الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ
بَاطِلٌ 7 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ قُبِلَ وَسَقَطَ حَقُّ الرَّدِّ، كَذَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ
8 -
الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَلَى الصَّبِيِّ فَأَقَرَّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْخُصُومَةِ وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَأَمِينِ الْقَاضِي
[الْإِقْرَار لِلْمَجْهُولِ]
(6)
قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ.
أَقُولُ: هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَاحِشَةً كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ صَحَّ الْإِقْرَارُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَثَّلَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لِلْفَاحِشَةِ بِأَنْ قَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ وَلِغَيْرِ الْفَاحِشِ بِأَنْ قَالَ لِأَحَدٍ كَمَا وَقَعَ تَرَدُّدٌ بِدَرْسِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا بَيْنَ أَهْلِ الدَّرْسِ لَوْ قَالَ لِأَحَدِكُمْ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مَحْصُورُونَ هَلْ هُوَ مِنْ الثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ فَمَالَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ غَيْرِ الْفَاحِشَةِ وَانْتَصَرَ لَهُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَكَ بِشَيْءٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ مَنْ بَايَعَكَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ إلَى قَوْمٍ.
مُعَيَّنِينَ مَعْدُودِينَ فَأَنَا قَبِيلٌ بِثَمَنِهِ جَازَ ثُمَّ لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بَيَانُهُ.
- (7) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي.
قِيلَ عَلَيْهِ: لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ مَنْعُهُ مِنْ الرَّدِّ لِوُجُودِ الْبَيْعِ مِنْهُ بِاعْتِرَافِهِ وَذَاكَ كَافٍ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ (انْتَهَى) .
وَرُدَّ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَمَّا بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ بِبَيْعِهِ لِوَاحِدٍ مَجْهُولٍ فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ هُنَا وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّارِعُ إقْرَارًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا؛ لَمَا امْتَنَعَ رَدُّ الْمَبِيعِ فَعَلِمْنَا أَنَّ الشَّارِعَ صَحَّحَ إقْرَارَهُ هُنَا لِلْمَجْهُولِ حَتَّى مِنْهُ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ
(8)
قَوْلُهُ: الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ.
قِيلَ عَلَيْهِ: يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكُهُ فِيهِ ظَاهِرًا فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّاهِنَ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ أَوْ الْبَائِعَ وَفَاءً إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَبِيعَ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ كَوْنِ الِاسْتِئْجَارِ إقْرَارًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ (انْتَهَى) .
وَقِيلَ عَلَيْهِ: الِاسْتِئْجَارُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ إقْرَارًا لِذِي الْيَدِ بِالْمِلْكِ فَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي فَأَجْرَى الْخِلَافَ.
فِي الْأَوَّلِ
إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِحُرِّيَّتِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ
10 -
إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ تُقْبَلْ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
كَمَا فِي الثَّانِي وَهُوَ سَهْوٌ عَظِيمٌ (انْتَهَى) .
وَرُدَّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ رَاجِعٌ لِلْمُؤَجَّرِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ صَحَّحَ الْعِمَادِيُّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي فُصُولِهِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ
(9)
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ إلَخْ.
اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ فَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ بَاعَ الْأَبُ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنُ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ إنَّ أَبِي كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ نَفْسِهِ لِي فِي صِغَرِي وَإِنَّهَا مِلْكِي وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إنَّكَ مُتَنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ اسْتِئْجَارَكَ الدَّارَ مِنِّي إقْرَارٌ مِنْك أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَكَ هَلْ يَكُونُ دَفْعًا؟ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ دَفْعًا وَإِنْ ثَبَتَ التَّنَاقُضُ لِأَنَّهُ تَنَاقُضٌ فِيهِ خَفَاءٌ الْأَبُ يَسْتَبِدُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ وَعَسَى لَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا يَعْرِفُ الِابْنُ كَوْنَ الدَّارِ مِلْكًا لَهُ فَيَظُنُّ صِحَّةَ الْبَيْعِ فَيُقْدِمُ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ.
كَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ دَعْوَى الدَّارِ مِنْ الِابْنِ إنَّمَا تَصِحُّ أَنْ لَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْأَبِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَمَّا لَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْأَبِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَى الِابْنِ لِأَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ بَيْعَ عَقَارِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إذَا كَانَ مَصْلَحَةً (انْتَهَى) .
وَفِي الْعُيُونِ قَدِمَ بَلْدَةً وَاشْتَرَى أَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَاهَا قَائِلًا بِأَنَّهَا دَارُ أَبِيهِ مَاتَ وَتُرِكَتْ مِيرَاثًا لَهُ وَكَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ وَقْتَ الِاسْتِيَامِ لَا تُقْبَلُ.
قَالَ: وَالْقَبُولُ أَصَحُّ.
نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا.
(10)
قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ إلَخْ.
فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ ثُمَّ قَالَ أَوْفَيْتُهُ لَوْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَلَوْ تَفَرَّقَا عَنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ أَوْفَيْتُهُ وَبَرْهَنَ عَلَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ مَا أَقَرَّ قُبِلَ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ وَلَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ (انْتَهَى) .
وَفِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ، بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ 12 - فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْقُنْيَةِ.
13 -
إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا، فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ كَمَا فِي سَرِقَةِ الظَّهِيرِيَّةِ
14 -
الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ؛
ــ
[غمز عيون البصائر]
مَالًا) نَقْلًا عَنْ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
(11)
قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: لَمْ نَرَ هَذَا فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْخَانِيَّةِ فَكُنْ عَلَى بَصِيرَةٍ.
(12)
قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ.
أَيْ دِيَانَةً أَمَّا قَضَاءً فَيَقَعُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ
(13)
قَوْلُهُ: إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا.
فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ سَرِقَةِ.
الْمُحِيطِ إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ مُكْرَهًا فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ انْتَهَى.
قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: وَلَا يُفْتَى بِعُقُوبَةِ السَّارِقِ فَإِنَّهُ جَوْرٌ وَلَا يُفْتَى بِالْجَوْرِ.
وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَيَحِلُّ ضَرْبُ السَّارِقِ حَتَّى يُقِرَّ قَالَ: مَا لَمْ يَقْطَعْ اللَّحْمَ وَلَا يُظْهِرْ الْعَظْمَ
(14)
قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ.
اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي الْإِقْرَارِ هَلْ هُوَ إخْبَارٌ أَوْ إنْشَاءٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَالِاسْتِدْلَالُ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَبْسُوطٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَبْتَنِي عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ سَمَاعُ دَعْوَى الْأَمْوَالِ وَالْأَعْيَانِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ وَعَدَمُهَا فَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ قَالَ لَا تُسْمَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْغِرْسِ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ قَالَ تُسْمَعُ.
وَأَمَّا دَعْوَى الْمَذْكُورِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ فِي جَانِبِ الدَّفْعِ فَمَسْمُوعَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إخْبَارًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَأَسْنَدَهُ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ كُلِّ.
الْمَالِ وَسَيَأْتِي فِي الْوَرَقَةِ الْآتِيَةِ خِلَافُهُ.
فَلَا يَطِيبُ لَهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا 16 - إلَّا فِي مَسَائِلَ، فَإِنْشَاءٌ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ 17 - وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ أَنْكَرَ يُحَلَّفُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ مِلْكٍ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ.
18 -
مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ؛ كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْمُرَاجِعِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ.
وَتَفَارِيعُهُ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ:
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: فَلَا يَطِيبُ لَهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا.
قَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ فِي الْقُنْيَةِ جَعَلَ ذَلِكَ قَوْلَ بَعْضِ
الْمَشَايِخِ وَعِبَارَتُهُ: الْإِقْرَارُ كَاذِبًا لَا يَكُونُ نَاقِلًا لِلْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَكُونُ نَاقِلًا.
(16)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ.
فَإِنْشَاءٌ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قِيلَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ.
فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِنْشَاءِ فِيهِ لَا أَنَّهُ إنْشَاءٌ مَحْضٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْشَاءٌ فِي مَسَائِلَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ قَالَ أَرَدْتُ بِإِقْرَارِي التَّمْلِيكَ أَنْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَيَكُونَ تَمْلِيكًا لِأَنَّهُ أَرَادَ مَعْنَى الْإِقْرَارِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الْمُقَرُّ لَهُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطَاتِ.
(17)
قَوْلُهُ: وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ.
يُفِيدُ بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْغَيْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ وَوَلَدُهَا أَقَرَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ لِفُلَانٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَلَدُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَارِيَةٍ أَنَّهَا لَهُ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادَهَا
وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ ابْنُ أَمَتِكَ أَوْ هَذَا الْجَدْيُ مِنْ شَاتِكَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَبْدِ وَكَذَلِكَ بِالْجَدْيِ فَلْيُحَرِّرْ.
(18)
قَوْلُهُ: مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ كَالْوَصِيِّ إلَخْ.
قِيلَ عَلَيْهِ: لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ مَدْيُونِ الْمَيِّتِ صَحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَإٍ مِنْ الْقَاضِي.
وَقَدْ صَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرَةِ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِالنِّكَاحِ عَلَيْهَا وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَمَوْلَى الْعَبْدِ بِهِ مَعَ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ إنْشَاءَهُ عَلَيْهِمْ (انْتَهَى) .
أَقُولُ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَمَا سَيَأْتِي فِي وَصِيِّ الْقَاضِي
قُلْتُ فِي الشَّرْحِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهَا دُونَ الْإِخْبَارِ بِهَا.
20 -
الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: قُلْتُ فِي الشَّرْحِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ إلَخْ.
عِبَارَتُهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: الْوَلِيُّ لَوْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ عَلَى الصَّغِيرَةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ تَصْدِيقِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يُصَدَّقُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ وَالْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ثُمَّ الْوَلِيُّ عَلَى مَنْ يُقِيمُ بَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله؛ قَالُوا الْقَاضِي يَنْصِبُ خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يُنْكِرَ فَتُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُنْكِرِ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْأَبُ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ مِنْ عَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ فَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ؛ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُخْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ كَالْوَصِيِّ وَالْمُرَاجِعِ وَالْمَوْلَى وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ؛ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ، مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَأَصْلُ كَلَامِهِمْ يُشْكِلُ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الِاسْتِدَانَةِ (انْتَهَى) .
وَقِيلَ عَلَيْهِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ مِلْكَ الْوَصِيِّ الِاسْتِدَانَةَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي كَالْمُتَوَلِّي فَلَا يُسْتَثْنَى.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَتُسْتَثْنَى مَسَائِلُ أُخَرُ: الْأُولَى لَوْ أَقَرَّ أَبُو الصَّغِيرَةِ بِتَزْوِيجِهَا، الثَّانِيَةُ لَوْ أَقَرَّ أَبُو الصَّغِيرِ بِتَزْوِيجِهِ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَهُوَ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، الثَّالِثَةُ لَوْ أَقَرَّ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ بِالتَّزْوِيجِ.
بِهِ لَا يَصِحُّ وَهُوَ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، الرَّابِعَةُ وَكِيلُ الرَّجُلِ بِهِ كَذَلِكَ، الْخَامِسَةُ لَوْ أَقَرَّ مَوْلَى الْعَبْدِ بِتَزْوِيجِهِ لَا يَصِحُّ وَهُوَ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، كَذَا فِي مَنْظُومَةِ الْعَلَّامَةَ النَّسَفِيِّ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي شُرُوحِهَا، السَّادِسَةُ وَكَّلَهُ بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَعْتَقْتُهُ أَمْسِ وَقَدْ وَكَّلَهُ قَبْلَ الْأَمْسِ لَا يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ عَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ.
قَالَ رحمه الله وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ (انْتَهَى) .
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْفَرْقُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَكِيلُ إذَا قَالَ أَعْتَقْتُهُ أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعِتْقُ وَفِي الْبَيْعِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا أَجَازَ بَيْعَ غَيْرِهِ يَجُوزُ وَالْوَكِيلَ بِالْعِتْقِ إذَا أَجَازَ إعْتَاقَ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ
(20)
قَوْلُهُ: الْمُقَرُّ لَهُ إذَا رَدَّ الْإِقْرَارَ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ إلَخْ.
وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ رَدَّ الْإِقْرَارَ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ بَعْدَ
إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَاف مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَقْفِ.
22 -
الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ. 23 - وَفِي سَبَبِهِ، لَا أُقِرُّ لَهُ بِعَيْنٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَرَقَتَيْنِ وَشَيْءٍ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِثْلُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُمَا مِثْلُ الشِّرَاءِ وَالنِّكَاحِ فَلَا، وَهُوَ إطْلَاقٌ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ (انْتَهَى) .
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّ مَا سَيَأْتِي مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ.
(21)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ
أَقُولُ: الْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمِيعِهَا لِمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْوَقْفِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبَقِيَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ هَلْ يَرْتَدُّ أَوْ لَا لَمْ أَرَهُ
(22)
قَوْلُهُ: الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ: أَيْ اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِي الْعَيْنَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَمَّا ادَّعَى غَيْرَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ رَدًّا لِإِقْرَارِهِ وَهُوَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا عُرِفَ.
وَمَا ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُنْكِرُهُ وَمَتَى وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي السَّبَبِ يَثْبُتُ الْمُقَرُّ بِهِ وَيَبْطُلُ السَّبَبُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ فَإِذَا بَطَلَ وَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ إقْرَارًا بِمَالٍ مُطْلَقٍ غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِالسَّبَبِ وَهُوَ مَقْبُولٌ لِأَنَّ صِحَّتَهُ غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ إلَى ذِكْرِ السَّبَبِ، وَمَتَى وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي بَعْضِ الْمُقَرِّ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يَبْطُلُ وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِيمَا بَقِيَ بِخِلَافِ الْمَشْهُودِ لَهُ إذَا كَذَّبَ شَاهِدَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ حَيْثُ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيقٌ وَالْفِسْقُ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ.
كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْقَاضِي فَخْرِ الدِّينِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ.
قَوْلُهُ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ إذْ لَوْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ لَهُ بِمِائَةٍ مَثَلًا وَالْمُقِرُّ رَفَضَ الْإِقْرَارَ بِسَبْعِينَ كَانَ الظَّاهِرُ لُزُومَ السَّبْعِينَ الَّتِي اعْتَرَفَ بِهَا كَمَا لَا يَخْفَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ شَرْطُ الصِّحَّةِ وَمَاهِيَّةُ السَّبْعِينَ غَيْرُ مَاهِيَّةِ الْمِائَةِ فَلَمْ يُوجَدْ التَّصْدِيقُ عَلَى السَّبْعِينَ وَهَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ.
(23)
قَوْلُهُ: وَفِي سَبَبِهِ لَا.
يَعْنِي لِأَنَّ الْأَسْبَابَ مَطْلُوبَةٌ لِأَحْكَامِهَا لَا لِأَعْيَانِهَا فَلَا
أَوْ أَمَانَةً، فَقَالَ لَيْسَ لِي وَدِيعَةٌ لَكِنْ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ 25 - فَلَا شَيْءَ لَهُ 26 - إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ، 27 - وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ فَلَهُ أَخْذُهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى مِلْكِهِ 28 - إلَّا إذَا صَدَّقَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رحمه الله،
ــ
[غمز عيون البصائر]
يُعْتَبَرُ التَّكَاذُبُ فِي السَّبَبِ بَعْدَ.
اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ أَصْلِ الْمَالِ بِخِلَافِ التَّكَاذُبِ فِي الْمُقِرِّ (24) قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانَةً مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَفِيهِ أَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ وَحَتَّى كَمَا فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ
(25)
قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ.
لِأَنَّ الدَّيْنَ مَعَ الْعَيْنِ مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّ الْعَيْنَ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً لِلْحَالِ وَالدَّيْنُ مَالٌ.
بِاعْتِبَارِ الْعَرَضِيَّةِ فِي الْمَالِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ يُبْطِلُ الْإِقْرَارَ.
(26)
قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ.
بِأَنْ قَالَ الْآمِرُ كَمَا قُلْتُهُ وَالْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِي عِنْدَكَ صَحَّ وَلَهُ أَخْذُ الْأَلْفِ لِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَنْزِلَةِ إنْشَائِهِ فَيُصَادِفُ التَّصْدِيقُ إقْرَارًا مُبْتَدَؤُهُ لَمْ يُبْطِلْهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ لَا يُفِيدُ عَوْدُ الْمُقَرِّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي صَدَّقَهُ فِيهِ قَدْ ارْتَدَّ بِالرَّدِّ وَلَمْ يُجَدِّدْ إقْرَارًا آخَرَ يُصَادِفُهُ التَّصْدِيقُ فَبَطَلَ
(27)
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ إلَخْ.
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَقَالَ لَيْسَ لِي وَدِيعَةٌ، أَيْ: لَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَتْ هِيَ بِوَدِيعَةٍ وَلَكِنْ أَقْرَضْتُكَ عَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفِ وَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْقَرْضَ فَلَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْأَلْفَ الْمُعَيَّنَةَ مِلْكُ الْمُقَرِّ لَهُ.
أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَقَرَّ أَنَّهَا مِلْكُهُ مَا لِلْمُقِرِّ بِالْإِقْرَاضِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَلَا يَثْبُتُ الْقَرْضُ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهَا لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي السَّبَبِ لَا فِي نَفْسِ الْمُقَرِّ بِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنْ هَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (28) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا صَدَّقَهُ.
أَيْ الْمُقِرُّ بِالْقَرْضِ فَحِينَئِذٍ لَا يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُمَا
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ فَلَهُ مِثْلُهَا لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بَطَلَ إقْرَارُهُ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَالْبَائِعُ بِأَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ فِي إقْرَارِهِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ بِالْقَضَاءِ؛ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ.
وَمِنْهُ مَا فِي الْجَامِعِ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةً فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ عَلَى الْكَفِيلِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
تَصَادَقَا عَلَى كَوْنِهَا مَضْمُونَةً عَلَى التَّقَابُضِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهَا بِعَيْنِهَا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَمْلِكُ الْقَرْضَ بِنَفْسِ الْقَرْضِ عِنْدَهُمَا، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ مِثْلَهُ مَعَ قِيَامِهِ فِي يَدِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ وَهُوَ قَبْلَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُقْرِضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ.
وَبَيَانُ الْبِنَاءِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُ فِي الْإِقْرَاضِ لَمْ يَصِرْ مُقِرًّا لَهُ بِمِلْكِ الْعَيْنِ عِنْدَهُمَا بَلْ فِي ذِمَّتِهِ بِأَلْفٍ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقِرِّ أَخْذُهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله صَارَ بِالتَّصْدِيقِ مُقِرًّا لَهُ بِالْعَيْنِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا
(29)
قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ إلَخْ.
بِأَنْ قَالَ الْمُقِرُّ: هَذِهِ الْأَلْفُ بِعَيْنِهَا غَصَبْتهَا مِنْك، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَمْ تَغْصِبْ مِنِّي شَيْئًا لَكِنْ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْغَصْبَ جَمِيعًا فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ مِثْلَهَا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى ثُبُوتِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي ذَكَاتِهِ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مُشَارٍ إلَيْهَا لَكِنَّهُ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِتَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ إيَّاهُ فِي الْغَصْبِ وَالْغَاصِبُ مَتَى عَجَزَ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي ذِمَّتِهِ فَتَقَرَّرَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْأَلْفِ فِي الذِّمَّةِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي السَّبَبِ فَيَقْضِي بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيُبْطِلُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِلرَّدِّ فِي حَقِّ الْعَيْنِ أَيْ لِوُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ بِالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ وَالْعَجْزِ بِالتَّكْذِيبِ وَفِي الْعِبَارَةِ مِنْ الْإِجْحَافِ مَا لَا يَخْفَى.
كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ.
وَخَرَجَتْ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَتَانِ فِي قَضَاءِ الْخُلَاصَةِ يَجْمَعُهُمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ لَا يَكُونُ تَكْذِيبًا لَهُ.
الْأُولَى: لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَضَى بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ. 31 - الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَجَحَدَ وَحَلَفَ وَقَضَى لَهُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِرْ الْغَرِيمُ مُكَذَّبًا حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ.
وَزِدْتُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ صَرِيحًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِبَيِّنَةٍ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ، لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ، فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: وَلَدَتْ 32 - وَزَوْجُهَا غَائِبٌ وَفُطِمَ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَفَرَضَ الْقَاضِي لَهُ النَّفَقَةَ وَلَهَا بَيِّنَةٌ ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَنَفَاهُ لَاعَنَ وَقُطِعَ النَّسَبُ.
وَلَهَا أُخْتَانِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ الشَّهَادَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْيُونِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ شَرْعًا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْفَرْعَيْنِ السَّابِقَيْنِ.
(31)
قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ.
قِيلَ عَلَيْهِ: فِي كَوْنِهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ نَظَرٌ، إذْ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ الْمَدْيُونَ هُوَ الْمُقِرُّ وَالصَّادِرُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ دَعْوَى الْإِيفَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إقْرَارًا كَمَا تَرَى لِيَصِيرَ مُكَذَّبًا فِيهِ بِخِلَافِ رَبِّ الدَّيْنِ فَفِي عَدِّهَا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ تَسَامُحٌ.
(32)
قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا غَائِبٌ فَإِنْ.
قِيلَ جَعْلُهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ يَقْتَضِي تَكْذِيبَ الْمُقَرِّ لَهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَمُؤَاخَذَتَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَمَا وَجْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ الْمُقِرُّ فِيهَا؟ أُجِيبُ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُقِرَّةٌ بِالْوِلَادَةِ مِنْ زَوْجِهَا الْغَائِبِ فَلَمَّا قَدِمَ وَلَاعَنَ صَارَتْ بِاللِّعَانِ مُكَذَّبَةً فِي
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، أَوْ بِوَقْفِيَّةِ دَارٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَمَسْأَلَةُ الْوَقْفِ مَذْكُورَةٌ فِي الْإِسْعَافِ
قَالَ: لَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ (انْتَهَى) .
وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ طَرَفًا مِنْ مَسَائِلِ الْمُقِرِّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا 34 - وَذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَسْأَلَةً فِي الْوَصِيَّةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَهِيَ: رَجُلٌ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ وَلَهُ ابْنٌ فَقَطْ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ، فَأَنْكَرَ الِابْنُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ يُقَالُ لَهُ بُزَيْغٌ، فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قَضَى بِسَالِمٍ، وَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُ الْوَارِثِ بِبُزَيْغٍ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَارِثُ بِبُزَيْغٍ صَحَّ، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا مَسْأَلَةً تُخَالِفُهَا فَلْتُرَاجَعْ قَبْلَ قَوْلِهِ وُلِدَ.
35 -
الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ أَقَرَّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْوِلَادَةِ مِنْهُ لِقَطْعِ النَّسَبِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهَا مُؤَاخَذَةٌ بِإِقْرَارِهَا بِالْوِلَادَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا حَتَّى يَلْتَحِقَ الْوَلَدُ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ لَقِيطٌ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا لِاعْتِرَافِهَا أَوَّلًا بِوِلَادَتِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي وَجْهِ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْقَاعِدَةِ.
(33)
قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا تَضَمَّنَهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ كَوْنُهُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَيْسَ الْمُشَارُ إلَيْهِ أَصْلَ الْقَاعِدَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ.
(34)
قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَسْأَلَةً فِي الْوَصِيَّةِ إلَخْ.
هِيَ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلِهَذَا غَرِمَ قِيمَةَ بُزَيْغٍ لِلْمُوصَى لَهُ
(35)
قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ حُجَّةً يَبْتَنِي عَلَى زَعْمِهِ وَزَعْمُهُ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ
الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الدَّارَ لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بِدَيْنٍ فَلِلدَّائِنِ حَبْسُهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ 36 - وَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَيْنِ فَلَهُ بَيْعُهَا لِقَضَائِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ، 37 - وَلَوْ أَقَرَّتْ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ بِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِي زَوْجِهَا وَصَدَّقَهَا الْأَبُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَمْ يَمْلِكْ الرَّجْعَةَ، وَإِذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ وَلَهُ أَخٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَتَعَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ لِكَوْنِهِ لِلِابْنِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ حُرَّةٍ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ صَحَّتْ، وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ أَخِيهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ، بَاعَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ عَلَى التَّلْجِئَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْجَامِعِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهَا حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ كَوْنَهَا حُجَّةً تَثْبُتُ بِالْقَضَاءِ وَهُوَ عَامٌّ وَلِهَذَا يُقْضَى بِالْوَلَدِ - وَالثَّمَرَةِ لِمُقِيمِهَا - وَجَازَ الْإِقْرَارُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ وَالْبَيِّنَةُ لَا تَجُوزُ.
(36)
قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ لَمْ أَجِدْ فِيهَا نَقْلًا وَهُوَ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا أَرَادَ حَبْسَ الْمَدْيُونِ وَهُوَ فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ هَلْ يُحْبَسُ وَإِنْ بَطَلَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُحْبَسُ وَإِنْ بَطَلَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ.
(37)
قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّتْ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ إلَخْ.
وَقَعَتْ حَادِثَةٌ بِالْقَاهِرَةِ وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّ فُلَانًا أَخِي شَقِيقِي وَلِهَذَا الْمُقِرِّ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَالْمُقَرُّ لَهُ أَبُوهُ غَيْرُ أَبِي الْمُقِرِّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حُرُّ الْأَصْلِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَصَدَّقَتْ عَلَى إقْرَارِ أَخِيهَا حَتَّى لَا يُشَارِكَهَا بَيْنَ الْمَالِ وَهِيَ شَافِعِيَّةُ الْمَذْهَبِ وَثَبَتَ الْإِقْرَارُ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ حَنَفِيٍّ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ قَاضٍ شَافِعِيٌّ فَنَازَعَ صَاحِبٌ بَيْنَ الْمَالِ الْمُقَرَّ لَهُ وَدَارَ سُؤَالُهُمْ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَهُمْ الْأَكْثَرُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِبُطْلَانِهِ وَمِنْهُمْ عَلَّامَةُ الْوَرَى الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مُحَالٌ شَرْعًا، إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ أَبَوَانِ.
قَالَ
الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا 39 - خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَدَاهُ صَحِيحَتَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ 40 - وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا، مَثَلًا: لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ. 41 - فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِالسَّوِيَّةِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ.
أَقُولُ يَعْنِي فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِيلُ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ لِلْوَاحِدِ أَبَوَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ إلَى خَمْسَةٍ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا ادَّعَاهُ الشُّرَكَاءُ بَلْ قَدْ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَاحِدِ الْحُرِّ الْأَصْلِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي اللَّقِيطِ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ حُرَّانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
(38)
قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ مُحَالٍ بَاطِلٌ.
هَلْ مِنْهُ مَا إذَا أَقَرَّتْ عَقِبَ الْعَقْدِ أَنَّ مَهْرَهَا لِزَيْدٍ مَثَلًا؟ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ أَنَّهَا إذَا أَقَرَّتْ وَقَالَتْ الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِفُلَانٍ أَوْ لِوَالِدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْقُنْيَةِ
(39)
قَوْلُهُ: خَمْسِمِائَةِ بِالْجَرِّ.
بَدَلٌ مِنْ أَرْشِ.
(40)
قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ إلَخْ.
يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِنَفَقَةِ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ هِيَ فِيهَا نَاشِزَةٌ أَوْ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ قَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ وَهِيَ مُعْتَرِفَةٌ بِذَلِكَ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ مُحَالًا شَرْعًا وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَدْ أَفْتَيْتُ آخِذًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إقْرَارَ أُمِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا بِدَيْنٍ لَزِمَهَا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ بَاطِلٌ شَرْعًا وَإِنْ كَتَبَ بِهِ وَثِيقَةً لِعَدَمِ تَصَوُّرِ دَيْنٍ لِلْمَوْلَى عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ إذْ الْمِلْكُ لَهُ فِيهَا كَامِلٌ وَالْمَمْلُوكُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِمَالِكِهِ
(41)
قَوْلُهُ: فَأَقَرَّ الِابْنُ أَنَّ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إلَخْ.
قِيلَ: يَنْبَغِي صِحَّةُ الْإِقْرَارِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَا لَمْ يَزِدْ فِي إقْرَارِهِ بِالْإِرْثِ إذْ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ
ذَكَرْنَا، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْحِيَلِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الصَّغِيرِ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، قَرْضًا أَقْرَضَنِيهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَنِيهِ، صَحَّ الْإِقْرَارُ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ وَلَا يُتَصَوَّرَانِ مِنْهُ، لَكِنْ إنَّمَا يَصِحُّ 42 - بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ (انْتَهَى) . 43 - وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ صَحِيحٌ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا 44 - كَالْمِيرَاثِ 45 - وَالْوَصِيَّةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
بِالْوَصِيَّةِ مَعَ الْإِجَازَةِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ وُجُودِ التَّمْلِيكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(42)
قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ إلَخْ.
يَعْنِي بِأَنَّ الْبَيْعَ أَوْ الْقَرْضَ صَدَرَ مِنْ بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ فَأَضَافَهُ إلَى الصَّغِيرِ مَجَازًا.
(43)
قَوْلُهُ: وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ صَحِيحٌ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْحَمْلِ حَيْثُ جَازَ الْإِقْرَارُ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ لِلثَّانِي أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْبَيْعُ مِنْ الْجَنِينِ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ، بِخِلَافِ الصَّغِيرِ لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ فَيُضَافُ إلَيْهِ عَقْدَ الْوَلِيِّ مَجَازًا.
هَكَذَا فَهِمْتُ مِنْ كَلَامِهِمْ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: وَجْهُهُ فِي الْمُحِيطِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لِلصَّغِيرِ وَإِنْ بَيَّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الدَّيْنِ بِسَبَبٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الصَّبِيِّ نَفْيُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ بِخُلُوِّ كَذِبِهِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي السَّبَبِ بِأَنْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ غَصْبًا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ دَيْنًا يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ السَّبَبَ كَذَا هَذَا
(44)
قَوْلُهُ: كَالْمِيرَاثِ بِأَنْ قَالَ وَرِثَ الْحَمْلُ مِنْ أَبِيهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتَهْلَكْتُهَا.
(45)
قَوْلُهُ:
وَالْوَصِيَّةِ بِأَنْ قَالَ أَوْصَى لَهُ فُلَانٌ وَمَاتَ ثُمَّ إنْ وُلِدَ الْحَمْلُ حَيًّا فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ يَكُونُ الْمَالُ لَهُ وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا يَرُدُّ الْمَالَ عَلَى وَرَثَةِ
وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَا يَصْلُحُ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بَطَلَ، لِكَوْنِهِ مُحَالًا.
يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَا لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ، 47 - فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ تَأْجِيلَ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حِينَ وَجَبَ. وَجَبَ مُؤَجَّلًا صَحَّ إقْرَارُهُ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَقْذُوفُ الْعَفْوَ عَنْ الْقَاذِفِ، وَلَوْ قَالَ الْمَقْذُوفُ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي دَعْوَايَ سَقَطَ الْحَدُّ، كَذَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ حِيَلِ الْمُدَايَنَاتِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْمُوصِي أَوْ الْمُوَرِّثِ وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ فَفِي الْوَصِيَّةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ.
(46)
قَوْلُهُ: وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَا يَصِحُّ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بَطَلَ لِكَوْنِهِ مُحَالًا
كَمَا إذَا قَالَ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي حَمْلُ فُلَانَةَ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ.
فَإِنْ قُلْتُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِيمَا ذَكَرَ لِأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهِ؛ قُلْتُ لَيْسَ هَذَا بِرُجُوعٍ بَلْ بَيَانِ سَبَبٍ مُحْتَمَلٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِهِ بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ عَنْهُ فَظَنَّ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَأَضَافَهُ إلَى الْحَمْلِ مَجَازًا.
كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ
أَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا لَوْ أَبْهَمَ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمَعِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ أَبْهَمَ يَبْطُلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إقْرَارُهُ لِأَنَّ لِجَوَازِهِ وَجْهَيْنِ: الْوَصِيَّةَ وَالْإِرْثَ وَلِفَسَادِهِ وُجُوهًا.
وَأَجَازَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ.
(47)
قَوْلُهُ: فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ تَأْجِيلَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ إلَخْ.
أَقُولُ: فِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَوَجْهُ تَفْرِيعِ مَا ذَكَرَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَحَدَ الدَّائِنَيْنِ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ مُؤَجَّلٌ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ نُفُوذِهِ عَلَى شَرِيكِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِاتِّفَاقِ الشَّرِيكَيْنِ وَالْمَدْيُونِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا تَأْجِيلَ نَصِيبِهِ مِنْهُ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ لِلتَّأْجِيلِ وَوَجْهُ عَدَمِ ذَلِكَ إنْشَاءِ التَّأْجِيلِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٍ فَالْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْإِنْشَاءِ يَسْتَلْزِمُ تَأْجِيلَ دَيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِ