الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ
1 - لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
[أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ]
قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ أَيْ النَّقْدُ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ النَّقْدَ خَلَفَ ثَمَنًا فَالْأَصْلُ إذَا قَامَ فِيهِ وُجُوبُهُ فِي الذِّمَّةِ لِتَوَسُّلِهِ إلَى الْعَيْنِ الْمَقْصُورَةِ وَاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَعْيِينِهِ فِي الْهِبَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَكَذَا فِي الصَّدَقَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْغَصْبِ إذَا قَامَ عَيْنُهُ، وَلَوْ هَلَكَ النَّقْدُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ انْعَزَلَ، وَلَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مِثْلَهُ، وَعَيَّنَ مَالِكٌ رحمه الله النَّقْدَيْنِ بِالتَّعْيِينِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَفَسْخِهِ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَافَقَاهُ كَزُفَرَ لِأَنَّهُ صَدَرَ عَنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ فَيُعْتَبَرُ كَمَا فِي غَيْرِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَقُيِّدَ بِالنَّقْدِ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ مَصُوغٌ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، وَأَثَرُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الدَّرَاهِمَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَلِّمَ غَيْرَهَا؛ وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِثْلَهَا وَلَا يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ بِالْهَلَاكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بَلْ يُطَالَبُ بِتَسْلِيمِ مِثْلِهَا. كَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ لِلْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَعْنِي يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ اتِّفَاقًا وَهَذَا مَحِلُّهُ إذَا كَانَ الْمِثْلِيُّ حَاضِرًا مُشَارًا إلَيْهِ يُفْهَمُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ قَوْلِهِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إذْ التَّعْيِينُ لَا يَكُونُ فِي الْغَائِبِ، وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْفُلُوسَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ
(انْتَهَى) . وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: الدَّرَاهِمُ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ وُجُوبَ زَكَاةِ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ عَلَى الْآجِرِ فِي السِّنِينَ الَّتِي كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْقَبْضِ، وَبِالْفَسْخِ لَا يُنْتَقَضُ مِلْكُهُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ وَمَا شَاكَلَهَا. وَعَنْ السَّرَخْسِيِّ تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَعُدُّ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْآجِرِ كَذَا فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ، وَزَكَاةُ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ هَذَا إيجَابَ الزَّكَاةِ عَلَى شَخْصَيْنِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ
وَفِي تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا بِأَنَّ مَا فَسَدَ مِنْ أَصْلِهِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ لَا فِيمَا انْتَقَضَ بَعْدَ صِحَّةٍ، وَالصَّحِيحُ تَعْيِينُهُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ فَسَادِهِ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَفِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ نِصْفِ مَا قَبَضَ عَلَى شَرِيكِهِ وَفِيمَا إذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ؛ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا، وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي النَّذْرِ وَالْوَكَالَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْعَامَّةُ كَذَلِكَ،
وَيَتَعَيَّنُ فِي الْأَمَانَاتِ. 3 - وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ 4 - وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ، وَتَمَامُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَفِي تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ. يَعْنِي إذَا بَاعَ شَيْئًا بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَ ثَمَنَهُ ثُمَّ تَفَاسَخَا الْبَيْعَ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ مِنْ الثَّمَنِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا؟ قِيلَ: يَتَعَيَّنُ وَقِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالثَّانِي رِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ الْمُخْتَارَ عَدَمُ التَّعْيِينِ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِهِ يَكُونُ الْمُشْتَرَى لَهُ لَا لِلْمُوَكِّلِ لِبُطْلَانِ الْوَكَالَةِ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِالدَّرَاهِمِ الْمَدْفُوعَةِ إلَى الْوَكِيلِ بِعَيْنِهَا وَقَدْ هَلَكَتْ
(3)
قَوْلُهُ: وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. يَحْتَمِلُ صُورَتَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَهَبَهُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَلَهُ دَفْعُ غَيْرِهَا، الثَّانِيَةُ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الدَّرَاهِمَ الْمَوْهُوبَةَ وَأَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ دَفْعُ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ، وَالثَّانِيَةُ لَا تَتَأَتَّى فِي الصَّدَقَةِ.
(4)
قَوْلُهُ: وَالشَّرِكَةِ. أَيْ الشَّرِكَةِ بِالْمَالِ، فَلَوْ هَلَكَ الْمَالَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ جِنْسَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَتَعَيَّنَانِ فِي الشَّرِكَةِ، فَقَدْ هَلَكَ مَا تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِعَيْنِهِ قَبْلَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ شَيْئًا ثُمَّ هَلَكَتْ
وَكَتَبْنَا فِي بُيُوعِ الشَّرْحِ جَرَيَانَ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الدَّنَانِيرِ فِي ثَمَانِيَةٍ. وَفِي وَكَالَةِ النِّهَايَةِ:
6 -
اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ لَا غَيْرُ فَإِنَّهُمَا يَتَعَيَّنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا بِالْإِنْفَاقِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الدَّرَاهِمُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، ثُمَّ إنَّمَا لَمْ يَتَعَيَّنَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَيَتَعَيَّنَانِ فِي الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُمَا جُعِلَا ثَمَنَيْنِ فَلَوْ تَعَيَّنَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَانْقَلَبَا مُثَمَّنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُثَمَّنَ اسْمٌ لِعَيْنٍ يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فَلَوْ تَعَيَّنَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَكَانَا عَيْنًا يُقَابِلُهُ الْعِوَضُ فَكَانَ مُثَمَّنًا فَلَا يَكُونُ ثَمَنًا وَفِيهِ تَغْيِيرُ حُكْمِ الشَّرْعِ فَلَمْ يَتَعَيَّنَا، وَلَيْسَ فِي تَعَيُّنِهِمَا فِي بَابِ الشَّرِكَةِ تَغْيِيرُ حُكْمِ الشَّرْعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَابِلُهَا عِنْدَ انْعِقَادِ الشَّرِكَةِ عَلَيْهِمَا عِوَضٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي فَصْلِ مَا يَبْطُلُ بِهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا
(5)
قَوْلُهُ: وَكَتَبْنَا فِي بُيُوعِ الشَّرْحِ جَرَيَانَ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الدَّنَانِيرِ إلَخْ. وَأَمَّا جَرَيَانُ الزُّيُوفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الْجِيَادِ فَقَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الشُّفْعَةِ: الزُّيُوفُ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِمَنْزِلَةِ الْجِيَادِ فِي خَمْسَةِ مَسَائِلَ: الْأُولَى فِي الشُّفْعَةِ اشْتَرَى بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الزُّيُوفَ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْجِيَادِ الثَّانِيَةُ، الْكَفِيلُ بِالْجِيَادِ إذَا نَقَدَ الزُّيُوفَ يَرْجِعُ بِالْجِيَادِ، الثَّالِثَةُ اشْتَرَى شَيْئًا بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الْبَائِعَ الزُّيُوفَ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ الْجِيَادُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ الْيَوْمَ وَكَانَ عَلَيْهِ الْجِيَادُ فَقَضَاهُ الزُّيُوفَ لَا يَحْنَثُ، الْخَامِسَةُ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ جِيَادٌ فَقَبَضَ الزُّيُوفَ وَأَنْفَقَهَا فَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الْإِنْفَاقِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْجِيَادِ فِي قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: وَتُزَادُ سَادِسَةٌ وَهِيَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ: اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اشْتَرَى مَا فِي ذِمَّتِهِ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ وَجَدَ دَرَاهِمَ الْقَرْضِ زُيُوفًا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ فَفِيهَا الزُّيُوفُ كَالْجِيَادِ.
(6)
قَوْلُهُ: اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ لَا غَيْرُ. يَعْنِي أَنَّ مِنْ حُكْمِ النُّقُودِ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَلَوْ عُيِّنَتْ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَفُسُوخِهَا فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا تُسْتَحَقُّ عَيْنُهَا، فَلِلْمُشْتَرِي إمْسَاكُهَا وَدَفْعُ مِثْلِهَا جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تَخْلُو عَنْ خِرَازَةٍ وَرَكَاكَةٍ