الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَرَّعْتُ عَلَى هَذَا لَوْ
أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ
صَحَّ، وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ: لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْوَارِثِ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ وَارِثٍ آخَرَ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَرِيضِ وَارِثَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُهُ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ، 49 - كَمَا فِي حِيَلِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ 50 - وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَارِثِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
[أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ]
قَوْلُهُ:
وَفَرَّعْتُ عَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ إلَخْ.
سَيَأْتِي فِي الْفَنِّ الثَّالِثِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْإِقْرَارُ بِاسْتِحْقَاقِ فُلَانٍ الرُّبُعَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِقْرَارَ بِكَوْنِهِ هُوَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ كَمَا يُتَوَهَّمُ وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ مَعَ كَوْنِ الْمُقِرِّ هُوَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَقْفَ لَوْ كَانَ بُسْتَانًا وَقَدْ أَثْمَرَ فَأَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِأَنَّ زَيْدًا هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِهَذِهِ الثَّمَرَةِ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِطَرِيقٍ بَاعَهُ تِلْكَ الثَّمَرَةَ أَمَّا لَوْ جَعَلَهَا لَهُ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكَ الثَّمَرَةِ بِدُونِ الشَّجَرِ إذْ اتِّصَالُ الثَّمَرِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ مُخِلٌّ بِالْقَبْضِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ تَمَامِ التَّمْلِيكِ (انْتَهَى) .
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.
(49)
قَوْلُهُ: كَمَا فِي حِيَلِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ.
عِبَارَتُهُ: وَإِذَا أَرَادَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ أَنْ يَصِحَّ إبْرَاؤُهُ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُهُ عَنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ وَيَرْتَفِعُ بِهَذَا مُطَالَبَةُ الدُّنْيَا لَا مُطَالَبَةُ الْآخِرَةِ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ. (50) قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ.
قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِ الْوَارِثِ لَمْ يَصِحَّ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ يَصِحُّ قَوْلُهُ
فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
52 -
وَعَلَى هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبِنْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبُوهَا لَا حَقَّ لَهَا فِيهَا، 53 - وَقَدْ أَجَبْتُ فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا فِيهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَكَذَا إذَا أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ.
أَقُولُ: فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَةِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ نَقْلًا عَنْ حَاشِيَةِ الْهِدَايَةِ إنَّ قَوْلَهُ: وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَشَارَ إلَى أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّمَا لَا يَصِحُّ لَا لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ، بَلْ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الدِّيَاتِ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَعَبْدَيْنِ لَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُمَا فَأَقَرَّتْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ وَدِيعَةٌ لِزَوْجِهَا عِنْدَهَا ثُمَّ مَاتَتْ بِذَلِكَ؛ جَائِزٌ فَيَكُونُ الْعَبْدُ لِلزَّوْجِ بِالْإِقْرَارِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ وَنِصْفُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ (انْتَهَى) .
فَمَا نَقَلَهُ فِي الدِّيَاتِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ غَيْرُ الزَّوْجِ وَغَيْرُ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا لِلزَّوْجِ بِالْعَبْدِ
(52)
قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا إلَخْ.
أَقُولُ: كُلُّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الشَّوَاهِدِ لَا تَشْهَدُ لَهُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إقْرَارَهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي بِيَدِ الْبِنْتِ وَمِلْكُهَا فِيهَا ظَاهِرٌ بِالْيَدِ إذَا قَالَتْ هِيَ مِلْكُ أَبِي لَا حَقَّ لِي فِيهَا إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ وَنَحْوُهُ مِنْ صُوَرِ النَّفْيِ لِتَمَسُّكِ النَّافِي فِيهِ بِالْأَصْلِ فَكَيْفَ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَيَجْعَلُهُ صَرِيحًا فِيهِ. (53) قَوْلُهُ: وَقَدْ أَجَبْتُ فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي يَدِهَا فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ بِلَا شَكٍّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهَا فَمَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ (انْتَهَى) .
وَقَالَ أَخُو الْمُؤَلِّفِ مُتَعَقِّبًا لَهُ فِيمَا أَجَابَ بِهِ مَا نَصُّهُ: لَا يَخْفَى مَا فِي إقْرَارِهَا لِأَبِيهَا مِنْ التُّهْمَةِ خُصُوصًا إنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا خُصُومَةٌ كَتَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ مُطْلَقٌ.
مُسْتَنِدًا لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ؛ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَأَثْبَتَهُ وَأَبْرَأَهُ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ،
54 -
وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى حِيَلِ الْخَصَّافِ: قَالَتْ فِيهِ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي مَهْرٌ، أَوْ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله (انْتَهَى) .
وَفِيهَا قَبْلَهُ: وَإِبْرَاءُ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ فِيهِ قَالَ فِيهِ 55 - لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْقَضَاءِ.
56 -
وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ.
وَفِي الْجَامِعِ إقْرَارُ الِابْنِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى وَالِدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أُمِّهِ صَحَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ وَهَبَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ.
أَيْ لَوْ أَبْرَأَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ وَكَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ وَحِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَا يَنْفُذُ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ الْآخَرِ لَا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ. (55) قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَخْ.
ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ؛ إذْ الْإِقْرَارُ لِأَجْنَبِيٍّ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ.
(56)
قَوْلُهُ: وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ.
أَيْ إذَا كَانَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ كَانَ لَهُ فِي الْوَاقِعِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِاسْتِلْزَامِهِ إيثَارَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَحِرْمَانَ الْبَعْضِ إذْ لَوْ طَابَقَ الْوَاقِعَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَصِحُّ قَضَاءً وَدِيَانَةً كَمَا لَا يَخْفَى.
وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ (انْتَهَى) .
فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا، 58 - وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ: قَوْلُهَا فِيهِ لَا مَهْرَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا شَيْءَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ مَهْرٌ.
قِيلَ لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ يَصِحُّ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (انْتَهَى) . 59 -؛ لِأَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْمَهْرِ لِظُهُورِ أَنَّهُ عَلَيْهِ غَالِبًا.
وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِ الْمَهْرِ.
وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَعْدَهُ: ادَّعَى
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ (58) قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ.
أَقُولُ: جَمِيعُ مَا نَقَلَهُ شَاهِدٌ عَلَيْهِ إذْ بِهِ يُعْلَمُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ بِالْأَوْلَى أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمَهْرِ فَلِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهَا مُتَمَسِّكَةً بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ فَكَيْفَ يَصِحُّ فِي عَيْنٍ فِي يَدِهَا مُشَاهَدَةٍ فِيهَا وَذَلِكَ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ.
وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْأَمْوَالِ وَالدُّيُونِ فَكَذَلِكَ اسْتِمَاعُ الْبَيِّنَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ الَّذِي هُوَ مَحْضُ نَفْيٍ فَكَيْفَ بِالْإِقْرَارِ بِعَيْنِ يَدِهِ لِوَارِثِهِ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مَسْأَلَةُ الْفَتْوَى وَقَدْ بَطَلَ فِيهَا الْعِتْقُ الْمُتَشَوِّفُ إلَيْهِ الشَّارِعُ بِتَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا نَفَاهُ آهٍ كَيْفَ دَعْوَى النَّفْيِ مَعَ قَوْلِهِ تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبِيهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ إلَخْ.
كَيْفَ هَذَا مَعَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي دَعْوَى الْوَرَثَةِ قَوْلَهُمْ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا إشَارَةً إلَى قَوْلِ الْمَرِيضِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَسَمَّاهُ إقْرَارًا مَعَ كَوْنِهِ نَفْيًا وَهَذَا الْفَرْعُ نَقَلَهُ غَالِبُ عُلَمَائِنَا فِي شُرُوحِهِمْ وَفَتَاوَاهُمْ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ شَاهِدٌ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ.
وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِمِصْرَ وَأَفْتَوْا عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْهُمْ شَيْخُهُ الشَّيْخُ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْعَالِ وَقَدْ رَدَّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ كَلَامَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ وَالشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيِّ تِلْمِيذُهُ فَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ وَاتَّضَحَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. (59) قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا فِي خُصُوصِ الْمَهْرِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ يَبْطُلُ الِاسْتِدْلَال بِمَا سَبَقَ مِمَّا عُزِيَ إلَى حِيَلِ الْخَصَّافِ فَتَأَمَّلْهُ.
عَلَيْهِ مَالًا وَدُيُونًا وَدِيعَةً فَصَالَحَ مَعَ الطَّالِبِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ سِرًّا وَأَقَرَّ الطَّالِبُ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ، لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ بَرْهَنُوا أَنَّهُ كَانَ لِمُوَرِّثِنَا عَلَيْهِ أَمْوَالٌ لِكَنَّةِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَارِثَ الْمُدَّعِي وَجَرَى مَا ذَكَرْنَاهُ؛ فَبَرْهَنَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّ أَبَانَا قَصَدَ حِرْمَانَنَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ تُسْمَعُ (انْتَهَى) . 60 - لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِتَقَدُّمِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالصُّلْحِ مَعَهُ عَلَى يَسِيرٍ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى التُّهْمَةِ.
61 -
وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَقَرَّ فِيهِ بِعَبْدٍ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَارِثُ فِيهِ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ (انْتَهَى) .
لِأَنَّ كَلَامَنَا فِيمَا إذَا نَفَاهُ مِنْ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي أَوْ لَا حَقَّ لِي؛
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: وَالسَّابِقُ أَيْضًا فِيهِ تُهْمَةٌ لِوُجُودِ الدَّعْوَى.
وَالصُّلْحِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَى غَيْرِ هَذَا الْمُدَّعِي أَنَّهُ خَصَّهُ بِمَالٍ كَثِيرٍ يُمْكِنُ وَفَاؤُهَا مِنْهُ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ هَذَا دَيْنُ صِحَّةٍ.
(61)
قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ أَيْضًا إلَخْ.
وَجْهُ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ حُكْمَهَا تَوَقُّفُ الْإِقْرَارِ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ وَمُقْتَضَى مِلْكِ الْإِقْرَارِ صِحَّتُهُ بِغَيْرِ تَوَقُّفٍ فَيَكُونُ مُنَافِيًا لِقَوْلِهِمْ يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا إلَخْ.
تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمِلْكِ الْإِقْرَارِ مَعَ عَدَمِ مِلْكِ الْإِنْشَاءِ مِلْكُ إقْرَارٍ مُصَدَّرٍ بِالنَّفْيِ بِنَحْوِ لَا حَقَّ لِي.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فَمَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ؛ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ مِنْهُ أَوْ إبْرَاءٍ.
إلَّا فِي ثَلَاثٍ: لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ مَعْرُوفَةٍ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً، أَوْ بِقَبْضِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ مَدْيُونِهِ.
كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ. 63 - وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَارِيَّةَ.
وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيثَارُ الْبَعْضِ.
فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا الْكِتَابِ، 64 - وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ، مِمَّنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِمْ وَفَهْمِهِ، أَنَّ النَّفْيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ خَطَأٌ كَمَا سَمِعْتُهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ النَّفْيِ. (63) قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ.
هَذَا الْبَحْثُ مَنْقُولٌ فِي الْمُحِيطِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْ وَارِثِهِ يُصَدَّقُ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَمَانَاتِ دِيَانَةً فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ. (64) قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ مِمَّا لَا خِبْرَةَ لَهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِمْ إلَخْ.
أَقُولُ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ نَاقِلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ: لَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ لَيْسَ هَذَا لِي أَوْ لَيْسَ مِلْكِي أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ مَا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ وَلَا مُنَازِعَ ثُمَّ ادَّعَاهُ أَحَدٌ فَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَالتَّنَاقُضُ لَمْ يَمْنَعْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ هَذَا لَمْ يُثْبِتْ حَقًّا لِأَحَدٍ إذْ الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يَمْنَعُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ وَلَوْ كَانَ لِذِي الْيَدِ مُنَازِعٌ حِينَ قَوْلِهِ ذَلِكَ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ فِي رِوَايَةٍ لَا فِي رِوَايَةٍ (انْتَهَى) .
ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَا ذَكَرْنَاهُ غَيْرُ ذِي الْيَدِ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ لِي أَوْ مَا كَانَ لِي يَمْنَعُهُ مِنْ الدَّعْوَى لِعِلَّةِ التَّنَاقُضِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ الْقَوْلَ الْآخَرَ وَأَطْنَبَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَهَذَا صَرِيحٌ كَمَا نَرَى فِي أَنَّ النَّفْيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْإِقْرَارَ هَهُنَا بِأَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَإِنَّهُ عِنْدِي عَارِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا لَا حَقَّ لِي فِيهِ فَيَصِحُّ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ، 66 - فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ فِي جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ.
ذَكَرَ بَكْرٌ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ، إنْ كَانَ جُرْحُهُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ لَا يَصِحُّ إشْهَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ يَصِحُّ إشْهَادُهُ لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ جَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ الْمَيِّتِ إلَى آخِرِهِ.
ثُمَّ قَالَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَهَرَ لِي إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ فِي يَدِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ فَيَصِحُّ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ صِحَّةُ إقْرَارِهِمَا بِأَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَالشَّيْءُ بِيَدِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ عَيَّنَ الْإِقْرَارَ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ (انْتَهَى) .
وَقَالَ: بَعْضُ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي مَعَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ إذْ الْمَدْلُولُ الْمُطَابِقِيُّ بِقَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي نَفْيُ حَقٍّ لَهُ بِذَلِكَ وَمَدْلُولُ قَوْلِهِ: الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ مِلْكُ أَبِي أَوْ أُمِّي الْمُطَابِقِيُّ كَوْنُ ذَلِكَ مِلْكَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَلَا رَيْبَ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ لِلْوَارِثِ بِالْعَيْنِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُقِرِّ هَذَا لِفُلَانٍ هُوَ قَوْلُهُ مِلْكُ أَبِي لَا تَجِدُ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فِي الْمَعْنَى وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي التَّعْبِيرِ فَعَبَّرَ فِي أَحَدِهِمَا بِلَفْظِ الْمِلْكِ وَفِي الْآخَرِ بِلَفْظِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ فَلْيُمْعِنْ ذُو الْإِنْصَافِ النَّظَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِيُمِيطَ عَنْ وَجْهِ الْحَقِّ اللِّثَامَ. (66) قَوْلُهُ: فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ.
قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ رَاجَعْنَا الْمَنْقُولَ فَوَجَدْنَاهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِي يَحْتَمِلُ الْإِبْرَاءَ ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ ثُمَّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ الدَّيْنِ فَتَأَمَّلْ.