المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ، - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٣

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ

- ‌ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ

- ‌ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ

- ‌ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌ الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ

- ‌[ادَّعَى الْمُدَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ]

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ

- ‌كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ.وَفِيهِ مَسَائِلُ

- ‌ قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ

- ‌ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ

- ‌ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ

- ‌[قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتَهُ لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ]

- ‌[قَالَ الْمَدْيُونُ فِي الصُّلْحِ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ]

- ‌ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ

- ‌ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ

- ‌ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ

- ‌كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ:

- ‌ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ

- ‌[أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ]

- ‌ مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ

- ‌ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ

- ‌[عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا]

- ‌[حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه]

- ‌أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ

- ‌أَحْكَامُ السَّكْرَانِ

- ‌أَحْكَامُ الْعَبِيدِ

- ‌أَحْكَامُ الْأَعْمَى

- ‌الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ

- ‌أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ

- ‌مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ

- ‌أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ

- ‌ أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

- ‌[أَحْكَامُ الْأُنْثَى]

- ‌[أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌أَحْكَامُ الْجَانِّ

- ‌أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ

- ‌أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ

- ‌(فَوَائِدُ) :

- ‌ لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا

- ‌[مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا]

- ‌[الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل]

- ‌ لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ

- ‌ كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ

- ‌[لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌أَحْكَامُ الْعُقُودِ

- ‌أَحْكَامُ الْفُسُوخِ

- ‌أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ

- ‌[أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ]

- ‌(قَاعِدَةٌ) : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ

- ‌ الْأُولَى: أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ:

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [

- ‌الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ

- ‌الثَّالِثَةُ: الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ

- ‌الرَّابِعَةُ: الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ

- ‌الْخَامِسَةُ: لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ

- ‌[السَّادِسَةُ الْقَرْض هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ]

- ‌السَّابِعَةُ: دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ

- ‌[التَّاسِعَةُ وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ]

- ‌[الثَّامِنَةُ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ]

- ‌[الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْعُقُود]

- ‌[الْعَاشِرَةُ يَمْلِكُ الصَّدَاق بِالْعَقْدِ]

- ‌[الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ]

- ‌ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي

- ‌[الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ،

‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

إذَا فَسَدَتْ كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ، إلَّا فِي الْوَصِيِّ يَأْخُذُ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَمِلَ. 1 -

كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ.

إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَهَا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ عَكْسُهُ فَلِلْمُضَارِبِ، 2 - فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

قَوْلُهُ: كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ.

عِبَارَتُهُ: وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ أَخْذَ مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً فَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الرِّبْحِ فَهَذِهِ دَرَاهِمُ مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ مَتَى فَسَدَتْ تَنْعَقِدُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَفِيهَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَمَعَ هَذَا قَالَ: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْوَصِيَّ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ لِلْيَتِيمِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ عِبَارَتِهِ مَا بِهِ يَتَّضِحُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْإِشْكَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ وَأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا فَلَوْ أَوْجَبَ الْأَجْرَ؛ لَزِمَ إيجَابُ الْمُتَقَوِّمِ فِي غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالصَّغِيرِ وَالتَّقَوُّمُ بِالْعَقْلِ الصَّحِيحِ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَالنَّصُّ لَمْ يَرِدْ فِي الْفَاسِدِ وَالْوَارِدُ فِي الصَّحِيحِ لَا يَكُونُ وَارِدًا فِي الْفَاسِدِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ.

(2)

قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ.

يَعْنِي لَا لِمُدَّعِي الْفَسَادِ.

أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِدَعْوَى الْفَسَادِ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ بِأَنْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ شَرَطْتَ لِي الرِّبْحَ إلَّا عَشَرَةً، وَرَبُّ الْمَالِ يَدَّعِي جَوَازَ الْمُضَارَبَةِ بِأَنْ قَالَ شَرَطْتُ لَكَ نِصْفَ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ

ص: 82

إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ: الثُّلُثَ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْبُيُوعِ،

4 -

لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ بِدَعْوَى الْفَسَادِ لَا يَدْفَعُ اسْتِحْقَاقًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الْمُضَارِبِ مَنَافِعُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْمُسْتَحَقَّ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ وَأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ وَالْمَالُ خَيْرٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقُ بِعِوَضٍ هُوَ خَيْرٌ فَلَا اسْتِحْقَاقَ فَلَمْ يَكُنْ الْمُضَارِبُ بِدَعْوَى الْفَسَادِ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ وَرَبُّ الْمَالِ إذَا ادَّعَى فَسَادَ الْمُضَارَبَةِ بِأَنْ قَالَ لِلْمُضَارِبِ: شَرَطْتُ لَكَ نِصْفَ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةً، وَالْمُضَارِبُ ادَّعَى جَوَازَ الْمُضَارَبَةِ بِأَنْ قَالَ: شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ بِدَعْوَى الْفَسَادِ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ؛ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِرَبِّ الْمَالِ مَنْفَعَةُ الْمُضَارِبِ وَمَا يُسْتَحَقُّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَيْنُ مَالٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ الرِّبْحِ وَالْعَيْنُ خَيْرٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِذْ كَانَ كَذَلِكَ؛ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِدَعْوَى الْفَسَادِ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ زِيَادَةِ مَالٍ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. (3) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ إلَخْ.

قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَظْهَرُ اسْتِثْنَاءُ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَدَّعِي الْفَسَادَ، وَالْمُضَارِبَ الصِّحَّةَ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهَا فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

أَقُولُ: لَيْسَتْ الْقَاعِدَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا، بَلْ هِيَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْفَعْ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِدَعْوَاهُ الْفَسَادَ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا هُنَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا صِحَّةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ وَالصَّوَابُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْفَسَادَ لِيَدْفَعَ بِدَعْوَاهُ الْفَسَادَ اسْتِحْقَاقَ مَالٍ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا هُنَا وَحِينَئِذٍ يَتِمُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا وَجْهَ لِمَا قِيلَ إنَّ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ مُقَيَّدَةً بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

(4)

قَوْلُهُ: لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ إلَّا الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ إلَخْ.

أَقُولُ: صَوَابُ الْعِبَارَةِ لَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الشُّفْعَةِ مِنْ الشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمَلُّكِ جَبْرًا وَالشِّرَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمَلُّكِ اخْتِيَارًا، وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله مِنْ نَفْسِ اسْتِثْنَاءِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَعِبَارَتُهَا: وَلَا يُقْرِضُ يَعْنِي الْمُضَارِبَ

ص: 83

فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالنَّصِّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ،

وَلِلْمُضَارِبِ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُ إلَيْهِ التُّجَّارُ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ.

لَا يَتَجَاوَزُ الْمُضَارِبُ مَا عَيَّنَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ 6 - إلَّا إذَا قُيِّدَ عَلَيْهِ بِسُوقٍ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ بِأَهْلِ بَلَدٍ كَأَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِمْ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُمْ.

الْمُضَارَبَةُ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالْوَقْتِ فَتَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ، تُصْرَفُ أَوَّلًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

7 -

يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَّا إذَا صَارَ الْمَالُ عَرُوضًا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَلَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ (انْتَهَى) .

يَعْنِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ وَفِي الْبَدَائِعِ مَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا اشْتَرَى دَارًا إلَى جَنْبِ دَارِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَفَاءٌ بِالثَّمَنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ لِلْمُضَارَبَةِ فَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لِلْمُضَارَبَةِ وَمِلْكُ التَّصَرُّفِ لِلْمُضَارَبَةِ لِلْمُضَارِبِ فَإِذَا سَلَّمَ جَازَ تَسْلِيمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَفَاءٌ فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ وَلِرَبِّ الْمَالِ جَمِيعًا فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَهَا جَمِيعَهَا لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ كَدَارٍ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا نَصِيبَ لِلْمُضَارِبِ فِيهِ.

(5)

قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا الْبَاطِلَ.

إنَّمَا مَلَكَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِيهِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ فَيَحْصُلُ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ

(6)

قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا قُيِّدَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى السَّابِقِ.

(7)

قَوْلُهُ: يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ مُضَارَبَةً إلَخْ.

فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: الْمُضَارَبَةُ إذَا خَصَّهَا رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ بِحَالِهِ وَاشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا ثُمَّ بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنَّ تَخْصِيصَهُ جَائِزٌ كَمَا لَوْ خَصَّصَ الْمُضَارَبَةَ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ التَّخْصِيصَ إذَا كَانَ فِيهِ فَائِدَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ عَرُوضًا فَلَا يَصِحُّ نَهْيُ رَبِّ الْمَالِ حَتَّى يَصِيرَ نَقْدًا.

ص: 84

إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ 9 - ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تَعْمَلْ بِرَأْيِكَ صَحَّ نَهْيُهُ. 10 - إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ. أَطْلَقَهَا ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ عَمِلَ نَهْيَهُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إذَا قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ.

كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (9) قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ إلَخْ.

وَلَوْ قَالَ لَا تَبِعْ مِنْ فُلَانٍ وَلَا تَشْتَرِ مِنْهُ صَحَّ لَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَوْ اشْتَرَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ.

وَإِنْ قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَلَوْ بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ جَازَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا إذَا قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَمْلِكُهُ كُلَّهُ خَلَا الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِدَانَةِ وَالسَّفَاتِجِ وَالشِّرَاءِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ. (10) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ.

قِيلَ: لَعَلَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ ظُهُورُ كَوْنِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْبِضَاعَةِ يَرُوجُ كَالرَّوَاجِ فِي بَلْدَةِ كَذَا فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ فَالْمَصْلَحَةُ حِينَئِذٍ فِي السَّفَرِ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِيَكُونَ الرِّبْحُ أَوْفَرَ (انْتَهَى) .

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأَصَحُّ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ السَّفَرِ شَامِلٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 85