المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الأمْرِ بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ المَوْتِ إذَا أُدْرِجَ فِي أكفَانِهِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلِ يَنْعَى إلَى أهْلِ المَيِّتِ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابُ الإذنِ بِالجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ منْ ماتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأةِ عِنْدَ القَبْرِ اصبِرِي)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَيِّتِ وَوَضُوئِهِ بِالمَاءِ والسِّدْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُسْتَحَبُّ أنْ يُغْسَلَ وِتْرا)

- ‌(بابٌ يُبْدَأ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَوَاضِع الوُضُوءِ مِنَ المَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُكَفَّنُ المَرْأةُ فِي إزَارِ الرَّجُل)

- ‌(بابٌ يَجْعَلُ الكافُورَ فِي آخِرِهِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ شَعْرِ المَرْأةِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ الإشْعَارُ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ)

- ‌(بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

- ‌(بابُ الثِّيَابِ البِيضِ لِلْكَفَنِ)

- ‌(بابُ الكفَنِ فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بَاب الْكَفَن فِي ثَوْبَيْنِ)

- ‌(بابُ الحُنُوطِ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابٌ كيْفَ يُكَفَّنُ المحْرِمُ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ فِي القَمِيصِ الَّذِي يُكَفُّ أوْ لَا يُكَفُّ وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بَاب الكَفَنِ بِغَيْرِ قَمِيصٍ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ بِلَا عِمَامَةٌ)

- ‌(بابُ الكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ المَالِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنا إلَاّ مَا يُوَارِى رَأْسَهُ أوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ)

- ‌(بابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابْ حَدِّ المَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجِهَا)

- ‌(بابُ زِيَارَةِ القُبُورِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ إذَا كانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ لِقَوْلِ الله تعَالَى: {قُوا أنُفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا} )

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

- ‌(بابٌ رَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بنَ خَوْلَةَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ المُصِيبَةِ)

- ‌(بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ)

- ‌(بابُ البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنِ النَّوْحِ والبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عنْ ذالِك)

- ‌(بابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ)

- ‌(بَاب مَتى يقْعد إِذا قَامَ للجنازة)

- ‌(بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ)

- ‌(بابُ حَمْلِ الرِّجَالِ الجِنَازَةَ دُونَ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ السُّرْعَةِ بِالْجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ المَيِّتِ وَهْوَ عَلَى الجِنَازَةِ قَدِّمُونِي)

- ‌(بابُ مَنْ صَفَّ صَفَّيْنِ أوْ ثَلَاثَةً عَلَى الجَنَازَةِ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ الصُّفُوفِ عَلَى الجِنَازَةِ)

- ‌(بابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى يُدْفَنَ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الجَنَائِزِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُورِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ إذَا مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا)

- ‌(بابٌ أَيْن يَقُومُ مِنَ المَرْأةِ وَالرَّجُلِ)

- ‌(بَاب التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ أرْبَعا)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ فاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى القَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ)

- ‌(بابٌ المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ الدَّفْنَ فِي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ أوْ نَحْوِهَا)

- ‌(بابُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ)

- ‌(بابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ)

- ‌(بابُ دَنْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ غَسْلَ الشُّهَدَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ يُقَدِّمُ فِي اللَّحْدِ)

- ‌(بابُ الإذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ اللَّحْدِ والشَّقِّ فِي القَبْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا أسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَليهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإسْلَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ المُشْرِكُ عِنْدَ المَوْتِ لَا إلاهَ إلَاّ الله)

- ‌(بابُ الجَرِيدِ عَلَى القَبْرِ)

- ‌(بابُ مَوْعِظَةِ المُحَدِّثِ عِنْدَ القَبْرِ وَقُعُودِ أصْحَابِهِ حَوْلَهُ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قاتِلِ النَّفْسِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلى المُنَافِقِينَ وَالاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بابُ ثَنَاءِ النَّاسِ علَى المَيِّتِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي عَذَابِ القَبْرِ وقولهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَراي إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلَائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِم أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (الْأَنْعَام: 39) . الهُونُ هُوَ الهَوَانُ

- ‌(بابُ التَّعَوَّذِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ)

- ‌(بابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ)

- ‌(بابُ المَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ)

- ‌(بابُ كَلَامِ المَيِّتِ عَلَى الجَنَازَةِ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلَادِ المُسْلِمِينَ)

- ‌(بابُ مَا قِيلَ فِي أوْلادِ المُشْرِكِينَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ مَوْتِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ الفَجْأةِ البَغْتَةِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا)

- ‌(بابُ مَا يُنْهِى مِنْ سَبِّ الأمْوَاتِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ شِرَارِ المَوْتَى)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاة)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكاةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)

- ‌(بابُ إنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ)

- ‌(بابُ الرِّياءِ فِي الصَّدَقَةِ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ قبل الرَّدِّ)

- ‌(بابٌ اتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(بابُ أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ وصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ السِّرِّ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهْوَ لَا يَعْلَمُ)

- ‌(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ بِاليَمِينِ)

- ‌(بابُ مَنْ أمَرَ خادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ ولَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ)

- ‌(بابٌ لَا صَدَقَةَ إلَاّ عنْ ظَهْرِ غِنَى)

- ‌(بابُ المَنَّانِ بِمَا أعْطَى)

- ‌(بابُ مَنْ أحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا)

- ‌(بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ والشَّفَاعَةِ فِيهَا)

- ‌(بابُ الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ)

- ‌(بابٌ الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أسْلَمَ)

- ‌(بابُ أجْرِ الخَادِمِ إذَا تَصَدَّقَ بِأمْرِ صاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ المَرْأةِ إذَا تَصَدَّقَتْ أوْ أطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالحُسْنَى فسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وأمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} )

- ‌(بابُ مَثَلِ المُتَصَدِّقِ وَالبَخِيلِ)

- ‌(بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بابٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)

- ‌(بابٌ قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أعْطَى شَاة)

الفصل: ‌(باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر)

لَك (قلت) التَّقْدِيم يُفِيد الِاخْتِصَاص أَي لَك الْحَمد لَا لي على زَانِيَة حَيْثُ كَانَ التَّصَدُّق عَلَيْهَا بإرادتك لَا بإرادتي وَإِرَادَة الله تَعَالَى كلهَا جميلَة حَتَّى إِرَادَة الله الإنعام على الْكفَّار قَوْله " تصدق اللَّيْلَة على زَانِيَة " على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا وَكَذَلِكَ لفظ تصدق الثَّالِث قَوْله " فَأتى " على صِيغَة الْمَجْهُول أَي رأى فِي الْمَنَام أَو سمع هاتفا ملكا أَو غَيره أَو أخبرهُ نَبِي أَو أفتاه عَالم وَقَالَ ابْن التِّين يحْتَمل أَن يكون أخبرهُ بذلك نَبِي زَمَانه أَو أخبر فِي نَومه وَقَالَ صَاحب التَّلْوِيح لَو رأى مَا فِي مستخرج أبي نعيم لما احْتَاجَ إِلَى هَذَا التخرص وَهُوَ قَوْله فساءه ذَلِك فَأتى فِي مَنَامه فَقيل لَهُ إِن الله عز وجل قد قبل صدقتك وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي مُسْند الشامين عَن أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب عَن أبي الْيَمَان بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور فساءه ذَلِك فَأتى فِي مَنَامه قَوْله " أما صدقتك على سَارِق " زَاد أَبُو أُميَّة " فقد قبلت " وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة وَابْن لَهِيعَة " أما صدقتك فقد قبلت " وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ " إِن الله قد قبل صدقتك " قَوْله " لَعَلَّه أَن يستعف " لَعَلَّ من الله تَعَالَى على معنى الْقطع والختم وَأَنه تَارَة يسْتَعْمل اسْتِعْمَال عَسى وَتارَة اسْتِعْمَال كَاد قَوْله " عَن زنَاهَا " قَالَ ابْن التِّين روينَاهُ بِالْمدِّ وَعند أبي ذَر بِالْقصرِ وَهِي لُغَة أهل الْحجاز وَالْمدّ لأهل نجد (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ دلَالَة على أَن الصَّدَقَة كَانَت عِنْدهم فِي أيامهم مُخْتَصَّة بِأَهْل الْحَاجة من أهل الْخَيْر وَلِهَذَا تعجبوا من الصَّدَقَة على الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة. وَفِيه دَلِيل على أَن الله يَجْزِي العَبْد على حسب نِيَّته فِي الْخَيْر لِأَن هَذَا الْمُتَصَدّق لما قصد بِصَدَقَتِهِ وَجه الله تَعَالَى قبلت مِنْهُ وَلم يضرّهُ وَضعهَا عِنْد من لَا يَسْتَحِقهَا وَهَذَا فِي صَدَقَة التَّطَوُّع وَأما الزَّكَاة فَلَا يجوز دَفعهَا إِلَى الْأَغْنِيَاء. وَفِيه اعْتِبَار لمن تصدق عَلَيْهِ بِأَن يتَحَوَّل عَن الْحَال المذمومة إِلَى الْحَال الممدوحة ويستعف السَّارِق من سَرقته والزانية من زنَاهَا والغني من إِمْسَاكه. وَفِيه فضل صَدَقَة السِّرّ وَفضل الْإِخْلَاص. وَفِيه اسْتحبَّ إِعَادَة الصَّدَقَة إِذا لم تقع الْموقع. وَفِيه أَن الحكم للظَّاهِر حَتَّى يتَبَيَّن خِلَافه. وَفِيه التَّسْلِيم والرضى وذم التضجر بِالْقضَاءِ وَفِيه مَا يحْتَج بِهِ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِيمَا إِذا أعْطى زَكَاته لشخص وظنه فَقِيرا فَبَان أَنه غَنِي سَقَطت عَنهُ تِلْكَ الزَّكَاة وَلَا تجب عَلَيْهِ الْإِعَادَة وَحكي ذَلِك أَيْضا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن صَالح لَا يجْزِيه وَعَلِيهِ الْإِعَادَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ لِأَنَّهُ لم يضع الصَّدَقَة موضعهَا وَأَخْطَأ فِي اجْتِهَاده كَمَا لَو نسي المَاء فِي رَحْله وَتيَمّم لصَلَاة لم يجزه فَافْهَم (فَإِن قيل) هَذَا الْخَبَر خَاص وَقع فِيهِ الِاطِّلَاع على قبُول الصَّدَقَة برؤيا صَادِقَة اتّفق وُقُوعهَا فَهَل يتَعَدَّى هَذَا الحكم إِلَى غَيره (قيل لَهُ) إِن التَّنْصِيص فِي هَذَا الْخَبَر على رَجَاء الاستعفاف فَيدل ذَلِك على التَّعْدِيَة فَيَقْتَضِي ارتباط الْقبُول بِهَذِهِ الْأَسْبَاب

51 -

(بابٌ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهْوَ لَا يَشْعُرُ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا تصدق شخص على ابْنه وَالْحَال أَنه لَا يشْعر، وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف تَقْدِيره: جَازَ، وَإِنَّمَا حذفه إِمَّا اختصارا وَإِمَّا اكْتِفَاء بِمَا دلّ حَدِيث الْبَاب عَلَيْهِ. وَقيل: إِنَّمَا حذفه لِأَنَّهُ يصير لعدم شعوده كَالْأَجْنَبِيِّ.

26 -

(حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ حَدثنَا إِسْرَائِيل قَالَ حَدثنَا أَبُو الجويرية أَن معن بن يزِيد رضي الله عنه حَدثهُ قَالَ بَايَعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - أَنا وَأبي وجدي وخطب عَليّ فأنكحني وخاصمت إِلَيْهِ وَكَانَ أبي يزِيد أخرج دَنَانِير يتَصَدَّق بهَا فوضعها عِنْد رجل فِي الْمَسْجِد فَجئْت فأخذتها فَأَتَيْته بهَا فَقَالَ وَالله مَا إياك أردْت فَخَاصَمته إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ لَك مَا نَوَيْت يَا يزِيد وَلَك مَا أخذت يَا معن) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن يزِيد أعْطى دَنَانِير للرجل ليتصدق عَنهُ وَلم يحْجر عَلَيْهِ فجَاء ابْنه معن وَأَخذهَا من الرجل فَكَانَ يزِيد هُوَ السَّبَب فِي وُقُوع صدقته فِي يَد ابْنه فَكَأَنَّهُ تصدق عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يشْعر. (ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة. الأول مُحَمَّد بن

ص: 287

يُوسُف الْفرْيَابِيّ وَقد مر. الثَّانِي إِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَق السبيعِي. الثَّالِث أَبُو الجويرة مصغر الْجَارِيَة بِالْجِيم وَالرَّاء حطَّان بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة وبالنون ابْن جفاف بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْفَاء الأولى الْجرْمِي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء. الرَّابِع معن بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ابْن يزِيد من الزِّيَادَة السّلمِيّ بِضَم السِّين الْمُهْملَة يُقَال أَنه شهد بَدْرًا مَعَ أَبِيه وجده وَلم يتَّفق ذَلِك لغَيرهم وَقيل لم يُتَابع على ذَلِك فقد روى أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق صَفْوَان بن عَمْرو عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير عَن يزِيد بن الْأَخْنَس السّلمِيّ أَنه أسلم فَأسلم مَعَه جَمِيع أَهله إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة أَبَت أَن تسلم فَأنْزل الله تَعَالَى على رَسُوله {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} فَهَذَا دَال على أَن إِسْلَامه كَانَ مُتَأَخِّرًا لِأَن الْآيَة مُتَأَخِّرَة الْإِنْزَال عَن بدر قطعا وَاسم جده الْأَخْنَس بن حبيب السّلمِيّ وَقيل ثَوْر وَمِمَّنْ قَالَه الطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فترجموا فِي كتبهمْ لثور وَسَاقُوا حَدِيث الْبَاب من طَرِيق الْجراح وَالِد وَكِيع عَن أبي الجويرية عَن معن بن يزِيد بن ثَوْر السّلمِيّ (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه أَن سَماع أبي الجويرية عَن معن ومعن أَمِير على غزَاة الرّوم فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَفِيه أَن شَيْخه سكن قيسارية من الشَّام وَإِسْرَائِيل وحطان ومعن كوفيون وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَنا " تَأْكِيد للضمير الْمَرْفُوع الَّذِي فِي بَايَعت قَوْله " وَأبي " هُوَ يزِيد قَوْله " وجدي " هُوَ الْأَخْنَس بن حبيب قَوْله " وخطب عَليّ " أَي خطب النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - عَليّ يُقَال خطب الْمَرْأَة إِلَى وَليهَا إِذا أرادها الْخَاطِب لنَفسِهِ وعَلى فلَان إِذا أرادها لغيره قَالَ الْكرْمَانِي الْفَاعِل هُوَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ أقرب الْمَذْكُورين قَوْله " فأنكحني " أَي طلب لي الْإِنْكَاح فأجبت ومقصود معن من ذَلِك بَيَان أَنْوَاع علاقاته من الْمُبَايعَة وَغَيرهَا من الْخطْبَة عَلَيْهِ وإنكاحه وَعرض الْخُصُومَة عَلَيْهِ قَوْله " وخاصمت إِلَيْهِ " أَي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَلَفظ خاصمته ثَانِيًا تَفْسِير لقَوْله " خَاصَمت إِلَيْهِ " قَوْله " وَكَانَ أبي يزِيد " وَيزِيد بِالرَّفْع عطف بَيَان لقَوْله أبي وَلَيْسَ بِبَدَل كَمَا قَالَه بَعضهم على مَا لَا يخفى قَوْله " فوضعها عِنْد رجل " أَي فَوضع الدَّنَانِير الَّتِي أخرجهَا للصدقة عِنْد رجل وَفِيه حذف تَقْدِيره عِنْد رجل وَأذن لَهُ أَن يتَصَدَّق بهَا على من يحْتَاج إِلَيْهَا إِذْنا مُطلقًا من غير تعْيين نَاس فَجئْت فأخذتها يَعْنِي من الرجل الَّذِي أذن لَهُ فِي التَّصَدُّق بِاخْتِيَار مِنْهُ لَا بطرِيق الْغَصْب وَوَقع عِنْد الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي حَمْزَة الْيَشْكُرِي عَن أبي الجويرية فِي هَذَا الحَدِيث (قلت) وَمَا كَانَت خصومتك قَالَ كَانَ رجل يغشى الْمَسْجِد فَيتَصَدَّق على رجال يعرفهُمْ فَظن أَنِّي بعض من يعرف فَذكر الحَدِيث قَوْله " وَالله مَا إياك أردْت " يَعْنِي قَالَ يزِيد لِابْنِهِ معن مَا إياك أردْت فِي الصَّدَقَة وَلَو أردْت أَنَّك تأخذها لناولتها لَك وَلم أوكل فِيهَا قَوْله " فَخَاصَمته " أَي خَاصَمت أبي يزِيد إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " لَك مَا نَوَيْت يَا يزِيد " يَعْنِي من أجر الصَّدَقَة لِأَنَّهُ نوى أَن يتَصَدَّق بهَا على من يحْتَاج إِلَيْهَا وابنك يحْتَاج إِلَيْهَا وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَيْضا " وَلَك مَا أخذت يَا معن " لِأَنَّك أخذت مُحْتَاجا إِلَيْهَا ومفعول كل من نَوَيْت وَأخذت مَحْذُوف (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ دَلِيل على الْعَمَل بالمطلقات على إِطْلَاقهَا لِأَن يزِيد فوض إِلَى الرجل بِلَفْظ مُطلق فنفذ فعله وَفِيه جَوَاز التحاكم بَين الْأَب وَالِابْن وخصومته مَعَه وَلَا يكون هَذَا عقوقا إِذا كَانَ ذَلِك فِي حق على أَن مَالِكًا رحمه الله كره ذَلِك وَلم يَجعله من بَاب الْبر واختياري هَذَا وَفِيه أَن مَا خرج إِلَى الابْن من مَال الْأَب على وَجه الصَّدَقَة أَو الصِّلَة أَو الْهِبَة لَا رُجُوع للْأَب فِيهِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَاتفقَ الْعلمَاء على أَن الصَّدَقَة الْوَاجِبَة لَا تسْقط عَن الْوَالِد إِذا أَخذهَا وَلَده حاشا التَّطَوُّع قَالَ ابْن بطال وَعَلِيهِ حمل حَدِيث معن وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يجوز أَن يَأْخُذهَا لولد بِشَرْط أَن يكون غارما أَو غازيا فَيحمل حَدِيث معن على أَنه كَانَ متلبسا بِأحد هذَيْن النَّوْعَيْنِ قَالُوا وَإِذا كَانَ الْوَلَد أَو الْوَالِد فَقِيرا أَو مِسْكينا وَقُلْنَا فِي بعض الْأَحْوَال لَا تجب نَفَقَته فَيجوز لوالده أَو لوَلَده دفع الزَّكَاة إِلَيْهِ من سهم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين بِلَا خلاف عِنْد الشَّافِعِي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ ابْن التِّين يجوز دفع الصَّدَقَة الْوَاجِبَة إِلَى الْوَلَد بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا أَن يتَوَلَّى غَيره من صرفهَا إِلَيْهِ وَالثَّانِي أَن لَا يكون فِي عِيَاله فَإِن كَانَ فِي عِيَاله وَقصد إعطاءه فروى مطرف

ص: 288