الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن شَيْخه واسطي سكن بَغْدَاد، وَاللَّيْث مصري وَابْن شهَاب وَعبد الرَّحْمَن مدنيان، وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: قد ذَكرْنَاهُ فِي أول الْبَاب السَّابِق، وَذكرنَا أَيْضا مَا يتَعَلَّق بِحكم الحَدِيث.
47 -
(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول من لم ير غسل الشُّهَدَاء، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك إِلَى رد مَا روى عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ: يغسل الشَّهِيد، لِأَن كل ميت يجنب فَيجب غسله، وَبِه قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
6431 -
حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا لَ يْثٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ كَعْبٍ عنْ جَابِرٍ. قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يُغَسِّلَهُمْ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب الصَّلَاة على الشُّهَدَاء، أَعَادَهُ هُنَا لأجل هَذَا التَّبْوِيب، وَوَقع الْكَلَام هُنَاكَ فِيمَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْبَاب. وَأَبُو الْوَلِيد: هُوَ هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَاللَّيْث هُوَ ابْن سعد، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
57 -
(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من يقدم من الْمَوْتَى إِذا وضعُوا فِي اللَّحْد، وَحَدِيث الْبَاب بَين ذَلِك هُوَ أَن يقدم مِنْهُم من كَانَ أَكثر أخذا بِالْقُرْآنِ، وَذَلِكَ كَمَا فِي الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة، ثمَّ أَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى تَفْسِير اللَّحْد بقوله:
وَسُمِّيَ اللَّحْدَ لأِنَّهُ فِي ناحِيَةٍ
أَي: سمي اللَّحْد لحدا لِأَنَّهُ لَا شقّ يعْمل فِي جَانب الْقَبْر، يُقَال: لحد الْقَبْر يلحده لحدا أَو لحده: عمل لَهُ لحدا، وَكَذَلِكَ، لحد الْمَيِّت يلحده لحدا وألحده وألحد لَهُ، وَقيل: لحده: دَفنه، وألحده عمل لَهُ لحدا. ولحد إِلَى الشَّيْء يلْحد، وألحد والتحد: مَال، ولحد فِي الدّين يلْحد وألحد: مَال وَعدل، وَقيل: لحد جَار وَمَال، وألحد مارى وجادل. وأصل الْإِلْحَاد: الْميل والعدول عَن الشَّيْء، وَمِنْه قيل للمائل عَن الدّين: ملحد، وَمِنْه قيل: لحد الْقَبْر لِأَنَّهُ يمِيل عَن وسط الْقَبْر إِلَى جَانِبه. وَفِي (الجمهرة) ؛ كل مائل لَاحَدَّ وملحد، وَلَا يُقَال لَهُ ذَلِك حَتَّى يمِيل عَن حق إِلَى بَاطِل. وَفِي (الْجَامِع) للقزاز: والملحد اللَّحْد، وَالْجمع ملاحد، وَقَالَ الْفراء: لحد وألحد: اعْترض وَالْألف أَجود، وَيُقَال: لحدت للْمَيت وألحدت أَجود، وَقَالَ ابْن سَيّده: اللَّحْد، واللحد الَّذِي يكون فِي جَانب الْقَبْر، وَقيل: الَّذِي يحْفر فِي عرضه، وَالْجمع ألحاد ولحود.
وَكُلُّ جائِرٍ مُلْحِدٌ
من الْإِلْحَاد من بَاب الإفعال، بِكَسْر الْهمزَة، وَقد قُلْنَا: إِن الملحد هُوَ المماري والمجادل، والجائز يُسمى اللاحد، وَذكر البُخَارِيّ ذَلِك بحاصل الْمَعْنى.
مُلْتَحَدا مَعْدِلاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{وَلنْ أجد من دونه ملتحدا} (الْجِنّ: 22) . أَي: ملتجأ يعدل إِلَيْهِ عَن الله، لِأَن قدرَة الله مُحِيطَة بِجَمِيعِ خلقه، كَذَا فسره الطَّبَرِيّ، والملتحد من بَاب الافتعال على وزن مفتعل من اللَّحْد، من لحد إِلَى الشَّيْء والتحد إِذا مَال، كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا.
وَلَوْ كانَ مُسْتَقِيما كانَ ضَرِيحا
أَي: وَلَو كَانَ الْقَبْر أَو الشق مُسْتَقِيمًا غير مائل إِلَى نَاحيَة لَكَانَ ضريحا، لِأَن الضريح شقّ فِي الأَرْض على الاسْتوَاء، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الضارح هُوَ الَّذِي يعْمل الضريح، وَهُوَ الْقَبْر وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول بن الضرح وَهُوَ الشق فِي الأَرْض ثمَّ الْجُمْهُور على كَرَاهَة الزَّمن وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، وَلَو شَقوا لمُسلم يكون تركا للسّنة أللهم إلَاّ إِذا كَانَت الأَرْض رخوة لَا تحْتَمل اللَّحْد، فَإِن الشق حِينَئِذٍ مُتَعَيّن. وَقَالَ فَخر الْإِسْلَام فِي (الْجَامِع الصَّغِير) : وَإِن تعذر اللَّحْد
فَلَا بَأْس بتابوت يتَّخذ للْمَيت، لَكِن السّنة أَن يفرش فِيهِ التُّرَاب. وَقَالَ صَاحب (الْمَبْسُوط) و (الْمُحِيط) و (الْبَدَائِع) وَغَيرهم عَن الشَّافِعِي: أَن الشق أفضل عِنْده، وَهَكَذَا نَقله الْقَرَافِيّ فِي (الذَّخِيرَة) عَنهُ، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) : أجمع الْعلمَاء على أَن اللَّحْد والشق جائزان، لَكِن إِن كَانَت الأَرْض صلبة لَا ينهار ترابها، فاللحد أفضل، وَإِن كَانَت رخوة ينهار، فالشق أفضل. قلت: فِيهِ نظر من وَجْهَيْن: الأول: أَن الأَرْض إِذا كَانَت رخوة يتَعَيَّن الشق فَلَا يُقَال أفضل. وَالثَّانِي: أَنه يصادم الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (اللَّحْد لنا والشق لغيرنا)، وَمعنى (اللَّحْد لنا) أَي: لأجل أموات الْمُسلمين، والشق لأجل أموات الْكفَّار، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين: المُرَاد بقوله: (لغيرنا) أهل الْكتاب كَمَا ورد مُصَرحًا بِهِ فِي بعض طرق حَدِيث جرير فِي (مُسْند الإِمَام أَحْمد) : (والشق لأهل الْكتاب) فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل اللَّحْد للْمُسلمين والشق لأهل الْكتاب، فَكيف يكونَانِ سَوَاء؟
على أَنه روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي اللَّحْد أَحَادِيث. مِنْهَا: حَدِيث عَائِشَة وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، رَوَاهُمَا ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن وَكِيع عَن الْعمريّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، وَعَن الْعمريّ عَن نَافِع (عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أوصى أَن يلْحد لَهُ) . وروى ابْن مَاجَه (عَن عَائِشَة، قَالَت: لما مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اخْتلفُوا فِي اللَّحْد والشق حَتَّى تكلمُوا فِي ذَلِك وَارْتَفَعت أَصْوَاتهم، فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا تصخبوا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَيا وَلَا مَيتا، أَو كلمة نَحْوهَا، فأرسلوا إِلَى الشقاق واللاحد جَمِيعًا، فجَاء اللاحد يلْحد لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ دفن) . وَفِي (طَبَقَات ابْن سعد) من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه (عَن عَائِشَة، قَالَت: كَانَ بِالْمَدِينَةِ حفاران) وَفِي رِوَايَة (قباران أَحدهمَا يلْحد وَالْآخر يشق) الحَدِيث. وَمِنْهَا: حَدِيث سعد، رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة عَامر بن سعد بن أبي وَقاص: أَن سعد بن وَقاص قَالَ فِي مَرضه الَّذِي هلك فِيهِ: ألحدوا لي لحدا وانصبوا عَليّ اللَّبن نصبا، كَمَا فعل برَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَمِنْهَا: حَدِيث أنس رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَنهُ قَالَ: (لما توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجل يلْحد وَالْآخر يضرح، فَقَالُوا نستخير رَبنَا ونبعث إِلَيْهِمَا فَأَيّهمَا سبق تَرَكْنَاهُ، فَأرْسل إِلَيْهِمَا فَسبق صَاحب اللَّحْد فلحدوا للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم . وَمِنْهَا: حَدِيث الْمُغيرَة رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن المجالد عَن عَامر قَالَ: قَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة: لحد بِالنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم. وَمِنْهَا: حَدِيث بُرَيْدَة رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ (عَن ابْن بردة عَن أَبِيه قَالَ: أَدخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم من قبل الْقبْلَة، وألحد لَهُ لحدا، وَنصب عَلَيْهِ اللَّبن نصبا) . وَفِي سَنَده أَبُو بردة عَن عَلْقَمَة، قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو بردة: هَذَا هُوَ عَمْرو بن بريد التَّمِيمِي الْكُوفِي وَهُوَ ضَعِيف. قلت: لكَون هَذَا الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ بَادر إِلَى تَضْعِيفه. وَمِنْهَا: حَدِيث أبي طَلْحَة رَوَاهُ ابْن سعد فِي (الطَّبَقَات) قَالَ: (اخْتلفُوا فِي الشق واللحد للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: شَقوا كَمَا يحْفر أهل مَكَّة، وَقَالَت الْأَنْصَار: إلحدوا كَمَا يحْفر بأرضنا، فَلَمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِك قَالُوا: أللهم خر لنبيك، إبعثوا إِلَى أبي عُبَيْدَة وَإِلَى أبي طَلْحَة فَأَيّهمَا جَاءَ قبل الآخر فليعمل عمله. قَالَ: فجَاء أَبُو طَلْحَة فَقَالَ وَالله أنني قد خار لِبَنِيهِ صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ يرى اللحدفيعجبه ثمَّ قَالَ الْحِكْمَة فِي اخْتِيَاره صلى الله عليه وسلم اللَّحْد على الشق لكَونه أستر للْمَيت، وَاخْتِيَار للشق للْأَنْصَار فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُم: (الْمحيا محياكم وَالْمَمَات مماتكم) ، فَأَرَادَ إعلامهم بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَمُوت عِنْدهم وَلَا يُرِيد الرُّجُوع إِلَى بَلَده مَكَّة، فوافقهم أَيْضا فِي صفة الدّفن، وَاخْتَارَ الله لَهُ ذَلِك. وَفِيه حَدِيث رَوَاهُ السلَفِي عَن أبي بن كَعْب يرفعهُ:(اللَّحْد لآدَم وَغسل بِالْمَاءِ وترا. وَقَالَت الْمَلَائِكَة، هَذِه سنة وَلَده من بعده) .
7431 -
حدَّثنا ابنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ قَالَ حدَّثني ابنُ شِهَابٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ عَن جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ منْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أيُّهُمْ أكْثَرُ أخْذا لِلْقُرآنِ فإذَا أُشِيرَ لَهُ إلَى أحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. وَقَالَ أَنا شَهِيدٌ عَلَى هاؤلَاءِ وَأمَرَ بِدَفْنِهِمْ