الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ
1 -
هُوَ جَنِينٌ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ،
2 -
فَإِذَا انْفَصَلَ ذَكَرًا، فَصَبِيٌّ
3 -
وَيُسَمَّى رَجُلًا كَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ إلَى الْبُلُوغِ، فَغُلَامٌ إلَى تِسْعَ عَشَرَةَ، فَشَابٌّ إلَى أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ،
4 -
فَكَهْلٌ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ،
5 -
فَشَيْخٌ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ. هَكَذَا فِي اللُّغَةِ.
وَفِي الشَّرْعِ يُسَمَّى غُلَامًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
[أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ]
قَوْلُهُ: أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ. هُوَ جَنِينٌ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. أَيْ الْإِنْسَانُ الْمَفْهُومُ مِنْ الصَّبِيِّ الَّذِي هُوَ وَاحِدُ الصِّبْيَانِ عَلَى طَرِيقِ التَّجْرِيدِ
(2)
قَوْلُهُ: فَإِذَا انْفَصَلَ ذَكَرًا.
أَقُولُ فِيهِ إنَّ الصَّبِيَّ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَمَا فِي شَرْحِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ.
(3)
قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى رَجُلًا كَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ. يَعْنِي مَجَازًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27] مِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ
(4)
قَوْلُهُ: فَكَهْلٌ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ وَالْأُنْثَى كَهْلَةٌ وَلَا يُقَالُ: كَهْلَةٌ إلَّا مُزْدَوِجًا بِشَهْلَةٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
(5)
قَوْلُهُ: فَشَيْخٌ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ. وَالْأُنْثَى شَيْخَةٌ وَعَجُوزٌ وَلَا تَقُلْ عَجُوزَةٌ وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيَّةٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَمَا حُدَّ بِهِ الشَّيْخُ حُدَّ بِهِ الْعَجُوزُ، فَالْعَجُوزُ مَنْ اسْتَبَانَ فِيهَا السِّنُّ أَوْ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ إحْدَى وَخَمْسِينَ إلَى آخِرِ عُمْرِهَا.
6 -
إلَى الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ شَابًّا، وَفَتًى إلَى ثَلَاثِينَ، فَكَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَشَيْخٌ. وَتَمَامُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ،
7 -
فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ حَتَّى الزَّكَاةِ عِنْدَنَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَمْدُهُ خَطَأٌ. وَأَمَّا الْأَيْمَانُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَفِي التَّحْرِيرِ: وَاسْتَثْنَى فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْأَيْمَانَ فَأَثْبَتَ أَصْلَ وُجُوبِهِ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ بِسَبَبِيَّةِ حُدُوثِ الْعَالِمِ لَا الْأَدَاءِ، فَإِذَا أَسْلَمَ عَاقِلًا وَقَعَ فَرْضًا فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهُ بَالِغًا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَعْدَ السَّبَبِ. وَنَفَاهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِعَدَمِ حُكْمِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(6) قَوْلُهُ: إلَى الْبُلُوغِ. غَايَةٌ لِقَوْلِهِ فَصَبِيٌّ، لَا لِقَوْلِهِ وَيُسَمَّى رَجُلًا فَإِنَّهُ فَاسِدٌ.
(7)
قَوْلُهُ: فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ. أَقُولُ كَانَ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَصْلُحُ لِلتَّفْرِيعِ كَكَوْنِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الشِّبْلِيُّ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ أُحُدٍ فَلْيُحْفَظْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا يَجُوزُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَهُ فِي صِغَرِهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَزَوُّجٍ وَتَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَكِتَابَةِ قِنِّهِ وَنَحْوِهَا، فَإِذَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ مَادَامَ صَبِيًّا وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَ بِنَفْسِهِ جَازَ وَلَمْ يَجُزْ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ بِلَا إجَازَةٍ، وَلَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ امْرَأَتَهُ أَوْ خَلَعَهَا أَوْ حَرَّرَ قِنَّهُ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ وَهَبَ مَالَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ زَوَّجَ قِنَّهُ امْرَأَةً أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُحَابَاةً فَاحِشَةً أَوْ شَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَاحِشًا أَوْ عَقَدَ عَقْدًا مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِبَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَجَازَهَا الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَمْ يُتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَفْظُ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِمَّا يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ كَقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ
8 -
وَلَوْ أَدَّاهُ وَقَعَ فَرْضًا لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَانَ لِعَدَمِ حُكْمِهِ فَإِذَا وُجِدَ وَجَبَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ (انْتَهَى)
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي مَالِهِ وَالْأُضْحِيَّةِ.
9 -
وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ فَيُؤَدِّيهَا الْوَلِيُّ وَيَذْبَحُهَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا فَيُطْعِمُهُ مِنْهُ وَيَبْتَاعُ لَهُ بِالْبَاقِي مَا تَبْقَى عَيْنُهُ. وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي أَرْضِهِ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَعِيَالِهِ وَقَرَابَتِهِ كَالْبَالِغِ، وَعَلَى بُطْلَانِ عِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا يُفْسِدُهَا مِنْ نَحْوِ كَلَامٍ فِي الصَّلَاةِ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ فِي الصَّوْمِ، وَجِمَاعٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ مَحْظُورٍ إحْرَامُهُ،
10 -
وَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ فِي صَلَاتِهِ، وَإِنْ أَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ. وَتَصِحُّ عِبَادَاتُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِهَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَهُ وَلِلْمُعَلِّمِ ثَوَابُ التَّعْلِيمِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
(8) قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدَّاهُ وَقَعَ فَرْضًا إلَخْ. لِأَنَّهُ لَا يَتَنَوَّعُ وَإِنْ كَانَ التَّكْلِيفُ بِالْإِيمَانِ وَإِلْزَامُ الْأَدَاءِ سَاقِطٌ عَنْهُ فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَكُونُ الْأَدَاءُ فَرْضًا مَعَ عَدَمِ لُزُومِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ أَصْلًا؟ قُلْتُ: الْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَدَّوْهَا تَقَعُ فَرْضًا لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْحَجِّ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَوْ أَدَّاهُ حَالَ رِقِّهِ لَا يَقَعُ فَرْضًا
(9)
قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ. أَقُولُ: اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَعَدَمِهَا وَحَكَى التَّصْحِيحَيْنِ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ والأسروشني فِي جَامِعِ الصِّغَارِ
قَوْلُهُ: وَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ. أَقُولُ: ذَكَرَ الْحَدَّادِيُّ فِي السِّرَاجِ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ نَقْضِ وُضُوئِهِ بِالْقَهْقَهَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ أَقْوَالًا وَنَصُّهُ ذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ الصَّبِيُّ: إذَا قَهْقَهَ فِي صَلَاتِهِ ذَكَرَ فِي
11 -
وَكَذَا جَمِيعُ حَسَنَاتِهِ
وَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا فِي التَّرَاوِيحِ
12 -
وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا. وَتَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَلَى سَامِعِهَا مِنْ صَبِيٍّ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ عَقْلِهِ، وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِصَلَاتِهِ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَصِحُّ بِثَلَاثَةٍ هُوَ مِنْهُمْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الْوُضُوءَ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ لَا يُوصَفُ بِالْجِنَايَةِ فَيُعْمَلُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ. وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ: الصَّبِيُّ إذَا قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ قِيلَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِذَا نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ قَهْقَهَ قَالَ شَدَّادٌ قَالَ الْإِمَامُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا يَفْسُدُ الْوُضُوءُ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ فِي الْيَقْظَانِ وَهُوَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمُسْتَيْقِظِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ الْكَيْفَتِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ يَفْسُدُ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ لِوُجُودِ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَمْنُوعَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَخِيرَانِ ضَعِيفَانِ فَكَانَا كَالْعَدَمِ
(11)
قَوْلُهُ: وَكَذَا جَمِيعُ حَسَنَاتِهِ. قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ حَسَنَاتُ الصَّغِيرِ قَبْلَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ لَهُ لَا لِأَبَوَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْتَفِعُ الْمَرْءُ بِعِلْمِ وَلَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرْءُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يَتْرُكَ وَلَدًا عَلَّمَهُ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ فَيَكُونُ لِوَالِدِهِ أَجْرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْوَلَدِ شَيْءٌ (انْتَهَى) . وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ لِلْمَلَامِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ»
(12)
قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا. أَقُولُ حَكَاهُ فِي التَّجْنِيسِ عَنْ مَشَايِخِنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَقَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ نَقْلَ الْبَالِغِ مَضْمُونٌ وَنَقْلَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَيَكُونُ بِنَاءَ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَازَ إيمَانُهُ وَلَمْ تَجُزْ إمَامَتُهُ قُلْتُ: لِأَنَّ إيمَانَهُ إخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَالصِّدْقُ فِي خَبَرِهِ مَقْبُولٌ كَخَبَرِ أَنَّ هَذَا نَهَارٌ وَهَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةُ، وَصَلَاتُهُ إيجَابٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِيجَابِ
وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ، فَلَا يَلِي الْإِنْكَاحَ وَلَا الْقَضَاءَ وَلَا الشَّهَادَةَ
14 -
مُطْلَقًا،
15 -
لَكِنْ لَوْ خَطَبَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَصَلَّى بَالِغٌ جَازَ.
16 -
وَتَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ ظَاهِرًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: مَاتَ السُّلْطَانُ وَاتَّفَقَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى سَلْطَنَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ، يَنْبَغِي أَنْ يُفَوِّضَ أُمُورَ التَّقْلِيدِ عَلَى وَالٍ وَيُعِدَّ هَذَا الْوَلِيُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ لِشَرَفِهِ، وَالسُّلْطَانُ فِي الرَّسْمِ هُوَ الِابْنُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَالِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ بِالْقَضَاءِ وَالْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ (انْتَهَى)
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ فَلَا يَلِي الْإِنْكَاحَ إلَخْ. لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى غَيْرِهِ.
(14)
قَوْلُهُ: مُطْلَقًا. أَقُولُ: لَا مُقَابِلَ لِهَذَا الْإِطْلَاقِ سَابِقًا وَلَا لَاحِقًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ بِهِ وَجْهُ الْإِطْلَاقِ.
(15)
قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ خَطَبَ إلَخْ. أَقُولُ: لَا مَوْقِعَ لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ الْخَطَابَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْوِلَايَةِ عَلَى الْغَيْرِ فِي شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ.
(16)
قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ. أَقُولُ: ذُكِرَ فِي مَبَاحِثِ الْإِمَامَةِ مِنْ الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ الْبُلُوغُ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ: وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ وِلَايَةُ الصَّبِيِّ قَاضِيًا لَا تَصِحُّ سُلْطَانًا فَمَا فِي زَمَانِنَا مِنْ تَوْلِيَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لِلسُّلْطَانِ إذَا مَاتَ صَرَّحَ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ بِعَدَمِ وِلَايَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاتِّفَاقُ عَلَى وَالٍ عَظِيمٍ يَكُونُ سُلْطَانًا وَيَكُونُ تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُعِدُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ تَعْظِيمًا وَهُوَ السُّلْطَانُ فِي الْحَقِيقَةِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تَجْدِيدٍ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا إذَا عَزَلَ ذَلِكَ الْوَالِي الْعَظِيمُ نَفْسَهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِعَزْلِ نَفْسِهِ وَهَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ هُنَا وَقَدْ صَرَّحَ الْبَزَّازِيُّ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ السُّلْطَانَ أَوْ الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهُوَ مُخْتَلِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا، وَفِي الْإِسْعَافِ وَالْمُلْتَقَطِ: وَلَا تَصِحُّ خُصُومَةُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي الْخُصُومَةِ. وَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ إلَّا الْقَهْقَهَةَ، وَيَصِحُّ أَذَانُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي أَذَانِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ أَفْضَلَ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةِ الْأَذَانِ
18 -
وَأَمَّا قِيَامُهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْكَانُهَا وَشَرَائِطُهَا لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
إذْ لَوْ صَحَّتْ سَلْطَنَتُهُ لَمَا احْتَاجَ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إذْ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ سَلْطَنَتِهِ ظَاهِرًا مُرَاعَاةً لِاتِّفَاقِ الرَّعِيَّةِ عَلَى سَلْطَنَتِهِ لَا يُنَافِي الِاحْتِيَاجَ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(17)
قَوْلُهُ: وَيَصْلُحُ وَصِيًّا. أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَحْثِ مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَصِيُّ وَالْوَكِيلُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَلَا نَشْتَرِطُ فِي الْوَكِيلِ إلَّا الْعَقْلُ عَلَى أَنَّ ابْنَ الشِّحْنَةِ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ أَوْ مَجْنُونٍ لَمْ يَجُزْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُفِقْ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فَمَنْ شَاءَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ
(18)
قَوْلُهُ: وَأَمَّا قِيَامُهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ. يَعْنِي فَيَكُونُ فَرْضًا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَرْكَانُهَا وَشَرَائِطُهَا لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ لِأَنَّ الْقِيَامَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْكَانِ (انْتَهَى) . بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ هَلْ لَا بُدَّ فِي صَلَاتِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ. وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَإِنْ صَلَّتْ الْمُرَاهِقَةُ بِلَا وُضُوءٍ تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ بِطَهَارَةٍ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِيَادِ، وَكَذَا إذَا صَلَّتْ عُرْيَانَةً وَأَفْهَمَ التَّقْيِيدُ بِالْمُرَاهِقَةِ أَنَّ
وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ؟ فَقَالُوا:
20 -
وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ
21 -
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
غَيْرَهَا لَا تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهَا لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ وَالسِّتْرِ بَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ هَلْ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ لَا أَحْفَظُ رِوَايَةً فِي مَاءِ وُضُوءِ الصَّبِيِّ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي صَلَاتِهِ فَمَنْ جَعَلَهَا صَلَاةً حَقِيقَةً جَعَلَهُ مُسْتَعْمَلًا وَمَنْ جَعَلَهَا تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا لَا يَجْعَلُهُ مُسْتَعْمَلًا (انْتَهَى) . وَفِي الْبَحْرِ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا
(19)
قَوْلُهُ: وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ فَقَالُوا. أَقُولُ: بَيَّضَ الْمُصَنِّفُ لِلْجَوَابِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ حَالَ التَّصْنِيفِ. وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ الصَّبِيُّ إذَا أَمَّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهَا مِنْ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الْفَرْضِ وَلَكِنْ يُشْكِلُ بِرَدِّ السَّلَامِ إذَا سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ فَرَدَّ صَبِيٌّ جَوَابَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إنْ كَانَ يَعْقِلُ الرَّدَّ (انْتَهَى) . أَقُولُ هَذَا الْبَعْضُ يَلْزَمُهُ الْفَرْقُ أَوْ الْقَوْلُ بِالِاتِّحَادِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ إمَامَتِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِمَامَةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ فَإِنَّ الْبُلُوغَ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ
(20)
قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. أَقُولُ: ظَاهِرُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: لَا خِلَافَ فِي قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ رَوَاهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَتْ هَذِهِ حَالَتَهُمْ، أَمَّا مَا رَوَاهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَغَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّ طَرِيقَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ الصَّبِيِّ، فَبَقِيَ ذَلِكَ عَلَى الْأَصْلِ الرَّافِعِ لِلْعَمَلِ بِالظَّنِّ وَلِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَثِقُ بِصِدْقِهِ غَالِبًا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا يُمَيِّزُ مَا يُؤَدِّيهِ قُبِلَتْ رِوَايَتُهُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ لَكِنَّا نَقُولُ: لَمْ يَثْبُتْ وَالظَّاهِرُ مِنْ عَادَاتِهِمْ خِلَافُهُ
(21)
قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ. أَقُولُ فِي اسْتِحْسَانِ الذَّخِيرَةِ صَغِيرٌ أَوْ صَغِيرَةٌ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَتَى بِجَارِيَةٍ يَبِيعُهَا لَمْ يَسَعْ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ فَإِنْ سَأَلَهُ عَنْ
وَيُمْنَعُ مِنْ الْمُصْحَفِ، وَتُمْنَعُ الصَّبِيَّةُ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَا نَقُولُ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ
23 -
وَيَصِحُّ أَمَانَةً وَلَا يُدَاوَى إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
حَالِهِ فَقَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ عَدْلًا فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الصَّغِيرَ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ مَا أَتَى بِهِ الرَّجُلُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ وَلَا صَدَقَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَالْقَاضِي يَتَحَرَّى وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَى مَا يَقَعُ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي. قَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ الصَّغِيرُ فِيمَا يُخْبِرُ بَعْدَ مَا تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهُ صَادِقٌ إذَا قَالَ: هَذَا الْمَالُ مَالُ أَبِي أَوْ مَالُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالُ مَوْلَاتِي وَقَدْ بَعَثَ بِهِ إلَيْكَ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً فَأَمَّا إذَا قَالَ هُوَ مَالِي وَقَدْ أَذِنَ لِي أَبِي أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْك أَوْ أَهَبَهُ لَك لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ، وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَقُولُ: الصَّبِيُّ إذَا أَتَى بَقَّالًا بِفُلُوسٍ يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئًا وَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ فَإِنْ طَلَبَ الصَّابُونَ وَنَحْوَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ طَلَبَ الزَّبِيبَ وَمَا يَأْكُلُهُ الصِّبْيَانُ عَادَةً يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبِيعَ مِنْهُ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
(22)
قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ. أَقُولُ: فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ كَرِهَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا دَفْعَ الْمُصْحَفِ وَاللَّوْحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُرْآنُ إلَى الصِّبْيَانِ، وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا لَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْوُضُوءِ وَفِي التَّأْخِيرِ تَضْيِيعُ الْقُرْآنِ (انْتَهَى)
(23)
قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ أَمَانَةً أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ مِنْ شُرُوطِ الْأَمَانِ الْبُلُوغُ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَنْ الْقِتَالِ، وَالْمَأْذُونُ فِيهِ يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ اتِّفَاقًا فَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَإِذَا أَمَّنَ الصَّبِيُّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ بِالْقِتَالِ يَصِحُّ عِنْدَنَا وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا وَهُوَ عَاقِلٌ يَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ دُونَ غَيْرِهِ
وَثَقْبُ أُذُنِ الْبِنْتِ الطِّفْلِ مَكْرُوهٌ قِيَاسًا، وَلَا بَأْسَ بِهِ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ،
25 -
وَإِذَا أُهْدِيَ لِلصَّبِيِّ شَيْءٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ الْأَكْلُ مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ،
26 -
وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إذَا كَانَ يَعْقِدُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ
27 -
وَلَوْ مَحْجُورًا، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقَ إلَيْهِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ بَلْ لِمُوَكِّلِهِ وَكَذَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ وَالِاعْتِبَارُ لِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَثَقْبُ أُذُنِ الْبِنْتِ الطِّفْلِ مَكْرُوهٌ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ أُذُنِ الطِّفْلِ مِنْ الْبَنَاتِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ (انْتَهَى) . زَادَ فِي الْمُحِيطِ فِي التَّعْلِيلِ وَلِأَنَّهُ إيلَامٌ لِمَنْفَعَةِ الزِّينَةِ (انْتَهَى) . وَلَا بَأْسَ هُنَا لِلْإِبَاحَةِ لَا لِمَا تَرْكُهُ أُولَى الَّذِي مَرْجِعُهُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ
(25)
قَوْلُهُ: وَإِذَا أُهْدِيَ لِلصَّبِيِّ شَيْءٌ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ إذَا أُهْدِيَ الْفَوَاكِهُ إلَى الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ يَحِلُّ لِوَالِدَيْهِ الْأَكْلُ إذَا أُرِيدَ بِذَلِكَ بُرْءُ الْوَالِدَيْنِ، وَلَكِنْ أُهْدِيَ إلَى الصَّغِيرِ اسْتِصْغَارًا لِلْهَدِيَّةِ وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا أُهْدَى لِلصَّغِيرِ شَيْءٌ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُبَاحُ لِوَالِدَيْهِ وَشَبَهُ ذَلِكَ بِالضِّيَافَةِ، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ أَقُولُ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ يُبَاحُ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ، إمَّا إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ وَاحْتَاجَ لِفَقْرِهِ أَوْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَاحْتَاجَ لِعَدَمِ الطَّعَامِ مَعَهُ وَلَهُ مَالٌ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَكْلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَكْلٌ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
(26)
قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ.
(27)
قَوْلُهُ: وَلَا مَحْجُورًا وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ. أَيْ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ لَوْ الْوَصْلِيَّةُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ: وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ فَبَاعَ جَازَ بَيْعُهُ وَلَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ إمَّا إنْ كَانَ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ
وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَهَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا.
وَفِي الْمُلْتَقَطِ: 29 - وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا (انْتَهَى) .
وَيَحْصُلُ بِوَطْئِهِ التَّحْلِيلُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا
30 -
تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ
31 -
وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى أَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ دُونَ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْعُهْدَةُ فِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ، كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ
(28)
قَوْلُهُ: وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ إلَخْ. فِي الْقُدُورِيِّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَالصَّبِيِّ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ ذِمِّيًّا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَلَا يَجِبُ التَّحَرِّي وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ لِأَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ يَسْتَوِي فِيهِ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ فَيَجِبُ التَّحَرِّي طَلَبًا لِلتَّرْجِيحِ، أَمَّا الْكَذِبُ فِي خَبَرِ الْكَافِرِ فَظَاهِرٌ. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
(29)
قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَخْ.
فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: الصَّبِيُّ التَّاجِرُ وَالْعَبْدُ التَّاجِرُ يُسْتَحْلَفُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ يُحَلَّفُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَبِهِ نَأْخُذُ، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ يُحَلَّفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ وَيُقْضَى بِنُكُولِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ حَلَفَ وَهُوَ صَبِيٌّ ثُمَّ أَدْرَكَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ مُعْتَبَرَةٌ وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ
(30)
قَوْلُهُ: تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ. الظَّاهِرُ أَنَّ تَحَرُّكَ الْآلَةِ يَسْتَلْزِمُ الِاشْتِهَاءَ فَالِاشْتِهَاءُ عِلَّةُ التَّحَرُّكِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَالتَّحَرُّكُ عِلَّةُ الْعِلْمِ بِالِاشْتِهَاءِ
(31)
قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ.
أَقُولُ وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالتَّمْلِيكِ أَيْضًا إذَا كَانَ عَاقِلًا كَمَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ.
32 -
وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ،
33 -
وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ،
34 -
وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(32) قَوْلُهُ: وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ. أَقُولُ أَيْ فِي صِحَّتِهِ لَا فِي وُجُوبِ التَّعْرِيفِ، وَفَائِدَةُ صِحَّتِهِ ضَمَانَةُ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَجَدَ الصَّبِيُّ لُقَطَةً وَلَمْ يُشْهِدْ يَضْمَنُ كَالْبَالِغِ (انْتَهَى) وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ: ظَاهِرُهُ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عَلَى وَلِيِّهِ (انْتَهَى)
(33)
قَوْلُهُ: وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّلَامُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ رحمه الله، قَالَ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ نُصَيْرٌ مُحَمَّدٌ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَبِهِ نَأْخُذُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الصِّبْيَانِ وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُونَ اللَّعِبَ (انْتَهَى) . وَفِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ رُوِيَ عَنْ «أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ كُنْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ إذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» (انْتَهَى) . وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ نَزَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ وَتَرَكُوا السَّلَامَ أَثِمُوا وَلَوْ سَلَّمَ الْوَاحِدُ جَازَ عَنْهُمْ وَوَجَبَ عَلَى الْمَدْخُولِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوا الْجَوَابَ فَإِنْ تَرَكُوا اشْتَرَكُوا فِي الْمَأْثَمِ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَسَكَتَ الْبَاقُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْقُطُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ كَذَا ذَكَرَ أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ الْجَوَابُ عَنْهُمْ (انْتَهَى) . وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالسَّلَامِ يَكُونُ سُنَّةً كِفَايَةً كَمَا يَكُونُ الْجَوَابُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَقِيلَ: الْجَوَابُ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يَكْفِي الْجَوَابُ مِنْ الْوَاحِدِ عَنْ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ كِفَايَةٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ
(34)
قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: إسْلَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ يَصِحُّ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ جَمِيعًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ. وَجْهُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا عَلِيًّا إلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَكَانَ يَفْتَخِرُ بِإِسْلَامِهِ فِي صِغَرِهِ وَيَقُولُ: سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا غُلَامًا مَا بَلَغَتْ أَوَانَ حُلُمِي»
35 -
وَرِدَّتُهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ صَغِيرًا أَوْ تَبَعًا
36 -
وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطَهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحِلَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِرَمْيِهِ إذَا سَمَّى،
وَلَيْسَ كَالْبَالِغِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا
37 -
فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ
وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا عِتْقُهُ إلَّا حُكْمًا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الطَّلَاقِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْأَفْعَالِ، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ
38 -
إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الْحَجْرِ،
وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَإِلَّا
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَرَفَ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ الْإِسْلَامَ.
(35)
قَوْلُهُ: وَرِدَّتُهُ إلَخْ. أَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إسْلَامُهُ فَقَطْ وَلَا تُعْتَبَرُ رِدَّتُهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَلَا تُعْتَبَرُ رِدَّةُ الْمُرَاهِقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَنُقِلَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رُجُوعُ الْإِمَامِ إلَيْهِ (انْتَهَى)
(36)
قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ إلَخْ. لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَذَلِكَ بِالْقَصْدِ وَصِحَّةُ الْقَصْدِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعَقْلِ وَالضَّبْطِ. وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَضْبِطُ أَيْ يَضْبِطُ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَفَرْيِ الْأَوْدَاجِ، وَذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ حَلَالٌ وَعَجْزُهُ عَنْ التَّسْمِيَةِ بِحُكْمِ الْخَرَسِ يُعْتَبَرُ بِالْعَجْزِ بِحُكْمِ النِّسْيَانِ وَالْأَقْلَفُ وَالْمَخْتُونُ سَوَاءٌ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(37)
قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَخْ. أَقُولُ وَكَذَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَيْضًا الدُّخُولُ عَلَيْهِ
(38)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ أَقُولُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ
فَلَا. وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِوَطْءِ الصَّبِيَّةِ الْمُشْتَهَاةِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي الْقَسَامَةِ وَالْعَاقِلَةِ، وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ صِبْيَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ
39 -
وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ. وَلَا يُقْتَلُ وَلَدُ الْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ، وَلَوْ قَتَلَهُ مُجَاهِدٌ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ
40 -
لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ إلَّا إذَا قَاتَلَ، وَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ اسْتَحَقَّ سَلَبَ مَقْتُولِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ: وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا (انْتَهَى) . وَفِي الْكَنْزِ إنَّ الصَّبِيَّ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِصَبِيٍّ إذَا أَدْرَكْتَ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ جَازَ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ. أَقُولُ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَيَجِبُ الْخَرَاجُ فِي أَرْضِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَظَّفَ الْخَرَاجَ فِي جَمِيعِ الْأَرَاضِي؛ وَيُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الصَّبِيِّ التَّغْلِبِيِّ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا وَكَذَا مِنْ أَرْضِ الْمَرْأَةِ التَّغْلِبِيَّةِ لِأَنَّ الْعُشْرَ يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الصَّبِيِّ الْمُسْلِمِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمِنْ أَرْضِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي الرِّوَايَاتِ أَجْمَعَ. فَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الصَّبِيِّ التَّغْلِبِيِّ وَالْمَرْأَةِ التَّغْلِبِيَّةِ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا (انْتَهَى) . فَإِنْ أَرَادَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعُشْرِ الْمُضَاعَفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا آخَرَ فَلَا عِلْمَ لَنَا بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ فِي مَوَاشِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
(40)
قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ. قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ فَلَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ وَإِنْ قَتَلَ مَرِيضًا أَوْ جَرِيحًا
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ (انْتَهَى)
وَلَا تَنْعَقِدُ بِيَمِينِهِ،
41 -
وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يُحَلِّفُهُ حَتَّى يُدْرِكَ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَنَكَلَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْعُمْدَةِ.
42 -
وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا، وَتَتَوَقَّفُ عُقُودُهُ الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ،
43 -
وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ،
44 -
وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَلَهُ سَلَبُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِتَالَ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الْقَتْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ
(41)
قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ يَحْلِفُ كَالْبَالِغِ وَقَالَ نُصَيْرٌ لَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ؛ وَعُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ (انْتَهَى) . وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا
(42)
قَوْلُهُ: وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا. وَكَذَا يُحْبَسُ تَأْدِيبًا لَا عُقُوبَةً قَالَهُ السُّرُوجِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ الْخَصَّافِ، وَنَقَلَ بَعْدَهُ بِوَرَقَةٍ مَا لَفْظُهُ: وَيُحْبَسُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ بِهِ بِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا يُحْبَسُ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ وَلَا وَصِيَّ وَلَكِنْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَنْهُ يُؤَدِّي دَيْنَهُ
(43)
قَوْلُهُ:
وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ أَقُولُ وَكَذَا قَبُولُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ قَبُولُهُ إذَا وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ أَعْمَى أَوْ مَقْعَدٌ كَمَا فِي حَوَاشِي حَفِيدِ السَّيِّدِ عَلِيٍّ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ
(44)
قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا. أَيْ بَلْ يُلْغَى وَلَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ
45 -
وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا، لَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا،
46 -
وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ عَنْ أَبِيهِ،
47 -
وَصَحَّتْ لَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(45) قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ مَحْجُورًا. أَقُولُ الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِمَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا مِنْ أَقْوَالِهِ، وَالْإِقْرَاضُ قَوْلٌ مَحْضٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَحْثِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ.
قُلْتُ: وَالِاسْتِقْرَاضُ مِثْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِقْرَاضِ أَوْ الِاسْتِقْرَاضِ فِعْلٌ لَا قَوْلٌ
(46)
قَوْلُهُ: وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ. مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ كَفَالَةُ الْغَيْرِ بَاطِلَةٌ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ أَبُوهُ فِي الْكَفَالَةِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْأَبِ لِلصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إذْنٌ بِمَا هُوَ تَبَرُّعٌ وَالتَّبَرُّعُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِذْنَ بِمَا تَبَرَّعَ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ قِبَلَ رَجُلٍ مَالٌ فَأَدْخَلَ الْمَطْلُوبُ ابْنَهُ فِي كَفَالَةِ ذَلِكَ الْمَالِ وَقَدْ رَاهَقَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَلَا يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا حَالَ وُقُوعِهَا، فَإِنْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ وَإِنْ جَدَّدَ الْكَفَالَةَ بَعْدَ الْبُلُوغِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ دِينَ الْأَبِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ دَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنْ اشْتَرَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ بِالنَّسِيئَةِ وَأَمَرَ الصَّبِيَّ حَتَّى ضَمِنَ بِالْمَالِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَضَمِنَ لِنَفْسِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَضَمَانُهُ بِالْمَالِ جَائِزٌ وَضَمَانُهُ بِنَفْسِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بَاطِلٌ، أَمَّا ضَمَانُهُ بِالْمَالِ فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الضَّمَانِ فَإِنْ قَبِلَ: الضَّمَانَ كَانَ يَرْجِعُ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا الضَّمَانُ تَبَرُّعًا، وَأَمَّا الضَّمَانُ بِنَفْسِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا كَانَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ قَبْلَ الضَّمَانِ وَهُوَ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ.
(47)
قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ لَهُ. قِيلَ: عَلَيْهِ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ لَمْ تَجُزْ ثُمَّ عَلَّلَ بِأَنَّهَا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبُولِ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبُولِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ بِإِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ
48 -
وَعَنْهُ مُطْلَقًا. وَقَدْ جَمَعَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَحْكَامَ الصِّبْيَانِ، فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى كَثْرَةِ فُرُوعِنَا وَحُسْنِ تَقْرِيرِنَا وَاسْتِيعَابِنَا وَعَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيمَا نَقْصِدُهُ مِنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ فَلْيَنْظُرْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
انْتَهَى) . وَفِي فَوَائِدِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ: الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ قِيلَ لَهُ الصَّبِيُّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مِنْ الْمَضَارِّ لَا عَلَى الْمَنَافِعِ بِدَلِيلِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هَذَا مَنْفَعَةٌ فَتَجُوزُ قَالَ: لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ تَصِحُّ بِالْفِعْلِ وَفِعْلُهُ مُعْتَبَرٌ فَأَمَّا هَهُنَا لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ وَهُوَ قَوْلٌ، وَقَوْلُهُ: غَيْرُهُ مُعْتَبَرٌ. قِيلَ: يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَذَلِكَ قَوْلٌ؛ قَالَ فِي الْإِجَارَةِ قَدْ يَجِبُ الْأَجْرُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ فَإِنَّ رَجُلًا لَوْ اسْتَعْمَلَ إنْسَانًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِبَ الْأَجْرَ عَلَيْهِ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَا عِبْرَةَ لِلْقَوْلِ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(48)
قَوْلُهُ: وَعَنْهُ مُطْلَقًا. أَيْ إذَا كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَأَدَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ بِالْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمَا عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ لَا تَجُوزُ كَفَالَتُهُ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ عَنْ الْغَيْرِ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، أَمَّا الْإِذْنُ بِالْكَفَالَةِ عَنْهُ طَلَبُ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَحْضُرَ مَعَ الْكَفِيلِ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالْكَفَالَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ تَاجِرٍ فَطَلَبَ أَبُوهُ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يَضْمَنَهُ فَضَمِنَهُ كَانَ جَائِزًا وَأَخَذَ بِهِ الْكَفِيلُ وَكَذَلِكَ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُ إنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَلَا جَدٌّ، فَإِنْ تَغَيَّبَ الْغُلَامُ وَأَخَذَ الْكَفِيلَ بِالْغُلَامِ وَقَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَضْمَنَهُ فَخَلِّصْنِي فَإِنَّ الْأَبَ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنُهُ وَلَيْسَ طَرِيقُهُ أَنَّ الْأَبَ أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ لَا يُثْبِتُ لِلْمَأْمُورِ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْآمِرِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَكْفِلْ بِنَفْسِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَكَفَلَ وَغَابَ الْمَطْلُوبُ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يُطَالِبَ الْآمِرَ بِالْكَفَالَةِ بِإِحْضَارِ الْمَطْلُوبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ طَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَقَبْضَهُ وَتَدْبِيرَهُ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ إذَا أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ، وَطَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرَهُ، كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ؛ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ مَا يَكُونُ بِهِ بَالِغًا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَرَكْنَاهُ قَصْدًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَكِتَابُنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُ الْمُفْرَدَاتِ الْمُلْتَقَطَاتِ
49 -
وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ،
50 -
وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ مَكَانِ الْوَبَاءِ أَوْ الْحُمَّى، وَقَدْ سُئِلَتْ عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِالصَّبِيِّ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ (انْتَهَى) .
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا إلَخْ. أَقُولُ وَكَذَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ
(50)
قَوْلُهُ: وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ. يَعْنِي الصَّبِيَّ الْحُرَّ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ لَا بِسَبَبِ الْغَصْبِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا بِسَبَبِ الْغَصْبِ لَا بِالْجِنَايَةِ وَذَهَبَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَبْدَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ مِمَّا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ كَالْعَبْدِ، وَيُشْبِهُ الْحُرَّ الْكَبِيرَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَقُلْنَا: لِشُبْهَةِ الْعَبْدِ إذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يُضْمَنُ، وَإِذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لَا يُضْمَنُ تَوْفِيرًا لِلشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا، وَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ احْتَاجَ إلَى تَخْصِيصِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ غَصَبَ صَبِيًّا فَإِنَّهُ أَطْلَقَ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ صَبِيٍّ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا يُعَبِّرُ، فَإِنَّهُ مَتَى قَالَ هَذَا الْقَائِلُ بِالضَّمَانِ إذَا كَانَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَبِعَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ تَخْصِيصًا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ؛ وَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى اخْتَلَفُوا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ بِالتَّسَبُّبِ قَالَ: بَعْضُهُمْ يَضْمَنُ الْمُبَاشَرَةَ لِأَنَّهُ بَاشَرَ بِإِتْلَافِهِ حَيْثُ نَقَلَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّلَفَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا يَعُمُّ الْأَمَاكِنَ كُلَّهَا، وَالصَّبِيُّ عَاجِزٌ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ عَنْ
51 -
وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، لِأَنَّهُ مَا غَصَبَهُ، لِأَنَّهُ الْأَخْذُ قَهْرًا، وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ: وَعَنْ مُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ خَدَعَ بِنْتَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ. قَالَ أَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ مَوْتُهَا (انْتَهَى) .
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْأَسْبَابِ الْمُتْلِفَةِ، وَإِنَّمَا يَحْفَظُ وَلِيُّهُ فَإِذَا قُطِعَ حِفْظُ وَلِيِّهِ عَنْهُ أُضِيفَ التَّلَفُ إلَى غَصْبِهِ وَفِعْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَصَارَ مُبَاشِرًا بِإِتْلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةً، وَالْمُبَاشَرَةُ حُكْمًا كَافِيَةٌ لِإِيجَابِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْمُكْرَهِ وَشُهُودِ الْقِصَاصِ، وَإِذَا اُعْتُبِرَ مُبَاشِرًا حُكْمًا صَارَ كَأَنَّهُ أَلْقَى الْحَيَّةَ عَلَى الصَّبِيِّ حَتَّى نَهَشَتْهُ، أَوْ أَلْقَى الْجِدَارَ عَلَيْهِ أَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ السَّبُعِ حَتَّى افْتَرَسَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَضْمَنُ فَكَذَا هُنَا. وَهَذَا الْقَائِلُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَخْصِيصِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الصَّبِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِالْحُمَّى لِأَنَّ حُدُوثَ الْمَوْتِ بِالْحُمَّى لَا يُضَافُ إلَى غَصْبِهِ.
وَنَقْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالتَّسَبُّبِ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ حَقِيقَةً وَلَكِنْ وُجِدَ حَدُّ التَّسَبُّبِ وَهُوَ اتِّصَالُ أَثَرِ فِعْلِهِ بِهِ يَسْتَقِيمُ إضَافَةُ التَّلَفِ إلَى فِعْلِهِ كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ اتَّصَلَ التَّلَفُ بِأَثَرِ فِعْلِهِ وَهُوَ الْعُمْقُ بِوَاسِطَةِ فِعْلِ آخَرَ وَهُوَ فِعْلُ الْمَاشِي فَاسْتَقَامَتْ إضَافَةُ التَّلَفِ إلَى أَثَرِ فِعْلِهِ فَصَارَ سَبَبًا وَالْمُسَبِّبُ ضَامِنٌ حَتَّى لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا كَبِيرًا وَنَقَلَهُ إلَى مَكَان خَاصًّا بِهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّوَاعِقِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَدُّ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ أَمَّا الْمُبَاشَرَةُ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا التَّسَبُّبُ فَلِأَنَّ التَّلَفَ حِينَئِذٍ لَا يُضَافُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَبِيرَ يُمْكِنُهُ حِفْظُ نَفْسِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُتْلِفَةِ فَكَانَ كَالْمَاشِي إذَا عَلِمَ بِالْبِئْرِ وَوَقَعَ فِيهَا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ نَفْسِهِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْقُصُورِ وَالِاقْتِصَارِ بِسَبَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الِاخْتِصَارِ.
(51)
قَوْلُهُ: وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ. قِيلَ عَلَيْهِ: لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرِضَاءِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَنَافِعَهُ عَنْ مَضَارِّهِ. وَأَمَّا الْقَهْرُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ مَعَ إبَاءِ
وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ
53 -
فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ. وَلَوْ دَفَعَ السِّكِّينَ إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ. وَكَذَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ،
وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِالْوُقُوعِ مِنْ شَجَرَةٍ 54 - فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْمَغْصُوبِ وَمُمَانَعَتِهِ فَغَيْرُ لَازِمٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِلَّا يَلْزَمُ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى. ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ هُنَا لَمْ يَضْمَنْ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْمُقَابَلَةُ
(52)
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ إلَى آخِرِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: الصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ وَأَطْرَافِهِ إذَا كَانَ لَهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ تَفُوتُ بِقَطْعِهَا كَاللِّسَانِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَيَجِبُ الْأَرْشُ كَمَلًا بِتَفْوِيتِهَا إذَا عَلِمَ صِحَّتَهَا فِي بَعْضِهَا بِالْحَرَكَةِ وَفِي اللِّسَانِ بِالْكَلَامِ وَفِي الْعَيْنِ يُسْتَدَلُّ بِهَا أَيْ الْحَرَكَةِ عَلَى النَّظَرِ وَلَا يُكْتَفَى بِالْأَصْلِ فَيُقَالُ الْأَصْلُ هُوَ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ التَّبَدُّلَ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ، وَمَا كَانَ فِي تَفْوِيتِهِ تَفْوِيتُ الْجَمَالِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ كَالْأُذُنِ الشَّاخِصَةِ وَالشُّعُورِ فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ الْجَمَالَ وَالزِّينَةَ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ.
(53)
قَوْلُهُ: فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ بِالْإِضَافَةِ. أَيْ حُكْمُ مُقَوِّمٍ وَمَا قَوَّمَ بِهِ مِنْ قَدْرِ التَّفَاوُتِ أَوْ غَيْرِهِ فَيُقَوَّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ صَحِيحًا ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْحُكُومَةُ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ
(54)
قَوْلُهُ: فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ نَقْلًا عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ صَبِيٌّ عَلَى حَائِطٍ صَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَا تَقَعْ فَوَقَعَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَالَ: قَعْ فَوَقَعَ يَضْمَنُ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَعْ أَمْرٌ بِأَنْ يَفْعَلَ الْوُقُوعَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَلْقِ نَفْسَكَ فِي الْمَاءِ أَوْ قَالَ: فِي النَّارِ وَفَعَلَ يَضْمَنُ كَذَا هُنَا
وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَعَطِبَ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِصُعُودِ شَجَرَةٍ 56 - لِنَفْضِ ثِمَارِهَا فَوَقَعَ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِكَسْرِ الْحَطَبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيهَا أَيْضًا: 57 - صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ غَرِقَ فِي مَاءٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، 58 - وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ أَوْ كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا؛ قَالُوا يَكُونُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ الْكَفَّارَةُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ شَيْءٌ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ
59 -
وَهُوَ الصَّحِيحُ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ
60 -
فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْخُلَاصَةِ لِلسَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ: لَوْ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ إلَى حَاجَتِهِ فَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ مَعَ الصِّبْيَانِ وَوَقَعَ وَمَاتَ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ.
(56)
قَوْلُهُ: لِنَفْضِ ثِمَارِهَا لَهُ. أَيْ لِلْآمِرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: لِنَأْكُلَ أَنَا وَأَنْتَ أَوْ لِتَأْكُلَ أَنْتَ فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي مَبَاحِثِ السَّبَبِ مِنْ شَرْحِ مُغْنِي الْخَبَّازِيِّ.
(57)
قَوْلُهُ: قَوْلُهُ صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ سَبْعِ سِنِينَ كَمَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ.
(58)
قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ. الضَّمِيرُ فِي كَانَ وَمَا بَعْدَهُ يَرْجِعُ إلَى الصَّبِيِّ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وَصْفِهِ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ.
(59)
قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ.
(60)
قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَوْ صِيَامُ سِتِّينَ يَوْمًا
وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي وَهِيَ وَاقِفَةٌ فَسَقَطَ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَهَدَرٌ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَجَعَلَ صَبِيًّا مَعَهُ فَقَتَلَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا؛ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا (انْتَهَى) .
62 -
وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ كُوزًا مِنْ حَوْضٍ ثُمَّ صَبَّهُ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ إلَخْ. فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَإِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ الصَّبِيَّ الْحُرَّ عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي وَالْحَامِلُ لَيْسَ مَوْلَى الصَّغِيرِ فَسَقَطَ الصَّبِيُّ عَنْ الدَّابَّةِ وَمَاتَ يَضْمَنُ الْحَامِلُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لِلصَّغِيرِ بِحَمْلِهِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَغَاصِبُ الصَّغِيرِ ضَامِنٌ إذَا هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَالسُّقُوطُ عَنْ الدَّابَّةِ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بَعْدَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَعْمِلًا لِلصَّبِيِّ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِهِ وَهُوَ إمْسَاكُ الدَّابَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَمَنْ اسْتَعْمَلَ صَبِيًّا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَهَلَكَ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ قَالَ لِلصَّبِيِّ: اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْقُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ فَسَقَطَ فَمَاتَ ضَمِنَ
(62)
قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ إلَخْ. وَكَذَا الْعَبْدُ وَإِنَّمَا لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ خَلَطَ مِلْكَهُ بِالْمُبَاحِ وَلَا يُمْكِنُ تَمَيُّزُهُ، وَكَذَا إذَا جَاءَ صَبِيٌّ بِالْكُوزِ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ لَا يَحِلُّ لِأَبَوَيْهِ أَنْ يَشْرَبَا مِنْهُ إذَا كَانَا غَنِيَّيْنِ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُمَا الْأَكْلُ مِنْ مَالِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ مِنْ فَصْلِ الشُّرْبِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ لَمْ أَجِدْهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ نُسْخَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ مِنْ الذَّخِيرَةِ (انْتَهَى) . فَلَعَلَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَحِلٍّ آخَرَ. لَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ جَارِيَةٌ فِيمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَالِغٌ لِأَنَّ الْبَالِغَ الْحُرَّ وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْحِيَازَةِ لَهُ وِلَايَةُ أَنْ يَجْعَلَهُ مُبَاحًا يَصُبُّهُ فِي الْحَوْضِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ
وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ، وَلَا أَنْ يَسْقِيَهُ الْخَمْرَ، وَلَا أَنْ يُجْلِسَهُ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ بِالْحِنَّاءِ،
وَفِي الْمُلْتَقَطِ: زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ 64 - وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّلَبِ (انْتَهَى) .
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ إلَخْ. يَعْنِي يُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَنْ يُلْبَسَ الذُّكُورُ مِنْ الصِّبْيَانِ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمَّا ثَبَتَ فِي حَقِّ الذُّكُورِ فَكَمَا لَا يُبَاحُ اللُّبْسُ لَا يُبَاحُ الْإِلْبَاسُ فَصَارَ كَالْخَمْرِ لَمَّا حَرُمَ شُرْبُهَا حَرُمَ سَقْيُهَا. كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَفِيهِ رَجُلٌ كَنَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ كَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الِابْنِ ابْنٌ اسْمُهُ بَكْرٌ فَيَكُونُ هُوَ أَبًا لَهُ وَالصَّحِيحُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّفَاؤُلَ أَنَّهُ سَيَصِيرُ أَبًا فِي ثَانِي الْحَالِ لَا لِتَحْقِيقٍ لِلْحَالِ
(64)
قَوْلُهُ: وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى. أَيْ مَكَانُهَا أَقُولُ فِيهِ: حَذَفَ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَهُوَ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ