المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب كلام الميت على الجنازة) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب كلام الميت على الجنازة)

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهَا جُزْء من الحَدِيث.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة وَإِسْمَاعِيل ابْن أبي أويس واسْمه عبد الله، وَهُوَ ابْن أُخْت مَالك، رحمه الله.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة النَّار عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بِالْغَدَاةِ) أَي: فِي الْغَدَاة وَفِي الْعشي قَوْله: (إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فَمن أهل الْجنَّة) يَعْنِي: إِن كَانَ الْمَيِّت من أهل الْجنَّة فمقعده من مقاعد أهل الْجنَّة يعرض عَلَيْهِ، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: يجوز أَن يكون الْمَعْنى: إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فسيبشر بِمَا لَا يكتنه كنهه لِأَن هَذَا الْمنزل لطليعة تباشير السَّعَادَة الْكُبْرَى، لِأَن الشَّرْط وَالْجَزَاء إِذا اتحدا دلّ على الفخامة، كَقَوْلِهِم: من أدْرك الصمان فقد أدْرك المرعى. قلت: الصمان، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم وَبعد الْألف نون: جبل ينقاد ثَلَاث لَيَال وَلَيْسَ لَهُ ارْتِفَاع، سمي بِهِ لصلابته. قَوْله:(حَتَّى يَبْعَثك الله يَوْم الْقِيَامَة) وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك: (حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة) ، وَحكى ابْن عبد الْبر فِيهِ الِاخْتِلَاف بَين أَصْحَاب مَالك، وَأَن الْأَكْثَرين رَوَوْهُ كَرِوَايَة البُخَارِيّ، وَأَن ابْن الْقَاسِم رَوَاهُ كَرِوَايَة مُسلم، قَالَ: وَالْمعْنَى حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَى ذَلِك المقعد، وَيحْتَمل أَن يعود الضَّمِير على: الله وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور، وَكَونه عَائِدًا إِلَى المقعد الَّذِي يصير إِلَيْهِ أشبه، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه بِلَفْظ:(ثمَّ يُقَال: هَذَا مَقْعَدك الَّذِي تبْعَث إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة) أخرجه مُسلم. وَقد أخرج النَّسَائِيّ رِوَايَة ابْن الْقَاسِم لَكِن لَفظه كَلَفْظِ البُخَارِيّ. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: معنى: حَتَّى يَبْعَثك الله، و: حَتَّى، للغاية، أَنه يرى بعد الْبَعْث من عِنْد الله كَرَامَة ومنزلة ينسى عِنْده هَذَا المقعد، كَمَا قَالَ صَاحب (الْكَشَّاف) فِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِن عَلَيْك لَعْنَتِي إِلَى يَوْم الدّين} (ص: 87) . أَي: إِنَّك مَذْمُوم مدعوٌّ عَلَيْك باللعنة إِلَى يَوْم الدّين فَإِذا جَاءَ ذَلِك الْيَوْم عذب بِمَا تنسى اللَّعْن مَعَه.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: عرض مقْعد الْمَيِّت عَلَيْهِ، قيل: معنى الْعرض هُنَا الْإِخْبَار بِأَن هَذَا مَوضِع أَعمالكُم وَالْجَزَاء لَهَا عِنْد الله تَعَالَى، وَأُرِيد بالبكور بِالْغَدَاةِ والعشي تذكارهم بذلك، ولسنا نشك أَن الأجساد بعد الْمَوْت والمساءلة هِيَ فِي الْفَوات وَأكل التُّرَاب لَهَا والفناء، وَلَا يعرض شَيْء على الفاني فَبَان أَن الْعرض الَّذِي يَدُوم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِنَّمَا هُوَ على الْأَرْوَاح خَاصَّة، لِأَنَّهَا لَا تفنى. وَقَالَ أَبُو الطّيب: اتّفق الْمُسلمُونَ على أَنه لَا غدو وَلَا عشي فِي الْآخِرَة، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الدُّنْيَا فهم معرضون بعد مماتهم على النَّار. وَقيل: يَوْم الْقِيَامَة، وَيَوْم الْقِيَامَة يدْخلُونَ أَشد الْعَذَاب. انْتهى. قلت: قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا} (مَرْيَم: 26) . وَالَّذِي يُقَال فِي هَذِه الْآيَة، يُقَال فِي هَذَا أَيْضا، وَالله تَعَالَى أعلم. وَقَالَ ابْن التِّين: وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِالْغَدَاةِ والعشي: غَدَاة وَاحِدَة وَعَشِيَّة وَاحِدَة، يكون الْعرض فِيهَا، وَمعنى قَوْله:(حَتَّى يَبْعَثك الله) أَي: لَا تصل إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْبَعْث، وَيحْتَمل أَن يُرِيد كل غَدَاة وكل عشي، وَذَلِكَ لَا يكون إلَاّ بِأَن يكون الْإِحْيَاء بِجُزْء مِنْهُ فَإنَّا نشاهد الْمَيِّت مَيتا بِالْغَدَاةِ والعشي، وَذَلِكَ يمْنَع إحْيَاء جَمِيعه وإعادة جِسْمه،. وَلَا يمْتَنع أَن تُعَاد الْحَيَاة فِي جُزْء أَو أَجزَاء مِنْهُ وَتَصِح مخاطبته وَالْعرض عَلَيْهِ، وَيحْتَمل أَن يُرِيد بذلك غَدَاة وَاحِدَة وَيكون الْعرض فِيهَا، وَيكون معنى قَوْله:(حَتَّى يَبْعَثك الله) أَي: أَنه مَقْعَدك لَا تصل إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثك الله. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يجوز أَن يكون هَذَا الْعرض على الرّوح فَقَط، وَيجوز أَن يكون عَلَيْهِ مَعَ جُزْء من الْبدن، قَالَ: وَهَذَا فِي حق الْمُؤمن وَالْكَافِر وَاضح، وَأما الْمُؤمن المخلط فَيحْتَمل أَيْضا فِي حَقه، لِأَنَّهُ يدْخل الْجنَّة فِي الْجُمْلَة، ثمَّ هُوَ مَخْصُوص بِغَيْر الشُّهَدَاء. وَقيل: يحْتَمل أَن يُقَال: إِن فَائِدَة الْعرض فِي حَقهم تبشير أَرْوَاحهم باستقرارها فِي الْجنَّة مقترنة بأجسادها، فَإِن فِيهِ قدرا زَائِدا على مَا هِيَ فِيهِ الْآن. وَفِيه مَا قَالَ ابْن عبد الْبر عَن بَعضهم، وَهُوَ الِاسْتِدْلَال بِهِ على أَن الْأَرْوَاح على أفنية الْقُبُور، قَالَ: وَالْمعْنَى عِنْدِي أَنَّهَا قد تكون على أفنية الْقُبُور لَا أَنَّهَا لَا تفارق الأفنية، بل هِيَ كَمَا قَالَ مَالك: إِنَّه بلغَة أَن الْأَرْوَاح تسرح حَيْثُ شَاءَت. قلت: كَونهَا تسرح حَيْثُ شَاءَت لَا يمْنَع كَونهَا على الأفنية، لِأَنَّهَا تسرح، ثمَّ تأوي إِلَى الْقَبْر، وَعَن مُجَاهِد: الْأَرْوَاح على الْقُبُور سَبْعَة أَيَّام من يَوْم دفن الْمَيِّت لَا تفارق.

09 -

(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَلَام الْمَيِّت بعد حمله على الْجِنَازَة.

ص: 209