المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب التعوذ من عذاب القبر) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب التعوذ من عذاب القبر)

النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمته بكيفية إمتحانهم فِي الْقُبُور، لَا أَنه نفى ذَلِك عَن غَيرهم، قَالَ: وَالَّذِي يظْهر أَن كل نَبِي مَعَ أمته كَذَلِك، فيعذب كفارهم فِي قُبُورهم بعد سُؤَالهمْ وَإِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِم، كَمَا يُعَذبُونَ فِي الْآخِرَة بعد السُّؤَال وَإِقَامَة الْحجَّة. وَحكى فِي مساءلة الْأَطْفَال احْتِمَالا. قلت: ذكر أَصْحَابنَا أَنهم يسْأَلُون وَقَطعُوا بذلك، وَقَالَ ابْن الْقيم: السُّؤَال للْكَافِرِ وَالْمُسلم قَالَ الله تَعَالَى: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة ويضل الله الظَّالِمين} (إِبْرَاهِيم: 72) . وَفِي حَدِيث أنس فِي البُخَارِيّ: (وَأما الْمُنَافِق وَالْكَافِر) ، بواو الْعَطف، وَفِي حَدِيث أبي سعيد:(فَإِن كَانَ مُؤمنا) فَذكره، وَفِيه:(وَإِن كَانَ كَافِرًا) . وَقَالَ ابْن عبد الْبر: الْآثَار تدل على أَن الْفِتْنَة لمن كَانَ مَنْسُوبا إِلَى أهل الْقبْلَة، وَأما الْكَافِر الجاحد فَلَا يسْأَل، ورد بِأَنَّهُ نفي بِلَا دَلِيل، بل فِي الْكتاب الْعَزِيز الدّلَالَة على أَن الْكَافِر يسْأَل عَن دينه، قَالَ تَعَالَى:{فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين} (الْأَعْرَاف: 6) . وَقَالَ تَعَالَى: {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ} (الْحجر: 29) . قلت: لقَائِل أَن يَقُول: المُرَاد من هَذَا السُّؤَال يحْتَمل أَن يكون فِي الْآخِرَة. وَفِيه: ذمّ التَّقْلِيد فِي الاعتقادات لمعاقبة من قَالَ: كنت أسمع النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته. وَفِيه: أَن الْمَيِّت يحيى فِي قَبره للمساءلة، خلافًا لمن رده، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.

78 -

(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّعَوُّذ من عَذَاب الْقَبْر، وَكَيْفِيَّة التَّعَوُّذ، وإلَاّ فأحاديث هَذَا الْبَاب دَاخِلَة فِي الْحَقِيقَة فِي الْبَاب الَّذِي قبله.

5731 -

حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قَالَ حدَّثنا يَحْيَى قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثني عَوْنُ بنُ أبِي جُحَيْفَةَ عنْ أبِيهِ عنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ عنْ أبِي أيُّوبَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. قَالَ خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ فَسَمِعَ صَوْتا فقالَ يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا.

قيل: لَا مُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث والترجمة، لِأَن الحَدِيث فِي بَيَان ثُبُوت عَذَاب الْقَبْر، والترجمة فِي التَّعَوُّذ مِنْهُ، حَتَّى قَالَ بَعضهم: إِنَّمَا أدخلهُ فِي هَذَا الْبَاب بعض من نسخ الْكتاب وَلم يُمَيّز. قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: الْعَادة قاضية بِأَن كل من سمع مثل ذَلِك الصَّوْت يتَعَوَّذ من مثله، أَو تَركه اختصارا.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: مُحَمَّد بن الْمثنى بن عبيد، يعرف بالزمن الْعَنْبَري. الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان. الثَّالِث: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الرَّابِع: عون بن أبي جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْفَاء، وَقد مر فِي: بَاب الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْأَحْمَر. لخامس: أَبوهُ أَبُو جُحَيْفَة الصَّحَابِيّ واسْمه: وهب بن عبد الله السوَائِي. السَّادِس: الْبَراء بن عَازِب السَّابِع: أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، واسْمه: خَالِد بن زيد.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَيحيى كُوفِي وَشعْبَة واسطي وَعون كُوفِي وَالثَّلَاثَة الْبَاقِيَة صحابيون يروي بَعضهم عَن بعض.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي صفة أهل النَّار عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع، وَعَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه، وَعَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار ثَلَاثَتهمْ عَن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن أبي قدامَة عَن يحيى.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي: من الْمَدِينَة إِلَى خَارِجهَا. قَوْله: (وَقد وَجَبت الشَّمْس) ، جملَة حَالية، وَقد علم أَن الْجُمْلَة الفعلية الْمَاضِيَة إِذا وَقعت حَالا فَلَا بُد من لَفْظَة: قد، صَرِيحَة أَو مقدرَة. وَمعنى: وَجَبت: سَقَطت، وَالْمرَاد أَنَّهَا غربت. قَوْله:(فَسمع صَوتا) ، يحْتَمل أَن يكون صَوت مَلَائِكَة الْعَذَاب، أَو صَوت الْيَهُود الْمُعَذَّبين، أَو صَوت وَقع الْعَذَاب، وَقد وَقع عِنْد الطَّبَرَانِيّ: أَنه صَوت الْيَهُود، رَوَاهُ من طَرِيق عبد الْجَبَّار بن الْعَبَّاس عَن عون بِهَذَا السَّنَد، وَلَفظه:(خرجت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين غربت الشَّمْس وَمَعِي كوز من مَاء، فَانْطَلق لِحَاجَتِهِ حَتَّى جَاءَ فوضأته فَقَالَ: ألم تسمع مَا أسمع؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: أسمع أصوات الْيَهُود يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: صَوت الْمَيِّت من الْعَذَاب يسمعهُ غير الثقلَيْن، فَكيف سمع ذَلِك؟ ثمَّ أجَاب بقوله: هُوَ فِي الضجة الْمَخْصُوصَة وَهَذَا غَيرهَا، أَو سَماع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على سَبِيل المعجزة.

ص: 206

قَوْله: (يهود تعذب) ، وارتفاع يهود على الِابْتِدَاء وَخَبره تعذب وَهُوَ علم للقبيلة، وَقد يدْخل فِيهِ الْألف وَاللَّام، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: أَرَادوا باليهود الهوديين، وَلَكنهُمْ حذفوا يَاء الْإِضَافَة كَمَا قَالُوا: زنجي وزنج، وَإِنَّمَا عرف على هَذَا الْحَد فَجمع على قِيَاس شعيرَة وشعير، ثمَّ عرف الْجمع بِالْألف وَاللَّام، وَلَوْلَا ذَلِك لم يجز دُخُول الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ معرفَة مؤنث، فجرس فِي كَلَامهم مجْرى الْقَبِيلَة، وَلم يَجْعَل كالحي، وَقَالَ بَعضهم: يهود خبر مُبْتَدأ أَي: هَذِه يهود. قلت: كَأَنَّهُ ظن أَنه نكرَة فَلذَلِك قَالَ: هُوَ خبر مُبْتَدأ، وَقد قُلْنَا: إِنَّه علم وَهُوَ غير منصرف للعلمية والتأنيث، وهودهم الْيَهُود.

وَقَالَ النَّضْرُ أخبرنَا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَوْنٌ قَالَ سَمِعْتُ أبي سَمِعْتُ البَرَاءَ عنْ أبِي أيُّوبَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

النَّضر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: ابْن شُمَيْل مر فِي: بَاب حمل العنزة فِي الِاسْتِنْجَاء، وسَاق البُخَارِيّ هَذَا الطَّرِيق تَنْبِيها على أَنه مُتَّصِل بِالسَّمَاعِ، وَالطَّرِيق الأول بالعنعنة، وَهُوَ من الْمُتَابَعَة الْمُعَلقَة ليحيى بن سعيد، وَوَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ، قَالَ: حَدثنَا مكي حَدثنَا زاج حَدثنَا النَّضر حَدثنَا شُعْبَة إِلَى آخِره.

6731 -

حدَّثنا مُعَلَّى قَالَ حَدثنَا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسى بنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي ابْنَةُ خالِدِ بنِ سَعِيدِ بنِ العَاصِي أنَّهَا سَمِعَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.

(الحَدِيث 6731 طرفه فِي: 4636) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: مُعلى، بِضَم الْمِيم وَفتح اللَّام الْمُشَدّدَة: ابْن أَسد، مر فِي: بَاب الْمَرْأَة تحيض بعد الْإِفَاضَة. الثَّانِي: وهيب، بِالتَّصْغِيرِ، ابْن خَالِد. الثَّالِث: مُوسَى بن عقبَة بن أبي عَيَّاش الْأَسدي. الرَّابِع: ابْنة خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ وَاسْمهَا: أمة، بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمِيم: أم خَالِد الأموية ولدت بِالْحَبَشَةِ، تزَوجهَا الزبير فَولدت لَهُ خَالِدا وعمرا. قَالَ الذَّهَبِيّ: لَهَا صُحْبَة، روى عَنْهَا مُوسَى بن إِبْرَاهِيم ابْنا عقبَة وكريب بن سُلَيْمَان.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه ووهيبا بصريان ومُوسَى مدنِي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النعوت عَن عَليّ بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وَوَقع فِي الطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر عَن مُوسَى بن عقبَة بِلَفْظ:(استجيروا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر) ، ثمَّ إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا استعاذ من عَذَاب الْقَبْر، وَالْحَال أَنه مَعْصُوم مطهر مغْفُور لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر، فَيَنْبَغِي لَك يَا من لَا عصمَة لَك وَلَا طَهَارَة لَك عَن الذُّنُوب أَن تستعيذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر مَعَ امْتِثَال الْأَوَامِر والاجتناب عَن الْمعاصِي حَتَّى ينجيك الله من النَّار وَمن عَذَاب الْقَبْر، واستعاذته صلى الله عليه وسلم إرشاد لأمته ليقتدوا بِهِ فِيمَا فعله وَفِيمَا أمره حَتَّى يتخلصوا من شَدَائِد الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.

7731 -

حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا هشَامٌ قَالَ حَدثنَا يَحْيَى اعنْ أبِي سَلَمَة عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعدْعُو اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ الفراهيدي القصاب. الثَّانِي: هِشَام الدستوَائي. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير. الرَّابِع: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه وَشَيخ شَيْخه بصريان وَيحيى يمامي وَأَبُو سَلمَة مدنِي. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ، وَيحيى رأى أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة: عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن ابْن أبي عدي عَن هِشَام، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب الدُّعَاء قبل السَّلَام، فَإِنَّهُ أخرج حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، هُنَاكَ: (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة: أللهم إِنِّي

ص: 207