الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَذَا فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْأَصْلِ لِمُحَمَّدٍ رحمه الله.
70 -
الْمُودَعُ: إذَا قَالَ: لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي، وَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا، وَلَا بَيِّنَةَ، يُعْطِيهَا لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا اُسْتُوْدِعَ بِجَهْلِهِ.
مَاتَ رَجُلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ 71 - وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَجَمِيعُ مَا تَرَكَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بِالْحِصَصِ كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالْمُودَعُ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي إلَخْ.
أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: الْوَدِيعَةُ إذَا ادَّعَاهَا رَجُلَانِ، وَقَالَ الْمُودَعُ: لَا أَدْرِي أَيُّكُمَا اسْتَوْدَعَنِي. . . إلَخْ
(71)
قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا.
أَقُولُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا فَإِنَّهُ بِإِنْفَاقِهَا صَارَ ضَامِنًا لِصَاحِبِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَصَاحِبُهَا أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ
[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]
(1)
قَوْلُهُ: الْحَجْرُ. لُغَةً الْمَنْعُ. وَشَرْعًا: هُوَ مَنْعُ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ شَخْصٍ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالرَّقِيقُ وَالْمَجْنُونُ بِالِاتِّفَاقِ وَأَلْحَقَ الْإِمَامُ الْمُفْتِي الْمَاجِنَ وَالطَّبِيبَ الْجَاهِلَ وَالْمُكَارِيَ الْمُفْلِسَ، وَهَذِهِ أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مَا حُكِيَ، وَأَمَّا حَجْرُ الْمَدْيُونِ وَالسَّفِيهِ بَعْدَ مَا بَلَغَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِقَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ.
كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ 1 - الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ، 2 - عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ، 3 - كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ 4 - إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ: قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: هُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ مَحْجُورٌ لِخِفَّةٍ فِي عَقْلِهِ بِأَنْ كَانَ سَلِيمَ الْقَلْبِ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُسْرِفًا مُضَيِّعًا لِمَالِهِ.
(3)
قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: اعْتَمَدَ قَوْلَ الْإِمَامِ رحمه الله أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالْمَحْبُوبِيُّ وَهُوَ تَصْحِيحُ الْكَرْخِيِّ لَكِنَّ التَّصْحِيحَ الصَّرِيحُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا أَقْوَى.
(4)
قَوْلُهُ: كَالصَّغِيرِ.
أَقُولُ: وَكَالْمَعْتُوهِ لِمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِقَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدِ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ يُخَالِفُ الصَّغِيرَ وَالْمَعْتُوهَ فِي عَشَرَةٍ يَعْنِي وَيُوَافِقُهُمَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَالصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ إلَّا أَنَّ الْمَعْتُوهَ لَمَّا كَانَ مُلْحَقًا بِالصَّغِيرِ لَمْ يَذْكُرْهُ.
(5)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ.
فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى الزَّائِدُ عَلَيْهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ نِصْفُ الْمُسَمَّى كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ.
وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ 6 - وَالْعِبَادَاتِ 7 - وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ
8 -
وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ وَفِي الْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرْبِ مِنْ الثُّلُثِ.
9 -
فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ، وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَلَا يُكَفَّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ.
10 -
لَوْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ.
وَيَدْفَعُهَا الْقَاضِي إلَيْهِ فَيُؤَدِّي بِنَفْسِهِ لِكَوْنِهَا عِبَادَةً لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ لَكِنَّهُ يَبْعَثُ مَعَهُ أَمِينًا كَيْ لَا يَصْرِفُهَا فِي غَيْرِ وَجْهِهَا.
(6)
قَوْلُهُ: وَالْعِبَادَاتِ.
أَقُولُ: الْمُرَادُ بِهَا مَا كَانَ بَدَنِيًّا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْبَدَنِيِّ وَالْمَالِيِّ وَالْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ عَطْفُ الْعِبَادَاتِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، بَلْ مِنْ عَطْفِ الْبَيَانِ.
بَلْ ادَّعَى السُّبْكِيُّ فِي عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ شَرْحِ تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيبَاجَةِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يُدَّعَى فِيهِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ يُرَادُ بِالْعَامِّ مَا عَدَا ذَلِكَ الْخَاصِّ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْبَيَانِ؛ قَالَ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ.
(7)
قَوْلُهُ: وَزَوَالُ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ.
يَعْنِي وَعَدَمُ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى
(8)
قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ.
يَعْنِي عَلَى نَفْسِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا.
(9)
قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْبَالِغِ إلَخْ.
أَيْ فِي تَوَجُّهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَالِغٌ حَقِيقَةً.
(10)
قَوْلُهُ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي ظِهَارِهِ يَسْعَى، أَيْ الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَلَمْ يُجْزِ عَنْ تَكْفِيرِهِ، وَلَا يَجُوزُ عَنْ صَوْمِهِ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ.
صَحَّ، وَلَا يَجْزِيهِ عَنْهَا وَلَا يَصُومُ لَهَا.
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ.
12 -
وَأَمَّا إقْرَارُهُ 13 - فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لَا عِنْدَهُمَا (انْتَهَى) .
يَعْنِي بِنَاءً عَلَى الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ.
الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَالِ، وَإِذَا قُتِلَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ لَوْ أَتْلَفَ مَا اقْتَرَضَهُ وَمَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَا أُعِيرَ لَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ
14 -
وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: صَحَّ وَلَا يَجْزِيهِ عَنْهَا.
فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً أَوْ هَدْيًا أَوْ ظِهَارًا وَحَلَفَ لَا يَدَعُهُ الْقَاضِي أَنْ يُكَفِّرَ بِالْمَالِ بَلْ يَصُومُ بِكُلِّ يَمِينٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَكَذَا يَصُومُ فِي كَفَّارَةِ ظِهَارٍ.
(12)
قَوْلُهُ: وَأَمَّا إقْرَارُهُ إلَخْ.
يَعْنِي بِغَيْرِ الْعُقُوبَاتِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَإِجَارَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ وَالنَّقْضُ، فَيَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ بِالسَّفَهِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ وَالْمَعْتُوهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ الْحَجْرَ بِالسَّفَهِ.
(13)
قَوْلُهُ: فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَخْ.
هَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ
(14)
قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهِ.
قِيلَ: مَصْدَرٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ كَوْنُهُ مُودِعًا (انْتَهَى) .
أَقُولُ ذَكَرَ الشَّمْسُ الْفَنَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْفَاتِحَةِ أَنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ يَتَسَامَحُونَ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَصْدَرَ الْمُتَعَدِّيَ قَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا لِلْمَعْلُومِ وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا لِلْمَجْهُولِ يَعْنُونِ بِهِمَا الْهَيْئَتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا مَعْنَيَا الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُتَعَدِّي هَيْئَةٌ لِلْفَاعِلِ كَالْعَالَمِيَّةِ وَهَيْئَةٌ لِلْمَفْعُولِ كَالْمَعْلُومِيَّةِ، وَإِلَّا لَكَانَ كُلُّ مَصْدَرٍ مُتَعَدٍّ مُشْتَرَكًا، وَلَا قَائِلَ بِهِ انْتَهَى.
فَلْيُحْفَظْ.
مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ، وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ.
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَهِيَ مِنْ مُشْكِلَاتِ إيدَاعِ الصَّبِيِّ.
16 -
قُلْت: لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا، وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا لَا يَخْفَى
17 -
الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ وَعَكْسُهُ.
كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ لِلْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ الْمَحْجُورِ وَلَا بَيِّنَةَ، وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ.
أَذِنَ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَا يَكُونُ إذْنًا إلَّا إذَا قَالَ: بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، 18 - بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَايِعُوا ابْنِي إذَا قَالَ لَهُ: آجِرْ نَفْسَك، وَلَمْ يَقُلْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ إلَخْ.
قِيلَ فِي الْمُجْتَبَى مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ: وَلَوْ أَوْدَعَ الصَّبِيُّ عَبْدًا فَقَتَلَهُ ضَمِنَ إجْمَاعًا، وَهُوَ مُشْكِلٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَادَةَ الصِّبْيَانِ (انْتَهَى) .
فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا أَقُولُ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ مَا يَخْلُفُهُ حَيْثُ قَالَ: صَبِيٌّ مَحْجُورٌ أَوْدَعَ عَبْدًا فَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَ أُودِعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَضْمَنُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ يَضْمَنُ.
(16)
قَوْلُهُ: قُلْت لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهَا الصَّبِيُّ إلَخْ.
يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ التَّسْلِيطُ مِنْ مَالِكِهَا، وَقِيلَ: عَلَيْهِ بَلْ وُجِدَ التَّسْلِيطُ بِنَفْسِ الدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ (انْتَهَى) .
فَتَأَمَّلْ
(17)
قَوْلُهُ: الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ إلَخْ. أَيْ فِي إجَارَةِ نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا بِالْإِجَارَةِ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْخَانِيَّةِ الْآتِي قَرِيبًا.
(18)
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَايِعُوا ابْنِي.
فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا إلَّا إذَا عَلِمَ بِالْإِذْنِ أَقُولُ: لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْفَرْقِ فَلْيُنْظَرْ.
مِنْ فُلَانٍ، أَوْ بِعْ ثَوْبِي، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ كَانَ إذْنًا بِالتِّجَارَةِ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَالْآمِرُ بِالشِّرَاءِ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، فَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي ثَوْبًا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ، وَلَا لِلُبْسٍ كَانَ إذْنًا، وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فَلْيَحْفَظْهُ.
الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إلَّا إذَا كَانَ الْآذِنُ مُضَارِبًا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ 19 - فَأَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمُضَارَبَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً.
20 -
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رحمه الله: الْأَصَحُّ عِنْدِي التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
إذَا 21 - رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَأَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمُضَارَبَةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً.
يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَفَادُ الْإِذْنُ مِنْ الْمُضَارِبِ.
(20)
قَوْلُهُ: وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ الْأَصَحُّ عِنْدِي التَّعْمِيمُ.
يَعْنِي؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ فَكُّ الْحَجْرِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ.
أَقُولُ فَعَلَى هَذَا الِاسْتِئْنَاءِ مِنْ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ لَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ لِابْتِنَائِهِ عَلَى الضَّعِيفِ
(21)
قَوْلُهُ: إذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا.
قِيلَ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ الْمَوْلَى أَوْ مِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ الْمَوْلَى، وَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَقُولُ: كَلَامُ الْخَانِيَّةِ مُضْطَرِبٌ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمَأْذُونِ وَإِذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا.
وَقَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ: وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَسَكَتَ حَتَّى بَاعَ مَتَاعًا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ إذْنًا وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمَوْلَى بَيْعُ الْعَبْدِ ذَلِكَ الْمَتَاعَ.
ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَبَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَرَآهُ الْمَوْلَى، وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَتَكَلَّمُوا فِي الْعُهْدَةِ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا
إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
23 -
السَّفِيهَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ صَحَّ، فَإِنْ قَصَّرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَانَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَأَخَذَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ قَوْلِ قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَفَعَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَبَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَرَآهُ وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
وَمِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ: وَإِذَا رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا مَا ذَكَرَهُ وَغَفَلَ عَمَّا يُنَاقِضُهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ فِي كَلَامِ قَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَسَكَتَ حَتَّى بَاعَ مَتَاعًا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ إذْنًا، وَغَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ أَيْضًا، وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا.
وَغَيْرُ خَافٍ عَلَى أُولِي الْأَلْبَابِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ مَعَ هَذَا التَّنَاقُضِ غَيْرُ صَوَابٍ، وَالْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ الْمَحْفُوفُ بِالْعِنَايَةِ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: ثُمَّ الْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَاهُ يَظُنُّهُ مَأْذُونًا فِيهَا فَيُعَاقِدُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى رَاضِيًا بِهِ لَمَنَعَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ (انْتَهَى) .
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَمْ لَا وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِبَارَتِهَا اضْطِرَابٌ فَكَيْفَ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاضْطِرَابِ.
(22)
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْلَى قَاضِيًا.
أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الظَّهِيرِيَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ لَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَقَالَ الْقَاضِي إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا (انْتَهَى) .
وَقَدْ قَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ إطْلَاقَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَاضِيًا أَوْ لَا.
وَأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ يُقَدَّمُ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى
(23)
قَوْلُهُ: السَّفِيهَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ إلَخْ.
فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: سَفِيهَةٌ تَزَوَّجَتْ بِأَقَلِّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ قِيلَ لِزَوْجِهَا
وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ وَقَعَ وَلَا يَلْزَمُهَا
25 -
وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
إنْ شِئْتَ فَأَتِمَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَالْتَزَمَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَبَى فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ كَانَ لِلنُّقْصَانِ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَدْ انْعَدَمَ حِينَ قَضَى لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا بِالدُّخُولِ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ.
(24)
قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ إلَخْ.
الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَإِذَا بَلَغَتْ الْمَرْأَةَ مَفْسَدَةٌ فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالِ جَازَ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ يَعْتَمِدُ وُجُودَ الْقَبُولِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْقَبُولُ مِنْهَا، فَكَأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِقَبُولِهَا الْجُعْلَ فَإِذَا قَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، وَإِنْ صَارَتْ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَالَ لَا بِعِوَضٍ هُوَ مَالٌ، وَالْمَنْفَعَةُ ظَاهِرَةٌ لَهَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ النَّظَرُ أَنْ تُجْعَلَ كَالصَّغِيرَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ لَا كَالْمَرِيضَةِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ لَا الْبَيْنُونَةِ إلَّا عِنْدَ وُجُوبِ الْبَدَلِ، وَلَا يَجِبُ الْبَدَلُ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِ الْخُلْعِ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفِيهِ بِلَا حَجْرٍ وَيُشْكِلُ عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ عِنْدَ لُزُومِ الْمَالِ لِلْمُخْتَلِعَةِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْجُورَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا كَانَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَالْخُلْعَ نَافِذٌ عِنْدَهُمَا وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ لِكَوْنِ السَّفِيهَةِ الْمَحْجُورَةِ كَالصَّبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى
(25)
قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ.
أَقُولُ يَعْنِي بِالْمَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالسَّفَهِ أَوْ لَا، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَرَى الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله فَلِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عِنْدَهُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي.
وَفِي مُقْطَعَاتِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ: وَلَوْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ مَالًا لِرَجُلٍ غَيْرِهِ أَمَرَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ صَلُحَ سُئِلَ عَمَّا كَانَ أَقَرَّ بِهِ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ حَقًّا أُخِذَ بِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَا يُؤْخَذُ بِهِ.
وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا 27 - ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ فَأَطْلَقَهُ آخَرُ جَازَ إطْلَاقُهُ 28 -؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلثَّالِثِ تَنْفِيذُ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ.
وَوَقْفُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بَاطِلٌ
29 -
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَصَحَّحَهُ الْبَلْخِيُّ، وَأَبْطَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ.
وَلَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عِنْدَ الثَّانِي.
وَلَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي، وَلَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْحَجْرُ بِالرُّشْدِ.
وَلَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ.
أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمَالِ.
(27)
قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ، وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ مَا أَدْرَكَ، وَلَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ رُشْدٌ ثُمَّ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ يَتِيمٌ أُدْرِكَ مُفْسِدًا، وَهُوَ فِي حِجْرِ وَصِيِّهِ، وَحَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ فَأَمَرَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مُضَيِّعٌ تَضْيِيعٌ فَيَضْمَنُ.
وَأَنَّ صَبِيًّا غَيْرَ مُفْسِدٍ لَمْ يُدْرَكْ فَدَفَعَ الْوَصِيُّ إلَيْهِ مَالَهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ.
(28)
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَجْرَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ.
قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْأَوَّلِ كَانَ فِي فَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ، أَوْ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ لِعَدَمِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَيَنْفُذُ قَضَاءُ الثَّانِي
(29)
قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي إلَخْ.
فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ، فَقَالَ: وَقْفُهُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ فَهُمَا أَفْتَيَا عَلَى قَوْلِهِمَا (انْتَهَى) .
يَعْنِي، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ يَجُوزُ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ بِالسَّفَهِ.
بُدَّ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رحمه الله فِيهِمَا.
وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَوَقَعَتْ حَادِثَةٌ: حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ ثُمَّ ادَّعَى الرُّشْدَ، وَادَّعَى خَصْمُهُ بَقَاءَهُ عَلَى السَّفَهِ وَبَرْهَنَا، فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا.
30 -
وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ.
مِنْ الْحَجْرِ: الظَّاهِرُ زَوَالُ السَّفَهِ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ يَمْنَعُهُ 31 - عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ لَا يَنْحَجِرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ قَضَى لِمَنْ بَرْهَنَ؛ فَإِنْ بَرْهَنَا فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِثْبَاتِ فَكُلُّ بَيِّنَةٍ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ لَمْ تُقْبَلْ.
32 -
وَهُنَا بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ فَلَمْ تُقْبَلْ.
الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ حُكْمَ الشَّرْعِ يَتَوَجَّهُ الْخِطَابُ إلَيْهِ، فَالظَّاهِرُ زَوَالُ مَا يَقْتَضِي الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِحَجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ الْبُلُوغِ صَارَ الظَّاهِرُ بَقَاءَ الْحَجْرِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الْحَجْرِ مِنْ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ (انْتَهَى) .
وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ خِلَافَ الْأَصْلِ وَخِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَكَانَتْ أَكْثَرَ إثْبَاتًا، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ إثْبَاتًا أَوْلَى بِالْقَبُولِ.
(31)
قَوْلُهُ: عِنْدَ ذِكْرِهِ إلَخْ.
مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقِ قَوْلِهِ فِي الْمُحِيطِ، أَيْ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ السَّفَهَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: دَلِيلِ.
(32)
قَوْلُهُ: بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ إلَخْ.
وَهُوَ كَوْنُ الْعَقْلِ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَهِ.
إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ 34 - كَمَا فِي إجَارَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي
الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ إذَا أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَجُزْ الْغَرِيمُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ وَالدَّيْنُ فِي رَقَبَتِهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهَا، وَيَبِيعُهُ الْقَاضِي فَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَلِلْوَاهِبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْوَصَايَا.
الْمَأْذُونُ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ: بَايِعُوا عَبْدِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ أَجِيرًا.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ بِمَاذَا يَتَعَلَّقُ؟ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ تَعَلُّقُهُ بِكَسْبِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ.
(34)
قَوْلُهُ: كَمَا فِي إجَارَةِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي.
عِبَارَتُهَا: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ جَازَ فَلَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ أَخَذَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرَ دُونَ الْعَبْدِ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَلَا يُحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ؛ إذْ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ بَلْ كَوَكِيلٍ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ تَقْيِيدِهِ بِمَا يَصِحُّ الْإِجَارَةُ كَالْمُدَّةِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ