الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ.
وَيَصِحُّ عَزْلُهُ 41 - وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، 42 - بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى:
الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ
عَلَى أَهْلِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ.
الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ، 43 - كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ
الرَّابِعَةُ: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَلِكَ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ ذَاكَ إلَيْكَ أَيْ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ تَارَةً يَكُونُ بِالْإِسْقَاطِ وَتَارَةً بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِالشَّكِّ.
كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْفَخْرِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ (40) قَوْلُهُ:
وَلِذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ.
عِلَّةٌ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ وَيَصِحُّ قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى النَّفْيِ لَا الْمَنْفِيِّ فَهُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ. (41) قَوْلُهُ:
وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ.
وَأَصَّلَ بِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ.
وَالْوَاوُ الَّتِي قَبْلَ أَنَّ الْوَاصِلَةِ لِلْحَالِ. (42) قَوْلُهُ:
بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ
فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَوَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدْيُونَ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ عَنْ الدَّيْنِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ
[الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ]
(43)
قَوْلُهُ:
كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ.
عِبَارَتُهَا: وَفِي الْأَصْلِ لَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ غَيْرِهَا ثُمَّ نَقَدَ دَنَانِيرَ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ دَنَانِيرَهُ لِلتَّعَدِّي.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَالْوَكِيلُ بِبَيْعِ الدَّنَانِيرِ إذَا أَمْسَكَ الدَّنَانِيرَ وَبَاعَ دَنَانِيرَهُ لَا يَصِحُّ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِينَارًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَبَاعَ الْمَأْمُورُ دِينَارًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ دِينَارًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ؛ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: لَا
وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا، 45 - وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ.
الْخَامِسَةُ: الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَهُ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. 46 - السَّادِسَةُ: 47 - إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهِبَتِهِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
ــ
[غمز عيون البصائر]
يَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ ثَوْبًا فَاشْتَرَى بِدِينَارٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلْآمِرِ وَيَكُونُ الدِّينَارُ لَهُ.
وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِينَارًا لِيَقْضِيَ غَرِيمًا لَهُ فَقَضَاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ الدِّينَارَ لِنَفْسِهِ جَازَ. (44) قَوْلُهُ:
وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا.
عِبَارَتُهَا: وَلَوْ اشْتَرَى مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَ مَا اشْتَرَى لِلْآمِرِ ثُمَّ نَقَدَ الْبَائِعُ غَيْرَهَا جَازَ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ بِهَذَا الدِّينَارِ فَقَضَى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ الدِّينَارَ جَازَ. (45) قَوْلُهُ:
وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا إلَخْ.
قِيلَ: يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ الْمَأْمُورَ بِشِرَائِهِ لِلْمُوَكِّلِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَقَضِيَّتُهُ نُفُوذُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَكُونُ ضَامِنًا مَالَ الْمُوَكِّلِ، لَكِنْ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا فَاشْتَرَى بِهِ لِنَفْسِهِ وَكَانَ الْمَدْفُوعُ بَاقِيًا فِي يَدِ مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ هَلْ لِلْمُوَكِّلِ الْمُطَالَبَةُ بِعَيْنِ مَالِهِ أَمْ يُضَمِّنُ الْوَكِيلَ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ؟ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ. (46) قَوْلُهُ:
السَّادِسَةُ.
بَعْدَ قَوْلِهِ السَّادِسَةِ بَيَاضٌ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله وَلَعَلَّ السَّادِسَةَ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَهِيَ: رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَمْسَكَهَا الْوَكِيلُ وَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ لَهُ بِعَشَرَتِهِ. (47) قَوْلُهُ:
إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ.
قَيَّدَ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْل
وَأَمَّا حَطُّ الْكُلِّ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَمَا فِي حِيَلِ التَّتَارْخَانِيَّة
49 -
وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَفِيهَا مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ: وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ إذَا أَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ الْأَجْرِ أَوْ وَهَبَهُ إنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ أَوْ وَهَبَ لَهُ الْبَعْضَ وَالْأَجْرُ دَيْنٌ جَازَ إجْمَاعًا وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْكُلِّ أَوْ وَهَبَ الْكُلَّ إنْ كَانَ الْأَجْرُ دَيْنًا لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَفِي قَوْلِهِ أَوَّلًا؛ وَهُوَ قَوْلُهُمَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِفِعْلِ الْمُوَكِّلِ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ عَيْنًا لَا يَصِحُّ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِذَا قَبِلَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْأَجْرَ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ، وَالْمُشْتَرِي إذَا وُهِبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ (انْتَهَى) .
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا إذَا حَطَّ عَنْهُ كُلَّ الْأَجْرِ أَوْ بَعْضَهُ فَلْيُنْظَرْ. (48) قَوْلُهُ:
وَأَمَّا حَطُّ الْكُلِّ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَالزِّيَادَةِ، وَالْتِحَاقُهُ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الثَّمَنَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ.
(49)
قَوْلُهُ:
وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ أَقُولُ: الَّذِي قَالُوهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ.
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: وَتَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِكُلِّ عَقْدٍ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ مُبَاشَرَتُهُ.
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: كُلُّ عَقْدٍ جَازَ أَنْ يَعْقِدَهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ غَيْرَهُ وَالْأَمْرُ فِي صُورَةِ الْوَصِيِّ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ ظُهُورِ النَّفْعِ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ غَيْرَهُ فَيَشْتَرِيَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يَقُولُوا كُلُّ مَا يَعْقِدُهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ حَتَّى يَتِمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ خُرُوجِ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ.
وَأَوْرَدَ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرُوهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ أَمَّا الطَّرْدُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ: الذِّمِّيُّ يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ بِذَلِكَ وَعَلَى الْعَكْسِ الْمُسْلِمُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْخَمْرِ وَشِرَاؤُهَا وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ الذِّمِّيَّ بِذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْوَكِيلَ فَإِنَّ مُبَاشَرَتَهُ جَائِزَةٌ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهِ وَالْمُسْتَقْرِضُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ الِاسْتِقْرَاضَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهِ.
وَجَعَلَ فِي النِّهَايَةِ الْقَاعِدَةَ كُلِّيَّةً فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ
الْوَصِيُّ فَإِنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ وَالنَّفْعُ ظَاهِرٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي شِرَائِهِ لِلْغَيْرِ، كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ
الْآمِرُ إذَا قَيَّدَ الْفِعْلَ بِزَمَانٍ؛ كَبِعْ هَذَا غَدًا أَوْ أَعْتِقْهُ غَدًا، فَفَعَلَهُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ غَدٍ جَازَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَنْ يَعْقِدَ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ أَيْ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْدَادِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ مُسْتَبِدًّا هَذَا الْكُلِّيُّ مُطَّرِدٌ وَلَا يَنْعَكِسُ.
ثُمَّ قَالَ وَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِ الْكُلِّ الذِّمِّيُّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ اقْتِرَابِ الْخَمْرِ وَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا عَرَضِيًّا فِي الْوَكِيلِ وَالْعَوَارِضُ لَا تَقْدَحُ فِي الْقَوَاعِدِ (انْتَهَى) .
وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
أَقُولُ: لَا إشْكَالَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْ
(50)
قَوْلُهُ:
الْوَصِيُّ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ إلَخْ.
الْوَصِيُّ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ خَرَجَ.
أَقُولُ فِيهِ: إنَّ مَسْأَلَةَ الْوَصِيِّ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْهُ فَإِنَّ الشِّرَاءَ فِيهَا لَمْ يَقَعْ مِنْ وَكِيلِ الْوَصِيِّ وَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْ الْوَصِيِّ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ قَالَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ فِي فُرُوقِهِ الْوَصِيُّ إذَا أَمَرَهُ الْإِنْسَانُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَاشْتَرَى لَا يَجُوزُ وَلَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ جَازَ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ جَانِبِ الْيَتِيمِ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ وَمَنْ جَانِبِ الْآمِرِ كَذَلِكَ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُضَادَّةِ بِخِلَافِ نَفْسِهِ (انْتَهَى) وَهَذَا الْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ تَصَرُّفًا بِالْأَصَالَةِ أَوْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ يَمْلِكُ تَمْلِيكَهُ اعْتِبَارًا بِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ التَّفْوِيضُ إلَى التَّضَادِّ وَالتَّنَافِي وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ مُتَوَلِّيًا طَرَفَيْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَصِيرَ الْوَاحِدُ مُسَلِّمًا وَمُسَلَّمًا قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا وَهَذَا تَنَاقُضٌ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ تُصَانُ عَنْهُ.
ذَكَرَ هَذَا الْأَصْلَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
كَذَا فِي حُجَجِ الْخَانِيَّةِ مَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي شَيْءٍ مَلَّكَهُ فِي بَعْضِهِ
52 -
فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَتَوَقَّفَ عِنْدَهُمَا، 53 - أَوْ فِي شِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا صَحَّ، أَوْ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
كَذَا فِي حُجَجِ الْخَانِيَّةِ.
فِيهَا مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْ عَبْدِي غَدًا فَبَاعَهُ الْيَوْمَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُضَافٌ إلَى الْغَدِ فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا قَبْلَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدِي غَدًا أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتِي غَدًا لَا يَمْلِكُهُ الْيَوْمَ وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدِي الْيَوْمَ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا الْيَوْمَ أَوْ أَعْتِقْ عَبْدِي الْيَوْمَ فَفَعَلَ ذَلِكَ غَدًا؛ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قِيلَ الصَّحِيحُ لَا تَبْقَى بَعْدَ الْيَوْمِ وَقِيلَ تَبْقَى وَذِكْرُ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ لَا لِتَوْقِيتِ الْوَكَالَةِ بِالْيَوْمِ إلَّا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ (انْتَهَى) .
وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ: إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَأَخَذَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا مَالَ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّنَةِ يَكُونُ لِلِاسْتِعْجَالِ دُونَ التَّقْيِيدِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ غَدًا أَوْ يَبِيعَ عَبْدَهُ غَدًا فَأَعْتَقَ أَوْ بَاعَ بَعْدَ الْغَدِ جَازَ (انْتَهَى) .
يَعْنِي وَيَكُونُ ذِكْرُ الْغَدِ لِلِاسْتِعْجَالِ لَا لِلتَّوْقِيتِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدِي الْيَوْمَ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّوْقِيتِ لَا لِلِاسْتِعْجَالِ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ
(52)
قَوْلُهُ:
فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ إلَخْ.
فِي الْخَانِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ إذَا بَاعَ نِصْفَهُ جَازَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ مِنْ رَجُلٍ وَبَاعَ نِصْفَهُ مِنْ آخَرَ جَازَ عِنْدَهُمْ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْعَبْدَ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَاسَخَا. (53) قَوْلُهُ:
أَوْ فِي شِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ إلَخْ.
فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ؛ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ جَازَ
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ تَوَقَّفَ مَا لَمْ يَشْتَرِ الْبَاقِيَ كَمَا فِي الْكَنْزِ.
55 -
الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ 56 - وَأَجَازَ مَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ.
وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُمَا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ جَازَ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا، قَلَّتْ الزِّيَادَةُ أَوْ كَثُرَتْ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ وَبَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْآخَرَ جَازَ وَلَوْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ التَّوْكِيلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْبِضَاعَةِ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا شَيْئًا عَلَى مَا تَرَى وَتَخْتَارُ جَازَ التَّوْكِيلُ (54) قَوْلُهُ:
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ إلَخْ.
وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ وَإِنَّمَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ فِي عَبْدٍ مُعَيَّنٍ.
قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ إنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلَوْ خَاصَمَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ الْبَاقِيَ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْوَكِيلَ، ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ اشْتَرَى الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ خَالَفَ بِذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ مَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ وَفِي تَنْقِيصِهِ عَيْبٌ كَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
كَذَا فِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ
(55)
قَوْلُهُ:
الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنٍ.
وَتَعْمِيمٍ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(56)
قَوْلُهُ: وَأَجَازَ مَا فَعَلَهُ وَكِيلُهُ.
أَقُولُ: وَكَذَا لَوْ عَقَدَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ حُضُورُ رَأْيِهِ وَقَدْ حَصَلَ.
وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي فِيهِ خِلَافُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالثَّانِي كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعُيُونِ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَاضِرًا أَوْ لَا وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ إنْ حَضَرَ فِعْلَ الثَّانِي صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.
قِيلَ يُشْكِلُ بِمَا إذَا بَاشَرَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ حَيْثُ لَا يَكْتَفِي بِحَضْرَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَتِهِ وَهُنَا
نَفَذَ 58 - إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ
التَّوْكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ صَحِيحٌ؛ فَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فُلَانًا فِي شِرَاءِ كَذَا فَفَعَلَ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ وَهُوَ عَلَى آمِرِهِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
اكْتَفَى بِالْحَضْرَةِ مِنْ غَيْرِ إجَازَتِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْحَضْرَةِ هُوَ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَكِيلِ لَا مُطْلَقُ حَضْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ.
ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ.
وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ، وَالْأَصْلِ فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يُشْتَرَطْ إجَازَةُ الْأَوَّلِ وَذَكَرَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَشَرَطَ إجَازَتَهُ فَذَهَبَ الْكَرْخِيُّ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ إلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً وَلَوْ عُدِمَ مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى بَاعَ هَذَا الرَّجُلَ وَالْوَكِيلُ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُ هَذَا الْفُضُولِيِّ إلَّا بِإِجَازَتِهِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَا تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ لِكَوْنِ السُّكُوتِ مُحْتَمَلًا.
كَذَا هُنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ: وَجْهُ عَدَمِ الْجَوَازِ قَدْ انْدَرَجَ فِيمَا ذُكِرَ وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ عِنْدَ الثَّانِي وَلَمْ يَمْنَعْهُ وُجِدَ رَأْيُهُ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ فَيَجُوزُ.
كَذَا فِي حَوَاشِي الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (57) قَوْلُهُ:
نَفَذَ.
أَقُولُ هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ فَإِنْ كَانَ بَيَّنَهُ جَازَ بِلَا إجَازَتِهِ (انْتَهَى) .
يَعْنِي لَوْ قَدَّرَ الْوَكِيلُ لِلثَّانِي ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَبَاعَهُ الثَّانِي بِغَيْبَتِهِ جَازَ بِلَا إجَازَةِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الرَّهْنِ؛ وَوَجْهُهَا أَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِرَأْيِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَإِذَا قَدَّرَ ثَمَنًا فَهُوَ بَيْعٌ بِرَأْيِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا اجْتِمَاعُ رَأْيِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ رُبَّمَا يَبِيعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ لِذَكَائِهِ وَهِدَايَتِهِ. (58) قَوْلُهُ:
إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ إلَخْ.
أَقُولُ: يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَالْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُمَا لَوْ وُكِّلَا فَفَعَلَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ.
الْوَكِيلُ إذَا كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً مُطْلَقَةً مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ وَوَقْفَ الْبَيْتِ. 60 - وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهَا رِسَالَةً.
ــ
[غمز عيون البصائر]
شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي خُصُومَةٍ أَوْ تَقَاضِي دَيْنٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَكَّلَ وَفَعَلَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ بَيْعًا أَوْ شِرَاءً يَجُوزُ وَمَا عَدَا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِنْ الْخُصُومَةِ وَالتَّقَاضِي وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ؟ ذَكَرَ عِصَامٌ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا فَعَلَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ وَمَا شَاكَلَهُ رَسُولٌ لِأَنَّهُ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ، وَلِلرَّسُولِ نَقْلُ عِبَارَةِ الْمُرْسِلِ فَإِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ فَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِنَقْلِ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَمَرَ الثَّانِيَ بِمَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ وَهُوَ مَالِكٌ لِلْبَيْعِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ فِي الْبَيْعِ لَهُ حَتَّى كَانَ حُقُوقُ الْعَقْدِ لَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ الثَّانِي فِي حَالِ غَيْبَةِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ هَذَا الْبَيْعَ رَأْيُهُ وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا رَضِيَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ إذَا حَضَرَ رَأْيُ الْأَوَّلِ. (59) قَوْلُهُ:
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ.
أَقُولُ: الصَّوَابُ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَعِبَارَتُهُ: أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا بِأَنْ يُوَكِّلَ لَهُ إنْسَانًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ ثُمَّ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ ابْتِدَاءً (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْخَلَلِ. (60) قَوْلُهُ
وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهَا رِسَالَةً.
حَاصِلُ تِلْكَ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ، قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّعْمِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقِ الْكَلَامِ وَبِهِ أَخَذَ
الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ
بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولٍ فَهَلَكَ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ صُنْعُكَ.
رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمَعُوضَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى
ثُمَّ قَالَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ، يَمْلِكُ الْحِفْظَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَيَمْلِكُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ حَتَّى إذَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَهُ مِنْ قَصْدِ الْمُوَكِّلِ.
وَعَنْ الْإِمَامِ تَخْصِيصُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ وَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى
وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُ امْرَأَتَكَ أَوْ وَقَفْتُ أَرْضَكَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ لَا بِالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَاتِ وَبِهِ يُفْتَى (انْتَهَى) .
وَفِي الْخُلَاصَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَكِيلُ وَكَالَةً عَامَّةً الْإِبْرَاءَ وَالْحَطَّ عَنْ الْمَدْيُونِ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ فَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِ الْبَزَّازِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ.
وَهَلْ لَهُ الْإِقْرَاضُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّ الْقَرْضَ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَهَا الْوَكِيلُ بِالْوَكِيلِ الْعَامِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا هِبَتُهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَاعِ الدَّعْوَى بِحَقٍّ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْأَقَارِيرَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالدُّيُونِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَا فِي الْعَامِّ
(61)
قَوْلُهُ:
الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ
أَقُولُ لَيْسَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ:
وَفِي الدَّفْعِ قُلْ قَوْلُ الْوَكِيلِ مُقَدَّمٌ
…
وَكَذَا قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ وَالْخَصْمُ يُجْبَرُ
قَالَ شَارِحُهَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ مَسْأَلَةُ الْبَيْتِ مِنْ الْبَدَائِعِ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ اقْضِ بِهَا دَيْنِي لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَضَيْتُ بِهَا دَيْنَكَ لَهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَقِّ لَمْ تَقْضِنِي شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:
فَإِنْ كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ رَسُولَ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الدَّائِنِ ابْعَثْ بِهَا مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ رِسَالَةً لَهُ مِنْهُ؛ فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ إرْسَالٌ، فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الدَّائِنِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَفِي الدَّفْعِ قُلْ قَوْلُ الْوَكِيلِ مُقَدَّمٌ يَعْنِي عَلَى قَوْلِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ مَا دَفَعَ وَعَلَى قَوْلِ رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ فِي حَقِّ الْبَرَاءَةِ فَقَطْ لَا فِي حَقِّ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَكَذَا قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ) يَعْنِي مُقَدَّمًا عَلَى قَوْلِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فِي عَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهِ وَالْخَصْمُ يَعْنِي الْمُوَكِّلَ يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ ثُمَّ الْمُوَكِّلُ إنْ كَذَّبَ الطَّالِبَ وَصَدَّقَ الْوَكِيلَ حَلَّفَهُ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَظْهَرْ قَبْضُهُ وَإِنْ نَكَلَ ظَهَرَ وَسَقَطَ حَقُّهُ وَإِنْ عَكَسَ حَلَّفَ الْوَكِيلَ.
وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا مَالًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُودَعُ دَفَعْتُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَى رَجُلٍ كَالْغَصْبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ فَقَالَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ دَفَعْتُ إلَيْهِ، وَقَالَ فُلَانٌ مَا قَبَضْتُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ فُلَانٍ إنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى الدَّفْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَكِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْقَابِضِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مَعَ يَمِينِهِ. (62) قَوْلُهُ:
فَإِنْ كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ.
قِيلَ: وَهَلْ إذَا كَانَ رَسُولَ رَبِّ الدَّيْنِ وَادَّعَى الدَّفْعَ إلَى الدَّائِنِ وَكَذَّبَهُ الدَّائِنُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ أَمْ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ وَهِيَ جُزْئِيَّاتُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْبَرَاءَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَشْكَلُ؛ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَمْ يُقَصِّرْ حَيْثُ أَرْسَلَهُ مَعَ رَسُولِ الدَّائِنِ لِمُصَادَقَةِ الرَّسُولِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ كَمَا فِي صُورَةِ الْهَلَاكِ كَانَ مُوَجِّهًا وَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِأَنْ يُقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ إلَّا إذَا كَانَ رَسُولَ رَبِّ الدَّيْنِ (انْتَهَى)
وَبَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ
لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ
وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ: مَنْ جَاءَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا وَمَنْ أَخَذَ أُصْبُعَكَ أَوْ قَالَ لَكَ كَذَا فَادْفَعْ مَالِي عَلَيْكَ إلَيْهِ، يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ 64 - كَمَا فِي الْقُنْيَةِ
65 -
الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
وَبَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ إلَخْ.
لَعَلَّ الْمُرَادَ شَرْحُ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ لَا شَرْحُ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ فِي شَرْحِهَا فَضْلًا عَنْ بَيَانِهِ
. (64) قَوْلُهُ:
كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
يَعْنِي مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَفِيهَا مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَّلَ إنْسَانًا لِيَسْتَوْفِيَ نَصِيبَهُ مِنْ دُيُونِ مُوَرِّثِهِ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَعْلَمُ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ بَعْضَ مَنْ عَلَيْهِمْ الدُّيُونُ يَصِحُّ.
أَفْتَى بِهِ تَاجُ الدِّينِ أَخُو الْحُسَامِ الشَّهِيدِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ وَالْمَبَاحِثِ الْكَثِيرَةِ وَفِيهَا آخِرَ الْكِتَابِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يُوجَدْ فِيهَا رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ وَلَا جَوَابٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إذَا قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُودَعِ: مَنْ جَاءَكَ بِعَلَامَةِ كَذَا بِأَنْ أَخَذَ مِنْ أُصْبُعِكَ أَوْ قَالَ لَكَ كَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ هَلْ يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ أَمْ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ مَجْهُولًا وَيَضْمَنُ بِالدَّفْعِ (انْتَهَى) .
فَقَدْ جَزَمَ هُنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهِ تَوْكِيلَ مَجْهُولٍ وَتَرَدَّدَ هُنَاكَ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَوْكِيلَ مَجْهُولٍ فَلْيُتَأَمَّلْ
(65)
قَوْلُهُ:
الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَخْ.
وَأَمَّا وَرَثَةُ الْوَكِيلِ فَنَصَّ عَلَيْهِمْ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوَاهُ بَعْدَ نَحْوِ أَرْبَعَةِ أَوْرَاقٍ مَعَ بَقِيَّةِ وَرَثَةِ الْأُمَنَاءِ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي فَتَاوَاهُ فِي الْكُرَّاسِ الْأَخِيرِ مِمَّا عِنْدَ كَاتِبِهِ وَقَدْ سَأَلَ شَيْخَ مَشَايِخِنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ نُورَ الدِّينِ عَلِيَّ بْنَ غَانِمٍ الْمَقْدِسِيَّ فِي الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
الدَّفْعِ لِمُوَكِّلِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ لِمُوَكِّلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَزْلِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ أَمْ لَا؟ وَهَلْ قَوْلُ الْعِمَادِيِّ فِي فُصُولِهِ: وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الْمَيِّتَ بَطَلَتْ أَيْ الْوَكَالَةُ فَإِنْ قَالَ قَدْ كُنْتُ قَبَضْتُ فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْتُ إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فَكَانَ مُتَّهَمًا فِي إقْرَارِهِ وَقَدْ انْعَزَلَ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ صَحِيحٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إفْتَاءً وَقَضَاءً أَوْ لَا؟ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْنِي مَوْتَ الْمُوَكِّلِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَمَاتَ الْمُوَكِّلُ فَقَدْ خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ قَدْ كُنْتُ قَبَضْتُهَا فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعْتُهَا إلَى الْمُوَكِّلِ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِ الْوَكِيلِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَهَلْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ أَمْ لَا، وَهَلْ إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ الْأَوَّلُ فِي الدَّيْنِ وَالثَّانِي فِي الْوَدِيعَةِ يَكُونُ الْفَرْقُ صَحِيحًا فَأَجَابَ: هَذَا السُّؤَالُ حَسَنٌ، وَقَدْ كَانَ يَخْتَلِجُ بِخَاطِرِي كَثِيرًا أَنْ أَجْمَعَ فِي تَحْرِيرِهِ كَلَامًا يُزِيحُ إشْكَالًا وَيُوَضِّحُ مَرَامًا لَكِنَّ الْوَقْتَ الْآنَ يَضِيقُ عَنْ كَمَالِ التَّحْقِيقِ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: التَّأَمُّلُ فِي مَقَالِهِمْ وَالتَّفَحُّصُ لِأَقْوَالِهِمْ يُفِيدُ أَنَّ الْوَكِيلَ بَعْدَ الْعَزْلِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ فِيمَا يُفِيدُ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ بِبَيْعِ عَبْدٍ مَثَلًا لِوَكِيلِهِ قَدْ أَخْرَجْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَقَالَ قَدْ بِعْتُهُ أَمْسِ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ قَدْ حَكَى عَقْدًا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ؛ نَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ فِيهَا لَا يُصَدَّقُ، وَمِمَّا يُفِيدُ الْقَبُولَ قَوْلُهُمْ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ وَرَثَتُهُ لَمْ تَبِعْهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ هَالِكًا.
قَالُوا لِأَنَّهُ بِهَذَا الْإِخْبَارِ لَا يُرِيدُ إزَالَةَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَلْ يُنْكِرُ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِإِضَافَةِ الْبَيْعِ إلَى حَالَةِ الْحَالَةِ وَالْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ الضَّمَانَ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَأَمَّا الْعَزْلُ الْحُكْمِيُّ وَالْحَقِيقِيُّ فَمَعْلُومٌ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَقِيقِيَّ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْحُكْمِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فَلَا خَفَاءَ أَنَّ أَحَدَ الْمَحَلَّيْنِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْآخَرَ فِي الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِقِيَاسِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُصَرَّحٌ بِهِ بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.
إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ، 67 - وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ، وَفِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِعْتُهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إلَخْ.
قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْلٌ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ وَقَدْ اغْتَرَّ بِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بَعْضُ الْمُفْتِينَ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَتَقْرِيرُ الْكَلَامِ بِمَا يَدْفَعُ الشُّبْهَةَ وَالْأَوْهَامَ أَنَّ الْوَكِيلَ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ ثَابِتٍ لِمُوَكِّلِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ أَوْ دَيْنٍ اسْتَقْرَضَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ وَوَكَّلَهُ فِي قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ إيصَالَ مَا قَبَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَدَعْوَاهُ هَلَاكَ مَا قَبَضَ فِي يَدِهِ كَدَعْوَاهُ الْإِيصَالَ مَقْبُولٌ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِكُلِّ حَالٍ وَأَمَّا سِرَايَةُ قَوْلِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِيَبْرَأَ غَرِيمُهُ فَهُوَ خَاصٌّ بِمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ حَالَ حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ بَرَاءَةُ الْغَرِيمِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ عَلَى قَبْضِ الْوَكِيلِ وَلَوْ أَنْكَرُوا إيصَالَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ مَا اسْتَدَانَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَا يَسْرِي قَوْلُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ حَالَ حَيَاتِهِ إذَا أَنْكَرَ قَبْضَهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ، وَهَذِهِ عِبَارَةُ الْوَلْوَالِجِيُّ تُفِيدُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ: وَلَوْ وُكِّلَ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْتُ فِي حَيَاتِهِ وَهَلَكَ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَوْ قَالَ دَفَعْتُ إلَيْهِ صُدِّقَ وَلَوْ كَانَ دَيْنًا ثَمَّ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ أَيْ اسْتِئْنَافَ سَبَبِهِ عَلَى طَرِيقِ مَجَازِ الْحَذْفِ لَكِنَّ مَنْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ إنْ كَانَ فِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ صُدِّقَ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا يَحْكِي بِوُجُوبٍ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَيُصَدَّقُ وَالْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ فِيمَا يَحْكِي بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ ضَمَانٌ قِبَلَ الْمَقْبُوضِ فَلَا يُصَدَّقُ انْتَهَى. (67) قَوْلُهُ:
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ.
أَقُولُ: وَكَذَا فِي الْمُدَايَنَاتِ وَقَدْ حَصَلَ
أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتُهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا.
الْكُلُّ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي اخْتِلَافِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى؛ قَالَ: فَلَوْ قَالَ كُنْتُ وَقَبَضْت فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ 68 - لَمْ يُصَدَّقْ، إلَّا إذَا أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَكَانَ مُتَّهَمًا، وَقَدْ بَحَثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَنْتَبِهْ بِمَا فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الِاشْتِبَاهُ بِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ تِلْكَ الْعِبَارَةَ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مُخْتَصَرَةٍ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ هُنَا وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ وَفِي كِتَابِ الْأَمَانَاتِ حَيْثُ قَالَ: كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ إلَى قَوْلِهِ إلَّا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَهِيَ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ حَيْثُ قَالَ تَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا مَسَائِلُ مِنْهَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ (انْتَهَى) .
فَقَدْ حَصَلَ الِاشْتِبَاهُ بِقَوْلِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَلْ النَّفْيُ عَامٌّ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مُوَكِّلِهِ أَوْ الْمَنْفِيُّ ثُبُوتُ الدَّيْنِ عَلَى الْآمِرِ فَقَطْ لَا بَرَاءَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بِقَوْلِهِ قَبَضْتُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعْتُ لَهُ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا هُوَ الصَّوَابُ.
(68)
قَوْلُهُ: لَمْ يُصَدَّقْ: أَيْ فِي قَوْلِهِ قَبَضْتُ وَدَفَعْتُ يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدْيُونِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ وَإِذَا لَمْ يُصَدَّقْ تَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمَدْيُونِ فَإِنْ صَدَّقَ الْمَدْيُونُ الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَدْيُونُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَوْصَلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَأَنَّ رُجُوعَ الْوَرَثَةِ بِطَرِيقِ الظُّلْمِ، وَالْمَظْلُومُ لَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الدَّفْعِ يُحَلَّفُ إذْ الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ يُحَلَّفُ إذَا هُوَ أَنْكَرَهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ مَوْجُودٌ عِنْدَهُ لَمْ
يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا،
ــ
[غمز عيون البصائر]
يَدْفَعْهُ أَخَذَهُ مِنْهُ فَإِذَا حَلَفَ بَرِئَ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُودَعٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُودَعًا لِأَنَّهُ لَا مُصَدِّقَ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَالْقَبْضُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ، وَبِذَلِكَ صَارَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ فِي الْقَبْضِ وَكَذَّبُوهُ فِي الدَّفْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ الْمَالُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً فَتَصْدِيقُهُمْ لَهُ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّهُ مُودَعٌ وَأَنَّ الْمَدْيُونَ قَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ الْمَالُ الْمُدَّعَى وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّفْعِ جَازَ وَانْدَفَعَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَوْ أَنَّ الْوَرَثَةَ فِي صُورَةِ إنْكَارِ الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ حِينَ أَرَادُوا الرُّجُوعَ عَلَى الْمَدْيُونِ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً أَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ لِلْوَكِيلِ حَالَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ انْدَفَعَتْ دَعْوَاهُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ إذَا أَرَادُوا تَحْلِيفَ الْوَكِيلِ عَلَى الدَّفْعِ لَهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا فَكَانَ قَبْضُهُ مُعَايَنًا دُونَ دَفْعِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَاهُمْ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً عَلَى دَفْعِ الْوَكِيلِ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَرَثَةِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ يُحَلَّفُونَ فَإِنْ حَلَفُوا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْمُدَّعَى وَإِنْ نَكَلُوا لَزِمَهُمْ دَعْوَاهُ وَهُوَ الدَّفْعُ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَاهُمْ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ قَبْضُ الْوَكِيلِ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْدَهُ مُودَعًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْوَرَثَةِ حَتَّى إذَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةً بِالدَّفْعِ لِلْمَيِّتِ جَازَ وَانْدَفَعَتْ خُصُومَتُهُمْ عَنْ الْمَدْيُونِ فَإِذَا صَدَّقُوهُ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ وَالدَّفْعِ وَنَكَلُوا عَنْ الْيَمِينِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا شَرَحْنَا ثَبَتَ عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ لِلْمَيِّتِ وَانْدَفَعُوا عَنْ الْوَكِيلِ وَالْمَدْيُونِ وَإِنَّمَا قُلْتُ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَكِيلَ عَلَى الدَّفْعِ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ لَهُ فِي الْقَبْضِ لَا فِي الدَّفْعِ وَلَمَّا دَفَعَ الْمَالَ لِلْوَرَثَةِ ثَانِيًا صَارَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ لَهُ فَانْتَصَبَ الْوَكِيلُ خَصْمًا لَهُ فِيمَا قَبَضَهُ وَلِتَحْلِيفِهِ فَائِدَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ وَيُقِرُّ بِعَدَمِ الدَّفْعِ فَيَرُدُّ الْمَدْفُوعَ لِرَبِّهِ وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ مَسَائِلَ ذُكِرَتْ فِي دَعْوَى الْمَدْيُونِ الْإِيفَاءَ لِلدَّائِنِ فِي جَوَابِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَرَاجِعْ تِلْكَ الْمَسَائِلَ وَافْهَمْ الْعِلَّةَ يَظْهَرْ لَكَ الْحُكْمُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
حَرَّرَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. (69) قَوْلُهُ:
يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ.
أَيْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْإِيجَابِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ.
بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ (انْتَهَى) .
وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ فِي بَابِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ مَسْأَلَةً لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنَّهُ قَبَضَ 71 - وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْقَرْضِ إذَا قَالَ قَبَضْتُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقْرَضُ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ.
72 -
إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، 73 - إلَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَفَاءً،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ.
فَإِنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ يَعْنِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُودَعُ فَذِمَّتُهُ خَالِيَةٌ عَنْ الضَّمَانِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَوْلُ بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ إذْ قَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُودِعِ أَوْ إلَى وَكِيلِهِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ وَأَمَّا الْمَدْيُونُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَبَطَلَ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمَا بَحَثَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا بِقَوْلِهِ أَقُولُ بِعَكْسِ مَا قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ كَالْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ. (71) قَوْلُهُ:
وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ إلَخْ.
قِيلَ: إنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِالْقَرْضِ
(72)
قَوْلُهُ:
إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ إلَخْ.
إنَّمَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ عَزْلَ الْوَكِيلِ فِيهَا؛ فَأَمَّا فِي الرَّهْنِ إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْوَكِيلُ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ لَا يَنْعَزِلُ وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ أَوْ جُنَّ وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ بِالْتِمَاسٍ مِنْ الْخَصْمِ لَا يَنْعَزِلُ بِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ وَبِمَوْتِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ وَوَرِثَهُ الْأَبُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمُتْ الِابْنُ وَمَاتَ الْأَبُ (انْتَهَى) .
فَلْيُحْفَظْ. (73) قَوْلُهُ:
إلَّا فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَفَاءً.
يَعْنِي إذَا وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَفَاءً وَبَاعَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ وَفَاءً وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ.
لَازِمُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَفَاءً بِالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ مَعَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ.
كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ.
إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ اسْتِحْسَانًا، 75 - إلَّا فِي الصَّرْفِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ. 76 - أَوْ وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ، إلَّا فِي الْوَكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِبَارَتُهُ، وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي.
الشَّيْءُ الْمُفَوَّضُ إلَى اثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا، 77 - كَالْوَكِيلَيْنِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: كَمَا فِي بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَعِبَارَتُهُ: بَاعَ جَائِزًا بِالْوَكَالَةِ ثُمَّ مَاتَ مُوَكِّلُهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ الْوَكِيلُ
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: وَالْبَيْعُ الْجَائِزُ هُوَ بَيْعُ الْوَفَاءِ وَقَدْ زِدْتُ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَجُنُونِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى) .
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. (75) قَوْلُهُ:
إلَّا فِي الصَّرْفِ.
صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ وَالْوَكِيلُ حَاضِرٌ لَا يَصِحُّ؛ وَالْعِلَّةُ اشْتِرَاطُ تَقَابُضِ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمُوَكِّلُ خَارِجٌ عَنْهُمَا قِيلَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الدَّلِيلِ اشْتِرَاطُ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ أَعَمُّ مِنْ تَقَابُضِ الْعَاقِدَيْنِ يَعْنِي أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ (انْتَهَى)
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.
(76)
قَوْلُهُ:
أَوْ وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ
يُفِيدُ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ آنِفًا وَلَا يُوَكِّلُ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ إذْ مُفَادُهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ فَتَأَمَّلْ. (77) قَوْلُهُ: كَالْوَكِيلَيْنِ.
مَحَلُّهُ إذَا وَكَّلَهُمَا مَعًا وَكَانَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا وَكَانَ يُحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
اجْتِمَاعُهُمَا فَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِالتَّصَرُّفِ كَالْخُصُومَةِ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِغَيْرِ مَالٍ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ.
نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الزَّيْلَعِيُّ وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا كَانَا مُمَيِّزَيْنِ تَلْزَمُهُمَا الْأَحْكَامُ أَوْ أَحَدُهُمَا صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ مَحْجُورٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلِكِ وَإِذَا وَكَّلَ اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي كُلِّ تَمْلِيكٍ بِلَا بَدَلٍ كَمَا إذَا قَالَ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِكُمَا فَإِنَّهُ تَمْلِيكُ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ؛ وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا فَلَا يَنْفُذُ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَفِيمَا عَدَا هَذَيْنِ.
الْمَوْضِعَيْنِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا كَالطَّلَاقِ بِلَا عِوَضٍ وَفِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ وَكَّلَهُمَا بِكَلَامَيْنِ جَازَ تَفَرُّدُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَقْتَ تَوْكِيلِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ جُعِلَا وَصِيَّيْنِ بِكَلَامٍ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ صَارَا وَصِيَّيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ وَأَجَزْنَاهُ أَيْ تَفَرُّدَ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ فِي الْخُصُومَةِ وَقَالَ زُفَرُ وَلَا يَجُوزُ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ رحمه الله كَالْوَكِيلَيْنِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِ شَارِحِ الْمَجْمَعِ وَفِيمَا عَدَا هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا مَا فِي الْبَدَائِعِ: الْوَكِيلَانِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْبِضَ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ وَالْأَمَانَةِ وَقَدْ فَوَّضَ الرَّأْيَ إلَيْهِمَا جَمِيعًا لَا إلَى أَحَدِهِمَا وَرَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا جَمِيعًا لَا بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا لَا يَبْرَأُ الْغَرِيمُ حَتَّى يَصِلَ مَا قَبَضَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَيَقَعَ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ يَصِلَ إلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الْمَقْبُوضُ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ إلَى الْمُوَكِّلِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا قَبَضَا ابْتِدَاءً (انْتَهَى) .
قِيلَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبِ قَضَاءً وَالدَّيْنِ فَإِنَّ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ فِيهَا أَنْ يَنْفَرِدَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْوَكِيلِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَفِي كُلِّ تَمْلِيكٍ يَدْخُلُ فِيهِ التَّوْكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذْ هُوَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ تَأَمَّلْ.
وَكَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِ الْهِبَةِ فَقَبَضَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ رَجُلَيْنِ فِي الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُمَا وَكِيلَانِ بِالْقَبْضِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِإِثْبَاتِهِ عَلَى
وَالْوَصِيَّيْنِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْمَوْهُوبِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَكِيلَيْنِ بِالْقَبْضِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْهِبَةِ. (78) قَوْلُهُ:
وَالْوَصِيَّيْنِ.
ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَوْصَى لَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ يَنْفَرِدُ فِيهَا بِالتَّصَرُّفِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، الْأُولَى: تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ، الثَّانِيَةُ: شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصَّغِيرِ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، الثَّالِثَةُ: بَيْعُ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ، الرَّابِعَةُ: تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الْخَامِسَةُ: قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِهِ، السَّادِسَةُ الْخُصُومَةُ، السَّابِعَةُ: رَدُّ الْمَغْصُوبِ، الثَّامِنَةُ: رَدُّ الْوَدَائِعِ، التَّاسِعَةُ: قَبُولُ الْهِبَةِ، الْعَاشِرَةُ: جَمْعُ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ، الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: رَدُّ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا، الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قِسْمَةُ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: إجَارَةُ الْيَتِيمِ الرَّابِعَةَ عَشَرَةَ: أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِكَذَا وَعَيَّنَهُ، الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إعْتَاقُ النَّسَمَةِ الْمُعَيَّنَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: حِفْظُ الْأَمْوَالِ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَصَبَهُمَا الْمَيِّتُ أَوْ نَصَبَهُمَا الْقَاضِي أَوْ نَصَبَهُمَا قَاضِيَانِ بِبَلْدَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ نَصَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاضِي بَلْدَةٍ جَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ لَوْ تَصَرَّفَ جَازَ فَكَذَا نَائِبُهُ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الْقَاضِيَيْنِ عَزْلَ الْمُتَوَلِّي الَّذِي نَصَبَهُ الْقَاضِي الْآخَرُ جَازَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ.
كَذَا فِي الْمُلْتَقَطَاتِ فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَفِي قَوْلِ الْمُلْتَقَطَاتِ فَكَذَا نَائِبُهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْقَاضِي حَتَّى تَلْحَقَهُ الْعُهْدَةُ بِخِلَافِ أَمِينِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فَلَا تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَمُقْتَضَى كَوْنِ وَصِيِّ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاضِي مَحْجُورًا عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَلَوْ مَنْصُوبَهُ بِخِلَافٍ مَعَ أَمِينِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَلَّا يَمْلِكَ الْقَاضِي شِرَاءَ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ وَصِيٍّ نَصَبَهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَمِينَهُ وَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ كَمَا فِي غَالِبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ.
وَالْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ الْمِلْكِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ نَفَاذِ التَّصَرُّفِ وَحْدَهُ لَا عَدَمُ صِحَّتِهِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا.
وَالنَّاظِرَيْنِ 80 - وَالْقَاضِيَيْنِ وَالْحَكَمَيْنِ وَالْمُودَعَيْنِ وَالْمَشْرُوطِ لَهُمَا الِاسْتِبْدَالُ وَالْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ 81 - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لَهُ أَوْ الِاسْتِبْدَالَ مَعَ فُلَانٍ فَإِنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْفِرَادَ دُونَ فُلَانٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ.
الْوَكِيلُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ، وَلَمْ يُعْلِمْ الْوَكِيلُ الْبَائِعَ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا 82 - كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالنَّاظِرَيْنِ.
أَقُولُ مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ النَّاصِبُ لَهُمَا قَاضِيًا وَاحِدًا أَوْ كَانَا مَنْصُوبَيْ الْوَاقِفِ أَمَّا لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْصُوبَ قَاضِي بَلَدٍ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْوَصِيَّيْنِ وَلَوْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الْقَاضِيَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ الْقَيِّمَ الَّذِي أَقَامَهُ الْقَاضِي الْآخَرُ فَإِنْ رَأَى
الْمَصْلَحَةَ
فِي ذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا.
كَذَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (80) قَوْلُهُ:
وَالْقَاضِيَيْنِ.
قِيلَ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا قَلَّدَ شَخْصَيْنِ قَضَاءَ بَلْدَةٍ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْقَضَاءِ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ كَمَا يُتَوَهَّمُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إذَا فَوَّضَ أَمْرًا إلَى قَاضِيَيْنِ مُتَوَلِّيَيْنِ قَبْلَ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ بِدُونِ رَأْيِ الثَّانِي (انْتَهَى) . أَقُولُ: مَا نُفِيَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا هُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعِبَارَتُهَا: السُّلْطَانُ أَوْ الْإِمَامُ الْأَكْبَرُ فَوَّضَ قَضَاءَ نَاحِيَةٍ إلَى اثْنَيْنِ فَقَضَى أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ كَأَحَدِ وَكِيلَيْ بَيْعٍ. (81) قَوْلُهُ:
إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لَهُ أَوْ الِاسْتِبْدَالَ مَعَ فُلَانٍ.
يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ النَّاظِرَيْنِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُفَوَّضَ أَوْ غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ لَا مُنْقَطِعٌ. (82) قَوْلُهُ:
كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
نَصُّ عِبَارَتِهَا: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
الْوَكِيلُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوَكَالَةِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَعَنْ الثَّانِي خِلَافُهُ.
وَأَمَّا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي
وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُكِّلَ رَجُلٌ بِقَبْضِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ وَالْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ فَدَفَعَهَا لَهُ 84 - فَإِنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ إذَا هَلَكَتْ، وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
بِالْوَكَالَةِ وَاشْتَرَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْلِمْ الْبَائِعَ الْوَكِيلُ كَوْنَهُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِأَنْ كَانَ الْمَالِكُ قَالَ لِلْمُشْتَرِي اذْهَبْ بِعَبْدِي إلَى زَيْدٍ فَقُلْ لَهُ حَتَّى يَبِيعَهُ بِوَكَالَتِهِ عَنِّي مِنْكَ فَذَهَبَ بِهِ إلَيْهِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالتَّوْكِيلِ فَبَاعَهُ هُوَ مِنْهُ فَالْمَذْكُورُ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَجَعَلَ مَعْرِفَةَ الْمُشْتَرِي بِالتَّوْكِيلِ كَمَعْرِفَةِ الْبَائِعِ وَفِي الْمَأْذُونِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَوْلَى إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي فَبَايَعُوهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَبْدُ صَحَّ.
وَفِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَتْ الْوَكَالَةُ كَالْوِصَايَةِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ إذَا بَاعَ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ؛ يَصِحُّ لِأَنَّهَا خِلَافَةٌ كَالْوِرَاثَةِ وَتَصَرُّفُ الْوَارِثِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوِرَاثَةِ وَالْمَوْتِ يَصِحُّ وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وِصَايَةً عَدَمُ تَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ مِنْ الْوِصَايَةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُمَا أَمْرٌ وَنَهْيٌ فَتُعْتَبَرُ بِأَوَامِرِ الشَّارِعِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِلَا عِلْمٍ وَاللُّزُومُ بِلَا عِلْمٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ تَقْدِيرًا لِشُيُوعِ الْخِطَابِ فَانْدَفَعَ دَارُ الْحَرْبِ لِعَدَمِ الشُّيُوعِ فِيهِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ دَارَ الْأَحْكَامِ (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله مِنْ عَدَمِ بَيَانِ الْخِلَافِ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (83) قَوْلُهُ:
وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعَهَا لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا إلَخْ.
أَيْ عَنْ فُلَانٍ فَالدَّفْعُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ يَلِي الدَّفْعَ بِالْإِذْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (84) قَوْلُهُ:
فَإِنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ إذَا هَلَكَتْ.
يَعْنِي لِعَدَمِ الْإِذْنِ بِالدَّفْعِ.