الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ
1 - فَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِقِلَّةِ الْفَوَائِتِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِالتَّذَكُّرِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ كَانَ مَانِعًا لَا مُسْقِطًا فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ. وَلَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِزَوَالِهَا؛ فَلَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ
2 -
بِالتَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ، وَفُرِكَ الثَّوْبُ مِنْ الْمَنِيِّ
3 -
وَجَفَّتْ الْأَرْضُ بِالشَّمْسِ ثُمَّ أَصَابَهَا مَاءٌ لَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ فِي الْأَصَحِّ،
4 -
وَكَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا ثُمَّ عَادَ، وَمِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ لِلْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ، وَأَمَّا عَوْدُ النَّفَقَةِ بَعْدَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ]
قَوْلُهُ: بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ فَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ إلَخْ. لِأَنَّ السَّاقِطَ تَلَاشَى فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا تَنَجَّسَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْجَارِي حَتَّى كَثُرَ وَسَالَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْقُلَّةِ فَلَا يَعُودُ نَجِسًا وَهُوَ مُخْتَارُ السَّرَخْسِيِّ وَالْبَزْدَوِيِّ، وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقِيلَ: إنَّهُ يَعُودُ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ. لَكِنْ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ نَسِيَ صَلَاةً فَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ شَهْرٍ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ ذِكْرِهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ السَّاقِطُ بِالنِّسْيَانِ بِالتَّذَكُّرِ، وَمِثْلُ مَا فِي الْمُنْيَةِ فِي الْمُجْتَبَى وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ.
(2)
قَوْلُهُ: بِالتَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ. الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ التَّتْرِيبُ وَالْإِلْقَاءُ فِي الرِّيحِ.
(3)
قَوْلُهُ: وَجَفَّتْ الْأَرْضُ. أَيْ الْأَرْضُ الَّتِي تَنَجَّسَتْ وَالتَّقْيِيدُ بِالشَّمْسِ أَغْلَبِيٌّ لَا شَرْطٌ.
(4)
قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا. يَعْنِي وَجَفَّ أَسْفَلُهَا وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ الْعَوْدُ كَمَا فِي السِّرَاجِ.
سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ لَا مِنْ بَابِ عَوْدِ السَّاقِطِ. وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ فِي الْخِيَارَاتِ مِنْ الْبُيُوعِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَعُودُ الْخِيَارُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَانِعٌ زَالَ فَعَمَلَ الْمُقْتَضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَعُودُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ لَا يَعُودُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ مَعْدُومٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ، وَإِنْ عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّاقِطِ
5 -
وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى: أَبْرَأَهُ عَامًا 6 - ثُمَّ أَقَرَّهُ بَعْدَهُ بِالْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ عَامًا فَهَلْ يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ كُلِّهِ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعِي ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي؛ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَبْرَأَنِي وَقَبِلْت الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ صَدَقْت لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ،
7 -
يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ. وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى أَبْرَأَهُ عَامًا إلَخْ. هِيَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي دَفْعِ الدَّفْعِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ.
(6)
قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَهُ بِالْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ إلَخْ. قِيلَ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ تَعَرَّضَ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ هُوَ نَفْسُ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا: الْمَالُ الَّذِي أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ هُوَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِي، وَإِلَّا فَلَا رَيْبَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِكَوْنِهِ نَفْسَ الْمُبْرَأِ مِنْهُ فِي أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ حَمْلًا لَهُ عَلَى لُزُومِهِ بِسَبَبِ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَثَلًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ حَقٍّ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُبْرَأُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ بِأَنَّ لِلْمُبْرَأِ عِنْدِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبَيَانِ أَنَّهَا الْمُبْرَأُ مِنْهَا فَتَأَمَّلْ.
(7)
قَوْلُهُ: يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ إلَخْ. يُفِيدُ أَنَّ الدَّفْعَ نَفْسُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا لَمْ
وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ: لَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي عَلَيْك فَاشْهَدْ لِي عَلَيْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ نَعَمْ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالشُّهُودُ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ. فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسَعُ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ (انْتَهَى) . وَفَرَّعْتُ عَلَى قَوْلِهِمْ: السَّاقِطُ لَا يَعُودُ، قَوْلَهُمْ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ لِفِسْقٍ أَوْ لِتُهْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ. بَيَانُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ:
8 -
فِي مَسَائِلَ ذَكَرَتْهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الْبُيُوعِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
يَصِحَّ لِأَنَّهُ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لِمُصَادَقَتِهِ عَلَى صُدُورِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى الْإِقْرَارَ بِنَفْسِ الْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: أَقِرَّ لِي بِالْمَالِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(8)
قَوْلُهُ: فِي مَسَائِلَ ذَكَرْتُهَا فِي الشَّرْحِ. أَقُولُ قَدْ نَقَلْنَاهَا عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ أَحْكَامِ النَّقْدِ