المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما يقبل الإسقاط من الحقوق وما لا يقبله - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٣

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ

- ‌ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ

- ‌ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ

- ‌ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌ الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ

- ‌[ادَّعَى الْمُدَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ]

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ

- ‌كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ.وَفِيهِ مَسَائِلُ

- ‌ قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ

- ‌ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ

- ‌ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ

- ‌[قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتَهُ لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ]

- ‌[قَالَ الْمَدْيُونُ فِي الصُّلْحِ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ]

- ‌ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ

- ‌ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ

- ‌ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ

- ‌كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ:

- ‌ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ

- ‌[أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ]

- ‌ مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ

- ‌ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ

- ‌[عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا]

- ‌[حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه]

- ‌أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ

- ‌أَحْكَامُ السَّكْرَانِ

- ‌أَحْكَامُ الْعَبِيدِ

- ‌أَحْكَامُ الْأَعْمَى

- ‌الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ

- ‌أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ

- ‌مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ

- ‌أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ

- ‌ أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

- ‌[أَحْكَامُ الْأُنْثَى]

- ‌[أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌أَحْكَامُ الْجَانِّ

- ‌أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ

- ‌أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ

- ‌(فَوَائِدُ) :

- ‌ لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا

- ‌[مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا]

- ‌[الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل]

- ‌ لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ

- ‌ كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ

- ‌[لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌أَحْكَامُ الْعُقُودِ

- ‌أَحْكَامُ الْفُسُوخِ

- ‌أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ

- ‌[أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ]

- ‌(قَاعِدَةٌ) : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ

- ‌ الْأُولَى: أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ:

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [

- ‌الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ

- ‌الثَّالِثَةُ: الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ

- ‌الرَّابِعَةُ: الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ

- ‌الْخَامِسَةُ: لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ

- ‌[السَّادِسَةُ الْقَرْض هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ]

- ‌السَّابِعَةُ: دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ

- ‌[التَّاسِعَةُ وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ]

- ‌[الثَّامِنَةُ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ]

- ‌[الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْعُقُود]

- ‌[الْعَاشِرَةُ يَمْلِكُ الصَّدَاق بِالْعَقْدِ]

- ‌[الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ]

- ‌ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي

- ‌[الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ]

الفصل: ‌ما يقبل الإسقاط من الحقوق وما لا يقبله

‌مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ

، وَبَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ: 1 - لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: تَرَكْتُ حَقِّي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ؛ إذْ الْمِلْكُ لَا يَبْطُلُ بِالتَّرْكِ، وَالْحَقُّ يَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْغَانِمِينَ قَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ: تَرَكْت حَقِّي بَطَلَ حَقُّهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: تَرَكْت حَقِّي فِي حَبْسِ الرَّهْنِ بَطَلَ،

2 -

كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْعِمَادِيِّ، وَفُصُولِ الْعِمَادِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

[مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ]

قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: تَرَكْتُ حَقِّي إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْمِلْكِ أَوْ حَقِّ الْمِلْكِ ضَابِطُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِلْكًا لَازِمًا لَمْ يَبْطُلْ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَرَكْت نَصِيبِي مِنْ الْمِيرَاثِ لَمْ يَبْطُلْ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يُتْرَكُ بِالتَّرْكِ بَلْ إنْ كَانَ عَيْنًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْلِيكِ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِبْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ صَحَّ كَإِعْرَاضِ الْغَانِمِ عَنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا يُخَالِفُنَا إلَّا فِي الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ.

(2)

قَوْلُهُ: كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. يَعْنِي فِي الثَّامِنِ وَالثَّلَاثِينَ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَرِئْت مِنْ تَرِكَةِ أَبِي؛ يَبْرَأُ الْغُرَمَاءُ عَنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ حَقِّهِ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ عَنْ الْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حَقِّهِ فَيَصِحُّ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عَيْنًا لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَبَرِئَ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِيهَا دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ لَوْ أَرَادَ الْبَرَاءَةَ مِنْ حِصَّةِ الدَّيْنِ صَحَّ لَا لَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ لِتَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ: لَوْ قَالَ وَارِثٌ تَرَكْت حَقِّي إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ إبْرَاءَ الْوَارِثِ مِنْ إرْثِهِ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا تَصِحُّ وَمِنْ دَعْوَى الْأَعْيَانِ تَصِحُّ وَهُوَ يَرُدُّ قَوْلَ خُوَاهَرْ زَادَهْ إنْ أُرِيدَ بِالْحَقِّ فِي كَلَامِهِ مَا يَعُمُّ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَتَأَمَّلْ

ص: 354

الشُّرْبِ وَلَفْظُهَا: رَجُلٌ لَهُ مَسِيلٌ مَاءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ مَعَ الْمَسِيلِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْمَسِيلِ، كَانَ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ أَنْ يَضْرِبَ بِذَلِكَ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمَسِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَرَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ فَمَاتَ الْمُوصِي وَبَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ، وَرَضِيَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ سُكْنَاهُ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ، وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ: أَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيلِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَلَ حَقُّهُ قِيَاسًا عَلَى حَقِّ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيلِ.

3 -

لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْإِبْطَالِ

4 -

وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ: إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَاتَ الْمُوصِي فَصَالَحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى السُّدُسِ جَازَ الصُّلْحُ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ غَيْرُ مُتَأَكِّدٍ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِالْإِسْقَاطِ (انْتَهَى) . فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَقَّ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ حَبْسِ الرَّهْنِ وَحَقَّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، عَلَى قَوْلِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: يُسْقِطُ الْإِسْقَاطَ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

(3) قَوْلُهُ: لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْإِبْطَالِ. إلَى هُنَا كَلَامُ قَاضِي خَانْ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ انْتَهَى

(4)

قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ. يَعْنِي الْإِسْعَافَ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعِينَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ

ص: 355

يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَقَالُوا: حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا يَسْقُطُ، كَمَا فِي هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ

5 -

وَأَمَّا الْحَقُّ فِي الْوَقْفِ؛ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي الشَّهَادَةِ بِوَقْفِ الْمَدْرَسَةِ: إنَّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَدْرَسَةِ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْوَقْفِ اسْتِحْقَاقًا لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَبْطَلْت حَقِّي كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ (انْتَهَى) .

6 -

وَقَدْ كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ مِنْ عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ

7 -

وَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَقُّ فِي الْوَقْفِ فَقَالَ قَاضِي خَانْ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ قَاضِي خَانْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمَسْأَلَةِ وَقْفِ الْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ كُلُّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِالْوَقْفِ وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الْمَشْرُوطِ لَهُ الِاسْتِحْقَاقُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ لَا يَسْقُطُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ لَا يَسْقُطُ وَمِنْهَا مَنْ لَهُ وَظِيفَةٌ وَفِي وَقْفٍ كَالْإِمَامِ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ مَعْلُومِهِ سَنَةً لَا يَسْقُطُ وَلَهُ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّاظِرُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ فَيَكُونُ إبْرَاءً وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ أُسْقِطَ حَقُّهُ مِنْ وَظِيفَةٍ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ. وَكَذَا مَنْ فُرِّغَ عَنْ وَظِيفَةٍ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَكُونَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ قَاسِمًا فِي فَتَاوِيهِ أَفْتَى بِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالْفَرَاغِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى نَقْلٍ وَخُولِفَ فِي ذَلِكَ.

(6)

قَوْلُهُ: وَقَدْ كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ إلَخْ. حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ قَاضِي خَانْ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَقِيهَ مِنْ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ فَلَا تَبْقَى لَهُ وَظِيفَةٌ أَصْلًا فَكَيْفَ يَقُولُ: لَا يُمْكِنُهُ إبْطَالُهُ.

(7)

قَوْلُهُ: وَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ، حَيْثُ قَالَ هَذَا الِاعْتِرَاضُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّ

ص: 356

8 -

وَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيهَا. وَقَدْ بَقِيَ حُقُوقٌ: مِنْهَا خِيَارُ الشَّرْطِ؛ قَالُوا يَسْقُطُ بِهِ، وَمِنْهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، قَالُوا لَوْ أَبْطَلَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِالْقَوْلِ لَمْ يَبْطُلْ وَبِالْفِعْلِ يَبْطُلُ وَبَعْدَهَا يَبْطُلُ بِهِمَا، وَمِنْهَا خِيَارُ الْعَيْبِ يَبْطُلُ بِهِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْوَاقِفَ إذَا وَقَفَ عَلَى مَنْ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الْفِقْهِ وَالْفَقْرِ مَثَلًا وَالْإِقَامَةِ اسْتَحَقَّ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْوَقْفِ وَلَا اعْتِبَارَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ بَلْ لَهُ الطَّلَبُ وَالْأَخْذُ بَعْدَ عَزْلِ نَفْسِهِ كَالْوَقْفِ عَلَى الِابْنِ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ، وَصَاحِبُ الْفَوَائِدِ يَعْنِي الطَّرَسُوسِيَّ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا مِنْ كَلَامِ قَاضِي خَانْ بَلْ جَرَى عَلَى عَادَةِ أَوْقَافِ بِلَادِنَا فَإِنَّ الْوَاقِفَ يَجْعَلُ النَّظَرَ فِيهِ لِلْحَاكِمِ مَثَلًا أَوْ لِلنَّاظِرِ وَيَجْعَلُ لَهُ وِلَايَةَ الْعَزْلِ وَالتَّقْرِيرِ وَالْإِعْطَاءِ وَالْحِرْمَانِ مَنْ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ فَحِينَئِذٍ إذَا أَبْطَلَ ذَلِكَ حَقَّهُ وَعَزَلَ نَفْسَهُ صَحَّ وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى أَنْ يُقَرِّرَهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ وَلَيْسَ كَلَامُ قَاضِي خَانْ فِي ذَلِكَ بَلْ كَلَامُهُ فِي مَنْ وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَسْتَحِقُّ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ وَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِهِ.

(8)

قَوْله: وَمَا حَرَّرْنَاهُ إلَخْ. حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ وَهْبَانَ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إذَا وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ مَثَلًا فَإِنَّ الْفَقِيهَ لَا يَسْتَحِقُّ فِي ذَلِكَ الرِّيعَ إلَّا بِالتَّقْرِيرِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَنْ كَانَ فَقِيهًا أَوْ فَقِيرًا مُطْلَقًا كَمَا تَوَهَّمَهُ لِأَنَّ الْفَقِيهَ وَالْفَقِيرَ الطَّالِبَيْنِ لَمْ يَتَعَيَّنَا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى كُلِّ فَقِيهٍ وَكُلِّ فَقِيرٍ فَإِنَّمَا هُوَ لِلْجِنْسِ وَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَالْحَقُّ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ وَظِيفَةٍ تَقَرَّرَ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِنْسِ الْفُقَهَاءِ أَوْ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْفُقَرَاءِ بِالتَّعْيِينِ وَلَمْ يُقَرِّرْ فِي وَقْفِهِمْ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَهُ بَعْدَهُ وَيُعْطِيَهُ مَا خَصَّهُ لَا أَنَّهُ يَطْلُبُ وَيَأْخُذُ بِلَا تَقْرِيرٍ، فَمَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ فِي كَلَامِ قَاضِي خَانْ جَوَازُ أَنْ يَتَقَرَّرَ بَعْدَ إبْطَالِهِ وَيُعْطِيَ بَعْدَهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَمَعْنَى قَوْلِ الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ إذَا كَانَ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالْوَقْفِ عَلَى الِابْنِ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ وَهْبَانَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الِابْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقْرِيرٍ بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ الْفَقِيهِ كَمَا لَا يُخْفَى

ص: 357

وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ، وَمِنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ

10 -

وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْعَبْدِ. قَالُوا لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ ثُمَّ عَادَ وَطَلَب حُدَّ،

11 -

لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ لِفَقْدِ الطَّلَبِ،

12 -

وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَقَبُولِ الْوَدِيعَةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ مُجَرَّدَ حَقٍّ وَلَيْسَ بِمِلْكٍ لِرَبِّ الدَّيْنِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ بَعْدَ أَنْ رَمَّزَ لِلْمُنْتَقَى: قِيلَ لَهُ دَعْ دَيْنَكَ لَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى؛ يَبْرَأُ اسْتِحْسَانًا (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ فَقَالَ: تَرَكْت لَهُ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْخَمْسُمِائَةِ؟

(10)

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. أَقُولُ إنَّمَا جَازَ لَهَا الرُّجُوعُ لِأَنَّ حَقَّهَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بَعْدُ فَيَكُونُ مُجَرَّدَ وَعْدٍ فَلَا يَلْزَمُ كَالْمُعِيرِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَكِنْ يَنْبَغِي عَدَمُ حِلِّ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ خُلْفٌ فِي الْوَعْدِ وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ الْعَارِيَّةَ قَبْلَ الْوَقْتِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ خُلْفَ الْوَعْدِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَهَا أَنْ تَرْجِعَ يَصِحُّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ رُجُوعِهَا.

(11)

قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إذَا عَفَى وَلَمْ يَطْلُبْ بَعْدَ الْعَفْوِ لَا يُقَامُ وَإِنْ عَفَى وَطَلَبَ أُقِيمَ.

(12)

قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ. أَقُولُ ظَاهِرُ جَزْمِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَ الْحُكْمَ مَنْصُوصًا، وَعِبَارَاتُهُ فِي الرِّسَالَةِ الَّتِي فِي الْحُقُوقِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ الْحُكْمَ حَيْثُ قَالَ، وَأَمَّا حَقُّ الْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ بِالْإِسْقَاطِ، حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُسْتَعِيرُ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الِانْتِفَاعِ

ص: 358

وَأَمَّا حَقُّ الْإِجَارَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ إلَّا بِالْإِضَافَةِ. وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ وَكَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَلَمْ أَرَ فِيهَا صَرِيحًا بَعْدَ التَّفْتِيشِ؛ مِنْهَا أَنَّ بَعْضَ الذُّرِّيَّةِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ الرِّيعُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ

14 -

وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ فَرَغَ لَهُ عَنْهُ، إلَّا أَنَّ فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ صَحَّ تَفْوِيضُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ جَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ: إذَا عُزِلَ النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَنْعَزِلُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

بِالْعَارِيَّةِ لَا يَسْقُطُ مَا دَامَ الْمُعِيرُ لَمْ يَرْجِعْ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ؛ لِأَنَّهَا كَمِلْكِ الْأَعْيَانِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ لَا يَسْقُطُ وَيَنْبَغِي إخْرَاجُ الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْحُقُوقِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا حَاصِلٌ وَإِنْ كَانَ لِلْمَنَافِعِ

(13)

قَوْلُهُ: وَأَمَّا حَقُّ الْإِجَارَةِ إلَخْ. أَقُولُ: يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ تَرَكْت حَقِّي فِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ أَسْقَطْت حَقِّي فِيهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ؛ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ. وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى وَسَائِرِ كُتُبِ الْفِقْهِ إلَّا مَا قَلَّ جَعَلُوا لِفَسْخِهَا بَابًا مُسْتَقِلًّا، وَقَدْ فَهِمَ مَنْ لَا فِقْهَ عِنْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ إلَّا بِالْإِقَالَةِ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِهَا وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَعْدِ عَنْ التَّصَوُّرِ.

(14)

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ لِغَيْرِهِ. فِي فَتَاوَى الْمَرْحُومِ ابْنِ الْحَلَبِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَنَصُّهُ: سُئِلَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَدَّثَ عَنْهُ عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ أَمْ لَا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ لِأَحَدٍ عَنْ النَّظَرِ أَمْ لَا؟ جَوَابُهُ نَعَمْ لَهُ. يَسْتَنِيبُ مَنْ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَا يَصِحُّ نُزُولُهُ عَنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَهُ يَنْعَزِلُ.

ص: 359

15 -

إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي (انْتَهَى)

. وَمِنْهَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ كَشَرْطِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالِاسْتِبْدَالِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ.

16 -

وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ شَيْءٍ كَمَا عُلِمَ سَابِقًا مِنْ كَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَّا إذَا أَسْقَطَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ حَقَّهُ لَا لِأَحَدٍ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا أَسْقَطَ الْوَاقِفُ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ

17 -

أَوْ لِغَيْرِهِ.

فَإِنْ قُلْت

18 -

إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ بَعْضُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ؟ قُلْت نَعَمْ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

(15) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي (انْتَهَى) يَعْنِي بِحُجَّةٍ أَوْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُ الْقَاضِي النَّظَرَ الْمَشْرُوطَ

(16)

قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: كَيْفَ ذَلِكَ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْإِرْثِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ الْمَشْرُوطُ فِي الْوَقْفِ كَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِهِ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَمَا قَدْ مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ فِي أَوَّلِ الصَّفْحَةِ مِنْ هَذِهِ الْوَرَقَةِ يَشْهَدُ لِمَا قُلْنَاهُ فَتَأَمَّلْ.

(17)

قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَخْفَى أَنَّ إسْقَاطَ الْوَاقِفِ مَا شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ مَعَ شَرْطِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا.

(18)

قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ بَعْضُهُ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ: الْإِقْرَارُ عَلَى الرَّاجِحِ إخْبَارٌ. وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا لِنَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَحِلُّ

ص: 360

الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ. وَأَمَّا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِرَفْعِ جُذُوعِ الْغَيْرِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَائِطِهِ تَعَدِّيًا.

19 -

فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِالصُّلْحِ وَلَا بِالْعَفْوِ

20 -

وَلَا بِالْبَيْعِ وَلَا بِالْإِجَارَةِ. كَمَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا التَّأْلِيفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيمِ. وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ السَّلَمِ: لَوْ قَالَ رَبُّ الْمُسَلَّمِ أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي التَّسْلِيمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الْبَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ (انْتَهَى) . وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ سُئِلْتُ عَنْهَا: شَرَطَ الْوَاقِفُ لَهُ شُرُوطًا مِنْ إدْخَالٍ وَإِخْرَاجٍ وَغَيْرِهِمَا وَحَكَمَ بِالْوَقْفِ مُتَضَمِّنًا لِلشُّرُوطِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاقِفُ عَمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الشُّرُوطِ. فَأَجَبْتُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَازِمٌ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، بِسَبَبِ الْحُكْمِ

21 -

وَهُوَ شَامِلٌ لِلشُّرُوطِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِيمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّيعِ لَا لِأَحَدٍ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

لِلْمُقِرِّ لَهُ أَخْذُهُ فَغَايَةُ مَا حَصَلَ بِالْإِقْرَارِ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ ظَاهِرًا وَالسُّؤَالُ إنَّمَا هُوَ عَنْ سُقُوطِ الْحَقِّ حَقِيقَةً فَأَيْنَ هَذَا مِنْ ذَاكَ.

(19)

قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ إلَخْ. يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ إسْقَاطَهُ لِأَحَدٍ مُعْتَبَرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ خِلَافَ شَرْطِ الْوَاقِفِ مَعَ أَنَّ الْعَمَلَ بِهِ وَاجِبٌ مَهْمَا أَمْكَنَ.

(20)

قَوْلُهُ: وَلَا بِالْبَيْعِ وَلَا بِالْإِجَارَةِ. أَيْ بَيْعِ الْحَائِطِ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهَا الْجُذُوعُ وَإِجَارَتِهَا.

(21)

قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِلشُّرُوطِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ إلَخْ. وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ أَنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ وَمُوجِبِهِ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِالشُّرُوطِ فَلَوْ وَقَعَ

ص: 361

22 -

فَإِنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ السُّقُوطِ. وَعِلَّتُهُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ لَهُ صَارَ لَازِمًا كَلُزُومِ الْوَقْفِ كَمَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ مَا شَرَطَهُ لَهُ فَكَذَا الشَّارِطُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ إسْقَاطِ رَبِّ السَّلَمِ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ فِي ضِمْنٍ لَازِمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

التَّنَازُعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الشُّرُوطِ عِنْدَ مُخَالِفٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ حُكْمُ الْحَنَفِيِّ السَّابِقُ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِمَا فِي الشُّرُوطِ إنَّمَا حَكَمَ بِأَصْلِ الْوَقْفِ وَمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ صِحَّةِ الشُّرُوطِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَفَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّ شَرْطَ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ أَنْ يَكُونَ فِي حَادِثَةٍ وَدَعْوَى صَحِيحَةٍ، فَإِنْ فَاتَ هَذَا الشَّرْطُ كَانَ فَتَوًى لَا حُكْمًا إلَى آخِرِ هَذَا، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِي اللُّزُومِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ عَمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ لَا فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ فِيهِ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(22)

قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ. أَقُولُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ

ص: 362