الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْإِجَارَاتِ
فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ بَابِ الِاسْتِصْنَاعِ: 1 - وَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ 2 - فَإِنْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا، 3 - وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَالْكُلُّ لِلْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: الْمَاضِي لِلْغَاصِبِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لِلْمَالِكِ (انْتَهَى)
4 -
الْغَصْبُ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ 5 - إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِحِمَايَةٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْقُنْيَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[كِتَابُ الْإِجَارَاتِ]
قَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةُ عِنْدَنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ.
يَعْنِي فِيمَا لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ دَارًا مَثَلًا آجَرَهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ آخِرَ، أَوْ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَاضِي لِلْغَاصِبِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لِلْمَالِكِ. (2) قَوْلُهُ:
فَإِنْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ.
لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. (3) قَوْلُهُ:
إنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا.
أَقُولُ: وَيَكُونُ لِلْعَاقِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
(4)
قَوْلُهُ: الْغَصْبُ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ إلَخْ.
أَقُولُ: مَحَلُّهُ إذَا غَصَبَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَإِنْ غَصَبَهُ فِي بَعْضِهَا يَسْقُطُ بِحِسَابِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ. (5) قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ إلَخْ.
فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ مَعَ إمْكَانِهِ
التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يُوجِبُ الْأَجْرَ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَلَا تَجِبُ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ كَمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. 7 -
وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالتَّمَكُّنِ.
الثَّانِيَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهَا. 8 - فَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا.
الثَّالِثَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا كُلَّ يَوْمٍ بِدَانَقٍ فَأَمْسَكَهُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ لِبْسٍ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يُوجِبُ الْأَجْرَ إلَخْ.
فِي الْبَزَّازِيَّةِ: إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْفَاسِدِ بِحَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ مِنْ جِهَةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِجَارَةِ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ وُجِدَ حَقِيقَةُ الِاسْتِيفَاءِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ إنَّمَا يُوجِبُ الْأَجْرَ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَمَكَّنَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَيْهِ، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ فِي الْمُدَّةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْعَقْدُ.
فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله مِنْ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الْأَجْرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ الْمُرَادُ الْمُسَمَّى أَوْ أَجْرُ الْمِثْلِ هَلْ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ أَوْ لَا يَتَجَاوَزُ الْمُسَمَّى؟ فَأَقُولُ: إنْ فَسَدَتْ بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ بِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَإِنْ لَمْ تَفْسُدْ بِهِمَا بَلْ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ أَوْ بِجَهَالَةِ الْوَقْتِ وَالْمُسَمَّى مَعْلُومٌ لَمْ يَزِدْ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى. (7) قَوْلُهُ:
وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إلَخْ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا أَوْ دَارَ وَقْفٍ إجَارَةً فَاسِدَةً فَزَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لَا يَتَجَاوَزُ الْمُسَمَّى وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْهَا أَوْ لَمْ يَسْكُنْهَا لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ (انْتَهَى) .
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ " أَنَّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ (8) قَوْلُهُ:
فَلَا أَجْرَ لَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ.
عِبَارَتُهَا: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَلَبِسَهُ فِي مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ
لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ لَتَخَرَّقَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَتَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي زَمَانِ إمْسَاكِهَا عِنْدَهُ يَضْمَنُهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي إمْسَاكِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ إمْسَاكِهَا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عِنْدِي عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِاللِّبْسِ لَا بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الذَّهَابَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَكُونَ مَأْذُونًا فِي الذَّهَابِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ.
قَالَ رحمه الله وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا ضَامِنًا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي إجَارَةِ الدَّابَّةِ بَيَانَ مَكَانِ الرُّكُوبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ، لِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَبَعْضِ الطُّرُقِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ بِالدَّابَّةِ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْمَكَانِ لِلتَّقْيِيدِ، فَأَمَّا فِي إجَارَةِ الثَّوْبِ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ اللِّبْسِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَقْتِ لِأَنَّ اللِّبْسَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ مِنْ الْبَعْضِ.
ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرْكَبْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهَا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِهَذَا الْإِمْسَاكِ فَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِيهِ فَكَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَرْكَبْ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ بِهَذَا الْإِمْسَاكِ فَيَكُونُ مَأْذُونًا فِيهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا.
قَالُوا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَمْسَكَ زَمَانًا لَا يُمْسَكُ مِثْلُهُ لِلْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ عَادَةً فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ إنْ قَدَرَ يَمْسِكُهَا لِيَتَهَيَّأَ لَهُ الْخُرُوجُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ. (9) قَوْلُهُ:
لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَخْ.
فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ: اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ بِدَانَقٍ كُلَّ يَوْمٍ فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ مُدَّةً وَلَمْ يَلْبَسْهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لُبِسَ لَا يَتَخَرَّقُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُ لِمَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الِانْتِفَاعِ بَعْدَهَا، كَالْمَرْأَةِ أَخَذَتْ الْكِسْوَةَ وَلَمْ تَلْبَسْهَا (انْتَهَى) .
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ دَانَقٌ إلَى
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ
11 -
الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ أَخْذٌ، فَإِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ تَصِحَّ، 12 - وَالْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُدَّةِ جَائِزٌ، وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ 13 - فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْوَقْتِ الَّذِي لَوْ لَبِسَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَخُرِقَ فَإِذَا تَخَرَّقَ سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ لِأَنَّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَةٌ وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ مُضَافَةٌ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِدُخُولِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَدَخَلَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْأَجْرِ إلَّا التَّمْكِينُ وَقَدْ وُجِدَ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَقَبَضَهَا وَأَخَذَ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَسْكُنْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَذَا هَهُنَا.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله مِثْلَ هَذَا (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَتَّضِحُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله وَيَظْهَرُ أَنْ لَا صِحَّةَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (10) قَوْلُهُ:
كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ.
الصَّوَابُ كَمَا فِي فُرُوقِ الْمَحْبُوبِيِّ وَعِبَارَتُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرْكَبْ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ، إنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ بِهَذَا الْحَبْسِ لَا يُوجِبُ الْأَجْرَ فَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي يَجِبُ الْأَجْرُ بِهَذَا الْحَبْسِ فَيَكُونُ مَأْذُونًا
قَوْلُهُ:
(11)
الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ.
لَمْ يَعْزُ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ وَهِيَ فِي الْخَانِيَّةِ. (12) قَوْلُهُ:
وَالْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُدَّةِ جَائِزٌ.
قِيلَ: الْحَطُّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ بَعْدَ الْمُدَّةِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فِي الْمُدَّةِ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَبَعْدَهَا لَا يَلْتَحِقُ بَلْ يَكُونُ أَمْرًا مُسْتَأْنَفًا. (13) قَوْلُهُ:
فَإِنْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا.
أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَقَبْلَهَا.
كَمَا لَوْ رَخُصَتْ 15 - وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا، 16 - فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةِ فَاسِدَةً أَجَّرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ، 17 - لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ
18 -
فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ رَجَعَ الْقَاضِي إلَى أَهْلِ الْبَصَرِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
كَمَا لَوْ رَخُصَتْ.
فَإِنَّهُ لَا يُنْقِصُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا. (15) قَوْلُهُ:
وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ.
وَقَدْ سَوَّى فِي الْإِسْعَافِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَأَرْضِ الْيَتِيمِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أَجَّرَ مُشْرِفُ الْوَقْفِ أَوْ رَضِيَ الْيَتِيمُ مَنْزِلًا لِلْوَقْفِ أَوْ لِلْيَتِيمِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ، فَقِيلَ أَتُفْتِي بِهَذَا؟ فَقَالَ نَعَمْ وَوَجْهُهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَصَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِأَنَّ أَرْضَ الْيَتِيمِ كَأَرْضِ الْوَقْفِ وَأَمَّا بُلُوغُ الْيَتِيمِ بَعْدَ إجَارَةِ وَصِيِّهِ أَوْ جَدِّهِ لِمَالِهِ مُدَّةَ سِنِينَ فَقَدْ ذَكَرَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. (16) قَوْلُهُ:
فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً أَجَّرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عِوَضٍ عَلَى الْأَوَّلِ.
أَقُولُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْعَاشِرِ: وَلَوْ آجَرَهُ بِأَقَلَّ وَجَبَ الْأَقَلُّ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ الْأَوَّلُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ مَعَ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ. (17) قَوْلُهُ:
لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: لُزُومُ أَجْرِ الْمِثْلِ ظَاهِرٌ لَكِنْ لَمْ يَتَشَخَّصْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً انْتَهَى
(18)
قَوْلُهُ:
فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ رَجَعَ.
يَعْنِي لَا يُحْكَمُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، بَلْ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ لَمْ يَتَشَخَّصْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً وَمَا قِيلَ لَعَلَّهُ، لَكِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهَا صَحِيحَةً بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ
وَالْأَمَانَةِ، فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَسَخَهَا، وَالْوَاحِدُ يَكْفِي عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ.
وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ
19 -
وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، 20 - وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ، 21 - وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ الْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا الْقَاضِي، كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، ثُمَّ يُؤَجِّرُهَا مِمَّنْ زَادَ، 22 - فَإِنْ كَانَتْ دَارًا أَوْ حَانُوتًا عَرَضَهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ إلَخْ.
وَاصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ. (20) قَوْلُهُ:
وَإِلَّا.
أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا أَنَّهَا وَقَعَتْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَتْ إضْرَارًا إلَخْ.
وَفَسَّرَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الزِّيَادَةَ لِلزِّيَادَةِ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ الْكُلُّ يَرْغَبُونَ فِيهَا عُرِضَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا أَجَّرَهَا النَّاظِرُ مِنْ الثَّانِي؛ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ (انْتَهَى) .
أَقُولُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ إلَخْ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فَتَأَمَّلْ. (21) قَوْلُهُ:
وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ.
الْمُرَادُ أَنْ تَزِيدَ الْأُجْرَةُ فِي نَفْسِهَا لِغُلُوِّ سِعْرِهَا عِنْدَ الْكُلِّ، أَمَّا إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِكَثْرَةِ رَغْبَةِ النَّاسِ فِي اسْتِئْجَارِهِ فَلَا، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْعَيْنِيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ إذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ وَأَمَّا إذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي نَفْسِهَا لَا لِرَغْبَةِ رَاغِبٍ وَلَا لِزِيَادَةٍ مِنْ قَبِيلِ مُتَعَنِّتٍ بَلْ لِغُلُوِّ سِعْرِهَا عِنْدَ الْكُلِّ فَإِنَّهَا تُنْقَضُ وَتُعْقَدُ ثَانِيًا وَيَجِبُ الْمُسَمَّى بِالْإِجَارَةِ الْأُولَى إلَى حِينِ الزِّيَادَةِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ بَعْدِ الثَّانِيَةِ. (22) قَوْلُهُ:
فَإِنْ كَانَتْ دَارًا أَوْ حَانُوتًا إلَخْ.
لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُ هَذَا التَّفْصِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ وَكَانَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا لَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ أَنْكَرَ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ 24 - فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا؛ فَإِنْ كَانَتْ فَارِغَةً عَنْ الزَّرْعِ فَكَالدَّارِ، وَإِنْ مَشْغُولَةً لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا لِغَيْرِ صَاحِبِ الزَّرْعِ، لَكِنْ تُضَمُّ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مَا بَنَى أَوْ غَرَسَ، فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا مُشَاهَرَةً 25 - فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إذَا فَرَغَ الشَّهْرُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ إلَخْ.
سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصْلِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَزَادَ الْغَيْرُ أَوْ كَانَتْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَتْ فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ بِالزِّيَادَةِ فَهُوَ أَحَقُّ وَلَا يُرَجَّحُ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُ أَحَقُّ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَتْ الْأُجْرَةُ أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
وَاَلَّذِي فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ هُوَ الْأَوَّلُ (انْتَهَى) .
وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْوَقْفِ: إذَا ازْدَادَتْ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ عَلَى رِوَايَةِ سَمَرْقَنْدَ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَعَلَى رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يُفْسَخُ وَيُجَدَّدُ الْعَقْدُ وَإِلَى وَقْتِ الْفَسْخِ يَجِبُ الْمُسَمَّى لِمَا مَضَى وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيهَا بِأَنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ بَعْدُ فَإِلَى وَقْتِ زِيَادَتِهِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهَا وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهَا. (24) قَوْلُهُ:
فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ.
أَيْ لَا بُدَّ لِمُدَّعِي الزِّيَادَةِ مِنْ بُرْهَانٍ يَشْهَدُ عَلَى الْمُنْكِرِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُنْكِرُ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْأَصْلُ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. (25) قَوْلُهُ:
فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إلَخْ.
قَيَّدَ بِهِ إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَوْ رُفِعَتْ لَا يَسْتَأْجِرُهَا أَحَدٌ تُرِكَتْ فِي يَدِهِ؛ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ: حَانُوتٌ وُقِفَ عِمَارَتُهُ مِلْكًا لِرَجُلٍ وَصَاحِبُ الْعِمَارَةِ يَسْتَأْجِرُهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَوْ رُفِعَتْ يَسْتَأْجِرُهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ كُلِّفَ رَفْعَ الْعِمَارَةِ وَيُؤَجِّرُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ
وَالْبِنَاءُ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ لِلْوَقْفِ أَوْ يَصْبِرُ حَتَّى يَتَخَلَّصَ بِنَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً لَمْ تُؤَجَّرْ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُضَمُّ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ كَالزِّيَادَةِ وَبِهَا زَرْعٌ، 27 - وَأَمَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. 28 -
وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الصُّغْرَى.
هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ كَلَامِ مَشَايِخِنَا رحمهم الله
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُهُ لَا يُكَلَّفُ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الْأَجْرِ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً (انْتَهَى) .
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهِمَا. (26) قَوْلُهُ:
وَالْبِنَاءُ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِقِيمَتِهِ إلَخْ.
أَيْ إنْ رَضِيَ مَالِكُ الْبِنَاءِ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَلَعَهَا وَسَلَّمَهَا فَارِغَةً إلَّا أَنْ يَغْرَمَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَمْتَلِكُهُ يَعْنِي بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ بِدُونِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَتُقَوَّمَ وَبِهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ؛ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى لُزُومِ الْقَلْعِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ إذَا رَضِيَ الْمُؤَجِّرُ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الْقَلْعُ وَهَذَا صَحِيحٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ أَمْ لَا، فَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ.
كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لَكِنْ لَا يَتَمَلَّكُهَا الْمُؤَجِّرُ جَبْرًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَنْقُصُ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ (27) قَوْلُهُ:
وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَجْرَ الْمِثْلِ إلَخْ.
فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ بِنُقْصَانِ أَجْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ الْمُسَمَّى وَقْتَ الْعَقْدِ أَجْرَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ الْمُسَمَّى وَقْتَ الْعَقْدِ أَجْرَ الْمِثْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ التَّغْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ (انْتَهَى) .
قِيلَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ. (28) قَوْلُهُ:
وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى إلَخْ. فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ
إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ، صَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ فَاسِدًا، فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبْدَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَدَلَ.
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسَ الْعَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا عَجَّلَهُ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي آخِرِ إجَارَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَجَّرَ الْقَيِّمُ دَارًا بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ: لِمُتَوَلِّي إذَا أَجَّرَ حَمَّامَ الْوَقْفِ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَزَادَ فِي أُجْرَةِ الْحَمَّامِ قَالُوا إنْ كَانَ حِينَ آجَرَ الْحَمَّامَ مِنْ الْأَوَّلِ أَجَّرَهُ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ نُقْصَانٍ يَسِيرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُخْرِجَ الْأَوَّلَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ تَكُونُ فَاسِدَةً فَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً إمَّا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرْضَى بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَذَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ وَذَكَرَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ عَدَمِ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ خِلَافًا فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ فِي أَجْرِ الْمَأْجُورِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ
(29)
قَوْلُهُ:
إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ إلَخْ. أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَكَمَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسُ الْعَيْنِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهَا، وَكَذَا يَكُونُ أَوْلَى بِهَا مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، لَوْ مَاتَ الْآجِرُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ الرَّاهِنُ وَعَلَيْهِمْ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ لَكِنْ بَيْنَ فَاسِدِ هَذِهِ الْعُقُودِ وَصَحِيحِهَا إذَا فَسَخَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْقٌ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا ارْتَفَعَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ الْبَيْعُ بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْآجِرِ وَالْبَائِعِ ثُمَّ فَسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَكَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونَانِ أَوْلَى بِهَا مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ إذَا مَاتَ الْآجِرُ وَالْبَائِعُ وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ صَحِيحًا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدَيْنٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْآجِرِ وَالْبَائِعِ
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
31 -
الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا تَنْفَسِخُ بِغَيْرِ عُذْرٍ 32 - إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ كَالِاسْتِكْتَابِ فَلِصَاحِبِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
ثُمَّ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُشْتَرِي حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَيَكُونَانِ أَحَقَّ بِهَا مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْآجِرُ وَالْبَائِعُ وَعَلَيْهِمَا دُيُونٌ كَثِيرَةٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَمَّا الرَّاهِنُ إذَا مَاتَ عَنْ دُيُونٍ كَثِيرَةٍ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَالرَّهْنُ الْفَاسِدِ كَالصَّحِيحِ حَالَ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ حَتَّى إذَا تَقَابَضَا وَتَنَاقَضَا الْفَاسِدَ فَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الرَّاهِنُ مَا قَبَضَ وَبَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا لَحِقَ الدَّيْنُ الرَّهْنَ الْفَاسِدَ أَمَّا إذَا سَبَقَ الدَّيْنُ ثُمَّ رَهَنَ فَاسِدًا بِذَلِكَ ثُمَّ تَنَاقَضَا بَعْدَ قَبْضِهِ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ السَّابِقِ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى مِنْ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ لِعَدَمِ الْمُقَابَلَةِ حُكْمًا لِفَسَادِ السَّبَبِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ السَّابِقِ وَالدَّيْنِ اللَّاحِقِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَبَضَهُ بِمُقَابِلَةِ الرَّهْنِ وَهَذَا الْقَبْضُ سَابِقٌ فَثَبَتَ الْمُقَابَلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ ثَمَّةَ وَبِخِلَافِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَقَدَّمَ الدَّيْنُ أَوْ تَأَخَّرَ لِصِحَّةِ السَّبَبِ وَبِهِ الْمُقَابَلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ (30) قَوْلُهُ:
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَعِبَارَتُهُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ فَاسِدًا وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَحْبِسَ الْبَيْتَ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْجَائِزَةِ فَفِي الْفَاسِدِ أَوْلَى وَلَوْ مَقْبُوضًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَلَهُ الْحَبْسُ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ لَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ (انْتَهَى) .
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي
(31)
قَوْلُهُ:
الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ إلَخْ.
الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْعُذْرِ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَبَقِيَ الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْقَاضِي أَمْ لَا فَإِنَّ الَّذِي رَأَيْنَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي يُفْسَخُ بِعُذْرٍ وَأَمَّا الَّذِي يُفْسَخُ مُطْلَقًا كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ أَجِدْهُ صَرِيحًا (32) قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ إلَخْ.
فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْعُذْرِ فِي الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ: الْأَصْلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ
الْوَرَقِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ.
وَأَصْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ.
لِرَبِّ الْبَذْرِ الْفَسْخُ دُونَ الْعَامِلِ، وَمِنْ أَعْذَارِهَا الْمُجَوِّزَةِ لِفَسْخِهَا 33 - الدَّيْنُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهَا، فَلَهُ فَسْخُهَا وَضَمِنَ بَيْعَهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
كَالِاسْتِكْتَابِ تَقَعُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْكَاغَدِ وَالْحِبْرِ وَكَرَبِّ الْأَرْضِ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَالْمُزَارَعَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ جَوَابُ كَثِيرٍ مِنْ الْوَاقِعَاتِ فَيَجِبُ أَنْ يُحْفَظَ (33) قَوْلُهُ: الدَّيْنُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَا وَفَاءَ إلَّا مِنْ ثَمَنِهَا إلَخْ.
قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَحُبِسَ فِيهِ فَهَذَا عُذْرٌ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ إلَّا بِبَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُ نَفْسَهُ وَهُوَ الْحَبْسُ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رحمه الله: هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ ظَاهِرًا يَعْنِي ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ جَازَ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ عُذْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمْ.
ثُمَّ الْفَسْخُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ وَكَأَنَّهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ يَكُونُ بِدُونِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْفَسْخَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَهَذَا فِي بَابِ الدَّيْنِ خَاصَّةً أَمَّا فِي عُذْرٍ آخَرَ يَتَفَرَّدُ مَنْ لَهُ الْعُذْرُ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَةِ.
مِنْ الْمَشَايِخِ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعُذْرَ إنْ كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ظَاهِرٍ كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ لِيَصِيرَ الْعُذْرُ بِالْقَضَاءِ ظَاهِرًا.
كَذَا فِي التَّجْرِيدِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ: الْقَوْلُ بِالتَّوْفِيقِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَوَّاهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ فِيهِ إعْمَالَ الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ مُنَاسَبَةٍ فِي التَّوْزِيعِ فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ (انْتَهَى)
أَقُولُ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّ مَا يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ مِنْ الْأَقْوَالِ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يُصَحِّحُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ كَانَ فَقِيهَ النَّفْسِ وَهَذَا الْقَوْلُ صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ رحمه الله فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ.
إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا
35 -
لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ، وَإِلَّا جَازَ صَحَّ اسْتِئْجَارُ قَلَمٍ بِبَيَانِ الْأَجْرِ وَالْمُدَّةِ.
أَجَّرَ الْغَاصِبُ ثُمَّ مَلَكَ نَفَذَتْ
36 -
اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِوَضْعِ شَبَكَةِ الصَّيْدِ جَازَ
37 -
وَكَذَا اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ
38 -
اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ مُعَاصِرِي الْمُصَنِّفِ: هَذَا قَيْدٌ حَسَنٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ غَرِيبٌ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ
(35)
قَوْلُهُ:
لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ إلَخْ.
فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِغُسْلِ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ الْقَبْرِ، وَبَيَّنَ الطُّولَ وَالْعُمْقَ وَالْعَرْضَ جَازَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا ذَكَرَ الْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَيَقَعُ عَلَى وَسَطِ مَا يَعْمَلُهُ النَّاسُ؛ وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِ الْجِنَازَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْمِلُهَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْمِلُهَا جَازَ (انْتَهَى) .
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِثْلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ فَلْيُرَاجَعْ
(36)
قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِوَضْعِ شَبَكَةِ الصَّيْدِ.
جَازَ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ وَلِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(37)
قَوْلُهُ:
وَكَذَا اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ.
أَقُولُ: وَالْأَجْرُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْعُيُونِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله: إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحُدُودَ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي إجَارَةِ الْمُشَاعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ
(38)
قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا إلَخْ.
فِي الْخُلَاصَةِ: فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ وَقَصَبٌ أَوْ غَيْرُهُمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ إذَا كَانَ
أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ
40 -
اسْتَأْجَرَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ، وَلِغَيْرِهَا جَازَ كَالِاسْتِئْجَارِ لِكِتَابَةٍ أَوْ لِغِنَاءٍ أَوْ لِبِنَاءِ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَقَابَضَا ثُمَّ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يُؤَجَّرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ أَجَّرَ مَعَ هَذَا بِدُونِ الْحِيلَةِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ مَا فَرَغَ وَحَصَدَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا.
قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ أَمَّا إذَا أَدْرَكَ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُ الْحَصَادُ يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ أَجَّرَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ خُوَاهَرْ زَادَهْ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ هَذَا فِي الْأَرْضِ وَمَا إذَا أَجَّرَ بَيْتًا مَشْغُولًا لَا يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ وَالتَّسْلِيمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَنْبَغِي حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ لَوْ اسْتَأْجَرَ ضِيَاعًا بَعْضُهَا فَارِغٌ وَبَعْضُهَا مَشْغُولٌ؛ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا كَانَ فَارِغًا وَلَا تَجُوزُ فِيمَا كَانَ مَشْغُولًا (انْتَهَى) .
لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا مَشْغُولًا فَإِنَّهُ تَجُوزُ وَيُؤْمَرُ كَمَا مَرَّ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الضَّيَاعِ فَقَطْ فَافْهَمْ
قَوْلُهُ:
أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَا تَصِحُّ وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا ثَالِثٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ.
وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْوَكِيلُ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالثَّانِي فَاسِدٌ لِأَنَّهُ أَجَّرَهُ مِمَّنْ لَهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَيَنْتَفِعُ هُوَ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ لَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ؛ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ مَعَ فَسَادِهِ يَنْعَقِدُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَيُنْقَضُ مِنْ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِقَدْرِهِ، وَإِذَا دَخَلَ الثَّانِي يَتَجَدَّدُ الْعَقْدُ بِدُخُولِهِ فَيُنْقَضُ مِنْ الْأَوَّلِ شَهْرٌ فَشَهْرٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَقَعَ فَاسِدًا كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ وُهِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْبَائِعِ نُقِضَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الثَّانِي وَقَعَ فَاسِدًا (انْتَهَى)
(40)
قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا إلَخْ.
أَقُولُ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ أَجَّرَ مُسْلِمٌ
اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَحْتَطِبَ جَازَ إنْ وَقَّتَ
42 -
اسْتَأْجَرَتْ زَوْجَهَا لِغَمْزِ رِجْلِهَا لَمْ يَجُزْ
43 -
اسْتَأْجَرَ شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ أَوْ جَدْيَيْهِ لَمْ يَجُزْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
نَفْسَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ غَيْرِ الْخِدْمَةِ جَازَ وَإِنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ (انْتَهَى) .
وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي الْخِدْمَةِ الْمُسْلِمُ: إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ كَافِرٍ لِلْخِدْمَةِ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ قَهْرًا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ عِوَضًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ فَيَنْتَفِي الذِّكْرُ (انْتَهَى) .
وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ هَذَا كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ أَفْهَمَ كَلَامُ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله أَيْضًا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَا ذَكَرَهُ لِجَزْمِهِ بِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِكَافِرٍ لِلْخِدْمَةِ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ
وَقَالَ الْفَضْلِيُّ تَجُوزُ فِيمَا لَا ذُلَّ فِيهِ كَزِرَاعَةٍ لَا مَا فِيهِ ذَلِكَ كَخِدْمَةٍ (انْتَهَى) . (41) قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَهُ لِيَصِيدَ لَهُ أَوْ لِيَحْتَطِبَ جَازَ إنْ وَقَّتَ بِأَنْ قَالَ هَذَا الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ هَذَا أَجِيرٌ وُجِدَ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ بَيَانُ الْوَقْتِ وَقَدْ وُجِدَ وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ وَلَكِنْ عَيَّنَ الصَّيْدَ وَالْحَطَبَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الْوَقْتِ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَمَا حَصَلَ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(42)
قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَتْ زَوْجَهَا لِغَمْزِ رِجْلِهَا.
لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ إجَارَةِ النَّاسِ وَلِأَنَّ هَذَا أَجِيرٌ وُجِدَ، وَشَرْطُ صِحَّتِهِ بَيَانُ الْوَقْتِ.
كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قُلْتُ فَلَوْ غَمَزَ رِجْلَهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا الْمُسَمَّى
(43)
قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَ شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ إلَخْ.
لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى إتْلَافِ الْعَيْنِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ إنْ كَانَ مِنْهَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا كَخِدْمَةِ الْبَيْتِ مِثْلَ الْكَنْسِ وَالْخَبْزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا يَجُوزُ كَذَا ذُكِرَ مُطْلَقًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَقَالَ الْخَصَّافُ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ يَقَعُ الِاسْتِئْجَارُ لِلصَّبِيِّ وَالصَّبِيُّ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ إنْ كَانَتْ عِدَّةَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي حَالَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ
اسْتَأْجَرَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ
45 -
إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ جَائِزَةٌ.
دَفَعَ دَارِهِ إلَى آخَرَ لِيُرَمِّمَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ 46 - فَهِيَ عَارِيَّةٌ
47 -
الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا، إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا جَازَتْ، وَقِيلَ لَا.
اسْتَأْجَرَ دَرَاهِمَ لِيَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
طَلَاقٍ بَائِنٍ يَجُوزُ.
وَذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَمَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الصَّبِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ لَا عَلَى الْأُمِّ
(44)
قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَجُزْ يَعْنِي.
لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَقَعُ بَعْضُهُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَبَعْضُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ.
كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ.
وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ
قَوْلُهُ:
إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ جَائِزَةٌ.
فِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ أَجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا.
ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا أَضَافَ إلَى الدَّارِ لَا إلَى الْمَنْفَعَةِ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَى الْمَنْفَعَةِ يَجُوزُ أَيْضًا انْتَهَى وَفِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ الْإِجَارَةُ إذَا أُضِيفَتْ إلَى مَنَافِعِ الدَّارِ تَصِحُّ، فَإِنَّهُ نَصَّ فِي هِبَةِ الْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ إذَا قَالَ وَهَبْتُكَ مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ يَكُونُ إجَارَةً فَهَذَا أَوْلَى (انْتَهَى) .
وَقَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ: إنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ حَقِيقَةً وَالْمَنْفَعَةُ لَا يُتَصَوَّرُ وَجُودُهَا فِي لَحْظَةٍ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا مَوْجُودَةً حُكْمًا لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِتَقْدِيرِ الْمُسْتَحِيلِ وَلِهَذَا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمَنْفَعَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ (انْتَهَى) .
فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ. (46) قَوْلُهُ:
فَهِيَ عَارِيَّةٌ.
قِيلَ: هَلْ يَلْزَمُهُ تَرْمِيمُهَا؟ الظَّاهِرُ لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (انْتَهَى) .
يَعْنِي لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ
(47)
قَوْلُهُ:
الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا إذَا أَجَّرَ صَحِيحًا جَازَتْ وَقِيلَ لَا.
يَعْنِي إذَا قَبَضَهَا
وَيَضْمَنُهَا، 49 - وَلَوْ لَيُزَيِّنَ بِهَا جَازَتْ إنْ وَقَّتَ. 50 -
وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ بِأَجْرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ لَهُ، 51 - وَكَذَا أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَصُوفُهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ مُطْلَقًا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ وَيَنْصَرِفُ إلَى شَدِّ الثِّيَابِ عَلَيْهَا أَوْ الدَّابَّةِ، وَبِعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا الثَّمَرَةُ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
ثُمَّ أَجَّرَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً؛ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الرَّاجِحُ: قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا إجَارَةً فَاسِدَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً جَازَ هُوَ الصَّحِيحُ وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ وَيَأْخُذَ الدَّارَ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي أَجَّرَهُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ.
فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ وَالْبَيْعُ لَا (انْتَهَى) .
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ. (48) قَوْلُهُ:
وَيَضْمَنُهَا.
قِيلَ يُشْكِلُ عَلَى تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (انْتَهَى) .
يَعْنِي لِأَنَّ فَسَادَ الْعُقُودِ مُلْحَقٌ بِصَحِيحِهَا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْفَسَادِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ هُنَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تُصَادِفْ مَحَلَّهَا لِأَنَّ مَحَلَّهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ؛ بَقِيَ مُجَرَّدُ الْإِذْنِ بِالِانْتِفَاعِ مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفِ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَهَذَا تَفْسِيرُ الْقَرْضِ فَيَصِيرُ قَرْضًا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَحِينَئِذٍ لَا يُرَدُّ مَا قِيلَ. (49) قَوْلُهُ:
وَلَوْ لِيُزَيِّنَ بِهَا جَازَتْ إنْ وَقَّتَ. أَقُولُ: وَبَيَّنَ الْأَجْرَ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (50) قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرِ وَالْكَلَامُ إلَخْ.
لِأَنَّهَا عُقِدَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (51) قَوْلُهُ:
وَكَذَا أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَصُوفُهَا.
يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَ غَنَمًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ أَلْبَانُهَا وَصُوفُهَا.
دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ لَهُ بِالنِّصْفِ فَسَدَتْ 53 - كَاسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا. 54 -
يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ طَعَامِ الْعَبْدِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَتَطْيِينِ الدَّارِ وَمَرَمَّتِهَا وَتَغْلِيقِ الْبَابِ وَإِدْخَالِ جِذْعٍ فِي سَقْفِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
55 -
لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: دَفَعَ كِرْبَاسًا إلَى حَائِكٍ لِيَنْسِجَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ؛ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ إلَّا أَنَّهُ ثَمَّةَ يَجُوزُ كَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ لِلتَّعَامُلِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (53) قَوْلُهُ:
كَاسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا.
أَيْ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْمُدَّةَ أَوْ لَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
أَقُولُ: وَلَوْ قَالَ كَمَسْأَلَةِ قَفِيزِ الطَّحَّانِ لَكَانَ أَوْلَى لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْكِتَابِ لِلْقِرَاءَةِ فَإِنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ فِيهِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ لَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إنْ كَانَتْ طَاعَةً كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ مَعْصِيَةً كَالْغِنَاءِ فَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا لَا تَجُوزُ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا، وَإِنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ مُبَاحَةً كَقِرَاءَةِ الْأَدَبِ وَالشِّعْرِ فَهَذَا مُبَاحٌ لَهُ بِغَيْرِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا لَا يُبَاحُ لَهُ الْحَمْلُ وَتَقْلِيبُ الْأَوْرَاقِ فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ انْعَقَدَ يَنْعَقِدُ عَلَى الْحَمْلِ وَتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ وَالْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِهَذَا لَوْ نَصَّ عَلَيْهِ لَا تَنْعَقِدُ (انْتَهَى) . (54) قَوْلُهُ:
يُفْسِدُهَا الشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ طَعَامِ الْعَبْدِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ إلَخْ
فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الدَّابَّةِ: نَأْخُذُ بِقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْعَبْدُ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً (انْتَهَى) .
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ
(55)
قَوْلُهُ:
لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.
ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَخَذَهُ مِنْ الْقُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعِبَارَتُهَا: اسْتَأْجَرَ الْقَاضِي رَجُلًا لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَوْ الْحَدِّ لَمْ يَجُزْ ذَكَرَ مُدَّتَهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ فَإِنْ فَعَلَ الْأَجِيرُ ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ
اسْتَعَانَ بِرَجُلٍ فِي السُّوقِ لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ فَطَلَبَ مِنْهُ أَجْرًا 57 - فَالْعِبْرَةُ لِعَادَتِهِمْ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَجُلًا فِي حَانُوتِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ
اسْتَأْجَرَ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَانْتَفَعَ بِهِ فِي الْمِصْرِ، 58 - فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَا.
اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَسَاقَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إلَّا لِعُذْرٍ بِهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
لَهُ الْقِصَاصُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ فَعَلَ الْأَجِيرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: جَازَ وَعَلَيْهِ مَا سَمَّى، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ جَازَ عِنْدَهُمَا فَيَلْزَمُهُ مَا سَمَّى إنْ فَعَلَ أَجِيرُهُ (انْتَهَى) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ وَعِبَارَتُهَا: اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ أَوْ لِقَطْعِ الْيَدِ أَوْ لِيَقُومَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ شَهْرًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مُدَّتَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ عِنْدَ بَيَانِ الْمُدَّةِ مَنَافِعُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ إلَى مَا يَحِلُّ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنَ الْمُدَّةَ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا فَلَا يَدْرِي مَتَى وَقَعَ وَمَاذَا يَقَعُ فَإِذَا فَسَدَ الِاسْتِئْجَارُ وَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (انْتَهَى) .
وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لِظُهُورِ وَجْهِهِ
(56)
قَوْلُهُ:
اسْتَعَانَ بِرَجُلٍ فِي السُّوقِ لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ.
يَعْنِي وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَجْرًا. (57) قَوْلُهُ:
فَالْعِبْرَةُ لِعَادَتِهِمْ.
أَيْ لِعَادَةِ أَهْلِ السُّوقِ فَإِنْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِالْأَجْرِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَلَا يَجِبُ أَجْرُهُ؛ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رَجُلًا فِي حَانُوتِهِ لِيُعِينَهُ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(58)
قَوْلُهُ:
فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَا.
ذَكَرَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ وَيَذْهَبَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَبِسَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ خَالَفَ، لَكِنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ إلَى شَرٍّ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فِي الدَّابَّةِ لَا تَجُوزُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمَكَانَ؛ وَفِي الثَّوْبِ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ الْوَقْتِ دُونَ الْمَكَانِ (انْتَهَى) .
وَبِهِ اتَّضَحَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
الْأَجِيرُ الْكَاتِبُ إذَا أَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ، فَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ خُيِّرَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ، إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ فَقَطْ أَعْطَاهُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْمُسَمَّى
60 -
اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ جَحْدِهَا وَجَبَ الْأَجْرُ وَقِيمَتُهُ، لَوْ هَلَكَ
61 -
حَمَلَ أَحَدُ الْأَجِيرِينَ فَقَطْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: الْأَجِيرُ الْكَاتِبُ إذَا أَخْطَأَ فِي الْبَعْضِ إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا لِيَكْتُبَ لَهُ الْقُرْآنَ وَيَنْقُطَهُ وَيُعْجِمَهُ وَيُعَشِّرَهُ وَأَعْطَاهُ الْكَاغَدَ وَالْحِبْرَ لِيُعْطِيَهُ كَذَا دِرْهَمًا فَأَصَابَ الْوَرَّاقُ الْبَعْضَ وَأَخْطَأَ الْبَعْضَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يَتَجَاوَزُ مَا سَمَّى؛ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا أَعْطَاهُ لِأَنَّهُ مَا وَجَدَهُ عَلَى مَا شَرَطَهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمُصْحَفِ دُونَ الْبَعْضِ يُعْطِيهِ حِصَّةَ مَا أَصَابَ مِنْ الْمُسَمَّى وَيُعْطِي لِمَا أَخْطَأَ أَجْرَ مِثْلِهِ، لِأَنَّهُ وَافَقَ فِي الْبَعْضِ وَخَالَفَ فِي الْبَعْضِ
(60)
قَوْلُهُ:
اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ جَحْدِهَا إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا سَنَةً فَلَمَّا مَضَتْ السَّنَةُ جَحَدَ الْإِجَارَةَ وَمَضَتْ السَّنَةُ عَلَى ذَلِكَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَلْفَانٍ وَيَوْمَ الْجُحُودِ أَلْفٌ فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا مَضَتْ السَّنَةُ فَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ وَيَجِبُ كُلُّ الْأَجْرِ لِأَنَّ بِجُحُودِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بَعْدَ سَنَةٍ إلَى مَالِكِهِ فَصَارَ غَاصِبًا.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ.
أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَمَّا جَحَدَ فَقَدْ أَسْقَطَ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ بَعْدَ هَذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الدَّابَّةِ وَذَكَرَ فِيهَا الِاخْتِلَافَ وَلَا تَفَارُقَ بَيْنَهُمَا (انْتَهَى) .
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مَعَ زِيَادَةٍ
(61)
قَوْلُهُ:
حَمَلَ أَحَدُ الْأَجِيرِينَ إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ يَحْمِلَانِ خَشَبَةً لَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَحَمَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْحَمْلِ يَجِبُ الْأَجْرُ كَامِلًا لِأَنَّ الْعَادَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ كَذَلِكَ يَتَقَبَّلَانِ الْعَمَلَ وَيَعْمَلُ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ يَجِبُ لَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمَا (انْتَهَى) .
وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
فَإِنْ كَانَ شَرِيكَيْنِ 63 - وَجَبَ لَهُمَا كُلُّهُ، وَإِلَّا فَلِلْحَامِلِ النِّصْفُ
64 -
قَصَرَ الثَّوْبَ الْمَجْحُودَ فَإِنْ قَبِلَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الصَّبَّاغُ وَالنَّسَّاجُ. 65 -
لَا يَسْتَحِقُّ الْخَيَّاطُ أَجْرَ التَّفْصِيلِ بِلَا خِيَاطَةٍ.
الصَّيْرَفِيُّ بِأَجْرٍ إذَا ظَهَرَتْ الزِّيَافَةُ فِي الْكُلِّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
فَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَيْ شَرِكَةَ الصَّنَائِعِ. (63) قَوْلُهُ: وَجَبَ لَهُمَا كُلُّهُ وَإِلَّا فَلِلْحَامِلِ النِّصْفُ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَمَلَ النِّصْفَ لِأَنَّهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ فَإِذَا حَمَلَ الْكُلَّ صَارَ مُتَبَرِّعًا بِحَمْلِ النِّصْفِ الثَّانِي
(64)
قَوْلُهُ: قَصَرَ الثَّوْبَ الْمَجْحُودَ إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ فَجَحَدَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ ثُمَّ جَاءَ بِهِ مُقَصَّرًا وَأَقَرَّ بِذَلِكَ إنْ قَصَّرَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ؛ لَهُ الْأَجْرُ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ وَإِنْ قَصَّرَهُ بَعْدَ الْجُحُودِ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِالْجُحُودِ.
وَلَوْ كَانَ صَبَّاغًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، إنْ صَبَغَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ صَبَغَهُ بَعْدَ الْجُحُودِ فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمِنَ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ.
وَلَوْ دَفَعَ غَزْلًا إلَى نَسَّاجٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، إنْ نَسَجَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَا أَجْرَ لَهُ وَالثَّوْبُ لِلنَّسَّاجِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْغَزْلِ كَمَا إذَا كَانَتْ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا (انْتَهَى) .
وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (65) قَوْلُهُ:
لَا يَسْتَحِقُّ الْخَيَّاطُ أَجْرَ التَّفْصِيلِ إلَخْ.
لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْخِيَاطَةُ دُونَ الْقَطْعِ فَكَانَ الْأَجْرُ مُقَابَلًا بِالْخِيَاطَةِ وَلِأَنَّ الْأَجْرَ فِي الْعَادَةِ لِلْخِيَاطَةِ لَا لِلْقَطْعِ وَهَذَا عِنْدَ عِيسَى بْنِ أَبَانَ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ لَهُ أَجْرُ الْقَطْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: قَطَعَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ وَمَاتَ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْقَطْعِ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِثْلُهُ قَالَ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ وَقَدْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذِكْرَ التَّصْحِيحِ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لِتَأْيِيدِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ.
اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ وَفِي الْبَعْضِ بِحِسَابِهِ
67 -
دَفَعَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ لِصِنَاعَةٍ؛ إنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا
68 -
أَجَّرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ سَكَنَا فِيهَا فَلَا أَجْرَ.
69 -
مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا أَجْرَ لِمَنْ دَلَّهُ. إنْ دَلَلْتنِي عَلَى كَذَا فَلَكَ كَذَا فَدَلَّهُ، فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَشْيِ لِأَجْلِهِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ وَفِي الْبَعْضِ بِحِسَابِهِ.
لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ لِيُمَيِّزَ الْجِيَادَ مِنْ الزُّيُوفِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(67)
قَوْلُهُ:
دَفَعَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ الْمِفْتَاحَ إلَخْ.
فِي الْقُنْيَةِ: وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي الْمِصْرِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ حَتَّى يَجِبَ الْأَجْرُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ لِلدَّارِ (انْتَهَى) .
وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ فِي التَّصْنِيفِ غَيْرُ سَدِيدٍ
(68)
قَوْلُهُ: أَجَّرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا إلَخْ.
هَذَا قَوْلٌ وَالْمُفْتَى بِهِ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ سُكْنَاهَا مَعَهُ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَالتَّخْلِيَةَ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ فِي السُّكْنَى وَلِأَنَّ سُكْنَاهَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ إجَارَتَهَا مِنْ الزَّوْجِ انْعَقَدَتْ صَحِيحَةً حَتَّى لَوْ لَمْ تَسْكُنْ مَعَهُ يَجِبُ الْأَجْرُ بِلَا شَكٍّ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهِ لِلطَّحْنِ أَوْ الْخَبْزِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبَيْتِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ (انْتَهَى)
(69)
قَوْلُهُ:
مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مِنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا.
فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ بِأَنْ قَالَ مَنْ دَلَّنِي فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَالدَّلَالَةُ وَالْإِشَارَةُ لَيْسَ بِعَمَلٍ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْأَجْرَ فَلَا يَجِبُ وَإِنْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُوصِ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ إنْ دَلَلْتنِي عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا إنْ مَشَى مَعَهُ وَدَلَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمَشْيِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِقَدْرٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ دَلَّهُ مِنْ غَيْرِ مَشْيٍ فَهُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ.
وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى. 70 -
وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا عَقْدَ إجَارَةٍ هُنَا.
وَلِهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ 71 - بَيَّنَ الْمَوْضِعَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: مَعْنَى كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ هَذَا الشَّخْصُ وَالْعَقْدُ بِحُضُورِ الشَّخْصِ وَقَبُولِهِ خِطَابَ الْأَمِيرِ بِمَا ذَكَرَ فَيَجِبُ الْمُسَمَّى لِتَحَقُّقِ الْعَقْدِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ بِفِعْلٍ مَعْلُومٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَدَلَّهُ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا.
صَرَّحَ بِهِ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يُوَافِقُ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ.
وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَرَضَ بِمِثْلِ هَذَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ (انْتَهَى) .
وَرَدَّهُ الشَّارِحُ الْجَدِيدُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِقَدْرٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ دَلَّهُ مِنْ غَيْرِ مَشْيٍ فَهُوَ بَاطِلٌ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَالْعِلَّةُ مَا ذَكَرَ لَا مُجَرَّدُ حُضُورِ الشَّخْصِ وَقَبُولِهِ خِطَابَ الْأَمِيرِ، وَعِبَارَةُ الْخِزَانَةِ: رَجُلٌ أَضَلَّ شَيْئًا فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ إنْسَانٌ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا أَمَّا لَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ إنْ دَلَلْتَنِي عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا صَحَّ وَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا لَوْ دَلَّهُ بِالْكَلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا النَّقْلُ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (71) قَوْلُهُ:
بَيَّنَ الْمَوْضِعَ.
قِيلَ عَلَيْهِ: إذَا انْعَدَمَ الصِّحَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَوْضِعِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا يَعُمُّ الْمَوْضِعَ وَغَيْرَهُ إذْ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِي نَفْسِهِ مَوْضِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى تَعْلِيلُ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ بِخُصُوصِهَا بِالْحَاجَةِ إلَى إعَانَةِ الدَّالِّ عَلَى هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ خِلَافَهُ
إجَارَةُ الْمُنَادِي وَالسِّمْسَارِ وَالْمُحَامِي وَنَحْوِهَا جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ.
السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضَاءٌ وَقَبُولٌ. 73 -
قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى وَإِنَّمَا أَرْضَى بِكَذَا، فَسَكَتَ الْمَالِكُ فَرَعَى لَزِمَتْهُ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِ اُسْكُنْ بِكَذَا وَإِلَّا فَانْتَقِلْ فَسَكَنَ لَزِمَهُ مَا سَمَّى
74 -
الْأُجْرَةُ لِلْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَاصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: إجَارَةُ الْمُنَادِي وَالسِّمْسَارِ وَالْمُحَامِي إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أُجْرَةُ السِّمْسَارِ وَالْمُنَادِي وَالْمُحَامِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَقْدِيرَ فِيهِ لِلْوَقْتِ وَلَا مِقْدَارَ لِمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَقْدِ وَلِلنَّاسِ فِيهِ حَاجَةٌ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ فَاسِدًا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلْيُرَاجَعْ (73) قَوْلُهُ:
قَالَ الرَّاعِي لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى إلَخْ.
الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِ السُّكُونِ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولًا وَحِينَئِذٍ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فَلَوْ قَالَ الرَّاعِي
قَوْلُهُ:
الْأُجْرَةُ لِلْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ.
أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ حَيْثُ قَالَ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ سَنَةً ثُمَّ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَمَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ قَبْلَ الِاصْطِلَامِ لَا يَسْقُطُ وَمَا وَجَبَ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْأَجْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَمَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ فَسَقَطَ الْأَجْرُ.
فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ إذَا زَرَعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَذَهَبَ لَمْ يُؤْخَذْ بِالْخَرَاجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ النَّمَاءُ لَا حَقِيقَةً وَلَا اعْتِبَارًا لِأَنَّ الْفَوَاتَ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ حَتَّى يَصِيرَ سَالِمًا اعْتِبَارًا فَكَانَ سَبَبُ وُجُوبِ الْخَرَاجِ مِلْكُ أَرْضٍ نَامِيَةٍ حَوْلًا كَامِلًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ اعْتِبَارًا فَإِذَا فَاتَ النَّمَاءُ فِي مُدَّةِ الْحَوْلِ ظَهَرَ أَنَّ الْخَرَاجَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا عَلَى خِلَافِ هَذَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
وَجَبَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَ الِاصْطِلَامِ وَسَقَطَ مَا بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ الْمُكَارِيَ الذَّهَابُ مَعَهَا وَلَا إرْسَالُ غُلَامٍ مَعَهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْآجِرَ بِتَخْلِيَتِهَا.
اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ حَوْضٍ، عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ، وَبَيَّنَ الْعُمْقَ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ لَهُ رُبُعُ الْأَجْرِ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْعَشَرَةِ مِائَةٌ، 76 - وَالْخَمْسَةُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكَانَ لَهُ رُبُعُ الْعَمَلِ
اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ قَبْرٍ فَحَفَرَهُ. 77 - فَدَفَنَ فِيهِ غَيْرَ مَيِّتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا أَجْرَ لَهُ
78 -
بِعْهُ لِي بِكَذَا وَلَك كَذَا فَبَاعَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. 79 - مَتَى وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ. اكْتَرَاهَا بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ إنْ مُتَفَاوِتًا لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
وَجَبَ مِنْهُ لِمَا قَبْلَ الِاصْطِلَامِ وَسَقَطَ مَا بَعْدَهُ.
يَعْنِي إلَّا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ إعَادَةِ زَرْعِ مِثْلِهِ أَوْ دُونِهِ فِي الضَّرَرِ بِالْأَرْضِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَكَذَا لَوْ مَنَعَهَا غَاصِبٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. (76) قَوْلُهُ:
وَالْخَمْسَةُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ إلَخْ.
أَقُولُ: الضَّرْبُ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَجْسَامِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْإِطْلَاقِ حَيْثُ قَالُوا: لَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ
(77)
قَوْلُهُ:
فَدَفَنَ فِيهِ غَيْرَ مَيِّتِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ.
فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ قَبْرًا فَحَفَرَ ثُمَّ دَفَنَ فِيهِ إنْسَانًا آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِجِنَازَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ وَالْوُقُوعِ فِي مِلْكِهِ
(78)
قَوْلُهُ: بِعْهُ لِي بِكَذَا وَلَكَ كَذَا فَبَاعَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ.
أَيْ وَلَا يَتَجَاوَزُ بِهِ مَا سَمَّى وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا؛ السَّمَاسِرَةُ وَالدَّلَّالُونَ الْوَاجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (79) قَوْلُهُ:
مَتَى وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْهُ. يَعْنِي إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ
دَارِي لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ أَوْ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ
81 -
أَجَّرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
مُتَفَاوِتًا فَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْصِي وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَسَاهَلُ الْأَجْرَ حَتَّى لَوْ كَانَ يَسْتَأْجِرُ مِثْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ بَعْضُهُمْ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَبَعْضُهُمْ بِعَشَرَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِأَحَدَ عَشَرَ يَجِبُ أَحَدَ عَشَرَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ: مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ.
وَفِيهَا أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يَطِيبُ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ حَرَامًا وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَهُ فَلْيُنْظَرْ وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى
(80)
قَوْلُهُ:
دَارِي لَكَ هِبَةٌ أَوْ إجَارَةُ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: لَوْ قَالَ دَارِي لَكَ هِبَةُ إجَارَةٍ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ إجَارَةَ هِبَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ أَوَّلَهُ وَأَوَّلُهُ يَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ بِذِكْرِ الْإِجَارَةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِذِكْرِ الْهِبَةِ آخِرًا لِأَنَّ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا مُعَاوَضَةٌ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ إلَى التَّبَرُّعِ وَلِهَذَا لَا تَنْعَقِدُ الْعَارِيَّةُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ.
وَلَوْ قَالَ أَجَرْتُكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا تَكُونُ عَارِيَّةً فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ أَوَّلَ الْكَلَامِ (انْتَهَى) .
وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَظْهَرُ مَا فِيهِ مِنْ الْخَلَلِ.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لَازِمَةٌ لَا تُفْسَخُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِجَارَةِ اللُّزُومُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذِهِ إجَارَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَبِهِ فَارَقَتْ غَيْرَهَا مِنْ الْإِجَارَاتِ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: إنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَيَمْلِكُ كُلٌّ فَسْخَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ سَكَنَ وَجَبَ الْأَجْرُ
(81)
قَوْلُهُ:
أَجَرْتُكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ.
قِيلَ عَلَيْهِ: قَدْ يُقَالُ لِجَعْلِهِ عَارِيَّةً وَجْهٌ وَجِيهٌ بِأَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْإِجَارَةِ مَجَازًا عَنْ الْعَارِيَّةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بِلَا أُجْرَةٍ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: لَا وَجْهَ لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَجِيهًا لِمَا تَقَدَّمَ قَرِينًا عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ قَالَ أَجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِغَيْرِ عِوَضٍ.
وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا مِنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَتْ إعَارَةً وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا لَا تَكُونُ إعَارَةً (انْتَهَى)
أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي 83 - وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ 84 - وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَعَهُ 85 - فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي.
يَعْنِي إذَا. سَلَّمَ الرَّجُلُ ثَوْبًا إلَى الْقَصَّارِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَدَفَعَهُ إلَى أَجِيرِهِ فَدَقَّهُ فَتَخَرَّقَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ دُونَ الْأَجِيرِ لِأَنَّ أَجِيرَ الْقَصَّارِ أَجِيرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَأَجِيرُ الْوَاحِدِ لَا يَضْمَنُ مَا جَنَتْ يَدُهُ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ وَإِنَّمَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ لِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ مَنْقُولٌ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِإِذْنِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (83) قَوْلُهُ:
وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ. أَيْ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي زَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَعَدَمِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ إذَا هَلَكَتْ فِي يَدِهِ؛ وَقَالَا يَضْمَنُ إلَّا بِشَيْءٍ غَالِبٍ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ وَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ لِأَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِدُونِهِ فَإِذَا هَلَكَ بِمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ كَانَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ.
وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ لِأَنَّ الْقَبْضَ حَصَلَ بِالْإِذْنِ وَالْحِفْظُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَلِهَذَا لَا يَقْبَلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ بِالْأَجْرِ لِأَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ فِيهَا مَقْصُودًا بِالْأَجْرِ.
كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِيمَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا إذَا تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّ الْقَصَّارِ. (84) قَوْلُهُ:
وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ.
أَقُولُ هَذَا قَوْلٌ وَالرَّاجِحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاشْتِرَاطِ الضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِيمَا تَلِفَ إلَّا بِصُنْعِهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. (85) قَوْلُهُ:
فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا.
قَالَ الْمُقْرِي: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ مُرَادُهُ بِالِاتِّفَاقِ الِاتِّفَاقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ وَإِلَّا فَفِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهِ فِي الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْكَلَامِ: وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الشَّرْطُ وَغَيْرُ الشَّرْطِ سَوَاءٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ
الْمُسْتَأْجِرُ إذَا بَنَى فِيهَا بِلَا إذْنٍ فَإِنْ بِلَبِنٍ فَلَهُ رَفْعُهُ، وَإِنْ بِتُرَابِهَا فَلَا
87 -
لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ. 88 -
تَفْسُدُ إجَارَةُ الْحَمَّالِ لِطَعَامِ الْمُعَيَّنِ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
الْمُسْتَأْجِرُ إذَا بَنَى فِيهَا بِلَا إذْنٍ إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً مِنْ التُّرَابِ الَّذِي كَانَ فِيهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَنْهَا فَمَا كَانَ مِنْ لَبِنٍ يُرْفَعُ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ لِأَنَّ اللَّبِنَ بِالصَّنْعَةِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ لِأَنَّهُ مِلْكُ صَاحِبِ الدَّارِ وَمَا كَانَ رَهْصًا يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ " ياخيره ديوار " فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَتَى نُقِضَ يَصِيرُ تُرَابًا (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(87)
قَوْلُهُ:
لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ إلَخْ.
قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي بَحْثِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ بِأُجْرَةٍ مَضْمُونَةٍ وَعَزَاهُ إلَى الزَّيْلَعِيِّ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِضَمَانِ الثِّيَابِيِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْفَظُ بِالْأَجْرِ قِيلَ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ الْمُودَعِ بِالْأَجْرِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ. (88) قَوْلُهُ:
تَفْسُدُ إجَارَةُ الْحَمَّالِ الطَّعَامَ الْمُعَيَّنَ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ.
وَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْتِ يُوجِبُ كَوْنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ وَذِكْرُ الْعُمُرِ وَهُوَ الْحَمْلُ يُوجِبُ كَوْنَ الْعَمَلِ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَنَفْعُ الْمُسْتَأْجِرِ وُقُوعُهَا عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِالْعَمَلِ لِكَوْنِهِ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا وَنَفْعُ الْأَجِيرِ فِي وُقُوعِهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ فَتَفْسُدُ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَقَالَا لَا تَفْسُدُ وَيَكُونُ الْعَقْدُ عَلَى الْعَمَلِ دُونَ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ فَرَغَ مِنْهُ نِصْفَ النَّهَارِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِعَمَلٍ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ فِي الْيَوْمِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَهُ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الْعَمَلُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَذِكْرُ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ فَكَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ عَلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَيُرَجَّحُ بِكَوْنِ الْعَمَلِ مَقْصُودًا دُونَ الْوَقْتِ وَتَقْدِيرُ الْمَعْمُولِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ لَا تُقَدَّرُ بِالْعَمَلِ وَإِنَّمَا تُقَدَّرُ بِالْوَقْتِ.
وَكَذَا بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ. 90 -
شَرَطَ الْحَمَّامِيُّ أَنَّ أَجْرَ زَمَنِ التَّعْطِيلِ مَحْطُوطٌ عَنْهُ صَحِيحٌ، لَا أَنْ يَحُطَّ كَذَا، وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِاشْتِرَاطِ خَرَاجِهَا أَوْ عُشْرِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
91 -
وَبِرَدِّهَا مَكْرُوبَةً.
أُجْرَةُ حَمَّالِ حِنْطَةِ الْقَرْضِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
وَكَذَا بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ.
أَيْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِشَرْطِ الْوَرَقِ عَلَى الْكَاتِبِ أَمَّا بِشَرْطِ الْحِبْرِ فَلَا.
قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: اسْتَأْجَرَ وَرَّاقًا وَاشْتَرَطَ الْبَيَاضَ وَالْحِبْرَ عَلَيْهِ فَاشْتِرَاطُ الْحِبْرِ جَائِزٌ وَاشْتِرَاطُ الْبَيَاضِ بَاطِلٌ عَلَى هَذَا تَعَامَلَ النَّاسُ. (90) قَوْلُهُ:
شَرَطَ الْحَمَّامِيُّ أَنَّ أَجْرَ زَمَنِ التَّعْطِيلِ مَحْطُوطٌ عَنْهُ إلَخْ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا سَنَةً بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ أَجْرَ شَهْرَيْنِ لِعُطْلَتِهِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مِقْدَارَ مَا كَانَ مُعَطَّلًا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، جَازَ ذَلِكَ.
وَهَذَا كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا اشْتَرَى زَيْتًا عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ لِأَجْلِ الزِّقِّ خَمْسِينَ رِطْلًا فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ وَزْنَ الزِّقِّ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَجْلِ التَّعَامُلِ
قَوْلُهُ:
وَبِرَدِّهَا مَكْرُوبَةً.
أَيْ تَفْسُدُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِشَرْطِ رَدِّهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ مَكْرُوبَةً؛ كَذَا فِي الْكَافِي مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
وَفَصَّلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: أَمَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْكِرَابِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ مَجْهُولَةٌ لِأَنَّ مُدَّةَ الْكَرْبِ مَجْهُولَةٌ تَقِلُّ وَتَكْثُرُ وَقَدْ يَكُونُ يَوْمًا وَقَدْ يَكُونُ يَوْمَيْنِ وَتِلْكَ الْمُدَّةُ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ فِي هَذَا الْكِرَابِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَتَكُونُ مُدَّةُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَجْهُولَةٌ.
هَكَذَا ذَكَرَ وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا شَرَطَ الْكِرَابَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي أَصْلِ الْكِرَابِ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْمُدَّةُ مُسْتَثْنَاةً عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مَكْرُوبَةً بِكِرَابٍ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ تَفْسُدُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَقُولَ أَجَرْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تَكْرُبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ
إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْمُقْرِضُ بِإِذْنِ الْمُسْتَقْرِضِ
امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُجْبِرَ
أَجْرُ نَزْحِ بَيْتِ الْخَلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ السَّاكِنُ لِلْعَيْبِ.
وَكَذَا إصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَتَطْيِينُ السَّطْحِ وَنَحْوُهُمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْإِجَارَةِ فَتَرُدَّهَا عَلَيَّ مَكْرُوبَةً أَوْ قَالَ أَجَرْتهَا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَكْرُبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَتَرُدَّهَا عَلَيَّ مَكْرُوبَةً فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ جَهَالَةَ وَقْتِ الْكِرَابِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَا تُوجِبُ جَهَالَةً فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ وَالْكِرَابُ فِي نَفْسِهِ مَعْلُومٌ يَصْلُحُ أَجْرًا؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِلْكِرَابِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ شُرِطَتْ فِي صَفْقَةٍ فَلَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ وَبِأَنْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ مَكْرُوبَةً يَجِبُ أَنْ تَصِحَّ وَيُصْرَفُ إلَى الْكِرَابِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ.
كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ وَالْخَلَلِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. (92) قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْمُقْرِضُ بِإِذْنِ الْمُسْتَقْرِضِ، فَإِنَّهُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ
قَوْلُهُ:
امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أُجْبِرَ.
قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: أَعْطَى رَجُلًا دِرْهَمَيْنِ لِيَعْمَلَ لَهُ يَوْمَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَمَلَ، لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فَإِنْ عَمِلَ يَوْمًا وَامْتَنَعَ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ.
وَإِنْ كَانَ سَمَّى لَهُ عَمَلًا مَعْلُومًا، جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ. وَإِنْ فَسَخَ الْإِجَارَةَ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ مَا مَضَى وَبَعْدَ مَا مَضَى يَوْمَانِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْعَمَلُ لِانْتِهَاءِ الْإِجَارَةِ انْتَهَى.
وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
قَوْلُهُ:
أَجْرُ نَزْحِ بَيْتِ الْخَلَاءِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ. أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا أَخَلَّ بِالسُّكْنَى فَهُوَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَأَمَّا مَسِيلُ مَاءِ الْحَمَّامِ ظَاهِرًا أَوْ مُسَقَّفًا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَنْسُهُ إذَا امْتَلَأَ، هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ (انْتَهَى) . وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الدَّارِ عَنْ تَفْرِيغِ بِئْرٍ قَدْ امْتَلَأَتْ، لَمْ يُجْبَرْ لَكِنْ لِلسَّاكِنِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمْ تَقَعْ عَلَى الْبَاطِنِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ السُّكْنَى وَشَغْلُ بَاطِنِ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِظَاهِرِ
لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَإِخْرَاجِ تُرَابِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَيْهِ وَكُنَاسَتِهِ وَرَمَادِهِ، لَا تَفْرِيغَ الْبَالُوعَةِ.
رَدُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَاجِبٌ فِي مَكَانِ الْإِجَارَةِ
96 -
الصَّحِيحُ.
أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا انْفَسَخَتْ انْفَسَخَتْ الثَّانِيَةُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى، وَلِهَذَا لَوْ سَكَنُهُ مَشْغُولًا لَزِمَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا وَإِذَا لَمْ تَقَعْ الْإِجَارَةُ عَلَى بَاطِنِ الْأَرْضِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ، لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ.
وَكَذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْآجِرُ عَلَى إصْلَاحِ الْمِيزَابِ وَتَطْيِينِ السَّطْحِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَأَمَّا إذَا خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الدَّارِ وَفِيهَا تُرَابٌ أَوْ رَمَادٌ مِنْ كُنَاسَةٍ، فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إخْرَاجُهُ وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لِأَنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمُ الدَّارِ إلَى الْآجِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعُقْدَةِ وَكَوْنُهَا مَشْغُولَةً بِكُنَاسَةٍ مَانِعٌ مِنْ التَّسْلِيمِ.
وَأَمَّا الْبَالُوعَةُ وَنَحْوُهَا، فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَفْرِيغُهَا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ لِأَنَّ الشَّغْلَ حَصَلَ مِنْ جِهَتِهِ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْمَشْغُولُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَاطِنُ الْأَرْضِ وَشَغْلُ بَاطِنِ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَقْدِ كَمَا يُمْنَعُ تَسْلِيمُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلِهَذَا قُلْنَا إذَا سَلَّمَهُ مَشْغُولًا وَسَكَنَهُ كَذَلِكَ يَجِبُ الْأَجْرُ كَامِلًا وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الدَّارِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حِينَ أَجَّرَهَا تَفْرِيغَ الْبَالُوعَةِ، فِي الْقِيَاسِ يَجُوزُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ، وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ. (95) قَوْلُهُ:
لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ.
أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْفَنِّ السَّادِسِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يُوصِيَ عَبْدَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُهُ.
أَقُولُ: لَا وُرُودَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْجَبْرِ نَفْيُ الْوُجُوبِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ وَقْفًا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى ذَلِكَ
قَوْلُهُ:
الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا انْفَسَخَتْ إلَخْ
الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: الْمُسْتَأْجِرُ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا أَجَّرَ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ إنْ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ آجِرِهِ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةُ الْأُولَى هَلْ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَيَّامَ الْفَسْخِ فِي الْعَقْدِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ كَانَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ فِي
الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ لِلْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ 98 - وَلَا تَنْقُصُ الْأُولَى.
النُّقْصَانُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ إذَا كَانَ يَسِيرًا جَائِزٌ.
أَجَّرَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، 99 - فَالثَّانِيَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ رَدَّهَا بَطَلَتْ وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأُجْرَةُ لَهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْإِجَارَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَأَلْفٍ.
وَأَيَّامُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (انْتَهَى) .
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ إذَا فَسَخَ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؟ قَالُوا يَجِبُ أَنْ تَنْفَسِخَ اتَّحَدَتْ الْمُدَّةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ وَهَذَا الْقَائِلُ قَالَ الْإِجَارَةُ الْأُولَى أَيْضًا لَا تَنْفَسِخُ، بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ: وَهُوَ مَنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ الْأَوَّلُ، فَكَذَا هَذَا لَمَّا أَجَّرَ مِنْ الثَّانِي يَبْطُلُ خِيَارُهُ فَلَا يَمْلِكُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى فَكَيْفَ يَنْفَسِخُ الثَّانِي؟ .
وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي اتَّحَدَتْ الْمُدَّةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ فَسْخَ الْأَوَّلِ دَلَالَةُ فَسْخِ الثَّانِي. أَمَّا إذَا اتَّحَدَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَلَا شَكَّ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ الْمُدَّةُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا فَسَخَ الْإِجَارَةَ الْأُولَى تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ فُضُولِيٌّ فِي الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهِيَ مُدَّةٌ بَعْدَ فَسْخِ الْأُولَى، وَالْفُضُولِيُّ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ يَمْلِكُ الْفَسْخَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الِاخْتِصَارِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ
قَوْلُهُ:
الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ لِلْمُؤَجِّرِ لَا تَصِحُّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَرْضِ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ (انْتَهَى) . أَقُولُ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِأَنَّهُ أَجْرٌ مِمَّنْ لَهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَيَنْتَفِعُ هُوَ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ لَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِالْمِلْكِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ تَعْلِيلِ النَّصِّ مَا يُخَصِّصُهُ أَوْ يُعَمِّمُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَكَأَنَّهُ أَعَادَهَا لِزِيَادَةِ مَا هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِصُدُورِهَا مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ، مَعَ زِيَادَةِ عَدَمِ نَقْضِ الْأُولَى. (98) قَوْلُهُ:
وَلَا تُنْقَضُ الْأُولَى.
أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ قَبَضَ الْعَيْنَ الْأُولَى بَطَلَتْ الْأُولَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (99) قَوْلُهُ:
فَالثَّانِيَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ.
هَذَا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا فِي
اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ سَنَةٍ فَمَضَى نِصْفُهَا بِلَا عَمَلٍ 101 - فَلَهُ الْفَسْخُ
102 -
تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَوْتِهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَلَا قَاضِيَ فِي الطَّرِيقِ وَلَا سُلْطَانَ فَتَبْقَى إلَى مَكَّةَ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ الْأَصْلَحَ لِلْمَيِّتِ وَالْوَرَثَةِ؛
ــ
[غمز عيون البصائر]
حَقِّ الْآجِرِ فَلَا تَجُوزُ وَلَا تَنْعَقِدُ، حَتَّى لَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَسَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَلَّمَ إلَى الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ لَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
قَوْلُهُ:
اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلِ سَنَةٍ إلَى آخِرِهِ.
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أُسْتَاذًا لِيَعْمَلَ لَهُ هَذَا الْعَمَلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَمَضَى نِصْفُ السَّنَةِ وَلَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا (انْتَهَى) .
وَفِي الْمُنْيَةِ اسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَ الْغُلَامَ الْعِلْمَ هَذِهِ السَّنَةَ، فَمَضَى نِصْفُ السَّنَةِ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ شَيْئًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ (انْتَهَى) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ مُعَلِّمًا سَنَةً لِيُعَلِّمَ وَلَدَهُ الْقُرْآنَ فَمَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. (101) قَوْلُهُ:
فَلَهُ الْفَسْخُ.
أَيْ الْإِجَارَةِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْعَمَلِ مِنْ الْأَجِيرِ إذْ لَوْ كَانَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِسَبَبٍ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْفَسْخُ بِلَا عُذْرٍ، فَتَأَمَّلْ.
أَقُولُ إنَّمَا يُتِمُّ مَا ذَكَرَ أَنْ لَوْ كَانَ الْأَجِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَجِيرَ وَحْدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَمَلِهِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُ الْوَلْوَالِجِيِّ الْفَسْخَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّأَمُّلِ إلَى هَذَا
(102)
قَوْلُهُ:
تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إلَخْ.
أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُعْتَبَرَاتِ: وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ إذَا مَاتَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ بِمَوْتِ الْمُتَوَلِّي لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي هُوَ الَّذِي أَجَّرَهُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْقَاضِي وَمَاتَ.
وَفِي
فَيُؤَجِّرَهَا لَهُ إنْ كَانَ أَمِينًا أَوْ يَبِيعُهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ لِلْإِيَابِ رَدَّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ، 104 - وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْ ثَمَنِ مَا فِي يَدِهِ
وَإِذَا أُعْتِقَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ يُخَيَّرُ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَلِلْمُوَلِّي أَجْرُ مَا مَضَى 105 - وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ بَلَغَ الْيَتِيمُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ إجَارَةِ الْوَصِيِّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
التَّجْرِيدِ: الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إذَا أَجَّرَ دَارَ ابْنِهِ وَمَاتَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ
وَفِي الذَّخِيرَةِ الْوَاقِفُ: إذَا أَجَّرَ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ الْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْإِجَارَةُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَالِكِ لَيْسَ لِأَحَدٍ حَجْرُهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَجَّرَ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ إذَا مَاتَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَوْكِيلٌ بِشِرَاءِ الْمَنَافِعِ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الْأَعْيَانِ فَيَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَصِيرُ مُؤَجِّرًا مِنْ الْمُوَكِّلِ، فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا إنَّ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ. (103) قَوْلُهُ:
فَيُؤَجِّرُهَا إنْ كَانَ أَمِينًا إلَخْ.
لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَفْعَلُ مَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْوَارِثِ، وَهَذَا أَنْفَعُ لِأَنَّ لِلنَّاسِ رَغْبَةً فِي الْأَعْيَانِ. (104) قَوْلُهُ:
تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ إلَخْ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.
وَطَرِيقُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا أَنْ يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا وَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَ مِنْ غَيْرِ نَصْبِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ الْخَصْمَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ إذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ يَدِهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ مَالٍ كَانَ فِي يَدِهِ وَهُوَ يَدُ الْقَيِّمِ الْمُقِيمِ لِلْبَيِّنَةِ، لَا يُشْتَرَطُ الْخَصْمُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ
(105)
قَوْلُهُ:
وَإِنْ أَجَازَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى.
الْمَنْقُولُ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ الْعِتْقِ إذَا أَجَازَ إجَارَةَ الْمَالِكِ فَأَجْرُ مَا مَضَى لِلْمَالِكِ الَّذِي أُعْتِقَ وَأَجْرُ الْمُسْتَقْبَلِ لِلْعَبْدِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ وَمَنْ ثَمَّةَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَمْ أَظْفَرْ بِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ التَّتَبُّعِ، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى صُورَةِ مَا إذَا اسْتَعْجَلَ الْمُوَلِّي الْآجِرَ كُلَّهُ بَعْدَ
إلَّا إذَا أَجَّرَ الْيَتِيمُ فَلَهُ فَسْخُهَا.
أَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أُعْتِقَ نَفَذَتْ وَمَا عَمِلَ فِي رِقِّهِ فَلِمَوْلَاهُ وَفِي عِتْقِهِ لَهُ، 107 - وَلَوْ مَاتَ فِي خِدْمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ضَمِنَهُ.
مَرَضُ الْعَبْدِ وَإِبَاقُهُ وَسَرِقَتُهُ عُذْرٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي فَسْخِهَا، وَكَذَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ فَاسِدًا، 108 - لَا عَدَمَ حِذْقِهِ
ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ.
اخْتَلَفَ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَالْمَلَّاحِ فِي مِقْدَارِهِ، 109 - فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ 110 - وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْإِجَارَةِ أَوْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ وَصُورَةُ الِاسْتِعْجَالِ مَذْكُورَةٌ فِي قَاضِي خَانْ وَالسَّرَّاجِ وَقَدْ أَوْسَعَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، فَلْيُرَاجَعْ. (106) قَوْلُهُ:
إلَّا إذَا أَجَّرَ الْيَتِيمَ إلَخْ. بِنَصَبِ الْيَتِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ أَجَّرَ وَالْمُسْتَتِرُ فِيهِ ضَمِيرُ الْوَصِيِّ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْيَتِيمِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ الْوَاقِعَةَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصِيِّ لِأَنَّ إجَارَتَهُ تَكُونُ لِلْحِفْظِ لَا لِلتِّجَارَةِ، وَبِالْبُلُوغِ اسْتَغْنَى عَنْ حِفْظِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ إجَارَةِ مَالِهِ فَإِنَّهَا لِلتِّجَارَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهَا إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التِّجَارَةَ وَبِالْبُلُوغِ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (107) قَوْلُهُ:
وَلَوْ مَاتَ فِي خِدْمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ضَمِنَهُ.
لِأَنَّهُ اسْتَخْدَمَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَكَانَ غَاصِبًا. (108) قَوْلُهُ: لَا عَدَمَ حِذْقِهِ إلَخْ.
لِأَنَّ الْحَذَاقَةَ بِمَنْزِلَةِ الْجَوْدَةِ فَلَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِالشَّرْطِ
(109)
قَوْلُهُ:
فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ.
وَعَلَى الْمَلَّاحِ أَنْ يَكِيلَهُ. (110) قَوْلُهُ:
وَيَأْخُذُ الْآجِرُ بِحِسَابِهِ.
لِأَنَّهُ فِي الْحَاصِلِ يَدَّعِي الْمَلَّاحُ عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَهُوَ يُنْكِرُ.
إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ
112 -
اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً بِحُكْمِ الْحَالِ، إذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ.
قَالَ الْفَضْلِيُّ رحمه الله: إلَّا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فَارِغَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ.
كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ
113 -
أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَا تَطِيبُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِخِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا كَبِنَاءٍ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ مُسَلَّمًا لَهُ.
يَعْنِي فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَجْرُ بِحِسَابِ ذَلِكَ
(112)
قَوْلُهُ:
اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ فَارِغَةً إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي آخِرِ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ؛ نَصُّ عِبَارَتِهَا: ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ فَارِغَةً وَادَّعَى الْآجِرُ أَنَّهُ أَجَّرَهَا مَشْغُولَةً بِزَرْعِهِ يُحَكَّمُ الْحَالُ.
وَقَالَ الْفَضْلِيُّ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ الْفَسَادَ، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَهُنَا الْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْعَقْدَ، أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ الطَّاحُونَةِ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَظْهَرُ لَكَ مَا فِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْخَلَلِ، وَقَوْلُهُ: أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ الطَّاحُونَةِ يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِ الْمَاءِ وَانْقِطَاعِهِ فِي الطَّاحُونَةِ يُحَكَّمُ الْحَالُ إنْ كَانَ مُنْقَطِعًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَ جَارِيًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآجِرِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ
قَوْلُهُ:
أَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ. فِي الْخُلَاصَةِ: أَجَّرَ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، إلَّا إذَا أَصْلَحَ فِيهَا شَيْئًا وَلَا أَجَّرَ مَعَهَا شَيْئًا آخَرَ مِنْ مَالِهِ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ لَا يَطِيبُ لَهُ وَإِنْ جَصَّصَهَا أَوْ أَجَّرَ مَعَ مَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، يَجُوزُ أَنْ تَنْعَقِدَ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ كَنَسَ الدَّارَ ثُمَّ أَجَّرَ لَا تَطِيبُ لَهُ، وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَكْنُسَ الدَّارَ يَطِيبُ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَعَلَ لَهَا مُسَنَّاةً تَطِيبُ لَهُ
اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ وَالْغَلَقِ وَالْمِيزَابِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إلَّا فِي اللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ وَالْبَابِ وَالْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَالْجِذْعِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَكَذَا كُلُّ عَمَلٍ قَائِمٍ يَعْنِي لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بِمُقَابَلَةِ مَا زَادَ مِنْ عِنْدِهِ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الْإِصْلَاحِ، كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَرِيَ الْأَنْهَارَ قَالَ الْخَصَّافُ تَطِيبُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: أَصْحَابُنَا مُتَرَدِّدُونَ بِرَفْعِ التُّرَابِ لَا تَطِيبُ لَهُ وَإِنْ تَيَسَّرَتْ الزِّرَاعَةُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَزَادَ فِي أَحَدِهِمَا يُؤَاجِرُهُمَا بِأَكْثَرَ وَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً لَا يُؤَاجِرُهُمَا بِأَكْثَرَ وَلَوْ أَجَّرَهُمَا بِخِلَافِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالدَّارِ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَاقِلٌ لَا يَنْقَادُ لِزِيَادَةِ خِدْمَةٍ غَيْرِ مُسْتَحَقَّةٍ مِنْ الْقُصُورِ
(114)
قَوْلُهُ:
اخْتَلَفَا فِي الْخَشَبِ وَالْآجُرِّ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بَابٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَدْخَلَهَا فِي السَّقْفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلدَّارِ وَلَا عُرْفَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ ذَلِكَ فَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ وَكَذَلِكَ الْآجُرُّ الْمَفْرُوشُ وَالْغَلَقُ وَالْمِيزَابُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ وَلَا عُرْفَ فِيهِ.
وَمَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ لَبِنٍ مَوْضُوعٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ جِصٍّ أَوْ جِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَوْضُوعٍ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا لَمْ يَضُرَّهُ الْقَلْعُ كَمَا سَيَأْتِي، لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَفِي كُلِّ شَيْءٍ جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّارِ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَإِبْدَاءُ الْبَيِّنَةِ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ.
وَالْجِصُّ وَالسُّتْرَةُ وَالدَّرَجُ وَالْخَشَبُ الْمَبْنِيُّ فِي الْبِنَاءِ وَالتَّنُّورِ، الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ.
قَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ: هَذَا فِي التَّنُّورِ بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا فِي عُرْفِ بِلَادِنَا فَالْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ التَّنُّورَ وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ كِوَارَاتُ نَحْلٍ أَوْ حَمَّامَاتٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ أَمَرَ رَبُّ الدَّارِ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُجَصِّصَهَا أَوْ يَفْرِشَهَا بِالْآجُرِّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَقْلَعَ كُلَّ شَيْءٍ أُحْدِثَ فِيهَا مِمَّا لَا يَضُرُّ بِالْقَلْعِ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَالَهُ وَلَيْسَ فِي قَلْعِهِ ضَرَرٌ بِصَاحِبِ الدَّارِ وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ يَضُرُّ قَلْعُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْلَعَهُ لِأَنَّهُ لَوْ غَضَبَ سَاحَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ لَا تُقْلَعُ وَإِنْ كَانَ جَانِيًا مُتَعَدِّيًا فِيمَا صَنَعَ فُلَانٌ لَا يُقْلَعُ هَهُنَا وَإِنَّهُ غَيْرُ جَانٍ أَوْلَى وَمَتَى لَمْ يُقْلَعْ يَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ يَوْمَهَا (انْتَهَى)