ وَكله إِلَى أشباهه، ثمَّ قَرَأَ:{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَن موعدة} (التَّوْبَة: 411) . الْآيَة، وَقَالَ النَّخعِيّ: توفيت أم الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة وَهِي نَصْرَانِيَّة، فاتبعها أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تكرمة لِلْحَارِثِ وَلم يصلوا عَلَيْهَا، ثمَّ فرض على جَمِيع الآمة أَن لَا يدعوا لِمُشْرِكٍ وَلَا يَسْتَغْفِرُوا لَهُ إِذا مَاتَ على شركه، قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا
…
} (التَّوْبَة: 311) . الْآيَة، وَقد بَين الله تَعَالَى عذر إِبْرَاهِيم فِي استغفاره لِأَبِيهِ فَقَالَ:{إلَاّ عَن موعدة وعدها إِيَّاه} (التَّوْبَة: 411) . فَدَعَا لَهُ وَهُوَ يَرْجُو إنابته ورجوعه إِلَى الْإِيمَان: {فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عَدو لله تَبرأ مِنْهُ} (التَّوْبَة: 411) . فَفِي هَذَا من الْفِقْه أَنه جَائِز أَن يدعى لكل من يُرْجَى من الْكفَّار إنابته بالهداية