الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الرَّهْنِ
مَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ: 1 - بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ،
2 -
بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ،
بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ 3 - فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ،
4 -
فَإِذَا أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ.
أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْإِجَارَةِ فَأَجَّرَهُ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ وَلَا يَعُودُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[كِتَابُ الرَّهْنِ]
قَوْلُهُ: بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ إلَخْ.
أَقُولُ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ رَهْنَ الْمُشَاعِ الضَّرُورِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الشُّيُوعَ الثَّابِتَ ضَرُورَةٌ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الرَّهْنِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ جَاءَ بِثَوْبَيْنِ، وَقَالَ: خُذْهُمَا أَحَدَهُمَا رَهْنًا وَالْآخَرَ بِضَاعَةً عِنْدَكَ فَإِنَّ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فِي كَوْنِهِ رَهْنًا فَيَشِيعُ الرَّهْنُ فِيهِمَا، وَهَذَا الشُّيُوعُ ثَبَتَ ضَرُورَةً فَلَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
قَوْلُهُ: بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ.
أَقُولُ: أَطْلَقَ عَدَمَ جَوَازِ رَهْنِ الْمَشْغُولِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الرَّاهِنِ أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَانِعُ كَوْنُ الشَّاغِلِ مِلْكُ الرَّاهِنِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَشْغُولًا بِمِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا؛ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ رَهْنَ الشَّاغِلِ جَائِزٌ وَبِهِ صَرَّحَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ
(3)
قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ.
أَطْلَقَ الْمُدَبَّرُ فَشَمِلَ الْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ
(4)
قَوْلُهُ: فَإِذَا أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ.
الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ لِلْبِنَاءِ وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ لَا يَخُصُّ الْبِنَاءَ بَلْ لَوْ أَجَّرَ الْبِنَاءَ وَالْأَرْضَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ لَا يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ كَمَا فِي مُشْتَمَلِ الْأَحْكَامِ، ثُمَّ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا
الْآجِرُ، إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ صَحَّ وَانْفَسَخَتْ.
6 -
أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْحُكْمَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الرَّاهِنِ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْتَ.
قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَجْرُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ مِنْهَا مَبْنِيٌّ بِلَا إجَازَةِ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ أَجَّرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ
(5)
قَوْلُهُ: الْآجِرُ إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَيَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَبْضٍ كَمَا يُفِيدُهُ صَرِيحُ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ بَطَلَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ قَبْضَ الْمَضْمُونِ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الرَّهْنُ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ؛ وَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَمَانَةٌ لَكِنْ فِي الْعِمَادِيَّةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ مِنْ الرَّاهِنِ يَصِحُّ وَلَا يَصِيرُ مَقْبُوضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ لِلْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ قَبْضَ الْإِجَارَةِ يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ (انْتَهَى) .
وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَرَّرَ فِيهَا أَنَّ قَبْضَ الْمَضْمُونِ بِغَيْرِهِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْمَضْمُونِ وَالْمَضْمُونُ بِغَيْرِهِ الرَّهْنُ لَا يُقَالُ فِي هَذَا الْفَرْعِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الشَّيْءَ لَا يَرْتَفِعُ بِمَا دُونَهُ وَقَدْ ارْتَفَعَ بِمَا دُونَهُ وَهُوَ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ أَقْوَى مِنْ عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَعَقْدَ الرَّهْنِ لَازِمٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ دُونَ أَمِينِ الْمُؤَجِّرَةِ فَنَقُولُ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ إنَّمَا بَطَلَ بِمُبَاشَرَةِ الْمُرْتَهِنِ عَقْدَ الرَّهْنِ فَكَانَ هَذَا مِنْهُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ، وَالرَّهْنُ ارْتَفَعَ بِالْإِجَارَةِ وَالْمُرْتَهِنُ يَنْفَرِدُ بِفَسْخٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ دُونَ الرَّاهِنِ حَتَّى لَوْ رَدَّهُ، وَقَالَ: فَسَخْتُ الرَّهْنَ، وَلَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ وَهَلَكَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَهَذَا التَّحْرِيرُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ
(6)
قَوْلُهُ: أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ.
يَعْنِي لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ
بَاعَ الرَّاهِنُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ،
8 -
يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْأُجْرَةِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الشُّرُوحِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْجَامِعِ لِمَجْدِ الْأَئِمَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ فَتَكُونُ الْمَنْفَعَةُ رِبًا.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ يَحْمِلُ مَا هُنَا عَلَى الدِّيَانَةِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ رِبًا لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَرْقٌ بَيْنَ الدِّيَانَةِ وَالْقَضَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ثِمَارِهَا فَأَكَلَ بَعْضَهَا وَبَاعَ بَعْضَهَا ثُمَّ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ثِمَارِهَا فَهَلْ يَمْلِكُ الْإِبَاحَةَ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَمَوَّلَهَا أَمْ يَمْلِكُ الْأَكْلَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ فَكَتَبَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ صَاحِبُ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ مَا نَصُّهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ فِيهَا مُطْلَقًا لَا يَضْمَنُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ أَعَمُّ مِنْ أَكْلِهَا لَوْ أَكَلَ ثَمَنَهَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِ الْأَكْلِ دُونَ غَيْرِهِ (انْتَهَى)
(7)
قَوْلُهُ: بَاعَ الرَّاهِنُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ.
أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّهُ طَرَأَ مِلْكٌ بَاتَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ فَأَبْطَلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ إبْرَائِهِ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ قَضَائِهِ فَلَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ فَسْخَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ رَهْنٌ أَوْ لَا عَلَى الْمُخْتَارِ لِلْفَتْوَى كَمَا فِي التَّجْنِيسِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِذَا بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا مَكَانَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا (انْتَهَى) .
وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا بِدُونِ الْقَبْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(8)
قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَذَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَلَا إذْنَ لِلرَّاهِنِ وَفِي بَعْضِهَا إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله: الْمُرْتَهِنُ سَكَنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَ فِي الصَّرْفِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الِاجْتِنَابِ عَنْهُ؛ قُلْتُ لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الرِّبَا (انْتَهَى)
رَهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ فَدَفَعَ لَهُ الْبَعْضَ وَامْتَنَعَ لَأُجْبِرَ.
10 -
لَا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ بِغَيْبَةِ الرَّاهِنِ
11 -
الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ 12 - لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: رَهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ إلَخْ.
أَقُولُ: إنَّمَا صَحَّ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ كَالْمَوْجُودِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مَقْبُوضٌ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالْمَوْعُودِ بِأَنْ وَعَدَهُ أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا فَأَعْطَاهُ رَهْنًا وَهَلَكَ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ يُعْطِيهِ الْأَلْفَ الْمَوْعُودَ جَبْرًا (انْتَهَى) .
وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُهْلِكْ الرَّهْنَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْمَوْعُودِ كُلًّا وَبَعْضًا وَوَجْهُ عَدَمِ الْجَبْرِ إذَا لَمْ يُهْلِكْ الرَّهْنَ مِنْ الْمُقْرِضِ مُتَبَرِّعٌ بِالْقَرْضِ وَلَا يُجْبَرُ الْمُتَبَرِّعُ
(10)
قَوْلُهُ: لَا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ بِغَيْبَةِ الرَّاهِنِ.
قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْخَامِسِ عَقِيبَ مَسَائِلَ: فَعَلَى هَذَا لَوْ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَيْنًا بِدَيْنٍ وَغَابَ الْمَدْيُونُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَرَفَعَ الْمُرْتَهِنُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَ الرَّهْنَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَمَا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى (انْتَهَى) .
وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ: لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ بِإِجَازَةِ الْحَاكِمِ وَأَخْذِ دَيْنِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً لَا يُعْرَفُ مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ
(11)
قَوْلُهُ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ. قُيِّدَ بِعَدَمِ بَيَانِ الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَهُ يَكُونُ مَضْمُونًا وَصُورَتُهُ: أَخَذَ الرَّهْنَ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ كَذَا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ هَلَكَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا سُمِّيَ لَهُ مِنْ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِسَوْمِ الرَّهْنِ فَالْمَقْبُوضُ بِسَوْمِ الرَّهْنِ كَالْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ إذَا هَلَكَ فِي الْمُسَاوَمَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَفِي الْقُنْيَةِ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ الَّذِي بِهِ رَهَنَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رحمه الله: يُعْطِيهِ الْمُرْتَهِنُ مَا شَاءَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَسْتَحْسِنُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ.
(12)
قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّ.
فِي الْقُنْيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا ضَاعَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَفِيهَا: دَفَعَ إلَيْهِ رَهْنًا لِيَدْفَعَ لَهُ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَامْتَنَعَ عَنْ دَفْعِ الْبَاقِي فَهُوَ رَهْنٌ بِهَذَا الْقَدْرِ
الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ
14 -
الْوَارِثُ إذَا عَرَفَ الرَّهْنَ لَا الرَّاهِنَ لَا يَكُونُ لُقَطَةً بَلْ يَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ الْمَالِكِ.
الْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ مَعَ الْيَمِينِ
15 -
وَفِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ وَفِي مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ.
اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا بَاعَ بِهِ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ صَدَّقَ الْعَدْلُ الرَّاهِنَ كَمَا لَوْ اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ، وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ كَانَ رَهْنًا يُمَثِّلُ الدَّيْنَ فَبَاعَهُ الْعَدْلُ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتُهُ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ، فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا الْعَدْلِ
مَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِهِ جَازَ الرَّهْنُ بِهِ 16 - إلَّا فِي دَرْكِ الْمَبِيعِ، تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ دُونَ الرَّهْنِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ.
لِأَنَّ حُكْمَهُ حَبْسٌ مُسْتَدَامٌ وَالتَّأْجِيلُ يُنَافِيهِ بِخِلَافِ تَأْجِيلِ دَيْنِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُنْيَةِ
(14)
قَوْلُهُ: الْوَارِثُ إذَا عَرَفَ الرَّهْنَ إلَخْ.
الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا: تَرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَغَابَ فَقُتِلَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ إذَا أَيِسَ بَاعَ الْمَتَاعَ فَأَخَذَ الدَّيْنَ وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، وَكَذَا الرَّهْنُ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
(15)
قَوْلُهُ: وَفِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ إلَخْ.
عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَالتَّقْدِيرُ الْقَوْلُ فِي إنْكَارِ الرَّهْنِ لِلْمُنْكِرِ وَفِي تَعْيِينِهِ وَفِي مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَفْظُ لِلْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَوْضِعُ قَالَ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي: اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: غَيْرُ هَذَا وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَلْ هَذَا هُوَ الرَّهْنُ الَّذِي رَهَنْته عِنْدِي فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَتَّضِحُ مَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ
(16)
قَوْلُهُ: إلَّا فِي دَرْكِ الْمَبِيعِ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ دُونَ الرَّهْنِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُسْتَثْنَى الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ لَا الرَّهْنُ بِهَا وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْكَفَالَةُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَقِّ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ دُونَ الرَّهْنِ بِهِ وَالْكَفَالَةُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ تَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهَا
وَيَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ، وَفِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ يَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ 18 - دُونَ الرَّهْنِ، ذَكَرَهُمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَصَارَ مَا زَادَهُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: فِي اسْتِثْنَاءِ الصُّورَةِ الْأُولَى نَظَرٌ إذَا كَتَبَ الْقَوْمُ مُتُونًا وَشُرُوحًا طَافِحَةً بِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تَجُوزُ وَأَمَّا الرَّهْنُ بِبَدَلِهَا فَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ النَّظْمِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تَجُوزُ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ وَيُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ وَبِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَقِّ مَا ذَكَرَ مِنْ جَوَازِ الرَّهْنِ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ بِهِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الدَّيْنَ الْمَوْعُودَ حَقٌّ سَيَحْدُثُ بِذِمَّةِ الْمَدْيُونِ.
(17)
قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ إلَخْ.
أَقُولُ: لَا مَحَلَّ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ مَا اسْتَثْنَاهُ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ.
(18)
قَوْلُهُ: دُونَ الرَّهْنِ.
أَيْ فَلَا يَأْخُذُ رَهْنًا فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ