المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ قَدْرُهُ وَبَطَلَتْ - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٣

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ

- ‌ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ

- ‌ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ

- ‌ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌ الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ

- ‌[ادَّعَى الْمُدَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ]

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ

- ‌كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ.وَفِيهِ مَسَائِلُ

- ‌ قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ

- ‌ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ

- ‌ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ

- ‌[قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتَهُ لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ]

- ‌[قَالَ الْمَدْيُونُ فِي الصُّلْحِ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ]

- ‌ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ

- ‌ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ

- ‌ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ

- ‌كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ:

- ‌ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ

- ‌[أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ]

- ‌ مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ

- ‌ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ

- ‌[عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا]

- ‌[حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه]

- ‌أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ

- ‌أَحْكَامُ السَّكْرَانِ

- ‌أَحْكَامُ الْعَبِيدِ

- ‌أَحْكَامُ الْأَعْمَى

- ‌الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ

- ‌أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ

- ‌مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ

- ‌أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ

- ‌ أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

- ‌[أَحْكَامُ الْأُنْثَى]

- ‌[أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌أَحْكَامُ الْجَانِّ

- ‌أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ

- ‌أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ

- ‌(فَوَائِدُ) :

- ‌ لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا

- ‌[مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا]

- ‌[الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل]

- ‌ لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ

- ‌ كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ

- ‌[لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌أَحْكَامُ الْعُقُودِ

- ‌أَحْكَامُ الْفُسُوخِ

- ‌أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ

- ‌[أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ]

- ‌(قَاعِدَةٌ) : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ

- ‌ الْأُولَى: أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ:

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [

- ‌الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ

- ‌الثَّالِثَةُ: الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ

- ‌الرَّابِعَةُ: الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ

- ‌الْخَامِسَةُ: لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ

- ‌[السَّادِسَةُ الْقَرْض هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ]

- ‌السَّابِعَةُ: دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ

- ‌[التَّاسِعَةُ وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ]

- ‌[الثَّامِنَةُ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ]

- ‌[الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْعُقُود]

- ‌[الْعَاشِرَةُ يَمْلِكُ الصَّدَاق بِالْعَقْدِ]

- ‌[الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ]

- ‌ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي

- ‌[الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ]

الفصل: أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ قَدْرُهُ وَبَطَلَتْ

أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ قَدْرُهُ وَبَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ (انْتَهَى)

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْإِسْقَاطَاتِ، فَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَمُقْتَضَى هَذَا: أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ وَزَوَّجَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْعَقِدُ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا

قَوْلُهُ: أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ.

كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى النِّكَاحِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَبْلُغَ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تُفَارِقَهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَهِيَ مُكْرَهَةٌ فَهُوَ رِضًى مِنْ الزَّوْجِ بِتَبْلِيغِهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ طَائِعَةٌ فَهُوَ رِضًى مِنْهَا بِالْمُسَمَّى؛ إلَّا أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقَّ الِاعْتِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.

وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَأُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ بِهَا يَثْبُتُ أَحْكَامُ الدُّخُولِ فِي تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

،

ص: 206

كِتَابُ الْغَصْبِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا فِي الْوَقْفِ.

الْمَغْصُوبِ إذَا غُصِبَ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يُضَمِّنُ الثَّانِيَ، كَذَا فِي وَقْفِ الْخَانِيَّةِ.

إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ

2 -

إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي؟ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي هَكَذَا نَقَلَهُ بَعْدَ أَنْ رُمِّزَ لِلسِّرَاجِيَّةِ.

لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ: وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ، وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ الزِّيَادَاتِ فَلَعَلَّ لَيْسَ زَائِدَةٌ أَوْ نَاقِصَةٌ (انْتَهَى) .

أَقُولُ فِي فَوَائِدِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مَحْمُودٍ وَأَحَالَهُ إلَى فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَغَاصِبَ الْغَاصِبِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ (انْتَهَى) .

وَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ لَفْظَةَ لَيْسَ زَائِدَةٌ فِي عِبَارَةِ الْمُنْيَةِ وَلَيْسَتْ نَاقِصَةً مِنْ السِّرَاجِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ أَنَّهُ إذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ يَبْرَأُ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَبْرَأُ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْمَالَ الَّذِي اخْتَارَهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ هَكَذَا رَأَيْتُ بِخَطِّ صَدْرِ الْإِسْلَامِ صَاحِبِ الْمُغْنِي فِي الْفَتَاوَى وَهِيَ عِدَّةُ مُجَلَّدَاتٍ انْتَهَى

(2)

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ.

أَيْ فِي غَلَّاتِهَا وَدَفَعَ ذَهَبَهَا بِالْمُرَابَحَةِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

ص: 207

فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ

4 -

مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا، وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهَا 5 - إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ.

أَقُولُ: إنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ مَوْجُودًا حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ إذْنُهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَصَرَّفُ مِثْلَ هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ

(4)

قَوْلُهُ: مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ إلَخْ.

أَقُولُ: فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ: وَإِذَا هَدَمَ الرَّجُلُ حَائِطَ جَارِهِ فَلِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهَالِكٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْقِيَامِ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَطَرِيقُ تَقْوِيمِ النُّقْصَانِ: أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ حِيطَانِهَا، وَتُقَوَّمَ بِدُونِ هَذِهِ الْحَائِطِ فَيَضْمَنَ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ.

وَفِي الْقُنْيَةِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ هَدَمَ حَائِطًا مُتَّخَذًا مِنْ خَشَبٍ أَوْ عَتِيقًا مُتَّخَذًا مِنْ رَهْصٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ.

وَفِي دُرَرِ الْفِقْهِ يَأْخُذُ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ بِالْبِنَاءِ لَا بِالنُّقْصَانِ وَفِي طَرِيقٍ يُؤَاخَذُ بِالْقِيمَةِ وَقِيلَ بِالْبِنَاءِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ يَعُمُّ حَائِطَ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ هَدَمَ حَائِطَ الدَّارِ رَجُلٌ مِلْكًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ انْتَهَى.

وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ: لَوْ هَدَمَ حَائِطَ الْوَقْفِ تَلْزَمُهُ عَلَى الْقِيمَةِ إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ عَلَيْهِ تَسْوِيَتَهَا، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْمِثْلِيَّ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ بَلَدُ الْخُصُومَةِ غَيْرَ بَلَدِ الْغَصْبِ تَفْصِيلٌ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (5) قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ قَاضِي خَانْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَحَائِطِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ الْجَبْرِ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ فِيمَا لَوْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ بِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَهَذِهِ الْعِلَّةُ بِعَيْنِهَا جَارِيَةٌ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ

ص: 208

الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ، فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ: أَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ أَمْضَيْتُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ إلَخْ.

أَقُولُ بِهِ جَزَمَ فِي مَتْنِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا، بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّصَدُّقِ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَفَّذَ الصَّدَقَةَ فَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُهَا وَإِجَازَتُهَا فِي الِانْتِهَاءِ كَإِذْنِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْإِذْنُ حَصَلَ مِنْ الشَّارِعِ لَا مِنْ الْمَالِكِ؛ فَلِهَذَا الْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ لِلْفَقِيرِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ إجَازَةُ الْمَالِكِ عَلَى قِيَامِ الْمَالِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ مَا تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ فِيهِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ.

كَذَا فِي الْمَنِيعِ.

وَهَلْ تَلْحَقُ الْإِجَازَةُ فِي الْأَفْعَالِ؟ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ فِي غَصْبِ فَتَاوَاهُ: غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَحْفَظْ.

وَفِي مُفْتَرَقَاتِ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَوْدَعَ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَفِيهَا أَيْضًا الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْمَوْقُوفَ دُونَ الْمَنْسُوخِ، وَذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَلْحَقُهَا كَالْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ حَتَّى إنَّ الْغَاصِبَ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَبْضَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ؛ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خَرَجَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ، وَعَنْ الْإِمَامِ لَا يَخْرُجُ، وَذَكَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الذَّخِيرَةِ: الْمَدْيُونُ إذَا بَعَثَ بِالدَّيْنِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ إلَى الطَّالِبِ فَجَاءَ إلَى الطَّالِبِ وَأَخْبَرَهُ وَرَضِيَ بِهِ وَقَالَ لِلَّذِي جَاءَ بِهِ اشْتَرِ بِهَا شَيْئًا، فَذَهَبَ وَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا شَيْئًا، وَهَلَكَ الْبَاقِي؛ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ، وَقِيلَ: يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِبَعْثِهِ فِي الِانْتِهَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ فِي الِابْتِدَاءِ.

قَالَ رحمه الله: وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُشِيرُ إلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ: وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ فِي مَجْمُوعِنَا هَذَا أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِمْ الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ فِي الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَفْعَالِ غَيْرُ الْإِتْلَافِ عَمَلًا بِنُقُولِ الْمَشَايِخِ كُلِّهِمْ مَعَ إمْكَانِ الْحَمْلِ (انْتَهَى) .

يَعْنِي؛ لِأَنَّ

ص: 209

الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ، 8 - إلَّا فِي خَمْسَةٍ:.

9 -

الْأُولَى: إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا.

الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ مَوْلًى لِلْمَأْمُورِ.

الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ عِنْدَ الْغَيْرِ كَأَمْرِهِ عَبْدَ الْغَيْرِ بِالْإِبَاقِ أَوْ بِقَتْلِ نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْآمِرَ يَضْمَنُ 10 - إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ، بِخِلَافِ مَالِ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَغْرَمُهُ الْمَوْلَى 11 - يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ.

12 -

الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْأَفْعَالُ مِنْهَا مَا يَكُونُ إعْدَامًا، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ إيجَادًا فَيُحْمَلُ تَقَوُّلُ الْمَشَايِخِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي لَا يَكُونُ إعْدَامًا

(7)

قَوْلُهُ: الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ إلَخْ.

بِغَيْرِ دَفْعِ الْمَالِ أَمَّا الْآمِرُ بِدَفْعِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْكَفَالَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَكَالَةِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي الْكَفَالَةِ (8) قَوْلُهُ: إلَّا فِي خَمْسَةٍ.

أَقُولُ: صَوَابُهُ إلَّا فِي سِتَّةٍ، وَهِيَ نُسْخَةٌ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ لَمْ يَذْكُرْ السَّادِسَةَ وَلَعَلَّهَا زِيدَتْ.

(9)

قَوْلُهُ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا إلَخْ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْآمِرُ غَيْرَهُ فَتَقَدَّمَ فِي الصَّفْحَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِشَرْطٍ.

(10)

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ سَيِّدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ؛ إذْ لَوْ ضَمِنَ لَرَجَعَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ.

(11)

قَوْلُهُ: يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ.

كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ عَلَى الْآمِرِ.

(12)

قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا.

قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ: لَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَانْفُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ فَسَقَطَ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ وَلَهُ تَتِمَّةٌ تُنْظَرُ هُنَاكَ.

ص: 210

فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ الصَّبِيُّ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ.

الْخَامِسَةُ: إذَا أَمَرَهُ بِحَفْرِ بَابٍ 13 - فِي حَائِطِ الْغَيْرِ فَحَفَرَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ

14 -

وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ 15 - بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ

16 -

إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي السِّرَاجِيَّةِ: يَجُوزُ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الشِّرَاءَ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

الثَّانِيَةُ: إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا.

الثَّالِثَةُ: إذَا مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ فَبَاعُوا قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا الْبَقِيَّةَ إلَى الْوَرَثَةِ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فِي حَائِطِ الْغَيْرِ.

أَمَّا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَحْفِرَ فِي دَارِ نَفْسِهِ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَدِيعَةِ

(14)

قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَخْ.

وَلَا وِلَايَةَ كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ؛ وَقِيلَ عَلَيْهِ: فِيهِ مُؤَاخَذَةٌ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ غَيْرِ ضَمِيرٍ يَعْنِي لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ وَلَا وِلَايَةَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِيهَا بَعِيدٌ جِدًّا.

(15)

قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ، وَقِيلَ: عَلَيْهِ فِيهِ مُؤَاخَذَةٌ، وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ غَيْرِ ضَمِيرٍ يَعْنِي لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ وَلَا وِلَايَةَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِيهَا بَعِيدٌ جِدًّا

؛ (16) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ.

وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إلَّا فِي مَسَائِلَ كَمَا سَيَظْهَرُ مِمَّا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ عَدَّهَا ثَلَاثَةً بِجَعْلِ الْإِغْمَاءِ مَسْأَلَةً غَيْرَ مُسْتَقِلَّةٍ وَمَا قِيلَ إنَّ

ص: 211

وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رحمه الله ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ.

18 -

وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَسَائِلُ الاستحسانية: ذَبَحَ شَاةَ قَصَّابٍ شَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ، ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فِي أَيَّامِهَا لَمْ يَضْمَنْ.

أَطْلَقَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَ قِدْرًا عَلَى كَانُونٍ فِيهِ لَحْمٌ وَوَضَعَ الْحَطَبَ فَأَوْقَدَ غَيْرُهُ وَطَبَخَهُ، 19 - وَكَذَا لَوْ طَحَنَ بُرًّا جَعَلَهُ فِي دَوْرَقٍ وَرَبَطَ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ، 20 - وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حِمْلَهُ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ، وَكَذَا لَوْ أَعَانَهُ فِي رَفْعِ الْجَرَّةِ فَانْكَسَرَتْ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْحَصْرَ فِي مَسْأَلَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَمَّا ظَفِرَ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِهَا ذَكَرَهُ (17) قَوْلُهُ: وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ إلَخْ.

رُوِيَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما حَجُّوا فَمَاتَ وَاحِدٌ فَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُ فَبَاعُوهُ فَلَمَّا وَصَلُوا إلَى مُحَمَّدٍ سَأَلَهُمْ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تَكُونُوا فُقَهَاءَ، وَقَرَأَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] .

(18)

قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ الْمَسَائِلُ الاستحسانية.

الْمُرَادُ بِهَا مَا يَثْبُتُ فِيهَا الْإِذْنُ دَلَالَةً اسْتِحْسَانًا.

(19)

قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ طَحَنَ بُرًّا إلَخْ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَمِنْهَا جَعْلُ بُرِّهِ فِي دَوْرَقٍ وَرَبَطَ الْحِمَارَ فَسَاقَهُ رَجُلٌ حَتَّى طَحَنَهُ يَبْرَأُ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ تَتَّضِحُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ.

(20)

قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حِمْلَهُ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ.

يَعْنِي بِلَا إذْنِ رَبِّهِ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ يَبْرَأُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

ص: 212

وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فُوَّهَةَ الطَّرِيقِ فَسَقَاهَا حِينَ سَدَّهَا صَاحِبُهَا وَمِنْهَا 22 - إحْرَامُ رَفِيقِهِ لِإِغْمَائِهِ، 23 - وَسَقْيُ أَرْضِهِ بَعْدَ بَذْرِ الْمُزَارِعِ.

24 -

وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ.

25 -

وَالْكُلُّ مِنْ كِتَابِ الْمَرْضَى مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فُوَّهَةَ الطَّرِيقِ إلَخْ.

الَّذِي فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فُوَّهَةُ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ.

قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَأَفْوَاهُ الْأَزِقَّةِ وَالْأَنْهَارِ وَاحِدَتُهَا فُوَّهَةٌ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَيُقَالُ قَعَدَ عَلَى فُوَّهَةِ الطَّرِيقِ، وَالْجَمْعُ أَفْوَاهٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.

(22)

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إحْرَامُ رَفِيقِهِ إلَخْ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَمْرِهِ بِهِ دَلَالَةً لِمَا عَقَدَ مَعَ الرُّفْقَةِ مَعَ عِلَّةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمِيقَاتُ إلَّا مُحْرِمًا صَارَ كَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِهِ وَاسْتَعَانَ بِهِ.

(23)

قَوْلُهُ: وَسَقْيُ أَرْضِهِ بَعْدَ بَذْرِ الْمُزَارِعِ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَمِنْهَا مُزَارِعٌ زَرَعَ الْأَرْضَ بِبَذْرِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى سَقَاهُ رَبُّهَا بِلَا أَمْرِهِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا هَيَّأَهُ لِلسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ صَارَ مُسْتَعِينًا بِكُلِّ مَنْ قَامَ بِهِ فَأَذِنَ لَهُ دَلَالَةً.

وَكَذَا لَوْ سَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا.

(24)

قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يَتَعَاوَنُ فِيهِ النَّاسُ تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ بِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً، وَمَا يَتَعَاوَنُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ بِكُلِّ أَحَدٍ كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَ.

(25)

قَوْلُهُ: وَالْكُلُّ مِنْ كِتَابِ الْمَرْضَى إلَخْ.

أَقُولُ: الصَّوَابُ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ فِي فَصْلِ الْمَرْضَى

ص: 213

فَلَوْ رَمَى سَهْمًا مِنْ مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَهُ

27 -

وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ 28 - فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ 29 - وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَضْمَنُهُ،

وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ لَمْ تَضْمَنْ نِصْفَ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ إلَّا بِتَعَمُّدِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ تَعْلَمَ بِالنِّكَاحِ، وَأَنْ يَكُونَ الْإِرْضَاعُ مُفْسِدًا لَهُ وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

وَالْجَهْلُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ لِدَفْعِ الْفَسَادِ كَمَا فِي إرْضَاعِ الْهِدَايَةِ

30 -

الْعَقَارُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: إذَا جَحَدَهُ الْمُودِعُ، وَإِذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ، وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فَلَوْ رَمَى سَهْمًا مِنْ مِلْكِهِ إلَخْ.

تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ.

أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ تَقْيِيدِ الرَّمْيِ بِكَوْنِهِ مِنْ مِلْكِهِ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُهُ

(27)

قَوْلُهُ: وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ.

تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْمُبَاشِرُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُعْتَمِدًا.

(28)

قَوْلُهُ: فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ.

كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إنْسَانٌ بِالرَّفْعِ.

(29)

قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَضْمَنُهُ.

يَعْنِي إذَا تَعَمَّدَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ السَّابِقُ إلَّا إذَا تَعَمَّدَ

(30)

قَوْلُهُ: الْعَقَارُ لَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ.

أَقُولُ: ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَنَّ الْعَقَارَ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَقَالَ الْكَمَالُ: الْفَتْوَى فِي ضَمَانِ الْعَقَارِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ وَفِي عَقَارِ الْيَتِيمِ وَفِي عَقَارِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ هَذَا مَا رَأَيْتُ عَلَيْهِ الْمَشَايِخَ رحمهم الله عَدَمٌ وَعَدَمُ ضَمَانِ الْعَقَارِ بِالْغَصْبِ قَوْلُهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى دَارًا بِيَدِ آخَرَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ فَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ كَانَ لِي وَقَفْته عَلَى كَذَا وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ يَحْلِفُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَصْبَ الدَّارِ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا وَيُفْتَى بِقَوْلِهِ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ

ص: 214

مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَالُ الْيَتِيمِ، 32 - وَمَالُ الْوَقْفِ، وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ

33 -

مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَخْ.

يُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِصُورَةِ عَقْدٍ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ كَمَا فِي الدَّابَّةِ وَالرِّوَايَةُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ رِوَايَةٌ فَاشْتَرَكَا لِيَسْتَقِيَ عَلَيْهَا الْمَاءَ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ لِانْعِقَادِهَا عَلَى إحْرَازِ الْمُبَاحِ وَهُوَ الْمَاءُ وَالْكَسْبُ لِمَنْ اسْتَقَى؛ لِأَنَّهُ الْمُحْرِزُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ الدَّابَّةُ وَالرِّوَايَةُ.

كَذَا فِي الْكَافِي وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا وَسَكَنَ شَهْرَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الشَّهْرِ الثَّانِي كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَكَأَنَّهُ لِكَوْنِ الشَّهْرِ الثَّانِي لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ.

(32)

قَوْلُهُ: وَمَالُ الْوَقْفِ.

هَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا زَرَعَ الْوَاقِفُ وَالْمُتَوَلِّي أَرْضَ الْوَقْفِ وَقَالَ: زَرَعْتُهَا لِنَفْسِي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ لَكِنْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: إنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ كَلَامُ قَاضِي خَانْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِلَّا يَكُونُ تَقْيِيدًا لِمَا قَالُوهُ فِي ضَمَانِ الْوَقْفِ وَلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ

(33)

قَوْلُهُ: مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ.

زَائِدَةٌ لَا فَائِدَةَ فِيهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ نَظَرَ فِي كَلَامِهِ إلَخْ.

قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: الدَّارُ الْمُعَدَّةُ لِلِاسْتِغْلَالِ إنَّمَا يَجِبُ أَجْرُهَا عَلَى السَّاكِنِ إذَا سَكَنَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ دَلَالَةً، أَمَّا إذَا سَكَنَهَا بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ سَنَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

هَذَا فِي الْمِلْكِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ إذَا اسْتَغَلَّهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ، وَإِذَا كَانَ بَيْنَ بَالِغٍ وَيَتِيمٍ صَغِيرٍ فَسَكَنَهُ الْبَالِغُ سَنَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ بِغَيْرِ عَقْدٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ.

وَقِيلَ دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ (انْتَهَى) .

وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامِهِ فَشَمِلَ مَا إذَا عَلِمَ الْمُسْتَعْمِلُ بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُسْتَعْمِلِ بِذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَعْمِلُ مَشْهُورًا بِالْغَصْبِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ بِمَوْتِ رَبِّ الدَّارِ يَبْطُلُ الْإِعْدَادُ وَفِي شَرْحِ ظَهِيرِ الدِّينِ التُّمُرْتَاشِيِّ قِيلَ لِرُكْنِ الْأَئِمَّة: إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُدَّهُ لِلِاسْتِغْلَالِ قَالَ إنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَيُخْبِرُ النَّاسَ صَارَ كَذَا فِي مَوْضِعِ ثِقَةٍ وَفِي

ص: 215

إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ 35 - كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْقُنْيَةِ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ كَذَا أَوْرَدَهُ أَبُو الْيُسْرِ.

(34)

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ.

أَقُولُ مِثْلَ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ وَسَيَأْتِي التَّمْثِيلُ لِلسُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ بَعْدَ نَحْوِ سَبْعَةِ أَسْطُرٍ وَيَدْخُلُ فِي تَأْوِيلِ الْمِلْكِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُتَوَلِّي دَارَ الْوَقْفِ، وَسَكَنَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَزَلَ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّيَ وَنَصَّبَ غَيْرَهُ فَخَاصَمَ الْمُشْتَرِيَ إلَى الْقَاضِي وَاسْتَرَدَّ الدَّارَ مِنْهُ فَلَا أَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي.

وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْعُمْدَةِ وُجُوبُ الْأَجْرِ عَلَيْهِ؛ وَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.

قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ الْمَوْقُوفَةِ الضَّمَانُ نَظَرًا لِلْوَقْفِ كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا صَحَّحَهُ فِي الْعُمْدَةِ (انْتَهَى) .

وَفِي الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَى دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِلصَّغِيرِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ صِيَانَةً لِمَالِ الْوَقْفِ وَالصَّغِيرِ (انْتَهَى) .

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْيَتِيمِ زِيَادَةٌ وَفِي الْقُنْيَةِ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ سِنِينَ يَزْعُمُ الْمِلْكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى (انْتَهَى) .

وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ الْعُمْدَةِ وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ادَّعَى الْقَيِّمُ مَنْزِلًا وَقْفًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَحَدَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ بِالْوَقْفِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى، فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ وَكَانَ مُتَعَنِّتًا فِي الْإِنْكَارِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ (انْتَهَى) .

وَفِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ: بَاعَ الْمُتَوَلِّي مَنْزِلَ الْوَقْفِ فَسَكَنَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ (انْتَهَى) .

وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُحِيطِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ.

(35)

قَوْلُهُ: كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ.

يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَمَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِهَا تُجْعَلُ كَالْمَمْلُوكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ مُنِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدُّخُولِ وَالْقُعُودِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فَتَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ مَنَافِعُ مِلْكِهِ، وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهَا هَكَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَجِبُ؟ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: شَمِلَ

ص: 216

أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ، 37 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ:

ــ

[غمز عيون البصائر]

إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَاضِرًا فَسَكَنَ الْآخَرُ فِي الدَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَصِيبَ الْقَاصِرِ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ ضَمَانِ الْغَاصِبِ مَالَ الْيَتِيمِ غَيْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَكَنَ هُنَا بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ سَكَنَ فِي مِلْكِهِ بِزَعْمِهِ فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ نَصِيبَ الْقَاضِي (انْتَهَى) .

أَقُولُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقِيلَ: دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ فَيَضْمَنُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْقُنْيَةِ

(36)

قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ النِّصْفُ وَقْفًا وَالنِّصْفُ مِلْكًا وَسَكَنُهُ الْمِلْكُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْوَقْفِ، وَلَوْ سَكَنَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ لِحِصَّةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ فِي الْوَقْفِ ثَبَتَ اسْتِحْسَانًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ: هَلْ يَضْمَنُ أَجْرَ الْمِثْلِ لِلْوَقْفِ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مَضْمُونًا بِكُلِّ حَالٍ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ أَنَّهُ سَكَنَ فِي نَصِيبِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ (37) قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ نَقْلًا عَنْ مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ أَجْرِ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ (انْتَهَى) .

ثُمَّ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ سُكْنَى الْأُمِّ وُجُوبُ الْأَجْرِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ (انْتَهَى) .

وَقَدْ مَنَعَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ صِحَّةَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا سَكَنَ فِي بَيْتِ زَوْجَتِهِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ خِلَافُهُ وَالْغَرَضُ أَنَّهُ لِلْيَتِيمِ وَلَا لَهَا الْأَجْرُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا شَيْءَ فِيهِ فَهَذَا وَنَحْوُهُ كَالْوَقْفِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَيَجِبُ حِصَّةُ الْيَتِيمِ

ص: 217

سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا.

كَذَا فِي وَصَايَا الْقُنْيَةِ.

لَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لَهُ بِإِجَارَتِهَا إنَّمَا تَصِيرُ مُعَدَّةً إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ، وَبِإِعْدَادِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي الْغَاصِبِ، إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ 39 - فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ إلَخْ.

أَقُولُ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ: سَكَنَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي بَيْتِ ابْنِهَا الصَّغِيرِ قَالَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهَا بِأَنْ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ سِتٍّ فَفِي جَوَابِ الْعُرْفِ عَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ حَيْثُ لَهَا زَوْجٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ حَيْثُ لَمْ يُفَصَّلْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْأَجْرِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ مُخَرَّجَةً عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْأَجْرِ بِسُكْنَى دَارِ الْيَتِيمِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ مِنْ أَنَّهَا كَالْوَقْفِ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِسُكْنَاهَا فَيَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الزَّوْجِ لِكَوْنِ سُكْنَى الزَّوْجَةِ وَاجِبَةً عَلَيْهِ وَهُوَ غَاصِبٌ لِدَارِ الْيَتِيمِ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ دَارَ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ فَلَا اسْتِئْنَاءَ وَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِهِ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَحَسْبُ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: قَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ مَسْأَلَةً يَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهَا وَهِيَ مَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ يَتِيمٍ وَبَالِغٍ فَسَكَنَهَا الْبَالِغُ سَنَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ دَارَ الْيَتِيمِ لَيْسَتْ كَالْوَقْفِ.

(39)

قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَعْنِي لِلْغَاصِبِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ.

قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ الْغَاصِبُ بِجِهَةِ الْوَقْفِ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَكِنْ فِي الْكَمَالِ وَالْإِسْعَافِ وَالْعِمَادِيَّةِ أَنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِتَضْمِينِ غَاصِبِ الْعَقَارِ لَكِنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (انْتَهَى) وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ.

أَجَّرَ الْفُضُولِيُّ دَارًا مَوْقُوفَةً إلَخْ.

أَيْضًا مِنْهَا وَلَا

ص: 218

وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ 41 - إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ

42 -

السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهَنِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَسَكَنَهَا سَنَتَيْنِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

يَخْفَى أَنَّهُ يَتَرَاءَى بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ فَلْيُتَدَبَّرْ ثُمَّ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَجْرَ الْمِثْلِ فَقَطْ يَعْنِي إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَجَبَ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ فَقَطْ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَخْرُجُ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِإِتْمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ حَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا أَجْرُ الْمِثْلِ أَيْ لَا يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِهَذَا الْعَقْدِ لِلْعَاقِدِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ، وَبَنَى مَا بَنَى فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لِلْوَقْفِ أَيْ وُجُوبَ تَمَامِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْوَرَقَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ أَوْ الْمُرَادُ لَا يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا قُرِّرَ هُنَاكَ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: إجَارَةُ الْفُضُولِيِّ تَتَوَقَّفُ فَإِنْ أَجَازَ الْمَالِكُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَإِنْ أَجَازَهُ بَعْدَهُ فَلِلْعَاقِدِ وَإِنْ أَجَازَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَالْمَاضِي لَهُ وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَاقِي لَهُ وَالْمَاضِي لِلْعَاقِدِ (انْتَهَى) .

ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ

(40)

قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ.

أَقُولُ: هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ تَضْمِينِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِالْغَصْبِ فَيَنْبَغِي أَنَّ مَا قَبَضَهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ يُكْمِلُ الْغَاصِبُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ زَائِدًا يَرُدُّ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى تَضْمِينَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِالْغَصْبِ فِيهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يَرُدُّ إلَّا مَا قَبَضَهُ لِعَدَمِ طِيبِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ بَلْ يُفْتِي إمَّا بِالرَّدِّ أَوْ بِالتَّصْدِيقِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ فَلَا يَكُونُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ غَاصِبًا وَيَضْمَنُ أَجْرَ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ لَا بِالتَّمَكُّنِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.

(41)

قَوْلُهُ: إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ.

حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الَّذِي أَجَّرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ فَائِدَةٌ قَلَّ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا.

كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ

(42)

قَوْلُهُ: السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهَنِ.

يَعْنِي دَارَ الرَّهْنِ كَمَا فِي

ص: 219

وَدَفَعَ أُجْرَتَهُمَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ 44 - وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً، لِكَوْنِهِ دَفَعَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إلَّا إذَا دَفَعَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ الْمُؤَجِّرُ.

أَجَّرَ الْفُضُولِيُّ دَارًا مَوْقُوفَةً وَقَبَضَ الْآجِرُ خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْعُهْدَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ الْمِثْلِ وَيَرُدُّهُ إلَى الْوَقْفِ.

أَجَّرَهَا الْغَاصِبُ وَرَدَّ أُجْرَتَهَا إلَى الْمَالِكِ تَطِيبُ لَهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ إجَازَةٌ

45 -

اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْإِجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.

وَمَقْصُودُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّمْثِيلُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ لَا يُوجِبُ أَجْرًا.

قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: رَهَنَ دَارَ غَيْرِهِ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا لِلْأَجْرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ.

(43)

قَوْلُهُ: وَدَفَعَ أُجْرَتَهُمَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ.

الْمَسْأَلَةُ فِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فِي أَوَائِلِ الْإِجَارَةِ وَنَصُّهَا: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ ثُمَّ سَكَنَهَا سَنَةً أُخْرَى بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَدَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ لِهَذِهِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ هَذِهِ الْأُجْرَةَ فَقَالَ: لَا يَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَ (انْتَهَى) .

(44)

قَوْلُهُ: وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْأُصُولِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ.

أَيْ الِاسْتِرْدَادَ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ فِي بَابِ النَّفَقَةِ فِي قَوْلِهِ: لَا نَاشِزَةَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى مَنْكُوحَتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا رَجَعَ الزَّوْجُ بِمَا أَخَذَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهَذَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا أَمَّا إذَا أَنْفَقَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِدُونِ فَرْضٍ مُسَامَحَةً لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ

(45)

قَوْلُهُ: اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ.

أَقُولُ: هَذَا فِي اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي النِّيّ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْكَنْزِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاخْتَارَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ (انْتَهَى) .

وَإِنَّمَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ قَالَ فِي

ص: 220

قَالَ لِلْغَاصِبِ ضَحِّ بِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ ضَمِنَهَا وَإِنْ بَعْدَهُ لَا.

الْأَجْرُ قِيَمِيٌّ وَكَذَا فِي الْفَحْمِ.

47 -

أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ، فَنَظَرَ إلَيْهَا فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

مُعِينِ الْمُفْتِي وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ يُشْرِفُ عَلَى الْهَلَاكِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَسَفِينَةٍ أَخَذَتْ فِي الْغَرَقِ وَأَلْقَى الْمَلَّاحُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي الْمَاءِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا

(46)

قَوْلُهُ: قَالَ لِلْغَاصِبِ ضَحِّ بِهَا إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَلْ الضَّمَانُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ ضَحِّ بِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ خُرُوجَ يَدِهِ عَنْ الضَّمَانِ إلَى الْأَمَانَةِ أَوْ عَلَى تَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّضْحِيَةِ فِي أَيَّامِهَا بَعْدَ انْقِلَابِ يَدِهِ إلَى الْأَمَانَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ.

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَعْدَهُ لَا كَانَ مُرَادُهُ هَلَاكَهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِيمَا يَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ مِنْ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَبِلَ التَّضْحِيَةَ لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ (انْتَهَى) .

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ يَدَهُ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ لَمْ تَنْقَلِبْ يَدَ أَمَانَةٍ حَتَّى يَكُونَ ضَمَانُهُ بِالتَّقْصِيرِ

(47)

قَوْلُهُ: أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ إلَخْ.

فِي الْقُنْيَةِ: أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ هَلْ صَارَ خَلًّا فَنَظَرَ فَسَالَ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ وَقَدْ صَارَ خَلًّا يَضْمَنُ نُقْصَانَ مَا بَيْنَ طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ.

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْعِيَاضِ سَالَ دَمٌ مِنْ مُشْتَرِي الْخَلِّ فِي خَابِيَتِهِ إنْ نَظَرَ فِيهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةً (انْتَهَى) .

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: نَظَرَ إلَى دُهْنِ غَيْرِهِ، وَهُوَ مَائِعٌ حِينَ أَرَادَ الشِّرَاءَ فَوَقَعَ مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ وَتَنَجَّسَ إنْ كَانَ بِأُذُنِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ ثُمَّ إنْ كَانَ الدُّهْنُ غَيْرَ مَأْكُولٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا ضَمِنَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ (انْتَهَى) .

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ فِي مَسْأَلَتِنَا يَضْمَنُ مِثْلَ ذَلِكَ الْخَلِّ.

بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: مَا وَجْهُ ضَمَانِ النُّقْصَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَالدُّهْنُ وَالْخَلُّ إذَا تَنَجَّسَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُمَا فَالْجَوَابُ أَنَّ عَدَمَ حِلِّ الْأَكْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ حِلِّ الِانْتِفَاعِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ النَّجَاسَةِ حُرْمَةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّيْتَ إذَا خَالَطَهُ وَدَكُ الْمَيْتَةِ، وَالزَّيْتُ غَالِبٌ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ حَلَالٌ فَكَذَلِكَ هَهُنَا كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ

ص: 221

الْخَشَبُ إذَا كَسَّرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ، وَلَوْ كَسَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الرُّجُوعُ.

عَثَرَ فِي زِقِّ إنْسَانٍ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ إلَّا إذَا وَضَعَهُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ.

الْآمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ 49 - إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا؛ أَوْ مَوْلًى لِمَأْمُورٍ، 50 - أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ فَأَتْلَفَهُ، كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

وَزِدْتُ رَابِعَةً مَا إذَا أَمَرَ الْأَبُ ابْنَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

لَا يَجُوزُ دُخُولُ بَيْتِ إنْسَانٍ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا فِي الْغَزْوِ، كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي،

51 -

وَفِيمَا إذَا سَقَطَ ثَوْبُهُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الْخَشَبُ إذَا كَسَّرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ.

يَعْنِي وَإِنْ زَادَ قِيمَتُهُ بِالْكَسْرِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

(49)

قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاثٍ مَا إذَا كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا.

أَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْغَصْبِ اسْتِثْنَاءُ خَمْسَةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اسْتِثْنَاءُ سِتَّةٍ، هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا مِنْهَا وَالرَّابِعَةُ الَّتِي زَادَهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ هُنَا هِيَ السَّادِسَةُ لِمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا تَكْرَارٌ مَحْضٌ.

(50)

قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا أَيْ لِغَيْرِ الْآمِرِ إذْ لَوْ كَانَ لِلْآمِرِ لَرَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ يُعْقَلُ

(51)

قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا سَقَطَ ثَوْبُهُ إلَخْ.

أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَوْ أَخَذَ رَجُلٌ مِنْ حَانُوتِ رَجُلٍ ثَوْبًا وَهَرَبَ وَتَبِعَهُ حَتَّى دَخَلَ دَارِهِ لَا بَأْسَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارِهِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ.

كَذَا فِي التَّجْنِيسِ.

ص: 222

وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ أَخَذَهُ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ.

حَفَرَ قَبْرًا فَدَفَنَ فِيهِ آخَرُ مَيِّتًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْحَافِرِ فَلِلْمَالِكِ النَّبْشُ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجُهُ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ وَالزَّرْعُ فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ ضَمِنَ الْحَافِرُ قِيمَةَ حَفْرِهِ مِمَّنْ دُفِنَ فِيهِ، 53 - وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ سَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَا يَدْرِي بِأَيِّ أَرْضٍ يَمُوتُ، هَكَذَا ذَكَرَ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَفْرِ 54 - وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ، فَهِيَ صُورَتَانِ؛ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْمَالِكِ الْخِيَارُ، وَفِي مُبَاحِهِ فَلَهُ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْحَفْرِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ إلَخْ.

قَالَ فِي التَّجْنِيسِ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ الصُّلَحَاءُ (انْتَهَى) .

وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

، (53) قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ لَا يُكْرَهُ.

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الضَّمَانِ لَا فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا.

(54)

قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ سُكُوتُهُ عَنْ الضَّمَانِ.

أَيْ سُكُوتُ صَاحِبِ الْوَاقِعَاتِ عَنْ الضَّمَانِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُبَاحِ فَيُجْعَلُ حُكْمُهُ حُكْمَهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا وُقِفَتْ لِدَفْنِ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا أَمَّا إذَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى مَسْجِدٍ لِتُزْرَعَ وَتُؤْخَذَ غَلَّتُهَا لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ فَتَأَمَّلْ

ص: 223