المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب قول الرجل للمرأة عند القبر اصبري) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب قول الرجل للمرأة عند القبر اصبري)

{ونادى أَصْحَاب الْجنَّة أَصْحَاب النَّار} (ك: 44) . فِي أَن مَا سَيكون بمنزله الْكَائِن، لِأَن مَا أخبر بِهِ الصَّادِق من الْمُسْتَقْبل كالواقع، وَقَالَ بَعضهم: وَهَذَا قد تَلقاهُ جمَاعَة عَن الطَّيِّبِيّ وأقروه عَلَيْهِ، وَفِيه نظر، لِأَن السَّبَبِيَّة حَاصِلَة بِالنّظرِ إِلَى الِاسْتِثْنَاء، لِأَن الِاسْتِثْنَاء بعد النَّفْي إِثْبَات، فَكَانَ الْمَعْنى: أَن تَخْفيف الولوج مسبب عَن موت الْأَوْلَاد، وَهُوَ ظَاهر، لِأَن الولوج عَام وتخفيفه يَقع بِأُمُور مِنْهَا موت الْأَوْلَاد بِشَرْطِهِ، وَمَا ادَّعَاهُ أَن الْفَاء بِمَعْنى الْوَاو الَّتِي للْجمع فِيهِ نظر. قلت: فِي كل وَاحِد من نظريه نظر، أما الأول: فلأنا لَا نسلم حُصُول السَّبَبِيَّة بِالنّظرِ إِلَى الِاسْتِثْنَاء، لِأَن الولوج هَهُنَا لَيْسَ على حَقِيقَته بالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّهُ بِمَعْنى الْوُرُود، وَقد مر أَن فِي مَعْنَاهُ أقوالاً. وَقَوله: لِأَن الِاسْتِثْنَاء بعد النَّفْي إِثْبَات مَحل نزاع، وَقد علم فِي مَوْضِعه. وَإِمَّا الثَّانِي: فأيضا مَمْنُوع، لِأَن الْحُرُوف يَنُوب بَعْضهَا عَن بعض، وَلم يمْنَع أحد عَن ذَلِك أَلا ترى أَن بَعضهم قَالُوا: إِن الِاسْتِثْنَاء بِمَعْنى: الْوَاو، أَي: لَا تمسه النَّار قَلِيلا وَلَا كثيرا، وَلَا تَحِلَّة الْقسم، وَقد جوز الْفراء والأخفش وَأَبُو عُبَيْدَة مَجِيء: إلَاّ بِمَعْنى: الْوَاو، وَجعلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} (الْبَقَرَة: 051) . أَي: وَلَا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم.

7 -

(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز قَول الرجل للْمَرْأَة عِنْد قبر الْمَيِّت: إصبري، وَالْقَصْد من هَذِه التَّرْجَمَة جَوَاز مُخَاطبَة الرِّجَال للنِّسَاء بِمَا فِيهِ موعظة وَأمر بِمَعْرُوف وَنهي عَن مُنكر، وَإِنَّمَا ذكر بقوله:(قَول الرجل) إِشَارَة إِلَى أَن ذَلِك لَا يخْتَص بِالنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَإِن كَانَ فِي الحَدِيث قَوْله، صلى الله عليه وسلم، وَأطلق إمرأة ليتناول الشَّابَّة والعجوز، وَعين لفظ: اصْبِرِي، وَلم يقل لفظ: اتقِي، كَمَا فِي الحَدِيث لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنَاسب فِي ذَلِك الْوَقْت. فَإِن قلت: لِمَ قَالَ: قَول الرجل، وَلم يقل: وعظ الرجل، وَنَحْوه؟ قلت: لعُمُوم معنى القَوْل وشموله.

2521 -

حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا ثابِتٌ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بامْرَأةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وهْيَ تَبْكِي فَقَالَ اتَّقِي الله واصْبِرِي..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (واصبري) ، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجَنَائِز عَن بنْدَار عَن غنْدر، وَفِي الْأَحْكَام أَيْضا عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث. وَأخرجه مُسلم فِي الْجَنَائِز عَن بنْدَار وَعَن غنْدر عَن أبي مُوسَى وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن عقبَة بن مكرم وَعَن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي وَزُهَيْر بن حَرْب عَن عبد الصَّمد، ستتهم عَنهُ بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى نَحوه. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن بنْدَار بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عمر بن عَليّ عَن غنْدر.

قَوْله: (وَهِي تبْكي) جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (فَقَالَ) أَي: النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، لَهَا:(اتقِي الله واصبري) أَي: لَا تجزعي، فَإِن الْجزع يحبط الْأجر، واصبري فَإِن الصَّبْر يجزل الْأجر، قَالَ تَعَالَى:{إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} (الزمر: 01) . وَقَالَ ابْن ابْن بطال: أَرَادَ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أَن لَا يجْتَمع عَلَيْهَا مصيبتان: مُصِيبَة فقد الْوَلَد، ومصيبة فقد الْأجر الَّذِي يُبطلهُ الْجزع، فَأمرهَا بِالصبرِ الَّذِي لَا بُد للجازع من الرُّجُوع إِلَيْهِ بعد سُقُوط أجره، وَقيل: كل مُصِيبَة لم يذهب فَرح ثَوَابهَا ألم حزنها فَهِيَ الْمُصِيبَة الدائمة، والحزن الْبَاقِي. وَقَالَ الْحسن: الْحَمد لله الَّذِي أجرنا على مَا لَا بُد لنا مِنْهُ.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: جَوَاز زِيَارَة الْقُبُور وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر. وَفِيه: دلَالَة على تواضعه، صلى الله عليه وسلم، وَكَونه لم ينهرها، وَفِيه: النَّهْي عَن الْبكاء بعد الْمَوْت. وَفِيه: الموعظة للباكي بتقوى الله وَالصَّبْر.

8 -

(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم غسل الْمَيِّت. . إِلَى آخِره.

وَهَذِه التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على أُمُور.

الأول: فِي غسل الْمَيِّت، هَل هُوَ فرض أَو وَاجِب أَو سنة؟ فَقَالَ أَصْحَابنَا: هُوَ وَاجِب على الْأَحْيَاء بِالسنةِ وَإِجْمَاع الْأمة. أما السّنة: فَقَوله صلى الله عليه وسلم (للْمُسلمِ على الْمُسلم سِتّ حُقُوق. .) وَذكر مِنْهَا: إِذا مَاتَ أَن يغسلهُ، وأجمعت الْأمة على هَذَا. وَفِي (شرح الْوَجِيز) : الْغسْل والتكفين وَالصَّلَاة فرض

ص: 35