الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ 2 - عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، 3 - وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ: إذَا بِيعَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[كِتَابُ الْوَصَايَا]
قَوْلُهُ:
لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ.
صُرِّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى: أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بَيْعُ الْأَبِ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَاسِدٌ إجْمَاعًا، وَكَذَا شِرَاؤُهُ مَالَهُ لِنَفْسِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهُمْ يُطْلِقُونَ الْفَاسِدَ عَلَى الْبَاطِلِ انْتَهَى.
(2)
قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ.
أَقُولُ: هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَقَارَ الْيَتِيمِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ نَقَلَا عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ مِنْ بَيْعِ الْوَصِيِّ عَقَارَ الْيَتِيمِ جَوَابُ السَّلَفِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ وَقَوْلُ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَرَادَ بِالْمُتَقَدِّمِينَ هُنَا مَا عَدَا السَّلَفَ بَعِيدٌ، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا يَبِيعُ وَصِيٌّ وَلَا يَشْتَرِي إلَّا فِيمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ، وَإِطْلَاقُهُ مُشِيرٌ إلَى جَوَازِ بَيْعِ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ عَقَارَهُ بَيْعًا جَائِزًا يَعْنِي بَيْعَ الْوَفَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ سَمَرْقَنْدَ.
وَعَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِبْقَاءَ مِلْكِهِ مَعَ دَفْعِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (انْتَهَى) وَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ بَعْدَ نَحْوِ ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ عَقَارَ الصَّغِيرِ ثُمَّ رَأَى الْقَاضِي نَقْضَ الْبَيْعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ إذَا رَآهُ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ وَقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ بَعْضًا مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا بِنَحْوِ صَفْحَةٍ، وَذَكَرَ أَيْضًا فِي هَذَا الْفَصْلِ إذَا سَلَّمَ الْوَصِيُّ الْمَبِيعَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ لَا يَمْلِكُ اسْتِرْدَادَهُ.
(3)
قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا إلَّا فِي ثَلَاثٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
أَقُولُ عِبَارَةُ
بِضِعْفِ قِيمَتِهِ، وَفِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ إلَى النَّفَقَةِ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، 4 - وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ. وَزِدْت أَرْبَعًا فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى سَبْعًا؛ ثَلَاثٌ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ: 5 - فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ لَا نَفَاذَ لَهَا إلَّا مِنْهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ غَلَّاتُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى مُؤْنَتِهِ، 6 - وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُخْشَى عَلَيْهِ النُّقْصَانُ (انْتَهَى) .
وَالرَّابِعَةُ مِنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ؛ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الزَّيْلَعِيِّ: وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ يَرْغَبَ الْمُشْتَرِي فِيهِ بِضِعْفِ الثَّمَنِ أَوْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ حَاجَةٌ إلَى الثَّمَنِ.
قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَبِهِ يُفْتَى انْتَهَى كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ.
وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ صَرِيحًا لَا بِنَفْيٍ وَلَا بِإِثْبَاتٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ يَقُولُونَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَقَدْ صُرِّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ قَائِلُونَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّ الزَّيْلَعِيَّ لَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ بَيْعِ الْعَقَارِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْبَزَّازِيُّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِخُصُوصِ النَّفَقَةِ بَلْ بِحَاجَةِ الصَّغِيرِ إلَى بَيْعِ الْعَقَارِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَمْ يَنُصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ عَلَى الْخَلَلِ وَفَّقَكَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَمِثْلُ الْوَصِيِّ الْأَبُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَقَارَ الصَّغِيرِ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا شَمْسُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَانُوتِيُّ.
(4)
قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ إلَخْ.
قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ مَوْرُوثًا أَمَّا إذَا كَانَ مِلْكًا لِلصِّغَارِ بِتَمْلِيكٍ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا.
(5)
قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ.
أَيْ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِكَسْرٍ مِنْ الْكُسُورِ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ وَغَيْرِهِ، كَمَا إذَا أَوْصَى مَرِيضٌ لَهُ تِسْعُونَ دِرْهَمًا لِزَيْدٍ مِنْهَا بِثَلَاثِينَ وَعَمْرٍو بِسِتِّينَ.
(6)
قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا إلَخْ.
أَقُولُ: قُيِّدَ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَشِيَ عَلَيْهِ
وَخَافَ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ فَلَهُ بَيْعُهُ (انْتَهَى)
وَفِي الْمَجْمَعِ: وَيَضُمُّ الْقَاضِي إلَى الْعَاجِزِ مَنْ يُعِينُهُ، فَإِنْ شَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ عَجْزُهُ 7 - اسْتَبْدَلَ بِهِ 8 - وَإِنْ شَكَا مِنْهُ الْوَرَثَةُ لَا يَعْزِلُهُ حَتَّى تَظْهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ (انْتَهَى)
وَفِيهِ: وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلصَّبِيِّ جَائِزٌ (انْتَهَى) .
9 -
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ فَقِيلَ نُقْصَانُ النِّصْفِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الشِّرَاءِ بِزِيَادَةِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ: دِرْهَمَانِ فِي الْعَشَرَةِ نُقْصَانٌ وَزِيَادَةٌ.
وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ
10 -
وَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ، مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ، تَجُوزُ إنْ كَانَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْهَلَاكَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ.
قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ خَافَ هَلَاكَ الْعَقَارِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلِي الْبَيْعَ يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَضِيَّةُ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ قَرِيبٌ مِنْ كَوْنِ الْغَلَّةِ لَا تَفِي بِالْمُؤْنَةِ؛ لِأَنَّ التَّرْمِيمَ مِنْ الْمُؤْنَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُعَدَّا شَيْئًا وَاحِدًا
(7)
قَوْلُهُ: اسْتَبْدَلَ بِهِ.
أَيْ اسْتَبْدَلَ بِالْوَصِيِّ الَّذِي ظَهَرَ عَجْزُ غَيْرِهِ فَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا فِي اسْتِبْدَالِ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ.
(8)
قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَا إلَخْ.
أَقُولُ: سَيَأْتِي فِي الْوَرَقَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى فَالْوَصِيُّ هُنَا يَنْصَرِفُ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي إطْلَاقِهِ وَفِي الْأَبِ يُفْتَى.
الرِّوَايَةُ أَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ مَالِهِ مِنْ ابْنِهِ وَشِرَاءَ مَالِ ابْنِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
(9)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ إلَخْ.
أَقُولُ الْمُفْتَى بِهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ
(10)
قَوْلُهُ: وَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَالًا مُشْتَرَكًا إلَخْ.
أَمَّا قِسْمَةُ الْأَبِ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِيهَا: وَرَثَةٌ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَأَحَدُ الْكِبَارِ وَصِيٌّ
فِيهَا نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: قَضَى وَصِيُّهُ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً.
إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كُلَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ
وَصِيٌّ أَدَّى دَيْنًا فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْلَا بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ (انْتَهَى)
فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا، 11 - إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَأَرَادُوا قِسْمَةَ التَّرِكَةِ فَالْوَصِيُّ يَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ أَنْصِبَاءِ الصِّغَارِ، وَيُقَسِّمُ بَيْنَ الْكِبَارِ وَبَيْنَهُمْ ثُمَّ يَبِيعُ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يُقَسِّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّغَارِ ثُمَّ يَشْتَرِي نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَتُحَقَّقُ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الْكُلِّ، وَلَمْ يُذْكَرْ تَفْسِيرُ الْمَنْفَعَةِ الظَّاهِرَةِ هُنَا، وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ شِرَائِهِ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا
(11)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَخْ.
فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ: مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ فَادَّعَتْ الْمَهْرَ عَلَى وَرَثَتِهِ إنْ ادَّعَتْ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ صَحَّ، وَبَقِيَ النِّكَاحُ شَاهِدًا وَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِثْبَاتِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ ادَّعَتْ الْوَرَثَةُ إبْرَاءً وَاسْتِيفَاءً فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ لَهُمْ، وَعَلَيْهَا
وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ: وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مِنْ وَصِيِّ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِثَمَنٍ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ بِهِ.
13 -
وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ (انْتَهَى) .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصَى فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ يَضْمَنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ،
وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ هَالِكًا وَإِلَّا لَا، كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْيَمِينُ إذْن وَقَالَ الْفَقِيهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ نَهَى بِهَا تُمْنَعُ قَدْرَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ، وَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَ شَاهِدًا عَلَى الْمَهْرِ لَكِنَّ الْعُرْفَ شَاهِدٌ عَلَى قَبْضِ بَعْضِهِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا لَكِنْ إذَا صَرَّحَتْ بِعَدَمِ قَبْضِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُحْكَمٌ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَوْتَ وَالدُّخُولَ مُحْكَمَانِ فِي التَّقَرُّبِ وَالْبِنَاءَ بِهَا غَيْرُ مُحْكَمٍ فِي الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ فَرَجَحَ الْمُحْكَمُ بِاعْتِقَادِ الْإِنْكَارِ، وَفِيهِ نَظَرٌ تَقِفُ عَلَيْهِ.
وَذُكِرَ فِي الْمُغْنِي: تَزَوَّجَهَا عِنْدَ شَاهِدَيْنِ عَلَى مِقْدَارٍ، وَمَضَتْ عَلَيْهَا سُنُونَ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ، وَطَلَبَتْ مِنْ الشُّهُودِ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ اسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ عَدَمَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ سُقُوطِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْحَطِّ وَبِهِ أَفْتَى بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ ثُمَّ رَجَعَ، وَأَفْتَى بِجَوَابِ الْكِتَابِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْبَعْضِ مُحْتَمَلٌ، وَكَذَا الْإِبْرَاءُ فَلَا يُعَارَضُ مُحْكَمَانِ (انْتَهَى) .
فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْخِزَانَةِ لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْحَطِّ أَوْ الدَّفْعِ خُصُوصًا، أَوْ مَالُ الْيَتِيمِ يُحْتَاطُ فِيهِ وَيُمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ إلَّا بَعْدَ التَّرَافُعِ كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ
(12)
قَوْلُهُ: وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ.
يَعْنِي فِي بَابِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (13) قَوْلُهُ: وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ.
قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ لَيْسَ لِلْيَتِيمِ فِيهِ نَفْعٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ فَيَجُوزُ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمَعِ
وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، فِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَهِيَ فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ (انْتَهَى) .
فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ.
15 -
وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ، وَفِي اثْنَتَيْنِ اخْتِلَافٌ.
لَوْ قَالَ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ، أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: لَا بَيَانَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: عَلَيْهِ الْبَيَانُ، كَمَا فِي الْمَجْمَعِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ بَعْدَ الْعَزْلِ (انْتَهَى) .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ قَبُولِ قَوْلِ الْوَصِيِّ بِلَا بَيِّنَةٍ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ هِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْعَشْرِ الَّتِي يُقْبَلُ فِيهَا الْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ وَتَقَدَّمَتْ فِي الْقَضَاءِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَزْلِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَصِيِّ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَطَلَبَ مَالَهُ فَقَالَ الْوَصِيُّ: ضَاعَ مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ: أَنْفَقْتُ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْمُحِيطِ أَشْهَدَ الْوَصِيُّ عَلَى الْوَارِثِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ جَمِيعَ مَا كَانَ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ عَيْنٌ فِي يَدِ الْوَصِيِّ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ، وَأَخْذُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ.
(15)
قَوْلُهُ: وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ إلَخْ.
أَطْلَقَهُ وَقَيَّدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ.
الثَّانِيَةُ: ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالَ آخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ.
17 -
الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ.
الرَّابِعَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ.
الْخَامِسَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ الْيَتِيمِ.
السَّادِسَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَنَّهُ رَكِبَتْهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
بِمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ وَقَفَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ مَثَلًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ فَقَبَضَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ وَادَّعَى تَقْسِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَدَفْعَهُ لَهُمْ، أَمَّا إذَا ادَّعَى دَفْعَ وَظِيفَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْخَطِيبِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا كَأُجْرَةٍ، وَهُوَ لَوْ ادَّعَى دَفْعَ أُجْرَةِ أَجِيرٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلْوَقْفِ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا يُعْطِيهِ كَلَامُهُ عَلَى صُورَةِ اسْتِفْتَاءٍ رُفِعَ إلَيْهِ وَقَدْ قَرَأْته مِنْ خَطِّهِ وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ مَدْرَكِهِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْمَشَايِخِ يُخَالِفُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ صَاحِبِ كِتَابِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْجَوَابُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِيهَا شَوْبُ الْأُجْرَةِ، وَشَوْبُ الصِّلَةِ، وَشَوْبُ الصَّدَقَةِ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الضَّمَانُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ، وَقَدْ ادَّعَى إيصَالَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا، وَيَلْزَمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نَحْوِ الْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ فِي أَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَتَهُ؛ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ خِلَافُهُ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ بِتَوَالِي النَّاسِ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَمَا ثَبَتَ لِلضَّرُورَةِ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَهُوَ حِلُّ التَّنَاوُلِ، وَجَوَازُ الْأَخْذِ لَا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ.
(16)
قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَوْ ادَّعَى يَتِيمٌ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّ بَيْعَ عَقَارِهِ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُسَوِّغَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْيَتِيمِ وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ يُنْكِرُ خُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ؛ إذْ بَيْعُهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ عِنْدَنَا بَاطِلٌ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا مِنْ جَانِبِ الْأَبِ أَوْ الْقَاضِي، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ.
(17)
قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ إلَخْ.
أَقُولُ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله -
عَنْهُ.
السَّابِعَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ.
18 -
الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ مَاتُوا.
التَّاسِعَةُ: اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُضَارِبًا.
الْعَاشِرَةُ: ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ.
الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا، وَذَكَرَ ضَابِطًا 19 - وَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا
20 -
وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيَانٍ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَرُدَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجِيحٍ لِقَوْلِ أَحَدِهِمَا لَكِنْ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ قَوْلُ الْإِمَامِ ثُمَّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ قَوْلُ زُفَرَ رحمه الله وَالْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(18)
قَوْلُهُ: الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ إلَخْ.
أَقُولُ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(19)
قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ إلَخْ.
أَقُولُ: أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا صَدَّقَهُ الظَّاهِرُ، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ
(20)
قَوْلُهُ: وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ.
أَقُولُ يُزَادُ عَلَى مَا هُنَا
فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ، وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَصَايَا.
الثَّانِيَةُ: إذَا خَصَّهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ.
الثَّالِثَةُ: إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ 21 - فِي الْأُولَى.
الرَّابِعَةُ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَاجِرَ الصَّغِيرَ بِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
الْخَامِسَةُ: 22 - لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ، وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ.
السَّادِسَةُ: 23 - لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ.
السَّابِعَةُ:
ــ
[غمز عيون البصائر]
مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْوَصِيُّ إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ جَازَ وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ (انْتَهَى) .
وَقَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي قَاضِي خَانْ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
(21)
قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى.
أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ بَيْعُ مَالِ الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ وَشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ.
أَقُولُ فَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَصِيُّ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بَاعَ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ.
(22)
قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَخْ.
يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ عَدَمُ الْحِلِّ أَوْ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا.
(23)
قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الَّذِي فِي
يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ.
الثَّامِنَةُ: وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ.
وَفِي الْخِزَانَةِ: وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً (انْتَهَى) .
وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ
25 -
تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ إلَّا فِي تَبَرُّعِهِ بِالْمَنَافِعِ فَإِنَّهُ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْخُلَاصَةِ فِي الْجِنْسِ الثَّانِي.
(مَحْضَرٌ) ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِهِ مِلْكُ هَذَا الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ وَالِدِهِ اشْتَرَاهَا مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ مِثْلُ قِيمَةِ الدَّارِ وَأَبْرَأهُ عَنْ الثَّمَنِ وَمَاتَ أَبُوهُ، وَالدَّارُ مِلْكُ الصَّغِيرِ وَالْخَلَلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَذِنَ لَهُ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَيَّدْ الْوَصِيُّ بِوَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ.
يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَذِنَ لَهُ بِالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ يَعْنِي حِينَ نَصَّبَهُ وَصِيًّا.
(24)
قَوْلُهُ: يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ.
الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَهْيُ الْقَاضِي وَصِيَّ الْقَاضِي لَا وَصِيَّ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ وَصِيِّ الْقَاضِي وَوَصِيِّ الْمَيِّتِ
(25)
قَوْلُهُ: تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ.
أَقُولُ: فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَرَضِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَتُعْتَبَرُ أَحْكَامُهُ فِي هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَمُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عِتْقٍ عَلَى مَالٍ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ، وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَتَنْفُذُ مِنْ الثَّلَاثِ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا وَصَايَاهُ كُلُّهَا، وَالثَّانِي: جِنَايَاتُهُ فِي مَرَضِهِ وَالرَّابِعُ مُحَابَاتُهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُهُورِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
وَصَايَا الْفَتَاوَى الصُّغْرَى، وَظَاهِرُ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْوَصَايَا يُخَالِفُهُ.
وَصَوَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّ الْمَرِيضَ أَعَارَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ.
وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ: أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْجَمِيعِ.
وَقَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: إنَّهَا خَالَفَتْ الْقَوَاعِدَ.
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، 26 - فَإِنَّ الْإِعَارَةَ وَالْإِجَارَةَ تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلِانْفِسَاخِ.
27 -
وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ فَافْهَمْ
28 -
إذَا أُبْرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ.
وَإِلَّا صَحَّ وَضَمِنَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ؛ لَوْ كَاتَبَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَدَلِ لَمْ يَصِحَّ.
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْإِعَارَةَ وَالْإِجَارَةَ تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ، قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ يَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ بِالْوَرَثَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا لَوْ آجَرَ مَا أُجْرَتُهُ مِائَةٌ مَثَلًا بِأَرْبَعِينَ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَطَالَ مَرَضُهُ بِقَدْرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَأَكْثَرَ بِحَيْثُ اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ فِي مُدَّةِ إجَارَتِهِ بِالْقَدْرِ الَّذِي جَابَى بِهِ وَهُوَ سِتُّونَ، وَالْقِيَاسُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ زَادَ طُولِبَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ، وَإِذَا نَفَذَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَانَ إضْرَارًا بِالْوَرَثَةِ كَمَا تَرَى، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْإِعَارَةِ، كَمَا يَظْهَرُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ، وَانْفِسَاخُ الْإِعَارَةِ بِمَوْتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَحَقُّقِ الْإِضْرَارِ لِلْوَرَثَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
(27)
قَوْلُهُ: وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا اسْتِثْنَاءَ
(28)
قَوْلُهُ: إذَا أُبْرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الْوَصِيِّ، وَلَا الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ كَانَ وَجَبَ بِعَقْدِهِ وَتِلْكَ الرِّوَايَةُ تُؤَيِّدُهُ
الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ كَذَا فِي التَّلْقِيحِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي وَصِيَّةِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهَا إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ
لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْوَصِيِّ الْعَدْلِ الْكَافِي فَإِنْ عَزَلَهُ كَانَ جَائِرًا آثِمًا، كَمَا فِي الْمُحِيطِ 30 - وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ، لَكِنْ 31 - يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَأَمَّا عَزْلُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ إلَخْ.
أَقُولُ يُسْتَثْنَى الْأَمَانُ فَإِنَّ الْإِشَارَةَ فِيهِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى التَّوْسِعَةِ وَلِذَا يَثْبُتُ بِالتَّعْرِيضِ وَالدَّلَالَةِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْإِشَارَةُ مِنْ الْمُحْرِمِ إلَى قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى يَجِبَ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا أَشَارَ إلَى صَيْدٍ وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي أَحْكَامِ السُّكُوتِ إذَا حَلَفَ لَا يُظْهِرُ سِرَّ فُلَانٍ أَوْ لَا يُفْشِي أَوْ لَا يُعْلِمُ سِرَّ فُلَانٍ أَوْ حَلَفَ لَيَكْتُمَنَّ سِرَّهُ أَوْ لَيُخْفِيَنَّهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَدُلُّهُ عَلَى فُلَانٍ، فَأَخْبَرَهُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بِرِسَالَةٍ أَوْ بِكَلَامٍ أَوْ سَأَلَ فُلَانٌ أَكَانَ سِرُّ فُلَانٍ كَذَا أَوْ كَانَ فُلَانٌ بِمَكَانِ كَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ حَنِثَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ.
وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ فُلَانًا فَأَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْخِدْمَةِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ خَدَمَهُ فُلَانٌ أَوْ لَمْ يَخْدُمْهُ (انْتَهَى) وَإِنَّمَا حَنِثَ لِلْعُرْفِ؛ إذْ الْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ فِي الْعُرْفِ يَكُونُ بِذَلِكَ مُظْهِرًا سِرَّهُ وَمُفْشِيَهُ وَمُعْلِمًا بِهِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي خُرُوجِهَا عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ
(30)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ إلَخْ.
رَاجِعْ مِنَحَ الْغَفَّارِ تَجِدْ مَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ.
(31)
قَوْلُهُ: يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
إلَخْ عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ.
وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ آخَرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
وَالْعَدْلُ الْكَافِي لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمَيِّتُ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ.
32 -
الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَيَتَّهِمَهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ، فَلَوْ عَتَقَ عَبْدُهُ فِيهِ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ يَسْعَى فِيهِمَا، وَاحِدَةٌ لِلْإِعْتَاقِ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ، وَأُخْرَى، وَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ لِجِنَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا جَنَى خَطَأً، وَلَوْ شَهِدَ فِي زَمَنِ السِّعَايَةِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الصُّغْرَى.
وَالْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ كَالْمُعْتَقِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ، فَلَوْ قُتِلَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ خَطَأً كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ، وَعِنْدَهُمَا الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَهِيَ مِنْ جِنَايَاتِ الْمَجْمَعِ.
وَصُرِّحَ أَيْضًا فِي الْكَافِي قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ بِأَنَّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَقُولُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّهُ نُكُوصٌ وَهُوَ أَشْفَقُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْقَاضِي فَكَيْفَ يَعْزِلُهُ؟ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ لِفَسَادِ الْقُضَاةِ.
(32)
قَوْلُهُ: الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ.
أَقُولُ فِيهِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْخَصَّافِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ خَاصَّةً وَلَا يَخْرُجُ الْوَصِيُّ عَنْ الْوِصَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا مَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُبْرِئْ الْمَيِّتَ فَيُخْرِجْهُ الْقَاضِي لِلتُّهْمَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ يُخْرِجُهُ فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ عَلَى هَذَا.
الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَةٍ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ، وَحُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ مُدَبَّرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَقَتَلَ هَذَا الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ (انْتَهَى) .
وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْمُدَبَّرَةِ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا زَمَنَ سِعَايَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تُزَوِّجُ نَفِسَهَا.
وَعِنْدَهُمَا لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ.
الْقَاضِي لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، 33 - فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِي مَا لَا يَجُوزُ عَالِمًا مُخْتَارًا.
أَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ يَقُولُ لَهُ: إمَّا أَنْ تُبْرِئَ الْمَيِّتَ أَوْ عَزَلْتُك
34 -
وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ أَقَرَّ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ.
فَحِينَئِذٍ لَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ وَصِيَّ الْمَيِّتِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَكَذَا إذَا عَرَفَ الْقَاضِي عَجْزَهُ وَكَثْرَةَ إشْغَالِهِ
(34)
قَوْلُهُ: وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ إلَخْ.
قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ مَاتَ، وَقَدْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَجَاءَ رَجُلٌ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ يُنَصِّبُ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يُخَاصِمَ الْغَرِيمَ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُخَالِفٌ؛ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْغَيْبَةَ غَيْرُ مُنْقَطِعَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ أَنْ تَكُونَ فِي بَلْدَةٍ لَا تَصِلُ إلَيْهَا الْقَوَافِلُ، وَقَدْ أَفْتَيْت فِي وَصِيِّ مُخْتَارٍ غَابَ بِمَكَّةَ لِلْمُجَاوِرَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا، وَفِي الْيَتِيمَةِ لَوْ غَابَ الْوَصِيُّ فَبَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ تَرِكَتَهُ، وَقَضَى دَيْنَهُ، وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ الْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي انْتَهَى.
وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنْ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا، وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَالْوَصِيُّ هُوَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ دُونَ وَصِيِّ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ اتَّصَلَ بِهِ اخْتِيَارُ الْمَيِّتِ كَمَا إذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا
لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ 36 - فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ يَجُزْ، وَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ.
كَمَا فِي الْقُنْيَةِ
37 -
الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي أَوْ الْمَيِّتِ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ مِنْهَا أَيْضًا.
لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مُوسِرًا
38 -
لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ يَسُوغُ مِنْهُ الدَّعْوَى قَالَ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْأَبِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَلْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي (انْتَهَى) قَبْلُ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ.
(36)
قَوْلُهُ: فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ.
أَيْ لَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِشِرَائِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ
(37)
قَوْلُهُ: الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إلَى قَوْلِهِ: فِيهَا أَيْ الْقُنْيَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إذَا كَانَتْ الْوِصَايَةُ عَامَّةً
(38)
قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ.
أَقُولُ: وَكَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ مُتَوَلِّيهِ، وَلَوْ مَنْصُوبَهُ كَمَا فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ فِي بَابِ الْوَقْفِ وَنَصُّهُ: وَمِنْهَا وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي وَظِيفَةِ ابْنِ الْعَطَّارِ تَقَرَّرَ فِيهَا بَعْضُ الْقُضَاةِ بِمَرْسُومٍ مِنْ السُّلْطَانِ، وَبَعْضُ الطَّلَبَةِ بِتَقْرِيرٍ مِنْ النَّاظِرِ أَجَابَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْمُفْتِينَ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ النَّظَرَ الْعَامَّ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا لَا نَاظِرَ لَهُ يَخُصُّهُ؛ فَقَدْ قَالَ فِي فَتَاوَى الْوَبَرِيِّ: لَا تَدْخُلُ وِلَايَةُ السُّلْطَانِ عَلَى
كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ.
40 -
لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا سَرَفَ فِيهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا.
كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ.
الْقَاضِي إذَا أَقَامَ قَيِّمًا لِعَجْزِ الْوَصِيِّ لَا يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ، وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ انْعَزَلَ.
كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ،
41 -
إذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ 42 - أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
وِلَايَةِ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَاعِدَةِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ.
(39)
قَوْلُهُ: كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ بَيْعِ الْأَبِ وَالْأُمِّ
(40)
قَوْلُهُ: لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إلَخْ.
وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَ فِي بَابِ الْقَاضِي فِي خُصُومَةِ مَالِ الصَّغِيرِ فَذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي إجَارَةٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ رِشْوَةً وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي: لِنَفَقَةِ الْوَصِيِّ عَلَى بَابِ الْقَاضِي مَا أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْيَتِيمَةِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ عَلَى الصَّغِيرِ أَوْ لَهُ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: مَا أَعْطَى الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ لَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ يَكُونُ ضَامِنًا (انْتَهَى) .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ السَّادِسِ فِي تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ: الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ فِي الْمُخْتَارِ (انْتَهَى) .
وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ انْعَزَلَ كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فَيَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
(41)
قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَيْ الْمُخْتَارَيْنِ لِلْمَيِّتِ.
(42)
قَوْلُهُ: أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا إلَخْ.
أَيْ أَبْقَاهُ عَلَى وِصَايَتِهِ وَحْدَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ.
وَلَا تَبْطُلُ 44 - إلَّا إذَا أَوْصَى لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ فَيَضَعَانِهِ حَيْثُ شَاءَا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ.
الْوَصِيُّ إذَا أَبْرَأَ عَمَّا وَجَبَ بِعَقْدِهِ صَحَّ، وَيَضْمَنُ إلَّا إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَاتَبَهُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ وَالْأَبُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
الْغُلَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَائِكًا فَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ تَعْلِيمُهُ الْحِيَاكَةَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا
45 -
وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا، وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ.
قَالَ الْقَاضِي: جَعَلْتُكَ وَكِيلًا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا بِالْحِفْظِ لَا غَيْرُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ أَيْ الْوِصَايَةُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ.
(44)
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَوْصَى لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ إلَخْ.
أَيْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا، وَقَدْ عَدِمَ ذَلِكَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا هَكَذَا ظَهَرَ لِي، وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْبُطْلَانِ
(45)
قَوْلُهُ: وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا إلَخْ.
أَقُولُ: وَكَذَا لِلْوَصِيِّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَإِذَا أَجَّرَ الْوَصِيُّ الصَّبِيَّ فِي عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الَّتِي عَقَدَهَا فِي مَالِهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَصَايَا، وَفِي الْإِجَارَاتِ أَيْضًا بِصِيغَةِ: وَلَوْ أَجَّرَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ أَوْ وَصِيُّهُمَا الصَّغِيرَ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ.
فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَجَّرُوا عَبْدَ الصَّغِيرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْفَسْخِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْمُوصَى أَنْ يُؤَاجِرَ الصَّغِيرَ لِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي، فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ الَّذِي يُؤَجِّرُ الصَّبِيَّ وَصِيُّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ لَا وَصِيُّ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَقِيَ أَنَّهُ لَوْ نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى الْيَتِيمِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْوَقْفِ كَمَا يَتَصَرَّفُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ لِلْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَثْنُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَتَدَبَّرْ
وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا، وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ.
إذَا مَاتَ الْمُوصِي خَرَجَ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَرُدَّ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ
47 -
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي كُلِّهِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
قَضَى الْوَصِيُّ الدَّيْنَ ثُمَّ ظَهَرَ آخَرُ ضَمِنَ لَهُ حِصَّتَهُ 48 - إلَّا إذَا قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا.
أَقُولُ: وَهَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ: لَوْ بَلَغَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْوَكِيلُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ، وَبِمَوْتِ الْوَصِيِّ يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ
(47)
قَوْلُهُ: أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ إلَخْ.
فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُقَيِّدُهُ حَيْثُ قَالَ فِي أَوَّلِ نَوْعٍ: آخِرُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ إلَخْ. وَفِيمَا عَدَاهُ لَا يَنْفَرِدُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِلثَّانِي سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ فِي الْأَصَحِّ (انْتَهَى) .
وَأَمَّا إذَا وَلَّى السُّلْطَانُ الْقَضَاءَ شَخْصًا ثُمَّ وَلَّى آخَرَ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ وِلَايَةَ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ ثُمَّ جَعَلَ آخَرَ وَصِيَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُتَوَلِّي فِي أَمْرِ الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِي مِنْ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي الْكَلَامُ عَلَى النَّاظِرِ فِيهَا، وَذَكَرَ فِي آخِرِ الثَّالِثِ مَا إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا ثُمَّ نَصَّبَ غَيْرَهُ
(48)
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي.
يَعْنِي فَلَا يَضْمَنُ لَهُ حِصَّتَهُ، وَيَبِيعُ الْإِرْثَ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ أُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُشَارِكُهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ جَازَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ، وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي دَيْنَ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ، وَالْغَرِيمُ الْأَوَّلُ يُشَارِكُ الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَ (انْتَهَى) .
وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ
أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
ــ
[غمز عيون البصائر]
كِتَابِ الْوَكَالَةِ: وَلِلْوَصِيِّ قَضَاءُ الدَّيْنِ الظَّاهِرِ مِنْ مَالِهِ وَيَرْجِعُ، وَكَذَا الْوَارِثُ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ قَضَى وَكَذَا شِرَاءُ الْكَفَنِ وَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لِلصَّغِيرِ وَأَدَاءُ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ يُطَالَبُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا.
وَفِي الشَّافِي: فَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ قَضَى بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَيُشَارِكُ الْقَابِضَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلِلْغَرِيمِ الْخِيَارُ أَنْ يَتْبَعَ الْقَابِضَ أَوْ يَضْمَنَ الْوَصِيَّ
(49)
قَوْلُهُ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَخْ.
فِي الْخُلَاصَةِ: وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ طَعَامًا لِلنَّفَقَةِ أَوْ كِسْوَةً بِشَهَادَةٍ، لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ شَهَادَةُ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَصِيِّ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِنْفَاقِ، وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ فِي الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ مَا يُقَيِّدُهُ