المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 13] - التحرير والتنوير - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَين يَدي الْكتاب

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم مصطفى عاشور:]

- ‌من هُوَ

- ‌سفير الدعْوَة

- ‌آراء ومناصب

- ‌التَّحْرِير والتنوير

- ‌مقاصد الشَّرِيعَة

- ‌محنة التَّجْنِيس

- ‌صدق الله وَكذب بورقيبة

- ‌وَفَاته

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم الْمهْدي بن حميدة]

- ‌1- آل عاشور

- ‌2- مولده ونشأته

- ‌3- مسيرته الدراسية والعلمية

- ‌4- شُيُوخه

- ‌5- تأثره بمفكري عصره

- ‌6- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح

- ‌ تطور الْعُلُوم

- ‌ المسيرة النضالية

- ‌7- كتاباته ومؤلفاته

- ‌[مَبْحَث عَن التَّحْرِير والتنوير]

- ‌التَّعْرِيف بالتفسير:

- ‌الْمنْهَج الْعَام للتفسير:

- ‌الْمنْهَج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أَولا: أَسمَاء السُّور وَعدد الْآيَات وَالْوُقُوف وَبَيَان المناسبات:

- ‌ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثَالِثا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ:

- ‌رَابِعا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ:

- ‌خَامِسًا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال السّلف:

- ‌سادسا: موقفه من السِّيرَة والتاريخ وَذكر الْغَزَوَات:

- ‌سابعا: موقفه من الْإسْرَائِيلِيات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللُّغَة:

- ‌تاسعا: موقفه من الْقرَاءَات:

- ‌عاشرا: موقفه من الْفِقْه وَالْأُصُول:

- ‌موقفه من النّسخ:

- ‌حادي عشر: موقفه من الْعُلُوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌جملَة من الانتقادات

- ‌أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

- ‌ثَانِيًا: صَاحب استطراد وتكلف خرج عَن حد التَّفْسِير جملَة وتفصيلا على الرغم من إهماله التَّفْسِير فِي مَوَاضِع لَا يسْتَغْنى عَن تَفْسِيرهَا:

- ‌ثَالِثا: ذُو ولع شَدِيد بِالنَّقْدِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ مندوحة لترك الانتقاد

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَكَوْنِ التَّفْسِيرِ عِلْمًا

- ‌ الْأَوَّلُ

- ‌وَالثَّانِي

- ‌وَالثَّالِثُ

- ‌الرَّابِعُ

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي صِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَنَحْوِهِ

- ‌أَوَّلُهَا:

- ‌ثَانِيهَا:

- ‌ثَالِثُهَا:

- ‌رَابِعُهَا:

- ‌خَامِسُهَا:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الرَّابِعَةُ فِيمَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضَ الْمُفَسِّرِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ:

- ‌السَّابِعُ:

- ‌الثَّامِنُ:

- ‌الْأُولَى:

- ‌الثَّانِيَةُ:

- ‌الثَّالِثَةُ:

- ‌الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌وَالثَّانِي:

- ‌وَالثَّالِثُ:

- ‌وَالرَّابِعُ:

- ‌وَالْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّادِسَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ

- ‌أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى:

- ‌وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌مَرَاتِبُ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّابِعَةُ قَصَصُ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَة:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌أَحَدُهَا:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّامِنَةُ فِي اسْمِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَتَرْتِيبِهَا وَأَسْمَائِهَا

- ‌آيَات الْقُرْآن

- ‌تَرْتِيب الْآي

- ‌وقُوف الْقُرْآن

- ‌سور الْقُرْآن

- ‌الْمُقَدِّمَةُ التَّاسِعَةُ فِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ الْقُرْآنِ تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بِهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْعَاشِرَةُ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ

- ‌الْجِهَةُ الْأُولَى:

- ‌الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌مبتكرات الْقُرْآن

- ‌عادات الْقُرْآن

- ‌1- سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

- ‌[سُورَة الْفَاتِحَة (1) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌الْكَلَام على الْبَسْمَلَة

- ‌الثَّانِي:

- ‌الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌محتويات هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 26 الى 27]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 70 الى 71]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 84 الى 86]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 111 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 130 إِلَى 131]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 141]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 13]

قَصَرَ لِيُفِيدَ ادِّعَاءَ نَفْيِ الْإِفْسَادِ عَنْ غَيْرِهِمْ. وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَيْسُوا مِمَّنْ يَنْتَظِمُ فِي عِدَادِ الْمُصْلِحِينَ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُفْسِدِ عُرْفًا أَنْ لَا يَكُونَ مُصْلِحًا إِذِ الْإِفْسَادُ هَيِّنُ الْحُصُولِ وَإِنَّمَا يَصُدُّ عَنْهُ الْوَازِعُ فَإِذَا خَلَعَ الْمَرْءُ عَنْهُ الْوَازِعَ وَأَخَذَ فِي الْإِفْسَادِ هَانَ عَلَيْهِ الْإِفْسَادُ ثُمَّ تَكَرَّرَ حَتَّى يُصْبِحَ سَجِيَّةً وَدَأْبًا لَا يَكَادُ يُفَارِقُ مَوْصُوفَهُ.

وَحَرْفُ (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ إِعْلَانًا لِوَصْفِهِمْ بِالْإِفْسَادِ.

وَقَدْ أَكَّدَ قَصْرَ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ أَيْضًا- كَمَا أَكَّدَ بِهِ الْقَصْرَ فِي قَوْلِهِ:

وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الْبَقَرَة: 5] كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. وَدُخُولُ (إِنَّ) عَلَى الْجُمْلَةِ وَقَرْنُهَا بِأَلَا الْمُفِيدَةِ لِلتَّنْبِيهِ وَذَلِكَ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ وَتَقْوِيَتِهِ دَلَالَةً عَلَى سَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّ أَدَوَاتِ الِاسْتِفْتَاحِ مِثْلَ أَلَا وَأَمَا لَمَّا كَانَ شَأْنُهَا أَنْ يُنَبَّهَ بِهَا السَّامِعُونَ دَلَّتْ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ وَإِشَاعَتِهِ وَإِعْلَانِهِ، فَلَا جَرَمَ أَنْ تَدُلَّ عَلَى أَبْلَغِيَّةِ مَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ مِنْ مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَيَدُلُّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى كَمَالِ ظُهُورِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ لِلْعِيَانِ لِأَنَّ أَدَوَاتِ التَّنْبِيهِ شَارَكَتْ أَسْمَاءَ الْإِشَارَةِ فِي تَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ.

وَقَوْلُهُ: وَلكِنْ لَا يَشْعُرُونَ مَحْمَلُهُ مَحْمَلُ قَوْلِهِ تَعَالَى قَبْلَهُ: وَمَا يُخَادِعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [الْبَقَرَة: 9] فَإِنَّ أَفْعَالَهُمُ الَّتِي يَبْتَهِجُونَ بِهَا وَيَزْعُمُونَهَا مُنْتَهَى الْحِذْقِ وَالْفِطْنَةِ وَخِدْمَةِ الْمصلحَة الْخَالِصَة آئلة إِلَى فَسَادٍ عَامٍّ لَا مَحَالَةَ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَهْتَدُوا إِلَى ذَلِكَ لِخَفَائِهِ وَلِلْغِشَاوَةِ الَّتِي أُلْقِيَتْ عَلَى قُلُوبِهِمْ مِنْ أَثَرِ النِّفَاقِ وَمُخَالَطَةِ عُظَمَاءِ أَهْلِهِ، فَإِنَّ حَالَ الْقَرِينِ وَسَخَافَةَ الْمَذْهَبِ تَطْمِسُ عَلَى الْعُقُولِ النَّيِّرَةِ وَتَخِفُّ بِالْأَحْلَامِ الرَّاجِحَةِ حَتَّى تَرَى حَسَنًا مَا لَيْسَ بِالْحَسَنِ. وَمَوْقِعُ حَرْفِ الِاسْتِدْرَاكِ هُنَا لِأَنَّ الْكَلَامَ دَفْعٌ لِمَا أَثْبَتُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْخُلُوصِ لِلْإِصْلَاحِ، فَرَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِحَرْفِ الِاسْتِدْرَاكِ.

[13]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13)

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ.

هُوَ مِنْ تَمَامِ الْمَقُولِ قَبْلَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ بِالْعَطْفِ وَالْقَائِلِ، وَيَجُوزُ هُنَا أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ أَيْضًا طَائِفَةً مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُشِيرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِقْلَاعِ عَنِ النِّفَاقِ لِأَنَّهُمْ ضَجِرُوهُ وَسَئِمُوا كُلَفَهُ

وَمُتَّقَيَاتِهِ، وَكَلَّتْ أَذْهَانُهُمْ مِنَ ابْتِكَارِ الْحِيَلِ وَاخْتِلَاقِ الْخَطَلِ. وَحَذْفُ مَفْعُولِ آمِنُوا اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِالتَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ: كَما آمَنَ النَّاسُ أَوْ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لِلسَّامِعِينَ. وَقَوْلُهُ: كَما آمَنَ النَّاسُ

ص: 286

الْكَافُ فِيهِ لِلتَّشْبِيهِ أَوْ لِلتَّعْلِيلِ، وَاللَّامُ فِي (النَّاسِ) لِلْجِنْسِ أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ الْعُرْفِيِّ. وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ مَنْ عَدَا الْمُخَاطَبِينَ، كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فِي الْإِغْرَاءِ بِالْفِعْلِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ شَأْنَ النُّفُوسِ أَنْ تُسْرِعَ إِلَى التَّقْلِيدِ وَالِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يَسْبِقُهَا فِي الْأَمْرِ، فَلِذَلِكَ يَأْتُونَ بِهَاتِهِ الْكَلِمَةِ فِي مَقَامِ الْإِغْرَاءِ أَوِ التَّسْلِيَةِ أَوِ الِائْتِسَاءِ، قَالَ عَمْرُو ابْنُ الْبَرَّاقَةِ النِّهْمِيُّ (1) :

وَنَنْصُرُ مَوْلَانَا وَنَعْلَمُ أَنَّهُ

كَمَا النَّاسِ مَجْرُومٌ عَلَيْهِ وَجَارِمُ

وَقَوْلُهُ: أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ اسْتِفْهَامٌ لِلْإِنْكَارِ، قصدُوا مِنْهُ التبري مِنَ الْإِيمَانِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ، وَجَعَلُوا الْإِيمَانَ الْمُتَبَرَّأَ مِنْهُ شَبِيهًا بِإِيمَانِ السُّفَهَاءِ تَشْنِيعًا لَهُ وَتَعْرِيضًا بِالْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ سَفَاهَةُ عُقُولِهِمْ، وَدَلُّوا عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا مُرَادَ مَنْ يَقُولُ لَهُمْ كَما آمَنَ النَّاسُ أَنَّهُ يَعْنِي بِالنَّاسِ الْمُسْلِمِينَ.

وَالسُّفَهَاءُ جَمْعُ سَفِيهٍ وَهُوَ الْمُتَّصِفُ بِالسَّفَاهَةِ، وَالسَّفَاهَةُ خِفَّةُ الْعَقْلِ وَقِلَّةُ ضَبْطِهِ لِلْأُمُورِ قَالَ السَّمَوْأَلُ:

نَخَافُ أَنْ تَسْفَهَ أَحْلَامُنَا

فَنَخْمُلَ الدَّهْرَ مَعَ الْخَامِلِ

وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ السَّفَاهَةَ عَلَى أَفَنِ الرَّأْيِ وَضَعْفِهِ، وَتُطْلِقُهَا عَلَى سُوءِ التَّدْبِيرِ لِلْمَالِ.

قَالَ تَعَالَى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ [النِّسَاء: 5] وَقَالَ: فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً [الْبَقَرَة: 282] الْآيَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَجِيءُ مِنْ ضَعْفِ الرَّأْيِ. وَوَصْفُهُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِالسَّفَاهَةِ بُهْتَانٌ لِزَعْمِهِمْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ لَا تَكُونُ إِلَّا لِخِفَّةٍ فِي عُقُولِهِمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِتَحْقِيرِهِمْ، كَيْفَ وَفِي الْمُسْلِمِينَ سَادَةُ الْعَرَبِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. وَهَذِهِ شَنْشَنَةُ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالسَّفَهِ أَنْ يَرْمُوا المصلحين بالمذمات يهتانا وَوَقَاحَةً لِيُلْهُوهُمْ عَنْ تَتَبُّعِ مَفَاسِدِهِمْ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ:

وَإِذَا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ

فَهِيَ الشَّهَادَةُ لِي بِأَنِّيَ كَامِلٌ

وَلَيْسَ فِي هَاتِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ الزِّنْدِيقِ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ وَعُرِفَتْ زَنْدَقَتُهُ إِثْبَاتًا، وَلَا نَفْيًا لِأَنَّ الْقَائِلِينَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ هُمْ مِنْ أَقَارِبِهِمْ أَوْ خَاصَّتِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

الَّذِينَ لَمْ يُفْشُوا أَمْرَهُمْ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى ظُهُورِ نِفَاقِهِمْ لِلرَّسُولِ بِوَجْهٍ مُعْتَادٍ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أَطْلَعَُُ

(1) بنُون مَكْسُورَة وَسُكُون الْهَاء نِسْبَة إِلَى نهم: بطن من هَمدَان.

ص: 287

عَلَيْهِ نَبِيئَهُ، وَكَانَتِ الْمُصْلِحَةُ فِي سَتْرِهِ، وَقَدِ اطَّلَعَ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ بِمُخَالَطَتِهِمْ وَعَلِمُوا مِنَ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم الْإِعْرَاضَ عَنْ إِذَاعَةِ ذَلِكَ فَكَانَتِ الْآيَةُ غَيْرَ دَالَّةٍ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ النِّفَاقِ وَالزَّنْدَقَةِ.

أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لَا يَعْلَمُونَ.

أَتَى بِمَا يُقَابِلُ جَفَاءَ طَبْعِهِمُ انْتِصَارًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَوْلَا جَفَاءُ قَوْلِهِمْ: أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ لَمَا تَصَدَّى الْقُرْآنُ لِسِبَابِهِمْ مَعَ أَنَّ عَادَتَهُ الْإِعْرَاضُ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مَضْرِبَ الْمَثَلِ: «قُلْتَ فَأَوْجَبْتَ» ، وَلِأَنَّهُ مَقَامُ بَيَانِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ فَتَحْسُنُ فِيهِ الصَّرَاحَةُ وَالصَّرَامَةُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي آدَابِ الْخَطَابَةِ، وَأَعْلَنَ ذَلِكَ بِكَلِمَةِ أَلَا الْمُؤْذِنَةُ بِالتَّنْبِيهِ لِلْخَبَرِ، وَجَاءَ بِصِيغَةِ الْقَصْرِ عَلَى نَحْوِ مَا قَرَّرَ فِي: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ [الْبَقَرَة: 12] لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ السَّفَاهَةَ مَقْصُورَةٌ عَلَيْهِمْ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ إِضَافِيٌّ لَا مَحَالَةَ. وَإِذَا ثَبَتَتْ لَهُمُ السَّفَاهَةُ انْتَفَى عَنْهُمُ الْحِلْمُ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ فِي صِفَاتِ الْعُقُولِ.

(إِنَّ) هُنَا لِتَوْكِيدِ الْخَبَرِ وَهُوَ مَضْمُونُ الْقَصْرِ وَضَمِيرُ الْفَصْلِ لِتَأْكِيدِ الْقَصْرِ كَمَا تقدم آنِفا. و (أَلا) كَأُخْتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ فِي: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ.

وَقَوْلُهُ: وَلكِنْ لَا يَعْلَمُونَ نَفَى عَنْهُمُ الْعِلْمَ بِكَوْنِهِمْ سُفَهَاءَ بِكَلِمَةِ يَعْلَمُونَ دُونَ يَشْعُرُونَ خِلَافًا لِلْآيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ لِأَنَّ اتِّصَافَهُمْ بِالسَّفَهِ لَيْسَ مِمَّا شَأْنُهُ الْخَفَاءُ حَتَّى يَكُونَ الْعِلْمُ بِهِ شُعُورًا وَيَكُونَ الْجَهْلُ بِهِ نَفْيَ شُعُورٍ، بَلْ هُوَ وَصْفٌ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ لِقَاءَهُمْ كُلَّ فَرِيقٍ بِوَجْهٍ وَاضْطِرَابَهُمْ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى إِحْدَى الْخَلَّتَيْنِ وَعَدَمُ ثَبَاتِهِمْ عَلَى دِينِهِمْ ثَبَاتًا كَامِلًا وَلَا عَلَى الْإِسْلَامِ كَذَلِكَ كَافٍ فِي النِّدَاءِ بِسَفَاهَةِ أَحْلَامِهِمْ فَإِنَّ السَّفَاهَةَ صِفَةٌ لَا تَكَادُ تَخْفَى، وَقَدْ قَالَتِ الْعَرَبُ: السَّفَاهَةُ كَاسْمِهَا، قَالَ النَّابِغَةُ:

نُبِّئْتُ زَرْعَةَ وَالسَّفَاهَةُ كَاسْمِهَا

يُهْدَى إِلَيَّ غَرَائِبَ الْأَشْعَارِ

وَقَالَ جَزْءُ بْنُ كِلَابٍ الْفَقْعَسِيُّ:

تَبَغَّى ابْنُ كُوزٍ وَالسَّفَاهَةُ كَاسْمِهَا

لِيَسْتَادَ مِنَّا أَنْ شَتَوْنَا لَيَالِيَا

فَظَنُّهُمْ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ رُشْدٌ، وَأَنَّ مَا تَقَلَّدَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْإِيمَانِ سَفَهٌ يَدُلُّ عَلَىُُ

ص: 288