المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب القيام للجنازة) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب القيام للجنازة)

رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي: بَاب زَوْجَة فلَان: زَوْجَة معَاذ، قَالَت أم عَطِيَّة: أَخذ علينا فِي الْبيعَة أَن لَا ننوح، فَمَا وفت منا غير خمس، فَسَمت هَذِه. قَوْله:(وَامْرَأَتَانِ)، ويروى:(وَامْرَأَتَيْنِ) ، وَذَلِكَ بِحَسب الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، وَهُوَ أَن قَوْله:(أم سليم) يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ: أَنه خبر مُبْتَدأ الرّفْع على مَحْذُوف تَقْدِيره: أَحدهَا أم سليم، وَالْآخر الْجَرّ على أَنه بدل من خمس نسْوَة، وَكَذَلِكَ الْوَجْهَانِ فِي أم الْعَلَاء وَابْنَة أبي سُبْرَة. وَقَوله:(وَامْرَأَتَيْنِ) تَكْمِلَة الْخمس النسْوَة، وَهِي: أم سليم وَأم الْعَلَاء وَابْنَة أبي سُبْرَة وَامْرَأَتَانِ. قَوْله: (أَو ابْنة أبي سُبْرَة) إِلَى آخِره، شكّ من الرَّاوِي، فعلى القَوْل الأول تكون بنت أبي سُبْرَة امْرَأَة معَاذ بن جبل، وعَلى القَوْل الثَّانِي تكون غَيرهَا، لِأَنَّهُ عطف على ابْنة أبي سُبْرَة، بقوله:(وَامْرَأَة معَاذ)، وعَلى هَذَا الْخمس هِيَ: أم سليم وَأم الْعَلَاء وَابْنَة أبي سُبْرَة وَامْرَأَة معَاذ وَامْرَأَة أُخْرَى. وَلَقَد خلط بَعضهم فِي هَذَا الْمَكَان بِالنَّقْلِ من مَوَاضِع كَثِيرَة غير الصِّحَاح وَتكلم بالتخمين والحسبان، وَالصَّحِيح مَا فِي الصَّحِيح وَالله أعلم، وَقَالَ النَّوَوِيّ قَوْلهَا:(فَمَا وفت منا امْرَأَة) إلَاّ خمس، مَعْنَاهُ: لم يَفِ مِمَّن بَايع مَعَ أم عَطِيَّة فِي الْوَقْت الَّذِي بَايَعت فِيهِ من النسْوَة، لَا أَنه لم يتْرك النِّيَاحَة من المسلمات غير خمس.

وَقَالَ: فِيهِ: تَحْرِيم النوح وَعظم قبحه والاهتمام بإنكاره والزجر عَنهُ لِأَنَّهُ مهيج للحزن ودافع للصبر. وَفِيه: مُخَالفَة للتسليم للْقَضَاء والإذعان لأمر الله تَعَالَى.

64 -

(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْقيام للجنازة إِذا مرت بِهِ وَلم يكن مَعهَا، وَإِنَّمَا لم يشر إِلَى الحكم لِأَن فِيهِ اخْتِلَافا على مَا نذكرهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

7031 -

حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ حدَّثنا الزُّهْرِيُّ عنْ سَالِمٍ عنْ أبِيهِ عنْ عَامِرِ بنِ أبِي رَبِيعَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا رَأيْتُمْ الجِنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ. قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبرنِي سالِمٌ عنْ أبِيهِ. قَالَ أخبرنَا عامِرُ بنُ رَبِيعَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم زَادَ الحُمَيْدِيُّ حَتَّى تخَلِّفَكُمْ أوْ تُوضَعَ.

(الحَدِيث 7031 طرفه فِي: 8031) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ. الثَّانِي: سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة. الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. الرَّابِع: سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب. الْخَامِس: أَبوهُ عبد الله بن عمر. السَّادِس: عَامر بن ربيعَة، بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: صَاحب الهجرتين، مر فِي كتاب تَقْصِير الصَّلَاة. السَّابِع: الْحميدِي، بِضَم الْحَاء وَفتح الْمِيم: واسْمه عبد الله بن الزبير الْقرشِي.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. والإخبار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن سُفْيَان والْحميدِي مكيان وَالزهْرِيّ وَسَالم مدنيان. وَفِيه: أَن الْحميدِي أَيْضا من أَفْرَاده. وَفِيه: رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ وَرِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم عَن ابْن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَابْن نمير، جَمِيعهم عَن سُفْيَان إِلَى آخِره، وَعَن قُتَيْبَة وَعَن مُحَمَّد بن رمح، كِلَاهُمَا عَن لَيْث وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب وَعَن أبي كَامِل الجحدري عَن حَمَّاد بن زيد وَعَن يَعْقُوب بن أبراهيم عَن ابْن علية وَعَن أبي مُوسَى عَن ابْن أبي عدي وَعَن مُحَمَّد بن رَافع عَن عبد الرَّزَّاق. وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن سُفْيَان. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عَامر بن ربيعَة وَعَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه عَن عَامر بن ربيعَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عَامر بن ربيعَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن رمج عَن اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع إِلَى آخِره. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا من خمس طرق صِحَاح.

ص: 106

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حَتَّى تخلفكم) بِضَم التَّاء وَتَشْديد اللَّام أَي: تتجاوزكم وتجعلكم خلفهَا، وَلَيْسَ المُرَاد التَّخْصِيص بِكَوْن الْجِنَازَة تتقدم، بل المُرَاد مفارقتها سَوَاء تخلف الْقَائِم لَهَا وَرَاءَهَا أَو خلفهَا الْقَائِم وَرَاءه وَتقدم، وَهُوَ من قَوْلك: خلفت فلَانا ورائي فَتخلف عني أَي: تَأَخّر، وَهُوَ بتَشْديد اللَّام. وَأما خلفت بتَخْفِيف اللَّام فَمَعْنَاه: صرت خَليفَة عَنهُ، تَقول: خلفت الرجل فِي أَهله إِذا أَقمت بعده فيهم وَقمت عَنهُ بِمَا كَانَ يَفْعَله، وَخلف الله لَك بِخَير وأخلف عَلَيْك خيرا أَي: أبدلك بِمَا ذهب مِنْك وعوضك عَنهُ، وَالْخلف، بتحريك اللَّام والسكون: كل من يَجِيء بعد من مضى، إلَاّ أَن بِالتَّحْرِيكِ فِي الْخَيْر، وبالتسكين فِي الشَّرّ. يُقَال: خلف صدق وَخلف سوء. قَالَ الله تَعَالَى: {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة} (مَرْيَم: 95) . ثمَّ إِسْنَاد التخليف إِلَى الْجِنَازَة على سَبِيل الْمجَاز لِأَن المُرَاد حاملها: قَوْله: (زَاد الْحميدِي)، يَعْنِي: عَن سُفْيَان بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقد رَوَاهُ الْحميدِي مَوْصُولا فِي (مُسْنده) . قَوْله:(أَو تُوضَع)، هَذَا رُوِيَ بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة. فَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ:(حَتَّى تخلفكم أَو تُوضَع) أَي: أَو تُوضَع الْجِنَازَة من أَعْنَاق الرِّجَال على الأَرْض، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ:(حَتَّى تخلفه أَو تُوضَع)، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ:(حَتَّى تخلفكم)، فَقَط وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ:(حَتَّى تُوضَع أَو تخلفكم)، وَقَالَ عِيَاض: وَفِي لفظ: (حَتَّى تخلف أَو تُوضَع) . ثمَّ هَل المُرَاد بِالْوَضْعِ الْوَضع على الأَرْض أَو وَضعهَا فِي اللَّحْد؟ اخْتلفت فِيهِ الرِّوَايَات، فَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) عقيب حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا، فَمن تبعها فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع) . روى هَذَا الحَدِيث الثَّوْريّ عَن سهل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ فِيهِ:(حَتَّى تُوضَع بِالْأَرْضِ) . وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن سُهَيْل، قَالَ:(حَتَّى تُوضَع فِي اللَّحْد) . قَالَ أَبُو دَاوُد: وسُفْيَان أحفظ من أبي مُعَاوِيَة.

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: احْتج بِهَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله من حَدِيث عُثْمَان. أخرجه الطَّحَاوِيّ من حَدِيث أبان بن عُثْمَان أَنه: مرت بِهِ جَنَازَة فَقَامَ لَهَا، وَقَالَ: إِن عُثْمَان مرت بِهِ جَنَازَة فَقَامَ لَهَا: وَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مرت بِهِ جَنَازَة فَقَامَ لَهَا. وَرَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار أَيْضا. وَمن حَدِيث أبي سعيد الْمَذْكُور آنِفا، وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذا صلى أحدكُم على جَنَازَة وَلم يمش مَعهَا فَليقمْ حَتَّى تغيب عَنهُ، فَإِن مَشى مَعهَا فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع) . أخرجه الطَّحَاوِيّ، وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ:(مر على النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِجنَازَة فَقَامَ، وَقَالَ: قومُوا فَإِن للْمَوْت فَزعًا) . وَمن حَدِيث يزِيد بن ثَابت: (أَنهم كَانُوا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فطلعت جَنَازَة، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَامَ من مَعَه، فَلم يزَالُوا قيَاما حَتَّى بَعدت) . رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَمن حَدِيث عبد الله بن سَخْبَرَة: (أَن أَبَا مُوسَى أخْبرهُم أَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، إِذا مرت بِهِ جَنَازَة قَامَ حَتَّى تجاوزه)، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة. وَقوم على أَن الْجِنَازَة إِذا مرت بِأحد يقوم لَهَا وهم: الْمسور ابْن مخرمَة وَقَتَادَة وَمُحَمّد بن سِيرِين وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَمْرو بن مَيْمُون. وَقَالَ أَبُو عمر فِي (التَّمْهِيد) : جَاءَت آثَار صِحَاح ثَابِتَة توجب الْقيام للجنازة، وَقَالَ بهَا جمَاعَة من السّلف وَالْخلف، ورأوها غير مَنْسُوخَة، وَقَالُوا: لَا يجلس من اتبع الْجِنَازَة حَتَّى تُوضَع عَن أَعْنَاق الرِّجَال، مِنْهُم إِسْحَاق وَالْحسن بن عَليّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن عمر وَابْن الزبير وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَذهب إِلَى ذَلِك الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَبِه قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن.

وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ فَقَالُوا: لَيْسَ على من مرت بِهِ جَنَازَة أَن يقوم لَهَا، وَلمن تبعها أَن يجلس وَإِن لم تُوضَع. قلت: أَرَادَ بالآخرين عُرْوَة ابْن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب وعلقمة وَالْأسود وَنَافِع وَابْن جُبَير وَأَبا حنيفَة ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأَبا يُوسُف ومحمدا، وَهُوَ قَول عَطاء بن أبي رَبَاح وَمُجاهد وَأبي إِسْحَاق،. ويروى ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَابْنه الْحسن وَابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة، قَالَه الْحَازِمِي، وَقَالَ عِيَاض: وَمِنْهُم من ذهب إِلَى التَّوسعَة والتخيير وَلَيْسَ بِشَيْء، وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق وَابْن حبيب وَابْن الْمَاجشون من الْمَالِكِيَّة.

وذهبوا إِلَى أَن الْأَمر بِالْقيامِ مَنْسُوخ، وتمسكوا فِي ذَلِك بِأَحَادِيث مِنْهَا: مَا أخرجه مُسلم فِي (صَحِيحه) : عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، (أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يقوم فِي الْجِنَازَة ثمَّ جلس بعد)، وَعند ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) (كَانَ يَأْمُرنَا بِالْقيامِ فِي الْجَنَائِز ثمَّ جلس بعد ذَلِك وَأمر بِالْجُلُوسِ) . قَالَ الْحَازِمِي: قَالَ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن: حَدثنَا أَبُو بكر الطَّبَرِيّ حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ حَدثنَا أَبُو حُذَيْفَة عَن سُفْيَان عَن لَيْث عَن مُجَاهِد عَن أبي معمر قَالَ: مرت بِنَا جَنَازَة فَقُمْت، فَقَالَ عَليّ: من أَفْتَاك هَذَا؟ قلت: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، فَقَالَ عَليّ: مَا فعله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إلَاّ مرّة

ص: 107