الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ ذَكَرَهَا الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْعَوَارِضِ فَلْيَنْظُرْهَا مَنْ رَامَهَا بَيَانُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى أَوْ لِلَّفْظِ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي.
أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ
1 -
ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ حَقِيقَتَهُ، وَذَكَرَ مِنْ أَحْكَامِهِ وُقُوفَهُ فِي الصَّفِّ وَحُكْمَ مِيرَاثِهِ وَخِتَانِهِ. وَذَكَرَ مَوْلَانَا مُحَمَّدٌ رحمه الله أَحْكَامَهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ كِتَابِ الْمَفْقُودِ، وَأَنَا أَذْكُرُ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بِاخْتِصَارٍ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
[أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ]
قَوْلُهُ: ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ حَقِيقَتَهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ فَرْجٌ وَذَكَرٌ، فَإِنْ بَالَ مِنْ الذَّكَرِ فَغُلَامٌ وَإِنْ بَالَ مِنْ الْفَرْجِ فَأُنْثَى وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَثْرَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَبُو يُوسُفَ رحمه الله إذَا خَرَجَ مِنْ سُرَّةِ إنْسَانٍ كَهَيْئَةِ الْبَوْلِ وَلَيْسَ لَهُ قُبُلٌ وَلَا ذَكَرٌ وَلَا أَدْرِي مَا الْقَوْلُ فِي هَذَا. وَفِي الْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيِّ: وَلَوْ كَانَ شَخْصٌ لَا مَبَالَ لَهُ بَلْ لَهُ مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ مِنْهُ يَبُولُ وَيَتَغَوَّطُ أَوْ لَا مَخْرَجَ لَهُ لَا قُبُلَ وَلَا دُبُرَ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّأُ مَا يَأْكُلُهُ وَمَا يَشْرَبُهُ، وَحُكِيَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ عَنْ هَذَا فَهُوَ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ كَذَا فِي الْمَنْبَعِ.
2 -
يَتَيَمَّمُ إذَا مَاتَ
3 -
وَيُسَجَّى قَبْرُهُ
4 -
وَلَا يَدْفِنُهُ إلَّا مَحْرَمٌ
5 -
وَيُكَفَّنُ كَفَنَ الْمَرْأَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
(2) قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ إذَا مَاتَ. يَعْنِي إذَا لَمْ يُتَبَيَّنْ حَالُهُ لَمْ يُغَسِّلْهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ غُسْلُهُ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُيَمِّمُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ يُيَمِّمُهُ مِنْ غَيْرِ خِرْقَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا بِالْخِرْقَةِ وَيَكُفُّ بَصَرَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا تُشْتَرَى لَهُ جَارِيَةٌ لِلْغُسْلِ كَمَا لِلْخِتَانِ قُلْنَا لِأَنَّ شِرَاءَ الْجَارِيَةِ لِلْخُنْثَى بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْغُسْلِ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِلْخُنْثَى جَارِيَةٌ مَمْلُوكَةٌ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا تَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ لِحَاجَةِ الْغُسْلِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْمَوْتِ لِحَاجَةِ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُفِيدُ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ حَيًّا فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا فَيُقَيَّدُ شِرَاءُ الْجَارِيَةِ لِلْخِتَانِ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى يُجْعَلُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي كُورَةٍ وَيُغْسَلُ بِالْمَاءِ.
(3)
قَوْلُهُ: وَيُسَجَّى قَبْرُهُ. لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ أَقَامُوا وَاجِبًا لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَسِتْرُهَا وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَالتَّسْجِيَةُ لَا تَضُرُّهُ.
(4)
قَوْلُهُ: وَلَا يَدْفِنُهُ إلَّا مَحْرَمٌ أَيْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَدُخُولُ الْأُنْثَى قَبْرَهُ لِأَجْلِ الْوَضْعِ مَكْرُوهٌ وَدُخُولُ الْمَحْرَمِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا لَا يَضُرُّهُ دُخُولُ الْمَحْرَمِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِيمَا قُلْنَا.
(5)
قَوْلُهُ: وَيُكَفَّنُ كَفَنَ الْمَرْأَةِ. أَيْ يُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ كَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ أُقِيمَتْ السُّنَّةُ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْكَفَنَ يُعْتَبَرُ بِحَالِ الْحَيَاةِ، وَعَدَدُ الثِّيَابِ فِي الْحَيَاةِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لَا يُكْرَهُ فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ. أَمَّا إذَا كَانَ أُنْثَى فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الثَّلَاثِ تَرْكُ السُّنَّةِ إذْ السُّنَّةُ فِيهَا خَمْسَةُ أَثْوَابٍ فَكَانَ الْأَحْوَطُ مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا حُلِيًّا فِي حَيَاتِهِ،
7 -
وَإِذَا قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ
8 -
فَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا فَوَصَلَ إلَيْهِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ، أَوْ امْرَأَةً فَبَلَغَ فَوَصَلَ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا أُجِّلَ كَالْعِنِّينِ
9 -
وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: أَلَّا يَلْبَسَ حَرِيرًا وَلَا حُلِيًّا فِي حَيَاتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَبَاحَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ بِشَرْطِ أُنُوثَةِ اللَّابِسِ لِقَوْلِهِ عليه السلام «هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ.» وَهَذَا الشَّرْطُ مَعْلُومٌ فِي الْخُنْثَى وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ يَتَرَجَّحُ فِيهِ مَعْنَى الْحَظْرِ.
(7)
قَوْلُهُ: وَإِذَا قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ كَذَا فِي نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَالصَّوَابُ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ فَقَطْ إذْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَا فُرُوعَ لَهُ قَالَ فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ قَبَّلَهُ بِشَهْوَةٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ أُمَّهُ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ.
(8)
قَوْلُهُ: فَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا إلَخْ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ ابْنُ عُمَرَ بْنِ نُجَيْمٍ أَخُو الْمُؤَلِّفِ فِي كِتَابِهِ إجَابَةِ السَّائِلِ بِاخْتِصَارِ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ لَيْسَ مَا ذُكِرَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ بَعْدَ ظُهُورِ عَلَامَةِ الرِّجَالِ فِيهِ يُؤَجَّلُ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ (انْتَهَى) . وَقَالَ فِي مَبَاحِثِ الْخَلْوَةِ مِنْ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ وَقَعَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا يَعْنِي الْمُصَنِّفَ أَنَّ خَلْوَةَ الْخُنْثَى صَحِيحَةٌ بِالْأَوْلَى أَيْ مِنْ الْمَجْبُوبِ وَنَحْوِهِ وَعِنْدِي بَعْدَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُشْكِلُ فِيهِ إشْكَالٌ فَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ نِكَاحَ الْخُنْثَى مَوْقُوفٌ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وَلِهَذَا لَا يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ مَنْ تَخْتِنُهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ النَّظَرِ (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ خَلْوَتِهِ وَإِنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْلِ لَوْ زَوَّجَهُ رَجُلًا إلَخْ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ.
(9)
قَوْلُهُ: وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ. يَعْنِي إذَا أَحْرَمَ وَقَدْ رَاهَقَ يَلْبِسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ لَهُ أَيْ الْمِخْيَطِ لِأَنَّ تَرْكَ الْمِخْيَطِ وَهُوَ امْرَأَةٌ أَفْحَشُ مِنْ لُبْسِهِ وَهُوَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ لُبْسَ الْمِخْيَطِ لِلرَّجُلِ فِي إحْرَامِهِ جَائِزٌ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَاشْتِبَاهُ أَمْرِهِ مِنْ أَبْلَغِ الْأَعْذَارِ وَلُبْسُ الْمَخِيطِ أَقْرَبُ إلَى السِّتْرِ، وَتَرْكُ السِّتْرِ لِلْمَرْأَةِ لَا يَجُوزُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَعَدَمِهِ.
وَلَا يُصَلِّي إلَّا بِقِنَاعٍ
11 -
وَيَقُومُ أَمَامَ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ، وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ أَعَادَهَا وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ لَا يُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَخَلْفِهِ مُحَاذِيًا لَهُ
12 -
وَيُوضَعُ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّي إلَّا بِقِنَاعٍ. أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَقَنَّعَ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلسِّتْرِ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَالْقِنَاعُ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِالتَّقَنُّعِ فِي صَلَاتِهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَعِنْدَ الِاشْتِبَاهِ تَرَجَّحَ هَذَا الْجَانِبُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ أَجْزَأَهُ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِعَادَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَالِغًا بِأَنْ بَلَغَ بِالسِّنِّ وَلَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَاتِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ لَا تُجْزِيهِ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ مِنْ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ عَوْرَةٌ وَالصَّلَاةُ مَتَى جَازَتْ مِنْ وَجْهٍ وَفَسَدَتْ مِنْ وَجْهٍ حُكِمَ بِالْفَسَادِ احْتِيَاطًا وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ تَجِبُ الْإِعَادَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ.
(11)
قَوْلُهُ: وَيَقُومُ أَمَامَ النِّسَاءِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ يَتَقَدَّمُ عَلَى صَفِّ النِّسَاءِ وَيَتَأَخَّرُ عَنْ صَفِّ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ كَيْ لَا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، وَلَا يَتَخَلَّلُ النِّسَاءَ كَيْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ، وَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ فَصَلَّى يُعِيدُ صَلَاتَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنَّمَا قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ دُونَ الْوُجُوبِ مَعَ أَنَّ فِيهَا جِهَةَ الْفَسَادِ، وَفِي الْعِبَادَاتِ جِهَةُ الْفَسَادِ رَاجِحَةٌ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ وَهُوَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ مَعْلُومٌ وَالْمُفْسِدَ وَهُوَ الْمُحَاذَاةُ مَوْهُومٌ، إذْ فَسَادُ الصَّلَاةِ بِجِهَةِ الْمُحَاذَاةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَفِي كَوْنِهِ رَجُلًا أَيْضًا شُبْهَةٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَلِذَلِكَ قَالَ بِالِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ.
(12)
قَوْلُهُ: وَيُوضَعُ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَ الرِّجَالِ إلَخْ. يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَتْ الْجَنَائِزُ يُجْعَلُ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالصِّبْيَانُ بَعْدَهُ وَالْخَنَاثَى بَعْدَهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ أَقُولُ فِي شَرْحِ جَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ قَامَ الْخُنْثَى فِي صَفِّ النِّسَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَكَذَا لَوْ قَامَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ
وَيُجْعَلُ خَلْفَ الرَّجُلِ فِي الْقَبْرِ لَوْ دُفِنَا لِضَرُورَةٍ مَعَ حَاجِزٍ بَيْنَهُمَا مِنْ الصَّعِيدِ،
14 -
وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَا عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ.
15 -
بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ؛
16 -
وَتُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَالِهِ
17 -
وَيَقْعُدُ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَمَنْ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى (انْتَهَى) . وَفِي صَلَاةِ الْأَثَرِ لِهِشَامٍ الْخُنْثَى يُصَلِّي خَلْفَ الْخُنْثَى يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَفِيهَا مَنْ جَوَّزَ اقْتِدَاءَ الضَّالَّةِ بِالضَّالَّةِ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا لِاحْتِمَالِ اقْتِدَائِهَا بِالْحَائِضِ كَاقْتِدَاءِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَصَارَ فِي اقْتِدَاءِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ رِوَايَتَانِ.
(13)
قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ خَلْفَ الرَّجُلِ فِي الْقَبْرِ. يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ الْمَوْتَى لِلدَّفْنِ يُجْعَلُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثِي ثُمَّ النِّسَاءُ اعْتِبَارًا لِحَالِ الْمَمَاتِ بِحَالِ الْحَيَاةِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزًا مِنْ التُّرَابِ لِيَصِيرَ فِي حُكْمِ قَبْرَيْنِ.
(14)
قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَا عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ. أَيْ بِقَذْفِهِ غَيْرَهُ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَحَذْفِ مَفْعُولِهِ كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ حَذْفُ لَا وَلَفْظُهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إذَا قَذَفَ رَجُلًا بَعْدَ مَا بَلَغَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْبُلُوغِ مُخَاطَبًا، وَحَدُّ الْقَذْفِ لَا يَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَاشْتِبَاهِ حَالِهِ لَا يَمْنَعُ تَحَقُّقَ قَذْفِهِ مُوجِبًا لِلْحَدِّ عَلَيْهِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ.
(15)
قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ. أَيْ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ بِالزِّنَا بِسَبَبِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَبِمَنْزِلَةِ الرَّتْقَيْ إنْ كَانَ أُنْثَى، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَاصِرَةً عَنْ إفَادَتِهِ مُوهِمَةً تَعَلُّقَهَا بِقَوْلِهِ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ
(16)
قَوْلُهُ: وَتُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ إلَخْ. وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَالِهِ أَيْ وَتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ مَالَهُ أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ مِمَّا يُخَالِفُ الْخُنْثَى فِيهِ غَيْرَهُ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ فِي أَحْكَامِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ.
(17)
قَوْلُهُ: وَيَقْعُدُ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ. يَعْنِي إذَا جَلَسَ فِي صَلَاةٍ يَجْلِسُ جُلُوسَ
وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِهِ
19 -
وَلَوْ عَمْدًا وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً، وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُهَا، وَلَا يَخْلُو بِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ
20 -
وَلَا يَخْلُو بِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ،
21 -
وَلَا يُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا بِمَحْرَمٍ.
22 -
وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ بِأَلْفٍ إنْ كَانَ غُلَامًا وَبِخَمْسِ مِائَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا فَالْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ فِي الْخَمْسِ مِائَةِ الزَّائِدَةِ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ،
23 -
وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
النِّسَاءِ بِأَنْ يُخْرِجَ رِجْلَيْهِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَيَجْلِسَ بِأَلْيَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً وَلَمْ يَجْلِسْ جُلُوسَ النِّسَاءِ فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا لِأَنَّ التَّسَتُّرَ عَلَى النِّسَاءِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ.
(18)
قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِهِ إلَخْ. يَعْنِي لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ أَوْ امْرَأَةٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّ حُكْمَهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَخْتَلِفُ بِالْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ.
(19)
قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمْدًا لَا مَوْقِعَ لِلَوْ أَصْلِيَّةٍ هُنَا.
(20)
قَوْلُهُ: وَلَا يَخْلُو بِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ. يَعْنِي لَا يَخْلُو بِهِ غَيْرُ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ.
(21)
قَوْلُهُ: وَلَا يُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا بِمَحْرَمٍ. يَعْنِي ذَكَرًا فَلَوْ سَافَرَ مَعَ امْرَأَةٍ لَا يَجُوزُ مَحْرَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى فَيَكُونُ هَذَا مُسَافَرَةَ امْرَأَتَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ لَهُمَا وَذَلِكَ حَرَامٌ.
(22)
قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ إلَخْ. هَذَا عَلَى قَوْلِ أَئِمَّتِنَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ.
(23)
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ إلَخْ يَعْنِي إذَا حَلَفَ رَجُلٌ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُ الْخُنْثَى لِأَنَّ الْخَنَثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ.
أَوْ قَالَ كَذَلِكَ لِأَمَتِهِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تُعْتَقْ.
24 -
وَلَا سَهْمَ لَهُ مَعَ الْمُقَاتَلَةِ وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ
25 -
وَلَا يُقْتَلُ لَوْ أَسِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى رَأْسِهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا
26 -
وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمَوْلَى: كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ،
27 -
إلَّا إذَا قَالَهُمَا فَيُعْتَقُ،
28 -
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاشْتَرَى خُنْثَى لَمْ تُطْلَقْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت أَمَةً، وَلَوْ قَالَهُمَا مَعًا طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْكِلُ: أَنَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ،
29 -
وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا سَهْمَ لَهُ مَعَ الْمُقَاتَلَةِ. يَعْنِي لَا يُعْطَى لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ سَهْمٌ تَامٌّ وَلَكِنَّهُ يُرْضَخُ لَهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ تَيَقُّنًا وَفِي الزِّيَادَةِ شَكٌّ.
(25)
قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا إلَى آخِرِهِ. يَعْنِي لَوْ كَانَ كَافِرًا فَأُسِرَ أَوْ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ لَا يُقْتَلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى
(26)
قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمَوْلَى إلَخْ. يَعْنِي حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ لِأَنَّ الْخَنَثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ.
(27)
قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَهُمَا فَيُعْتَقُ. يَعْنِي لِلتَّيَقُّنِ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ.
(28)
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: إنْ مَلَكْتُ عَبْدًا إلَخْ. تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَحَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ بِالْفَاءِ.
(29)
قَوْلُهُ: وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ. أَقُولُ فَلَوْ قَالَ وَلِيُّ الْخُنْثَى إنَّهُ ذَكَرٌ وَقَالَ الْقَاتِلُ إنَّهُ أُنْثَى فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ.
وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ،
31 -
وَلَوْ تَزَوَّجَ مُشْكِلٌ مِثْلَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فَلَا يَتَوَارَثَانِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَشُهُودٌ أَنَّهُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ مِيرَاثًا قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ غُلَامٌ وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ امْرَأَتُهُ قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أُنْثَى وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى؛ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً تَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهَا أَوْقَفْتُ الْأَمْرَ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ
32 -
فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخُنْثَى شَيْئًا وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ شَيْءٌ لَا تُقْبَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَبِينَ
وَأَمَّا مِيرَاثُهُ وَالْمِيرَاثُ مِنْهُ؛ فَقَالَ: فَإِنْ مَاتَ أَبُوهُ 33 - فَلَهُ مِيرَاثُ أُنْثَى مِنْهُ، وَتَمَامُهُ فِيهِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. يَعْنِي يُوقَفُ الْبَاقِي لِأَنَّ حُكْمَهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَخْتَلِفُ بِالْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(31)
قَوْلُهُ: وَلَوْ تَزَوَّجَ مُشْكِلٌ مِثْلَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ. أَقُولُ فَلَوْ تَبَيَّنَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ ظَهَرَ الزَّوْجُ امْرَأَةً وَالزَّوْجَةُ رَجُلٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحُ جَائِزٌ عِنْدِي لِأَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجْتُكِ أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ تَزَوَّجْتُكَ فَذَلِكَ كُلُّهُ يَسْتَوِي فِي جَوَازِ النِّكَاحِ فَكَذَا هُنَا. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عِنْدِي لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الزَّوْجَ غُلَامٌ وَأَنَّ الزَّوْجَةَ جَارِيَةٌ جَازَ وَلَوْ ظَهَرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمَا أَخْرَجَا الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْفَسَادِ كَذَا فِي نَوَازِلِ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ.
(32)
قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخُنْثَى هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ سَابِقًا فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ مِيرَاثًا إلَخْ. فَحَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَهُ بِالْوَاوِ.
(33)
قَوْلُهُ: فَلَهُ مِيرَاثُ أُنْثَى. أَقُولُ بَلْ لَهُ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ يَعْنِي أَسْوَأَ الْحَالَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ حَتَّى لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنًا وَخُنْثَى مُشْكِلًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا سَهْمَانِ لِلِابْنِ وَسَهْمٌ لِلْخُنْثَى وَهُوَ نَصِيبُ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ وَلَوْ كَانَ نَصِيبُ الِابْنِ أَقَلَّ يُعْتَبَرُ
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْأُنْثَى 35 - فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ لَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، وَلَا يَتَزَوَّجُ مِنْ رَجُلٍ، وَلَا يَقِفُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
ابْنًا لِأَنَّهُ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ بِأَنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخُنْثَى لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ النِّصْفُ، فَالْخُنْثَى إنْ جَعَلْنَاهُ أُنْثَى يَكُونُ لَهُ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَوْلِيَّةً فَيَكُونُ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ ذَكَرًا كَانَ عَصَبَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ فَجَعَلْنَاهُ ذَكَرًا لِأَنَّهُ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلْخُنْثَى أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ وَفِي الْأَكْثَرِ شَكٌّ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ مَعَ الشَّكِّ كَذَا فِي الْمَنِيعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(34)
قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْأُنْثَى. أَيْ حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ لَا يُعَدُّ بَعْضُ مَا ذُكِرَ هُنَا تَكْرَارًا.
(35)
قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ. أَقُولُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الشَّهَادَةُ إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ يَكُونُ فِي الشَّهَادَةِ كَالْأُنْثَى وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تُقْبَلُ (انْتَهَى) . وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الْخِتَانُ إذَا رَاهَقَ يَكُونُ كَالْأُنْثَى وَلِذَا قَالُوا: يَشْتَرِي لَهُ مِنْ مَالِهِ جَارِيَةً لِخِتَانِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا خَتَنَتْهُ تُبَاعُ وَيُرَدُّ ثَمَنُهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُزَوَّجُ امْرَأَةً تَخْتِنُهُ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا صَحَّ النِّكَاحُ وَحَلَّ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَلَا نِكَاحَ لَكِنْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ لِلضَّرُورَةِ لَا يُقَالُ: لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِمَهْرٍ يَسِيرٍ حَتَّى تَخْتِنَهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، وَإِذَا كَانَ مُشْكِلَ الْحَالِ كَانَ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا، وَالنِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: سَلَّمْنَا أَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ وَمَعَ هَذَا لَوْ فَعَلَ كَانَ مُسْتَقِيمًا لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ امْرَأَةً فَهَذَا نَظَرُ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ وَالنِّكَاحُ لَغْوٌ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَهَذَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا، ذَكَرَ ذَلِكَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، بَقِيَ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهُ كَالْأُنْثَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لِلْخُنْثَى لَبَنٌ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا لَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ خُنْثَى مُشْكِلٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي السِّرَاجِ.
وَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ، وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ وَلَا يَقَعُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عَلِّقَا عَلَى وِلَادَتِهَا أُنْثَى بِهِ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: كُلُّ أَمَةٍ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ. أَيْ بِقَذْفِ الْغَيْرِ إيَّاهُ بِالزِّنَا كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ أَيْ لَا يُحَدُّ الْخُنْثَى بِقَذْفِهِ غَيْرَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُحَدُّ.
قَوْلُهُ مِنْ غَرَائِبِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْمُهِمَّةِ فِي مَنَاقِبِ الْأَئِمَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ حَارَ عُلَمَاءُ وَقْتِهِ فِيهَا، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِخُنْثَى لَهَا فَرْجٌ كَفَرْجِ النِّسَاءِ وَفَرْجٌ كَفَرْجِ الرِّجَالِ وَأَصْدَقَهَا جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ وَدَخَلَ بِالْخُنْثَى وَأَصَابَهَا فَحَمَلَتْ بِوَلَدٍ، ثُمَّ الْخُنْثَى وَطِئَتْ الْجَارِيَةَ فَحَمَلَتْ مِنْهَا بِوَلَدٍ، وَاشْتُهِرَتْ وَرُفِعَ أَمْرُهَا إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، فَسَأَلَ عَنْ الْخُنْثَى فَأُخْبِرَ أَنَّهَا تَحِيضُ وَتَطَأُ وَتُوطَأُ وَتُمْنِي مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ حَبِلَتْ وَأَحْبَلَتْ فَصَارَ النَّاسُ مُتَحَيِّرِي الْأَفْهَامِ فِي جَوَابِهَا وَكَيْفَ الطَّرِيقُ إلَى حُكْمِ قَضَائِهَا وَفَصْلِ خِطَابِهَا فَاسْتَدْعَى رضي الله عنه غُلَامَيْهِ بَرَقًا وَقَنْبَرَ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَذْهَبَا إلَى هَذِهِ الْخُنْثَى وَيَعُدَّانِ أَضْلَاعَهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فَهِيَ امْرَأَةٌ وَإِنْ كَانَ الْجَانِبُ الْأَيْسَرُ أَنْقَصَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ بِضِلْعٍ وَاحِدٍ فَهِيَ رَجُلٌ، فَذَهَبَا إلَى الْخُنْثَى كَمَا أَمَرَهُمَا وَعَدَّا أَضْلَاعَهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَوَجَدَا أَضْلَاعَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ أَنْقَصَ عَنْ الْأَيْمَنِ بِضِلْعٍ فَجَاءَا وَأَخْبَرَاهُ بِذَلِكَ وَشَهِدَا عِنْدَهُ بِهِ، فَحَكَمَ عَلَى الْخُنْثَى بِأَنَّهَا رَجُلٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عليه السلام وَحِيدًا أَرَادَ سُبْحَانَهُ الْإِحْسَانَ إلَيْهِ فَجَعَلَ لَهُ زَوْجًا مِنْ جَنْبِهِ لَيَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَلَمَّا نَامَ آدَم عليه السلام خَلَقَ اللَّهُ عز وجل مِنْ ضِلْعِهِ الْقُصْرَى مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ حَوَّاءَ فَانْتَبَهَ فَوَجَدَهَا جَالِسَةً إلَى جَنْبِهِ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ مِنْ الصُّوَرِ، فَلِذَلِكَ صَارَ الرَّجُلُ نَاقِصًا مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ بِضِلْعٍ، وَالْمَرْأَةُ كَامِلَةُ الْأَضْلَاعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالْأَضْلَاعُ الْكَامِلَةُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ضِلْعًا؛ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ وَأَمَّا فِي الرَّجُلِ فَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ضِلْعًا اثْنَيْ عَشَرَ فِي الْأَيْمَنِ وَأَحَدَ عَشَرَ فِي الْأَيْسَرِ، وَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالَةِ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ ضِلْعٌ أَعْوَجُ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ بِأَنَّ " الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كُسِرَ وَإِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْتَ بِهِ عَلَى عِوَجٍ " وَاَللَّهُ تَعَالَى الْهَادِي.