الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَحْكَامُ الْفُسُوخِ، وَالْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ، وَالْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ وَأَحْكَامِهِ، وَالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ، وَالْقَوْلُ فِي السَّفَرِ، وَفِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، وَفِي الْحَرَمِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ 4 - وَحَدُّ النِّسْيَانِ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ 5 - عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ.
6 -
وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ 7 - وَالْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ
8 -
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَحَدُّ النِّسْيَانِ إلَخْ. يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ فِي التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ بِالْمَصْدَرِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ فِي التَّحْرِيرِ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بِأَنَّهُ. (5) قَوْلُهُ: عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ. أَيْ إلَى الشَّيْءِ، وَهَذَا الْحَدُّ يَشْمَلُ السَّهْوَ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا.
(6)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ.
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ، وَذَهَبَ الْحُكَمَاءُ إلَى الْفَرْقِ فَقَالُوا: إنَّ السَّهْوَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا فَيُحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. وَقِيلَ: النِّسْيَانُ عَدَمُ ذِكْرِ مَا كَانَ مَذْكُورًا، وَالسَّهْوُ غَفْلَةٌ عَمَّا كَانَ مَذْكُورًا، وَمَا لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فَالنِّسْيَانُ أَخَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا كَذَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
(7)
قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ أَيْ: مُسَاوَيَانِ مَفْهُومًا، وَمَا صِدْقًا
[أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ]
(8)
قَوْلُهُ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا.
أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ النِّسْيَانُ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إنْ قُلْت
لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةِ 10 - مَحَلِّ الْكَلَامِ 11 -؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ وَأَخَوَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، فَالْمُرَادُ حُكْمُهَا، وَهُوَ نَوْعَانِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
حَيْثُ كَانَ النِّسْيَانُ مُسْقِطًا لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا فَمَا مَعْنَى الدُّعَاءِ بِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قُلْت الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحْسَنُهَا أَنَّ النِّسْيَانَ مِنْهُ مَا يُعْذَرُ صَاحِبُهُ فِيهِ، وَمِنْهُ مَا لَا يُعْذَرُ، فَمَنْ رَأَى دَمًا فِي ثَوْبِهِ وَأَخَّرَ إزَالَتَهُ إلَى أَنْ نَسِيَ فَصَلَّى، وَهُوَ عَلَى ثَوْبِهِ عُدَّ مُقَصِّرًا إذْ كَانَ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ، وَكَذَا إذَا تَغَافَلَ عَنْ تَعَاهُدِ الْقُرْآنِ حَتَّى نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَلُومًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَاظَبَ عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ نَسِيَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَعْذُورًا فَثَبَتَ أَنَّ النَّاسِيَ قَدْ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا، وَذَلِكَ إذَا تَرَكَ التَّحَفُّظَ، وَأَعْرَضَ عَنْ أَسْبَابِ التَّذَكُّرِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ طَلَبُ غُفْرَانِهِ بِالدُّعَاءِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ ذَكَرَ النِّسْيَانَ وَالْخَطَأَ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا مَا هُمَا مُسَبَّبَانِ عَنْهُ كَذَا فِي غَرَائِبِ الْقُرْآنِ وَرَغَائِبِ الْفُرْقَانِ.
(9)
قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ.
أَقُولُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
(10)
قَوْلُهُ: بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ.
أَيْ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ النَّخْلَةَ بَلْ ثَمَرَهَا بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ وَهِيَ النَّخْلَةُ؛ لِأَنَّ أَكْلَهَا مُتَعَذِّرٌ فَيَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى مَمَرِّهَا مَجَازًا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ.
(11)
قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ.
يَعْنِي بَلْ وَاقِعٌ وَالنَّبِيُّ مَعْصُومٌ مِنْ الْكَذِبِ فَصَارَ ذِكْرُ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَجَازًا عَنْ حُكْمِهِ.
أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ، 13 - وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ.
14 -
وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَصَارَ الْحُكْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًا 15 - فَلَا يَعُمُّ.
أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: أُخْرَوِيٌّ وَهُوَ الْمَأْثَمُ.
أَيْ الْإِثْمُ يَعْنِي الْمُرَادُ بِالْأُخْرَوِيِّ هُنَا الْإِثْمُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ هُوَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ.
(13)
قَوْلُهُ: وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ يَعْنِي.
هُنَا، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْجَوَازُ وَالْفَسَادُ.
(14)
قَوْلُهُ: وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ إلَخْ.
إذْ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الْعَزِيمَةِ وَفَسَادِهَا وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُودِ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ وَعَدَمِهَا فَيُوجَدُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَمَنْ صَلَّى رِيَاءً مُرَاعِيًا الشَّرَائِطَ، وَالْأَرْكَانَ، وَمَنْ صَلَّى مُتَوَضِّئًا بِمَاءٍ نَجِسٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ صَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا.
(15)
قَوْلُهُ: فَلَا يَعُمُّ أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْكَشْفِ: فِيهِ نَوْعُ اشْتِبَاهٍ، فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ الَّذِي لَا يَجْرِي الْعُمُومُ فِيهِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ اللَّفْظِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا بِإِزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعَانِي كَالْقُرْءِ دُونَ الْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ بِإِزَاءِ مَعْنًى يَعُمُّ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَالْحَيَوَانِ، وَالْحُكْمُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ هُوَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِهِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْعَامِّ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جَوَازًا أَوْ ثَوَابًا، وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْإِثْمَ قَصْدًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كَالْعَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْيَنْبُوعَ وَالشَّمْسَ قَصْدًا فَكَانَ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا تَحَكُّمٌ إذْ لَا نَقْلَ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ: هَذَا الْمَنْعُ خَارِجٌ عَنْ قَانُونِ التَّوْجِيهِ بَيَانُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا أَوْ مُحِيطًا فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا رَدًّا عَلَيْهِ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ثُمَّ بَيَّنُوا وَجْهَ الِاحْتِمَالِ بِأَنَّ لَفْظَ الْحُكْمِ مُشْتَرَكٌ عَلَى وَجْهِ السَّنَدِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَدِلِّ حِينَئِذٍ إلَّا الْجَوَابُ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَعَ السَّنَدِ أَوْ نَقُولُ بِوَجْهٍ أَظْهَرَ هُوَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لِمَا ادَّعَى أَنَّ الْحُكْمَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ وَبَنَى
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ، 17 - فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّنْقِيحِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْأَحْكَامَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّمَا يَصِحُّ بِنَاءُ مَا ذَكَرْت مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ الْمُعَلِّلِ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا خَارِجًا عَنْ التَّوْجِيهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى.
عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِمْ: حُكْمُ الدُّنْيَا وَحُكْمُ الْعُقْبَى مَبْنِيَّةٌ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْهِ إمَارَةُ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ يُقَالُ: عَيْنُ الذَّهَبِ وَعَيْنُ الْإِنْسَانِ وَالْمُتَوَاطِئِ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ لَكِنْ لَا يَضُرُّنَا هَذَا الْمَنْعُ؛ إذْ الْمُدَّعَى لَيْسَ إلَّا الْإِجْمَالُ، وَالتَّوَاطُؤُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمُرَادُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ: اللَّفْظُ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِهَا أَوْلَى مِنْ الْبَاقِيَةِ كَانَ مُجْمَلًا ثُمَّ تَنَاوُلُ اللَّفْظُ لِتِلْكَ الْمَعَانِي إمَّا بِحَسْبِ مَعْنَى وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ إلَى هُنَا كَلَامُهُ قَالَ الْفَاضِلُ شَرَفُ بْنُ كَمَالٍ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ فِي الْوَاقِعِ جَوَابٌ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَنْعُ السَّنَدِ كَمَا زَعَمَ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَثْبَتَ كَوْنَهُ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا، وَهُوَ عَامٌّ حَقِيقَةً انْتَفَى الْإِجْمَالُ، وَهُوَ الْمُدَّعَى إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ كَمَا ذُكِرَ وَالْعَامُّ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَيُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ قَبْلَ الِاسْتِفْسَارِ بِحَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ فَلَا حُسْنَ لِقَوْلِهِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمَحْصُولِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْحَمْلُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَانِي أَوْ عَلَى الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ.
(16)
قَوْلُهُ: وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ.
أَقُولُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلشَّرِيفِ بْنِ كَمَالٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
(17)
قَوْلُهُ: فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ.
يَعْنِي لَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ وَصَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إلَّا بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِ يُرَجِّحُ أَحَدَ مُحْتَمَلَيْهِ، وَهُوَ الدُّنْيَوِيُّ إذْ الْأُخْرَوِيُّ مُرَادٌ بِالْإِجْمَاعِ فَانْتَفَى الدُّنْيَوِيُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا لِعَدَمِ جَوَازِ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ.