المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌وَكِيلُ الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ

- ‌ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌الْإِقْرَارُ لِلْمَجْهُولِ

- ‌ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرُّبْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ

- ‌ الْإِقْرَارِ فِي الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌ الْحَقُّ إذَا أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ

- ‌[ادَّعَى الْمُدَّعَى دَيْنًا فَأَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ]

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌لَا جَبْرَ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ

- ‌كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ.وَفِيهِ مَسَائِلُ

- ‌ قَالَ الطَّالِبُ لِمَطْلُوبِهِ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْكَ

- ‌ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ

- ‌ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَرَدَّهُ

- ‌[قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتَهُ لَهُ ثُمَّ رَدَّهُ]

- ‌[قَالَ الْمَدْيُونُ فِي الصُّلْحِ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّهُ]

- ‌ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ

- ‌ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ

- ‌ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِبْرَاءِ وَالْآخَرُ بِالْهِبَةِ

- ‌كُلّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعٍ:

- ‌ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَمَانَاتِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ

- ‌[أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ]

- ‌ مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ

- ‌ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ

- ‌[عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا]

- ‌[حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه]

- ‌أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ

- ‌أَحْكَامُ السَّكْرَانِ

- ‌أَحْكَامُ الْعَبِيدِ

- ‌أَحْكَامُ الْأَعْمَى

- ‌الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ

- ‌أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ

- ‌مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ

- ‌بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ

- ‌أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ

- ‌ أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

- ‌[أَحْكَامُ الْأُنْثَى]

- ‌[أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ آخَرُ اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌أَحْكَامُ الْجَانِّ

- ‌أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ

- ‌أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ

- ‌(فَوَائِدُ) :

- ‌ لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا

- ‌[مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا]

- ‌[الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل]

- ‌ لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ

- ‌ كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ

- ‌[لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌أَحْكَامُ الْعُقُودِ

- ‌أَحْكَامُ الْفُسُوخِ

- ‌أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ

- ‌[أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ]

- ‌(قَاعِدَةٌ) : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ

- ‌ الْأُولَى: أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ:

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [

- ‌الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ

- ‌الثَّالِثَةُ: الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ

- ‌الرَّابِعَةُ: الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ

- ‌الْخَامِسَةُ: لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ

- ‌[السَّادِسَةُ الْقَرْض هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ]

- ‌السَّابِعَةُ: دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ

- ‌[التَّاسِعَةُ وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ]

- ‌[الثَّامِنَةُ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ]

- ‌[الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْعُقُود]

- ‌[الْعَاشِرَةُ يَمْلِكُ الصَّدَاق بِالْعَقْدِ]

- ‌[الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ]

- ‌ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي

- ‌[الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ]

الفصل: ‌[حقيقة الجهل وأقسامه]

وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ

36 -

وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ 37 - عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ؛

ــ

[غمز عيون البصائر]

يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يَقْضِي دَيْنًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَارِثَ نَسِيَ أَيْضًا حَتَّى مَاتَ لَا يُؤَاخَذُ الْوَارِثُ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يُبَاشِرْ سَبَبَ الدَّيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا، وَالنِّسْيَانُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ (انْتَهَى) .

فَلَعَلَّ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا فَلْيُرَاجَعْ

[عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا]

(35)

قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

أَقُولُ: قَالَ فِيهَا يَسْتَأْذِنُهُمْ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ كَيْفَ شَاءَ فَإِذَا أَذِنُوا لَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ كَيْفَ شَاءَ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَسَنٌ لَوْ أَذِنُوا لَهُ

[حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه]

(36)

قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ إلَخْ. قِيلَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُسْتَلْزَمُ كَوْنُ الْمَعْدُومِ شَيْئًا إذْ الْجَهْلُ يَتَحَقَّقُ بِالْمَعْدُومِ كَمَا يَتَحَقَّقُ بِالْمَوْجُودِ أَوْ كَوْنُ الْمَعْدُومِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الْحَدِّ، وَكَلَامُهُمَا فَاسِدٌ كَذَا فِي الْكَشْفِ الصَّغِيرِ. أَقُولُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ مُعْتَزِلِيٌّ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ. (37) قَوْلُهُ: عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ. أَيْ أَنْ يَعْلَمَ؛ فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ لِلْحَجَرِ وَالْحَائِطِ جَاهِلٌ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ شَأْنَهُمَا فَيَكُونُ التَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلَ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَيْدٌ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ يَكُونُ الْحَجَرُ وَالْحَائِطُ جَاهِلَيْنِ فَالتَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَقِيلَ: إنَّهُ صِفَةُ تَضَادِّ الْعِلْمِ فِي مَحَلٍّ قَابِلٍ لَهُ فَهُوَ وُجُودِيٌّ وَالتَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ التَّضَادِّ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى نَظَرِيٌّ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَيُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِالتَّعَلُّمِ وَإِنَّمَا الْعَيْبُ فِي التَّقْصِيرِ فِي إزَالَتِهِ قَالَ الْمُتَنَبِّي:

وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا

كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَاجْهَدْ بِنَفْسِك وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا

فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لَا بِالْجِسْمِ إنْسَانُ

ص: 296

فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ، 39 - وَهُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ 40 - وَإِلَّا فَبَسِيطٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الشُّعُورِ

41 -

وَأَقْسَامُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ كَمَا فِي الْمَنَارِ أَرْبَعَةٌ، 42 - الْأَوَّلُ: جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ، 43 - كَجَهْلِ الْكَافِرِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِ الْآخِرَةِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ فَمُرَكَّبٌ.

بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَالِمٌ اعْتِقَادًا غَيْرَ مُطَابِقٍ.

(39)

قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ إلَخْ.

أَقُولُ: وَحَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ مَعَ اعْتِقَادِ الْمُطَابَقَةِ وَهُوَ عَيْبٌ لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِالتَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَالِمٌ فَلَا يَشْتَغِلُ بِالتَّعَلُّمِ وَعَلَى تَقْسِيمِ الْجَهْلِ إلَى مُرَكَّبٍ وَبَسِيطٍ قَالَ الشَّاعِرُ:

قَالَ حِمَارُ الْحَكِيمِ يَوْمًا

لَوْ أَنْصَفُونِي لَكُنْت أَرْكَبُ

؛ لِأَنَّنِي جَاهِلٌ بَسِيطٌ

وَرَاكِبِي جَهْلُهُ مُرَكَّبُ

وَقَالَ الْمُتَنَبِّي:

وَمَنْ جَاهِلٍ لِي وَهُوَ يَجْهَلُ جَهْلَهُ

وَيَجْهَلُ عِلْمِي أَنَّهُ بِي جَاهِلٌ

(40)

قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبَسِيطٌ إلَخْ.

وَذَلِكَ كَمَا إذَا قِيلَ لَك أَنْتَ تَعْلَمُ عَدَدَ شَعْرِ رَأْسِك أَوْ تَجْهَلُهُ فَتَقُولُ أَجْهَلُهُ فَإِذَا قِيلَ لَك أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّك جَاهِلٌ بِذَلِكَ فَتَقُولُ نَعَمْ

(41)

قَوْلُهُ: وَأَقْسَامُهُ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْمَنَارِ.

أَقُولُ الَّذِي فِي الْمَنَارِ وَشُرُوحِهِ أَنَّ الْجَهْلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَالثَّانِي الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ وَالثَّالِثُ الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ.

(42)

قَوْلُهُ: جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ.

قُيِّدَ بِالْآخِرَةِ إذْ قَدْ يُجْعَلُ عُذْرًا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا بِقَبُولِ الذِّمَّةِ حَتَّى لَا يُقْتَلَ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ حَتَّى يُعَاقَبَ فِيهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِشَرَفِ بْنِ كَمَالٍ.

(43)

قَوْلُهُ: كَجَهْلِ الْكَافِرِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى.

أَقُولُ الصَّوَابُ كَجَهْلِ الْكَافِرِ

ص: 297

وَجَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى

ــ

[غمز عيون البصائر]

بِاَللَّهِ وَرُسُلِهِ وَهُوَ الْأَقْوَى فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ وَعِنَادٌ بَعْدَ وُضُوحِ الدَّلَائِلِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُبُوبِيَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ حُدُوثِ الْعَالَمِ الْمَحْسُوسِ وَكَذَا عَلَى حَقِّيَّةِ الرَّسُولِ مِنْ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ وَأَوْرَدَ بِأَنَّ الْكَافِرَ الْمُعَانِدَ قَدْ يَعْرِفُ الْحَقَّ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ جَهْلًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى الْجَهْلِ مِنْهُمْ عَدَمُ التَّصْدِيقِ الْمُفَسَّرُ بِالْإِذْعَانِ وَالْقَبُولِ وَرَدَّهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ بِأَنَّ الْإِذْعَانَ حَاصِلٌ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ قَلْبِيٌّ وَأَجَابَ عَنْ الْإِيرَادِ بِأَنَّ تَرْكَ الْإِقْرَارِ فِيمَا يَعْرِفُهُ وَيَجْحَدُهُ جَهْلٌ ظَاهِرٌ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ بِأَنَّ تَرْكَ الْإِقْرَارِ كَالْإِقْرَارِ لِسَانِيٌّ كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ كَالْعِلْمِ جِنَانِيٌّ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ جَعْلُ تَرْكِ الْإِقْرَارِ مِنْ قَبِيلِ الْجَهْلِ؟ وَأَجَابَ الْمَوْلَى خُسْرو عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ فِي شَرْحِ الْمِرْقَاةِ إمَّا بِتَخْصِيصِ الْمِثَالِ بِجَهْلِ كَافِرٍ غَيْرِ مُعَانِدٍ، وَإِمَّا بِتَعْمِيمِهِ بِجَهْلِ الْمُعَانِدِ وَجَعْلِ تَسْمِيَةِ فِعْلِهِ جَهْلًا مِنْ قَبِيلِ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ، فَإِنَّ تَرْكَهُمْ الْإِقْرَارَ وَإِظْهَارَهُمْ الْإِنْكَارَ مُسَبَّبٌ عَنْ جَهْلِهِمْ لِوَخَامَةِ عَاقِبَةِ مَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِمُوجَبِ عِلْمٍ تُفِيدُهُ الْبَرَاهِينُ الْقَطْعِيَّةُ فَتَدَبَّرْ.

(44)

قَوْلُهُ: وَجَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى.

أَيْ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلُ جَهْلِ الْمُجَسِّمَةِ وَالْكَرَامِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِحُدُوثِ صِفَاتِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِثْلُ جَهْلِ الْفَلَاسِفَةِ بِالصِّفَاتِ حَيْثُ لَا يُثْبِتُونَهَا وَيُمَتِّنُونَ مِنْ إطْلَاقِ مِثْلِ الْعَالِمِ وَالْقَادِرِ وَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ عَلَى الْبَارِئِ تَعَالَى تَفَاوُتًا عَنْ التَّشْبِيهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ صِفَاتِ اللَّهِ - تَعَالَى - حَقِيقِيَّةً قَائِمَةً بِذَاتِهِ تَعَالَى وَيَقُولُونَ عَالِمٌ بِلَا عِلْمٍ وَقَادِرٌ بِلَا قُدْرَةٍ وَمِثْلُ جَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مِثْلُ جَهْلِ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ وَالْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ وَهَذَا الْجَهْلُ دُونَ الْأَوَّلِ لِكَوْنِ هَذَا الْجَاهِلِ مُتَأَوِّلًا بِالْقُرْآنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّاهِدِيَّ صَرَّحَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى عَذَابِ الْقَبْرِ وَبِالرُّؤْيَةِ وَالشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَعَفْوِ مَا دُونَ الْكُفْرِ وَعَدَمِ خُلُودِ الْفُسَّاقِ فِي النَّارِ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الْمِرْآةِ شَرْحِ الْمِرْقَاةِ.

ص: 298

وَجَهْلِ الْبَاغِي حَتَّى يَضْمَنَ مَالَ الْعَدْلِ إذَا أَتْلَفَهُ.

وَجَهْلِ 46 - مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ وَالْإِجْمَاعَ كَالْفَتْوَى بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

47 -

وَالثَّانِي: الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ أَوْ فِي مَوْضِعِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَجَهْلِ الْبَاغِي إلَخْ.

وَهُوَ الَّذِي خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْحَقِّ ظَانًّا أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، وَالْإِمَامُ عَلَى الْبَاطِلِ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلدَّلِيلِ الْقَاطِعِ الْوَاضِحِ، وَهُوَ أَنَّ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ عَادِلًا يَكُونُ عَلَى الْحَقِّ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْوِيلٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللُّصُوصِ، وَعَلَى هَذَا قُلْنَا الْبَاغِي إنْ أَتْلَفَ مَالَ الْعَادِلِ أَوْ نَفْسَهُ وَلَا مَنَعَةَ لَهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ لِبَقَاءِ وِلَايَةِ الْإِلْزَامِ لِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَلَا شَوْكَةَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ مَنَعَةٌ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ إذْ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ عَلَيْهِ مُنْقَطِعَةٌ لِشَوْكَتِهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِتَأْوِيلِهِ الْفَاسِدِ هَذَا إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِهِ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ بِالْأَخْذِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ مُعَلَّلٌ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ وَهِيَ الْمَنَعَةُ مَعَ التَّأْوِيلِ فَإِذَا انْتَفَى أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ.

(46)

قَوْلُهُ: وَجَهْلِ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ أَوْ عَمِلَ بِالْغَرِيبِ عَلَى خِلَافِ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ أَصْلًا كَالْفَتْوَى بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَهُوَ مَذْهَبُ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَدَاوُد الْأَصْفَهَانِيِّ مُتَمَسِّكِينَ بِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ:«كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» كَالْفَتْوَى بِحِلِّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا عَمَلًا بِالْغَرِيبِ مِنْ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]

(47)

قَوْلُهُ: وَالثَّانِي: الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ.

يَعْنِي بِأَنْ لَا يَكُونَ

ص: 299

الشُّبْهَةِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا وَشُبْهَةً، كَالْمُحْتَجِمِ إذَا أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا فَطَّرَتْهُ، وَكَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ وَالِدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ 48 - عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ

1 -

وَالثَّالِثُ: الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ 2 - وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا

ــ

[غمز عيون البصائر]

مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا كَالْمُحْجِمِ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْحِجَامَةَ مُفْطِرَةٌ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّ الْحِجَامَةَ تُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَوْزَاعِيِّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَهَذَا إذَا كَانَ ظَنُّهُ مَبْنِيًّا عَلَى فَتْوَى مُفْتٍ أَوْ سَمَاعِ حَدِيثٍ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَبْنِيٍّ عَلَى أَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ الْمُغْتَابِ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْغِيبَةَ فَطَّرَتْهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْغِيبَةُ تُفْطِرُ الصَّائِمَ» ؛ لِأَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَكُونُ جَهْلُهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ.

(48)

قَوْلُهُ: عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ مُتَّصِلَةٌ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالزَّوْجَيْنِ، وَالْمَنَافِعُ دَائِرَةٌ؛ وَلِهَذَا لَا نَقْبَلُ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فَيَكُونُ مَحَلًّا لِلِاشْتِبَاهِ فَيَصِيرُ الْجَهْلُ شُبْهَةً فَتَصْلُحُ دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَيُسَمَّى هَذَا شُبْهَةَ الِاشْتِبَاهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ، وَإِنْ ادَّعَى وَلَدُهَا، وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ حَيْثُ يَثْبُتُ النَّسَبُ إذَا ادَّعَى وَلَدَهَا وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ نَشَأَتْ فِيهِ عَنْ الدَّلِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَشُبْهَةُ الدَّلِيلِ أَقْوَى مِنْ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ

(1)

قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ.

أَيْ الْجَهْلُ بِالشَّرَائِعِ مِنْ مُسْلِمٍ أَسْلَمَ فِيهَا.

(2)

قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا.

حَتَّى لَوْ مَكَثَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَغَيْرَهُمَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا خِلَافًا لِزُفَرَ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْخِطَابُ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ إلَيْهِ حَقِيقَةً بِالسَّمَاعِ وَتَقْدِيرًا بِالشُّهْرَةِ فَيَصِيرُ جَهْلُهُ عُذْرًا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِشُيُوعِ الْأَحْكَامِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ السُّؤَالِ.

ص: 300

وَيَلْحَقُ بِهِ.

الرَّابِعُ: وَهُوَ جَهْلُ الشَّفِيعِ، 4 - وَجَهْلُ الْأَمَةِ بِالْإِعْتَاقِ، 5 - وَجَهْلُ الْبِكْرِ بِنِكَاحِ الْوَلِيِّ، 6 - وَجَهْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْإِطْلَاقِ 7 - وَضِدُّهُ (انْتَهَى)

وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ؛ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَكَذَا، وَهُوَ مَيِّتٌ 8 - إنْ عَلِمَ بِهِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَنْزِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ جَهْلُ الشَّفِيعِ إلَخْ.

أَيْ بِالْبَيْعِ حَتَّى يَكُونَ عُذْرًا، وَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ خَفِيٌّ فِي حَقِّهِ أَيْضًا إذْ رُبَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ، وَلَا يَشْتَهِرُ.

(4)

قَوْلُهُ: وَجَهْلُ الْأَمَةِ بِالْإِعْتَاقِ، وَكَذَا بِالْخِيَارِ.

أَيْ إذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ الْمَنْكُوحَةُ يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَ الزَّوْجِ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ «مَلَكْت نَفْسَك فَاخْتَارِي» فَجَهْلُهَا بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْخِيَارِ يُجْعَلُ عُذْرًا؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ خَفِيٌّ فِي حَقِّهَا أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ خِدْمَةَ الْمَوْلَى شَاغِلَةٌ لَهَا عَنْ تَعَلُّمِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ كَمَنْ زَوَّجَهَا الْأَخُ أَوْ الْعَمُّ، فَإِنَّهُ تَبْطُلُ بِالْجَهْلِ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ غَيْرُ خَفِيٍّ فِي حَقِّهَا لِتَمَكُّنِهَا مِنْ التَّعَلُّمِ.

(5)

قَوْلُهُ: وَجَهْلُ الْبِكْرِ بِنِكَاحِ الْوَلِيِّ.

أَيْ بِإِنْكَاحِهِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ إذَا زَوَّجَ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ، وَلَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ يُجْعَلُ جَهْلُهَا عُذْرًا حَتَّى يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ سَكَتَتْ قَبْلَهُ.

(6)

قَوْلُهُ: وَجَهْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْإِطْلَاقِ.

أَيْ جَهْلُ الْوَكِيلِ بِإِطْلَاقِ الْوَكَالَةِ، وَجَهْلُ الْمَأْذُونِ بِالْإِذْنِ يَكُونُ عُذْرًا فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا وَلَا مَأْذُونًا بِدُونِ الْعِلْمِ حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْمَوْلَى.

(7)

قَوْلُهُ: وَضِدُّهُ انْتَهَى.

أَيْ جَهْلُ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْحَجْرِ يَكُونُ عُذْرًا أَيْضًا لَكِنَّهُ يُنْفِذُ تَصَرُّفَهُمَا لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ وَلُزُومِ الضَّرَرِ

(8)

قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِهِ حَنِثَ.

وَجْهُ الْحِنْثِ: أَنَّ حَلِفَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ يَمِينِهِ لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ بِطَرِيقِ خَرْقِ الْعَادَةِ فَتَنْعَقِدُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَيَحْنَثُ لِلْحَالِ لِعَجْزِهِ الْعَادِي كَمَا فِي الْحَلِفِ عَلَى مَسِّ السَّمَاءِ

ص: 301

وَقَالُوا: لَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِأَنَّ لَهَا خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ بِسُكُوتِهَا، 10 - وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الصَّغِيرَةُ خِيَارَ الْبُلُوغِ بَطَلَ،

11 -

وَقَالُوا: لَوْ اسْتَامَ جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً أَوْ ثَوْبًا مَلْفُوفًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ بَعْدَ الْكَشْفِ؛ قِيلَ: يُعْذَرُ إذْ ادِّعَاؤُهُ لِلْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ وَقِيلَ لَا.

وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ،

12 -

وَقَالُوا: يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالتَّنَاقُضِ لِلْجَهْلِ، وَقَالُوا: إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ ثُمَّ ادَّعَتْ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ، فَإِذَا بَرْهَنَتْ اسْتَرَدَّتْ الْبَدَلَ لِلْجَهْلِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ، وَأَدَّى

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَقَالُوا: لَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ.

أَيْ الْمَنْكُوحَةُ.

(10)

قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الصَّغِيرَةُ إلَخْ.

أَيْ الْحُرَّةُ الصَّغِيرَةُ فِي النِّكَاحِ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ

(11)

قَوْلُهُ: وَقَالُوا لَوْ اسْتَامَ جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً إلَخْ.

فِي الْبَحْرِ لِلْمُصَنَّفِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: اشْتَرَى جَارِيَةً فِي نِقَابٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا لَا يُقْبَلُ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ يُقْبَلُ قَالَ مُحَمَّدٌ اُنْظُرْ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَفُ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ كَالْجَارِيَةِ الْقَائِمَةِ الْمُتَنَقِّبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا فَيُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ كَثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَاعِدَةٍ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ لَا يَرَى مِنْهَا شَيْئًا يُقْبَلُ، وَلِأَجْلِ هَذَا اخْتَلَفَتْ أَقَاوِيلُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ فِي الْمَسَائِلِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

(12)

قَوْلُهُ: وَقَالُوا: يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي إلَخْ.

أَمَّا الْوَارِثُ فَصُورَتُهُ لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ، فَحَلَفَ ذُو الْيَدِ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ، وَلَوْ ادَّعَى الْإِرْثَ أَوَّلًا ثُمَّ الشِّرَاءَ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِهِ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّي فَصُورَتُهُ لَوْ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَقْفَ تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِغَيْرِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَمَّا صُورَتُهُ فِي الْوَصِيِّ فَأَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ يَدَّعِيَ أَنَّهَا لَهُ مَوْرُوثَةٌ عَنْ أَبِيهِ

ص: 302

الْبَدَلَ ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْتَاقَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ، وَيَسْتَرِدُّ الْبَدَلَ إذَا بَرْهَنَ

13 -

وَقَالُوا: إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ يُقْبَلُ.

وَقَالُوا فِي بَابِ الرَّضَاعِ؛ 14 -: وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الْبَحْرِ 15 - مِنْ بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ 16 - أَنَّ الْجَهْلَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا لِدَفْعِ الْفَسَادِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَبِيرَةِ لَوْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَقَالُوا: إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ إلَخْ.

فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ بَيْعِ الْأَبِ عَقَارَ الِابْنِ الصَّغِيرِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ، قِيلَ لَهُ فَإِنْ بَاعَ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَاصَمَ هُوَ بِنَفْسِهِ أَنَّ بَيْعَهُ وَقَعَ هَكَذَا وَأَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ؟ فَقَالَ إنْ سَبَقَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَكَتَبَ ذَلِكَ فِي السَّكِّ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَسْتَقِمْ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ.

قَالَ نَجْمُ الدِّينِ: وَعُرِضَ عَلَيَّ جَوَابُ الْأَئِمَّةِ مِنْ بُخَارَى عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ لِلْأَبِ دَعْوَى ذَلِكَ، وَقَالَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ الْبَيْعَ وَلَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَوَقَفَ عِنْدَ الدَّعْوَى أَنِّي بِعْت وَلَمْ أَعْلَمْ بِالْغَبْنِ أَوْ بِعْت بِالْغَبْنِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إذَا غَبَنَ الْأَبُ فَاحِشًا فَالْحَاكِمُ يُنَصِّبُ قَيِّمًا عَنْ الصَّبِيِّ يَدَّعِي عَلَى مُشْتَرِيهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَبِ، وَلَوْ ادَّعَاهُ الِابْنُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَالْمُشْتَرِي أَنْكَرَ الْغَبْنَ بِحُكْمِ الْحَالِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْمُدَّةُ قَدْرَ مَا يَتَبَدَّلُ فِيهِ السِّعْرُ، وَإِلَّا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ مُثْبِتِ الزِّيَادَةِ أَوْلَى

(14)

قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ.

يَعْنِي؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ يَعْنِي؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُبْتَنَى عَلَى الْعُلُوقِ، وَالطَّلَاقُ وَالْحُرِّيَّةُ يَنْفَرِدُ بِهِمَا الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى.

(15)

قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.

صَوَابُهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ.

(16)

قَوْلُهُ: أَنَّ الْجَهْلَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا لِدَفْعِ الْفَسَادِ إلَخْ.

مَقُولَةُ قَوْلِهِ وَقَالُوا فِي بَابِ الرَّضَاعِ لَا قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ص: 303

جَهِلَتْ أَنَّ الْإِرْضَاعَ مُفْسِدٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ

17 -

وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَاهِلًا.

قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ.

وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ وَلَا يُعْذَرُ (انْتَهَى) .

وَفِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ ظَنَّ لِجَهْلِهِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ حَلَالٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ضَرُورَةً، كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا

وَقَالُوا فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ: لَوْ اشْتَرَى مَا كَانَ رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا خِيَارَ لَهُ 18 - إلَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَرْئِيَّةٌ لِعَدَمِ الرِّضَاءِ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: إنَّ الْجَهْلَ بِكَوْنِهِ مَالَ الْغَيْرِ يَدْفَعُ الْأُمَّ لَا الضَّمَانَ.

وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَاهِلًا إلَخْ.

قَالَ الْبَزَّازِيُّ فِي شَرْحِ اللَّامِيَّةِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْكُفْرِ عَنْ اعْتِقَادٍ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَكْفُرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّهَا لَفْظُ الْكُفْرِ إلَّا أَنَّهُ أَتَى بِهِ عَنْ اخْتِيَارٍ يَكْفُرُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ، وَالْجَهْلُ عُذْرٌ وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ مَأْمُورٌ أَنْ يَمِيلَ إلَى الْقَوْلِ الَّذِي لَا يُوجِبُ التَّكْفِيرَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْجَهْلُ عُذْرًا الْحُكْمُ عَلَى الْجُهَّالِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَلْفَاظَ الْكُفْرِ، وَلَوْ عَرَفُوا لَمْ يَتَكَلَّمُوا (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهُوَ حَسَنٌ لَطِيفٌ (انْتَهَى) .

وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً فِي زَمَنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قِيلَ لَهَا: إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَتْ: لَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِهِمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ عِبَادُهُ فَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَا كَفَرَتْ فَإِنَّهَا جَاهِلَةٌ، فَعَلَّمُوهَا حَتَّى عَلِمَتْ

(18)

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مَرْئِيَّةٌ.

حَاصِلُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ لَهُ فَيَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ ظَنِّهِ لَا عَلَى اعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ

ص: 304

ذَلِكَ قَالَ سَأَلْت الْفُقَهَاءَ عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؟ فَقَالَ 19 - لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ (انْتَهَى) .

وَقَالَ قَبْلَهُ: إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى ظَنِّ صِدْقِ الْمُفْتِي بِالْوُقُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَأَهُ فَإِفْتَاءُ الْأَهْلِ لَمْ يَقَعْ دِيَانَةً 20 - وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ،

21 -

وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ.

22 -

وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِيصَاءِ جَازَ،

23 -

وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ ثُمَّ عَلِمَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْجَدُّ مَالَ ابْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ نَفَذَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَمُقْتَضَى بَيْعِ الْوَارِثِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ابْنَهُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فَقَالَ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ (انْتَهَى) .

يَعْنِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ

(20)

قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ.

قِيلَ فَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِقْرَارِهِ فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ لَا الظَّاهِرُ لَا وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ

(21)

قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ.

قِيلَ أَيْ لَمْ يَنْفُذْ فَلَوْ لَحِقَتْهُ الْإِجَازَةُ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ (انْتَهَى) .

وَفِيهِ تَأَمُّلٌ

(22)

قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِيصَاءِ جَازَ.

يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إثْبَاتُ خِلَافَةٍ فَصَحَّ بِلَا عِلْمِهِ كَالْوِرَاثَةِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهَا إثْبَاتُ وِلَايَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ مَعَ الْجَهْلِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ

(23)

قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ إلَخْ.

أَقُولُ: إنَّمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْيِيدُ بِالْأَبِ اتِّفَاقِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى

ص: 305

ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا نَفَذَ.

وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَبَانَ رَاجِعًا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ.

وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ مَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ؛: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ مَا وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ، قَالُوا: إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ 25 - ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا،

26 -

وَلَوْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ، قَالُوا: إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِطَرِيقِ الْفِقْهِ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ ضَمِنَ مَا دَفَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا، 27 - وَلَوْ دَفَعَ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ، فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ مُورَثِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَمُقْتَضَى بَيْعِ الْوَارِثِ دُونَ أَنْ يَقُولَ بَيْعُ الْأَبِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى وَهِيَ: أَجَّرَ عَقَارًا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ، وَهُوَ نَاظِرُهُ، ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الْوَقْفِيَّةِ بِشَرْطِ الْبَيْعِ بِلَفْظِهِ، وَصَارَ مِلْكًا مَوْرُوثًا لَهُ هَلْ تَبْقَى الْإِجَارَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ عَلَى حَالِهَا أَوْ تَنْفَسِخُ وَيُؤَجِّرُهُ ثَانِيًا لَمْ أَرَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُجَازِفِينَ بِعَدَمِ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ.

(24)

قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا نَفَذَ.

قِيلَ هُوَ - عَلَى تَقْدِيرِ انْحِصَارِ الْإِرْثِ فِيهِ - ظَاهِرٌ أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَالنُّفُوذُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَةِ الشَّرِيكِ

(25)

قَوْلُهُ: ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا.

قِيلَ: وَهَلْ يَرْجِعُ الْمَدْيُونُ عَلَى الطَّالِبِ بِمَا دَفَعَهُ الْوَكِيلُ إلَيْهِ الظَّاهِرُ الرُّجُوعُ

(26)

قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ.

يَعْنِي ثُمَّ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

(27)

قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ.

أَيْ لَوْ دَفَعَ الْوَكِيلُ بَعْضَ الدَّيْنِ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ.

ص: 306

وَالْمَذْهَبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، كَالْمُتَفَاوِضِينَ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَدَّى الثَّانِي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا.

وَالْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا أَدَّى الْأَمْرَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِقَضَاءِ الْمُوَكِّلِ، قَالُوا: هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا.

أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ: فَيَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (انْتَهَى)

29 -

وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا أَوْصَى بِهِ لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُمْ كَذَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ.

وَفِي وَكَالَةِ الْمُنْيَةِ: أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ غُلَامِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِمَا بَاعَهُ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ بِعْت الْغُلَامَ، فَقَالَ: أَجَزْت.

جَازَ الْبَيْعُ، وَكَذَا فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ أَجَزْت مَا أَمَرْتُك بِهِ لَمْ يَجُزْ (انْتَهَى)

30 -

وَفِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ؛ إنْ عَلِمَ أَنَّ عَفْوَ الْبَعْضِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا.

أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْهَا

(29)

قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ إلَخْ.

أَقُولُ: بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمُوا مَا أَوْصَى بِهِ لَكِنَّهُمْ جَهِلُوا مِقْدَارَهُ أَوْ نَسَوْا فَلْيُنْظَرْ

(30)

قَوْلُهُ: وَفِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ إلَخْ.

قِيلَ عَلَيْهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْقِصَاصُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا وَقَتَلَ الْآخَرُ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ قَتَلَهُ الْآخَرُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ أَوْ عَلِمَ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ (انْتَهَى) .

وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ كَلَامِ

ص: 307

لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى النَّاسِ (انْتَهَى)

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ، 32 - وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) .

وَأَمَّا أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ فَمَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ الْمَنَارِ، وَهِيَ شَهِيرَةٌ فِي الْفُرُوعِ تَرَكْنَاهَا قَصْدًا

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ بِالْعَفْوِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ، وَكَلَامُ الْوَلْوَالِجِيِّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ بِالْعَفْوِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ.

(31)

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى النَّاسِ (انْتَهَى) .

يَعْنِي فَيُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْإِكْرَاهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَنَّ دَلِيلَ انْكِشَافِ الْحُرْمَةِ إذَا كَانَ خَفِيًّا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ بِالْقَتْلِ فَصَبَرَ عَلَى الْقَتْلِ وَلَمْ يَعْلَمْ حُرْمَةَ ذَلِكَ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ خَفِيًّا فَلْيُحْفَظْ

(32)

قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ.

الضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَاعَهُ مَوْصُوفًا بِمَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حِينَ الْبَيْعِ كَانَ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْمَوْتِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ، وَقَدْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَلَكَ، وَكَانَ الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الضَّمَانَ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الرَّدِّ مَعَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمَكِّنُهُ الرَّدَّ فِيهِ تَأَمُّلٌ

ص: 308