المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة)

0031 -

حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيّ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ قَالَ حدَّثنا عاصِمٌ الأَحْوَلُ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ قَنَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شَهْرا حِينَ قُتِلَ القُرَّاءُ فَمَا رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حَزِنَ حُزْنا قَطُّ أشَدَّ مِنْهُ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَمَا رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم إِلَى آخِره، وَعَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن عَليّ الفلاس الصَّيْرَفِي، والْحَدِيث تقدم فِي أَبْوَاب الْوتر فِي: بَاب الْقُنُوت قبل الرُّكُوع وَبعده، أخرجه عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَاحِد عَن عَاصِم قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك عَن الْقُنُوت

الحَدِيث، وَتقدم الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

14 -

(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من لم يظْهر حزنه عِنْد حُلُول الْمُصِيبَة، وَهَذَا الْبَاب عكس الْبَاب السَّابِق، لِأَن فِيهِ من أظهر حزنه، وَفِي هَذَا من لم يظْهر، وَفِي كل مِنْهُمَا لم يُصَرح بالحكم، أما ذَاك فقد بَينا وَجهه، وَأما هَذَا فَفِيهِ ترك مَا أُبِيح لَهُ من إطهار الْحزن الَّذِي لَا إسخاط فِيهِ لله تَعَالَى، وَفِيه قهر النَّفس بِالصبرِ الَّذِي هُوَ خير، لقَوْله تَعَالَى:{وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خير للصابرين} (النَّحْل: 621) .

وَقَالَ محَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ الجَزَعُ القَوْلُ السَّيِّءُ والظَّنُّ السَّيِّءُ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْمُقَابلَة، وَهِي ذكر الشَّيْء وَمَا يضاده مَعَه، وَذَلِكَ أَن ترك إِظْهَار الْحزن من القَوْل الْحسن وَالظَّن الْحسن، وإظهاره مَعَ الْجزع الَّذِي يُؤَدِّيه إِلَى مَا حظره الشَّرْع قَول سيىء وَظن سيء، وَمُحَمّد بن كَعْب بن سليم الْقرظِيّ، بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء بعْدهَا ظاء مُعْجمَة الْمَدِينِيّ، حَلِيف الْأَوْس، سمع زيد بن أَرقم وَغَيره. قَالَ قُتَيْبَة: بَلغنِي أَنه ولد فِي حَيَاة النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة سبع عشرَة وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَمَان وَتِسْعين سنة، وَمعنى القَوْل السيء مَا يبْعَث الْحزن غَالِبا، وَالظَّن السيء الاستبعاد لحُصُول مَا وعد بِهِ من الثَّوَاب على الصَّبْر، أَو الْيَأْس من تَفْوِيض مَا هُوَ خير لَهُ من الْفَائِت.

وَقَالَ يَعْقُوبُ عليه السلام إنَّمَا أشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلَى الله

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله، عَلَيْهِم الصَّلَاة وأزكى السَّلَام، لما ابْتُلِيَ صَبر وَلم يشك إِلَى أحد وَلَا بَث حزنه إلَاّ إِلَى الله، فطابق التَّرْجَمَة من هَذِه الْحَيْثِيَّة، والبث: بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الثَّاء الْمُثَلَّثَة شدَّة الْحزن.

1031 -

حدَّثنا بِشْرُ بنُ الحَكَمِ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أخبرنَا إسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الله بنِ أبِي طَلْحَةَ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ اشْتَكَى ابْنٌ لأِبي طَلْحَةَ قَالَ فَماتَ وَأبُو طَلْحَةَ خارِجٌ فَلَمَّا رَأتْ امْرَأتُهُ أنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأتْ شَيْئا وَنَحَّتْهُ فِي جانِبِ البَيْتِ فَلَمَّا جاءَ أبُو طَلْحَةَ قَالَ كَيْفَ الغُلَامُ قالَتْ قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ وَأرْجُو أنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ وظَنَّ أبُو طَلْحَةَ أنَّهَا صادِقَةٌ قَالَ فباتَ فَلَمَّا أصْبَحَ اغْتَسَلَ فَلَمَّا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أعْلَمَتْهُ أنَّهُ قَدْ مَاتَ فَصَلَّى مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أخْبَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بِمَا كانَ مِنْهُمَا فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَعَلَّ الله أنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلتِكُمَا. قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَرَأيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أوْلَادٍ كُلَّهُمْ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ.

(الحَدِيث 1031 طرفه فِي: 0745) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَن امْرَأَة أبي طَلْحَة لما مَاتَ ابْنهَا لم تظهر الْحزن بل أظهرت الْفَرح وَالسُّرُور،

ص: 97

حَتَّى جَامعهَا أَبُو طَلْحَة فِي تِلْكَ اللَّيْلَة، فَلَمَّا أصبح واغتسل وَأَرَادَ الْخُرُوج من عِنْدهَا أعلمته بذلك.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن الحكم، بِفتْحَتَيْنِ: الْعَبْدي، مر فِي: بَاب التَّهَجُّد. الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة. الثَّالِث: إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ ابْن أخي أنس بن مَالك، مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. الرَّابِع: أنس بن مَالك.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موض وبصيغة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع، قَالَ أَبُو نعيم: هَذَا الحَدِيث مِمَّا تفرد بِهِ البُخَارِيّ عَن بشر بن الحكم، وَأخرجه مُسلم من طرق عَن ثَابت عَن أنس. وَأخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم أَيْضا من طَرِيق أنس بن سِيرِين وَمُحَمّد بن سعد من طَرِيق حميد الطَّوِيل، كِلَاهُمَا عَن أنس. وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق عبد الله بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، وَهُوَ أَخُو إِسْحَاق الْمَذْكُور عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله (اشْتَكَى ابْن لأبي طَلْحَة) أَي مرض وَلَيْسَ المُرَاد أَنه صدرت مِنْهُ الشكوى لَكِن لما كَانَ الإصل أَن الْمَرِيض يحصل مِنْهُ ذَلِك اسْتعْمل فِي كل مرض لكل مَرِيض وَالِابْن الْمَذْكُور وَهُوَ أَبُو عُمَيْر صَاحب النغير قَالَه ابْن حبَان والخطيب فِي آخَرين وَأَبُو طَلْحَة زيد بن سهل الإنصاري وَامْرَأَته هِيَ أم أنس بن مَالك قَوْله (خَارج) أَي خَارج الْبَيْت وَكَانَ يكون عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي أَوَاخِر النَّهَار وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ كَانَ لأبي طَلْحَة ولد فَتوفي فَأرْسلت أم سليم أنسا يَدْعُو أَبَا طَلْحَة وأمرته أَن لَا يُخبرهُ بوفاة ابْنه وَكَانَ أَبُو طَلْحَة صَائِما قَوْله (هيأت شَيْئا) أَي أعدت طَعَاما وأصلحته وَقيل هيأت شَيْئا من حَالهَا وتزينت لزَوجهَا تعرضا للجماع وَقيل هيأت أَمر الصَّبِي بأنغسلته وكفنته على مَا جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُود الطَّيَالِسِيّ عَن مشايخه عَن صَالح (فهيأت الصَّبِي) وَفِي رِوَايَة حميد عِنْد ابْن سعد (فَتوفي الْغُلَام فهيأت أم سعيد أمره) وَفِي رِوَايَة عمَارَة بن زَاذَان عَن ثَابت (فَهَلَك الصَّبِي فَقَامَتْ أم سليم فغسلته وكفنته وحنطته وسجت عَلَيْهِ ثوبا قَوْله: (ونحته)، بِفَتْح النُّون والحاء الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة: أَي جعلته فِي جَانب الْبَيْت. وَقيل: بعدته، وَفِي رِوَايَة جَعْفَر عَن ثَابت:(فَجَعَلته فِي مخدعها) . قَوْله: (قد هدأت نَفسه) بِالْهَمْز أَي: سكنت نَفسه بِسُكُون الْفَاء، وَالْمعْنَى: أَن نَفسه كَانَت قلقة منزعجة بِعَارِض الْمَرَض، فسكنت بِالْمَوْتِ، وَظن أَبُو طَلْحَة أَن مرادها: سكنت بِالنَّوْمِ لوُجُود الْعَافِيَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر:(هدأ نَفسه)، بِفَتْح الْفَاء أَي: سكن لِأَن الْمَرِيض يكون نَفسه عَالِيا فَإِذا زَالَ مَرضه سكن، وَكَذَا إِذا مَاتَ. وَوَقع فِي رِوَايَة أنس بن سِيرِين:(هُوَ أسكن مَا كَانَ) ، وَنَحْوه فِي رِوَايَة جَعْفَر عَن ثَابت، وَفِي رِوَايَة معمر عَن ثَابت:(أَمْسَى هادئا) . وَفِي رِوَايَة حميد: (بِخَير مَا كَانَ)، وَالْكل مُتَقَارب الْمعَانِي. قَوْلهَا:(وَأَرْجُو أَن يكون قد استراح) ، من حسن المعاريض، وَهُوَ مَا احْتمل لَهُ مَعْنيانِ: فَإِنَّهَا أخْبرت بِكَلَام لم تكذب فِيهِ، وَلَكِن ورت بِهِ عَن الْمَعْنى الَّذِي كَانَ يحزنها، أَلا يرى أَن نَفسه قد هدأ، كَمَا قَالَت بِالْمَوْتِ وَانْقِطَاع النَّفس، وأوهمته أَنه استراح من قلقه، وَإِنَّمَا استراح من نصب الدُّنْيَا وهمها. وَقَالَ ابْن بطال، رَحمَه الله تَعَالَى: هدأ نَفسه من معاريض الْكَلَام، وأرادت بِسُكُون النَّفس: الْمَوْت، وَظن أَبُو طَلْحَة، رَحمَه الله تَعَالَى، أَنَّهَا تُرِيدُ بِهِ سُكُون نَفسه من الْمَرَض وَزَوَال الْعلَّة وتبدلها بالعافية، وَإِنَّهَا صَادِقَة فِيمَا خيل إِلَيْهِ فِي ظَاهر قَوْلهَا، وَبَارك الله لَهَا بدعائه صلى الله عليه وسلم فرزقا تِسْعَة أَوْلَاد من الْقُرَّاء الصلحاء، وَذَلِكَ بصبرهما فِيمَا نالها ومراعاتها زَوجهَا. قَوْله:(وَظن أَبُو طَلْحَة أَنَّهَا صَادِقَة) أَي: بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فهمه من كَلَامهَا، وإلَاّ فَهِيَ صَادِقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أَرَادَت. قَوْله:(فَبَاتَ)، أَي: بَات أَبُو طَلْحَة مَعَ امْرَأَته الْمَذْكُورَة، وَهَذِه كِنَايَة عَن الْجِمَاع، وَلِهَذَا لما أصبح اغْتسل لِأَن الْغسْل غَالِبا لَا يكون إلَاّ من الْجِمَاع، وَقد وَقع التَّصْرِيح بذلك فِي رِوَايَة أنس بن سِيرِين:(فقربت إِلَيْهِ الْعشَاء فتعشى ثمَّ أصَاب مِنْهَا) . وَفِي رِوَايَة حَمَّاد عَن ثَابت: (ثمَّ تطيبت)، زَاد جَعْفَر عَن ثَابت:(فتعرضت لَهُ حَتَّى وَقع بهَا)، وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان عَن ثَابت:(ثمَّ تصنعت لَهُ أحسن مَا كَانَت تتصنع قبل ذَلِك، فَوَقع بهَا) . وَفِي رِوَايَة عبد الله بن عبد الله: (ثمَّ تعرضت لَهُ فَأصَاب مِنْهَا) . قَوْله: (فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج) أَي: فَلَمَّا أَرَادَ أَبُو طَلْحَة أَن يخرج من الْبَيْت (أعلمته) أَي: أعلمت أَبَا طَلْحَة بِأَنَّهُ: أَي بِأَن الصَّبِي قد مَاتَ، وَفِيه زِيَادَة لمُسلم قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون حَدثنَا بهز حَدثنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت (عَن

ص: 98