المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحكام الناسي والجاهل والمكره] - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٣

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ

- ‌ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ

- ‌ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ

- ‌ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌ الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ

- ‌[ادَّعَى الْمُدَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ]

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ

- ‌كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ.وَفِيهِ مَسَائِلُ

- ‌ قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ

- ‌ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ

- ‌ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ

- ‌[قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتَهُ لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ]

- ‌[قَالَ الْمَدْيُونُ فِي الصُّلْحِ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ]

- ‌ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ

- ‌ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ

- ‌ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ

- ‌كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ:

- ‌ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ

- ‌[أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ]

- ‌ مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ

- ‌ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ

- ‌[عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا]

- ‌[حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه]

- ‌أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ

- ‌أَحْكَامُ السَّكْرَانِ

- ‌أَحْكَامُ الْعَبِيدِ

- ‌أَحْكَامُ الْأَعْمَى

- ‌الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ

- ‌أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ

- ‌مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ

- ‌أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ

- ‌ أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

- ‌[أَحْكَامُ الْأُنْثَى]

- ‌[أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌أَحْكَامُ الْجَانِّ

- ‌أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ

- ‌أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ

- ‌(فَوَائِدُ) :

- ‌ لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا

- ‌[مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا]

- ‌[الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل]

- ‌ لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ

- ‌ كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ

- ‌[لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌أَحْكَامُ الْعُقُودِ

- ‌أَحْكَامُ الْفُسُوخِ

- ‌أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ

- ‌[أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ]

- ‌(قَاعِدَةٌ) : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ

- ‌ الْأُولَى: أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ:

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [

- ‌الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ

- ‌الثَّالِثَةُ: الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ

- ‌الرَّابِعَةُ: الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ

- ‌الْخَامِسَةُ: لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ

- ‌[السَّادِسَةُ الْقَرْض هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ]

- ‌السَّابِعَةُ: دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ

- ‌[التَّاسِعَةُ وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ]

- ‌[الثَّامِنَةُ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ]

- ‌[الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْعُقُود]

- ‌[الْعَاشِرَةُ يَمْلِكُ الصَّدَاق بِالْعَقْدِ]

- ‌[الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ]

- ‌ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي

- ‌[الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ]

الفصل: ‌[أحكام الناسي والجاهل والمكره]

وَأَحْكَامُ الْفُسُوخِ، وَالْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ، وَالْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ وَأَحْكَامِهِ، وَالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ، وَالْقَوْلُ فِي السَّفَرِ، وَفِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، وَفِي الْحَرَمِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ 4 - وَحَدُّ النِّسْيَانِ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ 5 - عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ.

6 -

وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ 7 - وَالْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ

8 -

وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَحَدُّ النِّسْيَانِ إلَخْ. يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ فِي التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ بِالْمَصْدَرِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ فِي التَّحْرِيرِ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بِأَنَّهُ. (5) قَوْلُهُ: عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ. أَيْ إلَى الشَّيْءِ، وَهَذَا الْحَدُّ يَشْمَلُ السَّهْوَ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا.

(6)

قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ.

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ، وَذَهَبَ الْحُكَمَاءُ إلَى الْفَرْقِ فَقَالُوا: إنَّ السَّهْوَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا فَيُحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. وَقِيلَ: النِّسْيَانُ عَدَمُ ذِكْرِ مَا كَانَ مَذْكُورًا، وَالسَّهْوُ غَفْلَةٌ عَمَّا كَانَ مَذْكُورًا، وَمَا لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فَالنِّسْيَانُ أَخَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا كَذَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.

(7)

قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ أَيْ: مُسَاوَيَانِ مَفْهُومًا، وَمَا صِدْقًا

[أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ]

(8)

قَوْلُهُ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا.

أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ النِّسْيَانُ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إنْ قُلْت

ص: 289

لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةِ 10 - مَحَلِّ الْكَلَامِ 11 -؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ وَأَخَوَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، فَالْمُرَادُ حُكْمُهَا، وَهُوَ نَوْعَانِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

حَيْثُ كَانَ النِّسْيَانُ مُسْقِطًا لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا فَمَا مَعْنَى الدُّعَاءِ بِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قُلْت الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحْسَنُهَا أَنَّ النِّسْيَانَ مِنْهُ مَا يُعْذَرُ صَاحِبُهُ فِيهِ، وَمِنْهُ مَا لَا يُعْذَرُ، فَمَنْ رَأَى دَمًا فِي ثَوْبِهِ وَأَخَّرَ إزَالَتَهُ إلَى أَنْ نَسِيَ فَصَلَّى، وَهُوَ عَلَى ثَوْبِهِ عُدَّ مُقَصِّرًا إذْ كَانَ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ، وَكَذَا إذَا تَغَافَلَ عَنْ تَعَاهُدِ الْقُرْآنِ حَتَّى نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَلُومًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَاظَبَ عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ نَسِيَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَعْذُورًا فَثَبَتَ أَنَّ النَّاسِيَ قَدْ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا، وَذَلِكَ إذَا تَرَكَ التَّحَفُّظَ، وَأَعْرَضَ عَنْ أَسْبَابِ التَّذَكُّرِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ طَلَبُ غُفْرَانِهِ بِالدُّعَاءِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ ذَكَرَ النِّسْيَانَ وَالْخَطَأَ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا مَا هُمَا مُسَبَّبَانِ عَنْهُ كَذَا فِي غَرَائِبِ الْقُرْآنِ وَرَغَائِبِ الْفُرْقَانِ.

(9)

قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ.

أَقُولُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

(10)

قَوْلُهُ: بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ.

أَيْ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ النَّخْلَةَ بَلْ ثَمَرَهَا بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ وَهِيَ النَّخْلَةُ؛ لِأَنَّ أَكْلَهَا مُتَعَذِّرٌ فَيَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى مَمَرِّهَا مَجَازًا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ.

(11)

قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ.

يَعْنِي بَلْ وَاقِعٌ وَالنَّبِيُّ مَعْصُومٌ مِنْ الْكَذِبِ فَصَارَ ذِكْرُ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَجَازًا عَنْ حُكْمِهِ.

ص: 290

أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ، 13 - وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ.

14 -

وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَصَارَ الْحُكْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًا 15 - فَلَا يَعُمُّ.

أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: أُخْرَوِيٌّ وَهُوَ الْمَأْثَمُ.

أَيْ الْإِثْمُ يَعْنِي الْمُرَادُ بِالْأُخْرَوِيِّ هُنَا الْإِثْمُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ هُوَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ.

(13)

قَوْلُهُ: وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ يَعْنِي.

هُنَا، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْجَوَازُ وَالْفَسَادُ.

(14)

قَوْلُهُ: وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ إلَخْ.

إذْ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الْعَزِيمَةِ وَفَسَادِهَا وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُودِ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ وَعَدَمِهَا فَيُوجَدُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَمَنْ صَلَّى رِيَاءً مُرَاعِيًا الشَّرَائِطَ، وَالْأَرْكَانَ، وَمَنْ صَلَّى مُتَوَضِّئًا بِمَاءٍ نَجِسٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ صَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا.

(15)

قَوْلُهُ: فَلَا يَعُمُّ أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْكَشْفِ: فِيهِ نَوْعُ اشْتِبَاهٍ، فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ الَّذِي لَا يَجْرِي الْعُمُومُ فِيهِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ اللَّفْظِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا بِإِزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعَانِي كَالْقُرْءِ دُونَ الْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ بِإِزَاءِ مَعْنًى يَعُمُّ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَالْحَيَوَانِ، وَالْحُكْمُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ هُوَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِهِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْعَامِّ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جَوَازًا أَوْ ثَوَابًا، وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْإِثْمَ قَصْدًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كَالْعَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْيَنْبُوعَ وَالشَّمْسَ قَصْدًا فَكَانَ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا تَحَكُّمٌ إذْ لَا نَقْلَ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ: هَذَا الْمَنْعُ خَارِجٌ عَنْ قَانُونِ التَّوْجِيهِ بَيَانُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا أَوْ مُحِيطًا فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا رَدًّا عَلَيْهِ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ثُمَّ بَيَّنُوا وَجْهَ الِاحْتِمَالِ بِأَنَّ لَفْظَ الْحُكْمِ مُشْتَرَكٌ عَلَى وَجْهِ السَّنَدِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَدِلِّ حِينَئِذٍ إلَّا الْجَوَابُ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَعَ السَّنَدِ أَوْ نَقُولُ بِوَجْهٍ أَظْهَرَ هُوَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لِمَا ادَّعَى أَنَّ الْحُكْمَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ وَبَنَى

ص: 291

وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ، 17 - فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّنْقِيحِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْأَحْكَامَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّمَا يَصِحُّ بِنَاءُ مَا ذَكَرْت مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ الْمُعَلِّلِ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا خَارِجًا عَنْ التَّوْجِيهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى.

عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِمْ: حُكْمُ الدُّنْيَا وَحُكْمُ الْعُقْبَى مَبْنِيَّةٌ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْهِ إمَارَةُ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ يُقَالُ: عَيْنُ الذَّهَبِ وَعَيْنُ الْإِنْسَانِ وَالْمُتَوَاطِئِ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ لَكِنْ لَا يَضُرُّنَا هَذَا الْمَنْعُ؛ إذْ الْمُدَّعَى لَيْسَ إلَّا الْإِجْمَالُ، وَالتَّوَاطُؤُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمُرَادُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ: اللَّفْظُ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِهَا أَوْلَى مِنْ الْبَاقِيَةِ كَانَ مُجْمَلًا ثُمَّ تَنَاوُلُ اللَّفْظُ لِتِلْكَ الْمَعَانِي إمَّا بِحَسْبِ مَعْنَى وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ إلَى هُنَا كَلَامُهُ قَالَ الْفَاضِلُ شَرَفُ بْنُ كَمَالٍ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ فِي الْوَاقِعِ جَوَابٌ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَنْعُ السَّنَدِ كَمَا زَعَمَ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَثْبَتَ كَوْنَهُ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا، وَهُوَ عَامٌّ حَقِيقَةً انْتَفَى الْإِجْمَالُ، وَهُوَ الْمُدَّعَى إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ كَمَا ذُكِرَ وَالْعَامُّ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَيُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ قَبْلَ الِاسْتِفْسَارِ بِحَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ فَلَا حُسْنَ لِقَوْلِهِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمَحْصُولِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْحَمْلُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَانِي أَوْ عَلَى الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ.

(16)

قَوْلُهُ: وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ.

أَقُولُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلشَّرِيفِ بْنِ كَمَالٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ عَنْ الشَّافِعِيِّ.

(17)

قَوْلُهُ: فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ.

يَعْنِي لَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ وَصَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إلَّا بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِ يُرَجِّحُ أَحَدَ مُحْتَمَلَيْهِ، وَهُوَ الدُّنْيَوِيُّ إذْ الْأُخْرَوِيُّ مُرَادٌ بِالْإِجْمَاعِ فَانْتَفَى الدُّنْيَوِيُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا لِعَدَمِ جَوَازِ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ.

ص: 292